رسائل الشهيد الأوّل

الشيخ شمس الدين محمد بن مكّي [ الشهيد الأوّل ]

رسائل الشهيد الأوّل

المؤلف:

الشيخ شمس الدين محمد بن مكّي [ الشهيد الأوّل ]


المحقق: مركز الأبحاث والدراسات الإسلاميّة
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة بوستان كتاب
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-371-251-6
الصفحات: ٣٧٦

أن يراه الناس مسيئا فهو شرك شيطان ، ومن اغتاب أخاه المؤمن من غير ترة بينهما فهو شرك شيطان ، ومن شغف بمحبّة الحرام وشهوة الزنى فهو شرك شيطان ». (١)

[٦] وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من تأمّل عورة أخيه لعنه سبعون ألف ملك ، ومن حلف بغير الله فليس من الله في شي‌ء ، ونهى أن يقول الرجل للرجل : لا وحياتك وحياة فلان ». (٢)

[٧] وقال عليه‌السلام : « المؤمن لا يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيام ، فمن كان مهاجرا لأخيه أكثر من ذلك كانت النار أولى به » (٣).

[٨] وقال عليه‌السلام : « من مدح سلطانا جائرا ، أو تحفّف وتضعضع له طمعا فيه كان قرينه في النار ». (٤)

[٩] وقال عليه‌السلام : « من بنى بنيانا رياء وسمعة حمله يوم القيامة من الأرض السابعة وهو نار تشتعل ، ثمّ يطوّق في عنقه ويلقى في النار ، ولا يحبسه شي‌ء دون قعرها إلّا أن يتوب. قيل : يا رسول الله كيف يبني رياء وسمعة؟ قال : يبني فضلا عمّا يكفيه استطالة منه على جيرانه ومباهاة لإخوانه ». (٥)

[١٠] وقال عليه‌السلام : « من تعلّم القرآن ثمّ نسيه لقى الله يوم القيامة مغلولا يسلّط الله عليه بكلّ آية منه حيّة تكون قرينته إلى النار إلّا أن يغفر له ». (٦)

[١١] وقال عليه‌السلام : « من قرأ القرآن ثمّ شرب عليه حراما ، وآثر عليه حبّ الدنيا وزينتها استوجب عليه سخط الله إلّا أن يتوب » (٧).

[١٢] وقال عليه‌السلام : « من زنى بامرأة ثمّ لم يتب منه فتح الله له في قبره ثلاثمائة باب يخرج منها عقارب وحيّات وثعبان النار ، فهو يحرق إلى يوم القيامة ، فإذا بعث من قبره تأذّى الناس

__________________

(١) الفقيه ٤ : ٢٩٩ / ٩٠٥.

(٢) الفقيه ٤ : ٥ / ١.

(٣) الفقيه ٤ : ٥ / ١ ، بتفاوت.

(٤) الفقيه ٤ : ٦ / ١.

(٥) الفقيه ٤ : ٦ / ١.

(٦) الفقيه ٤ : ٦ / ١.

(٧) الفقيه ٤ : ٦ / ١.

١٢١

من نتن ريحه ، فيعرف بذلك » (١).

باب :

[١٣] وقال عليه‌السلام : « من ظلم امرأة مهرها فهو عند الله زان ». (٢)

[١٤] وقال عليه‌السلام في الخمر : « من شربها لم تقبل له صلاة أربعين يوما ، فإن مات وفي بطنه شي‌ء من ذلك كان حقّا على الله أن يسقيه من طينة خبال ، وهي صديد أهل النار ، وما يخرج من فروج الزناة ». (٣)

[١٥] وقال عليه‌السلام : « ألا ومن استخفّ بفقير مسلم فقد استخفّ بحقّ الله ، والله يستخفّ به يوم القيامة إلّا أن يتوب » (٤).

[١٦] وقال عليه‌السلام : « من ملأ عينه من حرام ملأ الله عينه يوم القيامة من النار إلّا أن يتوب ويرجع ». (٥)

[١٧] وقال عليه‌السلام : « من منع الماعون جاره منعه الله خيره يوم القيامة ، ووكله الله إلى نفسه ، ومن وكله الله إلى نفسه فما أسوأ حاله! ». (٦)

[١٨] وقال عليه‌السلام : « أيّما امرأة آذت زوجها بلسانها لم يقبل الله عزوجل منها صرفا ، ولا عدلا (٧) ، ولا حسنة من عملها حتّى ترضيه وإن صامت نهارها وقامت ليلها ، وكانت أوّل من ترد النار. وكذلك الرجل إذا كان لها ظالما ». (٨)

[١٩] وقال عليه‌السلام : « من بات وفي قلبه غشّ لأخيه المسلم بات في سخط الله ، وأصبح كذلك حتّى يتوب ». (٩)

__________________

(١) الفقيه ٤ : ٦ / ١.

(٢) الفقيه ٤ : ٧ / ١.

(٣) الفقيه ٤ : ٤ / ١.

(٤) الفقيه ٤ : ٧ / ١.

(٥) الفقيه ٤ : ٨ / ١.

(٦) الفقيه ٤ : ٨ / ١.

(٧) في حاشية « ق » : « من إملائه ، قيل : الصرف : التوبة ، والعدل : العلم. وقيل : الصرف : الفريضة ، والعدل : النافلة ».

(٨) الفقيه ٤ : ٨ / ١.

(٩) الفقيه ٤ : ٨ / ١.

١٢٢

[٢٠] وقال عليه‌السلام : « من اغتاب امرأ مسلما بطل صومه ، ونقض وضوؤه ، وجاء يوم القيامة تفوح من فيه رائحة أنتن من الجيفة ، يتأذّى بها أهل الموقف ». (١)

[٢١] وقال عليه‌السلام : « من خان أمانة في الدنيا ولم يردّها إلى أهلها ، ثمّ أدركه الموت مات على غير ملّتي ، ويلق الله وهو عليه غضبان » (٢).

[٢٢] وقال عليه‌السلام : « من شهد شهادة زور على أحد من الناس علّق بلسانه مع المنافقين في الدرك الاسفل من النار » (٣).

[٢٣] وقال عليه‌السلام : « من سمع فاحشة فأفشاها فهو كالذي أتاها » (٤).

[٢٤] وقال عليه‌السلام : « من احتاج عليه أخوه المسلم في قرض ، وهو يقدر عليه فلم يفعل حرّم الله عليه ريح الجنّة » (٥).

[٢٥] وقال عليه‌السلام : « أيّما امرأة لم ترفق بزوجها وحمّلته على ما لا يقدر عليه وما لا يطيق لم يقبل الله منها حسنة ، وتلقى الله وهو عليها غضبان ». (٦)

باب :

[٢٦] روى الشيخ في التهذيب بإسناده إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « لا يزال الشيطان ذعرا من المؤمن هائبا له ما حافظ على الصلوات الخمس ، فإذا ضيّعهنّ اجترأ عليه ». (٧)

[٢٧] وعن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : « ليس من عبد إلّا يوقظ في كلّ ليلة مرّة أو مرّتين أو مرارا ، فإن قام كان ذلك ، وإلّا فحّج الشيطان فبال في أذنه ». (٨)

[٢٨] وعن أبي حمزة الثمالي قال : رأيت عليّ بن الحسين عليه‌السلام يصلّي فسقط رداؤه عن منكبه ، فلم يسوّه حتّى فرغ من صلاته ، قال : فسألته عن ذلك ، فقال عليه‌السلام : « ويحك أتدري بين

__________________

(١) الفقيه ٤ : ٨ / ١.

(٢) الفقيه ٤ : ٩ / ١.

(٣) الفقيه ٤ : ٩ / ١.

(٤) الفقيه ٤ : ٩ / ١.

(٥) الفقيه ٤ : ٩ / ١.

(٦) الفقيه ٤ : ٩ / ١.

(٧) التهذيب ٢ : ٢٣٦ / ٩٣٣.

(٨) التهذيب ٢ : ٣٣٤ / ١٣٧٨ ؛ ورواه الصدوق في الفقيه ١ : ٣٠٣ / ١٣٨٥ ، وليس فيه : « أو مرارا ».

١٢٣

يدي من كنت؟ إنّ العبد لا يقبل منه من صلاته إلّا ما أقبل منها بقلبه ». فقلت : جعلت فداك هلكنا ، فقال : « كلّا إنّ الله يتمّ ذلك بالنوافل ». (١)

[٢٩] وعن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام أنّهما قالا : « إنّما لك من صلاتك ما أقبلت عليه منها ، فإن أوهمها كلّها ، أو غفل عن أدائها لفّت فضرب بها وجه صاحبها » (٢).

[٣٠] وعن عبد الله الحلبي قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن السهو ، فإنّه يكثر عليّ ، فقال :

« أدرج صلاتك إدراجا ». قلت : وأيّ شي‌ء الإدراج؟ قال : « ثلاث تسبيحات في الركوع والسجود ». (٣)

[٣١] وروى محمّد بن يعقوب بإسناده إلى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

اتّقوا الظلم ؛ فإنّه ظلمات يوم القيامة ». (٤)

[٣٢] وعن أبي جعفر عليه‌السلام : « ما من أحد يظلم بمظلمة إلّا أخذ الله عزوجل بها في نفسه ، أو من ماله ». (٥)

[٣٣] وعن أبي عبد الله عليه‌السلام : « من ظلم سلّط الله عليه من يظلمه ، أو على عقب عقبه ».

قال الراوي ـ وهو عبد الأعلى ، مولى آل سام ـ : يظلم هو فيسلّط على عقبه أو على عقب عقبه؟ فقال : « إنّ الله تعالى يقول : ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ) » (٦).

[٣٤] وعن أبي عبد الله عليه‌السلام : « إنّ الله عزوجل أوحى إلى نبيّ من الأنبياء ـ وكان في مملكة جبّار من الجبابرة ـ أن ائت هذا الجبّار فقل له : إنّي لم أستعملك على سفك الدماء واتّخاذ الأموال ، وإنّما استعملتك لتكفّ عنّي أصوات المظلومين ؛ فإنّي لم أدع ظلامتهم

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٤١ ـ ٣٤٢ / ١٤١٥.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٤٢ / ١٤١٧ ؛ الكافي ٣ : ٣٦٣ / ٤ ، باب ما يقبل من صلاة الساهي.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٤٤ / ١٤٢٥ ؛ الكافي ٣ : ٣٥٩ / ٩ ، باب من شكّ في صلاته كلّها وفيهما : « عبيد الله » بدل عبد الله ».

(٤) الكافي ٢ : ٣٣٢ / ١٠ و ١١ ، باب الظلم.

(٥) الكافي ٢ : ٣٣٢ / ١٢ ، باب الظلم.

(٦) الكافي ٢ : ٣٣٢ / ١٣ ، باب الظلم ، والآية في سورة النساء (٤) : ٩.

١٢٤

وإن كانوا كفّارا ». (١)

[٣٥] وعن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « إنّ الله عزوجل ، جعل للشرّ أقفالا وجعل مفاتيح تلك الأقفال الشراب ، والكذب شرّ من الشراب ». (٢)

[٣٦] وعن أبي جعفر عليه‌السلام : « إنّ الكذب هو خراب الإيمان ». (٣)

[٣٧] وعن أبي عبد الله عليه‌السلام : « من لقي المسلمين بوجهين ولسانين جاء يوم القيامة وله لسانان من نار ». (٤)

باب :

[٣٨] وعنه عليه‌السلام : « لا يفترق رجلان على الهجران إلّا استوجب أحدهما البراءة واللعنة ، وربّما استوجب ذلك كلاهما ». قال معتّب : جعلت فداك هذا الظالم فما بال المظلوم؟ قال :

« لأنّه لا يدعو أخاه إلى صلته ». (٥)

[٣٩] وعنه عليه‌السلام قال ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا هجرة فوق ثلاث ». (٦)

[٤٠] وعن داود بن كثير ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « قال أبي عليه‌السلام ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيّما مسلمين تهاجرا فمكثا ثلاثا لا يصطلحان إلّا كانا خارجين من الإسلام ، ولم يكن بينهما ولاية ، فأيّهما سبق إلى كلام صاحبه كان السابق إلى الجنّة يوم القيامة ». (٧)

[٤١] وعن زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « إنّ الشيطان يغري بين المؤمنين ما لم يرجع أحدهما عن دينه ، فإذا فعلا ذلك استلقى على قفاه ومدّ يده ، ثمّ قال : فزت ، فرحم الله امرأ

__________________

(١) الكافي ٢ : ٣٣٣ / ١٤ ، باب الظلم.

(٢) الكافي ٢ : ٣٣٨ ـ ٣٣٩ / ٣ ، باب الكذب ، ورواه عن أبي عبد الله عليه‌السلام بتفاوت في ٦ : ٤٠٣ / ٥ ، باب أنّ الخمر رأس كلّ إثم وشرّ.

(٣) الكافي ٢ : ٣٣٩ / ٤ ، باب الكذب.

(٤) الكافي ٢ : ٣٤٣ / ١ ، باب ذي اللسانين.

(٥) الكافي ٢ : ٣٤٤ / ١ ، باب الهجرة.

(٦) الكافي ٢ : ٣٤٤ / ٢ ، باب الهجرة.

(٧) الكافي ٢ : ٣٤٥ / ٥ ، باب الهجرة.

١٢٥

ألّف بين وليّين لنا. يا معشر المؤمنين تآلفوا وتعاطفوا » (١).

[٤٢] وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « لا يزال إبليس فرحا ما تهاجر المسلمان ، فإذا التقيا اصطكّت ركبتاه ، وتخلّعت أوصاله ، ونادى : يا ويله ما لقي من الثبور ». (٢)

[٤٣] وعنه عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا وإنّ التباغض الحالقة ، لا أعني حالقة الشعر ، ولكن حالقة الدين ». (٣)

[٤٤] وعنه عليه‌السلام : « اتّقوا الحالقة ؛ فإنّها تميت الرجال ». قلت : وما الحالقة؟ قال : « قطيعة الرحم ». (٤)

[٤٥] وعن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « في كتاب عليّ عليه‌السلام ثلاث خصال لا يموت صاحبهنّ أبدا حتّى يرى وبالهنّ : البغي ، وقطيعة الرحم ، واليمين الكاذبة ، يبارز الله بها. وإنّ أعجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم ، وإنّ القوم ليكونون فجّارا فيتواصلون فتنمو أموالهم ويثرون ، وإنّ اليمين الكاذبة ، وقطيعة الرحم لتذران الديار بلاقع من أهلها ». (٥)

[٤٦] وعن أبي الحسن عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كن بارّا واقتصر على الجنّة ، فإن كنت عاقّا فظّا غليظا فاقتصر على النار ». (٦)

[٤٧] وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إذا كان يوم القيامة كشف غطاء من أغطية الجنّة فوجد ريحها من كانت له روح من مسيرة خمسمائة عام إلّا صنفا واحدا ، وهم العاقّ لوالديه ». (٧)

[٤٨] وعن أبان بن تغلب عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « ليلة أسري بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يا ربّ ، ما حال المؤمنين عندك؟ قال : يا محمّد ، من أهان لي وليّا فقد بارزني بالمحاربة ، وأنا أسرع شي‌ء إلى نصرة أوليائي. وما تردّدت في شي‌ء أنا فاعله كتردّدي عن وفاة عبدي المؤمن ،

__________________

(١) الكافي ٢ : ٣٤٥ / ٦ ، باب الهجرة.

(٢) الكافي ٢ : ٣٤٦ / ٧ ، باب الهجرة.

(٣) الكافي ٢ : ٣٤٦ / ١ ، باب قطيعة الرحم.

(٤) الكافي ٢ : ٣٤٦ / ٢ ، باب قطيعة الرحم.

(٥) الكافي ٢ : ٣٤٧ / ٤ ، باب قطيعة الرحم.

(٦) الكافي ٢ : ٣٤٨ / ٢ ، باب العقوق.

(٧) الكافي ٢ : ٣٤٨ / ٣ ، باب العقوق.

١٢٦

يكره الموت وأنا أكره مساءته. وإنّ من عبادي المؤمنين من لا يصلح له إلّا الغنى ، ولو صرفته إلى غير ذلك لهلك. وإنّ من عبادي المؤمنين من لا يصلح له إلّا الفقر ، ولو صرفته إلى غير ذلك لهلك. وما يتقرّب عبدي إليّ بشي‌ء أحبّ إليّ ممّا افترضت عليه ، وإنّه ليتقرّب إليّ بالنافلة حتّى أحبّه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ولسانه الذي ينطق به ، ويده التي يبطش بها ، إن دعاني أجبته ، وإن سألني أعطيته ، وإن سكت ابتدأته ». (١)

باب :

[٤٩] روى الصدوق (٢) أيضا بإسناده إلى إسحاق بن عمّار ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا معشر من أسلم بلسانه ، ولم يخلص الإيمان إلى قلبه ، لا تذمّوا المسلمين ، ولا تتّبعوا عوراتهم ، فإنّ من اتّبع عوراتهم تتبّع الله عزوجل عورته ، ومن تتبّع الله عزوجل عورته يفضحه ولو في بيته ». (٣)

[٥٠] وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أذاع فاحشة كان كمبتدئها ، ومن عيّر مؤمنا بشي‌ء لم يمت حتّى يرتكبه ». (٤)

[٥١] وعن أبي عبد الله عليه‌السلام : « من لقي أخاه بما يؤنّبه أنّبه الله عزوجل في الدنيا والآخرة ». (٥).

باب :

[٥٢] وبإسناد الصدوق إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « الجلوس في المسجد انتظار الصلاة عبادة ما لم يحدث ». قيل : يا رسول الله ، وما الحدث؟ قال : « الاغتياب » (٦).

__________________

(١) الكافي ٢ : ٣٥٢ / ٨ ، باب من أذى المسلمين واحتقرهم.

(٢) لعلّ هذا من سبق القلم والصحيح : « روى الكليني أيضا » لأنّ ما قبله من الروايات برواية الكليني ؛ ولم نعثر في أحاديث هذا الباب على رواية الصدوق إلّا الحديث الأوّل والثاني ، والأوّل بسند آخر.

(٣) الكافي ٢ : ٣٥٤ / ٢ ، باب من طلب عثرات المؤمنين وعوراتهم ؛ ورواه الصدوق بسند آخر في عقاب الأعمال : ٢٨٨ / ١.

(٤) عقاب الأعمال : ٢٩٥ / ٢ ؛ الكافي ٢ : ٣٥٦ / ٢ ، باب التعيير.

(٥) الكافي ٢ : ٣٥٦ / ١ ، باب التعيير.

(٦) أمالي الصدوق : ٣٤٢ / ١١ ، المجلس ٦٥ ؛ الكافي ٢ : ٣٥٦ ـ ٣٥٧ / ١ ، باب الغيبة والبهت.

١٢٧

[٥٣] وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه فهو من الذين قال الله عزوجل : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) » (١).

[٥٤] وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « سئل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما كفّارة الاغتياب؟ قال : تستغفر لمن اغتبته كلّما ذكرته ». (٢)

[٥٥] وعن أبي عبد الله عليه‌السلام : « الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه ، والبهتان أن تقول فيه ما ليس فيه ». (٣)

[٥٦] وعن المفضّل بن عمر قال ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه ، وهدم مروءته ليسقط من أعين الناس ، أخرجه الله عزوجل من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان » (٤).

[٥٧] وعن أبي عبد الله عليه‌السلام : « لا تبدي الشماتة لأخيك فيرحمه‌الله عزوجل ويحلّها بك ». وقال : « من شمت بمصيبة نزلت بأخيه لم يخرج من الدنيا حتّى تصيبه ». (٥)

[٥٨] وعن أبي حمزة عن أحدهما عليهما‌السلام قال : سمعته يقول : « إنّ اللعنة إذا خرجت من في صاحبها تردّدت ، فإن وجدت مساغا وإلّا رجعت على صاحبها ». (٦)

[٥٩] وعن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « إنّ سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخلّ العسل » (٧).

[٦٠] وعن معروف بن خرّبوذ عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « صلّى أمير المؤمنين عليه‌السلام بالناس الصبح بالعراق ، فلمّا انصرف وعظهم وبكى وأبكاهم من خوف الله عزوجل ، ثمّ قال : أما

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٢٧٦ / ١٦ ، المجلس ٥٤ ؛ الكافي ٢ : ٣٥٧ / ٢ ، باب الغيبة والبهت. والآية في سورة النور (٢٤) : ١٩.

(٢) الفقيه ٣ : ٢٣٧ / ١١٢٤ ؛ الكافي ٢ : ٣٥٧ / ٤ ، باب الغيبة والبهت.

(٣) أمالي الصدوق : ٢٧٦ ـ ٢٧٧ / ١٧ ، المجلس ٥٤ ؛ الكافي ٢ : ٣٥٨ / ٧ ، باب الغيبة والبهت.

(٤) أمالي الصدوق : ٣٩٣ / ١٧ ، المجلس ٧٣ ، وليس فيه : « فلا يقبله الشيطان » ؛ الكافي ٢ : ٣٥٨ / ١ ، باب الرواية على المؤمن.

(٥) الكافي ٢ : ٣٥٩ / ١ ، باب الشماتة.

(٦) عقاب الأعمال : ٣٢٠ / ١ ؛ الكافي ٢ : ٣٦٠ / ٦ ، باب السباب.

(٧) الكافي ٢ : ٣٢١ / ١ ، باب سوء الخلق.

١٢٨

والله لقد عهدت أقواما على عهد خليلي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنّهم ليصبحون ويمسون شعثا غبرا خمصا ، بين أعينهم كركب المعزى ، يبيتون لربّهم سجّدا وقياما ، يراوحون بين أقدامهم وجباههم ، يناجون ربّهم ويسألونه فكاك رقابهم من النار. والله لقد رأيتهم مع هذا وهم خائفون مشفقون ». (١)

تمّت الرسالة والحمد لله ربّ الأرباب ، ومذلّل الصعاب ، ومالك الرقاب ، والصلاة والسلام على نبيّ الأمّة ، وآله خير آل ، وأصحابه خير الأصحاب ، و [ سوّد ] ذلك هزيع ليلة السبت لإحدى عشرة ليلة خلت في جمادى الأولى سنة سبع وستّين وسبعمائة.

__________________

(١) الكافي ٢ : ٢٣٥ ـ ٢٣٦ / ٢١ ، باب المؤمن وعلاماته وصفاته.

١٢٩
١٣٠

(٤)

تفسير الباقيات الصالحات

١٣١
١٣٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

معنى « سبحان الله » : تنزيهه سبحانه وتعالى عن السوء وبراءته من الفحشاء ، ليدخل في ذلك جميع صفاته السلبيّة كنفي الحدوث والإمكان والحاجة والعجز والجهل والجسميّة والعرضيّة والتحيّز والجوهريّة والحلول في محلّ أو جهة والاتّحاد والصاحبة والولد.

ومعنى « الحمد لله » : الثناء على الله بذكر آلائه ونعمه التي لا تحدّ ولا تعدّ.

فمنها : خلق الخلق من سماء وأرض وفلك وملك وحيوان ؛ وخلق العقل الفارق به بين الصحيح والفاسد والحقّ والباطل ؛ وابتعاث الأنبياء والأوصياء عليهم‌السلام ، وختمهم بأوصياء نبيّنا محمّد المفتتحين بسيّد الوصيّين أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام ، المختتمين بسيّد الأمناء أبي القاسم المهدي عليه‌السلام.

ثمّ خلق أصول النعم التي هي الحياة والقدرة والشهوة والنفرة والعقل والإدراك والإيجاد.

ثمّ خلق فروعها المشتهيات والملذّات ، حتّى أنّه ليس نفس يمضي إلّا وفيه لله نعمة يجب شكرها ، حتّى أنّ شكر نعم الله من نعمه التي يجب شكرها.

ومن ذلك تصديق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في جميع ما جاء به من الحشر والنشر والمعاد والجنّة والنار والصراط والميزان والحور والولدان.

ومعنى « لا إلا إلّا الله » : تنزيهه عن الشريك والمثل والضدّ والندّ والمناوي والمنافي ، وفيه بطلان قول اليهود والنصارى والثنويّة وعبّاد الأصنام والأوثان والصلبان والكواكب.

١٣٣

وهي الشهادة التي من قالها مخلصا دخل الجنّة.

ومعنى « الله أكبر » : إثبات صفات الكمال له تعالى ، مثل : الوجود والوجوب والقدرة والعلم والأزليّة والأبديّة والبقاء والسرمديّة والسمع والبصر والإدراك ، عدلا حكيما جارية أفعاله على وفق الحكمة والصواب ، وأنّه لا يستطيع أحد الاطّلاع على كنه ذاته تعالى ولا على صفة من صفاته ؛ فهو أكبر من أن يوصف أو يبلغه وصف الواصفين ، فلا يعلم ما هو إلّا هو.

وهذه الكلمات الأربع تشتمل على أصول الإيمان الخمسة أعني : التوحيد والعدل والنبوّة والإمامة والمعاد ، فمن حصّلها حصّل الإيمان ، وهنّ الباقيات الصالحات.

والحمد لله وحده والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين.

١٣٤

(٥)

الأربعينيّة

١٣٥
١٣٦

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله بجميع محامده على جميع عوائده ، وله الشكر لسابق أقسامه على جميع إنعامه ، وأفضل صلاة وتسليم على نبيّ من خير صميم ، محمّد النبيّ الأمّي وعلى آله الغرّ اللهاميم صلاة تبلغنا دار النعيم ، وتنجينا من العذاب الأليم.

وبعد ، فهذه رسالة في المسائل الكلاميّة ، وضعتها تقرّبا إلى بارئ البريّة ، وحصرتها في أربعين مسألة :

[ المسألة ] الأولى

 : العالم ـ وهو كلّ موجود سوى الله تعالى ـ حادث ، بمعنى أنّه مسبوق بالعدم سبقا لا يجامع فيه المتقدّم المتأخّر ، وليس ذلك السبق بالزمان ؛ لأنّ الزمان نفسه مسبوق بعلّة.

وبرهانه : أنّ ما سوى الله تعالى إمّا جواهر أي قائمة بنفسها ، أو أعراض أي قائمة بغيرها حالّة فيه ، وحدوث الأجسام يستلزمه حدوث الأعراض ؛ لعدم تصوّرها غير تابعة لها ، والتابع للحادث حادث.

فنقول : الأجسام لا تخلو من حصول في مكان أو وضع بالضرورة ، فذلك الحصول إن كان حادثا لزم حدوث الجسم ؛ لعدم انفكاكه عن الحادث ، وإن كان قديما لزم عدم تغيّره ؛ لأنّ القديم إن كان واجب الوجود استحال عدمه ، وإن كان ممكن الوجود فعليه لا بدّ وأن يكون واجب الوجود ؛ لاستحالة التسلسل ، وأن يكون موجبه ؛ لأنّ أثر المختار محدث لما يأتي ويلزمه من استحالة عدمه عليه عدمه ، لكنّ التغيّر جائز اتّفاقا ؛ ولأنّ الأجسام لا تنفكّ من

١٣٧

حركة وهي الحصول في حيّز بعد أن كانت في آخر ، وانتقال من مكان إلى آخر ، والسكون وهو اللبث في مكان أزيد من آن ، وهما محدثان ؛ لاستدعاء مفهومهما السبق بالغير ، والقديم لا يتصوّر أن يكون متبوعا بالغير ولا يمكن الجمع بينهما ، وما لا ينفكّ من حادث حادث ضرورة.

[ المسألة ] الثانية

 : الله تعالى موجود ؛ لما تقدّم في حدوث ما سواه ، وقضاء صريح العقل باحتياج الحادث إلى محدث ؛ ولأنّ العقل قاض بوجود موجود ، فإن كان ذلك الموجود واجب الوجود ، فهو المدّعى ، وإن كان ممكن الوجود ، افتقر إلى موجد ، فإن كان واجبا ، فهو المدّعى ، وإن كان ممكنا ، عاد الاحتياج ، فإن عاد إلى الأوّل ، لزمه الدور ، وإن كان إلى ثالث ، لزم التسلسل ، وسيأتي إبطالهما.

[ المسألة ] الثالثة :

الله تعالى قديم ، أي لا يسبقه عدم ، ويلزم أن لا يلحقه عدم ؛ لأنّه لو لم يكن قديما لكان حادثا ضرورة ؛ لانحصار الموجود في القديم والحادث ، وحدوثه يؤدّي إلى الدور والتسلسل المحالين ، فيكون محالا فيثبت قدمه.

[ المسألة ] الرابعة :

الله تعالى أبديّ ، وهو ظاهر الثبوت بعد بيان وجوب وجوده ؛ لأنّه لو لم يكن أبديّا لتطرّق إليه العدم ، وواجب الوجود لا يتطرّق إليه العدم.

[ المسألة ] الخامسة :

الدور عبارة عن توقّف حصول الشي‌ء على ما لا يحصل إلّا بعد حصول ذلك الشي‌ء ؛ وبديهة العقل حاكمة ببطلانه.

والتسلسل عبارة عن تتالي أمور بينها ارتباط لا إلى غاية. ودليل بطلانه أنّ تلك الأمور قابلة للزيادة والنقصان فتكون متناهية ؛ ولأنّ ما مضى من الحوادث لو كان غير متناه لم تصل النوبة إلى الحادث اليومي ؛ لتوقّفه على انقضاء ما لا نهاية له ؛ ولأنّ تلك الجملة ممكنة قطعا ؛ لافتقارها إلى آحادها فتحتاج إلى مؤثّر خارج عنها ، والخارج عن الممكنات واجب الوجود ، فينتهي إليه.

[ المسألة ] السادسة : الله تعالى قادر مختار ، ونعني به أنّه يمكنه الفعل والقول ، لا كالموجب الذي له أحدهما.

وبرهانه : أنّه لو لم يكن قادرا لكان موجبا ؛ ضرورة انحصار التأثير في الجائز والواجب ،

١٣٨

لكن موجبيّته باطلة ؛ إذ معناه ما لا ينفكّ عن « أين ».

وقد بيّنّا أنّه تعالى قديم وأنّ أثره ـ وهو العالم ـ محدث ، ولو لم ينفكّ عنه لزمه إمّا قدم العالم أو حدوث الله تعالى ، وهو باطل ؛ ولأنّه لو كان موجبا لزم تغيّره بتغيّر شي‌ء من العالم ؛ لأنّ التغيّر لا بدّ وأن ينتهي بالأخرة إلى الله تعالى ؛ إذ هو علّة العلل ، والتغيّر على الله محال ؛ لما ثبت من وجوب وجوده ، فلا يكون موجبا.

واعلم أنّه ينبغي في ثبوت حدوث الأجسام وجود الحادث اليومي ، ويلزم من ثبوت حدوث الأحياز حدوث كلّ ما سوى الله تعالى.

وما زعم الخصم أنّه موجود غير متحيّز ولا حالّ فيه ، وسمّاه بالنفوس والعقول ، فإنّها إن ثبتت كانت حادثة بدليل الأحياز ، والواسطة الممتازة بين الله تعالى وبين العالم منتفية بإجماع المسلمين ؛ ولأنّها من جملة العالم ؛ لما يأتي من استحالة تعدّد الواجب ، فهي ممكنة ، وكلّ ممكن محدث ، وكلّ محدث مفعول بالأحياز ؛ ولأنّ العالم كلّ موجود سوى الله تعالى ، فلا يعقل إذا واسطة بين الله تعالى وبين العالم.

[ المسألة ] السابعة : الله تعالى عالم ، ونعني به أنّه بيّن الأشياء تبيينا بموجب إحكام الفعل وإتقانه.

وبرهانه : أنّه قد ثبت أنّه قادر مختار ، والمختار إنّما يفعل بتوسّط قصد (١) وداع ، وهما لا يتوجّهان إلى النبيّ إلّا بعد العالم ؛ ولأنّه تعالى أحكم صنع العالم وأتقنه ؛ لأنّه ما من شي‌ء من مخلوقاته إلّا وهو منتهى للمنافع المطلوبة منه ، وكلّ من كان كذلك يسمّى في اللغة العربيّة عالما فيكون البارئ تعالى عالما.

[ المسألة ] الثامنة : الله تعالى حيّ ، وهو بيّن الثبوت بعد إثبات كون الله تعالى قادرا عالما ؛ لاستحالة قدرة وعلم من غير حياة. وهذا تنبيه لا دليل.

[ المسألة ] التاسعة : الله تعالى واحد لا شريك له في خلق العالم ، ولا في وجوب الوجود ، ولا في استحقاق المعاد ؛ لأنّه لو كان معه إله واجب الوجود لاشتركا في هذا الوصف

__________________

(١) في الأصل : « ضد » والمثبت هو الصحيح.

١٣٩

ـ أعني وجوب الوجود ـ وامتازا بتعيّنهما ، فيلزم تركّبهما من وجوب الوجود والتعيّن ، وسيأتي أنّ واجب الوجود ليس بمركّب.

ولأنّه لو تعدّدت الآلهة فسد نظام العالم ؛ لإمكان الاختلاف في الإرادات والكراهات ؛ للمناقضات ، فإن وقع المراد وارتفع ، لزم اجتماع المتكافلين وارتفاعهما ، ولا مرجّح لوقوع مراد واحد دون الآخر ، وهذان إليهما الإشارة في التنزيل الإلهي :

فالأوّل : في قوله تعالى : ( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ ) (١) فإنّ الصمد المراد به هنا ـ والله أعلم ـ المنزّه عن الانقسام والتركيب على ما ذكره بعض المفسّرين (٢).

والثاني : قوله تعالى : ( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا ) (٣).

[ المسألة ] العاشرة : الله تعالى قادر على كلّ مقدور ، وعالم بكلّ معلوم ؛ لأنّ نسبة ذاته إلى كلّ واحد من المقدورات والمعلومات متساوية ؛ لما سيأتي من تجرّده عن الجهات واستغنائه عن الأحياز ، فاختصاص واحد باتّصافه ترجيح بلا مرجّح.

[ المسألة ] الحادية عشرة : الله تعالى سميع بصير ، ومعناهما أنّه تعالى عالم بما نسمعه نحن ونبصره ، وهو بيّن الثبوت بعد إثبات كونه تعالى عالما بكلّ معلوم ؛ ولأنّ من جملة المعلومات المسموعات والمبصرات ، وإنّما أفرد العلماء هاتين الصفتين بالذكر لذكرهما في التأويل الحكيم.

[ المسألة ] الثانية عشرة : الله تعالى مدرك ، ومعناه أنّه تعالى عالم بالمدرك ، والكلام فيه كالكلام في السميع والبصير.

[ المسألة ] الثالثة عشرة : الله تعالى متكلّم ، ومعناه أنّه فاعل الكلام في جسم من الأجسام ، كما فعل الكلام في اللوح المحفوظ ، وفي الشجرة لموسى عليه‌السلام ، وكلامه محدث ؛ لاستحالة أن يكون معه قديم آخر.

[ المسألة ] الرابعة عشرة : الله تعالى مريد وكاره ؛ لأنّ تخصيص الأفعال بالوقوع في

__________________

(١) الإخلاص (١١٢) : ١ ـ ٢.

(٢) تفسير روح الجنان ٥ : ٦١٠ ؛ التفسير الكبير ٣٢ : ١٨٢.

(٣) الأنبياء (٢١) : ٢٢.

١٤٠