المنتقى

السيد مرتضى الرضوي

المنتقى

المؤلف:

السيد مرتضى الرضوي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: الإرشاد للطباعة والنشر
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٦٥

غنى ، فاستشفوه من أدوائكم ، واستعينوا به على لأوائكم...» (١).

ولا ينحصر إعجاز القرآن في كونه في الدرجة العليا من الفصاحة ، والبلاغة ، وسلاسة التركيب ، والتأليف العجيب ، والأسلوب البكر فحسب.

بل هو معجزة أيضاً لأنه حوى أصول الدين ، والدنيا ، وسعادة النشأتين.

ومعجزة لأنه أنبأ بأخبار حوادث تحققت بعده.

كما أنّه معجزة من وجهة التاريخ ، وبما أنّ فيه من أخبار القرون السالفة والأمم البائدة ، التي لم يكن لها تاريخ في عصر الرسول (ص) ممّا أثبتت الكشوف الأثرية صحّتها.

ومعجزة لأن فيه أصول علم الحياة ، والصحة ، والوراثة ، وما وراء الطبيعة ، والا قتصاد ، والهندسة ، والزراعة.

ومعجزة من وجهة الاحتجاج.

وإعجاز من وجهة الأخلاق ، و ... و ... و ...

وقد مرّ عليه أربعة عشر قرناً ، ولم يقدر في طول هذه القرون أحد من البلغاء أن يأتي بمثله ، ولن يقدر على ذلك أحد في القرون الآتية ، والأعصار المستقبلة ، ويظهر كل يوم صدق ما أخبر الله تعالى به ( فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا ).

هذا هو القرآن ، وهو روح الأمة الإسلامية ، وحياتها ، ووجودها ، وقوامها ، ولولا القرآن لما كان لنا كيان.

هذا القرآن هو كل ما بين الدفتين ليس فيه شيء من كلام البشر

__________________

(١) نهج البلاغة ٢ : الخطبة ١٧١ مطبعة الاستقامة بمصر.

١٨١

وكل سورة من سوره ، وكل آية من آياته متواتر مقطوع به ، ولا ريب فيه دلت عليه الضرورة ، والعقل ، والنقل القطعي المتواتر.

هذا هو القرآن عند الشيعة الإمامية ، ليس إلى القول فيه بالنقيصة فضلاً عن الزيادة سبيل ، ولا يرتاب في ذلك إلاّ الجاهل ، أو المبتلى بالشذوذ (١).

رأي العلامة الشيخ محمد جواد مغنية (٢)

قال : ويستحيل أن تناله يد التحريف بالزيادة ، أو بالنقصان للآية : ٩ـ الحجر : ( إنّا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون ) وللآية ٤٢ من فصلت : ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ).

ونسب إلى الإمامية افتراء وتنكيلاً نقصان آيات من القرآن ، مع أن علماءهم المتقدمين ، والمتأخرين الذين هم الحجة ، والعمدة قد صرّحوا : بأنّ القرآن هو ما في أيدي الناس لا غيره (٣).

__________________

(١) مع الخطيب في خطوطه العريضة : ص ٤٠ الطبعة الثالثة ( عام ١٣٨٩هـ ).

(٢) الشيخ محمد جواد مغنية ولد ( سنة ١٣٢٢هـ ) في قرية ( طيردبًا ) من جبل عامل وتوفي في ( ٢١محرم سنة ١٤٠٠هـ ) في بيروت ـ لبنان.

درس على شيوخ قريته ثم سافر إلى النجف فأنهى هناك دراسته وكان من أبرز أساتذته : السيد حسين الحمامي ثم عاد إلى جبل عامل فسكن قرية ( طيرحرفا) ثم عين قاضياً شرعياً في بيروت ثم مستشاراً للمحكمة الشرعية العليا فرئيساً لها بالوكالة .... فنجح في إقصائه عن الرئاسة ثم أحيل للتقاعد فانصرف إلى التأليف فأخرج العديد من المؤلفات من أهمها : ( الفقه على المذاهب الخمسة ) ، و ( فقه الإمام جعفرالصادق عليه‌السلام ) في ستة مجلدات ، و ( التفسير الكاشف ) وهو تفسير مطول للقرآن و ( في ظلال نهج البلاغة ) وهو شرح له ، و ( والتفسير المتين ) وغير ذلك. انظر : ( أعيان الشيعة : ٩ / ٢٠٥ ط بيروت عام ١٤٠٣هـ ).

(٣) الشيعة في الميزان ص ٣١٤ ط. بيروت.

١٨٢
١٨٣

روايات العامة

حول تحريف القرآن الكريم

١٨٤
١٨٥

١

الآيات القرآنية المحرّفة

في بعض كتب العامة

مرتبة

على حروف المعجم

أخرج العلامة السيوطي عن ابن عمر قال :

ليقولن أحدكم قد أخذت القرآن كلّه ، وما يدريه ما

كلّه؟ قد ذهب منه قرآن كثير ، ولكن ليقل قد اخذت

منه ما ظهر.

الإتقان ٣/٢٥ط مصر

روح المعاني ١/٢٥

الدرالمنثور ٢/٢٨٩ط مصر

١٨٦

نبذ من الأحاديث الواردة

في

تحريف القرآن

ملتقطة من صحاح العامة ومسانيدهم

رأي السنة في جمع القرآن

قال الأستاذ العلامة مفتي مكة السيد أحمد زين دحلان :

وفي حديث : أن أبا بكر أمر زيد بن ثابت بجمع القرآن من الرقاع ، والأكتاف ، والكتب ، وصدور الرجال فجمع في مصحف إلى أن كان زمن خلافة عثمان فجمع في المصاحف فما جمعه عثمان إلاّ من الصحف التي جمعها أبو بكر. ( الفتوحات الإسلامية : ٢/٣٦٥ طبعة مصر ).

* * *

الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان

قال العلاّمة الكبير الشيخ محمود أبو رية طاب ثراه :

قال ابن التين وغيره :

الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان ، أن جمع أبي بكر كان لخشية أن يذهب من القرآن شيء بذهاب حملته لأنّه لم يكن مجموعاً في موضع واحد ، فجمعه في صحائف مرتباً لآياته وسوره على ما وقفهم

١٨٧

النبى صلّى الله عليه وسلم ، وجمع عثمان كان لما كثر الاختلاف في وجوه القراءة ، حتى قرأوا بلغاتهم من اتساع الّلغات ، فأدى ذلك إلى تخطئه بعضهم بعضاً ، فخشي من تفاقم الأمرفي ذلك فنسخ تلك الصحف في مصحف واحد مرتّباً لسوره ، واقتصر من سائراللّغات على لغة قريش ، محتجاً بأنه نزل بلغتهم ، وإن كان قد وسع في قراءته بلغة غيرهم ، رفعاً للحرج ، والمشقَّة في ابتداء الأمر ، فرأى أنّ الحاجة في ذلك قد انتهت فاقتصر على لغة واحدة. ( أضواء على السنة المحمدية ص ٢٥١ الطبعة الثالثة لدر المعارف بمصر ).

وقال الشيخ محمود ابو ريه طاب ثراه :

غريبة توجب الحيرة

من أغرب الأمور ، ومما يدعو إلى الحيرة أنهم لم يذكروا اسم علّي رضي الله عنه فيمن عهد إليهم بجمع القرآن ، وكتابته لا في عهد أبي بكر ، ولا في عهد عثمان : ويذكرون غيره ممن هم أقل منه درجة في العلم ، والفقه! فهل كان علّي لا يحسن شيئاً من هذا الأمر؟ أو كان من غير الموثوق بهم؟ أو ممّن لا يصحّ استشارتهم ، أو إشراكهم في هذا الأمر؟

اللهمّ إن العقل ، والمنطق ليقضيان بأن يكون علي أول من يعهد إليه بهذا الأمر ، وأعظم من يشارك فيه ، وذلك بما أتيح له من صفات ، ومزايا ، لم تتهيّأ لغيره من بين الصحابة جميعاً ـ فقد ربّاه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على عينه ، وعاش زمناً طويلاً تحت كفنه ، وشهد الوحي من أوّل نزوله إلى يوم انقطاعه ، بحيث لم يند عنه آيته من آياته!!

فإذا لم يدع إلى هذا الأمر الخطير فإلى أيّ شيء يدعى؟!

وإذا كانوا قد انتحلوا معاذير ليسوّغوا بها تخطيّهم إياه في أمر خلافة

١٨٨

أبي بكر فلم يسألوه عنها ، ولم يستشيروه فيها ، فبأي شيء يعتذرون من عدم دعوته لأمر كتابة القرآن؟ فبماذا نعللّ ذلك؟ وبماذا يحكم القاضي العادل فيه؟ حقاً إن الأمر لعجيب وما علينا إلاّ أن نقول كلمة لا نملك غيرها وهي :

لك الله ياعلي! ما أنصفوك في شيء!. ( أضواء على السنة المحمدية ص ٢٤٩ الطبعة الثالثة لدار المعارف بمصر ).

بعض الروايات الواردة في تحريف القرآن من طرق العامة (١)

قال العلاّمة جلال الدين السيوطي :

أخرج الطبراني عن عمر بن الخطاب مرفوعاً : القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف. فمن قرأه صابراً محتسباً كان له بكلّ حرف زوجة من الحورالعين. رجاله ثقاة ، ثم قال السيوطي : وقد حمل ذلك على ما نسخ رسمه من القرآن أيضاً إذ الموجود الآن لا يبلغ هذا العدد.

الإتقان في علوم القرآن ٢/٧٠ط مصر

( إذ جعل الذين كفروا ).

أخرج المتّقي الهندي عن أبي إدريس الخولاني قال :

كان أُبيّ يقرأ : إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحميّة حميّة الجاهلية ولو حميتم كما حموا نفسه لفسد المسجد الحرام ، فأنزل الله

__________________

(١) وردت روايات كثيرة في كتب العامة فيها دلالة على وقوع التحريف في القرآن الكريم من حيث الإسقاط والتغيير.

ـ المؤلف ـ

١٨٩

سكينته على رسوله ، فبلغ ذلك عمر فاشتدَّ عليه فبعث إليه فدخل عليه ، فدعا ناساً من أصحابه فيهم زيد بن ثابت فقال :

من يقرأ منكم سورة الفتح؟ فقراء زيد على قراءتنا اليوم ، فغلّظ له عمر ، فقال أُبيّ : لأتكلّم ، قال تكلم قال : لقد علمت أنّي كنت أدخل على النبي صلّى الله عليه وسلم ، وتقرّبني وأنت بالباب ، فإن أحببت أن أقرىء الناس على ما أقرأني أقرأت ، وإلا لم أقرىء حرفاً ما حييت.

( كنز العامل ٢/٥٦٨ رقم الحديث ٤٧٤٥ ط بيروت ).

إنّ انتفاء كم من آبائكم كفر بكم

قال الحافظ جلال الدين السيوطي :

أخرج ابن عبد البرَّ في ( التمهيد ) من طريق عدي بن عدي بن عمرة بن قزوة أنّ عمر بن الخطاب قال لأُبيّ :

أوليس كنّا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله : أنّ انتفاءكم من آبائكم كفر بكم.

قال بلى. ( الدر المنثور في التفسير المأثور : ١/١٠٦ ).

أن جاهدوا كما جاهدتم

عن المسوّر بن مخرمة ، قال : قال عمر لعبد الرحمن بن عوف :

ألم تجد فيما أنزل علينا : أن جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرة ، فإنّا لم نجدها.

قال : أسقط فيما أسقط من القرآن.

منتخب كنز العمّال بهامش مسند الإمام أحمد : ٢/٤٢ طبعة مصر.

الدر المنثور في التفسير بالمأثور ١/١٠٦ ، ٢/ ٢٩٨ طبعة مصر.

الإتقان في علوم القرآن : ٢/٢٥ طبعة مصر

١٩٠

( إن الله وملائكته يصلّون على النبيّ )

عن ابن جريج ، أخبرني ابن أبي حميد ، عن حميدة بنت أبي يونس قالت :

قرأ عليّ أبي وهو ابن ثمانين سنة في مصحف عائشة :

إن الله وملائكته يصلّون على النبي ، يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما وعلى الذّين يصلون الصفوف الأُول.

قالت قبل أن يغيّر عثمان المصاحف. ( الإتقان في علوم القرآن : ٢/٢٥ طبعة مصر ). ( تفسير روح المعاني للألوسي : ١/٢٥ طبعة المطبعة المنيرية بمصر ).

( إن الّذين آمنوا وهاجروا )

عن أبي سفيان الكلاعي :

انّ مسلمة بن مخلّد الأنصاري قال لهم ذات يوم :

إخبروني بآيتين في المصحف لم يخبروه ، وعندهم : أبوالكنود سعد بن مالك.

فقال مسلمة :

إنّ الّذين آمنوا وهاجروا في سبيل الله بأموالهم ، وأنفسهم. ألا فابشروا أنتم المفلحون ، والذين آووهم ، ونصروهم ، وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم ، أولئك لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين جزاء بما كانوا يعملون. ( الإتقان في علوم القرآن : ٢/٢٥ ).

إنّ الله سيؤيّد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم

أخرج أبو عبيد في فضائله ، وابن الضرَّيس عن أبي موسى

١٩١

الأشعري قال : نزلت سورة شديدة نحو ( براءة ) في الشدّة ثم رفعت ، وحفظت منها :

إن الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم. ( الدرالمنثور : ١/١٠٥ ، الإتقان في علوم القرآن : ٢/٢٥ ).

وقال أبوعبيد : حدثنا حجاج عن حماد بن سلمة ، عن عليّ بن زيد ، عن أبي حرب بن الأسود ، عن أبي موسى الأشعري قال :

نزلت سورة نحو براءة ، ثم رفعت ، وحفظ منها :

إن الله سيؤيّد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ، ولو أن لابن آدم واديين من مال لتمنّى وادياً ثالثاُ ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب. ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور : ٦/٣٧٨ ).

« أن بلّغوا عنّا قومنا »

قال الحافظ جلال الدين السيوطي :

وفي الصحيحين عن أنس : في قصّة أصحاب بئر معونة الذين قتلوا ، وقنت يدعو على قاتليهم.

قال أنس. ونزل فيهم قرآن قرأناه حتى رفع :

أن بلّغوا عنّا قومنا ، إنّا لقينا ربّنا فرضي عنّا ، وأرضانا.

وفي المستدرك : عن حذيفة قال :

ما تقرأون ربعها يعني : براءة.

ثم قال السيوطي :

وقال في ( البرهان ) : في قول عمر : لولا أن تقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها يعني : آية الرجم.

١٩٢

ظاهره : إن كتابتها كانت جائزة ، وإنّما منعه قول الناس ، والجائز في نفسه قد يقوم من خارج ما يمنعه ، فإذا كانت جائزة لزم أن تكون ثابتة لأن هذا شأن المكتوب ... ( الإتقان في علوم القرآن : ٢/٢٥ ).

« النّبي أولى بالمؤمنين وهو أب لهم »

أخرج المتّقي الهندي عن بجالة قال :

مرّ عمر بن الخطاب بغلام وهو يقرأ في المصحف :

النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمّهاتهم ، وهو أب لهم.

فقال يا غلام حكّها.

قال : هذا مصحف أُبيّ ، فذهب إليه فسأله فقال :

إنه كان يلهيني القرآن ، ويلهيك الصفق بالأسواق. ( منتخب كنز العمال بهامش مسند الإمام أحمد : ٢/٤٣ ، كنز العمال ٢/٥٦٩ رقم الحديث ٤٧٤٦ ط بيروت ).

وأخرج الفاريابي ، وابن مردويه ، والحاكم ، والبيهقي في سننه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّه كان يقرأ هذه الآية :

النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم ، وأزواجه أُمهاتهم.

وأخرج الفاريابي ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه أنه قرأ :

« النبي اولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم ».

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال :

كان في الحرف الأول :

١٩٣

« النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم ». ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور : ٥/١٨٣ ).

* * *

حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى

أخرج ابن أبي شيبة ، عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة أنّها استكتبت مصحفاً فلما بلغت : حافظوا على الصلوات ، والصلاة الوسطى قالت :

اكتب : العصر. ( كتاب المصنّف في الأحاديث والآثار لإبن أبي شيبة ٢/٥٠٤ طبع دار السلطنة بمبيء ـ الهند ).

وقال العلامة جلال الدين السيوطي :

أخرج عبد الرزاق ، والبخاري في تاريخه ، وابن جرير ، وابن أبي داود في ( المصاحف ) عن أبي رافع مولى حفصة قال :

استكتبتني حفصة مصحفاً فقالت :

إذا أتيت على هذه الآية ، فتعال حتى أمليها عليك كما أقرئتها ، فما أتيت على هذه الآية : حافظوا على الصلوات.

قالت : اكتب : حافظوا على الصّلوات ، والصلاة الواسطى ، وصلاة العصر. فلقيت أُبي بن كعب فقلت :

أبا المنذر انّ حفصة قالت : كذا ، وكذا.

فقال : هو كما قالت ، أوليس أشغل ما نكون عند صلاة الظهر في عملنا ، ونواضحنا.

وأخرج مالك ، وأبوعبيد ، وعبد بن حميد ، وأبو يعلى ، وابن جرير ، وابن الأنباري في ( المصاحف ) ، والبيهقي في ( سننه ) ، عن

١٩٤

عمرو بن رافع قال : كنت أكتب مصحفاً لحفصة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالت:

إذا بلغت هذه الآية فآذنّي : « حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ».

فلّما بلغتها ، آذنتها فأملت عليّ :

حافظوا على الصلوات ، والصلاة الوسطى ، وصلاة العصر وقوموا لله قانتين.

وقالت :

أشهد أني سمعتها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وأخرج مالك ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي وابن جرير ، وابن أبي داود ، وابن الأنباري في ( المصاحف ) ، والبيهقي في ( سننه ) عن أبي يونس ، مولى عائشة قال :

أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً وقالت :

إذا بلغت هذه الآية فآذنّي ، ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ). فلمّا بلغتها ، آذنتها فأملت عليّ :

حافظوا على الصلوات ، والصلاة الوسطى ، وصلاة العصر وقوموا لله قانتين. وقالت عائشة : سمعتها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن أبي داود في ( المصاحف ) ، وابن المنذر عن أم حميد بنت عبد الرحمن أنّها سألت عائشة عن الصلاة الوسطى فقالت :

كنّا نقرأها في الحرف الأول على عهد النبي صلّى الله عليه وسلم :

١٩٥

حافظوا على الصلوات ، والصلاة الوسطى ، وصلاة العصر وقوموا لله قانتين.

وأخرج ابن أبي داود في ( المصاحف ) من طريق نافع عن ابن عمر ، عن حفصة أنّها قالت : لكاتب مصحفها ، إذا بلغت مواقيت الصلاة فأخبرني ، حتى أخبرك ما سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلما أخبرها قالت :

اكتب إنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول :

حافظوا على الصلوات ، والصلاة الوسطى ، وصلاة العصر.

وأخرج وكيع ، وابن أبي شيبة في ( المصنّف ) ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي داود في ( المصاحف ) ، وابن المنذر عن عبدالله بن رافع عن أم سلمة أنها أمرته أن يكتب لها مصحفاً فلمّا بلغت : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى قالت اكتب:

حافظوا على الصلوات ، والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين. ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور : ١/٣٠٢ ، ٣٠٣).

* * *

قوله تعالى : فاسعوا إلى ذكر الله.

أخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد عن ابن عمر قال :

لقد توفي عمر وما يقول هذه الآية التي في سورة الجمعة إلاّ : فامضوا إلى ذكر الله.

وأخرج عبد الرزاق ، والفريابي ، وابوعبيد ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن

١٩٦

الأنباري ، والطبراني من طرق عن ابن مسعود أنه كان يقرأ :

فامضوا إلى ذكر الله. قال :

و لو كانت فاسعوا لسعيت حتى يسقط ردائي.

وأخرج الشافعي في « الام » وعبد الرزاق ، والفريابي ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن الأنباري ( المصاحف ) ، والبيهقي في ( سننه ) ، عن ابن عمر قال :

ماسمعت عمر يقرأها قط إلا : فامضوا إلى ذكر الله (١).

وأخرج عبد بن حميد من طريق أبي العالية ، عن أبي بن كعب ، وابن مسعود أنّهما كانا يقرآن : فامضوا إلى ذكر الله.

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله تعالى : ( فاسعوا إلى ذكر الله ) قال : فامضوا. ( الدرالمنثور٦/٢١٩ ).

فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمّى

أخرج الطبري عن أبي نضرة قال :

سألت ابن عباس عن متعة النساء قال :

أما تقرأ سورة النساء قال :

قلت بلى؟

قال : فما تقرأ فيها ( فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ) قلت :

لا ، لو قرأتها هكذا ما سألتك قال :

__________________

(١) انظر : كنز العمال : ٢/٥٩٣ رقم الحديث ( ٤٨٠٩) ط مؤسسة الرسالة بيروت عام ( ١٣٩٩هـ ).

١٩٧

فإنّها كذا (١).

وقال أبو جعفر الطبري :

حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن أبي سلمة ، عن أبي نضرة قال :

قرأت هذه الآية على ابن عباس :

( فما استمتعتم به منهن ).

قال ابن عباس :

إلى أجل مسمّى قلت :

ما أقرأها كذلك قال :

والله لأنزلها الله كذلك ثلاث مرات (١).

وعن أبي إسحق عن عمير أن ابن عباس قرأ :

فما استمعتم به منهن إلى أجل مسّمى (١). ( انظر الدر المنثور في التفسير بالمأثور : ٦/٢١٩ ).

وقال الفخر الرازي :

الطريق الثاني : أن نقول :

هذه الآية مقصورة على نكاح المتعة ، وبيانه من وجوه :

الأول : ما روي أن أُبي بن كعب كان يقرأ :

( فما استمتعتم به إلى أجل مسمّى فآتوهن أجورهنّ ).

وهذا أيضاً هو قراءة ابن عباس ، والأمة ما أنكروا عليهما في هذه القراءة فإن ذلك إجماعاً من الأمة على صحة هذه القراءة. ( تفسير الفخر الرازي المجلد الخامس : ١٠/٥٣ تفسير سورة النساء آية ٢٤ ).

__________________

(١) تفسير الطبري : ٤/٩ ، تفسير غرائب القرآن للنيسابوري : ٤/١٨ بهامش تفسير الطبري ، الدر المنثور في التفسير بالمأثور : ٢/١٤٠ ، تفسير الكشاف : ١/٥١٩ ، تفسير السراج المنير : ١/٢٩٥.

١٩٨

المؤلف يقول :

قول الفخر الرازي : فإن ذلك إجماعاً من الأمة على صحة هذه القراءة.

يدّل على أن القرآن الذي بأيدي المسلمين ناقص وكلمة :

( إلى أجل ) ساقطة من القرآن على حد زعمه من إجماع الأمة على صحة هذه القراءة.

وهذه القراءة تؤيد صراحة تحريف القرآن الكريم ـ والعياذ بالله ـ

« لم يكن الذين كفروا »

قال الحافظ السيوطي :

( وأخرج أحمد عن أُبي قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ الله أمرني أن أقرأ عليك فقرأ عليّ :

لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب ، والمشركين منفكين حتّى تأتيهم البيّنة ، رسول من الله يتلو صحفاً مطهرة فيها كتب قيّمة ، وما تفرّق الذين أوتوا الكتاب ، إلا من بعد ما جاءتهم البينة إن الدين عند الله الحنيفية غير المشركة ، ولا اليهودية ، ولا النصرانية ومن يفعل خيراً فلن يكفره ).

قال شعبة : ثم قرأ آيات بعدها ، ثم قرأ :

لوأن لا بن آدم وادياً من مال لسأل ثانياً ، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب.

قوله تعالى : لم يكن الذين كفروا

قال جلال الدين السيوطي :

١٩٩

وأخرج أبن مردويه ، عن أُبي بن كعب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال :

يا أُبي إنّي أمرت أن أقرأ سورة ، فأقرأنيها :

ما كان الذين كفروا من أهل الكتاب ، والمشركين منفكين حتى تأتيهم البيّنة ، رسول من الله يتلو صحفاً مطهّرة فيها كتب قيّمة ، أي ذات اليهوديّة ، والنصرانية.

إن أقوم الدّين : الحنيفيّة مسلمة غير مشركة ، ومن يعمل صالحاً فلن يكفره ، وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلاّ من بعد ما جاءتهم البيّنة ، إن الذين كفروا وصدّوا عن سبيل الله وفارقوا الكتاب لمّا جاءهم أولئك عند الله شرّ البريّة ، ما كان النّاس إلاّ أمّة واحدة ، ثم أرسل الله النبييّن مبشرين ، ومنذرين ، يأمرون النّاس ، يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ، ويعبدون الله وحده ، وأولئك عند الله هم خير البريّة ، جزاؤهم عند ربّهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ابداً رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربّه (١).

ثم قال السيوطي :

وأخرج أحمد عن ابن عباس قال :

جاء رجل إلى عمر يسأله ، فجعل ينظر إلى رأسه مرّة ، وإلى رجليه أخرى هل يرى عليه من البؤس ثم قال له عمر :

كم مالك؟

قال : أربعون من الإبل.

__________________

(١) تفسير روح المعاني للألوسي : ١/٢٥ طبع مصر.

٢٠٠