المنتقى

السيد مرتضى الرضوي

المنتقى

المؤلف:

السيد مرتضى الرضوي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: الإرشاد للطباعة والنشر
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٦٥

اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله على نبيه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو ما بين الدفتين ، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة ، وعندنا : أن الضّحى ، وألم نشرح سورة واحدة ولإيلاف ، وألم تر كيف .. سورة واحدة ، ومن نسب إلينا أنا نقول : أكثر من ذلك فهو كاذب (١).

وقال الشيخ المفيد (٢) محمد بن محمد بن النعمان ( طاب ثراه ) :

__________________

ولد في مدينة قم المقدسة ( عام ٣٠٦هـ ) ( وهي أولى سني سفارة الحسين ابن روح وهو السفير الثالث من السفراء الأربعة الذين هم نواب الإمام المهدي المنتظر عليه‌السلام ، الإمام الثاني عشر عليه‌السلام في الغيبة الصغرى ).

وتوفي في بلدة ري ـ طهران ـ ( عام ٣٨١ ) من الهجرة.

مؤلفاته كثيرة تعرض لذكرها بعض أرباب المعاجم. انظر :

رجال النجاشي ، فهرست الشيخ الطوسي ، خلاصة الأقوال للعلامة الحلّي ، معالم العلماء لابن شهر اشوب ، مستدرك الوسائل للعلامة النوري ، الذريعة إلى تصانيف الشيعة للعلامة الكبير الشيخ آقا بزرك الطهراني وغيرها.

(١) كتاب ( الاعتقاد ) ص ٦٣ طبع طهران ( عام ١٣٧٠ هـ ) نشرته مكتبة العلامة الشيخ ميرزا حسن المصطفوي ، ( بحر الفوائد في شرح العقائد ) للعلاّمة الحجة الشيخ محمد حسن الآشتياني ص ٩٨ طبع طهران ( عام ١٣١٤ هـ ) ، مقدمة تفسير ( الآء الرحمن ) المطبوعة في أوائل تفسير شبر بمصر ( عام ١٣٨٥ ) هجرية. الوافي : ٣/٢٧٣ طبع على الحجر بطهران ( عام ١٣٢٤ هـ ).

(٢) محمد بن محمد بن النعمان المفيد يكنى أبا عبد الله المعروف بابن المعلّم ، من جملة متكلّمي الإمامية ، انتهت إليه رياسة الإمامية في وقته ، وكان مقدماً في العلم ، وصناعة الكلام وكان فقيهاً متقدّماً فيه. حسن الخاطر ، دقيق الفطنة ، حاظر الجواب ، وله قريب من مئتي مصنف كبار ، وصغار ، وفهرست كتبه معروف.

ولد سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة ( ٣٣٨هـ ) وتوفي لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة ثلاث عشر وأربعمئة ( ٤١٣هـ ). وكان يوم وفاته يوماً لم يرأعظم منه من كثرة الناس للصلاة عليه ، وكثرة البكاء من المخالف والموافق. ومن كتبه :

كتاب المقنعة في الفقه ، وكتاب الأركان في الفقه ، ورسالة في الفقه إلى ولده لم يتمّها ، وكتاب الإرشاد ، وكتاب الإيضاح في الإمامة...الخ

( انظر : فهرست الشيخ الطوسي ص ١٥٧ ـ ١٥٨ طبع النجف الأشرف ـ العراق ، رجال النجاشي ص ٢٨٣ طبع الهند ، نقد الرجال للنقرشي ص ٣٣١ طبع إيران ذكر مولده في ١١

١٦١

وأما الوجه المجوز فهو أن يزاد فيه الكلمة ، والكلمتان ، والحرف ، والحرفان وما أشبه ذلك ممّا لا يبلغ حدّ الإعجاز ، ويكون ملتبساً عند أكثر الفصحاء بكلم القرآن ، غير أنّه لا بدّ متى وقع ذلك من أن يدل الله عليه ، ويوضح لعباده عن الحق فيه.

ولست أقطع على كون ذلك بل أميل إلى عدمه وسلامة القرآن عنه (١).

رأي الشريف المرتضى قدس‌سره :

قال الآشتياني :

وممّن صرَّح بعدم النقيصة علم الهدى (٢) قدس‌سره قال في جملة كلام له في تقريب عدم حدوث التغيير في القرآن المنزل للإعجاز ما هذا لفظه :

__________________

من ذي القعدة عام ٣٣٦ هجري ، الكنى والألقاب للقمي ٣/١٩٧ ، أعيان الشيعة للسيد الأمين ١٠/١٣٣ طبعة بيروت ( عام ١٤٠٣هـ ) بتحقيق الأستاذ الكبير السيد حسن الأمين نجل المؤلف ، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي ٣/١٩٩ معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة طبع بيروت ١١/٣٠٦ ).

(١) أوائل المقالات في المذاهب المختارات ص ٩٥ طبع إيران.

(٢) هو عليّ بن الحسين الموسوي المتقدّم ذكره وسبب تسميته بـ : « علم الهدى » أنّه مرض الوزير أبو سعيد محمد بن الحسين بن عبد الصمد في سنة عشرين وأربعمائة فرأى في منامه أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام يقول :

قل لعلم الهدى يقرأ عليك حتى تبرأ.

فقال يا اميرالمؤمنين : ومن علم الهدى؟!

قال عليه‌السلام : عليّ بن الحسين الموسوي.

فكتب الوزير إليه بذلك ، فقال المرتضى رضي الله عنه :

الله الله في أمري فإن قبولي لهذا الّلقب شناعة عليَّ.

فقال الوزير : ما كتبت إليك إلاّ بما لقَّبك به جدّك أميرالمؤمنين عليه‌السلام ، فعلم القادر الخليفة بذلك ، فكتب إلى المرتضى تقبل يا عليّ بن الحسين ما لقَّبك به جدّك؟ فقبل وأسمع الناس. انظر : ( الكنى والألقاب للقمّي : ٢/٤١٢ ).

١٦٢

المحكي : أن القرآن كان على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مجموعاً مؤلفاً على ما هو عليه الآن فإن القرآن كان يحفظ ، ويدرّس جميعه في ذلك الزمان حتّى عيّن على جماعة من الصحابة في حفظهم له ، وأنه كان يعرض على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويُتلى عليه ، وإنّ جماعة من الصحابة مثل :

عبدالله بن مسعود ، وأُبي بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عدّة ختمات وكلّ ذلك يدلّ بأدنى تأمل على أنه كان مجموعاً مرتَّباً غير منثور ، ولا مبثوث. إلى آخر ما ذكره (١).

وقال الشيخ الطوسي ( طاب ثراه ) (٢) :

__________________

(١) بحر الفوائد في شرح الفرائد : ص ٩٩ طبع طهران ( عام ١٣١٤ هـ ).

(٢) هوالشيخ محمد بن الحسن الطوسي شيخ الطائفة ولد في طوس ( من مدن خراسان ) في شهر رمضان ( سنة ٣٥٨هـ ) وهاجر إلى العراق فهبط بغداد في ( سنة ٤٠٨هـ ) وهو ابن ( ٢٣) عاماً ، وكانت زعامة المذهب الجعفري فيها يومذاك لشيخ الأمة ، وعلم الشيعة محمد بن محمد بن النعمان الشهير بالشيخ المفيد فلازمه وعكف على الاستفادة منه ، حتى اختار الله للأستاذ دار لقائه في ( سنة ٤١٣هـ ) فانتقلت زعامة الدين ، ورياسة المذهب إلى السيد المرتضى طاب رمسه فانحاز شيخ الطائفة وحتى توفي لخمس بقين من ربيع الأول ( سنة ٤٣٦هجرية ) فاستقلّ شيخ الطائفة بالإمامة ، وأصبح علماً للشيعة ، ومناراً للشريعة.

وفي حوادث سنة ( ٤٤٩هـ ) كبست دار شيخ الطائفة بالكرخ وهاجر إلى النجف الأشرف لائذاً بجوار مولانا : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام وصيّرها مركزاً للعلم ، وجامعة كبرى للشيعة الإمامية ، ولم يبرح شيخ الطائفة في النجف الأشرف مشغولاً بالتدريس ، والتأليف مدّة اثنتي عشرة سنة حتى توفي ليلة الإثنين (٢٢) من المحرم ( سنة ٤٦٠هـ ) عن ( ٧٥) سنة ودفن في داره ، وتحوّلت الدار بعده مسجداً حسب وصيَّته تغمّده الله برحمته الواسعة ، انتهى تلخيصاً من ترجمته بقلم المؤرخ الشيخ آغا بزرك الطهراني وانظر : ( الكنى والألقاب للقمي ٢/٣٥٩)

وقال محمد بن علي الحموي في كتابه : ( التاريخ المنصوري ) تلخيص الكشف والبيان في حوادث الزمان طبع دار النشر للآداب الشرقية موسكو( ١٩٦٣م ) :

« سنة ستين وأربعمائة مات أبو جعفر الطوسي فقيه الشيعة ».

١٦٣

اعلم إن القرآن معجزة عظيمة على صدق النبي عليه‌السلام ، بل هو أكبر المعجزات وأشهرها. غير أن الكلام في إعجازه ، واختلاف الناس فيه ، لا يليق بهذا الكتاب لأنه يتعلّق بالكلام في الاصول. وقد ذكره علماء أهل التوحيد ، وأطنبوا فيه ، واستوفوه غاية الاستيفاء. وقد ذكرنا منه طرفاً صالحاً في شرح الجمل ، لا يليق بهذا الموضع لأن استيفاءه يخرج به عن الغرض ، واختصاره لا يأتي على المطلوب ، فالإحالة عليه أولى.

والمقصود من هذا الكتاب علم معانيه ، وفنون أغراضه.

وأما الكلام في زيادته ، ونقصانه فممّا لا يليق به أيضاً لأنّ الزيادة فيه مجمع على بطلانها. والنقصان منه ، فالظاهر أيظاً من مذهب المسلمين خلافه وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا وهو الّذي نصره المرتضى رحمه‌الله (١) وهوالظاهر في الروايات ... ورواياتنا متناصرة بالحث على قراءته ، والتمسك بما فيه ، وردّ ما يرد من اختلاف الأخبار

__________________

(١) هو عليّ بن الحسين الموسوي ولد في ( سنة ٣٥٥هـ ) وتوفي لخمس بقين من شهر ربيع الأول ( ٤٣٦هـ ) خلّف بعد وفاته ثمانين ألف مجلد من مقروءاته ، ومصنفاته ، ومحفوظاته. ومن الأموال ، والأملاك ما يتجاوز عن الوصف ، وصنف كتاباً يقال له : الثمانين ، وخلف من كل شيء ثمانين ، وعمّر إحدى وثمانين سنة. وبلغ في العلم وغيره مرتبة عظيمة.

قلّد نقابة الشرفاء شرقاً وغرباً ، وإمارة الحاج والحرمين ، والنظر في المظالم ، وقضاء القضاء وبلغ على ذلك ثلاثين سنة. ( الكنى والألقاب للقمي : ٢/٤٨٣ طبعة صيدا ـ لبنان ).

وقال ابن العماد الحنبلي : كان إماماً في التشيّع ، والكلام ، والشعر ، والبلاغة كثير التصانيف متبحّراً في فنون العلم. أخذ عن الشيخ المفيد.

ونقل ابن العماد عن ابن خلكان قال : كان إماماً في علم الكلام ، والشعر ، والأدب ، وله تصانيف على مذهب الشيعة ، ومقالة في أصول الدين ، وله : ديوان شعر إذا وصف الطيف أجاد فيه.

( شذرات الذهب : ٣/٢٥٦ طبع القاهرة ).

١٦٤

في الفروع إليه. وقد روي عن النبي ( ص ) رواية لا يدفعها أحد أنه قال :

( إنّي مخلّف فيكم الثقلين ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ).

وهذا يدلّ على موجود في كل عصر. لأنه لا يجوز أن يأمر بالتمسك بما لا نقدر على التمسك به كما أن أهل البيت عليهم‌السلام ومن يجب اتباع قوله حاصل في كل وقت.

وإذا كان الموجود بيننا مجمعا على صحّته فينبغي أن نتشاغل بتفسيره ، وبيان معانيه ، ونترك ما سواه (١).

وقال الشيخ الطبرسي طاب ثراه (٢) في مقدّمة تفسيره :

__________________

(١) تفسيرالتبيان : ١/٣ المطبعة العلمية النجف الأشرف ـ العراق ( عام ١٣٧٦هـ ).

(٢) هو : الفضل بن الحسن بن الفضل أمين الدين أبوعلي الطبرسي ثقة فاضل دّين عين من أجلاء هذه الطائفة له تصانيف حسنة منها كتاب مجمع البيان في تفسير القرآن عشر مجلدات ، والوسيط في التفسير أربع مجلدات ، والوجيزة مجلّدة.

انتقل رحمه الله من المشهد المقدس الرّضوي ـ على ساكنه من الصلاة أفضلها ، ومن التحيات أكملها ـ إلى سبزوار في شهور ثلاث وعشرين وخمسمائة ، وانتقل بها إلى دار الخلود ليلة النحر سنة ثمان وأربعين وخمسمائة رضي الله عنه.

( نقد الرجل ص ٣٦٦ ط طهران للسيد مصطفى التفريشي وانظر ترجمته في أمل الآمل : ٢/٢١٦ ط بيروت عام ١٤٠٣ هـ ، وفي لؤلؤة البحرين ص ٣٤٦ ط النجف الأشرف وفي : رياض العلماء ٤/٣٤٠ ط قم ـ إيران للميرزا عبد الله أفندي الأصبهاني وفي روضات الجنات : ٥/٣٧٥ ط قم ـ إيران للسيد الخوانساري ، وفي جامع الرواة ٢/٤ ط بيروت ، وذكرالسيد حسن الصدر في تأسيس الشيعة ص ٤١٩ ط بغداد وفاته سنة أربعين وخمسمائة ، والمحدث النوري في مستدرك الوسائل : ٣/٤٨٦ ط طهران ، وفي إيضاح المكنون ٢/٤٣٣ ط بيروت ، للبغدادي ، والشيخ عباس القمي في الفوائد الرضوية ص ٣٥٠ ط طهران وفي الكنى والألقاب ٢/٤٤٠ ط النجف الأشرف ـ العراق ، والسيد محسن الأمين في : أعيان الشيعة : ٨/٣٩٨ ط بيروت عام ١٤٠٣ بتحقيق ولده الأستاذ السيد حسن الأمين ).

١٦٥

وقبل أن نشرع في تفسير السور ، والآيات ، فنحن نصدر الكتاب بذكر مقدّمات لا بدّ من معرفتها لمن أراد الخوض في علومه تجمعها فنون سبعة. وذكر في الفن الخامس رأي السيد الشريف الرضي وقال :

واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء في جواب : « المسائل الطرابلسيّات » وذكر في مواضع أن العلم بصحّة نقل القرآن كالعلم بالبلدان ، والحوادث الكبار ، والوقائع العظام ، والكتب المشهورة ، وأشعار العرب المسطورة ، فإن العناية اشتدّت ، والدّواعي توفرت على نقله ، وحراسته ، وبلغت إلى حدّ لم يبلغه فيما ذكرناه ، لأنّ القرآن معجزة النبوة ، ومأخذ العلوم الشرعية ، والأحكام الدينية ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه ، وحمايته الغاية حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه ، وقراءته ، وحروفه ، وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيراً ، أو منقوصاً مع العناية الصادقة ، والضبط الشديد ... الخ (١).

* * *

رأي الفيض الكاشاني (٢)

قال العلامة المولى محسن بن مرتضى المعروف بالفيض

__________________

(١) مجموع البيان ١/١٥ مطبعة العرفان صيدا ـ لبنان وقد تقدم ذكر هذا التفسير في كشف الظنون : ٢/١٦٠٢ للحاج خليفة.

(٢) قال الشيخ عباس القمي رحمه‌الله * محمد بن مرتضى المدعو بمحسن الكاشاني كان المحدث الكاشاني من أرباب العلم والفهم والمعرفة والمكاشفة ومن العرفاء الشامخين والعلماء المحدثين.

يروي عن جماعة من المشايخ وأسانيد الدين كالشيخ البهائي والمولى محمد طاهر القمي والمولى خليل القزويني والشيخ محمد ابن صاحب المعالم والموالى محمد صالح المازندراني

١٦٦

الكاشاني : قال عز وجل : ( وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ).

وقال : ( إنا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون ).

فكيف يتطرّق إليه التحريف والتغيير؟!!

وأيضاً قد استفاض عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام حديث عرض الخبر المروى على كتاب الله ليعلم صحّته بموافقته له ، وفساده بمخالفته ، فإذا كان القرآن الذّي بأيدينا محرَّفاً فما فائدة العرض ، مع أن خبر التحريف مخالف لكتاب الله ، مكذّب له ، فيجب ردّه ، والحكم بفساده (٢).

وقال العلاّمة الكبير الشيخ جعفر الجناجي النجفي (٣) :

__________________

والسيد ماجد البحراني والشيخ سليمان الماحوزي والمولى محمد بن إبراهيم الشيرازي إلى غيرذلك.

(*) فوائد الرضوية في أحوال علماء الجعفرية ص ٦٤٠ـ ٦٤١.

وقال الشيخ عباس القمي طاب ثراه : * *

الفيض لقب العالم الفاضل ، الكامل العارف ، المحدث المحقق ، المدقق ، الحكيم المتأله ، محمد بن مرتضى المدعو بالمولى محسن القاشاني صاحب التصانيف الكثيرة الشهيرة كالوافي ، والصافي ، والشافي ، والمفاتيح والنخبة والحقايق ، وعلم اليقين ، وعين اليقين ، وخلاصة الأذكار ، وتشارة الشيعة ، ومحجة البيضاء في إحياء ، إلى غير ذلك مما يقرب من مئة تصنيف.

توفي سنة ( ١٠٩١هجرية ) في بلدة كاشان ودفن بها. ( الكنى والألقاب : ٣/٣٩ـ٤٠ ).

وانظر ترجمته في : معجم المؤلفين ١٢/١٢ ومؤلفاته : في إيضاح المكنون في الذيل على كشف الفنون.

(٢) تفسير الصافي : ١/٣٣ ، ٣٤ طبع المكتبة الإسلامية بطهران ( عام ١٣٨٤هـ ).

(٣) هو الشيخ الأكبر الشيخ جعفر بن الشيخ خضر الجناجي النجفي المتوفّى في شهر رجب ( سنة ١٣٢٨هـ ) وقبره في النجف مزار مشهور.

قال العلاّمة النّوري في ( مستدرك الوسائل ) هو : آية من آيات الله العجيبة التي تقصر عن دركها العقول ، وعن وصفها الألسن ، فإن نظرت إلى علمه فكتابه : ( كشف الغطاء ) الّذي ألَّفه في سفره ينبئك عن أمرعظيم ، ومقام علّي في مراتب العلوم الدينّية أصولاّ ، وفروعاً. =

١٦٧

المبحث السابع في زيادته :

لا زيادة فيه من سورة ، ولا آية من بسملة وغيرها لا كلمة ، ولا حرف.

وجميع ما بين الدفتين ممّا يتلى كلام الله تعالى بالضّرورة من المذهب بل الدين ، وإجماع المسلمين ، وأخبار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمة الطاهرين عليهم‌السلام وإن خالف بعض من لا يعتدّ به في دخول بعض ما رسم في اسم القرآن.

المبعث الثامن في نقصه :

لا ريب في أنه محفوظ من النقصان بحفظ الملك الديّان كما دلّ عليه صريح القرآن ، وإجماع العلماء في جميع الأزمان ، ولا عبرة بالنادر (١).

رأي العلاّمة الآشتياني

وقال العلامة الكبير الحاج محمد حسن الآشتياني قدس‌سره (٢) :

__________________

وله كتاب كبير في الطهارة والصلاة سمّاه : ( بغية الطالب ) ، ورسالة في مناسك الحج ، والعقائد الجعفرية ، والحق المبين في الرد على الأخباريين. وله شرح على أبواب المكاسب من قواعد العلاّمة إلى غير ذلك. انظر : ( الكنى والألقاب للقمي : ٣/١٠١ ، ١٠٣).

(١) كشف الغطاء عن خفيّات مبهمات شريعة الغرّاء كتاب القرآن المبحث ٧/٨ ص ٢٩٨ طبع إيران.

(٢) هو الحاج محمد حسن الأشتياني كان من تلامذة الحاج ميرزا حبيب الله الجيلاني الرشتي ، وكان فاضلاً مدقّقاً ، وعالماً محقّقاً في الأصول ، وله مصنفات كثيرة كـ : بحر الفوائد في شرح الفرائد ، وجملة أخرى من الرسائل في الفقه ، والمسائل.

كان في بداية أمره في كمال الفقر ، والفاقة. فجاء إلى طهران بالتماس بعض الأعيان فوسع الله عليه ، وصار ذا ثروة عظيمة ، ونال الرثاسة العامة ، ومات بهارحمة الله عليه ، في ( سنة ١٣١٩هـ ).

١٦٨

والمشهور بين المجتهدين ، والأصوليَّين ، بل أكثر المحدّثين عدم وقوع التغيير مطلقاً بل ادّعى غير واحد الإجماع على ذلك (١).

رأي المجتهد الأكبر العاملي

وقال العلاّمة الكبير السيد محسن الأمين (٢) :

ونقول : لا يقول أحد من الإمامية لا قديماً ، ولا حديثاً إن القرآن مزيد فيه ، قليل ، أو كثير فضلاً عن كلّهم ، بل كلّهم متفقون على عدم

__________________

انظر : ( لباب الألقاب للمولى حبيب الله الشريف الكاشاني طبع بطهران ( عام ١٣٧٨هـ) نشرته مكتبة العلامة الحاج ميرزا حسن مصطفوي ).

(١) بحر الفوائد في شرح الفرائد ص ٩٩ طبع طهران ( عام ١٣١٤هـ).

(٢) ولد السيد الأمين في مدينة شقرا من بلاد جبل عامل ( سنة ١٢٨٤ هـ ) ، ووالده السيد عبدالكريم بن السيد علي كان تقياً نقيا صالحاً صواماً قواماُ طيب السريرة بكاء من خشية الله تعلم القرآن الكريم وسنه لم يتجاوزالسبع سنين بين ( سنة ١٢٩١و ١٢٩٢هـ ).

وقرأ ( قطرالندى ) لابن هشام في النحو ، وشرح سعد الدين التفتازاني في الصرف بين ( سنة ١٢٩٥هـ ) و ( ١٢٩٦هـ ) على ابن عمه السيد محمد حسن في جبل عامل وقرأ شرح ألفية بن الناظم وشيئاً من المغني على السيد جواد مرتضى وقرأ على السيد نجيب الدين فضل الله العاملي في بنت جبيل المطول وحاشية ملا عبدالله وشرح الشمسية كلاهما في المنطق والمعالم إلى الاستصحاب وفي حوالي ( سنة ١٣١٠هـ ) عاد إلى النجف برفقة ابن عمه السيد محمود وقرأ شرح اللمعة على ابن عمه السيد محمود وعلى السيد أحمد الكربلائي والشيخ محمد باقر النجم آبادي قرأ عليهما القوانين وشرح اللمعة والرسائل وقرأ على شيخ الشريعة أكثر الرسائل في السطوح وقرأ على الشيخ ملا كاظم الخراساني صاحب الكفاية في الأصول وحاشية الرسائل وشرح التبصرة وقرأ على الشيخ آقا رضا الهمداني والشيخ محمد طه نجف : الفقه خارجاً.

مؤلفاته : أعيان الشيعة عشرة مجلدات كبار ، نقض الوشيعة ، تاريخ جبل عامل ، لواعج الأشجان كشف الارتياب وله مؤلفات في شتى العلوم في الحديث والمنطق ، وأصول الفقه ، والفقه ، والنحو ، والصرف ، والبيان وفي الردود والنقود.

وفاته : انتقل إلى جوار ربه في بيروت في ٤ رجب ( عام ١٣٧١هـ ) ونقل إلى مقره الأخير في دمشق ودفن في حجرة من حجرات مقام السيدة زينب. انظر : أعيان الشيعة ١٠/٣٣٣ـ ٤٢٤ طبعة بيروت ( عام ١٤٠٣هـ).

١٦٩

الزيادة ، ومن يعتد بقوله من محققيهم متفقون على أنه لم ينقص منه (١).

وقال السيد الشريف شرف الدين طاب ثراه (٢) :

والقرآن الحكيم الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه إنما هو ما بين الدفتين ، وهو ما في أيدي الناس لا يزيد حرفاً ، ولا ينقص حرفاً ، ولا تبديل فيه لكلمة بكلمة ، ولا لحرف بحرف ، وكل حرف من حروفه متواتر في كلّ جيل تواتراً قطعّياً إلى عهد الوحي ، والنبوة ، وكان مجموعا على ذلك العهد الأقدس مؤلفا على ما هو عليه الآن ، وكان جبرائيل عليه‌السلام يعارض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالقرآن في كل عام مرّة ، وقد عارضه به عام وفاته مرتين.

والصحابة كانوا يعرضونه ، ويتلونه على النبي (ص) حتى ختموه عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله مراراً عديدة ، وهذا كلّه من الأمور المعلومة الضروريّة لدى المحققين من علماء الإمامية (٣).

ثم قال الإمام شرف الدين العاملي :

__________________

(١) أعيان الشيعة : ١/٤٣ الطبعة الخامسة وفي بدايتها مقدمة بقلم الشيخ محمد جواد العاملي.

(٢) ولد الإمام شرف الدين في مدينة الكاظمية ـ العراق ( عام ١٢٩٠هـ ) ودرس على عدد من الأساتذة الفحول من أقطاب العلم ، وقادة الإسلام ، أمثال : آية الله الشيخ محمد كاظم الشيرازي ، والشيخ محمد طه نجف ، والشيخ آقا رضا همداني ، والشيخ محمد جواد شريعت بدار وشيخ الشريعة الأصفهاني ، والشيخ عبدالله المازندراني ، والشيخ حسين النوري. ورفعت روحه الطاهرة إلى الرفيق الأعلى في ( ٨ جمادي الآخرة سنة ١٣٧٧هـ ).

مؤلفاته : المراجعات ، الفصول المهمة ، النص والإجتهاد ، أبوهريرة ، الكلمة الغراء ، عقيلة الوحي ، مسائل فقهية ، أجوبة مسائل جارالله ، إلى المجمع العلي العربي بدمشق ، كلمة حول الرؤية ، فلسفة الميثاق والولاية ، وغيرها وقد تكررت طبعات هذه الكتب في مصر ولبنان والعراق ، وإيران. وترجم بعضها إلى لغة اردو والفارسية. أنظر : حياة الإمام شرف الدين في سطور للشيخ أحمد القبيسي ط بيروت ( ١٤٠٠هجـ ).

(٣) الفصول المهمة في تأليف الأمة ص ١٦٣ الطبعة الثالثة ( عام ١٣٧٥ ) هـ نشرتها مكتبة النجاح في النجف الأشرف ـ العراق.

١٧٠

نسب إلى الشيعة القول بتحريف القرآن بإسقاط كلمات وآيات الخ.

فأقول : نعوذ بالله من هذا القول ، ونبرأ إلى الله تعالى من هذا الجهل ، وكلّ من نسب هذا الرأي إلينا جاهل بمذهبنا ، أو مفتر علينا ، فإنّ القرآن العظيم ، والذكر الحكيم متواتر من طرقنا بجميع آياته وكلماته ، وسائر حروفه ، وحركاته ، وسكناته ، تواتراً قطعياً عن أئمة الهدى من أهل البيت عليهم‌السلام ، لا يرتاب في ذلك إلاّ معتوه ؛ وأئمة أهل البيت كلّهم أجمعون رفعوه إلى جدّهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الله تعالى ، وهذا أيضاً ممّا لا ريب فيه ، وظواهر القرآن الحكيم ـ فضلاً عن نصوصه ـ أبلغ حجج الله تعالى ، وأقوى أدلّة أهل الحق بحكم الضرورة الأوّلية من مذهب الإمامية ، وصحاحهم في ذلك متواترة من طريق العترة الطاهرة ، وبذلك تراهم يضربون بظواهر الصحاح المخالفة للقرآن عرض الجدار ولا يأبهون بها عملاً بأوامر أئمّتهم عليهم‌السلام. ( أجوبة مسائل جار الله ص ٣٣ ط صيدا ( عام ١٣٧٣ هـ ) ).

رأي آية الله السيد البروجردي قدس‌سره

نقل العلامة الشيخ لطف الله الصافي عن أستاذه آية الله السيد الحاج آقا حسين البروجردي (١) وقال : فإنه أفاد في بعض أبحاثه في

__________________

(١) هو السيد آغا حسين بن السيد علي بن السيد أحمد بن السيد علي نقي بن السيد جواد بن السيد مرتضى (*) ابن محمد بن عبدالكريم الطباطبائي البروجردي أكبر زعيم ديني للإمامية اليوم ؛ ومن أشهر مشاهير علماء الشيعة المعاصرين.

ولد المترجم له في شهر صفر ( ١٢٩٢هـ ) ـ كما حدثني به ـ ونشأ على أبيه فتلقى عنه بعض المبادىء وبعض العلوم ، وقرأ قسماً من المقدمات على غيره أيضاً ، وفي ( ١٣١٠هـ ) هاجر إلى إصفهان لتكميل دروسه إذ كان يومذاك من حملة العلم وأبطاله عدد لا يستهان به ـ فحضر

١٧١

الأصول ، كما كتبنا عنه في تقريرات بحثه بطلان القول بالتحريف ، وقداسة القرآن عن وقوع الزيادة فيه ، وأن الضرورة قائمة على خلافه ، وضعف أخبار النقيصة غاية في الضعف سنداً ، ودلالة وقال : وإن بعض هذا الروايات تشتمل على ما يخالف القطع ، والضرورة ، وما يخالف مصلحة النبوة.

وقال في آخر كلامه الشريف :

ثم العجب كل العجب من قوم يزعمون أن الأخبار محفوظة في الألسن ، والكتب في مدة تزيد على ألف وثلاثمائة سنة ، وأنّه لو حدث فيها نقص لظهر ، ومع ذلك يحتملون تطرق النقيصة إلى القرآن المجيد (١).

رأي آية الله الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء ( ره )

وقال الإمام كاشف الغطاء طاب ثراه (٢) :

__________________

على الميرزا أبي المعالى الكلباسي ، والسيد محمد باقر الدرجهي ، والسيد محمد تقي المدرسي ، والموالى محمد الكاشاني ، والشيخ جهانكيرخان القشقائي وغيرهم.

وقضى في إصفهان قرب عشر سنين حتى أتقن السطوح ، وتقدم على أقرانه ، وزملائه واشتغل بتدريس (قوانين الأصول ) برهة استفاد منه خلالها بعض الطلاب ثم هاجر إلى النجف الأشرف قرب ( ١٣٢٠هـ ) فتعارفنا منه ذلك الحين ، واشترك السيد معنا بالحضور على الشيخ محمد كاظم الخراساني وشيخ الشريعة الإصفهاني وغيرهما من مدرسي الفقه والأصول ... الخ وتوفي صبيحة الخميس ( الثالث عشر من شوال سنة ١٣٨٠هـ) انظر : ( نقباء البشر : ٢/٦٠٥ الترجمة برقم /١٠٣٨ ).

(١) مع الخطيب في خطوطه العريضة : ص ٤٩ الطبعة الثالثة.

(*) السيد مرتضى والد السيد مهدي بحر العلوم.

(٢) ولد المغفور له آية الله الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء في مدينة النجف الأشرف ( عام ١٢٩٥ هـ ) وبعد أن أكمل دراسة المقدمات المتعارفة في الوسط العلمي بالنجف أقبل على حضور حلقات علماء عصره فكان يتلقى معارفه الأصولية على الشيخ محمد كاظم الخراساني وحضره في الفقه على الملا رضا الهمداني ، والسيد كاظم اليزدي ، وفي الأخبار =

١٧٢

وإن الكتاب الموجود في أيدي المسلمين هو الكتاب الّذي أنزله الله للإعجاز ، والتحدّي ، وتمييز الحلال من الحرام ، وأنّه لا نقص فيه ، ولا تحريف ، ولا زيادة ، وعلى هذا إجماعهم (١).

رأي الإمام الحكيم (٢) بعدم التحريف

« وبعد : فإن رأي كبار المحققين ، وعقيدة علماء الفريقين ،

__________________

والحديث على الميرزا حسين النوري ، وفي الحكمة والكلام على الشيخ أحمد الشيرازي ، والميرزا محمد باقر الإصطهباناتي ، والشيخ محمد رضا النجف آبادي.

مؤلفاته :

وجيزة المسائل ( متن فقه ) فارسي جواشي ( عين الحياة ) في الفقه طبع في ( بمبيء ) ، ( المراجعات الريحانية ) في جزأين ( نقد ملوك العرب ) للريحاني حاشية على ( العروة الوثقى ) في الفقه للسيد كاظم اليزدي ، حاشية ( التبصرة ) للعلامة الحلّي ، ( الآيات البينات ) ويتناول الرد على الأمويّة ، والبهائية ، والوهابية ، والطبيعيّة ، ( الأرض والتربة الحسينيّة ) ( الفردوس الأعلى ) مجموعة مسائل في علل بعض الأحكام الشرعية وبيان فوائدها ومطابقتها للنّظم الحديثة. ( مختصر الأغاني ) ، ( الدين والإسلام ) جزءان ( نبذة من السياسة الحسينية ) ( الميثاق العربي الوطني ) ( التوضيح في الإنجيل والمسيح ) جزءان ، ( محاورة بينه وبين السفيرين البريطاني والأمريكي ) ( المثل العليا في الإسلام لا في بحمدون ) ( أصل الشيعة وأصولها ). والمخطوطة كثيرة.

وفاة : توفي في مدينة ( كرند ) بإيران يوم الإثنين ( ١٨ ذي القعدة عام ١٣٧٣هـ ) راجع : ( أصل الشيعة وأصولها ص ٧ طبعة القاهرة تحت عنوان : ملامح من حياة المؤلف ).

(١) أصل الشيعة وأصولها ص ١٣٣ طبعة مصر تحت عنوان : النبوة.

(٢) ولد المغفور له آية الله العظمى السيد محسن الطباطبائي الحكيم ( طاب ثراه ) في ( غرّة شوال سنة ١٣٠٦هـ ) في النجف الأشرف ، وهو ثاني ثلاثة أخوة أكبرهم السيد محمود الحكيم ، واصغرهم السيد هاشم الحكيم وتوفي في بغداد ونقل جثمانه إلى النجف الأشرف ( سنة ١٣٩٠هـ ).

بعد وفاة والده وهو ابن سبع سنين شرع في قراءة القرآن الكريم على النهج المتعارف في ذلك الزمان.

ثم ابتدأ دراسة علم النحو وهو في التاسعة من عمره ، وقد تولّى تربيته العلمية أخوه الأكبر السيد محمود الحكيم ، فدرس عليه المقدمات إلى « القوانين » ، ودرس بقية الكتب على جملة من الفضلاء منهم الشيخ صادق بن الحاج مسعود البهبهاني ، والشيخ صادق الجواهري

١٧٣

ونوع المسلمين من صدر الإسلام إلى اليوم على أن القرآن بترتيب الآيات والسور ، والجمع كما هو المتداول بالأيدي ، لم يقولوا الكبار بتحريفه من قبل ، ولا من بعد. ( النجف الأشرف ـ ١٣٨٣/٢٣ذق ـ السيد محسن الطباطبائي الحكيم ).

رأي آية الله الميلاني (١)

وقال آية الله السيد محمد هادي الميلاني ( طاب ثراه ) :

__________________

ثم حضر درس الملا كاظم الخراساني ، والأقا ضياء العراقي ، والشيخ علي باقر الجواهري ، والميرزا محمد حسين النائيني ، والسيد محمد سعيد الحبوبي.

وفي( سنة ١٣٣٢هـ ) عندما قاد السيد الحبوبي جمهور المسلمين في العراق في جبهة الناصرية ضد الاحتلال الإنكليزي استصفى الحبوبي السيد الحكيم لنفسه ، وصحبه معه وأولاه ثقته.

وفي سنة ( ١٣٣٣هـ ) توجه للتدريس.

وفي سنة ( ١٣٥٠هـ ) سافر إلى جبل عامل للمرّة الأولى فمكث من أواخر الحجة حتى شوال سنة ( ١٣٥١هـ ) ، ثم سافر إليه مرّة ثانية سنة ( ١٣٥٣هـ ).

وبعد وفاة السيد أبو حسن الأصفهاني اتجهت أليه الأنظار ، وكان السيد البروجردي قد حلّ في قم ، فتقسّمت المرجعية بين السيد الحكيم في النجف ، والسيد البروجردي في قم ، حتى وفاة السيد البروجردي فاستقل بالمرجعيّة بعده.

له من المؤلفات :

١ـ المستمسك على العروة الوثقى.

٢ـ نهج الفقاهة ، وهو تعليق على المكاسب للشيخ الأنصاري.

٣ـ حقائق الأصول. تعليقة على الكفاية طبع مع الكفاية في مجلدين.

٤ـ دليل الناسك : وهو تعليقة على مناسك الشيخ الأنصاري المتضمن لأحكام الحج.

٥ـ تعليقة على ملحقات العروة الوثقى.

٦ـ تعليقات على مهمّات التبصرة.

٧ـ منهاج الصالحين ـ رسالة عملية في جزأين.

٨ـ منهاج الناسكين ـ أعمال الحج. ( أعيان الشيعة ٩/٥٦ ، ٥٧ طبعة بيروت ( عام ١٤٠٣ هـ ) ).

(١) السيد محمد هادي الميلاني بن السيد جعفر الميلاني بن السيد حسين من شرفاء المدينة

١٧٤

الحمد لله وسلام على عباده الّذين اصطفى.

« في جواب السائل : هل وقع تحريف في القرآن؟!! ».

أقول : بضرس قاطع إنّ القرآن الكريم لم يقع فيه أيّ تحريف ، لا بزيادة ، ولا بنقصان ، ولا بتغيير بعض الألفاظ ، وإن وردت بعض الروايات في التحريف المقصود منها تغيير المعنى بآراء ، وتوجيهات ، وتأويلات باطلة لا في تغيير الألفاظ ، والعبارات.

وإذا اطلع أحد على رواية وظنّ بصدقها وقع في اشتباه وخطأ ، وإن الظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً (١). ( محمد هادي الميلاني ).

رأي آية الله الكلبايكاني

وقال العلامة الكبير الشيخ لطف الله الصافي ( دام ظله ) :

ولنعم ما أفاده العلامة الفقيه ، والمرجع الديني السيد محمد رضا

__________________

المنورة نزح إلى ميلان ، واستوطن بها إلى أن توفاه الله تعالى ودفن هناك ، وقبره يزار ، ومعروف في تلك المنطقة.

ولادته : ( عام ١٣١٣هـ ).

ومن أساتذته : شيخ الشريعة الإصبهاني ، والشيخ آقا ضياء العراقي ، والميرزا حسين النائني.

مؤلفاته :

محاضرات في فقه الإمامية خرج منه أربعة أجزاء : في الزكاة والخمس.

حاشية المكاسب أربعة أجزاء.

قواعد فقهية وأصولية ، كتاب استدلالي في الزراعة ، تفسير سورة الجمعة وغيرها.

وفاته :

كانت وفاته قدس‌سره في ( ٣٠ رجب ١٣٩٥هـ ) بمشهد الإمام الرضا عليه‌السلام بخراسان.

نقلنا هذه الترجمة باختصار من ترجمته من كتاب ( المحاضرات قسم الزكاة ).

ـ المؤلف ـ

(١) ( مئة وعشرة أسئلة ) : ص ٥.

١٧٥

الكلبايكاني (١) بعد التصريح بأن ما في الدفتين هو القرآن المجيد ، ذلك الكتاب لا ريب فيه ، والمجموع المرتب في عصر الرسالة ، بأمر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بلا تحريف ، ولا تغيير ، ولا زيادة ، ولا نقصان ، وإقامة البرهان عليه :

إن احتمال التغيير زيادة ، ونقيصة في القرآن كاحتمال تغيير المرسل به ، واحتمال كون القبلة غير الكعبة في غاية السقوط لا يقبله العقل ، وهو مستقلّ بامتناعه عادة (٢).

رأي الإمام الخوئي(٣) ( مد ظله ) :

«..إن حديث تحريف القرآن حديث خرافة ، وخيال ، لا يقول

__________________

(١) هو : السيد محمد رضا بن السيد محمد باقر الكلبايكاني من مراجع التقليد ، وأحد زعماء وأعمدة الحوزة العلمية في مدينة ( قم ) المقدسة.

ولد في ( سنة ١٣١٦ هـ ) ونشأ فتعلم المبادىء ، وقرأ المقدمات على بعض الفضلاء ، وحضر في ( قم ) على الحجة الشيخ عبد الكريم اليزدي الحائري مدّة كتب فيها تقريراته وهو عمدة أساتيذه وهو اليوم من العلماء الفضلاء في ( قم ) ومن المدرسين المشاهير بها ، وله أثار علمية منها :

حاشية ( درر الفؤائد ) لاستاذه المذكور فرغ منها في ( سنة ١٣٥٦هـ ) إلى غير ذلك. ( نقباء البشر في القرآن الرابع عشر : ٢/٧٤٢ ).

أقول : وله تعليق على كتاب وسيلة النجاة لآية الله الإصبهاني صدر في ثلاثة مجلدات ورسائل أخرى عمليه مطبوعة عدة مرّات ومناسك الحج وغيره.

(٢) مع الخطيب في خطوطه العريضة الطبعة الثالثة.

(٣) هو : السيد أبو قاسم بن السيد علي أكبر بن المير هاشم الموسوي الخوئي النجفي أحد مراجع العصر [ بل المرجع الوحيد اليوم في العالم الإسلامي والمقيم حالياً في النجف الأشرف ].

ولد في مدينة ( خوي ) من أعمال آذربايجان في النصف من رجب ( ١٣١٧هـ) فنشأ على والده العلاّمة السيد علي أكبر نشأة طيبة وفي حدود ( ١٣٣٠ هـ ) هاجر به رحمه الله إلى النجف الأشرف فوجهه إلى الدراسة وكان يومذاك يمتاز باستعداد ، وذكاء فقطع مراحل الدراسة الأولية ، وأكمل مقدماته ، وحضر على أساتذة العصر كالعلامة الشهير الميرزا حسين

١٧٦

به إلاّ من ضعف عقله أو من لم يتأمل في أطرافه حق التأميل ، أو من ألجأه إليه حب القول به ، والحب يعمي ، ويصم.

وأما العاقل المنصف ، المتدبّر فلا يشك في بطلانه وخرافته (١).

رأي العلامة الكبير السيد محمد حسين الطباطبائي

« إن القرآن مصون عن التحريف »

قال العلاّمة الكبير السيد محمد حسين الطباطبائي (٢) :

__________________

النائيني ، والعالمين الجليلين : الشيخ محمد حسين الكتاني ، والشيخ : آغا ضياء الدين العراقي وكتب تقريراتهم في الفقه ، والأصول وطبع أكثرها مثل ( أجود التقريرات ) في الأصول و ( تقريرات الفقه ) أيضاً و ( الفقه الاستدلالي ) وحاشية على ( العروة ) وله يد في التفسير والتصانيف أيضاً ، منها : ( نفحات الإعجاز ) ورسالة في اللباس المشكوك و ( رسالة في الغروب ) و ( رسالة في قاعدة التجاوز) و ( رسالة في إرث الزوج والزوجة قبل الدخول ) وغيرها (*) وهو اليوم من مشاهير المدرسين في النجف الأشرف وحلقته تعد بالعشرات مدّ الله في عمره ونفع به. ( طبقات أعلام الشيعة : نقباء البشر ١/٧١ ، ٧٢ ) (* *).

(*) [ وله معجم رجال الحديث صدر منه ٢٣ مجلداً ، ومنهاج الصالحين وتكملة المنهاج في ٤ مجلدات ] (* *).

(١) البيان في تفسير القرآن ص ٢٥٩طبع بيروت.

(* *) مابين المعقوفين من مؤلف هذا الكتاب.

(٢) ولد المغفور له : السيد محمد حسين الطباطبائي في آخر ذي الحجة ( عام ١٣٢١ هـ ).

نشأ على أفاضل أسرته ، وسراة قومه فتلقى الأوّليات ، ودرس مقدمات العلوم ثم هاجر إلى النجف الأشرف فحضر في الفقه والأصول والفسلفة على أعلام الدين وكبار المدرسين وحاز من ذلك على قسط وافر ، ثم هبط ( قم ) واشتغل فيها بالتدريس والإفادة ، ومضت برهة فإذا به وقد سطع نجمه ، وحلّ المكانة اللائقة به من بين تلك الجموع ، وحفّ به جمع من الطلاب يدرس الفقه والأصول والفلسفة وله آثار منها ( الأعداد الأولية ) فيه استخراج الأعداد من الواحد إلى العشرة آلاف وله : ( أصول فلسفة وروش رياليسم ) فارسي ، في ردّ الماديين ، وهو كتاب نافع ، وأكبر آثاره : الميزان في تفسير القرآن موسوعة كبيرة في تفسير القرآن في عشرين جزءاً بأسلوب رصين ، وطريقة فلسفية. وليس تفسيراً صرفاً بل تتخلّله بحوث في الفلسفة والتاريخ ، والاجتماع وغير ذلك.

توفي في مدينة ( قم ) المقدسة ( عام ١٤٠٢هـ ) ودفن في أحد أروقة حرم السيدة المعصومة. راجع : ( نقباء البشر في القرن الرابع عشر : ٢/٦٤٥ ).

١٧٧

أوضح دليل على أن القرآن الذي بأيدينا اليوم هو القرآن الذي نزل على النّبي الكريم ولم يطرأ عليه أي تحريف أو تغيير (١) وقال :

من ضروريات التاريخ أنّ النبي العربي محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله جاء قبل أربعة عشر قرناً ـ تقريباُ ـ وادعى النبوة ، وانتهض للدعوة وآمن به أمّة من العرب وغيرهم وأنّه جاء بكتاب يسمّيه القرآن وينسبه إلى ربّه متضمّن لجمل المعارف ، وكليّات الشريعة التي كان يدعو إليها ، وكان يتحدى به ويعده آية لنبوته ، وأن القرآن الموجود اليوم بأيدينا هو القرآن الّذي جاء به وقرأه على الناس المعاصرين له في الجملة بمعنى أنّه لم يضع من أصله بأن يفقد كله ثم يوضع كتاب آخر يشابهه في نظمه ، أو لا يشابهه ، وينسب إليه ، ويشتهر بين الناس بأنه القرآن النازل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فهذه أمور لا يرتاب في شيء منها إلاّ مصاب في فهمه ، ولا احتمل بعض ذلك أحد من الباحثين في مسألة التحريف من المخالفين ، والمؤالفين ثم قال :

فقد تبين ممّا فصّلناه أن القرآن الذي أنزله الله على نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ووصفه بأنه ذكر محفوظ على ما أنزل مصون بصيانة إلهية عن الزيادة والنقيصة والتغيير كما وعد الله نبيّه فيه.

وخلاصة الحجّة أن القرآن أنزله الله على نبيّه ووصفه في آيات كثيرة بأوصاف خاصة لو كان تغيير في شيء من هذه الأوصاف بزيادة أو نقيصة أو تغيير في لفظ ، أو ترتيب مؤثر فقد آثار تلك الصفة قطعا ، لكنّا نجد القرآن الّذي بأيدينا واجداً لآثار تلك الصّفات المعدودة على أتّم ما يمكن ، وأحسن ما يكون ، فلم يقع فيه تحريف يسلبه شيئاً من صفاته ،

__________________

(١) القرآن في الإسلام ص ١٣٩ ط بيروت ( عام ١٣٩٨ هـ ) دار الزهراء للطباعة.

١٧٨

فالذي بأيدينا منه هو القرآن المنزل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعينه فلو فرض سقوط شيء منه أو إعراب ، أو حرف ، أو ترتيب وجب أن يكون في أمر لا يؤثر في شيء من أوصاف كالإعجاز وارتفاع الاختلاف ، والهداية ، والنورية ، والذكرية ، والهيمنة على سائر الكتب السماوية إلى غير ذلك ، وذلك كآية مكررة ياساقطة ، أو اختلاف في نقطة أو إعراب ونحوها (١).

وقال العلاّمه الشيخ عبد الرّحيم المدرّس التبريزي :

نعم : لا إشكال إذا قلنا بعدم التحريف من عروض التقديم ، والتأخير وعدم رعاية الترتيب في الآيات كتقديم الآية الناسخة على الآية المنسوخة في سورة البقرة في عدّة الوفاة ، وغيرها. فإن في قوله تعالى :

( والذين يتوفّون منكم ويذرون أزواجاً ، وصيَّة لأزواجهم متاعاً إلى الحول ) وكذا في السور ، أوعروض تغيير في اللّفظ بحيث لا يتغّير به المعنى كإسقاط ضمير الموصول في قوله تعالى :

( وما عملت أيديهم ) في موضع وما عملته أيديهم كما صرح بذلك علماء النحو(٢).

وقال العلامة الكبير السيد حسين مكي ( طاب ثراه )

« لا نقص ولا زيادة في القرآن »

نعتقد نحن الإمامية الاثني عشرية أن القرآن الّذي بأيدينا اليوم الّذي يقرأه العالم الإسلامي على ما هو عليه الآن هو القرآن الّذي أنزله

__________________

(١) تفسير الميزان ١٢/١٠٤ ، ١٠٧.

(٢) آلاء الرحيم في الرد على تحريف القرآن الكريم ص ٢٠ طبع طهران ( عام ١٣٨١هـ ).

١٧٩

الله تعالى شأنه على نبيَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا نقص فيه ، ولا زيادة ، وقد صان الله تعالى شأنه عن أن يعتريه نقص ، أوتبديل لقوله تعالى شأنه :

( إنا نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافطون ).

وقد أجمعت كلمة علمائنا خصوصاً المحقّقين منهم على عدم النقص والزيادة فيه (١).

رأي آية الله الشيخ الصافي

وقال العلامة الكبير الشيخ لطف الله الصافي :

القرآن معجزة نبيّنا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، قد عجز الفصحاء عن الإتيان بمثله ، وبمثل سورة ، وآية منه ، وحير عقول البلغاء ، وفطاحل الأدباء وقد بيّن الله تعالى فيه أرقى المباني ، واسمى المبادىء ، وأنزله على نبيّه دليلاً على رسالته ، ونوراً للناس ، وشفاء لما في الصدور ، وهدى ، ورحمة للمؤمنين.

قال سيّدنا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام :

« واعلموا أنّ هذا القرآن (١) هو الناصح الّذي لا يغشّ ، والهادي الّذي لا يضلّ ، والمحدّث الذي لا يكذب. وما جالس هذا القرآن أحد إلاّ قام عنه بزيادة ، أو نقصان ، زيادة في هدى ، ونقصان من عمى ، واعلموا أنّه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة ، ولا لأحد قبل القرآن من

__________________

(١) عقيدة الشيعة في الإمام الصادق ص ١٦١ طبع بيروت.

(٢) هذا القرآن الّذي يشير إليه أميرالمؤمنين ، والأئمة من ولده عليهم‌السلام ويحثّون شيعتهم بالرجوع إليه ، وألاستشفاء به ، وهو الكتاب المجيد الّذي يعرفه المسلمون ، ويتلونه جميعاً في اللّيل والنّهار هو ما بين الدفّتين ، ( عن هامش الكتاب ص ٤٠ ).

١٨٠