بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٨٦
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

اللّهمَّ وكم من سحائب مكروه جلّيتها ، وسماء نعمة أمطرتها ، وجداول كرامة أجريتها ، وأعين أجداث طمستها ، وناشي رحمة نشرتها ، وغواشي كرب فرَّجتها ، وغمم بلاء كشفتها ، وجُنّة عافية ألبستها ، واُمور حادثة قدَّرتها ، لم تعجزك إذ طلبتها ، ولم تمتنع منك إذ أردتها .

اللّهمَّ وكم من حاسد سوء تولّني (١) بحسده ، وسلقني بحدِّ لسانه (٢) ووخزني بغرب عينه ، وجعل عرضي غرضاً لمراميه ، وقلّدني خلالاً لم تزل فيه كفيتني أمره .

اللّهمَّ وكم من ظنّ حسن حقّقت ، وعُدم إملاق ضرّني جبرت وأوسعت ومن صرعة أقمت ، ومن كربة نفّست ، ومن مسكنة حوَّلت ، ومن نعمة خوَّلت لا تُسأل عمّا تفعل ولا بما أعطيت تبخل ، ولقد سُئلت فبذلت ، ولم تُسئل فابتدأت واستميح فضلك فما أكديت ، أبيتَ إلّا إنعاماً وامتناناً وتطوُّلاً ، وأبيتُ إلّا تقحّماً على معاصيك ، وانتهاكاً لحُرُماتك ، وتعدّياً لحدودك ، وغفلةً عن وعيدك وطاعة لعدوِّي وعدوِّك ، لم تمتنع عن إتمام إحسانك ، وتتابع امتنانك ، ولم يَحجُزني ذلك عن ارتكاب مساخطك .

اللّهمَّ فهذا مقام المعترف لك بالتقصير عن أداء حقّك ، الشّاهد على نفسه بسُبُوغ نعمتك ، وحُسن كفايَتك ، فهب لي اللّهمَّ يا إلهي ما أصلُ به إلى رحمتك وأتّخذه سُلّماً أعرج فيه إلى مرضاتك ، وآمَنُ به من عقابك ، فانّك تفعل ما تشاء وتحكم ما تُريدُ ، وأنت على كلِّ شيء قدير .

اللّهمَّ حمدي لك مُتَواصل ، وثنائي عليك دائم ، من الدَّهر إلى الدَّهر بألوان التسبيح ، وفُنُون التَّقديس ، خالصاً لذكرك ، ومرضيّاً لك بناصع التوحيد ومحض التحميد ، وطول التّعديد في إكذاب أهل التنديد (٣) .

______________________

(١) ثولني ظ ، أي أصابني .

(٢) يقال : سلقه بالكلام سلقاً : آذاه ، وهو شدة القول باللسان ، وفي القرآن الكريم « سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ ». والحديد : الحاد ، والغرب حدة الغضب ، واسم لمقدم العين ومؤخرها ، والنظر بغرب العين كناية عن الغضب والتهديد ، والوخز : الطعن .

(٣) يقال : ندد بفلان : اذا صرح بعيوبه وأسمعه القبيح وشهره وشيعه بين الناس .

٢٦١
 &

لم تعن في شيء من قدرتك ، ولم تشارك في إلهيّتك ، ولم تعاين إذ حبست الأشياء على الغرائز المُختَلفات ، وفطرت الخلائق على صُنُوف الهَيئآت ، ولا خرقت الأوهام حُجُب الغُيُوب إليك ، فاعتقدت منك محموداً في عظمتك ، ولا كيفيّة في أزليّتك ، ولا مُمكناً في قَدمك ، ولايَبلُغُك بعُدُ الهمم ، ولا ينالُك غَوصُ الفطَن ، ولا يَنتهى إليك نَظَرُ النّاظرين في مَجد جَبَروُتك ، وعظيم قُدرتك .

ارتفعت عن صفة المَخلُوقين صفة قُدرتك ، وعلا عن ذلك كبرياءُ عظمتك ولا ينتقصُ ما أردت أن يزداد ، ولا يزداد ما أردت أن ينتقص ، ولا أحدٌ شهدك حين فطرت الخلق ، ولا ضدٌّ حضرك حين برأت النُفُوس .

كلّت الألسُنُ عن تبين صفتك ، وانحسرت العُقُولُ عن كُنه معرفتك وكيف تُدركُك الصّفات ، أو تحويك الجهات ، وأنت الجبّارُ القُدُّوسُ الّذي لم تزل أزليّاً دائماً في الغُيُوب وحدك ، ليس فيها غيرُك ، ولم يكن لها سواك .

حارت في ملكوتك عميقاتُ مذاهب التفكير ، وحسُر عن إدراكك بصير البصير وتواضعت المُلُوك لهيبتك ، وعنت الوجوه بذُلِّ الاستكانة لعزَّتك ، وانقاد كلُّ شيء لعظمتك ، واستسلم كُلُّ شيء لقُدرتك ، وخضعت الرّقابُ لسلطانك .

فضلَّ هنا لك التدبير في تصاريف الصّفات لك ، فمن تفكّر في ذلك رجع طرفه إليه حسيراً وعقله مبهوتاً مبهوراً وفكره متحيّراً .

اللّهمَّ فلك الحمد حمداً متواتراً متوالياً متّسقاً مستوسقاً يدوم ولا يبيد ، غير مفقود في الملكوت ، ولا مطموس في العالم ، ولا منتقص في العرفان ، فلك الحمد حمداً لا تحصى مكارمه في اللّيل إذا أدبر ، وفي الصّبح إذا أسفر وفي البرّ والبحر ، وبالغدوِّ والاٰصال والعشيِّ والابكار ، والظهيرة والأسحار .

اللّهمَّ بتوفيك أحضرتني النّجاة ، وجعلتني منك في ولاية العصمة ، لم تكلّفني فوق طاقتي إذ لم ترض منّي إلّا بطاعتي ، فليس شكري وإن دأبت منهُ في المقال ، وبالغت منه في الفعال ، ببالغ أداء حقّك ، ولا مكاف فضلك ، لأنّك

٢٦٢
 &

أنت الله لا إله إلّا أنت ، لم تغب عنك غائبة ، ولا تخفى عليك خافيةٌ ، ولا تضلُّ لك في ظلم الخفيّات ضالّةٌ إنّما أمرك إذا أردت شيئاً أن تقول له كن فيكون .

اللّهمَّ لك الحمد مثل ما حمدت به نفسك ، وحمدك به الحامدون ، ومجّدك به الممجّدون ، وكبّرك به المكبِّرون ، وعظّمك به المعظّمون ، حتّى يكون لك منّي وحْدي في كلِّ طرفة عين ، وأقلَّ من ذلك ، مثل حمد جميع الحامدين ، و توحيد أصناف المخلصين ، وتقديس أحبّائك العارفين ، وثناء جميع المهلّلين ، ومثل ما أنت عارف به ومحمود به من جميع خلقك من الحيوان والجماد .

وأرغب إليك اللّهمَّ في شُكر ما أنطقتني به من حمدك ، فما أيسر ما كلّفتني من ذلك وأعظم ما وعدتني على شكرك .

ابتدأتني بالنعم فضلاً وطولاً ، وأمرتني بالشكر حقّاً وعدلاً ، ووعدتني عليه أضعافاً ومزيداً ، وأعطيتني من رزقك اعتباراً وامتحاناً ، وسألتني منه قرضاً يسيراً صغيراً ، ووعدتني عليه أضعافاً ومزيداً وعطاءً كثيراً ، وعافيتني من جهد البلاء ، ولم تُسلمني للسوء من بلائك ، ومنحتني العافية ، وأوليتني بالبسطة والرَّخاء وضاعفت لي الفضل مع ما وعدتني به من المحلّة الشريفة ، وبشّرتني به من الدرجة الرَّفيعة المنيعة ، واصطفيتني بأعظم النبيّين ، دعوة ، وأفضلهم شفاعةً محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله .

اللّهمَّ اغفر لي ما لا يسعهُ إلّا مغفرتك ، ولا يمحقهُ إلّا عفوك ، وهب لي في يومي هذا وساعتي هذه يقيناً يهوِّن عليَّ مصيبات الدُّنيا وأحزانها ، ويشوِّقني إليك ويرغّبني فيما عندك ، واكتب لي المغفرة ، وبلّغني الكرامة ، وارزقني شكر ما أنعمت به عليَّ ، فانّك أنت اللهُ الواحدُ الرفيع البديءُ البديعُ السميع العليم الّذي ليس لأمرك مدفعٌ ، ولا عن قضائك ممتنع ، وأشهد أنّك ربّي وربّ كلِّ شيء فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، العليّ الكبير المتعال .

اللّهمَّ إنّي أسألك الثبات في الأمر ، والعزيمة في الرُّشد ، وإلهام الشكر على نعمتك ، وأعوذ بك من جور كلّ جائر ، وبغي كلِّ باغ ، وحسد كلِّ حاسد .

اللّهمَّ بك أصول على الأعداء ، وإيّاك أرجو ولاية الأحبّاء ، مع ما لا أستطيع

٢٦٣
 &

إحصاءه من فوائد فضلك ، وأصناف رفدك ، وأنواع رزقك ، فانّك أنت اللهُ لا إله إلّا أنت الفاشي في الخلق حمدُك ، الباسطُ بالحقّ يدُك ، لا تضادُّ في حكمك ، و لا تنازع في مُلكك ، ولا تراجعُ في أمرك ، تملكُ من الأنام ما شئت به ، ولا يملكون إلّا ما تريدُ .

اللّهمَّ أنت المنعم المفضل القادر القاهر المقدَّس في نور القدس ، تردَّيت بالعزَّة والمجد ، وتعظّمت بالقدرة والكبرياء ، وغَشّيت النور بالبهاء ، وجلّلت البهاء بالمهابة .

اللّهمَّ لك الحمد العظيم ، والمنُّ القديم ، والسلطانُ الشامخ ، والحول الواسع ، والقدرة المقتدرة ، والحمد المُتتابعُ الّذي لا ينفَدُ بالشكر سرمداً ، ولا يَنقضى أبداً ، إذ جعلتني من أفاضل بني آدم ، وجعلتني سميعاً بصيراً صحيحاً سويّاً مُعافاً لم تشغلني بنُقصان في بدني ، ولا بآفةٍ في جوارحي ، ولا عاهةٍ في نفسي ولا في عقلي .

ولم يمنعك كرامتك إيّاي ، وحُسن صنعك عندي ، وفضل نعمائك عليَّ إذ وسّعت عليَّ في الدُّنيا ، وفضّلتني على كثير من أهلها تفضيلاً ، وجعلتني سميعاً أعى ما كلّفتنى بصيراً ، أرىٰ قُدرتك فيما ظهر لي ، واسترعيتني واستودعني قلباً يشهدُ لعظمتك ، ولساناً ناطقاً بتوحيدك ، فانّي لفضلك عليَّ حامدٌ ، ولتوفيقك إيّاي بحمدك شاكر ، وبحقّك شاهدٌ ، وإليك في مُلمّي ومهمّي ضارع ، لأنّك حيٌّ قَبل كلِّ حيّ ، وحيٌّ بعد كلِّ ميّت ، وحيٌّ ترثُ الأرض ومن عليها ، وأنت خير الوارثين .

اللّهمَّ لا تقطعْ عنّي خيرَك في كلِّ وقت ، ولم تنزل بي عُقوبات النقم ، و لم تغيّر ما بي من النعم ، ولا أخليتني من وثيق العصم ، فلو لم أذكر من إحسانك إليَّ وإنعامك عليَّ إلّا عَفوك عنّي ، والاستجابة لدُعائي ، حين رفعتُ رأسي بتحميدك وتمجيدك ، لا في تقديرك جَزيل حظّي حين وفّرتهُ انتقص ملكُك ، ولا في قسمة الأرزاق حين قتّرت عليَّ توفيرُ مُلكك .

٢٦٤
 &

اللّهمَّ لك الحمدُ عدد ما أحاط به علمك ، وعدد ما أدركتهُ قُدرتك ، وعدد ما وسعتهُ رحمتك ، وأضعاف ذلك كلّه ، حمداً واصلاً مُتواتراً مُتوازياً لاٰلائك وأسمائك .

اللّهمَّ فتمّم إحسانك إليَّ فيما بقى من عُمري ، كما أحسنت إليَّ [ منه ] فيما مضىٰ فانّي أتوسّلُ إليك بتوحيدك وتهليلك وتمجيدك وتكبيرك وتعظيمك ، و أسئلك باسمك الّذي خلقته من ذلك فلا يخرجُ منك إلّا إليك .

وأسئلك باسمك الرُّوح المكنون الحيّ الحيّ الحيّ وبه وبه وبه وبك وبك وبك ألّا تحرمني رفدك ، وفوائد كرامتك ، ولا تولّني غيرك ، ولا تسلمني إلى عدوِّي ، ولا تكلني إلى نفسي ، وأحسن إليَّ أتمَّ الاحسان عاجلاً وآجلاً وحسّن في العاجلة عملي ، وبلّغني فيها أملى وفي الاٰجلة ، والخير في منقلبي فانّه لا تفقرك كثرة ما يندفق به فضلك ، وسيب العطايا من منّك ، ولا ينقص جودك تقصيري في شكر نعمتك ، ولا تجمُّ خزائن نعمتك النّعم ، ولا ينقص عظيم مواهبك من سعتك الاعطاء ، ولا يؤثّر في جودك العظيم الفاضل الجليل منحك ، ولا تخاف ضيم إملاق فتكدى ، ولا يلحقك خوف عدم فينقص فيضُ ملكك وفضلك .

اللّهمَّ ارزقني قلباً خاشعاً ، ويقيناً صادقاً ، وبالحقّ صادعاً ، ولا تؤمنّي مكرك ولا تنسني ذكرك ، ولا تهتك عنّي سترك ، ولا تولّني غيرك ، ولا تقنطني من رحمتك بل تغمّدني بفوائدك ، ولا تمنعني جميل عوائدك ، وكن لي في كلِّ وحشة أنيساً وفي كلِّ جزع حصيناً ، ومن كلِّ هلكة غياثاً ، ونجّني من كلِّ بلاء ، واعصمني من كلِّ زلل وخطاء ، وتمِّم لي فوائدك ، وقنى وعيدك ، واصرف عنّي أليم عذابك وتدمير تنكيلك ، وشرّفني بحفظ كتابك ، وأصلح لي ديني ودنياي وآخرتي وأهلي وولدي ، ووسّع رزقي وأدرَّه عليَّ ، وأقبل عليَّ ولا تعرض عنّي .

اللّهمَّ ارفعني ولا تضعني ، وارحمني ولا تعذّبني ، وانصرني ولا تخذلني وآثرني ولا تؤثر عليَّ ، واجعل لي من أمري يسراً وفرجاً ، وعجّل إجابتي واستنقذني ممّا قد نزل بي ، إنّك على كلِّ شيء قدير ، وذلك عليك يسير ، وأنت

٢٦٥
 &

الجواد الكريم (١) .

٣٤ ـ أقول : ولنا سند آخر عال جدّاً لهذا الدُّعاء ، ولا يخلو من غرابة فانّي أرويه عن والدي عن بعض الصالحين عن مولانا القائم عليه‌السلام بلا واسطة وشرح ذلك أنَّ ..... (٢) .

٣٤ ـ ق ، مهج : ذكر ما نختاره لمولانا المهدي عليه‌السلام وعنه صلوات الله عليه برواية اُخرى (٣) .

فمن ذلك الدُّعاء المعروف بدعاء العلويِّ المصريّ لكلِّ شديدة وعظيمة أخبرهم أبو الحسن عليُّ بن حمّاد المصريّ قال : أخبرني أبو عبد الله الحسين بن محمّد العلويّ قال : حدَّثني محمّد بن عليّ العلويُّ الحسينيُّ المصريُّ قال : أصابني غمٌّ شديد ودهمني أمر عظيم من قبل رجل من أهل بلدي من ملوكه ، فخشيته خشية لم أرج لنفسي منها مخلصاً ، فقصدت مشهد ساداتي وآبائي صلوات الله عليهم بالحائر لائذاً بهم ، وعائذاً بقبورهم ، ومستجيراً من عظيم سطوة من كنت أخافه ، وأقمت بها خمسة عشر يوماً أدعو وأتضرَّع ليلاً ونهاراً ، فتراءى لي قائم الزمان ، وولِيُّ الرَّحمن عليه وعلى آبائه أفضل التحيّة والسّلام .

فأتاني وأنا بين النائم واليقظان ، فقال لي : يا بنيَّ خفت فلاناً ؟ فقلت : نعم ، أرادني بكيت وكيت ، فالتجأت إلى ساداتي عليهم ‌السلام أشكو إليهم ليخلّصوني منه ، فقال لي : هلّا دعوت الله ربّك وربَّ آبائك بالأدعية الّتي دعا بها أجدادي الأنبياء صلوات الله عليهم حيث كانوا في الشدَّة فكشف الله عزَّ وجلَّ عنهم ذلك .

قلت : وبماذا دعوه لأدعوه به ؟ قال عليه‌السلام : إذا كان ليلة الجمعة فقم واغتسل وصلِّ صلاتك ، فاذا فرغت من سجدة الشكر فقل وأنت بارك على ركبتيك ، وادع

______________________

(١) مهج الدعوات ص ١٥٨ ـ ١٦٦ .

(٢) ههنا بياض في نسخة الاصل ، وفي هامشه : لا بد أن يكتب الباقي من هذه القصة من النسخة التي هي الان عند الامير محمد صالح أو يؤخذ من ملا ذو الفقار أو ملا محمد رضا انشاء الله .

(٣) نقل السيد قدس سره قبل هذا رواية للدعاء وجدها في مجلد عتيق ، وقد ذكرها المؤلف العلامة في تاريخ الامام الثاني عشر ج ٥١ ص ٣٠٧ .

٢٦٦
 &

بهذا الدعاء مبتهلاً ، قال : وكان يأتيني خمس ليال متواليات يكرِّر عليَّ القول وهذا الدعاء حتّى حفظته ، وانقطع مجيئه ليلة الجمعة ، فقمت واغتسلت وغيّرت ثيابى (١) وتطيّبت وصلّيت ما وجب عليَّ من صلاة اللّيل ، وجثوت على ركبتيَّ فدعوت الله تعالى بهذا الدُّعاء ، فأتاني عليه‌ السلام ليلة السبت كهيئة التي يأتيني فيها فقال لي : قد اُجيبت دعوتك يا محمّد ، وقتل عدوُّك ، وأهلكه الله عزَّ وجلَّ عند فراغك من الدُّعاء .

قال : فلمّا أصبحت لم يكن لي همّة غير وداع سادتي صلوات الله عليهم والرحلة نحو المنزل الّذي هربت منه ، فلمّا بلغت بعض الطريق إذا رسول أولادي وكتبهم بأنَّ الرجل الّذي هربت منه جمع قوماً واتّخذ لهم دعوة ، فأكلوا وشربوا وتفرَّق القوم ونام هو وغلمانه في المكان ، فأصبح الناس ولم يسمع له حسٌّ فكشف عنه الغطاء فاذا هو مذبوح من قفاه ، ودماه تسيل ، وذلك في ليلة الجمعة ، ولا يدرون من فعل به ذلك ، ويأمرونني بالمبادرة نحو المنزل فلمّا وافيت إلى المنزل ، وسألت عنه وفي أيِّ وقت كان قتله ؟ فاذا هو عند فراغي من الدُّعاء ، وهذا الدُّعاء :

« ربِّ من ذا الّذي دعاك فلم تجبه ؟ ومن ذا الّذي سألك فلم تُعطه ؟ ومن ذا الّذي ناجاك فخيّبته ؟ أو تقرّب إليك فأبعدته ؟ ربِّ هذا فرعون ذو الأوتاد ، مع عناده وكفره وعتوّه ، وادِّعائه الربوبيّة لنفسه ، وعلمك بأنّه لا يتوبُ ولا يرجع ولا يؤب ولا يؤمن ولا يخشع استجبت له دعاءه وأعطيتهُ سؤلهُ كرماً منك وجوداً وقلّة مقدار لما سألك عندك ، مع عظمه عنده ، أخذاً بحجّتك عليه ، وتأكيداً لها حين فجر وكفر واستطال على قومه وتجبّر ، وبكفره عليهم افتخر ، وبظلمه لنَفسه تكبّر ، وبحلمك ، عنهُ استكبر ، فكتب وحكم على نفسه جرأةً منهُ أنَّ جزاء مثله أن يُغرق في البحر ، فجزيته بما حكم به على نفسه .

إلهي وأنا عبدك ابن عبدك ، وابن أمتك ، معترف لَكَ بالعُبوديّة ، مُقرّ

______________________

(١) غيرت ثيابي بالياء المثناة : أي بدلت ثيابي ولبست ثيابي الطاهرة المطهرة ، و غبرت ثيابي بالباء الموحدة : أي آثرت الغبار عنها .

٢٦٧
 &

بأنّك أنت الله خالقي لا إله لي غيرك ، ولا ربَّ لي سواك ، مُقرٌّ (١) بأنّك ربّي وإليك إيابي ، عالم بأنّك على كلِّ شيء قدير ، تفعلُ ما تشاء ، وتحكم ما تريد لا مُعقّب لحكمك ولا رادَّ لقضائك ، وأنّك الأوَّل والاٰخر والظاهر والباطن ، لم تكن من شيء ، ولم تَبن عن شيء ، كُنت قبل كلِّ شيء وأنت الكائن بعد كلِّ شيء ، والمكوِّنُ لكلِّ شيء ، خلقت كلَّ شيء بتقدير ، وأنت السميعُ البصير .

وأشهد أنّك كذلك كنت وتكون ، وأنت حيٌّ قيّوم لا تأخذك سنةٌ ولا نوم ولا توصف بالأوهام ولا تدرك بالحواس ، ولا تُقاس بالمقياس ، ولا تشبَّهُ بالناس ، و أنَّ الخلق كلّهُم عبيدك وإماؤك ، وأنت الربُّ ونحنُ المربوبون وأنت الخالق ونحنُ المخلوقون ، وأنت الرّازقُ ونحنُ المرزوقون .

فلك الحمدُ يا إلهي إذ خلقتني بشراً سويّاً ، وجعلتني غنيّاً مكفيّاً بعد ما كنت طفلاً صبيّاً تقوُتني من الثدي لبَناً مريئاً ، وغذَّيتني غَذاءً طيّباً هنيئاً وجعلتني ذكراً مثالاً سويّاً ، فلك الحمد حمداً إن عدَّ لم يحص ، وإن وضع لم يتّسع له شيء [ حمداً يفوق على جميع حمد الحامدين ويعلو على حمد كلِّ شيء ] (٢) ويفخم ويعظم على ذلك كلّه ، وكلّما حمد الله شيء .

والحمدُ لله كما يحبُّ الله أن يحمد ، والحمد لله عدد ما خلق ، وزنة ما خلق وزنة أجلّ ما خلق ، وبوزنة أخفّ ما خلق ، وبعدد أصغر ما خلق ، والحمد لله حتّى يرضى ربّنا وبعد الرضا ، وأسأله أن يصلّي على محمّد وآل محمّد ، [ وأن يغفر لي ربّي ] (٣) وأن يحمدَ لي أمري ويتوب عليَّ ، إنّه هو التّوّاب الرحيم .

إلهي وإنّي أنا أدعوك وأسألك باسمك الّذي دعاك به صفوتك أبونا آدم عليه‌السلام وهو مسيء ظالم حين أصاب الخطيئة فغَفرت له خطيئته وتُبت عليه واستجبت دعوته وكنت منه قريباً يا قريب أن تُصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تغفر لي خطيئتي ، وترضى عنّي ، فان لم ترض عنّي فاعفُ عنّي ، فانّي مُسيء ظالم خاطيء عاص ، وقد يعفو

______________________

(١) في المصدر : موقن بأنك أنت الله ربي .

(٢ و ٣) سقط عن الاصل .

٢٦٨
 &

السيّد عن عبده ، وليس براض عنه ، وأن ترضى عنّي خلقك ، وتميط عنّي حقَّك .

إلهي وأسئلك باسمك الّذي دعاك به إدريس فجعلتهُ صدِّيقاً نبيّاً ، ورفعته مكاناً عليّاً ، واستجبت دعاءهُ وكنت منه قريباً يا قريب أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تجعل مآبي إلى جنّتك ، ومحلّي في رحتمك ، وتُسكنني فيها بعفوك ، وتزوّجني من حورها بقدرتك يا قدير .

إلهي وأسألك باسمك الّذي دعاك به نوح إذ نادى ربّه وهو [ أنّى ] مغلوب فانتصر « فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ ، وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ، وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ » فاستجبت دعاءهُ وكنت منه قريباً يا قريب أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تُنجيني من ظلم من يريدُ ظلمي وتكفَّ عنّي شرَّ كلِّ سلطان جائر ، وعدوّ قاهر ، ومستخفِّ قادر ، وجبّار عنيدٍ وكلِّ شيطان مريد ، وإنسيّ شديد ، وكيد كلِّ مكيد ، يا حليمُ يا ودودُ .

إلهي وأسألك باسمك الّذي دعاك به عبدك ونبيّك صالح عليه‌السلام فنجّيته من الخسف وأعليته على عدوِّه ، واستجبت دعاءهُ وكنت منهُ قريباً يا قريب أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تخلّصني من شرِّ ما يريد بي أعدائي به ، ويبغى لي حُسّادي وتكفينيهم بكفايتك ، وتتولّاني بولايتك ، وتهدي قلبي بهداك ، وتؤيِّدني بتقواك وتبصّرني بما فيه رضاك ، وتغنيني بغناك يا حليم .

إلهي وأسألك باسمك الّذي دعاك به عبدك ونبيّك وخليلك إبراهيم عليه‌السلام حين أراد نمرود إلقاءه في النار ، فجعلت النار عليه برداً وسلاماً ، واستجبت دعاءه ، وكنت منهُ قريباً يا قريب أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تبرد عنّي حرَّ نارك ، وتُطفىء عنّي لهيبها ، وتكفيني حرَّها ، وتجعل نائرة أعدائي في شعارهم ودثارهم ، وتردُّ كيدهم في نحرهم ، وتبارك لي فيما أعطيتنيه ، كما باركت عليه وعلى آله ، إنّك أنت الوهّاب الحميدُ المجيد .

إلهي وأسئلك بالاسم الّذي دعاك به إسماعيل عليه‌السلام فجعلتهُ نبيّاً ورسولاً وجعلت لهُ حرمك منسكاً ، ومسكناً ومأوى ، واستجبت له دعاءهُ رحمةً منك وكنت

٢٦٩
 &

منه قريباً يا قريب أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تفسح لي في قبري ، وتحطَّ عنّي وزري ، وتشدَّ لي أزري ، وتغفر لي ذنبي ، وترزقني التوبة بحطِّ السيّئات ، وتضاعف الحسنات ، وكشف البليّات ، وربح التجارات ، ودفع معرَّة السعايات ، إنّك مجيب الدعوات ، ومنزل البركات ، وقاضي الحاجات ، ومعطي الخيرات ، وجبَّار السموات .

إلهي وأسألك بما سألك به ابن خليلك الّذي نجّيتهُ من الذّبح ، وفديتهُ بذبح عظيم ، وقلبت لهُ المِشقص حتّى ناجاك موقناً بذبحه ، راضياً بأمر والده ، و استجبت له دعاءه ، وكنت منهُ قريباً يا قريب أن تُصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تنجيني من كلِّ سوء وبليَّة ، وتصرف عنّي كلَّ ظلمة وخيمة ، وتكفيني ما أهمّني من اُمور دنياي وآخرتي وما اُحاذره وأخشاه ، ومن شرِّ خلقك أجمعين بحقّ آل يس .

إلهي وأسئلك باسمك الّذي دعاك به لوط فنجّيتهُ [ وأهله من الخسف والهدم والمُثل والشدَّة والجهد وأخرجته ] (١) وأهله من الكرب العظيم واستجبت دعاءهُ وكنت منهُ قريباً يا قريب أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن [ تأذن بجمع ما شتّت من شملي ، وتقرَّ عيني بولدي وأهلي ومالي ، وتصلح لي اُموري ، وتبارك لي في جميع أحوالي ، وتبلغني في نفسي آمالي و ] (٢) تُجيرني من النار وتكفيني شرَّ الأشرار بالمصطفين الأخيار [ الأئمّة الأبرار ونور الأنوار محمّد وآله الطيّبين الطاهرين الأخيار ] الأئمّة المهديّين ، والصّفوة المنتجبين ، صلوات الله عليهم أجمعين ، وترزقني مجالستهم ، وتمنُّ عليَّ بمرافقتهم ، وتوفّق لي صحبتهم مع أنبيائك المرسلين ، و ملائكتك المقرَّبين ، وعبادك الصالحين ، وأهل طاعتك أجمعين ، وحملة عرشك والكرّوبيّين .

إلهي وأسألك باسمك الّذي سألك به يعقوب ، وقد كفَّ بصرهُ ، وشتّت

______________________

(١) ساقط عن الاصل .

(٢) لا يوجد في المصدر وهو الظاهر كما سيأتي في ذكر يعقوب عليه‌ السلام .

٢٧٠
 &

جمعهُ ، وفقد قرّةُ عينه ابنهُ ، فاستجبت له دعاءهُ وجمعت شملهُ وأقررت عينه وكشفت ضرَّه وكنت منهُ قريباً يا قريب أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تأذن لي بجمع ما تبدَّد من أمري ، وتقرَّ عيني بولدي وأهلي ومالي ، وتُصلح لي شأني كلّه وتبارك لي في جميع أحوالي ، وتبلّغني في نفسي آمالي وتُصلح لي أفعالي ، وتمنَّ عليَّ يا كريم ، يا ذا المعالي ، برحمتك يا أرحم الراحمين .

إلهي وأسئلك باسمك الّذي دعاك به عبدُك ونبيُّك يوسف عليه ‌السلام فنجّيته من غيابت الجبّ ، وكشفت ضرّه ، وكفيتهُ ، كيد إخوته ، وجعلتهُ بعد العبوديّة ملكاً ، واستجبت دعاءهُ وكنت منه قريباً يا قريب أن تُصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تدفع عنّي كيد كلِّ كائد ، وشرَّ كلِّ حاسد ، إنّك على كلِّ شيء قدير .

إلهي وأسألك باسمك الذي دعاك به عبدُك ونبيّك موسى بن عمران إذ قلت تباركت وتعاليت « وناديناهُ من جانب الطور الأيمن وقرَّبناه نجيّاً » وضربت له طريقاً في البحر يبساً ، ونجَّيته ومن تبعه من بني إسرائيل وأغرقت فرعون وهامان وجنودهما واستجبت له دعاءه ، وكنت منه قريباً يا قريب أسئلك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تعيذني من شرِّ خلقك ، وتقرِّبني من عفوك ، وتنشر عليَّ من فضلك ما تغنيني به عن جميع خلقك ، ويكون لي بلاغاً أنال به مغفرتك ورضوانك يا وليّي ووليَّ المؤمنين .

إلهي وأسئلك بالاسم الّذي دعاك به عبدك ونبيّك داود فاستجبت له دعاءه وسخّرت له الجبال يسبّحن معه بالعشيّ والابكار ، والطير محشورة كلٌّ له أوّاب وشددت ملكه وآتيته الحكمة وفصل الخطاب ، وألنت له الحديد ، وعلّمته صنعة لبوس لهم ، وغفرت ذنبه ، وكنت منه قريباً يا قريب أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تسخّر لي جميع اُموري ، وتسهّل لي تقديري ، وترزقني مغفرتك وعبادتك وتدفع عنّي ظلم الظالمين ، وكيد المعاندين ، ومكر الماكرين ، وسطوات الفراعنة الجبّارين ، وحسد الحاسدين ، يا أمان الخائفين ، وجار المستجيرين ، وثقة [ الواثقين وذريعة ] المؤمنين ورجاء المتوكّلين ، ومعتمد الصالحين يا أرحم الراحمين .

٢٧١
 &

إلهي وأسألك اللّهمَّ بالاسم الّذي سألك به عبدك ونبيّك سليمان بن داود عليهما‌السلام إذ قال ربّ هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنّك أنت الوهاب ، فاستجبت له دعاءه وأطعت له الخلق ، وحملته على الريح ، وعلّمته منطق الطّير ، وسخّرت له الشياطين من كلِّ بنّاء وغوّاص ، وآخرين مقرَّنين في الأصفاد ، هذا عطاؤك لا عطاء غيرك ، وكنت منه قريباً يا قريب أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تهدي لي قلبي وتجمع لي لبّي (١) وتكفيني همّي ، وتؤمن خوفي ، وتفكَّ أسري وتشدَّ أزري ، وتمهّلني وتنفّسني وتستجيب دعائي ، وتسمع ندائي ، ولا تجعل في النّار مأواي ، ولا الدُّنيا أكبر همِّي ، وأن توسّع عليّ رزقي ، وتحسّن خلقي وتعتق رقبتي ، فانّك سيّدي ومولاي ومؤمّلي .

إلهي وأسئك اللهمَّ باسمك الّذي دعاك به أيّوب لمّا حلّ به البلاء بعد الصّحة ونزل السقم منه منزل العافية ، والضيق بعد السعة ، فكشفت ضرّه ، ورددت عليه أهله ومثلهم معهم ، حين ناداك داعياً لك راغباً إليك راجياً لفضلك ، شاكياً إليك « ربِّ إنّي مسّني الضرُّ وأنت أرحم الراحمين » فاستجبت له دعاءه ، وكشفت ضرَّه ، وكنت منه قريباً يا قريب أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تكشف ضرّي ، وتعافيني في نفسي وأهلي ومالي وولدي وإخواني فيك عافية باقية شافية كافية وافرة هادية نامية مستغنية عن الأطبّاء والأدوية ، وتجعلها شعاري ودثاري وتمتّعني بسمعي وبصري ، وتجعلهما الوارثين منّي إنّك على كلِّ شيء قدير .

إلهي وأسئلك باسمك الّذي دعاك به يونس بن متّى في بطن الحوت ، حين ناداك في ظلمات ثلاث : أن « لا إله إلّا أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين وأنت أرحم الراحمين » فاستجبت له دعاءه ، وأنبتَّ عليه شجرة من يقطين ، وأرسلته إلى مائة ألف أو يزيدون ، وكنت منه قريباً يا قريب أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تستجيب دعائي ، وتداركني بعفوك ، فقد غرقت في بحر الظلم لنفسي ، وركبتني مظالم كثيرة لخلقك عليَّ ، وصلّ على محمّد وآل محمد ، واسترني منهم وأعتقني من النّار ، و

______________________

(١) شملي خ ل .

٢٧٢
 &

اجعلني من عتقائك وطلقائك من النّار في مقامي هذا بمنّك يا منّان .

إلهي وأسئلك باسمك الّذي دعاك به عبدك ونبيّك عيسى بن مريم إذ أيّدته بروح القدس وأنطقته في المهد ، فأحيا به الموتى وأبرء به الأكمه والأبرص باذنك وخلق من الطين كهيئة الطّير فصار طائراً باذنك ، وكنت منه قريباً يا قريب أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تفرِّغني لما خلقت له ، ولا تشغلني بما تكفّلته لي ، وتجعلني من عبادك وزهّادك في الدُنيا [ و ] ممّن خلقته للعافية وهنّأته بها مع كرامتك يا كريم يا عليُّ يا عظيم .

إلهي وأسئلك باسمك الذي دعاك به آصف بن برخيا على عرش ملكة سباء فكان أقلَّ من لحظة الطرف حتّى كان مصوَّراً بين يديه ، فلمّا رأته قيل أهكذا عرشك ؟ قالت كأنّه هو فاستجبت دعاءه وكنت منه قريباً يا قريب أن تصلّي على محمد وآل محمّد وأن تكفّر عنّي سيّآتي ، وتقبّل منّي حسناتي ، وتقبل توبتي وتتوب عليَّ وتغنى فقري ، وتجبر كسري ، وتحيى فؤادي بذكرك ، وتحييى في عافية وتميتني في عافية .

إلهي وأسئلك بالاسم الذي دعاك به عبدك ونبيّك زكريا حين سألك داعياً راجياً لفضلك ، فقام في المحراب ينادي نداء خفيّاً ، فقال « ربِّ هب لي من لدنك وليّا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله ربِّ رضيّاً » فوهبت له يحيى واستجبت له دعاءه وكنت منه قريبا يا قريب أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تبقى لي أولادي وأن تمتّعني بهم ، وتجعلني وإيّاهم مؤمنين لك ، راغبين في ثوابك ، خائفين من عقابك ، راجين لما عندك ، آيسينَ ممّا عند غيرك ، حتّى تحيينا حياةً طيّبة وتميتنا ميتةً طيّبةً ، إنّك فعّالٌ لما تريد .

إلهي وأسئلك بالاسم الذي سألتك به امرأةُ فرعون إذ قالت : « ربّ ابن لي عندك بيتاً في الجنّة ونجّني من فرعون وعمله ونجّني من القوم الظالمين » فاستجبت لها دعاءها وكنت منها قريباً يا قريب أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تقرَّ عيني بالنظر إلى جنّتك وأوليائك وتفرّحني بمحمّد وآله وتونسني به وبآله وبمصاحبتهم

٢٧٣
 &

ومرافقتهم ، وتمكّن لي فيها وتنجّيني من النار ، وما اُعدَّ لأهلها من السلاسل والأغلال والشدائد والأنكال ، وأنواع العذاب بعفوك .

إلهي وأسألك باسمك الّذي دعتك عبدتك وصدِّيقتك مريم البتول ، واُمّ المسيح الرَّسول عليهما‌السلام إذ قلت « وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ » فاستجبت دُعاءها وكنت منها قريباً يا قريب أن تُصلّي على محمّدٍ وآل محمّد وأن تُحصّنني بحصنك الحصين وتحجُبني بحجابك المنيع ، وتحرزني بحرزك الوثيق وتكفيني بكفايتك الكافية من شرِّ كلِّ طاغ ، وظلم كلِّ باغ ، ومكر كلِّ ماكر ، وغَدر كلِّ غادر ، وسحر كلِّ ساحر ، وجور كلِّ سلطان فاجر ، بمنعك يا منيع .

إلهي وأسئلك بالاسم الّذي دعاك به عبدك ونبيّك وصفيّك ، وخيرتك من خلقك وأمينك على وحيك ، وبعيثك إلى بريّتك ، ورسولك إلى خلقك محمّد خاصّتك وخالصتُك صلّى ‌الله ‌عليه ‌وآله وسلّم ، فاستجبت دعاءه وأيّدتهُ بجنود لم يروها وجعلت كلمتك العُليا ، وكلمة الّذين كفروا السفلى ، وكنت منهُ قريباً يا قريب أن تُصلّي على محمّد وآل محمّد صلاةً زاكيةً طيّبة ناميةً باقية مُباركةً كما صلّيت على أبيهم إبراهيم وآل إبراهيم ، وبارك عليهم كما باركت عليهم ، وسلّم عليهم كما سلّمت عليهم ، وزدهم فوق ذلك كلّه زياده من عندك ، واخلطني بهم ، واجعلني منهم ، و احشرني معهم ، وفي زمرتهم ، حتّى تُسقيني من حوضهم ، وتُدخلني في جُملتهم وتجمعني وإيّاهم وتقرّ عيني بهم وتعطيني سؤلي ، وتُبلّغني آمالي في ديني ودُنياي وآخرتي ، ومحياي ومماتي ، وتُبلّغهم سلامي ، وتردَّ عليَّ منهم السلام ، وعليهم السلام ورحمة الله وبركاتهُ .

إلهي أنت الّذي تُنادي في أنصاف كلِّ ليلة : هل من سائل فاُعطيه ؟ أم هل من داع فاُجيبهُ أم هَل من مستغفر فأغفر له ؟ أم هَل من راج فاُبلّغه رجاءه ؟ أم هَل من مؤمّل فاُبلّغه أمله ؟ ها أنا سائلك بفنائك ومسكينك ببابك ، وضعيفك ببابك ، وفقيرك ببابك ، ومؤمّلك بفنائك أسئلك نائلك ، وأرجو رحمتك ، واُؤمّل

٢٧٤
 &

عفوك ، وألتَمسُ غفرانك .

فصلِّ على محمّدٍ وآل محمّد وأعطني سؤلي ، وبلّغني أملي ، واجبُر فقري ، وارحم عصياني ، واعف عن ذنوبي ، وفكّ رقبتي من مظالم لعبادك ركبتني ، وقوّ ضعفي وأعزَّ مسكنتي ، وثبّت وطأتي ، واغفر جُرمي ، وأنعم بالي ، وأكثر من الحلال مالي ، وخر لي في جميع اُموري وأفعالي ، ورضّني بها وارحمني ووالديَّ وما ولدا من المؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمُسلمات ، الأحياء منهم والأموات ، إنّك سميعُ الدعوات وألهمني من برّهما ما أستحقُّ به ثوابك والجنّة ، وتقبَّل حسناتهما واغفر سيّئاتهما واجزهما بأحسن ما فعلا بي ثوابك والجنّة .

إلهي وقد علمت يقيناً أنّك لا تأمر بالظلم ولا ترضاه ، ولا تميل إليه ولا تهواهُ ولا تحبّه ولا تغشاه ، وتعلم ما فيه هؤلاء القوم من ظلم عبادك وبغيهم علينا ، وتعدّيهم بغير حقّ ولا معروف ، بل ظلماً وعدواناً ، وزوراً وبُهتاناً ، فان كنت جعلت لهم مدَّة لا بدّ من بلوغها أو كتبت لهم آجالاً ينالونها ، فقد قلت وقولك الحقّ ووعدك الصدق « يَمْحُو اللَّـهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ » فأنا أسئلك بكلّ ما سألك به أنبياؤك ورُسلك وأسألك بما سألك به عبادك الصالحون ، وملائكتك المقرَّبون ، أن تمحو من اُمّ الكتاب ذلك ، وتكتب لهم الاضمحلال والمحق ، حتّى تقرِّب آجالهم وتقضى مدَّتهم وتُذهب أيّامهم ، وتبتر أعمارهم ، وتُهلك فجّارهم ، وتُسلّط بعضهم على بعض ، حتّى لا تُبقى منهم أحداً ، ولا تُنجي منهم أحداً ، وتفرّق جُموعهم وتكلّ سلاحهم ، وتُبدّد شَملهُم ، وتقطع آجالهُم ، وتُقصّر أعمارهم ، وتزلزل أقدامهم وتطهّر بلادك منهم ، وتظهر عبادك عليهم ، فقد غيّروا سنّتك ، ونقَضوا عهدك وهتكوا حريمك ، وأتوا ما نهيتهم عنه ، وعَتوا عُتوّاً كبيراً ، وضلّوا ضلالا بعيداً .

فصلِّ على محمّدٍ وآل محمّد وآذن لجمعهم بالشتات ، ولحيّهم بالممات ، ولأزواجهم بالنّهبات ، وخلّص عبادك من ظُلمهم ، واقبض أيديهم عن هَضمهم ، وطهّر أرضك منهم ، وآذن بحصد نباتهم ، واستئصال شأفتهم ، وشتات شملهم ، وهَدم بنيانهم يا ذا الجلال والاكرام .

٢٧٥
 &

وأسئلك يا إلهي وإله كلِّ شيء وربّي وربَّ كلِّ شيءٍ وأدعوك بما دعاك به عبداك ورسولاك ونبيّاك وصفيّاك موسى وهارون عليهما‌السلام حين قالا داعيين لك راجيين لفضلك « رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ » فمننت وأنعمت عليهما بالإجابة لهما إلى أن قرعت سمعهما بأمرك اللّهمَّ ربِّ « قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ » أن تُصلّي على محمّدٍ وآل محمّد وأن تَطمس على أموال هؤلاء الظلمة ، وأن تشدد على قلوبهم ، وأن تخسف بهم برَّك ، وأن تغرقهم في بحرك ، فانَّ السموات والأرض وما فيهما لك ، وأر الخلق قدرتك فيهم ، وبطشك عليهم ، فافعل ذلك بهم ، وعجّل ذلك لهم يا خير من سئل وخير من دعى ، وخير من تذلّلت له الوجوه ، ورفعت إليه الأيدي ودعى بالألسن ، وشخصت إليه الأبصار وأمّت إليه القلوب ونقلت إليه الأقدام وتُحوكم إليه في الأعمال .

إلهي وأنا عَبدك أسألك من أسمائك بأبهاها ، وكلّ أسمائك بهيّ ، بل أسألك بأسمائك كلّها أن تصلّي على محمّدٍ وآل محمّد ، وأن تركسهم على اُمّ رؤوسهم في زبيتهم ، وتُرديهم في مهوى حُفرتهم ، وارمهم بحجرهم ، وذكّهم بمشاقصهم واكببهم على مناخرهم ، واخنقهم بوترهم ، وازدد كيدهم في نُحورهم ، وأوبقهم بندامتهم ، حتّى يستخذلوا ويتضاءلوا بعد نخوتهم ، وينقمعوا ويخشعوا بعد استطالتهم أذلّاء مأسورين في ربق حبائلهم الّتي كانوا يؤمّلون أن يَرونا فيها ، وتُرينا قدرتك فيهم ، وسلطانك عليهم ، وتأخذهم أخذ القُرى وهي ظالمة إنَّ أخذك الأليم الشديد أخذ عزيز مُقتدر ، فإنّك عزيز مُقتدرٌ شديد العقاب شديد المحال .

اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد وعجّل إيرادهم عذابك الّذي أعددته للظالمين من أمثالهم ، والطاغين من نظرائهم ، وارفع حلمك عنهم واحلل عليهم غضبك الّذي لا يقوم له شيء وأمر في تعجيل ذلك بأمرك الّذي لا يُردُّ ولا يؤخّر ، فانّك شاهد كلِّ نجوى وعالم كلِّ فحوى ، ولا تخفى عليك من أعمالهم خافية ، ولا يذهب

٢٧٦
 &

عنك من أعمالهم خائنة ، وأنت علّام الغيوب ، عالم ما في الضمائر والقلوب .

اللّهمَّ وأسئلك ، واُناديك بما ناداك به سيّدي وسألك به نوح إذ قلت تباركت وتعاليت « وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ » أجل اللّهمَّ يا ربِّ أنت نعم المجيبُ ونعم المدعُوّ ، ونعم المسؤل ، ونعم المُعطي ، أنت الّذي لا تُخيّبُ سائلك ، ولا تملّ دعاء من أمّلك ، ولا تتبرّم بكثرة حوائجهم إليك ، ولا بقضائها لهم ، فانَّ قضاء حوائج جميع خلقك إليك في أسرع لحظ من لمح الطّرف ، وأخفّ عليك وأهون من جناح بعوضهٍ .

وحاجتي يا سيدي ومولاي ومُعتمدي ورجائي أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تغفر لي ذنبي ، فقد جئتك ثقيل الظهر بعظيم ما بارزتك به من سيّئاتي ، وركبني من مظالم عبادك ما لا يكفيني ولا يُخلّصني منه غيرك ، ولا يقدر عليه ولا يملكه سواك فامحُ يا سيدي كثرة سيّئاتي بيسير عبراتي ، بل بقساوة قلبي وجمود عيني ، لا بل برحمتك الّتي وسعَت كلَّ شيءِ ، وأنا شيء فلتسعني رحمتك ، يا رحمانُ يا رحيم يا أرحم الراحمين ، لا تمتحنّي في هذه الدُّنيا بشيء من المحن ، ولا تُسلّط عليَّ من لا يرحمني ، ولا تهلكني بذنوبي ، وعجّل خلاصي من كلّ مكروه ، وادفع عنّي كلَّ ظلم ، ولا تَهتك ستري ، ولا تفضحني يوم جمعك الخلائق للحساب ، يا جزيل العطاء والثواب .

أسئلك أن تُصلّي على محمّدٍ وآل محمّد وأن تُحييني حياة السعداء ، وتُميتني ميتة الشهداء ، وتقبلني قبول الأودّاء ، وتحفظني في هذه الدُّنيا الدَّنيّة من شرِّ سلاطينها وفجّارها ، وشرارها ، ومُحبّيها ، والعاملين لها فيها ، وقني شرَّ طغاتها وحسّادها ، وباغي الشّرك فيها حتّى تكفيني مكر المكرة ، وتقفأ عنّي أعين الكفرة وتُفحم عنّي ألسن الفجرة ، وتَقبض لي على أيدي الظلمة وتؤمن لي كيدهم ، وتميتهم بغيظهم ، وتشغلهُم بأسماعهم وأبصارهم وأفئدتهم ، وتجعلني من ذلك كلّه في أمنك وأمانك وحرزك وسلطانك وحجابك ، وكنفك وعياذك وجارك ، إنَّ وليّي اللهُ الّذي نزّل الكتاب وهو يتولّى الصالحين .

٢٧٧
 &

اللهمَّ بك أعوذُ وبكَ ألوذُ ، ولك أعبدُ وإيّاك أرجو وبك أستعين ، وبكَ أستكفي ، وبك أستغيثُ ، وبك أستقدر ، ومنك أسأل أن تصلّي على محمّدٍ وآل محمّد ولا تردَّني إلّا بذنب مغفور وسعي مشكور ، وتجارةٍ لن تبور ، وأن تفعل بي ما أنت أهلهُ ولا تفعل بي ما أنا أهله ، فانّك أهل التقوى وأهل المغفرة ، وأهل الفضل والرَّحمة .

إلهي وقد أطلتُ دعائي ، وأكثرت خطابي ، وضيق صدري حداني على ذلك كلّه ، وحملني عليه علماً منّي بأنّه يجزيك منهُ قدر الملح في العجين بل يكفيك عزم إرادةٍ ، وأن يقول العبدُ بنيّة صادقةٍ ولسان صادق « يا ربّ » فتكون عند ظنّ عبدك بك ، وقد ناجاك بعزم الإرادة قلبي ، فأسئلك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تقرن دعائي بالإجابة منك ، وتبلّغني ما أمّلته فيك منّةً منك وطولاً وقوَّة وحولاً ولا تقيمني من مقامي هذا إلّا بقضائك جميع ما سألتك ، فانّهُ عليك يسير ، وخطره عندي جليل كثير ، وأنت عليه قدير ، يا سميع يا بصير .

إلهي وهذا مقام العائذ بك من النّار ، والهارب منك إليك من ذنوب تهجّمته وعيوب فضحتهُ فصلِّ على محمّدٍ وآل محمّد وانظر إليَّ نظرة رحمة أفوز بها إلى جنّتك واعطف عليّ عطفةً أنجو بها من عقابك ، فانَّ الجنّة والنّار لك وبيَدك ، ومفاتيحهما ومغاليقهما إليك ، وأنت على ذلك قادرٌ ، وهو عليك هيّن يسير ، وافعل بي ما سألتك يا قدير ، ولا حول ولا قوَّة إلّا بالله العليّ العظيم ، وحسبُنا اللهُ ونعم الوكيل .

قال عليُّ بن حمّاد : أخذت هذا الدُّعاء من أبي الحسن بن عليّ العلويّ العريضيّ واشترط عليَّ أن لا أبذله لمخالف ولا اُعطيه إلّا لمن أعلم مذهبه ، وأنّه من أولياء آل محمّد عليهم‌السلام ، وكان عندي أدعو به وإخواني ثمَّ قدم عليَّ إلى البصرة بعض قضاة الأهواز ، كان مخالفاً وله عليّ أياد ، وكنت أحتاج إليه في بلده ، وأنزل عليه فقبض عليه السلطان فصادر وأخذ حظّه بعشرين ألف درهم ، فرققت له ورحمته ودفعت إليه هذا الدعاء ، فدعا به فما استتمَّ اُسبوعاً حتّى أطلقه السلطان ابتداءً ولم يلزم شيئاً ممّا أخذ به حظّه ، وردَّه إلى بلده مكرَّماً ، وشيّعتهُ إلى الاُبلّة (١)

______________________

(١) الابلة ـ كعتلة ـ موضع بالبصرة ، أحد جنان الدنيا ، قاله الفيروزآبادي ..

٢٧٨
 &

وعدت إلى البصرة .

فلمّا كان بعد أيّام طلبت الدُّعاء فلم أجده ، وفتّشت كتبي كلّها فلم أر له أثراً فطلبته من أبي المختار الحسينى وكانت عنده نسخة بها ، فلم يجده في كتبه ، فلم نزل نطلبه في كتبنا فلا نجده عشرين سنة فعلمت أنَّ ذلك عقوبة من الله جلَّ وعزَّ لما بذلته لمخالف ، فلما كان بعد العشرين سنة ، وجدناه في كتبنا وقد فتّشناها مراراً لا تحصى ، فآليت على نفسي ألّا اُعطيه إلّا لمن أثق بدينه ممّن يعتقد ولاية آل الرسول صلّى الله عليه وعليهم ، بعد أن آخذ عليه العهد ألّا يبذله إلّا لمن يستحقّه وبالله نستعين وعليه نتوكّل (١) .

١٠٨

* باب *

* « ( أدعية رفع الهموم والاحزان والمخاوف ) » *

* « ( وكشف الشدائد وما يناسب ذلك وهو ) » *

* « ( قريب من الباب السابق ) » *

١ ـ دعوات الراوندي : قال النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أصاب أحداً همٌّ ولا حزن فقال : « اللّهمَّ إنّي عبدك وابن عبدك ، وابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض فيَّ حكمك عدل فيَّ قضاؤك ، أسئلك بكلِّ اسم سمّيت به نفسك ، وأنزلته في كتابك ، أو علّمته أحداً من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همّي » إلّا أذهب الله همّه ، وأنزل مكانه فرحاً .

وعن زين العابدين عليه‌السلام قال : دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على نفر من أهله ، فقال : ألا اُحدِّثكم بما يكون لكم خيراً من الدُّنيا والاٰخرة ؟ وإذا كربتم واغتممتم دعوتم الله عزَّ وجلَّ ففرَّج عنكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : قولوا « الله الله الله

______________________

(١) مهج الدعوات ص ٣٤٧ ـ ٣٦٦ .

٢٧٩
 &

ربّنا ربّنا لا نشرك به شيئاً » ثمَّ ادعوا بما بدا لكم .

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : الأحزان أسقام القلوب ، كما أنَّ الأمراض أسقام الأبدان ، فمن أصابه حزن أو بلاء فليقل « اللّهمَّ إنّي أسئلك يا مفجّر الأنهار ومطعم الثمار ، يا من تسبّح له ظلمة الليل وضوء النّهار ، وما على الأرض وقعر البحار ، افتح لنا في هذه الساعة ، وسهّل لنا صالح الأسباب ويسر لنا التوبة ، يا توّاب وصلِّ على محمّد وآله ، يا سميع يا وهّاب » .

وقال عليه‌السلام إذا توالت الهموم فعليك بلا حول ولا قوَّة إلّا بالله .

٢ ـ الدر المنثور : عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أصابه همٌّ أو حزن فليقل « اللّهمَّ إنّي عبدك وابن عبدك وابن أمتك ، ناصيتي في يدك ، ماض فيَّ حكمك ، عدل فيَّ قضاؤك ، أسئلك بكلِّ اسم هو لك ، سمّيت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علّمته أحداً من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري ، وذهاب همّي ، وجلاء حزني » . قال رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله : ما قالهنَّ مهموم قطُّ إلّا أذهب الله همّه ، وأبدله بهمّه فرحاً قالوا : يا رسول الله ، أفلا نتعلّم هذه الكلمات ؟ قال : فتعلّموهنَّ ، وعلّموهنَّ (١) .

٣ ـ مهج : عليُّ بن عبد الصمد قال : أخبرني الإمام جدِّي والشيخ أبو بكر عثمان بن إسماعيل بن أحمد الحاجي والإمام أحمد بن عليّ بن أبي صالح المقريّ قراءة عليهم ، عن أبي بكر عبد الغفّار بن محمّد ، عن الحسن بن محمّد الدربندي ، عن عبد الرَّحمان بن عثمان الدمشقي ، عن أبي بكر محمّد بن صالح بن الخلف الحوراني عن أبيه ، عن موسى بن إبراهيم ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن جدِّه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ : يا عليُّ إذا هالك أمر أو نزلت بك شدَّة فقل : « اللّهمَّ إنّي أسئلك بحقِّ محمّد وآل محمّد أن تُصَلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تنجيني من هذا الغمّ » (٢) .

______________________

(١) الدر المنثور ج ٣ ص ١٤٩ .

(٢) مهج الدعوات ص ٤ ـ ٥ .

٢٨٠