بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٨٦
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

ما هذه الجلبة ؟ قلنا : عروس ، فما لبثنا أن سمعنا صيحة ، فقال : ما هذا ؟ فقالوا : ذهبت العروس لتغترف ماء فوقع منها سوار من ذهب فصاحت ، فقال : احبسوا وقولوا لملّاحهم تحبس ، فحبسنا وحبس ملّاحهم ، فاتّكأ على السفينة ، وهمس قليلاً وقال : قولوا لملّاحهم يتّزر بفوطة وينزل فيتناول السوار ، فنظرنا فاذا السّوار على وجه الأرض ، وإذا ماء قليل ، فنزل الملّاح ، فأخذ السوار ، فقال : أعطها وقل لها : فلتحمد الله ربّها ، ثمَّ سرنا .

فقال له أخوه إسحاق : جعلت فداك الدُّعاء الّذي دعوت به علّمنيه قال : نعم ولا تعلّمه من ليس له بأهل ولا تعلّمه إلّا من كان من شيعتنا ، ثمَّ قال : اكتب فأملأ عليَّ إنشاء :

« يا سابق كلِّ فوت ، يا سامعاً لكلِّ صوت قويّ أو خفيّ ، يا محيي النفوس بعد الموت ، لا تغشاك الظلمات الحندسيّة (١) ، ولا تشابه عليك اللّغات المختلفة ولا يشغلك شيء عن شيء ، يا من لا يشغله دعوة داع دعاه من السماء ، يا من له عند كلِّ شيء من خلقه سمع سامع ، وبصر نافذ ، يا من لا تغلّطه كثرة المسائل ، ولا يبرمه إلحاح الملحّين ، يا حيُّ حين لا حيَّ في ديمومة ملكه وبقائه ، يا من سكن العلى واحتجب عن خلقه بنوره ، ما من أشرقت لنوره دجى الظلم ، أسئلك باسمك الواحد الأحد الفرد الصمد الّذي هو من جميع أركانك صلِّ على محمّد وأهل بيته » ثمَّ سل حاجتك (٢) .

١٤ ـ تم : روى أبو محمّد الحسن بن محمّد المقريّ ، عن محمّد بن أحمد المنصوريّ عن عمِّ أبيه موسى بن عيسى بن أحمد ، عن الامام أبي الحسن عليِّ بن محمّد عليه‌السلام صاحب العسكر ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : من قدَّم هذا الدُّعاء أمام دعائه استجيب له قال : وحدَّثَناه مرَّة اُخرى ، فقال : حدَّثني عمّي ، عن يزيد بن داود ، عن إبراهيم بن عبد الله الكجيّ ، عن عاصم النبيل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : من أحبَّ أن لا يردُّ

______________________

(١) الحندس : ظلمة الليل واشتداد سواده .

(٢) كشف الغمة ج ٣ ص ٤٣ .

١٦١
 &

دعاؤه فليقدِّم هذا الدُّعاء أمام دعائه ، وهو « ما شاء الله توجّهاً إلى الله ، ما شاء الله تعبّداً لله ، ما شاء الله تلطّفاً لله ، ما شاء الله تذلّلاً لله ، ما شاء الله استنصاراً بالله ، ما شاء الله استكانة لله ، ما شاء الله تضرُّعاً إلى الله ، ما شاء الله استعانة بالله ، ما شاء الله استغاثة بالله ما شاء الله لا حول ولا قوَّة إلّا بالله العليّ العظيم (١) .

١٥ ـ ق : روى محمّد بن أحمد بن عبد الله المنصوريّ ، عن عمّه ، عن أبيه قال : قلت لسيّدنا أبي الحسن عليّ صاحب العسكر عليه‌السلام علّمني دعاء وخصّني به ، فقال : قل : يا با موسى « يا عُدَّتي دون العدد ، يا رجائي والمعتمد ، ويا كهفي والسّند ويا : واحد يا أحد ، يا من هو الله أحد ، أسئلك بحقّ من خلقته من خلقك ، ولم تجعل في خلقك مثلهم أحداً ، أن تصلّي على جماعتهم ، وتفعل بي كذا وكذا .... » فانّي قد سألت الله سبحانه أن لا يخيّب من دعا به .

١٦ ـ ما : أحمد بن عبدون ، عن عليِّ بن محمّد بن محمّد بن الزبير ، عن عليِّ بن الحسن بن فضّال ، عن العبّاس بن عامر ، عن أحمد بن رزق ، عن يحيى بن العلا عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال لي : ادع بهذا الدُّعاء وأنا ضامن لك حاجتك على الله « اللّهمَّ أنت وليُّ نعمتي ، وأنت القادر على طلبتي قد تعلم حاجتي فأسألك بحقِّ محمّد وآل محمّد لمّا قضيتها » (٢) .

١٧ ـ دعوات الراوندي : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : من قرأ مائة آية من القرآن من أيِّ القرآن شاء ، ثمَّ قال : يا الله سبع مرّات ، فلو دعا على الصخرة لقلعها (٣) إنشاء الله .

وعن الرضا عليه‌السلام قال : اغتممت في بعض الاُمور فأتاني أبو جعفر عليه‌السلام فقال : يا بُنيّ ادع الله وأكثر من « يا رؤف يا رحيم » .

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : من قال : « يا من يفعل ما يشاء ولا يفعل ما يشاء أحد غيره » ثلاث مرّات استجيب له ، وهو الدُّعاء الّذي لا يردُّ ، وإنَّ من أوجه الدُّعاء

______________________

(١) فلاح السائل ٩٧ .

(٢) أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٨٩ .

(٣) لفلقها خ .

١٦٢
 &

وأبلغه أن يقول : « يا الله الّذي ليس كمثله شيء صلِّ على محمّد وأهل بيته وافعل بي كذا وكذا » وكان أبي عبد الله عليه‌السلام يخزن هذا الدُّعاء ويخبأه ولا يطّلع عليه أحداً « أعوذ بدرع الله الحصينة الّتي لا ترام ، وأعوذ بجمع الله من كذا وكذا » وقولوا : كلمات الفرج .

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : إنَّ من ألحَّ الدُّعاء أن يقول العبد : ما شاء الله . وإنَّ من أجمع الدُّعاء أن يقول العبد : الاستغفار ، وسيّد كلام الأوَّلين والاٰخرين « لا إله إلّا الله » .

وقدم رجل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله هل من دعاء لا يردُّ ؟ قال : نعم ، « اللّهمَّ إنّي أسئلك باسمك الأعلى الأجلّ الأعظم » ردِّدها ثمَّ سل حاجتك .

وعن الثماليّ قال : قلت لعليِّ بن الحسين عليهما‌السلام : علّمني دعاء فقال : يا ثابت قل : « اللّهمَّ إنّي أسئلك بأنَّ لك الحمد لا إله إلّا أنت المنّان بديع السّموات والأرض ذو الجلال والاكرام أن تفعل بي كذا وكذا » ثمَّ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : هو الّذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى .

وعن النّبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : دفع إليَّ جبرئيل عن الله تبارك وتعالى هذه المناجات لطلب الحاجة « اللّهمَّ جدير من أمرته بالدُّعاء أن يدعوك ومن وعدته بالاستجابة أن يرجوك ، ولي اللّهمَّ حاجة قد عجزت عنها حيلتي ، وكلّت منها طاقتي ، وضعفت عن مرامها قوَّتي ، وسوَّلت لي نفسي الأمّارة بالسوء وعدوِّي الغَرور الّذي أنا منه ومنها مبلوٌّ ، أن أرغب إلى ضعيف مثلي ومن هو في النكول شكلي حتّى تداركتني رحمتك ، وبادرتني بالتوفيق رأفتك ، ورددت عليَّ عقلي بتطلوُّلك ، وألهمتني رشدي بتفضّلك ، وأجليت بالرجاء لك قلبي ، وأزلت خدعة عدوِّي عن لبّي ، وصحّحت في التأمّل فكري ، وشرحت بالرَّجاء لاسعافك صدري ، وصوَّرت لي الفوز ببلوغ ما رجوته ، والوصول إلى ما أمّلته ، فوقفت اللّهمَّ ربِّ بين ذلك سائلاً لك ممّا دعا إليك واثقاً بك ، متوكّلاً عليك في قضاء حاجتي ، وتحقيق اُمنيّتي ، وتصديق

١٦٣
 &

رغبتي ، فأعذني اللّهمَّ ربِّ بكرمك من الخيبة والقنوط والأناة والتثبيط بهنيىء إجابتك ، وسابغ موهبتك ، إنّك وليٌّ ، وبالمنائح الجزيلة مليٌّ ، وأنت على كلِّ شيء قدير ، وبكلِّ شيء محيط .

ومن دُعاء النبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله « يا من أظهر الجميل ، وستر [ عليَّ ] القبيح ، يا من لم يهتك الستر ، ولم يؤاخذ بالجريرة ، يا عظيم العفو ، يا حسن التجاوز ، يا واسع المغفرة ، يا باسط اليدين بالرحمة ، يا صاحب كلِّ نجوى ، ومنتهى كلِّ شكوى يا مقيل العثرات ، يا كريم الصفح ، يا عظيم المنِّ ، يا مبتدئاً بالنعم قبل استحقاقها يا ربّاه يا سيّداه يا أملاه ، يا غاية رغبتاه أسئلك بك يا الله أن لا تشوّه خلقي بالنار وأن تقضيَ لي جوائج آخرتي ودنياي ، وتفعل بي كذا وكذا » وتصلّي على محمّد وآل محمّد وتدعو بما بدا لك .

وروي : إنَّ في العرش تمثالاً لكلِّ عبد فاذا اشتغل العبد بالعبادة رأت الملائكة تمثاله وإذا اشتغل بالمعصية أمر الله بعض الملائكة حتّى يحجبوه بأجنحتهم ، لئلّا تراه الملائكة ، فذلك معنى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا من أظهر الجميل وستر القبيح » .

١٨ ـ البلد الامين : نقلاً من كتاب الاحتساب على الألباب لابن طاووس رحمه الله أنَّ الصادق عليه‌السلام كان إذا ألحّت به الحاجة يسجد من غير صلاة ولا ركوع ثمَّ يقول : « يا أرحم الراحمين » سبعاً ثمَّ يسأل حاجته ، ثمَّ قال عليه‌السلام : ما قال أحد : « يا أرحم الراحمين » سبعاً إلّا قال الله تعالى له : ها أنا أرحم الراحمين ، سل حاجتك .

وفي كتاب المشيخة تأليف الحسن بن محبوب ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنّه لم يقل مؤمن يا الله عشر مرّات متتابعات ، إلّا قال الله تعالى : لبّيك عبدي سل حاجتك .

وفي كتاب الصلاة لمحمّد بن عليِّ بن محبوب ، عن الصادق عليه‌السلام من قال : عشر مرّات : يا ربِّ يا ربِّ قيل له : لبّيك سل حاجتك .

وفي كتاب الكافي للكلينيّ عن الرضا عليه‌السلام : دعوة العبد سرّاً دعوةً واحدة تعدل سبعين دعوة علانية .

وعن الصادق عليه‌السلام أنَّ الله تعالى لا يستجيب دعاء بظهر قلب قاس .

١٦٤
 &

وفي عدَّة الداعي أنّه لم يقل أحد يا ربّاه عشراً إلّا قيل له [ لبّيك سل حاجتك ] ، ومثل ذلك يا سيّداه يا سيّداه .

وروي أنّه من قال في سجدته : يا ربّاه يا سيّداه ، ثلاثاً اُجيب بمثل ذلك .

وعن سماعة ، عن [ أبي ] الحسن عليه‌السلام إذا كان لك عند الله تعالى حاجة فقل : « اللّهمَّ بحقِّ محمّد وعليّ فانَّ لهما عندك شأناً من الشّأن ، وقدراً من القدر ، أسألك بحقِّ ذلك الشّأن ، وبحقِّ ذلك القدر ، أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تفعل بي كذا وكذا . فانّه إذا كان يوم القيمة ، لم يبق ملك مقرَّب ولا نبيٌّ مرسل ولا عبد مؤمن امتحن الله تعالى قلبه للايمان إلّا وهو محتاج إليهما في ذلك اليوم .

ومنه عن عليّ عليه‌السلام قال : من قرأ مائة آية من أيّ آي القرآن شاء ثمَّ قال : يا الله . سبعاً ، فلو دعا على صخرة لقلعها الله تعالى (١) .

١٩ ـ مهج : دعاء علّمه أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهما‌السلام إذا قصدت إنساناً لحاجة فاكتب ذلك وأمسكه في يدك اليمنى ، وتذهب أين شئت :

« اللّهمَّ إنّي أسألك يا الله يا واحد يا أحد يا وتر يا نور يا صمد ، يا من ملأت أركانُه السّموات والأرض ، أسئلك أن تسخّر لي قلب فلان بن فلان كما سخّرت الحيّة لموسى عليه‌السلام وأسئلك أن تسخّر لي قلبه كما سخّرت لسليمان جنوده من الجنّ والانس والطير فهم يوزعون ، وأسئلك أن تليّن لي قلبه كما ليّنت الحديد لداود عليه ‌السّلام وأسئلك أن تذلّل قلبه كما ذلّلت نور القمر لنور الشمس ، يا الله هو عبدك ابن أمتك ، وأنا عبدك ابن أمتك ، أخذت بقدميه وناصيته ، فسخّره لي حتّى يقضي حاجتي هذه ، وما اُريد إنّك على كلِّ شيء قدير ، وهو على ما هو فيما هو ، لا إله إلّا هو الحيُّ القيُّوم (٢) .

٢٠ ـ مهج : روى محمّد بن أحمد بن عبيد الله المنصوريّ ، عن عمِّ أبيه قال : قلت لسيّدنا أبي الحسن عليّ صاحب العسكر عليه‌السلام : علّمني دعاء وخصّني به

______________________

(١) النصوص منقولة من حاشية البلد الامين لمؤلفه ، ولم تطبع ، راجع محاسبة النفس ١٤٧ ـ ١٥١ ، الكافي ج ٢ ص ٤٧٦ و ٤٧٤ عدة الداعي ص ٣٨ .

(٢) مهج الدعوات ص ١٧٩ .

١٦٥
 &

فقال : قل يا با موسى : « يا عدَّتي دون العدد ، ويا رجائي والمعتمد ، ويا كهفي والسّند يا واحد يا أحد ، يا من هو الله أحد ، أسئلك بحقِّ من خلقته من خلقك ، ولم تجعل في خلقك مثلهم أحداً ، أن تصلّي على جماعتهم ، وتفعل بي كذا وكذا » فانّي قد سألت الله سبحانه وتعالى أن لا يخيّب من دعا به (١) .

٢١ ـ مهج : روينا باسنادنا إلى سعد بن عبد الله من كتابه قال : حدَّثني الحسن ابن عليِّ بن عبد الله ، عن الحسين بن سيف ، عن محمّد بن سليمان البصريّ ، عن إبراهيم ابن المفضّل ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان الّذي دعا به عليُّ ابن الحسين عليهما‌السلام عند محاكمته محمّد بن الحنفيّة إلى الحجر الأسود أن قال :

« اللّهمَّ إنّي أسئلك باسمك المكتوب في سرادق المجد ، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق البهاء ، وأسئلك باسمك المكتوب في سرادق العظمة ، وأسئلك باسمك المكتوب في سرادق الجلال ، وأسئلك باسمك المكتوب في سرادق العزَّة وأسئلك باسمك المكتوب في سرادق القدرة ، وأسئلك باسمك المكتوب في سُرادق السرائر ، السابق الفائق ، الحسن النضير ، ربّ الملائكة الثّمانية ، وربّ العرش العظيم ، وبالعين الّتي لا تنام ، وبالاسم الأكبر الأكبر الأكبر ، وبالاسم الأعظم الأعظم الأعظم ، المحيط بملكوت السّموات والأرض ، وبالاسم الّذي أشرقت به الشّمس وأضاء به القمر وسجّرت به البحار ، ونصبت به الجبال ، وبالاسم الّذي قام به العرش والكرسيُّ ، وبأسمائك المقدَّسات المكرَّمات المكنونات المخزونات في علم الغيب عندك أسألك بذلك كلّه أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تفعل بي كذا وكذا ... قال أبان بن تغلب : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : يا أبان إيّاكم أن تدعوا بهذا الدُّعاء إلّا لأمر مهمّ من أمر الاٰخرة والدُّنيا ، فانَّ العباد ما يدرون ما هو ؟ هو من مخزون علم آل محمّد . عليه وعليهم‌ السّلام (٢) .

٢٢ ـ مهج : روينا باسنادنا إلى سعد بن عبد الله من كتاب فضل الدُّعاء باسناده

______________________

(١) مهج الدعوات ص ٣٣٨ وفيه « يا مونسي يا عدتي » وهو تصحيف .

(٢) مهج الدعوات ص ١٩٧ وقد مر في ص ١٦٠ أيضاً مع اختلاف .

١٦٦
 &

إلى محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : الكلمات الّتي تلقّى بها آدم ربّه هي :

« اللّهمَّ لا إله إلّا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي فانّه لا يغفر الذُّنوب إلّا أنت اللّهمَّ إنّي عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي إنّك خير الغافرين (١) .

ومن ذلك ما علّمه الله جلَّ جلاله لاٰدم عليه‌السلام لدفع حديث النفس ، روينا ذلك باسنادنا أيضاً إلى سعد بن عبد الله من كتاب فضل الدُّعاء باسناده إلى هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : شكى آدم عليه‌السلام إلى الله حديث النفس فنزل عليه جبرئيل فقال : قل : « لا حول ولا قوَّة إلّا بالله » (٢) .

ومن ذلك دعاء آدم عليه‌السلام برواية لمّا تلقّى من ربّه كلمات ولعلّه عليه‌السلام دعا بها وهو : « يا ربّاهُ يا ربّاهُ يا ربّاهُ لا يردُّ غضبك إلّا حلمُك ، ولا ينجي ، من عقوبتك إلّا التضرّع إليك ، حاجتي الّتي إن أعطيتنيها لم يضرّني ما حرمتني ، وإن حرمتنيها لم ينفعني ما أعطيتني ، اللّهمَّ إنّي أسئلك الفوز بالجنّة وأعوذ بك من النار ، يا ذا العرش الشامخ المنيف ، يا ذا الجلال والاكرام الباذخ العظيم ، يا ذا الملك الفاخر القديم ، يا إله العالمين ، يا صريخ المُستصرخين ، ويا منزولاً به كلُّ حاجة إن كنت قد رضيت عنّي فازدد عنّي رضى ، وقرّبني منك زلفى وإلّا تكن رضيت عنّي ، فبحقِّ محمّد وآله وبفضلك عليهم لمّا رضيت عنّي إنّك أنت التوَّاب .

قال أبو عبد الله عليه‌السلام : هذا الدُّعاء الّذي تلقّى آدم من ربّه فتاب عليه ، فقال : يا آدم سألتني بمحمّد ولم تره ، فقال : رأيت على عرشك مكتوباً : لا إله إلّا الله محمّد رسول الله ، فقال راوي الحديث : فو الله ما دعوت بهنَّ في سرّ ولا علانية في شدَّة ولا رخاء ، إلّا استجاب الله لي (٣) .

ومن ذلك دعاء نوح عليه‌السلام وجدت في الجزء الرابع من كتاب دفع الهموم والأحزان ، تأليف أحمد بن داود النعماني قال : ولما نظر نوح عليه‌السلام إلى هول الماء

______________________

(١ ـ ٢) مهج الدعوات ص ٣٧٨ .

(٣) مهج الدعوات ص ٣٧٩ .

١٦٧
 &

والموج والأمواج ، دخله الرُّعب فأوحى الله جلَّ وعزَّ إليه قل : « لا إله إلّا الله » ألف مرَّة اُنجك . قال : فدخلت الريح في الشراع فقال : لا إله إلّا الله ألفاً فنجّاه الله بما قالها (١) .

ومن ذلك دعاء إدريس عليه‌السلام وجدناه عن الحسن البصريّ قال : لمّا بعث الله إدريس عليه‌السلام إلى قومه علّمه هذه الأسماء وأوحى إليه أن قلهنَّ سرّاً في نفسك ، ولا تبدهنَّ للقوم ، فيدعوني بهنَّ ، قال : وبهنَّ دعا فرفعه الله مكاناً عليّاً ، ثمَّ علّمهنَّ الله تعالى موسى ثمَّ علّمهنَّ الله تعالى محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبهنَّ دعا في غزوة الأحزاب .

قال الحسن : وكنت مستخفياً من الحجّاج فأدعو الله عزَّ وجلَّ بهنَّ فحبسه عنّي ، ولقد دخلوا عليَّ ستَّ مرّات فأدعو بهنَّ فأخذ الله سبحانه أبصارهم عنّي ، فادع بهنَّ في التماس المغفرة لجميع الذُّنوب ، ثمَّ اسأل حاجتك من أمر آخرتك ودنياك فانّك تعطاه إنشاء الله عزَّ وجلَّ ، فانّهنَّ أربعون أسماء عدد أيّام التوبة وهي :

سبحانك لا إله إلّا أنت ، يا ربَّ كلّ شيء ووارثه ، يا إله الاٰلهة ، الرَّفيع جلاله ، يا الله المحمود في كلِّ فعاله ، يا رحمن كلّ شيء وراحمه ، يا حيُّ حين لا حيَّ في ديموميّة ملكه وبقائه ، يا قيُّوم فلا شيء يفوت علمه ولا يؤده ، يا واحد الباقي أوَّل كلِّ شيء وآخره ، يا دائم بلا فناء ولا زوال لملكه ، يا صمد من غير شبيه ، ولا شيء كمثله ، يا باريء فلا شيء كفوه ولا إمكان لوصفه ، يا كبير أنت الّذي لا تهتدي القلوب لوصف عظمته ، يا باريء النفوس بلا مثال خلا من غيره ، يا زاكي الطّاهر من كلّ آفة بقدسه ، يا كافي الموسع لما خلق من عطايا فضله ، يا نقيُّ من كلّ جور ولم يرضه ولم يخالطه فعاله .

يا حنّان أنت الّذي وسعت كلّ شيء رحمة وعلماً ، يا منّان ذا الاحسان قد عمَّ الخلائق منّه ، يا ديّان العباد كلّ يقوم خاضعاً لرهبته [ ورغبته ] يا خالق من في السّموات والأرضين وكلٌّ إليه معاده ، يا رحيم كلّ صريخ ومكروب وغياثه ومعاذه يا تامّ فلا تصف الألسنة كنه جلال ملكه وعزِّه ، يا مبديء البدايع لم يبغ في إنشائها

______________________

(١) مهج الدعوات ص ٣٧٩ .

١٦٨
 &

عوناً من خلقه ، يا علّام الغيوب فلا يؤده شيء من حفظه ، يا حليم ذا الأناة فلا يعدله شيء من خلقه ، يا معيد ما أفناه إذا برز الخلائق لدعوته من مخافته .

يا حميد الفعال ذا المنِّ على جميع خلقه بلطفه ، يا عزيز المنيع الغالب على أمره فلا شيء يعدله ، يا قاهر ذا البطش الشديد أنت الّذي لا يطاق انتقامه ، يا قريب المتعالي فوق كلّ شيء علوّ ارتفاعه ، يا مذلَّ كلِّ جبّارٍ عنيد بقهر عزيز سلطانه يا نور كلّ شيء وهداه أنت الّذي فلق الظّلمات نوره .

يا قدُّوس الطاهر من كلّ سوء فلا شيء يعادله من خلقه ، [ يا قريب المجيب المتداني دون كلِّ شيء قربه ] يا عالي الشامخ فوق كلّ شيء علوّ ارتفاعه ، يا مبديء البدايا (١) ومعيدها بعد فنائها بقدرته ، يا جليل المتكبّر على كلِّ شيء ، فالعدل أمره ، والصّدق قوله ووعده ، يا محمود فلا تستطيع الأوهام كلَّ شانه ومجده ، يا كريم العفو ذا العدل أنت الّذي ملأ كلّ شيء عدله ، يا عظيم ذا الثناء الفاخر وذا العزِّ والمجد والكبرياء فلا يذلُّ عزُّه يا مجيب فلا تنطق الألسنة بكلّ آلائه وثنائه ونعمائه .

[ أسئلك ] يا غياثي عند كلّ كربة ، ويا مجيبي عند كلّ دعوة [ ومعاذي عند كلِّ شدَّة ] أسألك اللّهمَّ يا ربِّ الصّلاة على نبيّك محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأماناً من عقوبات الدُّنيا والاٰخرة ، وأن تحبس عنّي أبصار الظلمة المريدين بي السّوء ، وأن تصرف قلوبهم عن شرِّ ما يضمرون إلى خير ما لا يملكه غيرك .

اللّهمَّ هذا الدُّعاء ومنك الاجابة ، وهذا الحمد وعليك التكلان ، ولا حول ولا قوَّة إلّا بالله العليِّ العظيم (٢) .

ومن ذلك دعاء إبراهيم عليه‌السلام وقد قدَّمنا به رواية عند دعاء النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم اُحد ، ورأيت رواية اُخرى في دعاء إبراهيم عليه‌السلام لمّا دحي به (٣) إلى النار فنجّاه الله به وذكر الرواية أنّه من السّرائر العظيمة ، والقدر الكبير عند الله سبحانه وتعالى فقال : هذا ما لفظه :

______________________

(١) البرايا خ ل .

(٢) مهج الدعوات ص ٣٨٠ ـ ٣٨١ .

(٣) رمى به .

١٦٩
 &

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم اللّهمَّ إنّي أسئلك يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله أنت المرهوب يرهب منك جميع خلقك ، يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله أنت الرفيع عرشك من فوق جميع سمواتك ، وأنت المطلّ على كلِّ شيء لا يطلّ شيء عليك ، يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله أنت أعظم من كلِّ شيء فلا يصل أحد عظمتك ، يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله ، يا نور النُّور قد استضاء بنورك أهل سمواتك وأرضك .

يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله لا إله إلّا أنت تعاليت أن يكون لك شريك ، وتكبّرت أن يكون لك ضدٌّ ، يا نور النُّور يا نور كلِّ نور ، لا خامد لنورك ، يا مليك كلِّ مليك كلُّ مليك يفنى غيرك ، يا نور النُّور يا من ملأ أركان السّموات والأرض بعظمته يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا هو يا هو يا من ليس كهو [ إلّا هو ] يا من لا هو إلّا هو أغثني أغثني السّاعة السّاعة السّاعة ، يا من أمره كلمح البصر أو هو أقرب ، يا هيّا شراهيّا آذوني أصباوث آل شداى يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله يا ربّاه يا ربّاه يا ربّاه [ يا ربّاه يا ربّاه ] يا غاية منتهاه ورغبتاه .

فلمّا دعا إبراهيم عليه السلام عجّت الأملاك من صوته ، وإذا النّداء من العليّ الأعلى « يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ » فخمدت أسرع من طرفة عين (١) .

ومن ذلك دعاء يوسف عليه‌السلام لمّا اُلقي في الجبِّ ، رويناه باسنادنا إلى سعيد بن هبة الله الراونديّ من كتاب قصص الأنبياء عليهم‌السلام باسناده فيه إلى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لمّا ألقى إخوة يوسف يوسف صلوات الله عليه في الجبِّ نزل عليه جبرئيل عليه‌السلام وقال : يا غلام من طرحك في هذا الجبِّ ؟ قال : إخوتي لمنزلتي من أبي حسدوني قال : أتحبُّ أن تخرج من هذا الجبِّ ؟ قال : ذاك إلى إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب قال جبرئيل ، فانَّ الله يقول لك : قل : « اللّهمَّ إنّي أسألك بأنَّ لك الحمد لا إله إلّا أنت الحنّان المنّان ، بديع السّموات والأرض ، يا ذا الجلال والاكرام ، أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً ، وترزقني من حيث

______________________

(١) مهج الدعوات ص ٣٨٢ .

١٧٠
 &

أحتسب ومن حيث لا أحتسب (١) .

ورأيت في المجلّد الخامس من حلية الأولياء لأبي نعيم في حديث الخراساني أنَّ داود عليه‌السلام قال : « يا ربِّ ما لبني إسرائيل إذا نزل بهم كرب أو شدَّة قالوا : يا إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب » ؟ فأوحى الله تعالى إلى داود عليه‌السلام أنَّ إبراهيم لم يخيّر بيني وبين شيء إلّا اختارني عليه ، وأنَّ إسحاق جاد لي بمهجته ، وأنَّ يعقوب ابتليته ببلاء فما أساءني ظنّاً في ذلك البلاء ، حتّى فرَّجته عنه أو كشفته (٢) .

ومن ذلك رواية اُخرى وجدناها بدعاء يوسف عليه‌السلام في الجبِّ ولعلّه دعا بهما وهي : « يا صريخ المستصرخين ، ويا غوث المستغيثين ، ويا مفرِّج كرب المكروبين قد ترى مكاني ، وتعرف حالي ، ولا يخفى عليك شيء من أمري » (٣) .

ومن ذلك دعاء يوسف عليه‌السلام في بعض أوقات بلواه « يا راحم المساكين ، ويا رازق المتكلّمين ، يا ربَّ العالمين ، ويا مالك يوم الدِّين ، ويا غياث المكروبين ويا مجيب دعوة المضطرِّين ، ويا أرحم الراحمين ، ويا أحكم الحاكمين ، ويا أسرع الحاسبين ، وياخير المسؤولين ، ويا ذا الجلال والاكرام ، يا كبير كلِّ كبير يا من لا شريك له ولا وزير ، يا من هو على كلِّ شيء قدير ، يا من هو عليمٌ خبير يا من هو بكلِّ شيء بصير .

يا خالق الشّمس والقمر المنير ، يا جابر العظم الكسير ، يا مغني البائس الفقير يا مطلق المكبَّل الأسير ، يا مدبّر الأمر ثمَّ إليه المصير ، يا من لا يجار عليه وهو يجير ، يا من يحيي الموتى وهو عليه يسير ، يا عصمة الخائف المستجير ، يا مغني الفقير الضّرير ، يا حافظ الطفل الصغير ، يا راحم الشيخ الكبير ، يا من لا تخفى عليه خافية في السّموات والأرض ، يا غافر الذُّنوب ، يا علّام الغيوب ، يا ساتر العيوب أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تغفر لي ولوالديَّ وتجاوز عنّا فيما تعلم فانّك الأعزُّ الأكرم » .

أقول : إنَّ قوله : أسئلك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد إلى آخره لعلّه من

______________________

(١ ـ ٣) مهج الداعوات ص ٣٨٣ .

١٧١
 &

زيادة الرواية (١) .

ومن ذلك دعاء يوسف عليه‌السلام لمّا اتّهمه العزيز بزليخا ، وهو أنه صلّى ركعتين ثمَّ دعا وهو مرفوع رأسه إلى السماء فقال : « اللّهمَّ ارحم صغر سنّي ، وضعف ركني ، وقلّة حيلتي ، فانّك على كلِّ شيء قدير ، فاذكرني بصلاح يعقوب وصبر إسحاق ، ويقين إسماعيل ، وشيبة إبراهيم ، برحمتك يا أرحم الراحمين » فبكت لبكائه الملائكة في السّموات (٢) .

ومن ذلك دعاء يعقوب عليه‌السلام لمّا ردَّ الله جلَّ جلاله عليه يوسف « بسم الله الرَّحمن الرَّحيم يا من خلق الخلق بغير مثال ، ويا من بسط الأرض بغير أعوان ويا من دبّر الاُمور بغير وزير ، ويا من يرزق الخلق بغير مشير ، ويا من يخرِّب الدُّنيا بغير استيمار » ثمَّ تدعو بما شئت تستجاب (٣) .

ومن ذلك دعاء أيّوب عليه‌السلام « اللّهمَّ إنّي أعوذ بك اليوم فأعذني وأستجير بك اليوم من جهد البلاء فأجرني ، واستغيث بك اليوم فأغثني ، وأستنصرك اليوم فانصرني وأستعين بك اليوم على أمري فأعنّي ، وأتوكّل عليك فاكفني ، وأعتصم بك فاعصمني وآمن بك فآمنّي ، وأسألك فأعطني ، وأسترزقك فارزقني ، وأستغفرك فاغفر لي وأدعوك فاذكرني ، وأسترحمك فارحمني » (٤) .

ومن ذلك دعاء موسى عليه‌السلام لما وقف على فرعون « اللّهمَّ بديع السّموات والأرضين ، الّذي نواصي العباد بيدك ، فانَّ فرعون وجميع أهل السموات وأهل الأرض وما بينهما عبيدك ، ونواصيهم بيدك ، وأنت تصرفُ القلوب حيث شئت اللّهمَّ إنّي أعوذ بخيرك من شرِّه ، وأسئلك بخيرك من خيره ، عزَّ جارك ، وجلَّ ثناؤك ، ولا إله غيرك ، كنُ لنا جاراً من فرعون وجنوده » ثمَّ دخل عليه وقد ألبسه الله جُنّة من سلطانه [ لن يصل إليه بعون الله ] (٥) .

______________________

(١) مهج الدعوات ص ٣٨٣ .

(٢ ـ ٤) مهج الدعوات ص ٣٨٤ .

(٥) مهج الدعوات ص ٣٨٥ .

١٧٢
 &

ومن ذلك دعاء آخر لموسى عليه‌السلام : « لا إله إلّا الله الحليم الكريم سبحان الله ربِّ السموات السبع ، وربِّ الأرضين السبع ، وربِّ العرش العظيم ، والحمد لله ربِّ العالمين ، اللّهمَّ إنّي أدرأ بك في نحره ، وأعوذ بك من شرِّه ، وأستعينك عليه فاكفنيه بما شئت » (١) .

ومن ذلك دعاء يوشع بن نون وصيّ موسى عليه‌السلام رويناه بإسنادنا إلى سعد ابن عبد الله من كتاب فضل الدُّعاء بإسناده إلى الرضا عليه‌السلام قال : وجد رجل من الصحابة صحيفة فأتى بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فنادى الصلاة جامعة ، فما تخلّف أحد ذكر ولا اُنثى ، فرقا المنبر فقرأها فاذا كتاب يوشع بن نون وصيّ موسى وإذا فيها :

وإنَّ ربّكم لرؤف رحيم ، ألا إنَّ خير عباد الله التقيّ الخفيّ ، وإنَّ شرِّ عباد الله المشار إليه بالأصابع ، فمن أحبَّ أن يُكتال بالمكيال الأوفى ، وأن يؤدّي الحقوق الّتي أنعم الله بها عليه ، فليقل في كلِّ يوم « سبحان الله كما ينبغي لله ، والحمد لله كما ينبغي لله ، ولا إله إلّا الله كما ينبغي لله ، والله أكبر كما ينبغي لله ، ولا حول ولا قوَّة إلّا بالله ، وصلّى الله على محمّد وعلى أهل بيت النبيِّ ، وعلى جميع المرسلين حتّى يرضى الله » .

ونزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد ألحّوا في الدُّعاء فصبر هنيئة ثمَّ رقا المنبر فقال : من أحبَّ أن يعلو ثناؤه على ثناء المجاهدين ، فليقل هذا القول في كلِّ يوم ، فان كانت له حاجة قضيت ، أو عدوّ كبت ، أو دين قضي ، أو كرب كشف ، وخرق كلامه السّموات حتّى يكتب في اللوح المحفوظ (٢) .

ومن ذلك دعاء الخضر وإلياس عليهما‌السلام روي أنَّ الخضر وإلياس يجتمعان في كلِّ موسم ، فيفترقان من هذا الدُّعاء ، وهو « بسم الله ، ما شاء الله ، لا قوَّة إلّا بالله ما شاء الله كلُّ نعمة من الله ، ما شاء الله الخير كلّه بيد الله ، عزَّ وجلَّ ، ما شاء الله لا يصرف السّوء إلّا الله » قال : فمن قالها حين يصبح ثلاث مرّات أمن من الحرق والسرق

______________________

(١) مهج الدعوات ص ٣٨٥ .

(٢) مهج الدعوات ص ٣٨٦ .

١٧٣
 &

والغرق (١) .

ومن ذلك دعاء آخر للخضر عليه‌السلام « ياشامخاً في علوِّه ، يا قريباً في دنوِّه يا مدانياً في بُعده ، يا رؤفاً في رحمته ، يا مخرج النّبات ، يا نائم الثّبات ، يا محيي الأموات ، يا ظهر اللّاجين ، يا جار المستجيرين ، يا أسمع السّامعين ، يا أبصر النّاظرين ، يا صريخ المستصرخين ، يا عماد من لا عماد له ، يا سند من لا سند له يا ذخر من لا ذخر له ، يا حرز من لا حرز له ، يا كنز الضعفاء ، يا عظيم الرجاء ، يا منقذ الغرقى ، يا منجي الهلكى ، يا محيي الموتى ، يا أمان الخائفين ، يا إله العالمين ، يا صانع كلِّ مصنوع ، يا جابر كلِّ كسير ، يا صاحب كلِّ غريب ، يا مونس كلِّ وحيد يا قريباً غير بعيد ، يا شاهداً غير غائب ، يا غالباً غير مغلوب ، يا حيُّ حين لا حيّ ، يا محيي الموتى ، يا حيّ لا إله ، إلّا أنت » من قاله قولاً أو سمعه سمعاً أمن الوسوسة أربعين سنة .

أقول : وأدعية الخضر كثيرة وقد اقتصرنا على ما ذكرناه (٢) .

ومن ذلك دعاء يونس بن متّى عليه‌السلام وهو « يا ربّ من الجبال أنزلتني ، ومن المسكن أخرجتني ، وفي البحار صيّرتني ، وفي بطن الحوت حبستني ، فلا إله إلّا أنت سبحانك إنّي كنت من الظّالمين » فأنجاه الله من الغمِّ (٣) .

ومن ذلك دعاء آخر ليونس بن متّى عليه‌السلام وهو « يا ربِّ اللّهمَّ إنّي أسئلك بأسمائك الحسنى ، وآلائك العليا ، وأسئلك يا ربِّ يا الله يا الله ، يا كبير يا جليل يا حنّان يا منّان ، يا فرد يا دائم ، ويا وتر يا أحد يا صمد يا الله ، يا لا إله إلّا أنت أسئلك بلا إله إلّا أنت أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تغفر لي ذنوبي ، وأن تحرّم جسدي على النّار ، اللّهمَّ إنّك قلت في كتابك المنزل على موسى ألّا تردُّوا السّائلين عن أبوابكم ، ونحن على بابك فلا تردّنا ، اللّهمَّ إنّك قلت في كتابك المنزل على نبيّك موسى أن اغفروا للظالمين ، ونحن الظّالمون على بابك ، فاغفر لنا ، اللّهمَّ إنّك قلت في كتابك المنزل على موسى بن عمران أن أعتقوا الأرقّاء ونحن عبيدك فأعتقنا

______________________

(١) مهج الدعوات ص ٣٨٦ .

(٢ و ٣) مهج الدعوات ص ٣٨٧ .

١٧٤
 &

من النّار (١) .

ومن ذلك دعاء داود عليه‌السلام على وصف التحميد ، روي أنَّ داود عليه‌السلام لمّا قال هذا التحميد أوحى الله تعالى إليه : أتعبت الحفظة وهو « اللّهمَّ لك الحمد دائماً مع دوامك ، ولك الحمد باقياً مع بقائك ، ولك الحمد خالداً مع خلودك ، ولك الحمد كما ينبغي لكرم وجهك وعزِّ جلالك ، يا ذا الجلال والاكرام » (٢) .

ومن ذلك دعاء آصف وزير سليمان بن داود عليه‌السلام روي أنّه أتى به عرش بلقيس وأنّه الدُّعاء الّذي كان عيسى عليه‌السلام يحيي به الموتى وهو « اللّهمَّ إنّي أسئلك بأنّك أنت الله لا إله إلّا أنت الحيّ القيّوم الطاهر المُطهّر نور السموات والأرضين ـ وفي رواية اُخرى « ربّ السموات والأرضين » ـ عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال الحنّان المنّان ذو الجلال والاكرام ، أن تفعل بي كذا وكذا » .. وتجعله أنت « أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تفعل بي كذا وكذا » فانّه يستجاب لك إنشاء الله هذا لفظه كما وجدناه (٣) .

ومن ذلك دعاء عيسى عليه‌السلام رويناه بإسنادنا إلى سعيد بن هبة الله الراونديّ رحمه الله من كتاب قصص الأنبياء بإسناده إلى الصادق عليه‌السلام عن آبائه عليهم‌السلام عن النبيِّ صلوات الله عليه وعليهم قال : لمّا اجتمعت اليهود إلى عيسى عليه‌السلام ليقتلوه بزعمهم ، أتاه جبرئيل عليه‌السلام فغشّاه بجناحه فطمع عيسى ببصره فاذا هو بكتاب في باطن جناج جبرئيل عليه‌السلام وهو :

« اللّهمَّ إنّي أدعوك باسمك الواحد الأعزَّ ، وأدعوك اللّهمَّ باسمك الصمد وأدعوك اللّهمَّ باسمك العظيم الوتر ، وأدعوك اللّهمَّ باسمك الكبير المتعال ، الّذي ثبتت به أركانك كلّها أن تكشف عنّي ما أصبحت وأمسيت فيه » .

فلمّا دعا به عليه‌السلام أوحى الله تعالى إلى جبرئيل أن ارفعه إلى عندي .

ثمَّ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بني عبد المطّلب سلوا ربّكم بهذه الكلمات ، فو الله

______________________

(١) مهج الدعوات ص ٣٨٧ .

(٢ و ٣) مهج الدعوات ص ٣٨٨ .

١٧٥
 &

الّذي نفسي بيده ، ما دعا بهنَّ عبد باخلاص نيّة إلّا اهتزَّ [ لهنَّ ] العرش ، وإلّا قال الله للملائكة : اشهدوا أنّي قد استجبت له بهنَّ ، وأعطيته سؤله في عاجل دنياه وآجل آخرته ، ثمَّ قال لأصحابه : سلوها ولا تستبطؤا الاجابة (١) .

ومن ذلك دعاء عيسى عليه‌السلام برواية غير هذه وهي أنَّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى في باطن جبرئيل الدُّعاء فعلّمه عليّاً والعباس ، وقال : يا عليُّ يا خير بني هاشم ، يا بني عبد المطّلب سلوا ربّكم بهؤلاء الكلمات ، فو الّذي نفسي بيده ، ما دعا بهنَّ مؤمن بإخلاص إلّا اهتزَّ لهنَّ العرش ، والسموات السبع والأرضون ، وقال الله تعالى لملائكته : اشهدوا أنّي قد استجبت للداعي بهنَّ وأعطيته سؤله في عاجل دنياه وآجل آخرته ، زعموا أنّه الدعاء الّذي دعا به عيسى بن مريم فرفعه الله ، وهو هذا الدعاء :

« اللّهمَّ إنّي أعوذ باسمك الواحد الأحد ، وأعوذ باسمك الأحد الصمد ، و أعوذ بك باسمك اللّهمَّ العظيم الوتر ، وأعوذ اللّهمَّ باسمك الكبير المتعال ، الّذي ملأ الأركان كلّها ، أن تكشف عنّي غمَّ ما أصبحت فيه وأمسيت (٢) .

ومن ذلك دعاء لعيسى بن مريم عليه‌السلام برواية اُخرى وهو : « اللّهمَّ خالق النفس من النفس ، ومخرج النفس من النفس ، ومخلص النفس من النفس ، فرِّج عنّا وخلّصنا من شدَّتنا » (٣) .

٢٣ ـ مهج : ومن ذلك دعاء سلمان الفارسي رضوان الله عليه الّذي علّمه النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويروى أنَّ سلمان كان من بقايا أوصياء عيسى عليه‌السلام وروي عن أحد الأئمّة صلوات الله عليهم أنَّ سلمان أدرك العلم الأوَّل والاٰخر ، وجدته في أصل عتيق تاريخ كتابته ربيع الاٰخر سنة أربعة عشر وثلاثمائة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لسلمان الفارسيّ : ألا اُخبرك بما هو خير من الذَّهب والفضّة ؟ وخير من الدُّنيا وزهرتها ؟ فقال : بلى يا رسول الله ! صلّى الله عليك وعلى آلك ، قال : فقل :

______________________

(١) مهج الدعوات ص ٣٨٨ .

(٢ و ٣) مهج الدعوات ص ٣٨٩ .

١٧٦
 &

« اللّهمَّ إنَّ الأمر قد خلص إلى نفسي وهي أعزّ الأنفس عليَّ وأهمّها إليَّ وقد علمت ربّي ، وعلمُك أفضل من علمي ، أنّك تعلم منّي ما لا أعلم من نفسي ، لك محياي ومماتي ، ودنياي وآخرتي ، إليك مرجعي ومُنقلبي لا أملكُ إلّا ما أعطيتني ولا أتّقي إلّا ما وقيتني ولا اُنفق إلّا ما رزقتني .

بنورك اهتديت ، وبفضلك استغنيت ، وبنعمتك أصبحتُ وأمسيت ، ملكتني بقدرتك ، وقدرت عليَّ بسلطانك ، تقضي فيما أردت لا يحول أحد دون قضائك ، أوقرتني نعما ، وأوقرتُ نفسي ذنوباً ، كثرت خطاي ، وعظم جرمي ، واكتنفتني شهواتي ، فقد ضاق بها ذرعي ، وعجز عنها عملي وضعف عنها شُكري ، وقد كدتُ أن أقنط من رحمتك إلهي وأن اُلقي إلى التهلكة بيدي الّذي أيأس منه عذري ، وذكري من ذنوبي وما أسرفت به على نفسي ، ولكن رحمتك ربّ الّتي تنهضني وتقوِّيني ، ولولا هي لم أرفع رأسي ، ولم اُقم صُلبي من ثقل ذنوبي ، فايّاك أرجو إلهي أنت أرجا عندي من عملي الّذي أتخوَّفه واُشفق منه على نفسي .

إلهي وكيف لا اُشفق من ذنوبي وقد خفت أن تكون أوبقتني ، وقد أحاطت بي وأهلكتني ، وأنا أذكر من تضييع أمانتي ، وما قد تكلّفت به على نفسي ، ما لم تحمله الجبال قبلي ، ولا السموات والأرضون ، وهي أقوىٰ منّي ، وحملتُها بعلمك بها ، وقلّة علمي ، فلو كان لي علم ينفعني لم تقرّ في الدُّنيا عيني ، وأصارت حلاوتها مرارة عندي ولفررتُ هارباً من ذنوبي ، لا بيتٌ يأويني ، ولا ظلٌّ يكنّني مع الوحوش مقعدي ومقيلي .

ولو فعلتُ ذلك لكان يحقُّ لي أن أتخوَّف على نفسي ، والموت يَطلبُني حثيثاً دائباً يقصُّ أثري موكَّل بي كأنّه لا يُريدُ أحداً غيري ، ليس يناظرني (١) ساعةً إذا جآء أجلي ، كأنّي أراني صريعاً بين يديه ، وكأنّي بالموت ليس أحدٌ من الموت يمنعني ولا يدفع كربهُ عنّي ولا أستطيع امتناعاً يؤخّرني ، وبكأس الموت يُسقيني

______________________

(١) بناظري خ ل .

١٧٧
 &

ولا منعة عندي ، مقلوبة (١) بكرب الموت طرفي جزعاً ، فيا لك من مصرعٍ ما أقطعه عندي مغلوبة (٢) بكرب الموت نفسي ، تختلج لها أعضائي وأوصالي ، وكلُّ عرق ساكن منّي ، فكأنّي بملك الموت يستلُّ روحي ، مستسلم له ، بل على الكراهة منّي .

كذا رسل ربّي يقبضون في الحرّ روحي ، فعندها ينقطع من الدُّنيا أثري واُغلقَ باب توبتي ، ورفعت كتبي ، وطويت صحيفتي ، وعفا ذكري ورُفع عملي واُدخلت في هول آخرتي ، وصرت جسداً بين أهلي ، يصرخون ويبكون حولي وقد استوحشوا منّي ، وأحبّوا فرقتي ، وعجّلوا إليَّ كفني ، وحملوني إلى حفرتي فاُلقيت فيها لحيني (٣) وسوّيت الأرض عليَّ من فوقي ، وسلّموا عليَّ وودَّعوني وأقمت في منتها من كان قبلي من جيران لا يؤانسوني ، ولا أزورهم ، ولا يزوروني وفي عسكر الموت خلّفوني ، فيه مضجعي ، ومنامي ، وحشٌ قفرٌ مكاني ، قد ذهب الأهلون عنّي ، وأيقنوا بالتقرقة منّي ، لا يرجوني آخر الدّهر ليس أحد منهم يؤنسني في وحشتي ، ولا يُحمل ذنباً من ذنوبي ، وكلّ قد ذهل عنّي ، وتركوني وحيداً في قبري .

[ و ] أنا صاحب نفسي لا يراني أحدٌ من النّاس ما يفعل بي ، فان تك ربّي راضياً عنّي فطوبى ثمَّ طوبى لي ، وإن تكن الاُخرى فيا حسرتى ، ويا ندامتا ، على ما فرَّطت في جنب ربّي ، وكيف أذكر هذا الأمر ثمَّ لا تدمع له عيني ، ولا يفزعُ لذكره قلبي ، ولا ترعد له فرائصي ، ولا أحمل على ثقله نفسي ، ولا اُقصّر على هواي وشهواتي ، مغرورٌ في دار غرور قد خفت أن لا يكون هذا الصدق منّي .

فأشكوا إليك يا ربّ قسوة قلبي ، وتقصيري وإبطائي ، وقلّة شكر ربّي ، ربِّ جعلت لي جوارح لاستبهام النعم منك يحقُّ بي لك الشكر على جوارحي وأعضائي وأوصالي بالّذي يحقُّ لك عليها من العبادة ، بخشوع نفسي وبصري ، وجميع أركاني

______________________

(١) أقلب خ كما في المصدر .

(٢) أغلب خ .

(٣) لجنبي خ .

١٧٨
 &

فبهنَّ عصيتك ربّي ، ولم يكن ذلك جزاءك ولا شكرك منّي ، وقد خفت أن أكون قد أوبقت نفسي ، واستهلكتها بجرمي ، فاستوجبت العقوبة منك ، ليس دونك أحد يأويني ، ولا يطيق ملجائي ، ولا من عقوبتك ينجيني ، ولا يغفر ذنباً من ذنوبي وكلٌّ قد شغل بنفسه عنّي ، بارزتك بسوءتي ، وباشرت الخطايا وأنت تراني في سرِّي منها وعلانيتي ، وأظهرت لك ما أخفيت من الناس فاستترت من ذنوبي ولا يروني فيعيبوني استحياء منهم ، ولم أستحيك .

إلهي قد أنست إلى نفسي ، وقذفتني في المهالك شهواتي ، وتعاطت ما تعاطت وطاوعتها فيما مضى من عمري ، ولا أجدها تطيعني ، أدعوها إلى رشدها فتأبى أن تطيعني وأشكو إليك ربِّ ما أشكوا لتصرخني وتستنقذني .... ثمَّ تسأل حاجتك (١) .

أقول : وجدت بخطِّ الشيخ محمّد بن عليّ الجبعيّ ـ رحمه الله ـ قال : قال لشيخ الشهيد ابن مكيّ قدَّس الله روحه نقلت من خطّ مغربيّ حدَّث معافى بن المتوكّل ، عن الاسكندرانيّ ، عن عبد الله بن المبارك ، عن ثقة أنَّ عليّاً عليه‌السلام لمّا حضرته الوفاة قال للحسن ابنه عليه‌السلام اُعلّمك شيئاً أصله من كتاب الله علّمنيه النبيّ صلّى ‌الله ‌عليه ‌وآله فإذا أردت أن تدعو الله به ، فادع به بعد صلاة الغداة ، أو بعد صلاة العصر ، ثمَّ سمِّ ما أردت من حوائجك ، واعلم أنّك إذا ابتدأت به وكل الله بك ألف ملك يستغفرون لك ، واُعطي كلُّ ملك قوَّة ألف ملك في سرعة الاستغفار ويبني لك ألف قصر في الجنّة وعشت ما عشت في الدُّنيا منعّماً ، ولا يصيبك فيها قتر ولا خلّة ، ولا تسأل أحداً من الدُّنيا كائناً ما كان إلّا قضى لك ، قل :

« سبحان الله والحمد لله ، ولا إله إلّا الله والله أكبر ، ولا حول ولا قوَّة إلّا بالله ، فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ، وله الحمد في السموات والأرض وعشيّاً وحين تظهرون ، يخرج الحيَّ من الميّت ويخرج الميّت من الحيِّ ، ويحيي الأرض بعد موتها ، وكذلك تُخرجون ، سبحان ربّك ربِّ العزّة عمّا يصفون ، و سلام على المرسلين ، والحمدُ لله ربّ العالمين .

______________________

(١) مهج الدعوات ص ٣٩٠ ـ ٣٩٣ .

١٧٩
 &

سبحان الله ذي الملك والملكوت ، سبحان الله ذي العزّة والعظمة والجبروت سبحان الله الملك الحيّ الّذي لا يموت ، سبحان العليّ الأعلى ، سبحانه وتعالى سبحان الملك القدُّوس ، ربِّ الملائكة والرُّوح ، اللّهمَّ لك الحمد حمداً يصعد ولا ينفد ، ولك الحمد عليَّ ومعي وقدّامي وخلفي ، يا الله عشراً يا رحمان عشراً يا رحيم عشراً يا ربّ مثله ، يا حيُّ يا قيّوم مثله ، يا بديع السموات والأرض مثله يا ذا الجلال والإكرام مثله ، يا حنّانُ يا منّان مثله ، اللّهمَّ صلِّ على محمّد وآل محمّد عشراً ... وسل حاجتك .

١٠٦

« ( باب ) »

* « ( أدعية الفرج ودفع الاعداء ورفع الشدائد ) » *

« ( وفيه أدعية يوسف عليه‌ السلام في الجب والسجن ) »

* « ( ودعاء دانيال في الجب ) » *

* « ( وأدعية سائر الانبياء عليهم السلام وما يناسب ذلك ) » *

* « ( من أدعية التحرز من الافات والهلكات ) » *

١ ـ ما : المفيد ، عن أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفّار ، عن ابن عيسى ، عن هارون ، عن ابن صدقة قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام أن يعلّمني دعاء أدعو به في المهمّات فأخرج إليَّ أوراقاً من صحيفة عتيقة قال : انتسخ ما فيها فهو دعاء جدِّي عليِّ بن الحسين زين العابدين عليهما‌السلام للمهمّات ، فكتبت ذلك على وجهه ، فما كربني شيء قطُّ وأهمّني إلّا دعوت به ففرَّج الله همّي ، وكشف كربي ، وأعطاني سؤلي ، وهو :

« اللّهمَّ هديتني فلهوت ، ووعظت فقسوت ، وأبليت الجميل فعصيت ، وعرَّفت فأصررت ثمَّ عرَّفت فاستغفرت فأقلت ، فعدت فسترت ، فلك الحمد إلهي تقحّمت أودية هلاكي ، وتحلّلت شعاب تلفي ، تعرَّضت فيها لسطواتك ، وبحلولها لعقوباتك ووسليتي إليك التوحيد ، وذريعتي أنّي لم اُشرك بك شيئاً ، ولم أتّخذ معك إلهاً

١٨٠