مجمع البحرين - ج ٦

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٦

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٦

عَظُمَ كَعْثَبُهَا » الدَّرَمُ في الكعب : أن يواريه اللحم حتى لا يكون له حجم ، وقد دَرِمَ بالكسر. وامرأة دَرْمَاءُ. والكعثب مر تفسيره (١).

والأَدْرَمُ هو الذي لا حجم لعظامه.

والكعب الأَدْرَم : الذي ليس له نتوء واستواؤه دليل السمن ونتوءه دليل الضعف.

ودَرَمَ دَرْماً من باب ضرب : مشى مشيا متقارب الخطا ، فهو دَارِمٌ.

قال في المبسوط : وبه سمي دَارِم أبو قبيلة من تميم. قال الجوهري : هو دَارِمُ بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد بن مناة من تميم ، والنسبة : دَارِمِيٌ وهو نسبة لبعض أصحابنا.

( درهم )

الدِّرْهَمُ بكسر الدال وفتح الهاء ، وكسر الهاء لغة ، واحد الدَّرَاهِم. فارسي معرب. وربما قالوا دَرْهَام. وقد تقدم في « بغل » ما يعلم منه مقدار الدرهم. وفي المصباح الدِّرْهَمُ الإسلامي اسم للمضروب من الفضة ، وهو ستة دوانيق. والدِّرْهَمُ : نصف دينار وخمسه.

وكانت الدَّرَاهِمُ في الجاهلية مختلفة فكان بعضها خفافا وهي الطرية ، وبعضها ثقالا كل دِرْهَم ثمانية دوانيق ، وكانت تسمى العبدية.

وقيل : البغلية نسبة إلى ملك يقال له رأس البغل (٢) فجمع الخفيف والثقيل وجعلا درهمين متساويين فجاء كل دِرْهَم ستة دوانيق. ويقال إن عمر هو الذي فعل ذلك ، لأنه لما أراد جباية الخراج طلب بالوزن الثقيل فصعب على الرعية فجمع بين الوزنين واستخرجوا هذا الوزن (٣).

__________________

(١) الكعثب ـ كجعفر ـ : الركب الضخم ، والركب ـ محركة ـ : العانة أو الفرج فهي كعثب وكثعب.

(٢) رأس البغل : اسم رجل يهودي ، يقال إنه هو الذي ضرب الدراهم البغلية لعمر بن الخطاب ، انظر المقريزي : إغاثة الأمة ص ٤٩. وتاريخ التمدن ج ١ ص ١٤٣.

(٣) بل الذي فعل ذلك هو عبد الملك بإرشاد من الإمام الباقر عليه‌السلام في

٦١

وفي النهاية دِرْهَمُ أهل مكة : ستة دوانيق ، ودَرَاهِمُ الإسلام المعدلة : كل عشرة سبعة مثاقيل. وَكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَتَعَامَلُونَ بِالدَّرَاهِمِ عِنْدَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله فَأَرْشَدَهُمْ إِلَى وَزْنِ مَكَّةَ. وأما الدَّنَانِير فكانت تحمل إلى العرب من الروم إلى أن ضرب عبد الملك ابن مروان الدينار في أيامه.

وشيخ مُدَرْهِمٌ أي مسن.

( دسم )

الدَّسَمُ معروف. ودَسِمَ الطعام من باب تعب. وتَدْسِيمُ الشيءِ : جعل الدَسَم عليه

( دعم )

فِي الْحَدِيثِ « لِكُلِّ شَيْءٍ دِعَامَةٌ وَدِعَامَةُ الْإِسْلَامِ الشِّيعَةُ » وفِيهِ دِعَامَةُ الْإِنْسَانِ الْعَقْلُ ، مِنْهُ الْفِطْنَةُ وَالْفَهْمُ وَالْحِفْظُ وَالْعِلْمُ ، فَإِذَا كَانَ تَأْيِيدُهُ مِنَ النُّورِ كَانَ عَالِماً حَافِظاً ذَاكِراً فَطِناً ».

الدِّعَامَةُ بالكسر : عماد البيت الذي يقوم عليه واستعير لغير ذلك كما هنا. والجمع دَعَائِمُ.

وَمِنْهُ فِي وَصْفِ أَهْلِ الْبَيْتِ عليهم‌السلام « أَشْهَدُ أَنَّكُمْ دَعَائِمُ الدِّينِ ».

وَفِي الْحَدِيثِ « دَعَائِمُ الْإِسْلَامِ خَمْسٌ » يُرِيدُ « الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ وَالزَّكَاةَ وَالْحَجَّ وَالْوَلَايَةَ ».

وَفِي الدُّعَاءِ « أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي دَعَمْتَ بِهِ السَّمَاوَاتِ فَاسْتَقَلَّتْ ». أي أسندت به السماوات ، من الدِّعَامَة وهي ما يسند به الحائط إذا مال يمنعه السقوط.

ودَعَمْتُ الحائطَ من باب نفع.

ومنه قيل للسيد في قومه : « هو دِعَامَةُ القوم » كما يقال هو عمادهم.

( دغم )

فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ صلى‌الله‌عليه‌وآله « ضَحَّى بِكَبْشٍ أَدْغَمَ ». الأَدْغَمُ هو ما يكون فيه أدنى سواد في أرنبته وتحت حنكه.

والأَدْغَمُ من الخيل : الذي لون وجهه وما يلي حجاجيه (١) يضرب إلى السواد

__________________

قصة طويلة ذكرها الدميري في حياة الحيوان ضمن أحوال عبد الملك ج ١ ص ٦٣ ـ

(١) كذا في النسخ ، والظاهر : حجاجه ، وهو العظم الذي ينبت عليه الحاجب.

٦٢

مخالفا للون سائر جسده. والأنثى : دَغْمَاء. والإِدْغَامُ : إدخال الشيء بالشيء ، ومنه إِدْغَامُ الحروف بعضها في بعض.

( دقم )

دَقَمَ فاه : أي كسر أسنانه ـ قاله الجوهري.

( دلم )

في الحديث ذكر « الخزر والدَّيْلَمُ والترك » والجميع من مشركي العجم. والدَّيْلَمُ : الداهية. وأبو دُلَامَةَ : كنية رجل (١).

( دلهم )

ليلة مُدْلَهِمَّة أي مظلمة. ودَلْهَمُ : اسم رجل.

( دمدم )

قوله تعالى : ( فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ ) [ ٩١ / ١٤ ] أي أطبق عليهم العذاب. وقيل دَمْدَمَ غضب ، وقيل أرجف بهم الأرض. يعني حركها فسواها بهم. ويقال « دَمْدَمَ الله عليهم » أهلكهم بذنبهم لأنهم رضوا جميعا به ، وحثوا عليه وكانوا قد اقترحوا تلك الآية واستحقوا بما ارتكبوه من العصيان والطغيان عذاب الاستئصال. قوله ( فَسَوَّاها ) [ ٩١ / ١٤ ] قد مر شرحها (٢).

__________________

لكن في لسان العرب : أن يضرب وجهه وجحافله إلى السواد ( مادة دغم ) والجحفلة من الخيل والبغال والحمير بمنزلة الشفة للإنسان.

(١) هو زيد بن الجون ، وسمي أبا دلامة نسبة إلى ابنه دلامة ، وهو كوفي المنشإ أسود اللون ، مولى لبني أسد. أدرك أواخر الدولة الأموية ، لكنه نبغ في الدولة العباسية وانقطع إلى أبي العباس السفاح والمنصور والمهدي. وكانوا يقدمونه ، ويستطيبون محاسنه ونوادره ، وفيه دعابة وظرف لا يخلو حديثه من نكتة أو ملحة ، وقضاياه في ذلك مشهورة ـ راجع أخباره في الأغاني ج ٩ ص ١٢٠ وابن خلكان ج ١ ص ١٩٠ وغيرهما.

(٢) في ( سوا ).

٦٣

والدَّمِيمُ : القبيح المنظر ، يقال : دَمَ الرجلُ من بابي ضرب وتعب ، ومن باب قرب لغة ، دَمَامَة بالفتح : قبح منظره وصغر جسمه فهو دَمِيمٌ ، ودِمَامٌ مثل كريم وكرام.

والدَّامَّاء بالمد : أحد جحر اليربوع.

( دوم )

دَامَ الشيءُ يَدُومُ ، ويَدَامُ لغة من باب خاف ، دَوْماً ودَوَاماً ودَيْمُومَةً أي ثبت.

ومن صفاته تعالى « دَيْمُومِيُ » أي أزلي في الماضي والمستقبل ، وَمِنْهُ « كَانَ فِي دَيْمُومَتِهِ مسيطرا ».

ودَامَ المطرُ : تتابع نزوله.

والدَّوَامُ : شمول الأزمنة.

والمُدَاوَمَةُ على الأمر : المواظبة عليه. وَمِنْهُ « أَحَبُّ الْعَمَلِ مَا دَامَ عَلَيْهِ ».

والدَّائِمُ : من أسمائه تعالى.

وَفِي الْحَدِيثِ « نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ ». أي الراكد الساكن ، من دَامَ إذا طال زمانه.

ومنه حَدِيثُ الْحُمَيْرَاءِ لِلْيَهُودِ « عَلَيْكُمُ السَّامُ الدَّامُ » أي الموت الدائم ، حذفت الياء للازدواج مع السام (١).

وما دَامَ معناه : الدوام ، لأن ما اسم موصول بدام ولا تستعمل إلا ظرفا كما تستعمل المصادر ظروفا ، تقول : لا أجلس ما دمت قائما ، أي دوام قيامك كما تقول : وردت مقدم الحاج.

ودَوْمَة : واحدة الدَّوْم ، وهي ضخام الشجر. وقيل : شجرة المقل والنبق.

ومنه حَدِيثُ وَصْفِهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله « فِي دَوْمَةِ الْكَرَمِ مَحْتِدُهُ ».

أي أصله على الاستعارة. ودَوْمَةُ الجندل : حصن عادي (٢)

__________________

(١) أي حذفت الهمزة المقلوبة عن الياء فصار ( الدام ) بدل ( الدائم ) ليوافق لفظه في الوزن وزن ( السام ) وهو من الجناس المزدوج في علم البديع كما في قوله تعالى : ( وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ).

(٢) نسبة إلى ( عاد ) قصدا إلى كونه مستحكما.

٦٤

بين المدينة والشام يقرب من تبوك وهي أقرب إلى الشام ، وهي الفصل بين الشام والعراق ، وهي أحد حدود فدك ، ويقال إنها تسمى بالجوف. قال الجوهري : وأصحاب اللغة يقولون بضم الدال ، وأصحاب الحديث يفتحونها.

وأَسْتَدِيمُ اللهَ عزك ، مما يتعدى إلى مفعولين ، والمعنى : أسأله أن يديم عزك

( دهم )

قوله تعالى : مُدْهامَّتانِ [ ٥٥ / ٦٤ ] أي سوداوان من شدة الخضرة والري (١) يقال ادْهَامَ الشيءُ ادْهِيمَاماً أي اسود.

ومنه قَوْلُهُ عليه‌السلام « وَيَدْهَامَ بِذُرَى الْآكَامِ شَجَرُهَا ». أي يسود من خضرته.

وَفِي الْحَدِيثِ « خَيْرُ الْخَيْلِ الْأَدْهَمُ الْأَقْرَحُ الْأَرْثَمُ » الأَدْهَمُ : الذي يشتد سواده.

والأَقْرَحُ : الذي في وجهه القرحة ، وهي ما دون الغرة. والأَرْثَم : الذي في جحفلته العليا بياض (٢).

ودَهِمَهُمُ الأمرُ من باب تعب ، وفي لغة من باب نفع : فجأهم « وَدَهِمَ رَسُولَ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله مِنْ عَدُوِّهِ دَهْمٌ ». أي فجأه منهم أمر عظيم.

ويُدَاهِمُهُمْ : يفاجئهم.

والدُّهَيْمَاءُ : تصغير الدَّهْمَاء ، وهي الداهية. سميت بذلك لإظلامها ويقال للقيد : الأَدْهَم

( ديم )

فِي الْخَبَرِ « وَكَانَ عَمَلُ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله دِيمَةً ».

أي دائما غير منقطع. والدِّيمَةُ : المطر الذي ليس فيه رعد ولا برق. قال الجوهري : وأقله ثلث النهار ، وأكثره ما بلغ من العدة. والجمع دِيَم.

ودَيْمُومَة أي دائمة البعد.

__________________

(١) والموصوف : ( ورقتان ).

(٢) جحفلة الفرس بمنزلة الشفة للإنسان.

٦٥

باب ما أوله الذال

( ذأم )

قوله تعالى فتقعد مَذْءُوماً (١) أي مذموما معيبا ، يقال ذَأَمَهُ وذمه : عابه بأبلغ الذم وحقره. قال الزمخشري وقرأ الزهري مَذُوماً بالتخفيف مثل مسول في مسئول.

والذَّأْمُ : العيب يهمز ولا يهمز. وأَذْأَمْتَنِي على كذا : أكرهتني عليه ، كذا عن الفراء.

( ذمم )

قوله تعالى : ( لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً ) [ ٩ / ١١ ] الإل قد ذكر في محله (٢) والذِّمَّةُ : العهد. وقيل ما يجب أن يحفظ ويحمى.

وعن أبي عبيدة الذِّمَّةُ : التذمم ممن لا عهد له ، وهو أن يلزم الإنسان نفسه ذِمَاماً أي حقا يوجه عليه يجري مجرى المعاهدة من غير معاهدة.

وفي النهاية : الذِّمَّةُ والذِّمَامُ بمعنى العهد والأمان والضمان والحرمة والحق. قال : وَمِنْهُ « يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ. » أي إذا أعطى أحد الجيش العدو أمانا ، جاز ذلك على جميع المسلمين وليس لهم أن ينقضوا عهده.

وأهل الذِّمَّة سموا بذلك لأنهم دخلوا في ضمان المسلمين وعهدهم.

ومنه سمي المعاهد ذِمِّيّاً : نسبة إلى الذِّمَّة بمعنى العهد.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ وَالْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللهِ تَعَالَى » أي في

__________________

(١) الآية من سورة الإسراء ( فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً ) وأخرى ( فَتَقْعُدَ مَلُوماً ) [ ١٧ / ٢٢ ـ ٢٩ ] أما التي فيها ( مَذْؤُماً ) فهي من سورة الأعراف قوله تعالى : ( قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً ) [ ٧ / ١٨ ] والظاهر أنها من سهو القلم.

(٢) في ( ألل ).

٦٦

أمانه وضمانه « وَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّداً فَقَدْ بَرِئَ مِنْ ذِمَّةِ اللهِ تَعَالَى وَذِمَّةِ رَسُولِهِ » كأن المراد أن الله تعالى أخذ عليه العهد بها ، فلو خالف ذلك العهد والذمام فقد برئت منه ذمة الله ورسوله أي عهدهما وذمامهما.

وَفِي الدُّعَاءِ « أَصْبَحْتُ فِي ذِمَّتِكَ » أي في ضمانك وجوارك.

وَقَوْلُهُ عليه‌السلام « مَنْ نَامَ عَلَى سَطْحٍ غَيْرِ مُحَجَّرٍ فَقَدْ بَرِئْتُ مِنْهُ الذِّمَّةَ » ذكر في « برأ ».

والذَّمُ : نقيض المدح. وذَمَمْتُهُ ذَمّاً : خلاف مدحته ، فهو ذَمِيمٌ ومَذْمُومٌ أي غير محمود.

وماء ذَمِيمٌ أي مكروه. و « البخل مَذَمَّةٌ » بفتح الميم والذال وقد تكسر أي ما يذم عليه.

وتَذَمَّمَ : أي استنكف.

والذِّمَامُ بالكسر : ما يذم الرجل على إضاعته من العهد.

وَفِي الْحَدِيثِ « مِنَ الْمَكَارِمِ التَّذَمُّمُ لِلْجَارِ » وهو أن يحفظ ذمامه ، ويطرح عن نفسه ذم الناس إن لم يحفظه.

باب ما أوله الراء

( رتم )

فِي حَدِيثِ الْقَتْلِ « فَدَفَعَ الْوَالِي الْقَاتِلَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ لِيُقَادَ بِهِ فَلَمْ يَرْتِمُوا حَتَّى أَتَاهُمْ رَجُلٌ فَأَقَرَّ بِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ » قوله فلم يَرْتِمُوا أي لم يتكلموا بكلمة حتى أتاهم من أقر بقتله. يقال ما رَتَمَ فلانٌ بكلمة أي ما تكلم بها.

( رثم )

الفرس الأَرْثَمُ : الذي أنفه أبيض وشفته العليا ، وقيل غير ذلك وقد ذكر في « دهم ».

( رجم )

قوله تعالى : ( رَجْماً بِالْغَيْبِ ) [ ١٨ / ٢٢ ] أي ظنا من غير دليل ولا برهان.

٦٧

والرَّجْمُ هو أن يتكلم الرجل بالظن.

قوله ( وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ ) [ ٦٧ / ٥ ] هو جمع رَجْم سمي به ، ويجوز كونه مصدرا لا جمعا ، ومعناه أن الشهب التي تنقض منفصلة من نار الكواكب ، ونورها كقبس يوجد من نار ، لا أنهم يرجمون بأنفس الكواكب ، لأنها ثابتة لا تزول. وقيل أراد بِالرُّجُوم : الظنون التي تحرز.

ومنه ( وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ ) [ ١٨ / ٢٢ ] وما يعانيه المنجمون من الحدس والظن والحكم على اتصال النجوم وافتراقها. وإياهم عنى بالشياطين لأنهم شياطين الإنس.

قوله لَرَجَمْناكَ [ ١١ / ٩١ ] أي لقتلناك برمي الحجارة أو بأصعب وجه ، والرَّجْمُ : القتل. وأصله الرمي بالحجارة ومنه المَرْجُوم والمَرْجُومَة.

وَفِي الدُّعَاءِ « وَلَا تَجْعَلْ جُوعَهُ عَلَيْنَا رُجُوماً » أي عذابا.

والشيطان الرَّجِيم أي المَرْجُوم باللعنة المطرود من مواضع الخير ، لا يذكره مؤمن إلا لعنه.

« وَفِي عِلْمِ اللهِ السَّابِقِ أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ « عَجَّلَ اللهُ فَرَجَهُ » لَا يَبْقَى مُؤْمِنٌ فِي زَمَانِهِ إِلَّا رَجَمَهُ بِالْحِجَارَةِ كَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مَرْجُوماً بِاللَّعْنِ ».

( رحم )

قوله تعالى : ( وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ ) [ ٤ / ١ ] الأَرْحَام القربات ، واحدها رَحِم بفتح الراء وكسر الحاء. قال في الكشاف : قوله ( وَالْأَرْحامَ ) بالحركات الثلاث ، فالنصب على وجهين : إما على واتقوا الله والأرحام ، أو أن يعطف على الجار والمجرور كقولك : مررت بزيد وعمرا ، والجر على عطف الظاهر على المضمر ، وليس بسديد إلى أن قال : والرفع على أنه مبتدأ خبره محذوف ، كأنه قال والأرحام كذلك.

والرَّحِمُ أيضا : ما يشتمل على ماء الرجل من المرأة ، ويكون فيه الحمل ، والجمع : الأَرْحَام.

ومنه قوله تعالى ( يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ ) [ ٣ / ٦ ] ويخفف

٦٨

بسكون الحاء مع فتح الراء ، وكسرها أيضا في لغة ، وفي لغة كسر الحاء أيضا إتباعا لكسرة الراء ، وهو أنثى في المعنيين وقيل مذكر. وهو الأكثر في القراءة.

قوله ( الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ) [ ٢ / ١٦٣ ] هما اسمان مشتقان من الرَّحْمَة (١) وهي في بني آدم عند العرب : رقة القلب ثم عطفه ، وفي الله : عطفه وبره ورزقه وإحسانه. والرَّحْمَن هو ذو الرحمة ولا يوصف به غير الله بخلاف الرَّحِيم الذي هو عظيم الرحمة. وأما قول بني حنيفة في مسيلمة (٢) « رَحْمَنُ اليمامة » وقول شاعرهم فيه « وأنت غيث الورى لا زلت رَحْمَاناً » فمن تعنتهم وكفرهم فلا يعبأ به قوله : ( إِنَ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) [ ٧ / ٥٦ ] أي عفوه وغفرانه فلذلك لم يقل قريبة (٣) ولأن تأنيث الرحمة غير حقيقي لأنه مصدر.

والرُّحْمُ ـ بالضم الرحمة.

ومنه قوله تعالى ( وَأَقْرَبَ رُحْماً ) [ ١٨ / ٨١ ] وقد حركه زهير مثل عسر وعسر.

قوله : ( أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ ) [ ٩ / ٧١ ] قال الزمخشري : السين في ( سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ ) مفيدة وجوب الرحمة لا محالة ، فهي مؤكدة للوعد.

قال ابن هشام : واعترض بعض الفضلاء بأن وجوب الرحمة مستفاد من الفعل لا من السين ، وبأن الوجوب المشار إليه بقوله « لا محالة » لا إشعار للسين به.

__________________

(١) وفي الحديث : « الرحمن اسم خاص لصفة عامة ، والرحيم اسم عام لصفة خاصة ».

(٢) تصغير ( مسلمة ) بفتح الميم تحقيرا له ، تنبأ في اليمامة وآمن به بنو حنيفة ، قتله المسلمون في وقعة ( عقرباء ) سنة ١١ من الهجرة.

(٣) لو أخذ فعيل بمعنى مفعول استوى فيه المذكر والمؤنث كما في قولهم : لحية دهين وكف خضيب وقوله تعالى ( يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) وسيذكر المصنف ذلك في ( رمم ).

٦٩

وأجيب بأن السين موضوعة للدلالة على الوقوع مع التأخر ، فإذا كان المقام ليس مقام التأخر لكونه بشارة ، تمحضت لإفادة الوقوع ، وبتحقق الوقوع يصل إلى درجة الوجوب.

وَفِي الْحَدِيثِ « صِلُوا أَرْحَامَكُمْ » جمع رَحِم وهم القرابة ، ويقال على من يجمع بينك وبينه نسب ، وقيل من عرف بنسبه وإن بعد كما رُوِيَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : و ( تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ ) [ ٤٧ / ٢٢ ] أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَئِمَّةِ الْحَقِّ.

وأراد بالصلة : ما يسمى برا ، كما تقدم في « وصل ».

وَفِيهِ « لَا يُؤْكَلُ مِنَ الذَّبِيحَةِ الرَّحِمُ وَالْحَيَاءُ » ويراد منه منبت الولد.

وَمِنْهُ « أَفْضَلُ الْبُدْنِ ذَوَاتُ الْأَرْحَامِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ » يريد به من كثرت أولادهما.

والرَّحِمُ المُحَرَّمَة : من لا يحل نكاحه كالأم والبنت والأخت والعمة والخالة ونحو ذلك مما هو مذكور في محله. ومنه الْحَدِيثُ « لَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ مَحْرَمٍ مِنْهَا ».

والاسْتِرْحَام : مناشدة الرحم.

ورَحِمْتُ الرجلَ إذا رققت له وحسنت عليه. والفاعل : رَاحِمٌ. وفي المبالغة « رَحِيمٌ » والجمع رُحَمَاء.

وَفِي الْخَبَرِ « إِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ » يروى بالنصب على أنه مفعول يرحم ، وبالرفع على أنه خبر إن ، وما بمعنى الذين.

وَفِيهِ « مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ » بالجزم فيهما ، ويجوز الرفع فيهما ، على أن من شرطية أو موصولة.

وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِ « رَحْمَتِي تَغْلِبُ عَلَى غَضَبِي » أي تعلق إرادتي بإيصال الرحمة أكثر من تعلقها بإيصال العقوبة ، فإن الأول من مقتضيات صفته ، والغضب باعتبار المعصية.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى مِائَةَ رَحْمَةٍ » قصد به ضرب التفاوت بين الدنيا والآخرة لا التحديد.

وقَوْلُهُ « اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ » أَرَادَ بِذَلِكَ قَوْلَهُ تَعَالَى ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِ

٧٠

فِرْقَةٍ مِنْهُمْ ) [ ٩ / ١٢٢ ] الْآيَةَ. فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَنْفِرُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَيَخْتَلِفُوا إِلَيْهِ فيعلموا [ فَيَتَعَلَّمُوا ] (١) ثُمَّ يَرْجِعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَيُعَلِّمُوهُمْ ، إِنَّمَا أَرَادَ اخْتِلَافَهُمْ إِلَى الْبُلْدَانِ لَا اختلاف [ الِاخْتِلَافَ ] (٢) فِي الدِّينِ ، إِنَّمَا الدِّينُ وَاحِدٌ ـ كَذَا فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ

( رخم )

فِي الْحَدِيثِ « فَصَلَّى عَلَى الرُّخَامَةِ الْحَمْرَاءِ » يعني في الكعبة المشرفة.

والرُّخَامُ : حجر معروف ، والواحدة رُخَامَة.

والرَّخِيمُ : الرقيق الشجي.

والرَّخْمَةُ : تقرب من الرحمة ، وعن أبي زيد « هما سواء ».

وفي الحديث ذكر « الرَّخَمَة » هو كقصبة : طائر يأكل العذرة ، وهو من الخبائث ، وليس من الصيد. قال في المصباح : ولهذا لا يجب على المحرم الفدية بقتله ، لأنه لا يؤكل. والجمع رَخَم كقصب سمي بذلك لضعفه عن الاصطياد. وفي الصحاح الرَّخَمَةُ : طائر أبقع يشبه النسر في الخلقة يقال له « الأنوق ».

ورَخُمَ الشيءُ بالضم رخامة إذا سهل ، فهو رَخِيمٌ. ورَخَّمْتُهُ ترخيما : سهلته. ومنه تَرْخِيمُ الاسم وهو حذف في الآخر تخفيفا.

( ردم )

قوله تعالى : ( أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً ) [ ١٨ / ٩٥ ] الرَّدْمُ بإهمال الدال الساكنة : السد. وقيل : الحاجز الحصين أكبر من السد ، تسمية بالمصدر.

ومنه « الرَّدْم » بمكة ، وهو حاجز يمنع السيل عن البيت المحرم ، ويعبر عنه الآن بالمدعا.

ومنه الْحَدِيثُ « إِذَا انْتَهَيْتَ إِلَى الرَّدْمِ فَكَذَا ».

ورَدْمُ يأجوج ومأجوج : سد بناه ذو القرنين ويقال قد انفتحت وإذا توسعت

__________________

(١) هكذا في النسخ. والظاهر : « فيتعلموا ».

(٢) هكذا في النسخ. والظاهر : « اختلافهم » أو « الاختلاف ».

٧١

يخرجون منها ، وذلك بعد الدجال.

وَفِي الْحَدِيثِ « كَانَتِ الْعَرَبُ تَحُجُّ الْبَيْتَ وَكَانَ رَدْماً » أي كان لا حيطان له كأنه من تَرَدَّمَ الثوبُ أي أخلق واسترقع فكأنه مُتَرَدِّمٌ. ورَدَمْتُ الثلمةَ أَرْدِمُهَا بالكسر رَدْماً إذا سددتها كذا في الصحاح. وفي المصباح : هو من باب قتل وفي القاموس يقال رَدَمَ البابَ والثلمةَ : سده كله أو ثلثه.

( رزم )

الرِّزْمَة بالكسر ، والفتح لغة : الكارة من الثياب (١) والجمع : رِزَم مثل سدرة وسدر ، كأنه من رَزَمْتُ الثوبَ جمعته.

ومنه الْحَدِيثُ « كَانَ مَعِي ثَوْبٌ وَشِيٌّ فِي بَعْضِ الرِّزَمِ » أي الكارات المشدودة ، وَمِثْلُهُ « أَتَى الرِّضَا عليه‌السلام يَرْزُمُ ثِيَاباً ».

ورَزَمْتُ كذا وكذا أي ربطته وشددته وما يقرب منه.

وقد رَزَمْتُهَا : إذا شددتها.

وناقة رَازِمٌ : لا تتحرك من هزال.

وَفِي الْخَبَرِ « إِذَا أَكَلْتُمْ فَرَازِمُوا » يريد موالاة الحمد.

وأَرْزَمَ الرعدُ : اشتد صوته.

( رسم )

رَسْمُ القبر : أثره ، والجمع رُسُوم وأَرْسُم مثل فلس وفلوس وأفلس.

وَالرَّسُومُ : سَيْفٌ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله.

ورَسَمْتُ للبناء رَسْماً : علمت.

ورَسَمَ عَلَيَّ كذا وكذا : أي كتب.

ورَسَمْتُ الكتابَ : كتبته. ومنه شهد على رَسْمِ القبالة.

وَفِي الْحَدِيثِ « فَإِذَا النَّاسُ يَرْسُمُونَ نَحْوَهُ ».

أي يذهبون إليه سراعا. ورَسَمَ في الأرض أي غاب.

( رشم )

الرَّشْمُ : مصدر رَشَمْتُ الطعامَ أَرْشُمُهُ

__________________

(١) الكارة من الثياب : ما يكوره القصار منها أي يلف بعضها مع بعض فيحمله فيكون بعضها فوق بعض. والجمع : كارات.

٧٢

إذا ختمته.

( رطم )

فِي الْحَدِيثِ « مَنِ اتَّجَرَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَقَّهَ ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا ثُمَ ارْتَطَمَ ».

ومثله « أسأله مسألة يَرْتَطِمُ فيها كما يَرْتَطِمُ الحمار في الوحل » يقال ارْتَطَمَ عليه الأمرُ إذا لم يقدر على الخروج منه. وارْتَطَمَ في الوَحَلِ : دخل فيه واحتبس.

( رعم )

الرُّعَامُ ـ بضم الراء وخفة المهملة ـ المخاط ، يقال « شاة رَعُومٌ » بها داء يسيل

ومنه الْحَدِيثُ « نَظِّفُوا مَرَابِضَهَا وَامْسَحُوا رُعَامَهَا » وَفِي رِوَايَةٍ غَيْرِ مَشْهُورَةٍ « رُغَامَهَا » بغين معجمة فيجوز أن يريد مسح التراب عنها وإصلاحا لشأنها.

( رغم )

قوله تعالى : ( يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً ) [ ٤ / ١٠٠ ] أي متحولا ، من الرَّغَام بالفتح وهو التراب ، وقيل طريقا يراغم قومه بسلوكه أي يفارقهم على رغم أنوفهم ، وهو أيضا من الرَّغَام.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْإِرْغَامُ بِالْأَنْفِ سُنَّةٌ » أي إلصاق الأنف بالرغام وهو التراب ، يقال رَغَمَ أنفَه رَغْماً من باب قتل ، ورَغِمَ من باب تعب لغة ، كناية عن الذل كأنه لصق بالتراب هوانا.

ويتعدى بالألف فيقال أَرْغَمَ اللهُ أنفَه.

وقلعته على رَغْمِ أنفه ـ بالفتح والضم ـ أي على كره منه.

ورَاغَمْتُهُ : غاضبته.

وهذا تَرْغِيمٌ له أي إذلال. قال في المصباح : هذا من الأمثال التي جرت في كلامهم بأسماء الأعضاء ، ولا يريدون أعيانها ، بل وضعوها لمعان غير معاني الأسماء الظاهرة ولا حظ لظاهر الأسماء من طريق الحقيقة.

ومنه قولهم : كلامه تحت قدمي وحاجته خلف ظهري ، يريدون الإهمال وعدم الاحتفال.

والرَّغْمُ هو أن يفعل الإنسان ما يكرهه على كره. قال الخليل ـ نقلا عنه ـ : ولعل منه قَوْلُهُ عليه‌السلام ـ حِينَ دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ وَهِيَ تَجُودُ بِنَفْسِهَا ـ :

٧٣

بِالرَّغْمِ مِنَّا مَا نَرَى بِكِ يَا خَدِيجَةُ ».

والمُرَاغَمَةُ : الهجران والتباعد والمغاضبة. ومنه الْحَدِيثُ « مَنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ مُوسَى عليه‌السلام مَعَ أَبِيهِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَصْحَابِ فِرْعَوْنَ فَمَضَى أَبُوهُ وَهُوَ يُرَاغِمُهُ » أَيْ يُغَاضِبُهُ « حَتَّى بَلَغَا طَرَفَيِ الْبَحْرِ ».

وَفِي الْحَدِيثِ « إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيُلْزِمْ جَبْهَتُهُ وَأَنْفُهُ الْأَرْضَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ الرَّغْمُ » هو بتثليث الراء ما يسيل من الأنف.

وَفِيهِ « وَإِنْ رَغِمَ [ أَنْفُ ] أَبِي الدَّرْدَاءِ » (١) أي وإن ذل وكره.

وَفِيهِ « رَغِمَ أَنْفِي لِلَّهِ » أي ذل وانقاد.

وَفِيهِ « السِّقْطُ يُرَاغِمُ رَبَّهُ إِنْ أَدْخَلَ أَبَوَيْهِ النَّارَ » أي يحاجه ويغاضبه. قال بعض الشارحين : هو تخييل نحو « قَامَتِ الرَّحِمُ فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ ».

والمُرْغِمَتَانِ في الحديث ـ بكسر المعجمة ـ : سجدتا السهو ، سميتا بذلك لكون فعلهما يرغم أنف الشيطان ويذله ، فإنه يكلف في التلبيس فأضل الله سعيه وأبطل قصده وجعل هاتين السجدتين سببا لطرده وإذلاله.

( رقم )

قوله تعالى ( أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ ) [ ١٨ / ٩ ] الآية ، الرَّقِيمُ : لوحان من نحاس مَرْقُومٌ فيهما أي مكتوب أمر الفتية وأمر إسلامهم وما أراد منهم دقيانوس الملك ، وكيف كان أمرهم وحالهم.

والرَّقِيمُ من أسماء الفلك ، سمي به لرقمه بالكواكب كالثوب المنقوش واللوح المكتوب.

والرَّقِيمُ : الكتاب ، وهو فعيل بمعنى مفعول. ومنه قوله تعالى ( كِتابٌ مَرْقُومٌ ) [ ٨٣ / ٩ ].

والرَّقْمُ : كل ثوب رُقِمَ أي وُشِيَ برقم معلوم حتى صار علما.

وَمِنْهُ الْخَبَرُ « كَانَ يَزِيدُ فِي الرَّقْمِ » أي ما يكتب على الثياب من أثمانها لتقع المرابحة عليه.

ورَقَمْتُ الثوبَ من باب قتل : وشيته.

__________________

(١) هكذا في النسخ. والظاهر : أبو الدرداء.

٧٤

ورَقَمْتُ الشيءَ : علمته بعلامة تميزه عن غيره كالكتابة ونحوها.

وَفِي الْخَبَرِ « مَا أَنْتُمْ فِي الْأُمَمِ إِلَّا كَرَقْمَةٍ فِي ذِرَاعِ الدَّابَّةِ » هي بفتح القاف وسكونها : الأثران في باطن عضديها ، وهما رقمتان في ذراعيها.

وقولهم « هو يَرْقُمُ على الماء » أي بلغ من حذاقته في الأمور أن يرقم حيث لا يثبت الرقم.

والأَرْقَمُ الحية التي فيها سواد وبياض

( ركم )

قوله تعالى ( يَجْعَلُهُ رُكاماً ) [ ٢٤ / ٤٣ ] أي بعضه فوق بعض. والرُّكَامُ بالضم : الرمل المتراكم. وكذلك السحاب وما أشبهه. قوله فَيَرْكُمَهُ [ ٨ / ٣٧ ] (١) أي يجمع بعضه فوق بعض. يقال : رَكَمَهُ رُكُوماً : جمعه وألقى بعضه فوق بعض. والمَرْكُومُ كذلك.

( رمم )

قوله تعالى : ( يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) [ ٣٦ / ٧٨ ] أي بالية من رَمَ العظمُ يَرِمُ بالكسر رِمَّةً إذا بلي.

وإنما قال ( وَهِيَ رَمِيمٌ ) لأن فعيلا وفعولا يستوي فيه المذكر والمؤنث والجمع مثل رسول وعدو وصديق.

والرَّمِيمُ : نبات الأرض إذا يبس وديس.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَوْ رَمِمْتَ يَا رَسُولَ اللهِ » أي صرت رميما.

والرِّمَّةُ ـ بالكسر والتشديد ـ : العظام البالية والجمع رِمَم كسدرة وسدر ورِمَام ككرام.

ومنه الْحَدِيثُ « نَهَى أَنْ يُسْتَنْجَى بِالرِّمَّةِ وَالرَّوْثِ » قالوا : وذلك لاحتمال نجاستها أو لأنها لا تقوم مقام الحجر لملاستها. قيل وإنما سميت رِمَّةً لأن الإبل تَرِمُّهَا أي تأكلها.

ورَمَمْتُ الشيءَ أَرُمُّهُ وأَرِمُّهُ رَمّاً ومَرَمَّةً إذا أصلحته. ورَمَّمْتُهُ بالتثقيل مبالغة.

ومنه الْحَدِيثُ « لَا يَكُونُ الْعَاقِلُ ظَاعِناً إِلَّا فِي ثَلَاثٍ : تَزَوُّدٍ لِمَعَادٍ أَوْ مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ أَوْ

__________________

(١) الْآيَةِ : « فيركمه » سُورَةَ الْأَنْفَالِ : ٣٧.

٧٥

لَذَّةٍ مِنْ غَيْرِ مُحَرَّمٍ ».

ورَمَّهُ بمعنى أكله.

والرُّمَّةُ ـ بالضم والتشديد ـ قطعة من الحبل بالية والجمع رِمَام ورِمَم ، وبه سمي ذو الرُّمَّة.

ومنه قولهم : « دَفَعَ الشَّيْءَ بِرُمَّتِهِ » أي بجملته. قال الجوهري : وأصله أن رجلا دفع إلى رجل بعيرا بحبل في عنقه فقيل ذلك لكل من دفع شيئا بجملته.

وَمِنْهُ « الْقَاتِلُ نَفْساً خَطَأً يُتَلُ بِرُمَّتِهِ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ ».

( رنم )

في الحديث ذكر « التَّرَنُّم » هو ترجيع الصوت ، يقال رَنِمَ يَرْنَمُ من باب تعب : رجع صوته. وسمعت له رَنِيماً : مأخوذ من ترنم الطائر في هديره.

والتَّرَنُّمُ بالقرآن هو التطريب والتغني وتحسين الصوت بالتلاوة.

( روم )

قوله تعالى ( غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ) [ ٣٠ / ٢ ] الرُّومُ هم من ولد عيص (١) يقال رُومِيٌ ورُومٌ مثل زنجي وزنج. قال الجوهري : فليس بين الواحد والجمع إلا الياء المشددة كما تقول تمرة وتمر ، ولم يكن بين الواحد والجمع إلا الهاء.

ورُمْتُ الشيءَ أَرُومُهُ رَوْماً : إذا طلبته والمَرَامُ : المطلب.

والمَرَامُ : مصدر ميمي من رَامَ يَرُومُ رَوْماً.

والرَّوْمُ : حركة مختلسة مختفاة لضرب من التخفيف ـ كذا نقله الجوهري عن سيبويه.

ورُومَان : اسم ملك يكون مع ابن

__________________

(١) وهو عيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه‌السلام. والروم : أمة من الناس كانوا يسكنون شمالي البحر المتوسط وتسميتهم بالروم أو الرومي نسبة إلى مسكنهم الأصلي مدينة ( رومية ) من مدن إيطاليا ، عقد أهلها تحالفا منذ فجر التاريخ ( ٧٠٠ ق م ) فكان منبعث نشاط وحركة ثم تشكيل حضارة واسعة النطاق امتدت نحو الشرق الأوسط ثم تقلصت شيئا فشيئا وانهارت ( ٨٥٧ ه‍ ) على يد الأتراك العثمانيين نهائيا.

٧٦

آدم في قبره. وقد مر حديثه في « طير ».

وبئر رُومَة ـ بضم راء وسكون واو ـ : بئر بالمدينة لليهود.

( رهم )

الرِّهْمَةُ بالكسر : المطرة الضعيفة الدائمة ، والجمع رِهَم ورِهَام. وَمِنْهُ « عَيْشاً عَامّاً (١) مُنْعِماً رِهَماً ». أي مستديما.

ويقال الرِّهْمَة بالكسر : أشد دفعا من الديمة.

وأَرْهَمَتِ السحابةُ أي أتت بالرهام وَمِنْ كَلَامِ نُوحٍ عليه‌السلام عِنْدَ مَا وَقَفَتِ السَّفِينَةُ « رهمن أتقن » ومعناه يا رب أحسن.

والمَرْهَمُ : شيء يوضع على الجراحات معرب.

( ريم )

قوله تعالى ( وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ ) [ ٦٦ / ١٢ ] مَرْيَمُ : اسم أعجمي ، ووزنه. مفعل ، وبناؤه قليل ، وميمه زائدة ، ولا يجوز أن تكون أصلية ، لفقد فعيل في الأبنية العربية.

قال في المصباح : ونقل الصغاني عن أبي عمرو قال : مَرْيَم مفعل من رَامَ يَرِيمُ ، وهذا يقتضي أن يكون عربيا.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مُدَّةِ حَمْلِ مَرْيَمَ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : تِسْعَةُ أَشْهُرٍ وَقَالَ غَيْرُهُ : ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ ، وَلَمْ يَعِشْ مَوْلُودٌ لِثَمَانِيَةٍ إِلَّا عِيسَى عليه‌السلام. وَقَالَ آخَرُونَ : سِتَّةُ أَشْهُرٍ. وَقَالَ آخَرُونَ ثَلَاثُ سَاعَاتٍ حَمَلَتْهُ فِي سَاعَةٍ وَصُوِّرَ فِي سَاعَةٍ وَوَضَعَتْهُ فِي سَاعَةٍ. وَقِيلَ : إِنَّ مُدَّةَ الْحَمْلِ كَانَتْ سَاعَةً.

وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مُخَاطِباً لِأَبِي بَكْرٍ « لَسْتُ أَرِيمُ حَتَّى يَقْدَمَ ابْنُ عَمِّي وَأَخِي فِي اللهِ » أي لست أبرح. ومثله قَوْلُهُ لَا أَرِيمُ عَنْ مَكَانِي ». من قولهم : رَامَهُ يَرِيمُهُ رَيْماً أي برحه.

__________________

(١) وفي نسخة : غيدا.

٧٧

باب ما أوله الزاي

( زأم )

الزَّأْمَةُ : الصوت الشديد.

والزَّأْمَةُ : شدة الأكل والشرب.

( زحم )

زَحَمْتُهُ زَحْماً من باب نفع : دفعته ، وأكثر ما يكون ذلك في مضيق.

و « يُزَاحِمُ الناسَ على الرُّكْنين » أي يغالبهم عليهما.

والزَّحْمَةُ : مصدر كالزِّحَام ، والهاء لتأنيثه.

وازْدَحَمَ القومُ على كذا وتَزَاحَمُوا عليه بمعنى.

( زرم )

زَرِمَ البولُ بالكسر : أي انقطع ، وأَزْرَمْتُهُ أنا.

ومنه الْحَدِيثُ « لَا تُزْرِمُوا ابْنِي ».

أي لا تقطعوا بوله.

( زدرم )

الازْدِرَامُ : الابتلاع والزدرمة [ الزَّرْدَمَةُ ] : موضع الازدرام والابتلاع قاله الجوهري (١).

( زعم )

قوله تعالى : ( أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا ) [ ١٧ / ٩٢ ] أي كما أخبرت ، فَالزَّعْمُ هنا بمعنى القول.

ومنه « زَعَمَ فلان كذا » أي قال ، وقد يكون بمعنى الظن أو الاعتقاد.

ومنه قوله تعالى ( زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا ) [ ٦٤ / ٧ ].

وفي الغريب الزَّعْمُ مثلث الزاء يكون حقا وباطلا.

ومنه قوله ( هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ ) [ ٦ / ١٣٦ ] أي بباطلهم ، قرئ بضم الزاء وفتحها أي زعموا أنه لله والله لم يأمرهم بذلك.

وعن الأزهري : أكثر ما يكون الزَّعْمُ فيما يشك فيه ولا يتحقق.

وقال بعضهم : هو كناية عن الكذب.

وعن المرزوقي : أكثر ما يستعمل فيما كان باطلا ، أو فيه ارتياب.

__________________

(١) أورد الجوهري في صحاحه الازدرام في مادة « زدرم » والزردمة في مادة « زردم » فهما مادتان خلطهما الطريحي وجعلهما مادة واحدة.

٧٨

وعن ابن القوطية ـ في زَعَمَ زَعْماً ـ قال : هو خبر لا يدرى أحق هو أو باطل ، ولهذا قال الخطابي : زَعَمَ مطية الكذب.

ومثله قولهم « بئس مطية الرجل زَعَمُوا » شبه ما يتوصل به إلى حاجته بمطية يتوصل بها إلى مقصده.

وَفِي الْحَدِيثِ « كُلُ زَعْمٍ فِي الْقُرْآنِ كَذِبٌ ».

وزَعَمْتُ بالمال من بابي قتل ونفع : كفلت.

وزَعَمَ على القوم يَزْعُمُ من باب قتل زَعَامَةً بالفتح : تأمر عليهم ، فهو زَعِيمٌ.

وزَعِيمُ القوم : سيدهم.

والزَّعِيمُ : الضمين والكفيل ، ومنه قَوْلُهُ عليه‌السلام « وَأَنَا بِنَجَاتِكُمْ زَعِيمٌ » أي ضامن لنجاتكم.

و « الزَّعِيمُ غَارِمٌ » أي الكفيل يلزم نفسه بما ضمنه ، والغُرْمُ أداء لشيء يلزمه. والزَّعَمُ بالتحريك : الطمع ، وقد زَعِمَ بالكسر أي طمع يَزْعَمُ زَعْماً.

( زقم )

قوله تعالى ( إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ ) [ ٤٤ / ٤٣ ] الزَّقُّومُ ـ بفتح الزاء وتشديد القاف ـ : شجرة مرة كريهة الطعم والرائحة ، يكره أهل النار على تناوله. وَمِنْهُ « أَعُوذُ بِكَ مِنَ الزَّقُّومِ ».

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : « لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ أَبُو جَهْلٍ : إِنَّ مُحَمَّداً يُخَوِّفُنَا ، هَاتُوا الزُّبْدَ وَالتَّمْرَ وَتَزَقَّمُوا ». أي كلوا ، بناء على أن الزَّقُّومَ تمر وزبد ، فأنزل الله ( إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ ) [ ٣٧ / ٦٥ ] والزَّقُّومُ من الزَّقْمِ : اللقم الشديد ، والشرب المفرط.

والتَّزَقُّمُ : التلقم.

وتَزَقَّمَ [ اللَّبَنَ ] إذا أفرط في شربه.

( زكم )

فيه ذكر « الزُّكَامُ » هو داء معروف يقال زُكِمَ الرجلُ وأَزْكَمَهُ الله فهو مَزْكُومٌ.

( زلم )

قوله تعالى ( وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ) [ ٥ / ٤ ] الأَزْلَامُ جمع زَلَم بفتح الزاء كجمل وضمها كصرد ، وهي قداح لا ريش لها ولا نصل ، كانوا يتفاءلون بها في

٧٩

أسفارهم وأعمالهم ، قيل مكتوب على بعضها أمرني ربي ، وعلى بعضها نهاني ربي ، وبعضها غفل لم يكتب عليها شيء ، فإذا خرج ما ليس عليه شيء أعادها

والمراد بها في المشهور ، ودلالة الرواية عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هو أن الأَزْلَام : القداح العشرة المعروفة فيما بينهم في الجاهلية.

والقصة في ذلك : أنه كان يجتمع العشرة من الرجال فيشترون بعيرا فيما بينهم وينحرونه ، ويقسمونه عشرة أجزاء وكان لهم عشرة قداح ، لها أسماء وهي الفذ وله سهم ، والتوأم وله سهمان ، والرقيب وله ثلاثة ، والحلس وله أربعة ، والنافس وله خمسة ، والمسبل وله ستة والمعلى وله سبعة ، وثلاثة لا أنصباء لها ، وهي المنيح والسفيح والوغد.

قال : « هي فذ وتوأم ورقيب ، ثم حلس ونافس ثم مسبل « و » المعلى والوغد ثم منيح ، وسفيح وذي الثلاثة تهمل ». وكانوا يجعلون القداح في خريطة ، ويضعونها على يد من يثقون به فيحركها ويدخل يده في تلك الخريطة ويخرج باسم كل قدحا ، فمن خرج له قدح من الأقداح التي لا أنصباء لها لم يأخذ شيئا وألزم بأداء ثلث قيمة البعير ، فلا يزال يخرج واحدا بعد واحد حتى يأخذ أصحاب الأنصباء السبعة أنصباءهم ، ويغرم الثلاثة الذين لا أنصباء لهم ، قيمة البعير ، وهو القمار الذي حرم الله تعالى فقال ( وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ ) [ ٥ / ٣ ] يعني حراما.

ومعنى الاستقسام بِالْأَزْلَام : طلب معرفة ما يقسم لهم بها ، وقيل هو الشطرنج والنرد.

( زمم )

فِي حَدِيثِ الشِّيعَةِ « يُمْسِكُونَ أَزِمَّةَ قُلُوبِ ضُعَفَاءِ الشِّيعَةِ كَمَا يُمْسِكُ صَاحِبُ السَّفِينَةِ سُكَّانَهَا ».

الأَزِمَّة جمع زِمَام ككتاب للبعير. وزَمَمْتُهُ زَمّاً من باب قتل : شددت عليه زمامه.

٨٠