مجمع البحرين - ج ٦

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٦

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٦

مِثْلَ ما قام زيد » و « مِثْلَ أن تقوم » و « مِثْلَ أنك تقوم » لمشابهتها الظروف المضافة إلى الجملة نحو ( إذ ) و ( حيث ).

١٩ ـ فائدة

( تقدير اللام في الإضافة )

لا يشترط في الإضافة التي بمعنى اللام صحة تقدير اللام ، مثل « كُلُ شيء » و « قَوْلُ صدق » و « وَعْدُ حق »

٢٠ ـ فائدة

( الضمير بين مذكر ومؤنث )

إذا توسط الضمير بين مذكر ومؤنث ، أحدهما يفسر الآخر جاز تأنيث الضمير ، فلو قيل : ما القدر؟ فتقول : هي الهندسة ، ونحو ذلك.

٢١ ـ فائدة

( الأوصاف الخاصة بالنساء تجرد عن التاء )

إذا كان النعت منفردا به الأنثى دون الذكر لم تدخله الهاء نحو ( طَالِق ) و ( طَامِث ) و ( حَائِض ) لأنه لا يحتاج إلى فارق ، لاختصاص الأنثى به ، قاله ابن الأنباري ـ نقلا عنه ـ.

٣٨١

٢٢ ـ فائدة

( إذا كثر الشيء بالمكان )

إذا كثر الشيء بالمكان قيل فيه ( مفعلة ) بفتح الميم وسكون الفاء فيقال « أرض مَسْبَعَة » أي كثيرة السباع و « مَأْسَدَة » و « مَبْطَخَة ».

٢٣ ـ فائدة

( في الفرق بين عَسَى وكاد )

قال الزمخشري : والفصل بين معنى ( عسى ) و ( كاد ) : أن ( عَسَى ) لمقاربة الأمر على سبيل الرجاء والطمع ، تقول « عسى الله أن يشفي مريضي » تريد أن قرب شفائه مرجو من عند الله ، مطموع فيه.

و ( كَادَ ) لمقاربته على سبيل الحصول والوجود ، تقول « كادت الشمس أن تغرب » تريد أن قربها من الغروب قد حصل.

٢٤ ـ فائدة

( في حذف المخصوص بالمدح )

قد يحذف المخصوص إذا كان معلوما للمخاطب نحو قوله تعالى ( نِعْمَ الْعَبْدُ ) [ ٣٨ / ٣٠ ] أي نعم العبد أيوب وقوله ( فَنِعْمَ الْماهِدُونَ ) [ ٥١ / ٤٨ ] أي فنعم الماهدون نحن.

٣٨٢

٢٥ ـ فائدة

( حبذا في المدح )

قال الزمخشري : و ( حبذا ) مما يناسب هذا الباب يعني باب المدح ، ومعنى ( حب ) : صار محبوبا جدا.

وفيه لغتان : فتح الحاء وضمها ، وأصلها ( حبب ) وهو مسند إلى اسم الإشارة إلا أنهما جريا بعد التركيب مجرى الأمثال التي لا تغير فلم يضم أول الفعل ولا وضع موضع ذا غيره من اسم الإشارة ، بل التزم فيها طريقة واحدة.

٢٦ ـ فائدة

( الفعل في « أكرم بزيد » ماض أم أمر؟ )

قول القائل « أَكْرِمْ بزيد » قال الزمخشري : أصله ( أكرم زيد ) أي صار ذا كرم كأغد البعير.

قال : وفي هذا ضرب من التعسف ، وعندي أن أسهل منه مأخذا أن يقال : إنه أمر لكل أحد بأن يجعل زيدا كريما ، بأن يصفه بالكرم والباء مزيدة للتأكيد والاختصاص ، أو بأن يصيره ذا كرم والباء للتعدية ، هذا أصله.

ثم جرى مجرى المثل فلم يغير عن لفظة الوحدة ، في قولك يا رجلان أكرم بزيد ويا رجال أكرم بزيد.

٣٨٣

٢٧ ـ فائدة

( التعبير بالجمع عن التثنية )

قد يعبر بالجمع عن التثنية مع أمن اللبس ، كقوله تعالى ( صَغَتْ قُلُوبُكُما ) [ ٦٦ / ٤ ] وقول الشاعر : « ظهراهما مثل ظُهُورِ الترسين ».

نكات

( تتعلق ببعض الآيات )

( منها ) : قوله تعالى ( أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا ) [ ١١ / ٨٧ ].

فإنه يتبادر إلى الذهن : عطف ( أَنْ نَفْعَلَ ) على ( أَنْ نَتْرُكَ ) وهو على ما ذكر في المغني باطل ، لأنه لم يأمرهم أن يفعلوا في أموالهم ما يشاءون ، وإنما هو عطف على ( ما ) ، فهو معمول للترك ، والمعنى أن نترك أن نفعل.

( ومنها ) : قوله تعالى ( وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي ) [ ١٩ / ٤ ]

فإن المتبادر : تعلق مِنْ بخِفْتُ ، وهو على ما في المغني فاسد في المعنى ، والصواب تعليقه ب الْمَوالِيَ ، لما فيه من معنى الولاية أي خفت ولايتهم من بعدي وسوء خلافتهم ، أو بمحذوف هو حال من الْمَوالِيَ ، أو مضاف إليهم أي كائنين من ورائي ، أو فعل الموالي من ورائي.

وأما من قرأ ( خَفَّتِ ) بفتح الخاء وتشديد الفاء وكسر التاء ، فمن متعلقة بالفعل المذكور.

٣٨٤

ومنها : قوله تعالى ( وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ ) [ ٢ / ٢٨٢ ].

فإن المتبادر تعلق إِلى بتَكْتُبُوهُ.

قال ابن هشام : وهو فاسد لاقتضائه استمرار الكتابة إلى أجل الدين ، وإنما هو حال أي مستقرا في الذمة إلى أجله.

قال : ونظيره قوله تعالى ( فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ) [ ٢ / ٢٥٩ ] فإن المتبادر انتصاب ( مِائَةَ ) بأماته ، وذلك ممتنع مع بقائه على معناه الوضعي لأن الإماتة : سلب الحياة ، وهي لا تمتد.

والصواب أن يضمن أَمَاتَهُ معنى ألبثه فكأنه قيل فألبثه الله بالموت مائة عام ، وحينئذ يتعلق به الظرف بما فيه من معنى العارض له بالتضمين أي معنى اللبث.

قال : ونظيره أيضا قَوْلُهُ صلى‌الله‌عليه‌وآله « كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ حَتَّى يَكُونَ أَبَوَاهُ هُمَا اللَّذَانِ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ » فإنه لا يجوز تعلق حتى بيولد ، لأن الولادة لا تستمر إلى هذه الغاية ، بل الذي يستمر إليها كونه على الفطرة.

فالصواب تعلقها بما تعلقت به ( على ).

وأن ( على ) متعلقة بكائن محذوف منصوب على الحال من الضمير في يولد ، ويولد خبر كل.

ومنها : قوله تعالى ( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ) [ ٣٧ / ١٠٢ ].

فإن المتبادر : تعلق ( مع ) ب ( بَلَغَ ) ، وليس كذلك.

قال الزمخشري : أي فلما بلغ أن يسعى مع أبيه في أشغاله وحوائجه ، قال : ولا يتعلق ( مع ) ببَلَغَ لاقتضائه أنهما بلغا معا حد

٣٨٥

السعي ولا بالسعي لأن صلة المصدر لا يتقدم عليه ، وإنما هي متعلقة بمحذوف على أن يكون بيانا كأنه قيل لما بلغ الحد الذي يقدر فيه على السعي فقيل : مع من؟ قيل مع أعطف الناس عليه ، وهو أبوه ، أي إنه لم تستحكم قوته بحيث يسعى مع غير مشفق ـ انتهى.

وفي منع تعلقه بالمصدر منع.

ومنها : قوله تعالى ( اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ) [ ٦ / ١٢٤ ]

فإن المتبادر : أن ( حَيْثُ ) ظرف مكان ، لأنه المعروف في استعمالها.

قال ابن هشام : ويرده أن المراد أنه تعالى يعلم المكان المستحق للرسالة ، لا أن علمه في المكان ، فهو مفعول به ، لا مفعول فيه ، وحينئذ لا ينتصب ب ( أَعْلَمُ ) إلا على قول بعضهم ، بشرط تأويله بعالم.

والصواب : انتصابه بيعلم محذوفا ، ودل عليه ( أَعْلَمُ ).

ومنها : قوله تعالى ( فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ) [ ٢ / ٢٦٠ ].

فإن المتبادر : تعلق ( إلى ) بصرهن ، وهذا لا يصح ، إذا فسر ( صُرْهُنَّ ) بقطعهن ، فإما أن تعلقه بخذ ، وإما أن يفسر بأملهن ، فالتعلق به.

وعلى الوجهين يجب تقدير مضاف أي إلى نفسك ، لأنه لا يتعدى فعل المضمر المتصل إلى ضميره المتصل إلا في باب ( ظن ) نحو ( أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى ) [ ٩٦ / ٧ ] ( فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ ) [ ٣ / ١٨٨ ] فيمن ضم الباء (١).

__________________

(١) وقرأ بياء المضارعة وكسر السين. راجع مجمع البيان للشيخ الطبرسي ج ٢ ص ٥٤٣.

٣٨٦

ويجب تقدير هذا المضاف في نحو ( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ ) [ ١٩ / ٢٥ ] و ( اضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ ) [ ٢٨ / ٣٢ ] ( أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ) [ ٣٣ / ٣٧ ].

ومنها : قوله تعالى ( يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ) [ ٢ / ٢٧٣ ] فإن المتبادر : تعلق ( مِنَ ) ب ( أَغْنِياءَ ) لمجاورته له.

قال ابن هشام : ويفسده أنهم متى ظنهم ظان فقد استغنوا من تعففهم ، علم أنهم فقراء من المال فلا يكون جاهلا بحالهم ، وإنما هي متعلقة بيحسب وهي للتعليل.

ومنها قوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا ) [ ٢ / ٢٤٦ ].

فإن المتبادر : تعلق ( إِذْ ) بفعل الرؤية.

قال ابن هشام : ويفسده أنه لم ينته علمه أو نظره إليهم في ذلك الوقت ، وإنما العامل مضاف محذوف أي ألم تر إلى قصتهم أو خبرهم ، إذ التعجب إنما هو من ذلك لا من ذواتهم.

ومنها : قوله تعالى ( فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً ) [ ٢ / ٢٤٩ ].

فإن المتبادر تعلق الاستثناء بالجملة الثانية.

قال ابن هشام : وذلك فاسد لاقتضائه أن ( مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ) ليس منه ، وليس كذلك بل ذلك مباح لهم وإنما هو مستثنى من الأولى

ومنها : قول بعضهم في أَحْوى [ ٨٧ / ٥ ] إنه صفة ل ( غُثاءً ).

قال ابن هشام : وهذا ليس بصحيح على الإطلاق ، بل إذا فسر الأحوى بالأسود من الجفاف واليبس ، وأما إذا فسر بالأسود من شدة.

٣٨٧

الخضرة ولكثرة الري ، كما فسر ( مُدْهامَّتانِ ) [ ٥٥ / ٦٤ ] فجعله صفة ل ( غُثاءً ) ، كجعل ( قَيِّماً ) صفة ل ( عِوَجاً ) [ ١٨ / ١ ].

وإنما الواجب أن يكون حالا من المرعى. وأخر ليناسب الفواصل.

ومنها : قول بعضهم في قوله تعالى ( فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ ) [ ٦ / ٩٩ ] فيمن رفع جنات : إنه عطف على ( قنوان ) ، وهذا يقتضي أن جنات الأعناب تخرج من طلع النخل ، وليس بصحيح ، وإنما هو على ما ذكره ابن هشام : مبتدأ بتقدير « وهناك جنات » أو « ولهم جنات ».

قال : ونظيره قراءة من قرأ ( وَحُورٌ عِينٌ ) [ ٥٦ / ٢٢ ] بالرفع بعد (١) قوله ( يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ) [ ٣٧ / ٤٥ ] أي ولهم حور عين.

وأما قراءة السبعة ( وَجَنَّاتٍ ) بالنصب فبالعطف على ( نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ ) وهو من باب ( وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ ) [ ٢ / ٩٨ ]

ومنها : قول الزمخشري في قوله تعالى ( يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي ) [ ٥ / ٣١ ] : أن انتصاب أواري في جواب الاستفهام.

__________________

(١) ليس قوله تعالى ( وَحُورٌ عِينٌ ) بعد هذه الآية التي هي من سورة الصافات. بل إنها بعد قوله تعالى ( يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ ، بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ ، وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ) إلى قوله ( وَحُورٌ عِينٌ ) سورة الواقعة : ١٧ ـ ٢٢.

٣٨٨

قال ابن هشام : ووجه فساده أن جواب الشيء مسبب عنه ، والمواراة لا تتسبب عن العجز ، وإنما انتصابه بالعطف على ( أَكُونَ ).

قال : ومن هنا امتنع نصب تصبح في قوله تعالى ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ) [ ٢٢ / ٦٣ ] لأن إصباح الأرض مخضرة لا يتسبب عن رؤية إنزال المطر ، بل عن الإنزال نفسه.

ومنها : قول بعضهم في ( فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً ) [ ٣٦ / ٢٨ ] إن الأصل اتخذوهم قربانا.

قال الزمخشري : وذلك فاسد في المعنى وإن الصواب أن ( آلِهَةً ) هو المفعول الثاني وأن ( قُرْباناً ) حال. ولم يتبين وجه الفساد.

قال ابن هشام : ووجه فساده : أنهم إذا ذموا على اتخاذهم قربانا من دون الله اقتضى مفهومه الحث على أن يتخذوا الله سبحانه قربانا ، كما إذا قلت أتتخذ فلانا معلما دوني ، وكنت آمرا له أن يتخذ معلما دونه ، وأنه تعالى يتقرب إليه بغيره ولا يتقرب به إلى غيره تعالى.

ومنها قول بعضهم في قوله تعالى ( وَثَمُودَ فَما أَبْقى ) [ ٥٣ / ٥١ ] إن ( ثَمُودَ ) مفعول مقدم ، ويرده أن ما النافية لها الصدر فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها ، وإنما هو معطوف على ( عاداً ) وهو بتقدير ( وأهلك ثمود ).

ومنها قول بعضهم في قوله تعالى ( فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ ) [ ٢ / ٦٤ ] إن الظرف فيه متعلق بمحذوف هو الخبر أي كائن عليكم.

وقال ابن هشام : إنه ممتنع عند الجمهور وإنما هو متعلق بالمذكور

٣٨٩

وهو الفضل لأن خبر المبتدإ بعد لولا واجب الحذف ، ولهذا لحن المعري في قوله : فلو لا الغمد يمسكه لسالا.

ومنها تعليق جماعة الظرف من قوله تعالى ( لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ ) [ ١١ / ٤٣ ] ( لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ) [ ١٢ / ٩٢ ] وَمِنْ قَوْلِهِ عليه‌السلام فِي الدُّعَاءِ « لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ » باسم ( لا ).

قال ابن هشام : وذلك باطل عند البصريين لأن اسم لا حينئذ مطول فيجب نصبه وتنوينه ، وإنما التعليق بمحذوف إلا عند البغداديين.

ومنها : قول المبرد في قوله تعالى ( أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ ) [ ٤ / ٨٩ ] جملة دعائية ، ورده الفارسي بأنه لا يدعى عليهم بحصر صدورهم عن قتال قومهم.

قال ابن هشام : ولك أن تجيب بأن المراد الدعاء عليهم بأن يسلبوا أهلية القتال حتى لا يستطيعوا أن يقاتلوا أحدا البتة.

ومنها : قول المبرد في قوله تعالى ( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا ) [ ٢١ / ٢٢ ] إن اسم الله تعالى بدل من ( آلِهَةٌ ).

قال ابن هشام : ويرده أن البدل في باب الاستثناء مستثنى ، موجب له الحكم.

أما الأول فلأن الاستثناء إخراج وما قام أحد إلا زيد مفيد لإخراج زيد.

وأما الثاني فلأنه كما صدق ما قام أحد إلا زيد صدق قام زيد.

واسم الله تعالى هنا ليس بمستثنى ، ولا موجب.

أما الأول فلأن الجمع المنكر لا عموم له فيستثنى منه ، ولأن

٣٩٠

المعنى حينئذ لو كان فيهما آلهة مستثنى عنهم الله لفسدتا ، وذلك يقتضي أنه لو كان فيهما آلهة فيهم الله لم تفسدا وإنما المراد أن الفساد يترتب على تقدير التعدد مطلقا

وأما أنه ليس بموجب له الحكم فلأنه لو قيل لو كان فيهما الله لفسدتا لم يستقم.

ومنها : قول الزمخشري في قوله تعالى ( وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ ) [ ٣٠ / ٢٣ ] إنه من باب اللف والنشر ، وإن المعنى منامكم وابتغاؤكم من فضله بالليل والنهار.

قال ابن هشام : وهذا يقتضي أن يكون النهار معمولا للابتغاء مع تقدمه عليه ، وعطفه على معمول منامكم وهو بالليل ، وهذا لا يجوز في الشعر فكيف في أفصح الكلام! فالصواب أن يحمل على أن المنام في الزمانين والابتغاء فيهما.

ومنها : قول بعضهم في قوله تعالى ( وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ ) [ ٢ / ٩٦ ] إن ( هُوَ ) ضمير الشأن ، و ( أَنْ يُعَمَّرَ ) مبتدأ و ( بِمُزَحْزِحِهِ ) خبر.

قال ابن هشام : ولو كان كذلك لم يدخل الباء في الخبر.

ومنها : قول الزمخشري في قوله تعالى ( أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ ) [ ٤ / ٧٧ ] فيمن رفع يدرك : إنه يجوز أن يكون الشرط متصلا بما قبله ، أي ( لا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً أَيْنَما تَكُونُوا ) يعني فيكون الجواب محذوفا مدلولا عليه بما قبله ، ثم يبتدىء ( يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ).

قال ابن هشام : وهذا مردود بأن سيبويه وغيره نصوا على أنه

٣٩١

لا يحذف الجواب إلا وفعل الشرط ماض ، تقول أنت ظالم إن فعلته ولا تقول أنت ظالم إن تفعل إلا في الشعر.

ومنها : قول بعضهم في ( بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً ) [ ١٨ / ١٠٣ ] إن ( أَعْمالاً ) مفعول به.

وردّه ابن خروف بأن ( خسر ) لا تتعدى كنقيضه ( ربح ).

ووافقه الصفار مستدلا بقوله تعالى ( كَرَّةٌ خاسِرَةٌ ) [ ٧٩ / ١٢ ] إذ لم يرد أنها خسرت شيئا.

قال ابن هشام : وثلاثتهم ساهون ، لأن اسم التفضيل لا ينصب المفعول به ، ولأن خسر متعد ، وفي التنزيل ( الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ) [ ٦ / ١٢ ] ( خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ) [ ٢٢ / ١١ ].

وأما خَاسِرَة فكأنه على النسب أي ذات خسر ، و ( ربح ) أيضا يتعدى يقال ربح دينارا.

وقال سيبويه : إن أعمالا مشبه بالمفعول به ، ويرده أن اسم التفضيل لا يشبه باسم الفاعل ، لأنه لا تلحقه علامات الفروع إلا بشرط ، والصواب أنها تمييز.

ومنها : ما ذكره أبو عبيدة في قوله تعالى ( كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِ ) [ ٨ / ٥ ] أن الكاف حرف قسم ، وأن المعنى « الأنفال لله والرسول والذي أخرجك » ورد بأن الكاف لم تجىء بمعنى واو القسم.

وفي الآية أقوال : قيل : إن الكاف مبتدأ ، وخبره ( فَاتَّقُوا اللهَ ) قال ابن هشام : ويفسده اقترانه بالفاء وخلوه من رابط وتباعد ما بينهما.

٣٩٢

وقيل : هي نعت مصدر محذوف أي يجادلونك في الحق الذي هو إخراجك من بيتك جدالا مثل جدال إخراجك ، قال ابن هشام وهذا فيه تشبيه الشيء بنفسه.

وقيل : إنها نعت مصدر أيضا ولكن التقدير قل الأنفال ثابتة لله والرسول مع كراهيتهم ثبوتا مثل ثبوت إخراجك ربك إياك من بيتك وهم كارهون.

وقيل : إنها نعت لحقا أي أولئك هم المؤمنون حقا كما أخرجك.

وقيل : هي خبر لمحذوف أي هذه الحال كحال إخراجك ، أي إن حالهم في كراهية ما رأيت من تنفيلك الغزاة مثل حالهم في كراهية خروجك للحرب إلى غير ذلك من الأقوال والله أعلم.

ومنها قول بعضهم في قوله تعالى ( وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) [ ٢ / ٢٤٦ ] إن الأصل وما لنا وأن لا نقاتل ، أي وما لنا وترك القتال كما تقول ما لك وزيدا.

قال ابن هشام : ولم يثبت في العربية حذف واو المفعول معه.

ومنها : قول بعضهم في قوله تعالى ( ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ ) [ ٦ / ١٥٤ ] إنه عطف على ( وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ ) [ ٦ / ٨٤ ].

قال ابن هشام : وهو بعيد ، والصواب أنه عطف على ( ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ ) [ ٦ / ١٥٣ ] و ( ثُمَّ ) لترتيب الإخبار لا لترتيب الزمان أي ثم أخبرك بأنا آتينا موسى الكتاب.

ومنها قول الزمخشري في قوله تعالى ( وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ) [ ٥٤ / ٣ ] إن كلا عطف على الساعة في ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ) ، واستبعده ابن هشام ، فقال وأما ( وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ) فمبتدأ حذف خبره ، أي

٣٩٣

وكل أمر مستقر عند الله واقع أو ذكر وهو حكمة بالغة ، وما بينهما اعتراض.

ومنها : قول بعضهم في ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) [ ٣٣ / ٣٣ ] إنه منصوب على الاختصاص.

قال ابن هشام : وهذا ضعيف لوقوعه بعد ضمير الخطاب مثل « بك الله نرجو الفضل » وإنما الأكثر أن يقع بعد ضمير المتكلم كَالْحَدِيثِ « نَحْنُ مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ » والصواب أنه منادى.

ومنها : قول بعضهم في ( لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ) [ ٤٣ / ١٣ ] إن اللام للأمر والفعل مجزوم.

قال ابن هشام : والصواب أنها لام العلة والفعل منصوب لضعف أمر المخاطب باللام.

ومنها قول بعضهم : إن الأصل ( بسم ) كسر السين أو ضمها على لغة من قال سم أو سم ، ثم سكنت السين لئلا تتوالى كسرات ، أو لئلا يخرجوا من كسر إلى ضم.

قال ابن هشام : والأولى قول الجماعة : إن السكون أصل وهي لغة الأكثرين ، وهم الذين يبتدءون اسما بهمزة الوصل.

ومنها : قول بعضهم في قوله تعالى ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ) [ ٤ / ٣ ] إن الواو نائبة عن ( أو ).

قال ابن هشام : ولا يعرف ذلك في اللغة ، وإنما يقوله بعض ضعفاء المعربين والمفسرين ، ثم حكى قول أبي طاهر حمزة بن الحسين الأصفهاني وهو : أن القول بأن الواو بمعنى ( أو ) عجز عن درك الحق.

ثم فصل فقال : اعلموا أن الأعداد التي تجمع قسمان قسم

٣٩٤

يؤتى به ليضم بعضه إلى بعض ، وهو الأعداد الأصول نحو ( ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ ، وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ) [ ٢ / ١٩٦ ] وقوله ( ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) [ ٧ / ١٤٢ ] وقسم يؤتى به لا ليضم بعضه إلى بعض ، وإنما يراد الانفراد لا الاجتماع وهو الأعداد المعدولة كهذه الآية وآية سورة فاطر. وقال منهم جماعة ذو جناحين وجماعة ذو ثلاثة ثلاثة وجماعة ذو أربعة أربعة ، فكل جنس منفرد بعدد.

فائدة

( في بيان فرق المعتزلة )

ذكر الصفدي : أن الْمُعْتَزِلَةُ جنس يطلق على فرق ، منهم الواصلية ، والهذلية ، والنظامية ، والجاحظية ، والخياطية ، والبشرية ، والمعمرية ، والمردارية ، والثمامية ، والهشامية ، والخابطية ، والجبائية ، وهم البهشمية.

ومن مشاهيرهم الأعيان الفضلاء : الجاحظ ، وأبو هذيل العلاف ، وإبراهيم النظام ، وواصل بن عطاء ، وأحمد بن خابط ، وبشر بن المعتمر ، ومعتمر بن عباد السلمي ، وأبو موسى عيسى الملقب بالمردار ، ويعرف براهب المعتزلة ، وثمامة بن أشرس ، وهشام بن عمر القرطي وأبو الحسن بن أبي عمرو الخياط أستاذ الكعبي ، وأبو علي الجبائي أستاذ الشيخ أبي الحسن الأشعري أولا وابنه أبو هاشم عبد السلام.

٣٩٥

هؤلاء هم رءوس مذهب الاعتزال ، وهم أساطين هذه البدع ، وإليهم تنسب هذه الفرق ، وبينهم خلاف ومسائل معروفة بين أصحاب الكلام.

ومن فضلاء المعتزلة : أبو الحسين البصري ، والكعبي ، والقاضي عبد الجبار ، والرماني النحوي ، وأبو علي الفارسي ، وأقضى القضاة الماوردي الشافعي ، وهذا غريب فإن غالب الشافعية أشاعرة ، والغالب في الحنفية معتزلة ، والغالب في المالكية قدرية ، والغالب في الحنابلة حشوية.

ومن المعتزلة : الصاحب بن عباد ، والزمخشري صاحب الكشاف ، والفراء النحوي ، والسيرافي.

فائدة

( النقباء الاثنا عشر )

ذَكَرَ بَعْضُ الْمُؤَرِّخِينَ : أَنَ النُّقَبَاءَ الِاثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ، وَأَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ ، وَسَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ ، وَسَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ ، وَالْمُنْذِرُ بْنُ عُمَرَ ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ ، وَالْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ ، وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ ، وَأُسَيْدُ بْنُ حُصَيْنٍ ، وَرَافِعُ بْنُ مَالِكٍ ، وَكَانَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ أَصْغَرَهُمْ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ وَمَاتَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ ، أَخَذَتْهُ الذَّبْحَةُ وَالْمَسْجِدُ يُبْنَى ، فَكَوَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَمَاتَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ سَنَةَ إِحْدَى مِنَ الْهِجْرَةِ فِي شَوَّالٍ.

٣٩٦

فائدة

( في تشبيهات القلب وحالاته )

قال الغزالي في كتاب الإحياء : القلب مثل قبة لها أبواب تنصب إليها الأحوال من كل باب ، ومثل هدف ترمى إليه السهام من كل جانب ، ومثل مرآة منصوبة يجتاز عليها الأشخاص فيتراءى فيها صورة بعد صورة ، ومثل حوض تنصب إليه مياه مختلفة من أنهار مختلفة.

واعلم أن مداخل هذه الآثار المتجددة في القلب ساعة فساعة إما من الظاهر كالحواس الخمس ، وإما من الباطن كالخيال والشهوة والغضب والأخلاق المركبة في أمزاج الإنسان فإنه إذا أدرك بالحواس شيئا حصل منه أثر في القلب ، وكذا إذا هاجت الشهوة أو الغضب حصل من تلك الأحوال آثار في القلب.

وأما إذا منع الإنسان عن الإدراكات الظاهرة فالخيالات الحاصلة في النفس تبقى ، وينتقل الخيال من شيء إلى شيء ، وبحسب انتقال الخيال ينتقل القلب من حال إلى حال ، فالقلب دائما في التغير والتأثر من هذه الأسباب وأخص الآثار الحاصلة في القلب هي الخواطر وأعني بالخاطر ما يعرض فيه من الأفكار والأذكار ، وأعني بها إدراكات وعلوما إما على سبيل التجدد وإما على سبيل التذكر ، وإنما تسمى خواطر من حيث إنها تخطر بالخيال بعد أن كان القلب غافلا عنها ، فالخواطر هي المحركات للإرادات ، والإرادات محركة للأعضاء.

ثم هذه الخواطر المحركة لهذه الإرادة تنقسم إلى ما يدعو إلى

٣٩٧

الشر أعني إلى ما يضره في العاقبة ، وإلى ما ينفع أعني ما ينفع في العاقبة فهما خاطران مختلفان ، فافتقر إلى اسمين مختلفين ، فالخاطر المحمود يسمى ( إِلْهَاماً ) والمذموم يسمى ( وَسْوَاساً ).

ثم إنك تعلم أن هذه الخواطر أحوال حادثة فلا بد لها من سبب ، والتسلسل محال فلا بد من انتهاء الكل إلى واجب الوجود.

قال الفخر الرازي في تفسيره : هذا ملخص كلام الغزالي بعد حذف التطويلات منه ( وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ).

فائدة

( الْأَلِفُ المقصورة )

قال الرضي قدس الله روحه : ألف التأنيث المقصورة إنما تعرف بأن لا يلحق ذلك الاسم تنوين ولا تاء. والألف المقصورة الزائدة في آخر الاسم على ثلاثة أضرب : إما للإلحاق كأرطى ، أو لتكثير حروف الكلمة ، أو للتأنيث. والتي للتكثير لا تكون إلا سادسة يلحقها التنوين ، نحو قبعثرى وكمثرى.

وتتميز ألف التأنيث عن ألف الإلحاق خاصة ، بأن يزن ما فيه الألف ويجعل في الوزن مكان الألف لاما ، فإن لم يجىء على ذلك الوزن اسم علمت أن الألف للتأنيث نحو أجلى وبردى ، فإنه لم يجىء اسم على فعلل حتى يكون الاسمان ملحقين به ، ومعنى الْإِلْحَاق أن تزيد في كلمة حرفا في مقابلة حرف أصلي في كلمة أخرى حتى تصير مساوية لها في الحركات والسكنات ، بشرط أن يكون المزيد فيها في جميع

٣٩٨

تصاريفها مثل الملحق بها ، ومقصودهم الأهم في ذلك : إقامة القافية أو السجع أو غير ذلك من الأغراض اللفظية ، وليس المقصود اختلاف المعنى بل يجوز أن يكون يختلف وأن لا يختلف ، ويجوز أن لا يكون للكلمة قبل الزيادة فيها للإلحاق معنى كجيئل وزينب ، فنحو قطع يقطع وأقبل يقبل وقاتل يقاتل ليس بملحق بدحرج يدحرج لمخالفة مصدرهما لمصدره.

فمن الأوزان التي لا تكون ألفها إلا للتأنيث ( فعلى ) في الغالب وإنما قلنا في الغالب لما حكى سيبويه في بهمى بهماة ، وروى بعضهم في رؤيا رؤياة ، وهما شاذان ، ففعلى إما غير صفة أو صفة ، والصفة إما مؤنث أفعل التفضيل كالأفضل والفضلى ، وهو قياس ، أو لا كمثل أنثى وخنثى وحبلى ، وغير الصفة إما مصدر كالبشرى والرجعى ، أو اسم كبهمى ، وحزوى. وبهماة ، ورؤياة إن صحا فألفهما عند سيبويه للتأنيث أيضا إذ لم يجىء عنده مثل برقع ، وإلحاق التاء لألف التأنيث شاذ ، وعند الأخفش للإلحاق ، إذ هو يثبت نحو جؤذر ، وبرقع.

ومنها ( فعلى ) ولم يأت في كلامهم إلا أسماء ، قيل ولم يأت منه إلا ثلاثة أسماء ، شعبى وأدمى في موضعين ، وأُرْبَى للداهية وقال بعضهم جَنْفَى في اسم موضع ، ورواه سيبويه بالفتح والمد.

ومنها ( فعلى ) بفتح الفاء والعين ، وهو إما مصدر كالبشكى والجمزى ، وإما وصف كَفَرَسَ وَثَبَى ، وناقة زَلَجَى أي سريعة ، وإما اسم كَدَقَرَى وثَمَلَى وأَجَلَى أسماء مواضع.

ومنها ( إفعلى ) كَإِجْفَلَى للكثرة و ( فعالى ) كَحُبَارَى لطائر و ( فوعالا ) كَحَوْلَايَا لموضع و ( فعالى ) كَشُقَّارَى نبت و ( فعللى )

٣٩٩

كَجَحْجَبَى حي و ( فعيلى ) كَبُقَّيْرَى لعبة و ( فعيلى ) كَخِلِّيفَى و ( فعلوتى ) كَرَحَمُوتَى و ( فعوللى ) كَحَبَوْكَرَى للداهية و ( فوعلى ) و ( فيعلى ) كَخَوْزَلَى وخَيْزَلَى لمشية فيها تفكك و ( يفعلى ) كَيَهْيَرَى للباطل و ( مفعلى ) كَمَكْوَرَّى للئيم و ( مفعلى ) كَمَرْعَزَّى. و ( فعللى ) كَهِرْبِذَى لمشية في شق و ( فعللايا ) كَبَرْدَرَايَا موضع و ( فعليا ) كَذَرَبَيَّا للداهية و ( فعليا ) كَزَكَرِيَّا و ( فعلنى ) كَعِرَضْنَى لنوع من السير و ( فعلى ) كَدِفَقَّى نوع من السير و ( فعنلى ) كَجُلَنْدَى اسم رجل وجاء بضم اللام و ( فعلى ) كَسُمَّهَى للباطل و ( فعالى ) كَصَحَارَى و ( فعللى ) كَهِنْدَبَا و ( فعلى ) كَسِبَطْرَى مشية فيها تبختر و ( إفعيلى ) كَإِهْجِيرَى للعادة.

فهذه أحد وثلاثون مثالا ، ولعلها تستغرق أكثر أبنية المؤنث بالألف المقصورة المختصة بها.

وأما ( فعلى ) و ( فعلى ) فهما مشتركان في التأنيث والإلحاق ، ففعلى إذا كان أنثى فعلان أو مصدرا كدعوى أو جمعا كمرضى وجرحى فألفها للتأنيث. وإذا كان اسما غير ما ذكرنا فقد يكون للإلحاق كعلقى لنبت فيمن نون ، وقد يكون للتأنيث كالشروى.

وأما ( فعلى ) فإن كان مصدرا كالذكرى أو جمعا كحجلى وظربى ولا ثالث لهما فلا يكون ألفه إلا للتأنيث ، و ( فعلى ) إذا كان صفة قال سيبويه لا يكون إلا مع التاء فالألف للإلحاق نحو رجل عزهاة وامرأة سعلاة وقيل في ( ضيزى ) و ( حيكى ) : أصلهما الضم ، وحكى ثعلب ( عزهى ) بلا تاء فهو مخالف لقول سيبويه.

وإذا كان غير الأوجه المذكورة من الصفة والمصدر والجمع فقد تكون للإلحاق نحو معزى بالتنوين ، وقد تكون للتأنيث كالدفلى

٤٠٠