مجمع البحرين - ج ٦

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٦

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٦

باب ما أوله اللام

( ليه )

قوله تعالى ( أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ) [ ٥٣ / ١٩ ] اللَّاتُ : اسم صنم كان لثقيف وكان بالطائف وبعض العرب يقف عليها بالتاء ، وبعضهم بالهاء.

وعن الأخفش قال : سمعنا من العرب من يقول : ( أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ) (١) ويقول : « هي اللات » فجعلها تاء في السكوت « وهي اللات » (٢) فأعلم أنه جر في موضع الرفع فهذا مثل أمس مكسور على كل حال.

ولَاهَ يَلِيهُ لَيْهاً : تستر.

وجوز سيبويه أن يكون لَاهَ اسم الله تعالى.

وقولهم : لاهم واللهم ، والميم بدل من حرف النداء ، وربما جمع بين البدل والمبدل منه في ضرورة الشعر (٣)

وأما لَاهُوتُ فقال الجوهري : إن صح أنه من كلام العرب فيكون اشتقاقه من لاه ، ووزنه فعلوت مثل رحموت فليس بمقلوب (٤).

__________________

(١) بكسر التاء.

(٢) أيضا بكسر التاء.

(٣) في قوله :

إ،ي اذا ما حدث ألما

اقول يا اللهم يا للهما

 (٤) يعني يكون الواو والتاء زائدتين. والألف بعد اللام أصلية. أما من جعل الواو أصلية فقد زعم قلبا في الكلمة ، بجعل الهاء في مكان الواو ، والواو في مكان الهاء.

٣٦١

باب ما أوله الميم

( مره )

فِي حَدِيثِ أَوْلِيَاءِ اللهِ « مُرْهُ الْعُيُونِ مِنَ الْبُكَاءِ » قال الجوهري : مَرِهَتِ العيون مَرَهاً : إذا فسدت لترك الكحل.

يقال رجل أَمْرَهُ ، وامرأة مَرْهَاءُ ، وعين مَرْهَاءُ.

( مقه )

الْمَقَهُ : بياض في زرقة ـ قاله الجوهري

( مهه )

فِي الْحَدِيثِ « مَهْ مَا أَجَبْتُكَ فَهُوَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله » مَهْ : كلمة بنيت على السكون كصه ، ومعناه اكفف ، لأنه زجر ، فإن وصلت ونونت قلت « مَهٍ مه ».

وقيل هي ما الاستفهامية ، ووقفت عليها بهاء السكت.

ومَهْمَهْتُ به : زجرته.

والْمَهْمَهُ : المفازة البعيدة والجمع على مَهَامِه

( موه )

قوله تعالى ( أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ ) [ ٥٦ / ٦٨ ] الْمَاءُ : الذي يشرب ، والهمزة فيه مبدلة من الهاء في موضع اللام ، وأصله ( موه ) بدليل مويه وأمواه في التصغير والجمع (١) حركت الواو وانفتح ما قبلها ، فقلبت ألفا وقلبت الهاء همزة لاجتماعها مع الألف ، وهما حرفان حلقيان وقعا طرفا.

وكما يجمع علي أَمْوَاهٍ في القلة يجمع على مِيَاهٍ في الكثرة.

وقد تكرر في الكتاب العزيز ذكر الماء كقوله تعالى ( وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً ) [ ٢٥ / ٤٨ ] وقوله : ( وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ ) [ ٢٣ / ١٨ ] وقوله ( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ

__________________

(١) نظرا إلى أن التصغير والتكسير يردان الأشياء إلى أصولها.

٣٦٢

السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ) [ ٨ / ١١ ] وقوله ( أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ ) [ ٥٦ / ٦٨ ].

ومن ظواهر هذه الآيات وما فيها من الامتنان يفهم أن الماء كله من السماء كما نبه عليه الصدوق رحمه‌الله.

وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عليه‌السلام قَالَ : « الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ » يعني وجوب الغسل من الإنزال ، فتشاجر الصحابة في ذلك

فَقَالَ عَلِيٌّ عليه‌السلام: « كَيْفَ تُوجِبُونَ عَلَيْهِ الْحَدَّ وَالرَّجْمَ وَلَا تُوجِبُونَ عَلَيْهِ صَاعاً مِنْ مَاءٍ! إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ ».

ومَوَّهْتُ الشيء بالتشديد : إذا طليته بفضة أو ذهب ، وتحت ذلك نحاس أو حديد ، ومنه « التَّمْوِيهُ » وهو التلبيس.

وقول مُمَوَّهٌ أي مزخرف أو ممزوج من الحق والباطل.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا تَرَوْنَ الَّذِينَ تَنْتَظِرُونَ لَعَلَّهُ الْقَائِمُ عليه‌السلام وَأَصْحَابُهُ حَتَّى تَكُونُوا كَالْمَعْزِ الْمَوَّاهِ ، قُلْتُ : مَا الْمَوَّاهُ مِنْ الْمَعْزِ؟ قَالَ : الَّتِي اسْتَوَتْ لَا يَفْضُلُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ ».

ومَاهِيَّةُ الشيء : حقيقته.

وربما فرق بينها وبين الحقيقة : أن الحقيقة لا تكون إلا للموجودات الخارجية ، والْمَاهِيَّةُ أعم من أن تكون موجودة في الخارج أم لا.

باب ما أوله النون

( نبه )

يقال انْتَبَهَ الرجل من نومه أي استيقظ.

ونَبَّهْتُهُ على الشيء : واقفته عليه فَتَنَبَّهَ هو عليه.

ونَبُهَ الرجل بالضم : شرف واشتهر نباهة فهو نبيه.

( نده )

فِي دُعَاءِ عَرَفَةَ « وَلَا يَنْدَهُ الْمُتْرَفِينَ » النَّدْهُ : الزجر بصه ومه كذا في الدر النثير.

٣٦٣

( نزه )

فِي الْحَدِيثِ « الْإِيمَانُ نُزْهَةٌ » أي بعد عن المعاصي.

والنُّزْهَةُ بالضم : البعد ، ومنه « تنزيه الله تعالى » : تبعيده عما لا يجوز عليه من النقائص.

والنَّزَاهَةُ : البعد عن المكروه ، ومنه قَوْلُهُ « إِلَّا أَنْ تَجِدَ غَيْرَهُ فَتَنَزَّهْ عَنْهُ » أي تباعد عنه ولا تستعمله.

ومكان نَزِهٌ.

قال ابن السكيت : ومما تضعه الناس في غير موضعه قولهم « خرجنا نَتَنَزَّهُ » إذا خرجوا إلى البساتين ، وإنما النُّزْهَةُ : التباعد من المياه والأرياف.

وَفِي الْحَدِيثِ « يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ حَجُّ الْمُلُوكِ نُزْهَةً ، وَحَجُّ الْأَغْنِيَاءِ تِجَارَةً » أي لم يكن إلا ذاك.

( نكه )

النَّكْهَةُ : ريح الفم.

ونَكَهْتُهُ : تشممت ريحه.

ويقال فِي الدُّعَاءِ لِلْإِنْسَانِ « مُنِيتَ وَلَا تَنْكَهْ » أي أصبت خيرا ولا أصابك الضر.

( نوه )

يقال : نَوَّهْتُ باسمه ، بالتشديد : إذا رفعت ذكره.

ونَوَّهْتُهُ تَنْوِيهاً : إذا رفعته.

ونَاهَ الشيء يَنُوهُ : إذا ارتفع ، فهو نَايِهٌ ـ قاله الجوهري.

( نهنه )

الْمُنَهْنِهُ : الذي يكف الغير عن شيء ويزجره عنه.

يقال نَهْنَهْتُ السبع إذا صحت به لتكفه.

وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ « وَاطْمَأَنَّ الدِّينُ وَتَنَهْنَهْ » أي كف الباطل.

٣٦٤

باب ما أوله الواو

( وبه )

يقال فلان لا يُوبَهُ له ، ولا يُوبَهُ به أي لا يبالى به.

وعن ابن السكيت : ما وَبَهْتُ له أي ما فطنت له.

( وجه )

قوله تعالى وَلِكُلٍ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلَّاها [ ٢ / ١٤٨ ] (١) أي ولاه الله إياها ، أي أمره باستقبالها وهي قراءة ابن عامر.

والباقون ( مُوَلِّيها )(٢) بالياء أي مولها وَجْهَهُ حذف المفعول الثاني والضمير لله أي الله موليها.

والْوِجْهَةُ : الجهة ، والهاء عوض من الواو.

وجِهَةُ الكعبة : السمت الذي يقطع بأن الكعبة ليست خارجة عنه.

قوله ( وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ ) [ ٢ / ٢٧٢ ] ليس الوجه هنا العضو لاستحالة الجسم عليه تعالى ، ولا الذات لأنها قديمة ، والقديم لا يراد حصوله بل المراد بِالْوَجْهِ هنا : الرضا.

وإنما حسن الكناية به عن الرضا لأن الشخص إذا أراد شيئا أقبل بوجهه عليه ، وإذا كرهه أعرض بوجهه عنه ، فكأن الفعل إذا أقبل عليه بالوجه حصل الرضا به فكان إطلاقه عليه من باب إطلاق السبب على المسبب.

قوله ( وَجْهَ النَّهارِ ) [ ٣ / ٧٢ ] أي أوله.

قوله ( أَقِمْ وَجْهَكَ ) [ ١٠ / ١٠٥ ] أي قصدك.

ووَجَّهْتُ وَجْهِيَ أي قصدت بعبادتي.

قوله ( فَثَمَ وَجْهُ اللهِ ) [ ٢ / ١١٥ ] أي جهته التي أمر الله بها.

قوله ( كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) [ ٢٨ / ٨٨ ] أي إلا إياه.

__________________

(١) بالبناء للمفعول.

(٢) بالبناء للفاعل.

٣٦٥

قوله ( يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ ) [ ٣٩ / ٢٤ ] أي يجر على وجهه.

وقيل الكافر مغلول اليدين ، فصار يتقي بوجهه ما كان يتقيه بيديه.

قوله ( وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ) [ ٣ / ٤٥ ] أي ذا وجه وجاه في النبوة في الدنيا والآخرة بالمنزلة عند الله.

والْوَجْهُ والْجَاهُ : القدر والمنزلة.

وقد وَجُهَ الرجل بالضم أي صار وجيها ذا جاه وقدر.

وقد أَوْجَهَهُ الله أي صيره وجيها.

قوله ( وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ ) [ ٢٨ / ٢٢ ] الآية.

قَالَ عليه‌السلام فِي حَدِيثِ الْمُسَافِرِ « مَنْ تَلَاهَا كَانَ مَعَهُ سَبْعَةٌ وَسَبْعُونَ مِنَ الْمُعَقِّبَاتِ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ حَتَّى يَرْجِعَ » وقد مر في ( عقب ).

وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ فِيمَنْ سَجَدَ سَجْدَةَ الشُّكْرِ « أُقْبِلُ إِلَيْهِ بِفَضْلِي وَأُرِيهِ وَجْهِي ».

قال الصدوق رحمه‌الله : وَجْهُ الله : أنبياؤه وحججه ، ثم قال بعد ذلك : ولا نحب أن ننكر من الأخبار ألفاظ القرآن ـ انتهى.

وتصديق ذلك مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي الصَّلْتِ عَنِ الرِّضَا عليه‌السلام قَالَ : قُلْتُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ مَا مَعْنَى الْخَبَرِ الَّذِي رَوَوْهُ أَنَّ ثَوَابَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ثَوَابُ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِ اللهِ؟ فَقَالَ عليه‌السلام : « مَنْ وَصَفَ اللهَ بِوَجْهٍ كَالْوُجُوهِ فَقَدْ كَفَرَ ، وَلَكِنْ وَجْهُ اللهِ أَنْبِيَاؤُهُ وَرُسُلُهُ وَحُجَجُهُ عليهم‌السلام الَّذِينَ بِهِمْ يُتَوَجَّهُ إِلَى اللهِ تَعَالَى وَإِلَى دِينِهِ وَالنَّظَرُ إِلَى أَنْبِيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ وَحُجَجِهِ عليهم‌السلام فِي دَرَجَاتِهِمْ ثَوَابٌ عَظِيمٌ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».

وَفِي الدُّعَاءِ « وَأَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ » أي بذاتك.

وهذا وَجْهُ الرأي أي هو الرأي نفسه.

والْوَجْهُ من الإنسان : ما دون منابت الشعر معتادا إلى الأذنين والجبينين والذقن قاله في المجمع.

وَحَدِيثُ الْبَاقِرِ عليه‌السلام « حَدُّ الْوَجْهِ » يَعْنِي الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ : « مَا دَارَتْ عَلَيْهِ الْوُسْطَى وَالْإِبْهَامُ ، مِنْ قُصَاصِ شَعْرِ الرَّأْسِ إِلَى الذَّقَنِ ، وَمَا

٣٦٦

جَرَتْ عَلَيْهِ الْإِصْبَعَانِ مُسْتَدِيراً فَهُوَ مِنَ الْوَجْهِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ الْوَجْهِ ، وَالصُّدْغُ لَيْسَ مِنَ الْوَجْهِ ».

والْمُوَاجَهَةُ : المقابلة.

يقال قعدت وِجَاهَكَ ووُجَاهَكَ (١) أي قبالك.

واتَّجَهَ له رأي : سنح ، وهو افتعل صار الواو ياء لكسرة ما قبلها وأبدلت منها التاء وأدغمت قاله الجوهري.

ثم بني عليه قولك : قعدت تُجَاهَكَ أي تلقاءك.

والْجِهَةُ هي التي يقصدها المتحرك بحركة جسمية.

وهي ستة : الفوق ، والتحت ، واليمين والشمال ، والخلف ، والقدام. وكلها تنتهي بالعرش المحيط.

( وله )

فِي الْحَدِيثِ « لَوْ حَنَنْتُمْ حَنِينَ الْوُلَّهِ العجال لَكَانَ فِي جَنْبِ اللهِ قَلِيلاً » الْوُلَّهُ : جمع وَالِهٍ ، وهو الذاهب عقله ، والعجال جمع عجول وهي التي يفقد ولدها.

والْوَلَهُ بالتحريك : ذهاب العقل والتحير من شدة الوجد.

ورجل واله ، وامرأة واله ووالهة.

وقد وَلِهَ يَوْلَهُ وَلَهاً ووَلَهَاناً.

والتَّوْلِيهُ : أن يفرق بين المرأة وولدها

وَفِي الْخَبَرِ « لَا تُوَلَّهُ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا » قال الجوهري أي تجعل والها وذلك في السبايا.

( ويه )

ويه : كلمة يقال في الاستحثاث.

وسِيبَوَيْهِ ونحوه من الأسماء اسم بني مع صوت ، فجعلا اسما واحدا وكسروا آخره كما كسروا ( غاق ) لأنه ضارع الأصوات ، وفارق خمسة عشر لأنه لم يضارع الأصوات فينون في التنكير.

ومن أعربه إعراب ما لا ينصرف ثناه وجمعه.

قال الجوهري : وإذا تعجبت من طيب الشيء قلت « وَاهاً له ما أطيبه ».

__________________

(١) بكسر الواو وضمها.

٣٦٧

باب ما أوله الهاء

( هيه )

هَيْهَاتَ : كلمة تبعيد ، والتاء مفتوحة مثل كيف.

قال الجوهري : وناس يكسرونها على كل حال بمنزلة نون التثنية انتهى.

ومن العرب من يضمها.

وقرئ بهن جميعا.

وقد تنون على اللغات الثلاث.

وقد تبدل الهاء همزة فيقال « أَيْهَاتْ » مثل هراق وأراق.

تم هذا الكتاب بعون الله وحسن توفيقه على يد مؤلفه تراب أقدام المؤمنين فخر الدين ولد محمد علي طريح النجفي في يوم الثلاثاء سادس شهر رجب في سنة تسعة وسبعين بعد الألف الهجرية على مشرفها الصلاة والتحية حامدا مصليا مسلما انتهى

٣٦٨

ملحق

في ذكر فوائد علمية ونكات أدبية

وأخرى تفسيرية

يستأنس بها كل أديب ولا يستغني عنها اللبيب الأريب

٣٦٩

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وبه نستعين

الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى محمد وآله

٣٧٠

١ ـ فائدة

( مما يفرق بين القرآن والحديث القدسي )

أن القرآن مختص بالسماع من الروح الأمين ، والحديث القدسي قد يكون إلهاما أو نفثا في الروع ونحو ذلك.

وأن القرآن مسموع بعبارة بعينها وهي المشتملة على الإعجاز بخلاف الحديث القدسي.

٢ ـ فائدة

( فيما يجوز فيه الدال المهملة والذال المعجمة )

وهو : ( بغداد ) و ( منجد ) للرجل المجرب ، و ( أم ملدم ) للحمى ، و ( المجذاف ) و ( دففت ) على الجريح ، و ( جذف الطائر ) أي حرك جناحيه في طيرانه ، و ( الكاغذ ) للورق ، و ( ذعرته ) أي أفزعته.

٣ ـ فائدة

( فيما اشتهر على خلاف أصله )

مما جاء مخففا والعامة تشدده ( الرباعية ) للسن ، وكذا ( الكراهية ) ، و ( الرفاهية ) ، ومن ذلك ( الدخان ).

٣٧١

ومما جاء مفتوحا والعامة تكسره :

( الكتان ) ، و ( الدجاجة ) ، و ( الدجاج ) ، و ( فص الخاتم ).

ومما جاء مكسورا والعامة تفتحه :

( الدهليز ) و ( الضفدع ).

ومما جاء مكسورا ومضموما والعامة تفتحه على وجهه.

( طلاوة ).

ومما جاء مفتوحا والعامة تضمه :

( الأنملة ) بفتح الميم : واحدة الأنامل ، و ( السعوط ).

ومما جاء مضموما والعامة تكسره :

( المضرب ).

٤ ـ فائدة

( في اجتماع الخاء والميم والراء )

تركيب الخاء المعجمة والميم والراء المهملة يتضمن في الأغلب معنى التغطية كالخَمْر لأنه يَخْمَرُ العقل أي يستره ، وخِمَارُ المرأة ، وخَمَّرْتُ الإناءَ ونحو ذلك.

٥ ـ فائدة

( في استعمال فاعل بمعنى مفعول وبالعكس )

قد يجيء فاعل بمعنى مفعول كقوله تعالى ( لا عاصِمَ الْيَوْمَ )

٣٧٢

[ ١١ / ٤٣ ] أي لا معصوم.

وقد يجيء مفعول بمعنى فاعل كقوله تعالى ( حِجاباً مَسْتُوراً ) [ ١٧ / ٤٥ ] أي ساترا ، وقوله ( كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا ) [ ١٩ / ٦١ ] أي آتيا.

٦ ـ فائدة

( في أصالة ميم ( فعال ) وإظهار واو ( مفعل ) )

قال الأزهري ـ نقلا عنه ـ : إذا رأيت الحرف على مثال ( فعال ) أوله ميم مكسورة فهي أصلية مثل مِلَاك ومِرَاس وغير ذلك من الحروف.

ومفعل إذا كان من ذوات الثلاثة فإنه يجيء بإظهار الواو مثل ( مِزْوَد ) و ( مِحْوَل ) و ( محور ) ونحو ذلك.

٧ ـ فائدة

( في مقابلة الجمع بالجمع )

العرب إذا قابلت جمعا بجمع حملت كل مفرد من هذا على كل مفرد من هذا مثل قوله تعالى ( وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ ) [ ٤ / ١٠٢ ] ( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ ) [ ٤ / ٢٢ ] أي ليأخذ كل واحد منكم سلاحه ، ولا ينكح كل واحد ما نكح أبوه من النساء ، وإذا كان للجمع متعلق واحد أو متعلقان فتارة يفردون المتعلق باعتبار وحدته

٣٧٣

وتارة يجمعونه ليناسب اللفظ بصيغ الجموع ، ولذلك أمثلة وتفصيل ذكرناها في ( رفق ).

٨ ـ فائدة

( اسم الزمان والمكان )

أسماء الزمان والمكان من ( يفعل ) مكسور العين على ( مفعل ) مكسور العين كَالْمَجْلِس.

ومن ( يفعل ) بفتح العين وضمها على ( مفعل ) مفتوح العين كَالْمَذْهَبِ من ذهب يذهب على الفتح : والْمَقْتَل من قتل يقتل بالضم ، هذا إذا كان صحيح الفاء واللام.

وأما غيره فمن المعتل الفاء ، اسم الزمان والمكان مكسور عينه أبدا ، كَالْمَوْهِب والْمَوْعِد.

ومن المعتل اللام مفتوح عينه أبدا ، كَالْمَأْوَى والْمَرْمَى.

وقد تدخل على بعضها تاء التأنيث ، إما للمبالغة ، أو لإرادة البقعة ، وذلك مقصور على السماع ، كَالْمَظَنَّة للمكان الذي يظن أن الشيء فيه ، والْمَقْبَرَة بالفتح لموضع يقبر فيه ، والْمَشْرَقَة للموضع الذي تشرق فيه الشمس.

٩ ـ فائدة

( أسماء الآلة )

اسم الآلة : ما يعالج به الفاعل المفعول به لوصول الأثر إليه

٣٧٤

أي إلى المفعول ، مثل ( الْمِنْحَت ) يعالج به النجار لوصول الأثر إلى الخشب ومثل ( مِحْلَب ) و ( مِصْفَاة ) و ( مِرْقَاة ) بكسر الميم : اسم لما يرقى به أي يصعد وهو السلم ، ومن فتح الميم أراد المكان أي مكان الرقي دون الآلة.

قال ابن السكيت ـ نقلا عنه ـ : قالوا ( مطهرة ) و ( مطهرة ) و ( مرقاة ) و ( مرقاة ) و ( مصفاة ) و ( مصفاة ) فمن كسرها شبهها بالآلة ، ومن فتحها قال هو موضع يجعل فيه.

وقد جاء اسم الآلة مضموم الميم والعين على شذوذ مثل ( مُدْهُن ) و ( مُسْعُط ) و ( مُدُقّ ) و ( مُنْخُل ) و ( مُكْحُلَة ) و ( مُحْرُضَة ) للذي يجعل فيه الأشنان.

١٠ ـ فائدة

( في بناء المرة والنوع )

المرة من مصدر الثلاثي المجرد يكون على ( فعلة ) تقول : ضربت ضَرْبَةً.

ومما زاد على الثلاثة بزيادة الهاء ، كَالْإِعْطَاءَة والِانْطِلَاقَة ، وهذا إذا لم يكن فيه تاء التأنيث ، فإن كان كذلك فالوصف فيهما (١) مثل « رحمته رَحْمَةً واحدة » و « دحرجته دَحْرَجَةً واحدة ».

والفعلة بكسر الفاء : النوع نحو « هو حسن الطِّعْمَة والْجِلْسَة ».

__________________

(١) أي يوصف المصدر بالوحدة في الثلاثي وفي المزيد.

٣٧٥

١١ ـ فائدة

( في اجتماع الواو والياء )

الواو والياء إذا اجتمعتا في كلمة ، والأولى منهما ساكنة قلبت الواو ياء : وأدغمت.

ويجب في الواو إذا كانت أولى أن لا تكون بدلا كما في ( سوير ) و ( تسوير ).

وأن لا تكون في صيغة ( أفعل ) نحو ( أيوم ) ولا في الإعلال نحو ( حيوة ).

وأن لا تكون الأولى إذا كانت ياء بدلا من حرف نحو ( ديوان ) والأصل : ( دوان ) ولا تكون للتصغير.

١٢ ـ فائدة

( حكم الواو الواقعة رابعة الكلمة )

قال التفتازاني : كل واو وقعت رابعة فصاعدا ، ولم يكن ما قبلها مضموما ، قلبت ياء تخفيفا ، لثقل الكلمة بالطول.

والمزيد فيه كذلك لا محالة ، تقول : « أَعْطَى يعطي » و « اعْتَدَى يعتدي » و « اسْتَرْشَى يسترشي ».

ومع الضمير : « أعطيت » و « اعتديت » و « استرشيت » بقلب الواو ياء من الجميع ، لما ذكرنا.

وتنظر بعض المحققين ، فقصر الحكم على لام الفعل فقط لكونه

٣٧٦

أليق بالتخفيف ، بدليل أنهم لا يقلبون من استقوم ، واستحوذ ، واعشوشب ، واجتوروا ، وتجاوروا ، وما أشبه ذلك.

وربما رد بأنه لا اعتداد بالندرة.

١٣ ـ فائدة

( حكم الهمزة حالة التثنية )

قال الجوهري : كل اسم ممدود فلا تخلو همزته إما أن تكون أصلية ، فتتركها في التثنية على ما هي عليها ، فتقول ( جَزَاءَانِ ) و ( عَطَاءَانِ ).

وإما أن تكون للتأنيث ، فتقلبها في التثنية واوا لا غير فتقول ( صَفْرَاوَانِ ) و ( سَوْدَاوَانِ ).

وإما أن تكون منقلبة عن واو أو ياء مثل ( كِسَاء ) و ( رِدَاء ) أو ملحقة مثل ( عَلْبَاء ) و ( حَرْبَاء ) ملحقة بسرداح وشملال ، فأنت فيها بالخيار ، إن شئت قلبتها واوا وإن شئت تركتها همزة مثل الأصلية وهو أجود.

١٤ ـ فائدة

( حكم الألف حالة التثنية )

قال الزمخشري : المنقوص لا يخلو من أن تكون ألفه ثالثة أو فوق ذلك ، فإن كانت ثالثة وعرف لها أصل في الواو والياء ردت إليه

٣٧٧

في التثنية نحو ( قِفْوَان ) و ( عِصْوَان ) و ( فِتْيَانِ ) و ( رِحْيَان ).

وإن جهل أصلها ، نظر فإن أميلت ، قلبت ياء نحو ( مَتْيَانِ ) و ( بَلْيَانِ ) في مسميين بمتى وبلى.

وإلا قلبت واوا نحو ( لَدْوَانِ ) و ( إِلْوَانِ ) في مسميين بلدى وإلى.

وإن كانت فوق الثالثة لم تقلب إلا ( ياء ) كقولهم ( أَعْشَيَانِ ) و ( مُلْهِيَانِ ) و ( حُبْلَيَانِ ) و ( حُبَارَيَانِ ).

١٥ ـ فائدة

( معتل اللام عند التثنية والجمع )

تحذف لام الفعل من المعتل اللام في مثال ( فعلوا ) مطلقا أي إذا اتصل به ضمير جماعة الذكور ، سواء كان ما قبل اللام مفتوحا ، أو مضموما ، أو مكسورا ، واوا كان اللام ، أو ياء ، مجردا كان الفعل أو مزيدا فيه.

وفي مثال ( فعلت ) و ( فعلتا ) إذا انفتح ما قبلها ( كَغَزَتْ ) و ( أَعْطَتْ ) و ( اشْتَرَتْ ) و ( اسْتَقْصَتْ ).

وتثبت اللام في غيرها مثل ( رضيت ) ( رضيتا ) و ( سَرُوَتْ ) ( سروتا ).

وتحذف لام الفعل في فعل جماعة الذكور نحو ( يَغْزُونَ ) و ( يَرْمُونَ ) و ( يَرْضُونَ ).

وتثبت في جماعة الإناث ساكنة نحو ( يَغْزُونَ ) و ( يَرْمِينَ ) و ( يَرْضَيْنَ ).

٣٧٨

١٦ ـ فائدة

( في جمع المؤنث الساكن الوسط )

المؤنث الساكن الحشو لا يخلو من أن يكون اسما أو صفة ، فإذا كان اسما تحرك عينه في الجمع إذا صحت بالفتح في المفتوح الفاء ( كَجَمَرَات ).

وبه يعني بالفتح ، وبالكسر في مكسورها ( كَسِدَرَات ).

وبه وبالضم في مضمومها ( كَغُرُفَات ).

وقد تسكن في الضرورة في الأول ، وفي السعة في الباقين.

وفي لغة ( تميم ).

فإذا اعتلت فالإسكان ( كَبَيْضَات ) و ( جَوْزَات ) و ( دَيْمَات ) و ( دُولَات ) جمع ( دولة ) ، إلا في لغة ( هذيل ).

وتسكن الصفة لا غير.

وإنما حركوا في جمع ( لِحْيَة ) و ( رَبْعَة ) لأنهما كانا في الأصل اسمين ووصف بهما ، كذا ذكره الزمخشري.

١٧ ـ فائدة

( في حذف نوني التثنية والجمع بلا إضافة )

يجوز حذف نوني المثنى والمجموع مع العمل في معموليهما على المفعولية ، فمع التعريف تخفيفا كقراءة من قرأ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةَ

٣٧٩

[ ٢٢ / ٣٥ ] بنصب الصلاة على المفعولية.

وأما مع التنكير كقوله تعالى ( لَذائِقُوا الْعَذابَ الْأَلِيمَ ) [ ٣٧ / ٣٨ ] بالنصب فحذفها ضعيف ، لأن اسم الفاعل لم يقع صلة للام.

١٨ ـ فائدة

( في تضمين الفعل المتعدي معنى اللازم وبالعكس )

كما يتضمن المتعدي بنفسه معنى المتعدي بحرف فيتعدى به كذلك قد يتضمن اللازم معنى المتعدي فيتعدى بنفسه كقوله تعالى ( وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ ) [ ٢ / ٢٣٥ ] قالوا : إنه تضمن معنى ( تنووا ) وتعدى بنفسه ، وإلا فهو يتعدى بعلى.

( حكم الظروف المضافة إلى الجملة أو إلى مبني الأصل )

الظروف المضافة إلى الجملة ، و ( إذ ) (١) يجوز بناؤها لاكتسابها البناء من المضاف إليه ولو بواسطة ، على الفتح للخفة نحو قوله تعالى يَوْمَ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ [ ٥ / ١١٩ ] وقوله تعالى وَمِنْ خِزْيِ يَوْمَئِذٍ [ ١١ / ٦٦ ] فيمن قرأ بالفتح.

ويجوز إعرابها أيضا لكونها أسماء مستحقة للإعراب ، ولا يجب اكتساب المضاف إلى المبني البناء منه.

وكذلك في جواز البناء على الفتح والإعراب مثل ( مثل ) و ( غير ) مذكورين مع ( ما ) و ( أن ) مخففة ومشددة نحو « قيامي

__________________

(١) أي الظروف المضافة إلى الجملة أو المضافة إلى ( إذ ).

٣٨٠