مجمع البحرين - ج ٦

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٦

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٦

وقام بكفايته فهو رجل ممون.

( مهن )

قوله تعالى ( مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ) [ ٧٧ / ٢٠ ] أي ضعيف حقير ، يعني النطفة.

وَفِي دُعَاءِ الْهِلَالِ « وَامْتَهَنَكَ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ » أي استعملك من قولهم : امْتَهَنَهُ إذا استعمله ، ومنه الْحَدِيثُ « إِنَّ عَلَى ذِرْوَةِ كُلِّ بَعِيرٍ شَيْطَاناً فَأَشْبِعْهُ وَامْتَهِنْهُ ».

وامْتَهَنَهُ : تبذله.

وامْتَهَنَهُ : استخدمه.

ورجل مَهِينٌ أي ضعيف.

ومَهَنَ مَهْناً من بابي قتل ونفع : خدم غيره.

والفاعل : مَاهِنٌ ، والأنثى : مَاهِنَةٌ ، والجمع مُهَّانٌ مثل كافر وكفار.

( مين )

الْمَيْنُ : الكذب ، يقال مَانَ مَيْناً من باب باع : كذب ، وجمع المين مُيُونٌ ، يقال أكثر الظنون ميون

باب ما أوله النون

( نتن )

النَّتْنُ بالفتح فالسكون : الرائحة الكريهة.

يقال نَتُنَ الشيء بالضم نُتُونَةً ونَتَانَةً فهو نَتِينٌ مثل قريب.

ونَتَنَ نَتْناً من باب ضرب ونَتِنَ يَنْتَنُ فهو نَتِنٌ من باب تعب.

وأَنْتَنَ إِنْتَاناً فهو مُنْتِنٌ (١) ومِنْتِنٌ كسرت الميم اتباعا لكسرة التاء ، وقد قالوا : ما أنتنه.

( نحن )

قد تكرر ذكر ( نَحْنُ ) في الكتاب والسنة ، ومعناه على ما نص عليه الجوهري أن نحن جمع أنا من غير لفظها ، وحرك آخره بالضم لالتقاء الساكنين ، لأن الضمة من جنس الواو أي هي علامة الجمع ،

__________________

(١) بضم الميم.

٣٢١

ونحن كناية عنهم.

( نون )

قوله تعالى ( ن وَالْقَلَمِ ) [ ٦٨ / ١ ] الآية قِيلَ ( ن ) هُوَ الْحُوتُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَرَضُونَ ، وَقِيلَ الدَّوَاةُ.

وَقِيلَ نَهَرٌ فِي الْجَنَّةِ ، قَالَ اللهُ تَعَالَى لَهُ كُنْ مِدَاداً فَجَمَدَ ، وَكَانَ أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ فَكَتَبَ بِهِ مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام » قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ ( ن وَالْقَلَمِ ) قَالَ : إِنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ الْقَلَمَ مِنْ شَجَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهَا الْخُلْدُ ، ثُمَّ قَالَ لِنَهَرٍ فِي الْجَنَّةِ : كُنْ مِدَاداً ، فَجَمَدَ النَّهَرُ ، وَكَانَ أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ الثَّلْجِ وَأَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ ، ثُمَّ قَالَ لِلْقَلَمِ : اكْتُبْ قَالَ : وَمَا أَكْتُبُ؟ قَالَ : اكْتُبْ مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَكَتَبَ الْقَلَمُ فِي رَقٍّ أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ الْفِضَّةِ وَأَصْفَى مِنَ الْيَاقُوتِ ، ثُمَّ طَوَاهُ فَجَعَلَهُ فِي رَأْسِ رُكْنِ الْعَرْشِ ، ثُمَّ خَتَمَ عَلَى فَمِ الْقَلَمِ فَلَمْ يَنْطِقْ بَعْدُ وَلَا يَنْطِقُ أَبَداً.

قوله ( وَذَا النُّونِ ) [ ٢١ / ٨٧ ] وهو لقب يونس بن متى عليه‌السلام.

وَمِنْ قِصَّتِهِ أَنَّهُ نَبِيٌّ أَرْسَلَهُ اللهُ إِلَى أَهْلِ الْمَوْصِلِ (١) فَضَجِرَ لِطُولِ مَا ذَكَّرَهُمْ فَلَمْ يَذَّكَّرُوا ، وَأَقَامُوا عَلَى كُفْرِهِمْ فَرَاغَمَهُمْ ، وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ سَائِغٌ ، حَيْثُ لَمْ يَفْعَلْهُ إِلَّا غَيْظاً لِلَّهِ وَأَنَفَةً لِدِينِهِ وَبُغْضاً لِلْكُفْرِ وَأَهْلِهِ ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُصَابِرَهُمْ لِيَنْظُرَ الْإِذْنَ مِنَ اللهِ فِي مُهَاجَرَتِهِمْ فَابْتُلِيَ بِالْحُوتِ ، وَهُوَ النُّونُ.

ونُونُ البحر : حيتانها ، وجمع النُّونِ أَنْوَانٌ ونِينَانٌ ـ كما قالوا ـ : حوت ، وحيتان ، وأحوات.

ومنه الدُّعَاءُ « سُبْحَانَ مَنْ يَعْلَمُ اخْتِلَافَ النِّينَانِ فِي الْبِحَارِ الْغَامِرَاتِ ».

وذو النُّونِ المصري كان أصله من

__________________

(١) الموصل : مدينة كبيرة من مدن العراق الشمالية ، تلقب ب « الحدباء ». وهي على نهر ( دجلة ). وبالقرب منها انقاظ مدينة قديمة ( نينوى ) فيها قبر نبي الله ( يونس عليه‌السلام ) على تل مرتفع.

٣٢٢

النوبة ، توفي سنة خمس وأربعين ومائتين (١).

والنُّونُ : حرف من حروف المعجم ، وهو من حروف الزيادات ، قاله الجوهري وغيره.

وتكون للتوكيد ، تلحق الفعل المستقبل بعد لام القسم نحو « والله لأضربن زيدا ».

وتلحق الأمر والنهي.

وتلحق في الاستفهام نحو « هل تضربن زيدا ».

وبعد الشرط نحو قوله تعالى ( فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ ) [ ٨ / ٥٧ ].

وقد تكون خفيفة كما تكون شديدة إلا أن الخفيفة إذا استقبلها ساكن سقطت وإذا وقف عليها وقبلها ساكن ، أبدلتها ألفا ، كما قال الأعشى (٢).

ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا.

قال الجوهري : وربما حذفت في الوصل ، كقول الشاعر :

اضرب عنك الهموم طارقها

ضربك بالسوط قونس الفرس (٣)

وتصلح المخففة في موضع المشددة على

__________________

(١) هو ( أبو الفائض ) من كبار مؤسسي التصوف ، اتهمه بعضهم بالزندقة ، وما ثبتت التهمة.

(٢) هو ( ميمون بن قيس ) من أشعر شعراء الجاهلية ، أدرك الإسلام. ولد بالمنفوحة اليمامة ـ لقب ب ( الأعشى ) لضعف بصره. ويعرف بالأعشى الأكبر. وكناه معاصروه بأبي بصير ، إعجابا بقوة بصيرته. وأجمع الأدباء على تلقيبه بصناجة العرب لمتانة شعره وموسيقاه. قضى حياته في أنحاء الجزيرة العربية فالبلاد المجاورة إلى فارس والحبشة مادحا الأمراء والملوك. له ديوان كبير أكثره في المدح مع شيء من الغزل والخمريات ، جمعه وشرحه أبو العباس ثعلب.

(٣) ( البيت لطرفة بن العبد البكري ) من شعراء الجاهلية. أحد أصحاب المعلقات السبع. والقونس ـ بفتح القاف ـ : عظم ناتىء بين أذني الفرس. والمراد : هامته.

٣٢٣

ما قيل إلا في موضعين : في فعل الاثنين وفي جماعة المؤنث ، فإنه لا يصلح فيهما إلا المشددة لئلا تلتبس بنون التثنية.

باب ما أوله الواو

( وتن )

قوله تعالى ( لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ ) [ ٦٩ / ٤٦ ] هو كما تقدم : عرق يتعلق بالقلب إذا قطع مات صاحبه.

ويقال هو عرق مستبطن أبيض غليظ كأنه قصبة يتعلق بالقلب يسقي كل عرق في الإنسان.

( وثن )

قوله تعالى ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ ) [ ٢٢ / ٣٠ ] هي جمع وثن ، وهو الصنم.

قال في المغرب : الْوَثَنُ ما له جثة من خشب أو حجر أو فضة أو جوهر ، ينحت.

وَفِي الْحَدِيثِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ ) « قَالَ : اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ ، وَالنَّرْدِ ، وَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْقِمَارِ ».

( وزن )

قوله تعالى ( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُ ) [ ٧ / ٨ ] قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ : قِيلَ مَعْنَاهُ أَنَ الْوَزْنَ عِبَارَةٌ عَنِ الْعَدْلِ فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّهُ لَا ظُلْمَ فِيهَا.

وقِيلَ : إِنَّ اللهَ يَنْصِبُ مِيزَاناً لَهُ لِسَانٌ وَكِفَّتَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُوزَنُ بِهِ أَعْمَالُ الْعِبَادِ الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ (١).

ثم اختلفوا في كيفية الوزن ، لأن الأعمال أعراض لا يجوز وزنها! فقيل : توزن صحائف الأعمال.

وقيل تظهر علامات الحسنات والسيئات في الكفتين فيراها الإنسان.

وقيل تظهر الحسنات في صورة حسنة ، والسيئات في صورة سيئة.

__________________

(١) الشيخ الطبرسي : مجمع البيان ج ٤ ص ٣٩٩.

٣٢٤

وقيل يوزن نفس المؤمن ، ونفس الكافر.

وقيل المراد بالوزن ظهور مقدار المؤمن في العظم ، ومقدار الكافر في الذلة.

قوله ( وَوَضَعَ الْمِيزانَ ) [ ٥٥ / ٧ ] هو ما يوزن به ليتوصل به إلى الإنصاف.

وأصله ( موزان ) قلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها ، والمراد به هنا ذو الكفتين ، وقيل : العدل.

وَرُوِيَ « أَنَّ جبرئيل عليه‌السلام نَزَلَ بِالْمِيزَانِ ، فَدَفَعَهُ إِلَى نُوحٍ عليه‌السلام وَقَالَ : مُرْ قَوْمَكَ يَزِنُوا بِهِ ».

وجمع الميزان موازين ، ومنه قوله تعالى ( وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ ) [ ٢١ / ٤٧ ].

وقيل أراد الأنبياء والأوصياء.

قوله ( فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً ) [ ١٨ / ١٠٥ ] لا نزن لهم سعيهم مع كفرهم.

قوله ( وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ ) [ ١٥ / ١٩ ] قيل أراد بِالْمَوْزُونِ المعتدل ، أي أنبتنا فيها أنواعا من النبات ، كل نوع معتدل باعتدال يختص به ، بحيث لو تغير لبطل.

والْوَزْنُ عبارة عن اعتدال الأجزاء لا بمعنى تساويها ، فإنه لم يوجد بل بإضافته إلى ذلك النوع ، وما يليق به.

وأما اختلاف أنواع النبات فبحسب اختلاف أجزائها وكيفياتها.

وَفِي الْحَدِيثِ « الصَّلَاةُ مِيزَانٌ ، فَمَنْ وَفَّى اسْتَوْفَى » قال بعض أئمة الحديث : يعني بذلك أن يكون ركوعه مثل سجوده ولبثه في الأولى والثانية سواء ، ومن وفى بذلك استوفى الأجر.

ووزنت لفلان ووزنت فلانا ، قال تعالى ( وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ) [ ٨٣ / ٣ ].

ووَازَنْتُ بين الشيئين مُوَازَنَةً ووِزَاناً.

وهذا يُوَازِنُ هذا أي كان على زنته.

وقولهم هو وَزْنُ الجبل أي حذاؤه.

( وسن )

قوله تعالى ( لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ) [ ٢ / ٢٥٥ ] السِّنِةُ فتور يتقدم

٣٢٥

النوم ، وقيل السِّنَةُ : ثقل في الرأس والنعاس في العين ، والنوم في القلب وتقديمها في الآية عليه مع أن القياس في النفي الترقي من الأعلى إلى الأسفل بعكس الإثبات ، قيل لتقديمها عليه طبعا ، أو المراد نفي هذه الحالة المركبة التي تعتري الحيوان.

وفي الكشاف في قوله ( لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ) [ ٢ / ٢٥٥ ] قال هو توكيد للقيوم لأن من جاز عليه ذلك استحال أن يكون قيوما.

والْوَسَنُ بفتحتين : النعاس.

وعن ابن القطاع : والاستيقاظ يقال له الْوَسَنُ أيضا.

والسنة بالكسر أصلها ( وسنة ) فأعلت (١)

( وضن )

قوله تعالى ( عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ ) [ ٥٦ / ١٥ ] أي منسوجة بعضها على بعض كما يوضن الدرع بمضاعفة بعضها على بعض.

وقيل : منسوجة باليواقيت والجواهر.

وقيل بالذهب من قولهم : وَضَنْتُ النسع (٢) وَضْناً : إذا نسجته.

وقد يوضع « وضين » موضع « موضون » مثل قتيل موضع مقتول.

والْوَضِينُ للهودج : بمنزلة البطان للقتب ، وكلاهما يشد كل واحد منهما به ، وإذا كان غير ثابت يضطرب جميع ما عليه.

ويقال للرجل غير الثابت القدم في الأمر : هو قلق الْوَضِينِ ، أي مضطرب شاك فيه وَقَوْلُهُ عليه‌السلام لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ « إِنَّكَ لَقَلِقُ الْوَضِينِ » كنى به عن ضعف رأيه وضعف يقينه.

( وطن )

قوله تعالى ( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ ) [ ٩ / ٢٥ ] هي جمع موطن وهو المشهد من مشاهد الحرب ، ومنه الْحَدِيثُ « أَصْدَقُ النَّاسِ مَنْ صَدَقَ فِي

__________________

(١) بَلْ أَصلُهَا « وسن » كوعد. وَجَاءَتْ التَّاءُ عِوَضاً عَنْ الْوَاوُ المحذوفة ، كَمَا فِي ( عِدَّةٍ ).

(٢) النسع ـ بَنُونَ مَكْسُورَةِ ـ : سَيْرُ أَوْ حَبَلٌ عَرِيضٌ طَوِيلٍ تَشُدُّ بِهِ الرِّحَالُ.

٣٢٦

الْمَوَاطِنِ ».

والْوَطَنُ بالتحريك : مكان الإنسان (١) ومحله.

ووَطَنْتُ الأرض ووَطَّنْتُهَا تَوْطِيناً واسْتَوْطَنْتُهَا أي اتخذتها وطنا.

وتَوْطِينُ النفس كالتمهيد لها.

( وهن )

قوله تعالى ( وَهْناً عَلى وَهْنٍ ) [ ٣١ / ١٤ ] أي ضعفا على ضعف لأنه كلما عظم خلقه في بطنها زادها ضعفا.

قوله ( وَلا تَهِنُوا ) [ ٤ / ١٠٤ ] أي لا تضعفوا.

وقد وهن الإنسان بالفتح ووهنه غيره يتعدى ولا يتعدى.

وقد وَهِنَ بالكسر أيضا وَهْناً : ضعف

قوله ( اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ ) [ ٨ / ١٨ ] أي مضعفه ، وتَوْهِينُ كيدهم بإبطال حيلهم.

والْوَاهِنَةُ : ريح تأخذ في المنكبين والقفا ، وَمِنْهُ « مَنِ اشْتَكَى الْوَاهِنَةَ فَكَذَا ».

باب ما أوله الهاء

( هتن )

التَّهْتَانُ : مطر ساعة ثم يفتر ثم يعود قاله الجوهري.

( هجن )

الْهَجِينُ في الخيل والناس : الذي أبوه عربي وأمه غير عربية.

والْهِجَانُ ككتاب : الإبل البيض يستوي فيه المذكر والمؤنث ، يقال بعير هِجَانٌ وناقة هجان ، وامرأة هجان أي كريمة.

والْهُجْنَةُ في الناس والخيل : إنما تكون من قبل الأم ، والإقراف من قبل الأب

__________________

(١) الوطن : كل بلد استوطنه الإنسان أي اتخذه مستقرا دائميا أو شبه دائمي لنفسه.

٣٢٧

( هدن )

الْمُهَادَنَةُ : المعاقدة على ترك الحرب مدة معلومة بغير عوض ، والتقدير في المدة إلى الإمام ، ولا يبلغ السنة.

والْهُدْنَةُ : السكون.

والْهُدْنَةُ : الصلح بين المسلمين والكفار وبين كل متحاربين.

يقال هَدَنْتُ الرجل وأَهْدَنْتُهُ إذا سكنته ، وهدن هو ، يتعدى ولا يتعدى.

وهَادَنَهُ مُهَادَنَةً : صالحه.

والاسم منه : الْهُدْنَةُ بالضم.

وَفِي الْحَدِيثِ « سُئِلَ مَا دَارُ الْهُدْنَةِ؟ قَالَ : دَارُ بَلَاغٍ وَانْقِطَاعٍ ».

وتَهَادَنَتِ الأمور : استقامت.

( هرن )

قوله تعالى ( هارُونَ أَخِي ) [ ٢٠ / ٣٠ ] الآية هَارُونُ كَانَ أَخَا مُوسَى مِنْ أُمِّهِ وَأَبِيهِ ، مَاتَ قَبْلَ مُوسَى عليه‌السلام وَمَاتَا جَمِيعاً فِي التِّيهِ ، وَلَمْ يَكُنْ لِمُوسَى وَلَدٌ ، وَكَانَ لِهَارُونَ وَلَدٌ ، وَالذُّرِّيَّةُ لَهُ.

عُمُرُ هَارُونَ عَلَى مَا نُقِلَ : مِائَةٌ وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً.

وَتُوُفِّيَ قَبْلَ مُوسَى بِثَلَاثِ سِنِينَ.

وهَارُونُ الرشيد من خلفاء بني العباس (١) قتل في ليلة واحدة ثلاث بيوت مملوة من السادات ، وهو الذي سم موسى الكاظم عليه‌السلام (٢).

__________________

(١) خامس الخلفاء العباسيين ولد في الري وتوفي في طوس. وبلغت الدولة العباسية ـ في عصره ـ أوجها ، استوزر البرامكة فاعتزت الدولة بهم إلى أن قتلهم غزا ثماني غزوات ، غلب ( نقفورس ) ملك الروم. وحالف ( كارلمان ) ملك الأفرنج.

(٢) الإمام السابع من أئمة الهدى عليهم الصلاة والسلام ولد في ( ٧ صفر ١٢٨ ) وجاءته الإمامة في (١٤٨) وتوفي مسموما في ( ٢٥ رجب ١٨٣ ) سمه هارون الرشيد على يد السندي بن شاهك. بعد حبس طويل. ودفن معززا في مقابر قريش ، وتسمى اليوم ب ( الكاظمية ) على مشرفها السلام.

٣٢٨

( هزن )

هَوَازِنُ : قبيلة من قيس ، وهو هَوَازِنُ بن منصور بن عكرمة.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه‌السلام مَعَ قَوْمِهِ الَّذِينَ مَالُوا إِلَى التَّحْكِيمِ « فَكُنْتُ وَإِيَّاكُمْ كَمَا قَالَ أَخُو هَوَازِنَ :

أَمَرْتُكُمْ أَمْرِي بِمُنْعَرَجِ اللِّوَى

فَلَمْ تَسْتَبِينُوا النُّصْحَ إِلَّا ضُحَى الْغَدِ ».

قال بعض الشارحين : البيت لدريد بن الصمة وقبيلة هوازن.

وَمِنْ قِصَّتِهِ مَعَهُمْ أَنَّهُمْ لِمَا غَنِمُوا مِنْ أَعَادِيهِمْ وَانْصَرَفُوا نَزَلُوا بِمُنْعَرَجِ اللِّوَى لِيَقْسِمُوا الْغَنَائِمَ ، قَالَ لَهُمْ دُرَيْدٌ : وَمِنْ حَقِّنَا أَنْ نَخْرُجَ مِنْ هَذِهِ الْبُقْعَةِ وَنَنْزِلَ إِلَى سَفْحِ الْجَبَلِ فَإِنَّ الْقَوْمَ الْمُغَارَ عَلَيْهِمْ خَرَجُوا إِلَى أَحْيَاءِ الْعَرَبِ يَجْمَعُونَ عَلَيْنَا وَالْآنَ يَجْتَمِعُ عَلَيْنَا عَالَمٌ مِنَ النَّاسِ ، فَخَالَفُوا فَكَانَ كَمَا قَالَ ، وَقُتِلَ مِنْ هَوَازِنَ سَادَاتُهُمْ ، فَقَالَ لَهُمْ دُرَيْدٌ : مَا تَبَيَّنْتُمْ نُصْحِي إِلَّا ضُحَى الْغَدِ ، بَعْدَ الْهَلَاكِ ، فضرب ذلك مثلا.

ووجه تمثيل نفسه عليه‌السلام معهم بهذا القائل مع قومه : اشتراكهما في النصيحة وعصيانهما المستعقب لندامة قومهم وهلاكهم ، والذي كان أشار به عليهم : ترك الحكومة ، والصبر على قتال أهل الشام فأبوا ذلك.

( همن )

قوله تعالى ( وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ) [ ٥ / ٤٨ ] أي شاهدا عليه وقيل رقيبا وقيل مؤتمنا.

والْمُهَيْمِنُ من أسمائه تعالى ، ومعناه القائم على خلقه بأعمالهم وآجالهم وأرزاقهم.

وقيل : الرقيب على كل شيء.

وقيل : الأمين الذي لا يضيع لأحد عنده حق.

قال أهل العربية : أصله « مأيمن » قلبت الهمزة هاء ، كما قالوا : أرقت الماء وهرقته ، وهيهات وأيهات ، وإنما فعلوا ذلك لقرب المخرج.

قوله ( يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً ) [ ٤٠ / ٣٦ ] هامان من نواكر فرعون (١)

__________________

(١) نواكر : جمع نوكر ، كلمة فارسية معناها : ( الخادم ).

٣٢٩

وله معه قصة تقدم ذكرها في ( صرح ).

وفي الحديث ذكر « الْهِمْيَانِ » وهو كيس يجعل فيه النفقة ويشد على الوسط وجمعه هَمَايِينُ.

قال الأزهري ـ نقلا عنه ـ : وهو معرب دخل في كلامهم ، ووزنه : فعيال.

وعكس بعضهم ، فجعل الياء أصلا والنون زائدة ، فوزنه فعلان كذا في المصباح.

( هون )

قوله تعالى ( الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً ) [ ٢٥ / ٦٣ ] أي برفق

والْهَوْن بالفتح : الرّفق واللين ، أي ( الَّذِينَ يَمْشُونَ ) [ ٢٥ / ٦٣ ] بسكينة وتواضع

قوله ( وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ) [ ٣٠ / ٢٧ ] أي هين عليه ، كما يقال : فلان أوحد أي وحيد ، أو أهون عليه عندكم أيها المخاطبون ، لأن الإعادة عندكم أهون من الابتداء ، وقيل : أهون على الميت. قوله ( عَذابَ الْهُونِ ) [ ٦ / ٩٣ ] بالضم أي الهوان ، يريد العذاب المتضمن لشدة وإهانة.

قوله ( أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ ) [ ١٦ / ٥٩ ] بضم الهاء فالسكون أي هون وذل.

وَفِي حَدِيثِ الدُّنْيَا « دَارٌ هَانَتْ عَلَى رَبِّهَا ، فَخَلَطَ حَلَالَهَا بِحَرَامِهَا ، وَخَيْرَهَا بِشَرِّهَا ، وَحَيَاتَهَا بِمَوْتِهَا ، وَحُلْوَهَا بِمُرِّهَا ».

قال بعض الشارحين : هوانها على ربها يعود على عدم العناية بها بالذات فلم تكن خيرا محضا ، ومعنى خلط حلالها بحرامها جمعه فيها.

وهَانَ على الشيء : خفّ.

وهَوَّنَهُ الله أي سهله وخففه.

وشيء هَيِّنٌ على فيعل أي سهل.

ويقال هين بالتخفيف ، ومنه « قَوْمٌ هَيِّنُونَ لَيِّنُونَ ».

وَفِي الْحَدِيثِ « وَمَا هِيَ بِالْهُوَيْنَا » أي وما القصة المعهودة بالهوينا السهلة.

وَفِي وَصْفِهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله « لَيْسَ بِالْجَافِي وَلَا الْمُهِينِ » أي ليس بالذي يجفي أصحابه ، ولا بالذي يُهِينُهم ، يروى بضم الميم وفتحها ، الضم على الفاعل من أهَانَ

٣٣٠

يُهِينُ ، والفتح على المفعول من الْمَهَانَةِ : الحقارة.

وأَهَانَ الرجل : استخف به ، والاسم : الْهَوَانُ والْمَهَانَةُ ، يقال فيه مَهَانَةً أي ذل وضعف.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِنْ شِئْتَ أَنْ تُكْرَمَ فَلِنْ ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تُهَنَ (تُهَانَ ) فَاخْشَنْ » تُهَنَ ( تُوهَنُ ) بالبناء للمجهول من الوهن وهو الضعف والخشونة مقابل اللين وهو الغلظ.

واسْتَهَانَ به وتَهَاوَنَ به : استحقره.

قال الجوهري ، وقوله :

لا تُهِينَ الفقيرَ عَلَّكَ أن

تَرْكَعَ يوماً والدَّهْرُ قد رَفَعَه (١)

أراد لا تُهِينَنْ ، فحذفت النون الخفيفة لما استقبلها ساكن.

وقولهم : امش على هَيْنَتِك أي على رِسْلك.

والْهَاوَنُ يدقّ فيه الدواء والكحل.

قال الجوهري : وأصله هَاوُون ، لأن جمعه هَوَاوِينُ ، مثل قانون وقوانين ، فحذفوا الواو والياء استثقالا ، وفتحوا الأولى لأنه ليس في كلامهم فاعل بالضم.

باب ما أوله الياء

( يفن )

الْيَفَنُ : الشيخ الكبير.

( يقن )

قوله تعالى ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) [ ١٥ / ٩٩ ] أي الموت.

والْيَقِينُ : العلم وزوال الشك.

وربما عبروا بالظن عن اليقين ، وباليقين عن الظن.

ويَقِنْتُ بالكسر يَقِيناً وأَيْقَنْتُ واسْتَيْقَنْتُ وتَيَقَّنْتُ كله بمعنى.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ النَّاسِ أَقَلَّ مِنَ الْيَقِينِ » وفسر بالتوكل على

__________________

(١) هو من أبيات للأضبط بن قريع السعدي ، قوله « علك » مخفف « لعلك » وقوله : « أن تركع » كناية عن الذلة.

٣٣١

الله ، والتسليم لله ، والرضا بقضائه ، والتفويض إليه.

( يمن )

قوله تعالى ( ضَرْباً بِالْيَمِينِ ) [ ٣٧ / ٩٣ ] أي بيمينه ، وقيل القوة والقدرة.

قوله ( تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ ) [ ٣٧ / ٢٨ ] قيل هي مستعارة لجهة الخير وجانبه ، ومعناه « كنتم تأتوننا من قبل الدين فتزينون لنا ضلالتنا ، فتروننا عن الحق والدين ما تضلوننا به ».

وقيل : إنها مستعارة للقوة والقهر ، لأن اليمين موصوفة بالقوة ، وبها يقع البطش.

قوله ( لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ) [ ٦٩ / ٤٥ ] قيل أي بالقوة والقدرة ، وقيل لأخذنا بيمينه ومنعناه من التصرف.

قوله ( أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ) [ ٩٠ / ١٨ ] قيل الذين يعطون كتابهم بأيمانهم. وقد تقدم الكلام في الآية (١).

والْيَمِينُ : القسم والجمع أَيْمُنٌ وأَيْمَانٌ ، يقال سمي بذلك لأنهم كانوا إذا حالفوا ضرب كل منهم يمينه على يمين صاحبه.

وقيل هو مأخوذ من اليمين بمعنى القوة ، لأن الشخص به يتقوى على فعل ما يحلف على فعله ، وترك ما يحلف على تركه.

وقيل هو مأخوذ من الْيُمْنِ بمعنى البركة ، لحصول التبرك بذكر الله ، وكل ذلك ذكره الشيخ أبو علي (٢).

وفي الصحاح : وإن جعلت اليمين ظرفا لم تجمعه لأن الظروف لا تكاد تجمع لأنها جهات وأقطار مختلفة الألفاظ.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْحَجَرُ يَمِينُ اللهِ ، يُصَافِحُ بِهَا مَا يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ » قيل : هذا تمثيل وتشبيه ، والأصل فيه أن الملك إذا صافح أحدا قبل ذلك الرجل المصافح يده فكأن الحجر بمنزلة اليمين للملك ، فهو يستلم ويلثم فشبهه باليمين.

وإنما خص بذلك لأن الميثاق المأخوذ

__________________

(١) في ( شأم ).

(٢) الطبرسي : مجمع البيان ج ١٠ ص ٤٩٦ ، جوامع الجامع ص ٥٤٣.

٣٣٢

من بني آدم في قوله تعالى ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى ) [ ٧ / ١٧٢ ] ـ على ما نقل ـ قد جعله الله مع الحجر ، وأمر الناس بتعاهده.

ولذا جاء فِي الدُّعَاءِ عِنْدَهُ « أَمَانَتِي أَدَّيْتُهَا ، وَمِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ ، فَاشْهَدْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ بِالْمُوَافَاةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».

والْيَمِينُ : يمين الإنسان وغيره.

والْيَمْنَةُ : خلاف اليسرة.

والْيَمَنُ : بلاد العرب (١) والنسبة إليهم يمني ويمان مخفف ، والألف عوض عن ياء النسبة ، فلا يجتمعان.

وبعضهم يقول « يماني » بالتشديد نقلا عن سيبويه.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْإِيمَانُ يَمَانِيٌ ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ » قيل إنما قال ذلك لأن الإيمان بدأ من ( مكة ) وهي في ( تهامة ) (٢) و ( تهامة ) من أرض ( اليمن ) ولهذا يقال « الكعبة الْيَمَانِيَّةُ ».

وقيل إنه قال هذا القول وهو بتبوك (٣) ، ومكة والمدينة بينه وبين اليمن وأشار إلى ناحية اليمن ، وهو يريد مكة والمدينة ، وقيل أراد بهذا : الأنصار لأنهم يمانيون ، وهم نصروا الإيمان

__________________

(١) اليمن : من دول الجزيرة العربية بين البحر الأحمر والمملكة العربية وعدن. تلتحق بها بعض الجزر في البحر الأحمر. سكانها بين ٤ و ٥ ملايين ، أرضها ساحل تهامة. تشرف عليه جبال اليمن والأنجاد الخصيبة الكثيرة المياه. ومنها سميت اليمن قديما « بلاد العرب السعيدة ». وعاصمتها ( صنعاء ).

(٢) تهامة ـ بكسر التاء ـ : هي أراضي السهل الساحلي الضيق الممتد من شبه جزيرة ( سيناء ) شمالا إلى أطراف اليمن جنوبا ، وفيها مدن ( نجران ) و ( مكة ) و ( جدة ) و ( صنعاء ).

(٣) تبوك : مدينة في طريق الحج من دمشق إلى المدينة. اشتهرت بالغزوة العظيمة التي قام بها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لإخضاع عرب الشمال. فهي واقعة على شمال مكة والمدينة.

٣٣٣

والمؤمنين وآووهم فنسب الإيمان إليهم.

والْيُمْنُ : البركة.

وقد يَمُنَ فلان على قومه فهو مَيْمُونٌ : إذا صار مباركا عليهم. وتَيَمَّنْتُ به : تبركت به.

وَفِي الْخَبَرِ « كَانَ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يُحِبُ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ » التَّيَمُّنُ في اللغة المشهورة : التبرك بالشيء ، من الْيُمْنِ : البركة. والمراد البدأة بالأيمن

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا يَمِينَ لِوَلَدٍ مَعَ وَالِدِهِ ، وَلَا لِمَمْلُوكٍ مَعَ مَوْلَاهُ ، وَلَا لِلْمَرْأَةِ مَعَ زَوْجِهَا ، وَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ ، وَلَا يَمِينَ فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ ».

قال بعض الشارحين قَوْلُهُ : لِوَلَدٍ مَعَ وَالِدِهِ سواء كان الولد ذكرا أو أنثى ، وسواء كان الولد حرا أو عبدا.

وَقَوْلُهُ : وَلَا لِمَمْلُوكٍ مَعَ مَوْلَاهُ تعدد المولى أم اتحد ، ومثله المتحرر بعضه في الظاهر.

وَقَوْلُهُ : وَلَا لِلْمَرْأَةِ مَعَ زَوْجِهَا وإن كانت مطلقة رجعية.

قال : ويمكن أن يكون المراد بالنفي : نفي الصحة ، فلا ينعقد من الأصل فلا يؤثر الإذن المتعقب ، أو أن يراد نفي اللزوم ، فينعقد ويكون لهم إلزامها وحلها.

قال : وهذا الذي أفتى به أكثر علمائنا ، وذهب بعض المتأخرين إلى الأول لأن نفي الصحة أقرب مجازا إلى الحقيقة ، وهذا أظهر لو لا أن الثاني أشهر.

قال : والخلاف : إنما هو في غير الحلف على فعل واجب أو ترك محرم فإنه لا ولاية لأحد على حله. ولا يخفى أن النص في الولاية إنما ورد باليمين ، وليس في النذر نص ، وبعض المتأخرين ساوى بينهما والدليل غير واضح. انتهى.

وايْمُنُ الله : اسم وضع للقسم ، هكذا بضم الميم والنون وألفه ألف وصل عند النحويين.

قال الجوهري : ولم يجئ في الأسماء ألف وصل مفتوحة غيرها.

وقد تدخل عليه اللام لتأكيد الابتداء تقول « ليمن الله » فتذهب الألف في الوصل وهو مرفوع بالابتداء ، وخبره

٣٣٤

محذوف ، والتقدير « ليمن الله قسمي » و « ليمن الله ما أقسم به ».

وربما حذفوا منه النون ، فقالوا « أيم الله » و « إيم الله » بكسر الهمزة.

وربما حذفوا منه الياء وقالوا « أم الله ».

وربما أبقوا الميم وحدها مضمومة فقالوا « م الله » ثم يكسرونها ، لأنها صارت حرفا واحدا.

وربما قالوا « من الله » بضم الميم والنون و « من الله » بفتحهما و « من الله » بكسرهما.

وثوب يُمْنَةٌ بضم الياء : البردة من برود اليمن ، قاله في الذكرى.

وَأُمُ أَيْمَنَ ( رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ) : امْرَأَةٌ أَعْتَقَهَا رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَهِيَ حَاضِنَةٌ أَوْلَادَهُ فَزَوَّجَهَا مِنْ زَيْدٍ فَوَلَدَتْ لَهُ أُسَامَةَ.

ومَيْمُونَةُ بنت الحرث : زوجة النبي صلى الله عليه وآله

٣٣٥
٣٣٦

كتاب الهاء

٣٣٧
٣٣٨

باب ما أوله الألف

( أبه )

فِي الدُّعَاءِ « كَمْ مِنْ ذِي أُبَّهَةٍ جَعَلْتَهُ حَقِيراً ».

الْأُبَّهَةُ بضم الهمزة والتشديد : العظمة والكبر والبهاء ، يقال تَأَبَّهَ الرجل تَأَبُّهاً : إذا تكبر.

( أله )

قوله تعالى ( وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ ) [ ٢٣ / ٩٢ ] قال المفسر : هو رد على الثنوية ، يعني لو كان إلاهان لطلب كل واحد منهما العلو ، ولو شاء واحد أن يخلق إنسانا وشاء الآخر أن يخالفه فيخلق بهيمة ، فيكون الخلق منهما على مشيتهما واختلاف إرادتهما إنسانا وبهيمة في حالة واحدة ، فهذا من أعظم المحال ، غير موجود ، فإذا بطل هذا ولم يكن بينهما اختلاف بطل الاثنان ، وكان واحدا.

يؤيده قوله تعالى ( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا ) [ ٢١ / ٢٢ ] الْآلِهَةُ : الأصنام سموا بذلك لاعتقادهم أن العبادة تحق لها ، وأسماؤهم تتبع اعتقادهم لا ما عليه الشيء في نفسه.

وأَلَهَ بالفتح إِلَاهَةً : عبد عبادة.

قال الجوهري : ومنه قرأ ابن عباس ويذرك وإِلَاهَتَكَ [ ٧ / ١٢٧ ] بكسر الهمزة قال أي وعبادتك.

وفي المصباح أَلِهَ يَأْلَهُ من باب تعب إِلَاهَةً بمعنى عبد عبادة.

وتَأَلَّهَ : تعبد.

والْإِلَهُ : المعبود ، وهو الله تعالى ثم استعاره المشركون لما عبدوا من دونه.

وإِلَهُ على فعال بمعنى مفعول لأنه مألوه أي معبود ككتاب بمعنى مكتوب ، وإمام بمعنى مؤتم به فلما أدخلت عليه الألف واللام حذفت الهمزة تخفيفا لكثرته في الكلام ، ولو كانتا عوضا منها لما اجتمعت مع المعوض في قولهم « الإله ».

٣٣٩

وقطعت الهمزة في الابتداء للزومها تفخيما لهذا الاسم.

قال الجوهري : وسمعت أن أبا علي النحوي يقول : إن الألف واللام عوض منها.

واللهُ : اسم علم للذات المقدسة الجامعة لجميع الصفات العليا ، والأسماء الحسنى.

وَفِي الْحَدِيثِ « سُئِلَ عَنْ مَعْنَى (اللهِ )؟ فَقَالَ : اسْتَوْلَى ـ عَلَى مَا دَقَّ وَجَلَّ ».

وفِيهِ « اللهُ مَعْنًى يُدَلُّ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ ، وَكُلُّهَا غَيْرُهُ ».

قيل : وهو غير مشتق من شيء بل هو علم لزمته الألف واللام.

وقال سيبويه ـ نقلا عنه ـ : هو مشتق ، وأصله ( إله ) دخلت عليه الألف واللام فبقي ( الإله ) ثم نقلت حركة الهمزة إلى اللام وسقطت فبقي ( الله ) فأسكنت اللام الأولى وأدغمت وفخم تعظيما ، لكنه ترقق مع كسرة ما قبله.

وَفِي الْحَدِيثِ « يَا هِشَامُ ، اللهُ مُشْتَقٌّ مِنْ إِلَهٍ ، وَالْإِلَهُ يَقْتَضِي مَأْلُوهاً كَانَ إِلَهاً إِذْ لَا مَأْلُوهَ » أي لم تحصل العبادة بعد ولم يخرج وصف المعبودية من القوة إلى الفعل.

وَفِي جَوَامِعِ التَّوْحِيدِ « كَانَ إِلَهاً إِذْ لَا مَأْلُوهَ » معناه سمى نفسه بالإله قبل أن يعبده أحد من العباد.

واللهُمَ [ ٣ / ٢٦ ] قال الشيخ أبو علي : الميم فيه عوض عن يا ، ولذلك لا يجتمعان ، وهذا من خصائص هذا الاسم ، كما اختص الباء في القسم ، وبدخول حرف النداء عليه (١).

وفي كلام الفراء ـ نقلا عنه ـ : أن أصل ( اللهم ) يا ألله أمنا بالخير ، فخفف بالحذف لكثرة الدوران على الألسن.

ورد الشيخ الرضي كلامه بأنه يقال أيضا اللهم لا تؤمهم بالخير.

وَفِي حَدِيثِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ « وَيَأْلَهُونَ إِلَيْهِ » أي يشتاقون إلى وروده كما تشتاق الحمام الساكن به إليه عند خروجه.

__________________

(١) جوامع الجامع ص ٥٥. وله رحمه‌الله كلام مبسط حول هذه الكلمة في تفسيره الآخر ( مجمع البيان ج ١ ص ٤٢٧ ) فراجع.

٣٤٠