مجمع البحرين - ج ٦

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٦

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٦

واحد ، أي هما زوجان وأخوان. قال بعض الشارحين : وهذه من أحسن العبارات.

والولدان : تَوْأَمَانِ. والجمع : تَوَائِم مثل قشعم وقشاعم.

والتَّوْأَمُ على فوعل والأنثى : تَوْأَمَة.

والتَّوْأَمُ : الثاني من سهام الميسر.

وعن الخليل : أصل تَوْأَم : ووأم ، فأبدل من إحدى الواوين تاء كما قالوا : تولج ، من ولج

( تخم )

التَّخْمُ : حد الأرض ، والجمع تُخُوم مثل فلس وفلوس. وعن ابن السكيت : الواحد تَخُوم والجمع تُخُم مثل رسول ورسل.

والتُّخُومُ : الفصل بين الأرضين.

والتُّخُومُ أيضا : منتهى كل قرية أو أرض يقال : فلان على تَخْمٍ من الأرض ، وداره تُتَاخِمُ داري أي تحاذيها.

والتُّخَمَةُ كرطبة والجمع تُخَم كرطب وبالسكون لغة ، وأصل التاء واو ، لأنه من الوخامة.

( ترجم )

فِي حَدِيثِ الْأَئِمَّةِ عليهم‌السلام « تَرَاجِمَةَ وَحْيِكَ » هي جمع تَرْجُمَان ، وهو المُتَرْجِمُ المفسر للسان ، يقال تَرْجَمَ فلانٌ كلامَه : بينه وأوضحه. وتَرْجَمَ كلامَ غيره : عبر عنه بلغة غير لغة المتكلم ، واسم الفاعل : تَرْجُمَان

وفيه لغات « أجودها » فتح التاء وضم الجيم و « الثانية » ضمهما معا و « الثالثة » فتحهما معا.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْإِمَامُ يُتَرْجِمُ عَنِ اللهِ تَعَالَى ».

يعني بقوله « السلام عليكم » أي يقول لأهل الجماعة : أمان لكم من عذاب الله يوم القيامة كما وردت به الرواية عنهم عليهم‌السلام.

( تمم )

قوله تعالى : ( وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ ) [ ٧ / ١٣٧ ] قيل هي قوله تعالى ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ) [ ٢٨ / ٥ ] الآية ( وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ) أي حقت ووجبت

قوله : ( تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ

٢١

وَتَفْصِيلاً ) [ ٦ / ١٥٤ ] أي تماما من الله على المحسنين ، أو تماما على الذي أحسنه موسى من طاعة الله.

قوله : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) [ ٢ / ١٩٦ ] أي قوموا بأمورهما والإِتْمَامُ القيام بالأمر. قيل : وإِتْمَامُهَما أن يحرم بهما من دويرة أهله. وقيل : أن يفرد لكل منهما سفرا. وقيل : أن تكون النفقة حلالا. وقيل : إخلاصهما للعبادة لا للمعاش. وقيل : المراد أن يأتي بجميع أجزائهما وكيفيات تلك الأجزاء ، لكن كون كل واحد منهما مركبا من أجزاء مختلفة ربما يوهم أن من أتى ببعض تلك الأجزاء وأخل بالباقي عمدا يصح منه ذلك المأتي به ، ويجب عليه قضاء الباقي كمن صام بعض شهر رمضان وترك الباقي ، وذلك وهم باطل ، فإن كل واحد من تلك الأجزاء شرط في صحة الباقي ، كأجزاء الصلاة فإذا لم يأت الحاج أو المصلي بكل الأجزاء بطل حجه وصلاته ، بخلاف الصوم.

وأَتْمَمَتُ الشيءَ : أكملته.

ومنه قوله : ( مُتِمُ نُورِهِ ) [ ٦١ / ٨ ] أي مكمله.

وَفِي الْخَبَرِ « مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَلَا أَتَمَّ اللهُ لَهُ » التَّمِيمَةُ : خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين في زعمهم ، فأبطلها الإسلام. والتَّمِيمَة أيضا : عوذة تعلق على الإنسان ومنه شعر أبي الأسود الدئلي في علي بن الحسين عليهم‌السلام :

وإن غلاما بين كسرى وهاشم

لأكرم من نيطت عليه التَّمَائِم

نُقِلَ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عليه‌السلام عَادَ مُعَاوِيَةَ فِي مَرَضِهِ ، فَلَمَّا رَآهُ مُعَاوِيَةُ قَامَ وَتَجَلَّدَ وَأَنْشَدَ يَقُولُ :

بِتَجَلُّدِي لِلشَّامَتَيْنِ أُرِيهِمُ

أَنِّي لِرَيْبِ الدَّهْرِ لَا أَتَضَعْضَعُ

فَأَجَابَهُ الْحَسَنُ عليه‌السلام عَلَى الْفَوْرِ :

وَإِذَا الْمَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفَارَهَا

أَلْفَيْتَ كُلَّ تَمِيمَةٍ لَا تَنْفَعُ

وكان تسميتها تميمة لما يعتقد من أنها تمام الدواء والشفاء.

وَفِي الدُّعَاءِ « أُعِيذُ نَفْسِي بِكَلِمَاتِ اللهِ

٢٢

التَّامَّاتِ » قيل : إنما وصف كلامه بالتمام لأنه لا يجوز أن يكون في شيء من كلامه نقص وعيب ، كما يكون في كلام الناس وقيل : معنى التَّمَام هنا : أن تنفع المتعوذ بها وتحفظه من الآفات وتكفيه.

وَفِيهِ « اللهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ » أي دعوة إلى الصلاة تامة في إلزام الحجة وإيجاب الإجابة. أو التامة التي لا يدخلها تغيير بل باقية إلى يوم النشور. وقيل : وصفها بِالتَّمَامِ لأنها ذكر الله ، ويدعى بها إلى عبادته ، وذلك هو الذي يستحق صفات الكمال والتمام.

وَفِي حَدِيثِ الْكَفَنِ « الْمَفْرُوضُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ تَامٌ لَا أَقَلَّ مِنْهُ » قوله « تام » خبر مبتدإ محذوف أي وهو تام ، والضمير للكفن

وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْجَعْفَرِيِّ « قَالَ : لَمَّا نَفَرْتُ مِنْ مِنًى نَوَيْتُ الْمُقَامَ بِمَكَّةَ فَأَتْمَمْتُ الصَّلَاةَ ، ثُمَّ جَائَنِي خَبَرٌ مِنَ الْمَنْزِلِ فَلَمْ أَدْرِ أُتِمُ أَمْ أُقَصِّرُ؟ فَقَصَصْتُ الْقِصَّةَ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام قَالَ : ارْجِعْ إِلَى التَّقْصِيرِ » هكذا صح ـ الحديث. ولا يخفى منافاته لما اشتهر به الفتوى. وحمل الشيخ الإتمام فيه على صلاة النافلة ، وبعض المتأخرين (١) « فأتم » بقرينة قوله لما نفرت من منى نويت المقام ، والنية في ذلك الوقت ليس إلا للإتمام ـ انتهى ، وهو قريب.

( تهم )

فِي حَدِيثِ وَصْفِ الْمُؤْمِنِ « يَتَّهِمُ عَلَى الْعَيْبِ نَفْسَهُ » ومعناه واضح. وفي بعض النسخ « على الغيب » أي الغائب بأن يقول لو كنت أو حضرت فعلت كذا.

والتُّهَمَةُ بضم التاء وفتح الهاء : الاسم من قولك اتَّهَمْتُ فلانا بكذا ، والأصل فيه الواو. ومنه الْحَدِيثُ « إِذَا اتَّهَمَ الْمُؤْمِنُ أَخَاهُ انْمَاثَ فِي قَلْبِهِ الْإِيمَانُ كَمَا يَنْمَاثُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ ».

وفِيهِ « شَرُّ النَّاسِ مَنِ اتَّهَمَ اللهَ فِي قَضَائِهِ ».

والمُتَّهَمُ : موضع ينصب ماؤه إلى تِهَامَةَ.

__________________

(١) أي بعض المتأخرين حمل قوله « فأتممت » على معنى « فأتم » بعدا.

٢٣

وتِهَامَةُ بكسر الفوقانية : اسم لكل ما نزل عن نجد من بلاد الحجاز. قيل : هي مشتقة من تَهِمَ الحَرُّ ، اشتد مع ركود الريح لشدة حرها. وفي المجمع هي مشتقة من التَّهَمِ وهي الحر وسكون الريح ، وهي أرض أولها ذات عرق من قبل نجد إلى مكة وما وراءها بمرحلتين أو أكثر ، وتأخذ إلى البحر.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْعَقِيقُ لِأَهْلِ نَجْدٍ » وقال : هو وقت لما أنجدت الأرض. وأنت مُتْهِمٌ : على صيغة اسم الفاعل وقد تقدم القول في « نجد ».

( تيم )

تَيْمُ الله : حي من بكر.

وتَيْم في قريش : رهط أبي بكر ، وهو تَيْمُ بْنُ مُرَّةَ. وتَيْمُ بن غالب بن فهر بن مالك بن نضر ، فَالتَّيْمِيُ أبو بكر. والتَّيْمِيَّانِ أبو بكر وطلحة.

والتَّيْمَاءُ : المفازة.

وتَيْمَاءُ : اسم أرض على عشر مراحل من مدينة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله شاميا ، وعلى خمس مراحل من خيبر شاميا.

وفي المصباح : تَيْمَاءُ على وزن حمراء وصفراء : موضع قريب من بادية الحجاز ـ انتهى.

وتَيْمَاءُ وأَرْيَحَاءُ : بفتح ياء وهمزة ومد : قريتان بالشام.

وتَيَّمَهُ الحُبُّ : استعبده ، وذلله فهو مُتَيَّمٌ.

باب ما أوله الثاء

( ثرم )

الثَّرَمُ بالتحريك من باب فعل بكسر العين يفعل بالفتح : سقوط الثنية. وثَرِمَ الرَّجُلُ : انكسرت ثنيته فهو أَثْرَمُ ، والمرأة ثَرْمَاءُ.

وأَثْرَمَهُ اللهُ : جعله أَثْرَمَ.

٢٤

( ثلم )

فِي الْحَدِيثِ « إِذَا مَاتَ الْعَالِمُ ثُلِمَ فِي الْإِسْلَامِ ثُلْمَةٌ لَا يَسُدُّهَا شَيْءٌ » الثُّلْمَةُ كبرمة : الخلل الواقع في الحائط وغيره والجمع : ثُلَمٌ كبرم. وعلل ذلك بأنهم حصون كحصون سور المدينة فذكر ذلك على سبيل الاستعارة والتشبيه.

وثَلَمْتُ الإناءَ من باب ضرب : كسرته من حافته.

( ثمم )

قوله تعالى : ( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَ وَجْهُ اللهِ ) [ ٢ / ١١٥ ] هو بالفتح : اسم يشار به إلى المكان البعيد بمعنى هناك ، وهو ظرف لا يتصرف. قيل : إنها نزلت ردا على اليهود في اعتراضهم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في توجيهه إلى الكعبة. وقيل : إنه كان في مبدإ الإسلام مخيرا في التوجه إلى الصخرة أو الكعبة بهذه الآية فنسخ بقوله تعالى ( فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) [ ٢ / ١٤٩ ].

وقيل : نزلت في الدعاء والأذكار ، عَنِ الْبَاقِرِ عليه‌السلام « أَنَّ هَذِهِ فِي النَّافِلَةِ سَفَراً حَيْثُ تَوَجَّهَتِ الرَّاحِلَةُ ». وقوله تعالى ( فَوَلِّ وَجْهَكَ ) الآية في الفرض لا يجوز فيه غير ذلك.

ومثله قوله تعالى : ( وَأَزْلَفْنا ثَمَ الْآخَرِينَ ) [ ٢٦ / ٦٤ ] فَثَمَ للتبعيد بمنزلة هنا للتقريب.

قوله : ( ثُمَ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ ) [ ١٠ / ٥١ ] هو بضم الثاء. ودخول حرف الاستفهام على ثُمَ كدخوله على الواو والفاء في قوله ( أَفَأَمِنَ ) [ ٧ / ٩٦ ] ( أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى ) [ ٧ / ٩٧ ].

وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِنْجَاءِ « يُنَقَّى مَا ثَمَ » يعني ما هناك من محل النجاسة.

وَمِثْلُهُ فِي حَدِيثِ الرُّبُوبِيَّةِ « مَنْ تَعَاطَى مَا ثَمَ هَلَكَ ». أي من طلب معرفة الذات التي لا مطمع فيها لنبي أو غيره هلك.

وثُمَ : حرف عاطف يدل على الترتيب والتراخي. وربما أدخلوا عليها التاء ، كما قال شاعرهم.

« ولقد أمر على اللئيم يسبني »

« فمضيت ثُمَّتَ قلت ما يعنيني ».  

٢٥

ومنه حَدِيثُ الْوُضُوءِ « ثُمَ مَسَحَ بِيَدِهِ الْحَاجِبَيْنِ جَمِيعاً ».

قال بعض الأفاضل : أجرى الكوفيون ثُمَ مجرى الواو في جواز نصب المضارع بما بعد فعل الشرط ، واستدلالهم بقراءة الحسن ( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ ) [ ٤ / ١٠٠ ] بنصب يُدْرِكَهُ ، وأجراها ابن مالك مجريها بعد الطلب ، فأجاز في قَوْلِهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله « لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي ثُمَ يَغْتَسِلُ مِنْهُ ». ثلاثة أوجه : الرفع ، بتقدير « ثم هو يغتسل منه ». والجزم بالعطف على موضع فعل النهي. والنصب بإعطاء ثم حكم الواو.

( ثوم )

الثُّومُ معروف. وقد جاء ذكره فِي الْحَدِيثِ : « كَرَاهَةُ أَكْلِهِ لِمَنْ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ ».

باب ما أوله الجيم

( جثم )

فِي الْحَدِيثِ « الشَّيْطَانُ يُدِيرُ ابْنَ آدَمَ بِكُلِّ شَيْءٍ ، فَإِذَا أَعْيَاهُ جَثَمَ لَهُ عِنْدَ الْمَالِ فَأَخَذَ بِرَقَبَتِهِ ». هو من قولهم جَثَمَ يَجْثُمُ : لزم مكانه فلم يبرح. وفي المصباح : الطائر والأرنب يَجْثُمُ جُثُوماً ، وهو كالبروك من البعير.

والجُثْمَانُ بضم الجيم : الشخص.

وعن الأصمعي الجُثْمَانُ : الشخص. والجُثْمَانُ : الجسم.

( جحم )

قوله تعالى : ( لَتَرَوُنَ الْجَحِيمَ ) هو [ ١٠٢ / ٦ ] اسم من أسماء النار ، وأصله ما اشتد لهبه من النيران. وكل نار عظيمة في مهواة فهي جَحِيمٌ قال تعالى : ( قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ ) [ ٣٧ / ٩٧ ].

والجَاحِمُ : المكان الشديدة الحرارة.

وأَجْحَمَ عن الشيء : كف عنه ، مثل

٢٦

أحجم.

( جذم )

جَذَمَ فِي الدُّعَاءِ « وَقَدْ عَصَيْتُكَ بِرِجْلِي وَلَوْ شِئْتَ وَعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ لَجَذَمْتَنِي ». أي لقطعتني رجلي. قيل : وهذا من قبيل عد المباحات ذنبا ، تواضعا لله. ومثل مَا رَوَاهُ الصَّادِقُ عليه‌السلام « مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله كَانَ يَتُوبُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً ».

والأَجْذَمُ : مقطوع اليد.

وجَذِمَتِ اليدُ من باب تعب : قُطِعَتْ.

وجَذِمَ الرجلُ : صار أَجْذَمَ ، والمرأة جَذْمَاء.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَنْ نَكَثَ صَفْقَةَ الْإِمَامِ جَاءَ إِلَى اللهِ أَجْذَمَ ».

وَفِي الْخَبَرِ « مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ أَجْذَمُ » قيل : الأَجْذَمُ هنا مقطوع اليد. وقيل : المَجْذُوم. وقيل : مقطوع الحجة. وقيل : منقطع السبب. وقيل : خالي اليد من الخير ، صفر من الثواب.

والجُذَامُ بالضم : داء معروف ويظهر معه يبس الأعضاء وتناثر اللحم. وقد جُذِمَ بالضم فهو مَجْذُوم ، والجَذْمَى : جمع الأَجْذَم ، مثل الحمقى جمع أحمق.

والجِذْمَةُ : القطعة من الحبل وغيره. ويسمى السوط جِذْمَة.

وجَذِيمَةُ : قبيلة من عبد القيس والنسبة : جَذَمِيٌ بالتحريك.

وجَذِيمَةُ الأبرش : ملك الحيرة ، صاحب الزباء.

( جرم )

قوله تعالى : ( لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ ) [ ١٦ / ٦٢ ] وقوله ( لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ ) [ ١١ / ٢٢ ]. قيل : ( لا جَرَمَ ) بمعنى لا شك. وعن الفراء : هي كلمة في الأصل بمعنى لا بد ، ولا محالة ، فجرت على ذلك ، وكثرت حتى تحولت إلى معنى القسم ، وصارت بمعنى حقا ، فلذلك يجاب عنها باللام كما يجاب عن القسم ، ألا تراهم يقولون : لا جَرَمَ لآتينك ، ولأفعلن كذا ، وقيل : جَرَمَ بمعنى كسب أي كسب لهم كفرهم الخسران. وقيل : بمعنى وجب وحق

٢٧

­ـ قاله في النهاية ـ و « لا » رد لما قبلها من الكلام ثم يبتدأ بها كقوله تعالى : ( لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ ) [ ١٦ / ٦٢ ] أي ليس لهم الأمر كما قالوا ، ثم ابتدأ فقال : وجب لهم النار.

قوله : ( فَعَلَيَ إِجْرامِي ) [ ١١ / ٣٥ ] أي وبالي ، مصدر أَجْرَمْتُ إِجْرَاماً.

قوله : ( لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي ) [ ١١ / ٨٩ ] أي لا يحملنكم أو يكسبنكم معاداتي ، من قولهم : جَرَمْتُ على أهلي أي كسبت.

ومثله قوله : ( لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ ) أي بغض قوم ( أَنْ صَدُّوكُمْ ) أي لأجل أنهم صدوكم ( عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) يعني النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه لما صدوهم عام الحديبية ( أَنْ تَعْتَدُوا ) [ ٥ / ٢ ] وقرئ إِنْ صَدُّوكُمْ (١) وجواب إن قد أغنى عنه ما تقدم.

والمُجْرِمُ : المنقطع عن الحق إلى الباطل.

والمُجْرِمُ : المذنب.

ومنه قوله تعالى : ( كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ) [ ٣٧ / ٣٤ ].

وَفِي الْحَدِيثِ « قَالَ مَنْ أَجْرَمَ إِلَى آلِ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله ».

وجَرَمَ يَجْرِمُ جَرْماً من باب ضرب : أذنب واكتسب الإثم ، وبالمصدر سمي الرجل. ومنه بنو جَرْمٍ.

والجَرْمِيُ : منسوب إلى بني جرم : قبيلة.

ومنه كليب الجَرْمِيُ الذي بايع عليا عليه‌السلام.

والجُرْمُ بضم الجيم : الذنب ، وجمعه : أَجْرَام.

والجَرِيمَةُ : مثله. وجَرَمَ واجْتَرَمَ وأَجْرَمَ بمعنى. والجِرْمُ بالكسر : الجسد والجمع أَجْرَام ، كحمل وأحمال.

والجِرْمُ أيضا : اللون

( جرثم )

فِي الْحَدِيثِ « مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَقَحَّمَ جَرَاثِيمَ جَهَنَّمَ فَلْيَقُلْ فِي الْجَدِّ بِرَأْيِهِ ». الجَرَاثِيمُ جمع جُرْثُومَة ، وجُرْثُومَة الشيء

__________________

(١) بكسر همزة « إن » على أنها شرطية.

٢٨

بالضم فالسكون أصله ، والمراد قعر جهنم وأسفلها.

وجَرَاثِيمُ الأرض : أعاليها

( جزم )

فِي الْحَدِيثِ « التَّكْبِيرُ جَزْمٌ » يريد بِالْجَزْمِ الإمساك عن إشباع الحركة والتعمق فيها وقطعها أصلا. يقال جَزَمْتُ الشيءَ جَزْماً من باب ضرب : قطعته عن الحركة وأسكنته. والجَزْمُ القطع.

ومنه قَوْلُهُ « يَبْنِي عَلَيْهِ وَيَأْخُذُ بِالْجَزْمِ » أي بالقطع واليقين.

( جسم )

في الحديث تكرر ذكر « الجِسْم » قيل : هو كل شخص مدرك.

وفي كتاب الخليل نقلا عنه الجِسْمُ البدن وأعضاؤه من الناس والدواب ونحو ذلك مما عظم من الخلق.

وعن أبي زيد : الجِسْمُ الجسد وكذلك الجُسْمَان والجُثْمَان. وقد مر الفرق بينهما في كلام الأصمعي في « جثم ».

والجِسْمُ في عرف المتكلمين : هو الطويل العريض العميق ، فهو ما يقبل القسمة في الأبعاد الثلاثة ، والسطح ما يقبلها في الطول والعرض ، والخط ما يقبلها في الطول لا غير ، والنقطة هي التي لا تقبل القسمة في شيء من الأبعاد ، فالسطح طرف الجِسْم ، والخط طرف السطح ، والنقطة طرف الخط.

ورجل له جِسْمٌ وجمال : أي متانة وحسن.

وجَسُمَ الشيءُ جَسَامَةً وزان ضخم ضخامة. وجَسِمَ جَسَماً من باب تعب : عظم فهو جَسِيمٌ أي عظيم.

وجَسِيمُ عطيتك : عظيمها.

وسألت عن أمر جَسِيمٍ : أي عظيم.

وتَجَسَّمْتُ الأمرَ أي ركبت أجسمه أي معظمه.

( جشم )

فِي الدُّعَاءِ « وَلَمْ يُجَشِّمْنَا إِلَّا يُسْراً » أي لم يكفنا إلا يسرا ، من التَّجَشُّمِ وهو التكلف على مشقة.

وجُشَم : حي من الأنصار.

( جعشم )

فِي حَدِيثِ الْغَارِ « فَخَرَجَ سُرَاقَةُ بْنُ

٢٩

مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ ». قال في القاموس : جُعْشُم كقنفذ وجندب. وجُعْشُمُ بْنُ خُلَيْبَةَ بْنِ جُعْشُم وسراقة بن مالك بن جُعْشُم صحابيان.

( جلم )

فِي حَدِيثِ الْإِحْرَامِ « لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَجِدُ الْجَلَمَ » الجَلَمُ بالتحريك : الذي يجز به الشعر والصوف كالمقص. والجَلَمَانِ بلفظ التثنية مثله. وجَلَمْتُ الشيءَ جَلْماً من باب ضرب : قطعته.

( جمم )

قوله تعالى : ( تُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا ) أي كثيرا ، والجَمُ بالفتح والتشديد الكثير. يقال : جَمَ الشيءُ جَمّاً من باب ضرب كثرفهو جَمٌ.

والجَمَامُ بالفتح : الراحة ومنه قَوْلُهُ عليه‌السلام « جَمَاماً وَقُوَّةً ».

وكبش أَجَمُ : لا قرن له ، والأنثى جَمَّاءُ ، والجمع جُمٌ.

وَفِي حَدِيثِ الْحَقِّ تَعَالَى « لَا يُجَاوِزُنِي ظُلْمُ ظَالِمٍ وَلَوْ نَطْحَةٌ مَا بَيْنَ الْقَرْنَاءِ إِلَى الْجَمَّاءِ ». يعني التي لا قرن لها.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَنَّ الْمَسَاجِدَ لَا تُشَرَّفُ ، تُبْنَى جُمّاً ». أي لا تشرف جدرانها.

ومثله « أُمِرْنَا أَنْ نَبْنِيَ الْمَدَائِنَ شُرَفاً وَالْمَسَاجِدَ جُمّاً ».

وجَمَّتِ الشَّاةُ جَمّاً من باب تعب : إذا لم يكن لها قرن.

والجُمَّةُ من الإنسان : مجتمع شعر ناصيته ، والجمع جُمَمٌ ، كغرفة وغرف.

ومنه الْحَدِيثُ « لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ حَاضَتْ أَنْ تَتَّخِذَ قُصَّةً وَلَا جُمَّةً ».

والجُمَّةُ : الشعر المتدلي البالغ المنكبين

وَفِي حَدِيثِ الصَّدَقَةِ « وَكَانَ يَنْهَى عَنْ أُولَئِكَ الجَمَّائِينَ ». يعني أصحاب الشعور ، كذا في نسخة الكافي.

وعليها مرض الجُمَّة بالضم : مجتمع شعر الرأس وهي أكثر من الوفرة.

ويقال للرجل الطويل اللحية : جَمَّانِيٌ بالنون على القياس. وقيل الجَمَّانِين كأنه فعال من الجمن للنسبة إليها ، فإن فعالا يكون للنسبة كجبار ، لكثرة القردان فيهم.

٣٠

وفي بعض النسخ (١) : المجانين ، وكأنه أراد المخالفين ، والله أعلم.

والجُمْجُمَة بالضم : عظم الرأس المشتمل على الدماغ ، ومنه قَوْلُهُ صلى‌الله‌عليه‌وآله « أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْفَلِقُ الْأَرْضُ عَنْ جُمْجُمَتِهِ ».

وجُمْجُمَةُ العرب : ساداتها ، لأن الجمجمة الرأس ، وهو أشرف الأعضاء.

والجُمْجُمَةُ : القدح الخشب.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه‌السلام « لَوْ صَبَبْتُ الدُّنْيَا بِجَمَّاتِهَا عَلَى الْمُنَافِقِ أَنْ يُحِبَّنِي مَا أَحَبَّنِي » الجَمَّاتُ جمع جَمَّة وهو مجتمع الماء من الأرض أراد بجملتها.

( جرهم )

جُرْهُم بضم الجيم والهاء : حي من اليمن ، وقد جاء فِي الْحَدِيثِ « نُقِلَ أَنَ جُرْهُماً بَيْنَ نِتَاجِ الْمَلَائِكَةِ وَبَنَاتِ آدَمَ عليه‌السلام ».

وعَنِ الجَاحَظِ « كَانَ الْمَلَكُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِذَا عَصَى رَبَّهُ فِي السَّمَاءِ أَهْبَطَ إِلَى الْأَرْضِ فِي صُورَةِ رَجُلٍ كَمَا صُنِعَ فِي هَارُوتَ وَمَارُوتَ ، فَوَقَعَ بَعْضُ الْمَلَائِكَةِ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَوَلَدَتْ مِنْهُ جُرْهُماً ».

قيل : ومن هذا الضرب كانت بلقيس ملكة سبإ وكذلك ذو القرنين كانت أمه آدمية وأبوه من الملائكة. ولم يثبت.

( جهم )

فِي الْحَدِيثِ « عَظِّمُوا أَصْحَابَكُمْ وَلَا يَتَجَهَّمُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً » أي لا يكلح بعضكم في وجه بعض من قولهم تَجَهَّمْتُهُ : كلحت في وجهه. ويَتَجَهَّمُنِي أي يعبس وجهه إذا واجهني.

ورجل جَهْمُ الوجه : كالح الوجه.

والجَهْمِيُ : هو الذي يقول بمعرفة الله وحده ، ليس الإيمان شيء غيره. وقد جاء في الحديث.

والجَهَامُ : السحاب الذي لا ماء فيه. ومنه الدُّعَاءُ « وَلَا جَهَامٍ عَارِضُهَا » والعَارِضُ : السحاب الأبيض.

( جهنم )

جَهَنَّمُ اسم من أسماء النار التي يعذب الله به عباده. قال في المصباح : وهو ملحق

__________________

(١) أي نسخ الكافي.

٣١

بالخماسي بتشديد الحرف الثالث فيه. وهو فارسي معرب.

باب ما أوله الحاء

( حتم )

قوله تعالى : ( كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا ) [ ١٩ / ٧١ ] الحَتْمُ : الواجب المعزوم عليه

وَمِنْهُ « الْوَتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ ».

وحَتَمَ عليه الأمرَ حَتْماً : أوجبه جزما.

وحَتَمَ اللهُ الأمرَ : أوجبه.

والحَتْمُ : إحكام الأمر.

والحَتْمُ : إيجاب القضاء.

والحَتْمُ : الأمر. وتَحَتَّمَ وجب وجوبا لا يمكن إسقاطه. ومنه الأمر المحتوم.

وحَاتِمٌ بكسر التاء : هو ابن عبد الله بن سعد بن الحشرج ، كان جوادا شجاعا شاعرا مظفرا إذا قاتل غلب ، وإذا سئل وهب ، وإذا ضرب بالقداح سبق ، وإذا أسر أطلق ، وإذا أسرى أنفق قال شاعرهم

« على حالة لو أن في القوم حَاتِماً »

« على جوده ما جاد بالماء حَاتِمِ »  

قال الجوهري : وإنما خفضه على البدل من الهاء في جوده

( حجم )

أَحْجَمَ عن الشيء : كف عنه وتأخر.

ومِنْهُ « فَأَحْجَمْتُ عَنِ الْكَلَامِ ».

وأَحْجَمَ القومُ : نكصوا.

وحَجْمُ الشيءِ : قدره. والحَجْمُ : فعل الحَاجِم ، وقد حَجَمَهُ يَحْجُمُهُ من باب قتل : شرطه ، فهو مَحْجُومٌ واسم الصناعة : حِجَامَة بكسر الحاء.

والمِحْجَمُ بالكسر والمِحْجَمَةُ : الآلة التي يجمع فيها دم الحجامة عند المص.

والمَحْجَمُ كجعفر : موضع الحجامة.

وَقَوْلُهُ عليه‌السلام : « لَا تُسَلِّمْهُ حَجَّاماً » قيل لمكان الدم وعدم الاحتراز منه.

٣٢

( حذم )

حَذَامِ : اسم امرأة مثل قطام.

وَفِي الْخَبَرِ « إِذَا أَذَّنْتَ فَتَرَسَّلْ وَإِذَا أَقَمْتَ فَاحْذِمْ ». أي أسرع ، يقال حَذَمَ في مشيته أي أسرع. وكل شيء أسرعت فيه فقد حَذَمْتَهُ

( حذلم )

حَذْلَم : اسم رجل. وتميم بن حَذْلَم الضبي : من التابعين. والحَذْلَمَةُ : الإسراع

( حرم )

قوله تعالى : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ ) [ ٧ / ٣١ ] الآية ، قيل : كان قوم من العرب يحرمون كثيرا مما أباحه الله لعباده ، من لبس الثياب والأرزاق الطيبة والمناكح في الحرم ، فأنكر الله ذلك عليهم ، وقال : ( قُلْ ) يا محمد ( مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ ). أي المستلذات من الرزق ( قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : يَعْنِي أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ شَارَكُوا الْمُشْرِكِينَ فِي الطَّيِّبَاتِ فِي الدُّنْيَا ، فَأَكَلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ الطَّعَامِ وَلَبِسُوا مِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ وَنَكَحُوا مِنْ صَالِحِ النِّسَاءِ ، ثُمَّ يَخُصُّ اللهُ الطَّيِّبَاتِ فِي الْآخِرَةِ لِلَّذِينَ آمَنُوا ، وَلَيْسَ لِلْمُشْرِكِينَ فِيهَا شَيْءٌ.

قوله ( أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ) [ ٩ / ٣٦ ] وهي التي حرمها الله تعالى ، وكانت العرب لا تستحل فيها القتال وهي أربعة ، ولكن في عدها خلاف قد مر في « شهر ».

قوله : ( غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) [ ٥ / ١ ] المشهور في القراءة بضمتين ، وفي الشواذ « حُرْمٌ » ساكنة الراء.

قوله : ( وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ ) [ ٢ / ١٩٤ ] يقال الآية تحكم بالقصاص على كل من نال من مسلم شيئا حرم عليه.

قوله ( وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللهِ ) [ ٢٢ / ٣٠ ] هي بضمتين جمع حُرْمَة أي ما حرمه الله من ترك الواجبات وفعل المحرمات فهو خير له عند ربه. ومثله قوله ( وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) [ ٢٢ / ٣٢ ] قيل : وتعظيم الحُرُمَات والشعائر اعتقاد الحكمة فيها ، وأنها واقعة على الحق المطابق ، قيل :

٣٣

ولذلك نسبها إلى القلوب ، ويلزم من ذلك الاعتقاد شدة التحرز من الوقوع فيها ، وجعلها كالشيء المحتمي

قوله : ( وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ) [ ٦ / ١٤٦ ] الآية قد تقدم شرحها في « ظفر ».

قوله : ( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ ) [ ٤ / ١٥٩ ] رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَعْفُورٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام يَقُولُ « مَنْ زَرَعَ حِنْطَةً فِي أَرْضٍ فَلَمْ تَزْكُ فِي أَرْضِهِ وَزَرْعِهِ ، وَخَرَجَ زَرْعُهُ كَثِيرَ الشَّعِيرِ فَبِظُلْمٍ عَمِلَهُ فِي رَقَبَةِ الْأَرْضِ ، وَبِظُلْمِ زُرَّاعِهِ وَأَكَرَتِهِ ، لِأَنَّ اللهَ يَقُولُ ( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ ).

والحُرْمَةُ : ما وجب القيام به ، وحرم التفريط فيه. وأصل التَّحْرِيمِ : المنع.

ومنه قوله ( وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ ) [ ٢٨ / ١٢ ].

قوله : ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ ) [ ٦٦ / ١ ] أي من ملك يمين.

رُوِيَ « أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله خَلَا بِمَارِيَةَ فِي يَوْمِ عَائِشَةَ ، وَعَلِمَتْ بِذَلِكَ حَفْصَةُ ، فَقَالَ لَهَا : اكْتُمِي عَلَيَّ وَقَدْ حَرَّمْتُ مَارِيَةَ عَلَى نَفْسِي وَاسْتَكْتَمَهَا فَلَمْ تَكْتُمْ وَأَخْبَرَتْ عَائِشَةَ الْخَبَرَ ، وَحَدَّثَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إِيَّاهَا بِذَلِكَ ، فَأَطْلَعَ اللهُ نَبِيَّهُ عَلَى ذَلِكَ فَطَلَّقَهَا ، وَاعْتَزَلَ النِّسَاءَ تِسْعاً وَعِشْرِينَ لَيْلَةً فِي بَيْتِ مَارِيَةَ ».

قوله : ( إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ ) [ ٣ / ٩٣ ] رُوِيَ « أَنَّهُ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ لُحُومَ الْإِبِلِ وَأَلْبَانَهَا لَمَّا اشْتَكَى عِرْقَ النَّسَا وَهُمَا لَا يُلَائِمَانِهَا ». قيل : فعل ذلك بإشارة الأطباء ، وقيل : إنه نذر إن شفي لم يأكل أحب الطعام إليه وكان ذلك أحبه إليه.

وَفِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ رَحِمَهُ اللهُ قَالَ : إِنَّ إِسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا أَكَلَ مِنْ لَحْمِ الْإِبِلِ هَيَّجَ عَلَيْهِ وَجَعَ الْخَاصِرَةِ فَحَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ لَحْمَ الْإِبِلِ ، وَذَلِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ فَلَمَّا نُزِّلَتِ التَّوْرَاةُ لَمْ يُحَرِّمْهُ وَلَمْ يَأْكُلْهُ. ويتم البحث في « طعم ».

٣٤

قوله : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً ) [ ٢٩ / ٦٧ ] سمي حَرَمُ مكة حرما لتحريم الله فيه كثيرا مما ليس بمحرم في غيره.

وقوله ( لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) [ ٥١ / ١٩ ] قوله ( الْمَحْرُومِ ) : المحارف الذي قد حرم كد يده في الشراء والبيع.

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى « الْمَحْرُومُ : الرَّجُلُ الَّذِي لَيْسَ بِعَقْلِهِ بَأْسٌ وَلَا يُبْسَطُ لَهُ فِي الرِّزْقِ وَهُوَ مُحَارَفٌ ».

قوله : ( الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ ) [ ٢ / ١٩٤ ] الآية ، كَانَ أَهْلُ مَكَّةَ قَدْ مَنَعُوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مِنَ الدُّخُولِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ سَنَةَ [ سِتٍ ] فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَهَتَكُوا الشَّهْرَ الْحَرَامَ ، فَأَجَازَ اللهُ تَعَالَى لِلنَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَأَصْحَابِهِ أَنْ يَدْخُلُوا فِي سَنَةِ سَبْعٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ لِعُمْرَةِ الْقَضَاءِ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مُقَابِلاً لِمَنْعِهِمْ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ. ثم قال : ( وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ ) [ ٢ / ١٩٤ ] أي يجوز القصاص في كل شيء حتى في هتك حرمة الشهور ثم عمم الحكم فقال ( فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ ) الآية. قال بعض العارفين : وفي الآية أحكام :

« منها » ـ إباحة القتال في الشهر الحرام لمن لا يرى له حرمة.

و « منها » ـ أنه يجوز مقاتلة المحارب المعتدي بمثل فعله لقوله ( وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ ).

و « منها » ـ إذا دهم المسلمين داهم من عدو يخشى منه على بيضة الإسلام فإنه يجوز قتاله وإن لم يكن الإمام حاضرا لقوله ( فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ).

و « منها » ـ أنه يجوز بمقتضى الآية أن الغاصب والظالم إذا لم يرد المظلمة أن يؤخذ من ماله قدر ما غصب سواء كان بحكم الحاكم أم لا.

قوله : ( فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ ) [ ٩ / ٢٨ ] قيل المراد جملة الحرم ، سمي به تسمية للشيء بأشرف أجزائه ، أمر المؤمنون أن لا يمكنوا المشركين من الدخول إلى الحرم وذلك قبل سنة حجة الوداع ، وقِيلَ سَنَةَ تِسْعٍ لَمَّا بُعِثَ أَبُو بَكْرٍ بِبَرَاءَةَ ، ثُمَّ أَمَرَ اللهُ

٣٥

بِرَدِّهِ وَأَنْ لَا يَقْرَأَ إِلَّا الرَّسُولُ صلى‌الله‌عليه‌وآله أَوْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، فَبَعَثَ عَلِيّاً عليه‌السلام.

قوله ( لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) [ ٥ / ٩٥ ] الصيد يجيء مصدرا ، واسما للصيد ، وهو المراد هنا.

والحُرُم جمع حَرَام وهو مصدر أيضا سمي به المُحْرِم مجازا ، لأن الحَرَامَ في الحقيقة يوصف به الفعل ، كذا عن بعض المفسرين.

قوله : ( فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ) [ ٥ / ٢٦ ] رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ مُوسَى عليه‌السلام أَنْ يُفَارِقَهُمْ فَزِعُوا ، وَقَالُوا : إِنْ خَرَجَ مُوسَى مِنْ بَيْنِنَا نَزَلَ الْعَذَابُ إِلَيْنَا ، فَفَزِعُوا إِلَيْهِ وَسَأَلُوهُ أَنْ يُقِيمَ مَعَهُمْ ، وَإِنَّمَا حَرَّمَهَا عَلَيْهِمْ يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً عُقُوبَةً لَهُمْ ( فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ ) [ ٥ / ٢٤ ] كَانُوا يَقُومُونَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ ، وَيَأْخُذُونَ فِي قِرَاءَةِ التَّوْرَاةِ فَإِذَا أَصْبَحُوا عَلَى بَابِ مِصْرَ دَارَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ ، فَرَدَّتْهُمْ إِلَى مَكَانِهِمْ ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مِصْرَ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ فَبَقُوا عَلَى ذَلِكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ، فَمَاتَ هَارُونُ وَمُوسَى فِي التِّيهِ ، وَدَخَلَهَا أَبْنَاؤُهُمْ وَأَبْنَاءُ أَبْنَائِهِمْ.

ورُوِيَ « أَنَّ الَّذِي حَفَرَ قَبْرَ مُوسَى مَلَكُ الْمَوْتِ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ وَلِذَلِكَ لَا يَعْرِفُ بَنُو إِسْرَائِيلَ قَبْرَهُ » وَسُئِلَ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عَنْ قَبْرِهِ ، فَقَالَ : « عِنْدَ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ ، عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ ».

وكان بين موسى وداود خمسمائة سنة وبين داود وعيسى ألف سنة ومائة سنة.

وَفِي حَدِيثِ نَافِعٍ وَقَدْ سَأَلَ أَبَا جَعْفَرٍ عليه‌السلام : أَخْبِرْنِي كَمْ كَانَ بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله مِنْ سَنَةٍ؟ « قَالَ : أُخْبِرُكَ بِقَوْلِي أَمْ بِقَوْلِكَ؟ قَالَ : أَخْبِرْنِي بِالْقَوْلَيْنِ مَعاً. قَالَ : أَمَّا بِقَوْلِي فَخَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ وَأَمَّا بِقَوْلِكَ فَسِتُّمِائَةِ سَنَةٍ ».

قوله : ( وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ ) [ ٦ / ١٣٩ ] قَالَ الشَّيْخُ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ : كَانُوا يُحَرِّمُونَ الْجَنِينَ الَّذِي يُخْرِجُونَهُ مِنْ

٣٦

بُطُونِ الْأَنْعَامِ عَلَى النِّسَاءِ ، فَإِذَا كَانَ مَيِّتاً يَأْكُلُهُ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ ، فَحَكَى اللهُ لِرَسُولِهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله ذَلِكَ.

قوله : ( قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً ) [ ٦ / ١٤٥ ] الآية ، قال الشيخ علي بن إبراهيم « تأولوا هذه الآية أنه ليس شيء محرم إلا هذه الآية ، وأحلوا كل شيء من البهائم : القردة والكلاب والسباع والذباب وزعموا أن ذلك كله حلال بقول الله ( قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَ مُحَرَّماً ) الآية. وغلطوا في هذا غلطا بينا ، وإنما هذه الآية رد على ما أحلت العرب وحرمت لأن العرب كانت تحلل على أنفسها أشياء وتحرم أشياء فحكى الله ذلك لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ما قالوا.

قوله ( وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) [ ٢٤ / ٣ ] قال الشيخ علي بن إبراهيم : هو رد على من يستحل التمتع بالزواني والتزويج بهن ، وهن المشهورات المعروفات بذلك في الدنيا ، لا يقدر الرجل على تحصينهن. وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي نِسَاءِ أَهْلِ مَكَّةَ ، كُنَّ مُسْتَعْلِنَاتٍ بِالزِّنَا : « سَارَةُ » و « حَنْتَمَةُ » و « الرَّبَابُ » كُنَّ يُغَنِّينَ بِهِجَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله فَحَرَّمَ اللهُ نِكَاحَهُنَّ ، وَجَرَتْ بَعْدَهُنَّ فِي النِّسَاءِ مِنْ أَمْثَالِهِنَّ.

قوله ( وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ ) [ ٢١ / ٩٥ ] أي واجب من قولهم حَرُمَ : وجب.

والحَرَامُ : ضد الحلال ، كذلك الحِرْمُ بالكسر. قال الجوهري : وقرئ وحِرْمٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا قال الكسائي : ومعناه واجب.

والتَّحْرِيمُ : ضد التحليل.

وحَرُمَ عَلَيَّ الشيءُ بالضم حُرْمَةً : نقيض حل.

ومِنْهُ « حَرُمَتِ الصَّلَاةُ عَلَى الْحَائِضِ ».

وحَرِمَتْ بالكسر لغة. وحَرَّمْتُ الظلمَ على نفسي أي تقدست عنه كالشيء المحرم على الناس.

ومَحَارِمُ الله : حُرُمَاتُهُ.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا وَرَعَ كَالْكَفِّ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ ». وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله « أَهْلُ بَيْتِي مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ »

٣٧

بضم حاء وخفة راء.

وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ « وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ ». كأن المصلي بالتكبير والدخول في الصلاة صار ممنوعا من الكلام والأفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأفعالها ، فقيل للتكبير تَحْرِيمٌ ، لمنعه المصلي من ذلك ، ولهذا سميت « تكبيرة الإِحْرَام » أي الإحرام بالصلاة. كذا في النهاية.

والحُرْمَةُ والمَحْرُمَةُ ـ بفتح الراء وضمها ـ : ما لا يجوز انتهاكه ، وجميع ما كلف الله به بهذه الصفة ، فمن خالف فقد انتهك الحُرْمَةَ.

ومنه حَدِيثُ غُسْلِ الْجُنُبِ الْمَيِّتِ « يُغَسَّلُ غُسْلاً وَاحِداً لِأَنَّهُمَا حُرْمَتَانِ اجْتَمَعَتَا فِي حُرْمَةٍ وَاحِدَةٍ ». أي تكليفان اجتمعا في واحد.

والحُرْمَةُ : المرأة والجمع حُرَم ، مثل غرفة وغرف.

وحُرْمَةُ الرجل : أهله.

والإِحْرَامُ : مصدر أَحْرَمَ الرجلُ يُحْرِمُ إذا أهل بالحج أو العمرة وباشر أسبابها وشروطها ، من خلع المخيط واجتناب الأشياء التي منع الشرع منها.

والإِحْرَامُ : توطين النفس على اجتناب المحرمات من الصيد والطيب والنساء ولبس المخيط وأمثال ذلك.

والحُرْمُ ـ بضم الحاء وسكون الراء ـ : الإحرام بالحج. وبالكسر : الرجل المحرم ، يقال : أنت حِلٌّ وأنت حِرْمٌ.

والمَحْرَمُ ـ بفتح الميم ـ : ذو الحرمة من القرابة ، يقال : هو ذو مَحْرَمٍ منها إذا لم تحل له نكاحا.

والمَحْرَمُ : ما حرم بنسب أو رضاع أو مصاهرة تحريما مؤبدا. والمُحَرَّمُ ـ بتشديد الراء ـ : أول شهور السنة العربية.

وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله « أَلَا إِنَّ مَكَّةَ حَرَامٌ حَرَّمَهَا اللهُ لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ بَعْدِي ، وَإِنْ أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ». يعني دخوله إياها بغير إحرام.

وحَرَمْتُ زيداً أَحْرِمُهُ بالكسر ، يتعدى إلى مفعولين ، حَرِماً بفتح الحاء وكسر الراء ، وحِرْمَاناً ، وحِرْمَةً بالكسر : منعته إياه.

٣٨

وأَحْرَمْتُهُ بالألف لغة.

وسميت الكعبة البيت الحَرَام لأنه حرم على المشركين أن يدخلوه.

وفي الحديث تكرر « ذكر الحَرِيم » فَحَرِيمُ البئر وغيره : ما حولها من مرافقها وحقوقها التي يلقى فيها ترابها ، أي البئر التي يحفرها الرجل في موات ، ليس لأحد أن ينزل فيه ولا ينازعه عليه.

وحَرِيمُ البئر العادية : خمسون ذراعا.

وحَرِيمُ الدار : حقوقها.

وحَرِيمُ قبر الحسين عليه‌السلام : خمس فراسخ من أربع جوانبه ، وَفِي رِوَايَةٍ « فَرْسَخٌ فِي فَرْسَخٍ مِنْ أَرْبَعِ جَوَانِبِهِ » وَفِي أُخْرَى « خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعاً مِنْ نَاحِيَةِ رِجْلَيْهِ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعاً مِنْ نَاحِيَةِ رَأْسِهِ » (١).

( حزم )

فِي الْحَدِيثِ « الْحَزْمُ مَسَاءَةُ الظَّنِّ » لعل المعنى أن الحَازِمَ هو الذي يسيء الظن بغيره إلى أن يعرف أحواله ، وربما يشهد لذلك وَقَوْلُهُ عليه‌السلام « اخْبُرْ تَقْلِهِ ».

والحَزْمُ : ضبط الرجل أمره والحذر من فواته ، من قولهم : حَزَمْتُ الشيءَ حَزْماً أي شددته ، وَمِنْهُ « لَا خَيْرَ فِي عَزْمٍ بِغَيْرِ حَزْمٍ ». أي بغير قوة.

وقوله « أخذت بِالْحَزْمِ » أي المتقن المتيقن.

وَفِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ « فَقَالَ : مَا الْحَزْمُ؟ قَالَ : أَنْ تَنْتَظِرَ فُرْصَتَكَ وَتُعَاجِلَ مَا أَمْكَنَكَ ».

وحَزَمَ فلانٌ رأيَه حَزْماً : أتقنه.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْحَزْمُ بِضَاعَةٌ ، وَالتَّوَانِي إِضَاعَةٌ ».

وَفِيهِ « الظَّفَرُ بِالْحَزْمِ ، وَالْحَزْمُ بِإِجَالَةِ الرَّأْيِ ، وَالرَّأْيُ بِتَحْصِينِ الْأَسْرَارِ » قال بعض العارفين من شراح الحديث : أشار إلى أسباب الظفر القريب والمتوسط والبعيد ، فَالْحَزْمُ أن تقدم العمل للحوادث

__________________

(١) في رواية عن الإمام الصادق عليه‌السلام: « حرم الحسين عليه‌السلام الذي اشتراه : أربعة أميال في أربعة أميال فهو حلال لولده ومواليه وحرام على غيرهم ممن خالفهم. وفيه البركة ».

٣٩

الممكنة قبل وقوعها بما هو أبعد من الغرور وأقرب إلى السلامة ، وهو السبب الأقرب للظفر بالمطالب ، والمتوسط هو إجالة الرأي وإعماله في تحصيل الوجه الأَحْزَم ، وهو سبب أقرب لِلْحَزْمِ ، والأبعد وهو إسرار ما يطلب ، وهو سبب أقرب للرأي الصالح إذ قل ما يتم رأي ويظفر بمطلوب مع ظهور إرادته.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْحَزْمُ فِي الْقَلْبِ ، وَالرَّحْمَةُ وَالْغِلَظُ فِي الْكَبِدِ ، وَالْحَيَاءُ فِي الرِّئَةِ ».

وابن حَزْمٍ كان والي المدينة.

وحَزَمْتُ الدابةَ من باب ضرب : شددتها بِالْحِزَامِ. وجمعه حُزُم ، ككتاب وكتب.

والمِحْزَمُ : بكسر الميم.

والمِحْزَمَةُ بالهاء : ما يُحْزَمُ به أي يشد.

والحُزْمَةُ كغرفة والحَيْزُومُ : ما استدار بالصدر والظهر والبطن.

ومنه حَدِيثُ الْعَالِمِ الْمُمَارِي « فَدَقَّ اللهُ مِنْ هَذَا خَيْشُومَهُ وَقَطَعَ مِنْهُ حَيْزُومَهُ ».

والحَيَازِيمُ : جمع حَيْزُوم. ومنه

حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه‌السلام « اشْدُدْ حَيَازِيمَكَ لِلْمَوْتِ فَإِنَّ الْمَوْتَ لَاقِيكَ » « وَلَا تَجْزَعْ مِنَ الْمَوْتِ إِذَا حَلَّ بِنَادِيكَ ».

وحَيْزُومُ : اسم فرس كان لرسول الله صلى الله عليه وآله.

ومنه « أَقْدِمْ حَيْزُومُ » (١) ، وفي التفسير اسم فرس جبرئيل عليه‌السلام (٢) أراد « أقدم يا حيزوم » على الحذف وزيادة الياء.

__________________

(١) في لسان العرب مادة « حزم » : « وفي حديث بدر أنه سمع صوته يوم بدر يقول : « أقدم حيزوم » أي يا حيزوم ، فخذف حرف النداء ، والياء فيه زائدة ».

(٢) قال الزمخشري لما أحل ميعاد ذهاب موسى إلى الطور أتاه جبرئيل وهو راكب فرس الحياة ليذهب به ، فأبصره السامري لا يضع حافره على شيء إلا اخضر فقال : إن لهذا شأنا عظيما فقبض قبضة من تربة موطئة فألقاها على الحلي المسبوكة فصارت عجلا جسدا له خوار.

٤٠