مجمع البحرين - ج ٦

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٦

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٦

باب ما أوله التاء

( تبن )

فِي الْحَدِيثِ « التِّبْنُ يُطَيَّنُ بِهِ الْمَسْجِدُ » هو بالكسر فالسكون : معروف ، الواحدة : تِبْنَةٌ.

والْمَتْبَنُ والْمَتْبَنَةُ : بيت التِّبْنُ.

( تقن )

قوله تعالى ( أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) [ ٢٧ / ٨٨ ] أي أحكمه.

( تنن )

فِي الْحَدِيثِ « أَنَّ اللهَ يُسَلِّطُ عَلَى الْكَافِرِ فِي قَبْرِهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ تِنِّيناً ، لَوْ أَنَ تِنِّيناً وَاحِداً مِنْهَا نَفَخَ عَلَى الْأَرْضِ مَا أَنْبَتَتْ شَجَراً أَبَداً » التِّنِّينُ كسكين : الحية العظيمة.

وفي حيوة الحيوان ، التِّنِّينُ : ضرب من الحيات كأكبر ما يكون ، كنيته ( أَبُو مِرْدَاسٍ ).

قال القزويني في عجائب المخلوقات : إنه شر من الكوسج ، في فمه أنياب مثل أسنة الرماح ، وهو طويل كالنخلة السحوق ، أحمر العينين مثل الدم ، واسع الفم والجوف براق العينين ، يبلع كثيرا من الحيوان ، يخافه حيوان البر والبحر ، إذا تحرك يموج البحر لقوته الشديدة ، فأول أمره يكون حية ممردة ، يأكل من دواب البر ما يرى ، وإذا كثر فسادها حملها ملك وألقاها في البحر فيفعل بدواب البحر ما كان يفعل بدواب البر ، فيعظم بدنها فيبعث الله لها ملكا يحملها ويلقاها إلى يأجوج ومأجوج ـ انتهى.

وعن بعض الشارحين : الوقوف على فائدة التخصيص بتسعة وتسعين بالحقيقة ، إنما يحصل بطريق الوحي ، ويتلقى من قبل الرسول صلى الله عليه وآله.

ونذكر وجها من طريق الاحتمال ، وذلك أنه قَدْ رُوِيَ أَنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً ، وَأَنَّ لِلَّهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْبَهَائِمِ

٢٢١

وَالْهَوَامِّ ، فِيهَا يَتَعَاطَفُونَ ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ ، وَأَخَّرَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً.

فتبين لنا أن الله تعالى بين لعباده معالم معرفته بهذه الأسماء ، وعرفنا أن ما خص الله به المؤمنين من رحمته في الآخرة بالنسبة إلى ما عم به الخلائق من رحمته في دار الدنيا نسبة تسعة وتسعين جزءا إلى الجزء الأقل من جزء واحد.

والكافر حيث كفر بالله ولم يؤد حق العبودية في هذه الأسماء ، ولا في بعضها حرم الله عليه أقسام رحمته في الآخرة المعبر عنها بتسع وتسعين ، فجعل الله مكان كل عدد من هذه الأعداد تِنِّيناً يسلط عليه في قبره ـ انتهى. وهو جيد.

( تين )

قوله تعالى ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) [ ٩٥ / ١ ] قِيلَ هُمَا جَبَلَانِ بِالشَّامِ يُنْبِتَانِ تِيناً وَزَيْتُوناً يُقَالُ لَهُمَا ( طُورُ تِينَاءَ ) وَ ( طُورُ زَيْتَاءَ ) بِالسُّرْيَانِيَّةِ.

وقِيلَ التِّينُ : الَّذِي يُؤْكَلُ وَالزَّيْتُونُ : الَّذِي يُعْصَرُ.

والمعنى « وَرَبِ التِّينِ وَرَبِّ الزَّيْتُونِ ».

وَفِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ : أَنَّ اللهَ تَعَالَى اخْتَارَ مِنَ الْبُلْدَانِ أَرْبَعَةً ، فَقَالَ ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ) [ ٩٥ / ٣ ] فَالتِّينُ : الْمَدِينَةُ ، وَالزَّيْتُونُ : بَيْتُ الْمَقْدِسِ ، وَطُورُ سِينِينَ : الْكُوفَةُ ، وَهَذَا الْبَلَدُ الْأَمِينُ : مَكَّةُ.

باب ما أوله الثاء

( ثخن )

قوله تعالى ( حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ ) [ ٤٧ / ٤ ] أي كثرتم فيهم القتل والجرح يقال أَثْخَنَتْهُ الجراحةُ أي أثقلته.

وقوله ( حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ) [ ٨ / ٦٧ ] أي يغلب على كثير من الأرض ويبالغ في قتل أعدائه.

يقال أَثْخَنَ في الأرض إِثْخَاناً : سار إلى العدو وأوسعهم قتالا.

٢٢٢

( ثفن )

فِي حَدِيثِ وَصْفِ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ عليه‌السلام « ذُو الثَّفِنَاتِ » بالثاء المثلثة ، والفاء والنون المفتوحات ، جمع ثَفِنَةٍ بإسكان الفاء : ما في ركبة البعير وصدره من كثرة مماسة الأرض ، وقد كان حصل في جبهته عليه‌السلام مثل ذلك من طول السجود وكثرته.

قيل وكان يقطعها في السنة مرتين ، كل مرة خمس ثَفِنَاتٍ.

( ثمن )

قوله تعالى ( ثَمانِيَ حِجَجٍ ) [ ٢٨ / ٢٧ ] الثماني من الأعداد كالثمانية بالهاء.

قال تعالى ( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ) [ ٦٩ / ١٧ ] قيل ثمانية أملاك ، وقيل ثمانية صفوف لا يعلم عددهم ، فهي بالهاء للعدد المذكر ، وبحذفها للمؤنث.

قال تعالى ( سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً ) [ ٦٩ / ٧ ].

والثَّمَنُ : قيمة الشيء ، قال تعالى ( ثَمَناً قَلِيلاً ) [ ٩ / ٩ ] والجمع أثمان كسبب وأسباب.

والثُّمُنُ : جزء من ثَمَانِيَةٍ ، قال تعالى ( فَلَهُنَ الثُّمُنُ ) [ ٤ / ١٢ ] بضمتين.

وقد يخفف بسكون الميم كسائر الأنصباء (١).

وثَمَانِيَةُ رجال ، وثَمَانِي نسوة.

قال الجوهري هو في الأصل منسوب إلى الثَّمَنِ ، لأنه الجزء الذي صير السبعة ثَمَانِيَةً ، فهو ثُمُنُهَا ثم فتحوا أوله لأنهم يغيرون في النسب ، كما قالوا في زهري وسهلي وحذفوا منه إحدى يائي النسب ، وعوضوا منها الألف كما فعلوا في المنسوب إلى الثمن فتثبت ياؤه عند الإضافة ، كما تثبت ياء القاضي فتقول ثَمَانِيَ نسوة وثَمَانِيَ مائة كما قالوا قاضي عبد الله ، وتسقط مع التنوين عند الرفع والجر ، وتثبت عند النصب ، لأنه ليس بجمع ، فتجري مجرى جوار وسوار في ترك الصرف.

__________________

(١) كالربع بضم الباء يخفف إلى الربع بسكون الباء والثلث بضم اللام إلى سكونها. وهكذا.

٢٢٣

باب ما أوله الجيم

( جبن )

فِي الدُّعَاءِ « نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْجُبْنِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْإِغْلَاظَ عَلَى الْعُصَاةِ ».

الْجُبْنُ بالضم فالسكون : صفة الْجَبَانِ.

وجَبُنَ جُبْناً وزان قرب قربا ، وفي لغة من باب قتل ، فهو جَبَانٌ بالفتح أي ضعيف القلب لا شجاعة له.

والْجُبْنُ : مصدر الْجَبَانِ. والْجُبُنُ : المأكول ، وقد جاء في الحديث. وفيه ثلاث لغات ، أجودها : سكون الباء ، والثانية : ضمها للإتباع ، والثالثة ـ وهي أقلها ـ : التثقيل (١).

والْجَبِينُ : فوق الصدغ وهما جَبِينَانِ عن يمين الجبهة وشمالها يتصاعدان من طرفي الحاجبين إلى قصاص الشعر فتكون الجبهة بين جَبِينَيْنِ ، ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه‌السلام « لَا تُجْزِي صَلَاةٌ لَا يُصِيبُ الْأَنْفَ فِيهَا مَا يُصِيبُ الْجَبِينَيْنِ ».

قال بعض الشارحين : يجوز نصب الأنف والْجَبِينَيْنِ معا بالمفعولية ، ورفعهما بالفاعلية ، ونصب الأول ورفع الثاني ، وعكسه.

والْجَبَانَةُ : الصحراء وتسمى بها المقابر ، لأنها تكون في الصحراء ، تشبيه للشيء بموضعه.

ومنه الْحَدِيثُ « إِنَّمَا الصَّلَاةُ يَوْمَ الْعِيدِ عَلَى مَنْ خَرَجَ إِلَى الْجَبَّانَةِ » والْجَبَّانُ بدون الهاء : الصحراء أيضا ، كَالْجَبَّانَةِ ومنه حَدِيثُ الْمُبَاهَلَةِ « وَابْرُزْ أَنْتَ وَهُوَ إِلَى الْجَبَّانِ ».

( جرن )

فِي حَدِيثِ نَاقَةِ عَلِيِّ بْنِ الحسين عليه‌السلام « فَدَلَكَتْ بِجِرَانِهَا الْقَبْرَ وَهِيَ

__________________

(١) أيْ تشديد نون الجبنّ.

٢٢٤

تَرْغُو » جِرَانُ البعير بالكسر من مقدم عنقه من مذبحه إلى منحره ، فإذا برك البعير ومد عنقه على الأرض ، قيل : ألقى جِرَانَهُ بالأرض. والجمع جَرَنَ وأَجْرِنَةٌ كحمار وحمر وأحمرة.

والْجَرِينُ كالبريد : البيدر الذي يداس فيه الطعام ، وموضع التمر الذي يجفف فيه والجمع جُرْنٌ ، كبريد وبرد وَمِنْهُ « لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ حَتَّى كُومَةِ الْجَرِينِ ».

( جشن )

الْجَوْشَنُ : الدرع ، واسم رجل. وجَوْشَنُ الليل صدره ، ووسطه.

( جفن )

قوله تعالى : ( وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ ) [ ٣٤ / ١٣ ] الْجِفَانُ بالكسر : قصاع كبار ، واحدها جَفْنَةٌ ، ككلاب وكلبة ، ويجمع أيضا على جَفَنَاتٍ بالتحريك لأن ثاني ( فعلة ) تحرك في الجمع إذا كان اسما ، إلا أن يكون واوا أو ياء فيسكن. والَجْفَنُ بفتح الجيم وسكون الفاء : جَفْنُ العين وهو غطاؤها من أعلاها ومن أسفلها ، وهو مذكر ، والجمع جُفُونٌ ، وربما جمع على أَجْفَانٍ.

وجَفْنُ السيف : غمده.

( جمن )

فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ « كَأَنَّهَا مِنْ حُسْنِهَا جُمَانٌ » الْجُمَانُ بضم الجيم وخفة الميم جمع جُمَانَةٌ (١) ، ومنه قول لبيد (٢)

__________________

(١) وهي اللؤلؤة.

(٢) هو : لبيد بن ربيعة ـ من قيس ـ كان من أشراف الشعراء المجيدين. والفرسان المعمرين. يقال : إنه عمر ١٤٥ سنة ، عاش ٩٠ سنة في الجاهلية و ٥٥ سنة في الإسلام فقد أدرك الإسلام وأسلم وهاجر وحسن إسلامه. ونزل الكوفة أيام عمر بن الخطاب وكانت الشاعرية تظهر من عينيه منذ طفولته. لكنه ترك الشعر أيام عمر ، ولذلك كان أكثر شعره جاهليا ومن جياد شعره :

الأكل شيء ما خلا الله باطل

وكل نعيم لا محالة زائل

٢٢٥

وتضيء في وجه الظلام منيرة

كَجُمَانَةِ البحري سل نظامها

 ( جنن )

قوله تعالى ( فَلَمَّا جَنَ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً ) [ ٦ / ٧٦ ] أي غطا عليه وأظلم.

وأَجَنَّهُ الليل أي ستره.

ومِنْهُ « يَعْلَمُ مَا تُجِنُ الْبِحَارُ » أي تستره.

يقال أَجَنَّهُ جَنَاناً وجُنُوناً ، ومنه « الْجِنُ » و « الْجَنِينُ » في بطن أمه.

قال تعالى ( وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ ) [ ٥٣ / ٣٢ ].

والْجِنَّةُ بالكسر جمع جِنٍ قال تعالى ( وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً ) [ ٣٧ / ١٥٨ ] يريد بذلك زعمهم أن الملائكة بنات الله تعالى فأثبتوا بذلك جنسية جامعة له وللملائكة ، وسموا ( جِنَّةً ) لاستتارهم عن العيون.

قوله ( وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَ ) [ ٦ / ١٠٠ ] أراد بِالْجِنِ الملائكة حيث جعلوهم أندادا.

قال الشيخ أبو علي : وهما يعني ( لِلَّهِ ) و ( شُرَكاءَ ) مفعولا جعل ، و ( الْجِنَ ) بدل من ( شُرَكاءَ ) ، ويجوز أن يكون ( شُرَكاءَ ) و ( الْجِنَّ ) مفعولين ، وقدم ثانيهما على الأول ، أي جعلوا الْجِنَ شركاء فيه.

والْجِنَّةَ : الْجُنُونَ ، قال تعالى ( ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ ) [ ٣٤ / ٤٦ ].

قوله ( وَخَلَقَ الْجَانَ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ ) [ ٥٥ / ١٥ ] الْجَانُ بتشديد النون أبو الْجِنِ ، وَقِيلَ إِنَّهُ مَسْخُ الْجِنِ ، كَمَا أَنَّ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ مَسْخٌ والجمع جِنَّانٌ مثل حائط وحيطان.

والْجَانُ أيضا : ضرب من الحيات ، قيل هي حية أكحل العين لا تؤذي ، كثيرة في الرمل.

قال تعالى في عصا موسى : ( كَأَنَّها جَانٌ ) [ ٢٧ / ١٠ ]. وقيل الْجَانُّ : حية بيضاء.

__________________

ويقال : إنه لم يقل في الإسلام إلا شعرا واحدا وهو :

الحمد لله ان لم يأتني اجلي

حتى لبست من الاسلام سربلا

٢٢٦

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : صَارَتْ حَيَّةً صَفْرَاءَ لَهَا عُرْفٌ كَعُرْفِ الْفَرَسِ ، صَارَتْ تَتَوَرَّمُ حَتَّى صَارَتْ ثُعْبَاناً ، وَهُوَ أَعْظَمُ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَيَّاتِ ، وَلَمَّا أَلْقَى مُوسَى الْعَصَا صَارَتْ جَانّاً فِي الِابْتِدَاءِ ، ثُمَّ صَارَتْ ثُعْبَاناً فِي الِانْتِهَاءِ.

ويقال وصف الله العصا بثلاثة أوصاف الحيةِ ، والْجَانِ ، والثعبانِ. لأنها كالحية لعدوها ، وكَالْجَانِ لتحركها ، وكالثعبان لابتلاعها.

وَنُقِلَ أَيْضاً أَنَّهُ عليه‌السلام « لَمَّا أَلْقَى الْعَصَا صَارَتْ حَيَّةً عَظِيمَةً ، صَفْرَاءَ ، شَعْرَاءَ فَاغِرَةً فَاهَا ، بَيْنَ لَحْيَيْهَا ثَمَانُونَ ذِرَاعاً ، وَارْتَفَعَتْ مِنَ الْأَرْضِ بِقَدْرِ مِيلٍ ، وَقَامَتْ عَلَى ذَنَبِهَا وَاضِعَةً فَاهَا الْأَسْفَلَ فِي الْأَرْضِ وَالْأَعْلَى عَلَى سُورِ الْقَصْرِ ، وَتَوَجَّهَتْ نَحْوَ فِرْعَوْنَ لِتَأْخُذَهُ ».

ويقال كانت العصا حية لموسى وثعبانا لفرعون وجَانّاً للسحرة.

والْجَنَّةُ بالفتح : البستان من النخل والشجر ، وأصلها من الستر كأنها لتكاثفها والتفاف أغصانها سميت بِالْجَنَّةِ التي هي المرة من جَنَّهُ إذا ستره.

قال تعالى ( وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ) [ ٢ / ٣٥ ].

وَسُئِلَ الصَّادِقُ عليه‌السلام عَنْ جَنَّةِ آدَمَ « أَمِنْ جِنَانِ الدُّنْيَا كَانَتْ أَمْ مِنْ جِنَانِ الْآخِرَةِ؟ فَقَالَ عليه‌السلام : كَانَتْ مِنْ جِنَانِ الدُّنْيَا ، تَطْلُعُ فِيهَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ، وَلَوْ كَانَتْ مِنْ جِنَانِ الْآخِرَةِ لَمْ يَدْخُلْهَا إِبْلِيسُ ، وَمَا خَرَجَ مِنْهَا آدَمُ أَبَداً ».

قوله ( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ) [ ١٣ / ٣٥ ] قال بعض الأعلام اختلف في أنها مخلوقة الآن أم لا؟ والذي ذهب إليه الأكثرون ، وعليه المحقق الطوسي في التجريد القول بوجودها الآن ، وكل من قال بخلق الْجَنَّةِ قال بخلق النار.

ولهذا القول شواهد من الكتاب والسنة كقوله تعالى ( أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) [ ٣ / ١٣٣ ] وفي حق النار ( أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ ) [ ٣ / ١٣١ ] فقد أخبر تعالى عن إعدادها بلفظ الماضي ، وهو يدل على وجودها ، وإلا لزم الكذب.

٢٢٧

والحمل على التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي عدول عن الظاهر.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي الصَّلْتِ مَعَ الرِّضَا عليه‌السلام « قَالَ : قُلْتُ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ أَخْبِرْنِي عَنِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ أَهُمَا الْيَوْمَ مَخْلُوقَتَانِ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله قَدْ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَرَأَى النَّارَ لَمَّا عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ ، قَالَ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ قَوْماً يَقُولُونَ إِنَّهُمَا الْيَوْمَ مُقَدَّرَتَانِ غَيْرُ مَخْلُوقَتَيْنِ! فَقَالَ عليه‌السلام : مَا أُولَئِكَ مِنَّا وَلَا نَحْنُ مِنْهُمْ ، مَنْ أَنْكَرَ خَلْقَ الْجَنَّةَ وَالنَّارِ فَقَدْ كَذَّبَ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وَكَذَّبَنَا ، وَلَيْسَ مِنْ وَلَايَتِنَا عَلَى شَيْءٍ وَيُخَلَّدُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ».

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام « قَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ قَصْراً مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ يُرَى دَاخِلُهُ مِنْ خَارِجِهِ ، وَخَارِجُهُ مِنْ دَاخِلِهِ ، وَفِيهِ بَيْتَانِ مِنْ دُرٍّ وَزَبَرْجَدٍ فَقُلْتُ يَا جَبْرَئِيلُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ فَقَالَ لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ وَأَدَامَ الصِّيَامَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ ، وَتَهَجَّدَ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ.

فَقَالَ أمير المؤمنين عليه‌السلام يَا رَسُولَ اللهِ وَفِي أُمَّتِكَ مَنْ يُطِيقُ هَذَا؟

فَقَالَ ادْنُ مِنِّي يَا عَلِيُّ ، فَدَنَا فَقَالَ أَتَدْرِي مَا إِطَابَةُ الْكَلَامِ؟ فَقَالَ : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

قَالَ مَنْ قَالَ « سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ ».

فَقَالَ : أَتَدْرِي مَا إِدَامَةُ الصِّيَامِ؟

قَالَ : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

قَالَ مَنْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُفْطِرْ مِنْهُ شَيْئاً.

قَالَ : أَتَدْرِي مَا إِطْعَامُ الطَّعَامِ؟ قَالَ : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

قَالَ : مَنْ طَلَبَ لِعِيَالِهِ مَا يَكُفُّ بِهِ وُجُوهَهُمْ عَنِ النَّاسِ وَتَدْرِي مَا التَّهَجُّدُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ؟

قَالَ : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

قَالَ : مَنْ لَمْ يَنَمْ حَتَّى يُصَلِّيَ عِشَاءَ الْآخِرَةِ ، وَيَعْنِي بِالنَّاسِ نِيَامَ ( الْيَهُودِ

٢٢٨

وَالنَّصَارَى ) فَإِنَّهُمْ يَنَامُونَ فِيمَا بَيْنَهُمَا ».

وَفِي الْحَدِيثِ « أَنَّ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ عَلَى صُوَرِ أَبْدَانِهِمْ ، لَوْ رَأَيْتَهُ لَقُلْتَ فُلَانٌ » والمراد بها جَنَّةٌ من جَنَّاتِ الدنيا ، تطلع عليها الشمس ، وتغيب.

وعلى ذلك دلت الأخبار عن الأئمة الأطهار.

وَفِيهِ أَنَّ اللهَ خَلَقَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ النَّارَ ، وَخَلَقَ الطَّاعَةَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْمَعْصِيَةَ ، وَخَلَقَ الرَّحْمَةَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْغَضَبَ ، وَخَلَقَ الْخَيْرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الشَّرَّ ، وَخَلَقَ الْأَرْضَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاءَ ، وَخَلَقَ الْحَيَاةَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْمَوْتَ ، وَخَلَقَ الشَّمْسَ قَبْلَ الْقَمَرِ ، وَخَلَقَ النُّورَ قَبْلَ الظُّلْمَةِ ».

وقد تقدم في ( جمل ) ما يدل على أن الْجَنَّةَ في السماء ، والنار في الأرض ، والصراط من الأرض إلى الْجِنَانِ.

والْجِنُ : الذين هم خلاف الإنس ، الواحد منهم : جِنِّيٌ ، سميت بذلك لأنها لا ترى.

قيل : إن الْجِنَ أجسام هوائية قادرة على التشكل بأشكال مختلفة ، لها عقول وأفهام وقدرة على الأعمال الشاقة.

وحكى ابن الأعرابي إجماع المسلمين على أنهم يأكلون ويشربون وينكحون ، خلافا للفلاسفة النافين لوجودهم.

وليلة الْجِنِ : الليلة التي جاءت الْجِنِ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذهبوا به إلى قومهم ليتعلموا منه الدين.

واختلف في ثوابهم ، فقال أبو حنيفة ثوابهم السلامة من العذاب ، لقوله تعالى ( يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ ) [ ٤٦ / ٣١ ] وقال مالك لهم الكرامة بالجنة ، لقوله تعالى ( وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ ) [ ٥٥ / ٤٦ ].

واستدل البخاري على الثواب ، بقوله تعالى ( وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ) [ ٦ / ١٣٢ ] وبقوله ( فَلا يَخافُ بَخْساً ) [ ٧٢ / ١٣ ] أي نقصانا.

وَفِي الْخَبَرِ « خَلَقَ اللهُ الْجِنَ خَمْسَةَ أَصْنَافٍ ، صِنْفٌ حَيَّاتٌ وَعَقَارِبُ ، وَصِنْفٌ حَشَرَاتُ الْأَرْضِ ، وَصِنْفٌ كَالرِّيحِ فِي الْهَوَاءِ وَصِنْفٌ كَبَنِي آدَمَ عَلَيْهِمُ الْحِسَابُ وَالْعِقَابُ ».

والْجُنَّةُ بالضم والتشديد : السترة ،

٢٢٩

وما تسترت به من سلاح ونحوه.

وَفِي الْحَدِيثِ « الصَّوْمُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ » أي يتستر به من دخول النار والمعاصي ، لأنه يكسر الشهوة ويضعف القوة ، ولذلك قَالَ صلى‌الله‌عليه‌وآله « إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَجْرِي فِي ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ ، فَضَيِّقُوا مَجَارِيَهُ بِالْجُوعِ » فكأن الصوم على الخصوص أشد قمعا للشيطان من سائر العبادات.

وَفِي حَدِيثِ الْحَقِّ تَعَالَى « يَا مُوسَى اتَّخِذْنِي جُنَّةً لِلشَّدَائِدِ ».

وَفِي الْحَدِيثِ « الْإِمَامُ جُنَّةٌ » أي يتقى به ، ويستدفع به الشر.

والْمِجَنُ بالكسر والتشديد : الترس لأن صاحبه يستتر به.

ومنه الْحَدِيثُ « لَا يُطَوِّلَنَّ أَحَدُكُمْ شَعْرَ إِبْطَيْهِ ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَتَّخِذُهُ مِجَنّاً يَسْتَتِرُ بِهِ ».

والجمع الْمَجَانُ بالفتح.

والْجَنِينُ الولد في بطن أمه.

والْجَنَاجِنُ : عظام الصدر ، الواحدة جِنْجِنٌ وجِنْجِنَةٌ بكسر الجيمين فيهما.

والْمَنْجَنُونُ : الدولاب التي يستقى عليها.

( جون )

فِي الْحَدِيثَ « أَهْدَى إِلَى الْكَلْبِيَّةِ جُوَناً لِتَسْتَعِينَ بِهَا عَلَى مَأْتَمِ الحسين عليه‌السلام » الْجُوَنُ : ضرب من القطا سواد البطون والأجنحة.

والْجَوْنُ بالفتح فالسكون يقال للأبيض والأسود وهو من الأضداد.

وعن بعض الفقهاء : ويطلق أيضا على الضوء والظلمة بطريق الاستعارة.

والْجُونَةُ بالضم : جُونَةُ العطار ، وهي سفط مغشى بجلد ، ظرف لطيب العطارة ، أصله الهمزة ، وجمعه جُوَنٌ كصرد.

( جهن )

جُهَيْنَةُ : قبيلة.

والْجُهَنِيُ : اسم رجل صحابي ، ومنه ليلة « ثلاث وعشرين » من شهر رمضان : ليلة الْجُهَنِيِ.

وَحَدِيثُهُ « أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إِنَّ مَنْزِلِي نَاءٍ عَنِ الْمَدِينَةِ فَأْمُرْنِي بِلَيْلَةٍ أَدْخُلُ فِيهَا ، فَأَمَرَهُ بِلَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ ».

٢٣٠

قال الصدوق رحمه‌الله : واسمه عبد الله ابن أنيس الأنصاري.

باب ما أوله الحاء

( حبن )

فِي الْحَدِيثِ « أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله بِرَجُلٍ أَحْبَنَ ، يَسْتَقِي الْبَطْنَ » الْأَحْبَنَ : الذي به السقي.

( حجن )

فِي الْحَدِيثِ « كَانَ عَلِيٌّ عليه‌السلاميَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ كَانَ مَعَهُ وَيُقَبِّلُ الْمِحْجَنَ » ومثله « كَانَ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ الْأَرْبَعَةَ بِمِحْجَنِهِ » الْمِحْجَنُ : عصا في رأسها اعوجاج كالصولجان ، أخذا من الْحَجَنِ بالتحريك ، وهو الاعوجاج.

وَالْحَجُونُ بِفَتْحِ الْحَاءِ : جَبَلٌ بِمَكَّةَ صَارَ إِلَيْهِ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بَعْدَ مَوْتِ أَبِي طَالِبٍ عليه‌السلام.

وفي الصحاح وهو مقبرة.

( حرن )

فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه‌السلام فِي طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ « الَّذِي صَرَفَكُمَا عَنِ الْحَقِّ وَحَمَلَكُمَا عَلَى خَلْعِهِ مِنْ رِقَابِكُمَا كَمَا يَخْلَعُ الْحَرُونُ لِجَامَهُ ، اللهُ تَعَالَى رَبِّي » الفرس الْحَرُونُ : الذي لا ينقاد ، وإذا اشتد به الجري وقف.

يقال حَرَنَ الفرس حُرُوناً من باب قعد وحِرَاناً بالكسر فهو حَرُونٌ كرسول والاسم الْحِرَانُ وحَرُنَ وزان قرب لغة.

قال في المصباح وغيره : وحَرَّانُ اسم بلد وهو فعال.

قال الجوهري : ويجوز أن يكون فعلان ، والنسبة إليه حَرْنَانِيٌ على غير القياس ، وحَرَّانِيٌ على ما عليه العامة.

ومنه عبد المؤمن الْحَرَّانِيُ من رواة الحديث.

( حزن )

قوله تعالى : ( إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ ) [ ١٢ / ٨٦ ] الْحُزْنُ بضم الحاء وسكون الزاء : أشد الهم.

٢٣١

وقد حَزِنَ حَزَناً من باب تعب فهو حَزِنٌ وحَزِينٌ.

قال في المصباح : ويتعدى في لغة قريش بالحركة ، يقال حَزَنَنِي الأمر يَحْزُنُنِي من باب قتل ، وفي لغة تميم بالألف.

قال الجوهري : وقرئ بهما ، قال : ومنع أبو زيد استعمال الماضي من الثلاثي ، فلا يقال حَزَنَهُ ، وإنما يستعمل المضارع من الثلاثي فيقال يَحْزُنُهُ.

والْحَزَنُ بفتحتين كَالْحُزْنِ : ضد السرور.

والْحُزَانَةُ بالضم والتخفيف : عيال الرجل الذي يَتَحَزَّنُ لهم. ومنه الدُّعَاءُ « وَأَهْلَ حُزَانَتِي ».

والْحَزْنُ كفلس : ما غلظ من الأرض وهو خلاف السهل ، والجمع حُزُونٌ كفلوس

( حسن )

قوله تعالى ( وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ ) [ ٢٩ / ٧ ] قال المفسر : أي ولنجزينهم بِحَسَنَاتِهِمْ التي كانوا يعملونها (١).

قوله ( وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ) [ ٣٩ / ٥٥ ] يعني القرآن بدليل قوله ( اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ) [ ٣٩ / ٢٣ ] وقيل هو أن يأتي بالمأمور به ويترك المنهي عنه.

قوله ( فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) [ ٣٩ / ١٨ ] أراد بعباده المذكورين الذين أخبتوا وأنابوا ، لا غيرهم ، فوضع الظاهر موضع المضمر ، أراد أنهم نقاد في الدين ، يميزون بين الْحَسَنِ والْأَحْسَنِ ، ويدخل تحته المذاهب ، واختيار أثبتها وأوقعها.

وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا عليهما‌السلام فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى ( فَبَشِّرْ عِبادِ ) [ ٣٩ / ١٧ ] الْآيَةَ « قَالَ هُمُ الْمُسَلِّمُونَ لِآلِ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إِذَا سَمِعُوا الْحَدِيثَ أَدَّوْهُ

__________________

(١) الطّبرسيّ : جوامع الجامع ص ٣٥١.

٢٣٢

كَمَا سَمِعُوهُ لَا يَزِيدُونَ وَلَا يَنْقُصُونَ » (١).

قوله ( وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها ) [ ٧ / ١٤٥ ] أي فيها ما هو حَسَنٌ وأَحْسَنُ كالاقتصاص والعفو والانتصار والصبر ، فمرهم أن يأخذوا مما هو أدخل في الْحُسْنِ وأكثر للثواب ، كقوله ( وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ) [ ٣٩ / ٥٥ ] وقيل : يأخذوا بما هو واجب أو ندب لأنه أَحْسَنُ من المباح.

قوله ( وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) [ ١٦ / ١٢٥ ] قال : القرآن.

قوله ( رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً ) [ ٢ / ٢٠١ ] أي الصدق ، وَرُوِيَ أَنَّهَا سَعَةٌ فِي الْخَلْقِ وَسَعَةٌ فِي الرِّزْقِ ( وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً ) [ ٢ / ٢٠١ ] أي رضوانك والجنة.

قوله ( إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ ) [ ٣ / ١٢٠ ] أي غنيمة ( تَسُؤْهُمْ ).

قوله ( مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها ، وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ، وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ ) [ ٢٧ / ٨٩ ].

عَنْ عَلِيٍّ عليه‌السلام « قَالَ : الْحَسَنَةُ حُبُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ ، وَالسَّيِّئَةُ بُغْضُنَا »

يؤيده ما رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله « أَنَّهُ قَالَ : يَا عَلِيُّ لَوْ أَنَّ أُمَّتِي صَامُوا حَتَّى صَارُوا كَالْأَوْتَادِ وَصَلَّوْا حَتَّى صَارُوا كَالْحَنَايَا ، ثُمَّ أَبْغَضُوكَ لَأَكَبَّهُمُ اللهُ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ ».

قوله ( وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ ) [ ٧ / ١٦٧ ] أي بالنعم والنقم ، والمسخ والمحن ( لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ).

قوله ( إِنَ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ) [ ١١ / ١١٥ ] قيل : أراد بِالْحَسَنَاتِ الصلاة.

وفي معنى إذهابها للسيئات قولان : مر أحدهما في ( ذهب ).

والثاني : أنها لطف في ترك السيئات كما قال تعالى ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ ) [ ٢٩ / ٤٥ ].

__________________

(٢) تفسير الصافي : للفيض الكاشاني ج ٢ ص ٤٦٣ باختلاف يسير. وكذلك في تفسير ( نور الثقلين ) لابن جمعة العروسي ج ٤ ص ٤٨٢.

٢٣٣

قَوْلُهُ ( إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) [ ١٢ / ٣٦ ] عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام قَالَ « كَانَ يُوَسِّعُ الْمَجْلِسَ ، وَيَسْتَقْرِضُ لِلْمُحْتَاجِ ، وَيُعِينُ الضَّعِيفَ ».

والْحُسْنَى : خلاف السُّوأَى ، وقوله ( وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ) [ ٩٢ / ٦ ] أي بالخصلة الْحَسَنَةِ ، وهي الإيمان أو بالملة الْحُسْنَى ، وهو الإسلام.

وفي الرواية غير ذلك وقد مر في ( يسر ).

قوله ( إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ) [ ٩ / ٥٢ ] أي إحدى العاقبتين اللتين كل واحدة منهما حُسْنَى العواقب ، وهما النصر والشهادة.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه‌السلام « الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ الْبَرِيءُ مِنَ الْخِيَانَةِ ، يَنْتَظِرُ مِنَ اللهِ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ، إِمَّا دَاعِيَ اللهِ ، فَمَا عِنْدَ اللهِ ، خَيْرٌ لَهُ ، وَإِمَّا رِزْقَ اللهِ ، فَإِذَا هُوَ ذُو أَهْلٍ وَمَالٍ ، وَمَعَهُ دِينُهُ وَحَسَبُهُ ».

والْحُسْنَى : أحد الحيطان الموقوفة على فاطمة عليها‌السلام.

قَوْلُهُ ( وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ) [ ٢ / ٨٣ ] سُئِلَ عليه‌السلام مَا هَذَا الْإِحْسَانُ؟ فَقَالَ : « الْإِحْسَانُ أَنْ يُحْسِنَ صُحْبَتَهُمَا ، وَأَنْ لَا يُكَلِّفَهُمَا أَنْ يَسْأَلَانِهِ شَيْئاً مِمَّا يَحْتَاجَانِ إِلَيْهِ ».

وَفِي الْحَدِيثِ « حَسِّنْ بِالْقُرْآنِ صَوْتَكَ » ومثله « حَسِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ ، فَإِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يَزِيدُ الْقُرْآنَ حُسْناً ».

وفِيهِ « لِكُلِّ شَيْءٍ حِلْيَةٌ ، وَحِلْيَةُ الْقُرْآنِ الصَّوْتُ الْحَسَنُ ».

وَفِي حَدِيثِ الْبَاقِرِ عليه‌السلام « وَرَجِّعْ بِالْقُرْآنِ صَوْتَكَ ، فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ » إلى غير ذلك مما دل صريحا على رجحان تَحْسِينِ الصوت في القرآن بالمعنى المتعارف ، وما قيل من أن تَحْسِينَ الصوت إنما هو بتأدية الحروف والإعراب ، والاعتماد على المخارج ، فإنه يُحَسِّنُ الصوت به حُسْناً جيدا ، وأن تَحْسِينَ الصوت لا دخل له في القرآن ، ففي غاية البعد عن مفاد تلك الأحاديث ، وخروج عن مناطيقها ، إلى ما لا دليل عليه (١).

__________________

(١) راجع تفصيل ذلك : تفسير الصافي للفيض الكاشاني ، المقدمة الحادية عشرة.

٢٣٤

والْحَسَنَةُ : خلاف السيئة.

والْحَسَنُ : نقيض القبح ، والجمع مَحَاسِنُ على غير قياس.

وقد حَسُنَ الشيء ، وإن شئت خففت الضمة ، فقلت : حَسُنَ الشيء قاله الجوهري.

وحَسَّانُ : اسم رجل ، إن جعلته فعالا من الْحُسْنِ يكون النون أصلية ، وإن جعلته فعلانا من الحس ، وهو القتل تكون النون زائدة.

وقالوا « امرأة حَسَنَةٌ وحَسْنَاءُ » ولم يقولوا : رجل أَحْسَنُ.

وحَسَّنْتُ الشيء تَحْسِيناً : زينته.

والْحَسَنُ والْحُسَينُ : ابنان لعلي وفاطمة عليها‌السلام ، فإن ثنيت قلت : الْحَسَنَانِ وكان بينهما في الميلاد ستة أشهر وعشر وفيه نزلت ( وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) [ ٤٦ / ١٥ ].

وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيُّ عليه‌السلام وُلِدَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ ، وَقُبِضَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَدُفِنَ فِي دَارِهِ الَّتِي دُفِنَ فِيهَا أَبُوهُ.

ومَحَاسِنُ المرأة : المواضع الْحَسَنَةُ من بدنها ، التي أمر الله بسترها (١).

ومَحَاسِنُ الأعمال : نقيض مساويها.

واسْتَحْسَنَ الشيء : عده حَسَناً ، ومنه « الِاسْتِحْسَانُ عند أهل الرأي »

( حصن )

قوله تعالى ( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) [ ٥ / ٥ ].

قال المفسر في معناه : أي أحل العقد على الْمُحْصَنَاتِ العفائف ( مِنَ الْمُؤْمِناتِ ) وقيل الحرائر ( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) وهم اليهود والنصارى.

واختلف في معناه : فقيل هن العفائف حرائر كن أو إماء ، حربيات كن أو ذميات.

وقيل هن الحرائر ذميات كن أو حربيات.

__________________

(١) في قوله تعالى ( ولا يبدين زينتهنّ ) [ ٢٤ / ٣١ ].

٢٣٥

ثم قال : وقال أصحابنا : لا يجوز عقد النكاح الدوام على الكتابية ، لقوله تعالى ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ ) [ ٢ / ٢٢١ ] ولقوله ( لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ) [ ٦٠ / ١٠ ].

وأولوا هذه الآية بأن المراد ب ( الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ) : اللاتي أسلمن منهن. والمراد من ( الْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ ) : اللاتي كن في الأصل مؤمنات ، بأن ولدن على الإسلام ، وذلك لأن قوما كانوا يتحرجون من العقد على من أسلمت عن كفر ، فبين تعالى أن لا حرج في ذلك.

قالوا : ويجوز أيضا أن يكون مخصوصا بنكاح المتعة ، وملك اليمين (١).

قوله ( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ ) [ ٤ / ٢٣ ] أي ويحرم عليكم المتزوجات من النساء ( إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) أي إلا الأمة المزوجة بعبده فإن لسيده أن ينتزعها من تحت نكاح زوجها ، واللاتي سبين ، ولهن أزواج في دار الكفر ، هن حلال للغزاة.

قوله ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ ) [ ٤ / ٢٥ ] أي الحرائر العفيفات ، وقد ذكر البحث عن الآية مستوفى في ( طول ).

قوله ( فَإِذا أُحْصِنَ ) [ ٤ / ٢٥ ] على ما لم يسم فاعله أي تزوجن ، وأصل الْإِحْصَانِ : المنع.

وأَحْصَنَ الرجل : إذا تزوج فهو مُحْصِنٌ بالكسر على القياس ، ومُحْصَنٌ بالفتح على غير القياس.

وحَصُنَتِ المرأة بالضم حَصْناً أي عفت فهي حَاصِنٌ.

وحَصَانٌ بالفتح ، والْمُحْصِنُ : من له فرج يغدو عليه ويروح.

قوله ( إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ ) [ ٥٩ / ١٤ ] أي ممنوعة من أن يوصل إليها ، من حَصَّنْتُ القرية إذا بنيت حولها

( تُحْصِنُونَ ) [ ١٢ / ٤٨] أي تحرزون لبذر الزراعة.

قوله ( مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ )

__________________

(١) الشيخ الطبرسي : مجمع البيان ج ٣ ص ١٦٢. نقله المصنف باختصار وتصرف يسير.

٢٣٦

[ ٤ / ٢٤ ] أي أعفاء غير زناة.

والمسلمة مُحْصَنَةٌ ، لأن الإسلام يمنعها إلا مما يحل.

والمرأة تكون مُحْصَنَةً بالعفاف والإسلام والحرية والتزويج.

والْحِصْنُ : واحد الْحُصُونِ وهو المكان المرتفع لا يقدر عليه لارتفاعه. وَمِنْهُ « الْفُقَهَاءُ حُصُونُ الْإِسْلَامِ كَحِصْنِ سُورِ الْمَدِينَةِ ».

وحَصُنَ بالضم حَصَانَةً فهو حَصِينٌ ، أي منيع.

ويتعدى بالهمزة والتضعيف فيقال أَحْصَنْتُهُ ، وحَصَّنْتُهُ.

وَفِي الدُّعَاءِ « أَسْأَلُكَ بِدِرْعِكَ الْحَصِينَةِ » أي التي يُتَحَصَّنُ ويستدفع بها المكاره.

وَفِي دُعَاءِ الِاسْتِنْجَاءِ « اللهُمَ حَصِّنْ فَرْجِي » أراد ستره وعفته وصونه عن المحرمات.

وَمِنْهُ « حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ ».

والمرأة الْحِصَانُ بالكسر : المتعففة

والْحِصَانُ بالكسر أيضا : الكريم من فحولة الخيل ، يقال فرس حِصَانٌ ، سمي به لأنه حَصِينٌ بمائه ، فلم ينز إلا على كريمة ، ثم كثر ذلك حتى سموا كل ذكر من الخيل حِصَاناً ، وإن لم يكن عتيقا.

وقيل سمي بذلك لأن ظهره كَالْحِصْنِ لراكبه.

والجمع حُصُنٌ ككتاب وكتب.

وأبو الْحُصَيْنِ : كنية تغلب.

( حضن )

الْحَضْنُ كحمل : ما دون الكشح

واحْتَضَنْتُ الشيء : جعلته في حَضْنِي ، والجمع أَحْضَانٌ كأحمال.

وحَضْناً الشيء : جانباه.

وحَضَنَ الطائر بيضه يَحْضِنُهُ : إذا ضمه إلى نفسه تحت جناحه ، وكذلك المرأة إذا حَضَنَتْ ولدها.

والْحَضَانَةُ بالفتح والكسر : اسم منه وهي ولاية على الطفل والمجنون لفائدة تربيته ، وما يتعلق بها من مصلحته وحفظه ، وجعله في سريره ، ورفعه ، وغسل ثيابه وبدنه ، ومشطه ، وجميع مصالحه ، غير الرضاعة.

٢٣٧

وحَاضِنَةُ الصبي : التي تقوم عليه في تربيته.

وحَضَنْتُهُ عن حاجته أي حبسته عنها.

وعلي بن محمد الْحُضَيْنِيُ من رواة الحديث.

وإسحاق بن إبراهيم الْحُضَيْنِيُ كان خادما للرضا عليه‌السلام.

( حفن )

فِي الْخَبَرِ « أُهْدِيَ إِلَى النَّبِيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله مَارِيَةُ مِنْ حَفْنٍ » بمفتوحة فساكنة ونون : قرية من صعيد مصر.

والْحَفْنَةُ بالفتح فالسكون : ملء الكفين من طعام ، والجمع حَفَنَاتٌ كسجدة وسجدات.

وحَفَنْتُ لفلان حَفْنَةً من باب ضرب : أعطيته قليلا.

( حقن )

فِي الْحَدِيثِ « لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ وَهُوَ حَاقِنٌ » (١) ومنه قولهم « لَا رَأْيَ لِحَاقِنٍ » وفِيهِ « الْإِيمَانُ يُحْتَقَنُ بِهِ الدَّمُ » من حَقَنْتُ دمه : خلاف هدرته ، كأنك جمعته في صاحبه فلم ترقه.

وحَقَنْتُ المريض : إذا أوصلت الدواء إلى باطنه من مخرجه بِالْمِحْقَنَةِ بالكسر.

واحْتَقَنَ هو ، والاسم الْحُقْنَةُ بالضم وزان فرقة من الافتراق ، ثم أطلقت الْحُقْنَةُ على ما يتداوى به ، والجمع حُقَنٌ كغرف.

( حمن )

حَمْنَةُ بنت جحش بن أبي سفيان أخت زينب الأسدية ، كانت تحت مصعب.

والْحِمَّانِيُ : نسبة للحسن بن عبد الرحمن الْحِمَّانِيُ.

والْحَمْنَانَةُ بفتح المهملة وسكون الميم وبالنون : الكبيرة من القردان ، والْحَمْنَانُ جمعه.

قال الأصمعي ـ نقلا عنه ـ : أوله قمقامة صغيرة جدا ثم حَمْنَانَةٌ ثم قُراد ثم حَلَمة ثم علُ ثم طلح.

( حنن )

قوله تعالى ( وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا ) [ ١٩ / ١٣ ] أي رحمة من عندنا.

__________________

(١) أي يدافع بوله.

٢٣٨

يقال حَنَنْتُ على الشيء أَحِنُ من باب ضرب حَنَّةً بالفتح وحَنَاناً : عطفت عليه وترحمت.

وقيل الْحَنَانُ : الرزق والبركة.

وَفِي الْحَدِيثِ « سُئِلَ عليه‌السلام مَا عَنَى فِي يَحْيَى ( وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا )؟ قَالَ : تَحَنَّنَ اللهُ عَلَيْهِ ، قُلْتُ : فَمَا بَلَغَ مِنْ تَحَنُّنِ اللهِ عَلَيْهِ؟ قَالَ : كَانَ إِذَا قَالَ : يَا رَبِّ! قَالَ : لَبَّيْكَ يَا يَحْيَى ».

قوله ( وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ) [ ٩ / ٢٦ ] الآية حُنَيْنٌ كلُجَين : واد بين مكة والطائف حارب فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والمسلمون ، وكانوا اثني عشر ألفا. وهو مذكر منصرف ، وقد يؤنث على معنى البقعة.

قال في المصباح : وقصة حُنَيْنٍ أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فتح مكة في رمضان ، سنة ثمان ثم خرج وقد بقي من شهر رمضان أيام ، لقتال هوازن وثقيف وسار إلى حنين ، فلما التقى الجمعان انكشف المسلمون ، ثم أمدهم الله بنصره فانعطفوا ، وانهزم المشركون إلى أوطاس ، وغنم المسلمون أموالهم وأهلهم ، ثم منهم من سار إلى نخلة اليمامة ، ومنهم من سلك الثنايا.

ويقال إنه عليه‌السلام أقام بها يوما وليلة ، ثم سار إلى أوطاس فاقتتلوا وانهزم المشركون إلى الطائف ، وغنم المسلمون منها أيضا أموالهم وعيالهم ، ثم سار إلى الطائف فقاتلهم بقية شوال ، فلما حل ذو القعدة رحل عنها راجعا ، فنزل الجعرانة وقسم بها غنائم أوطاس.

قيل كانت ستة آلاف سبي.

وحُنَيْنٌ : اسم رجل قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ عَنْ أَبِي الْيَقْظَانِ : كَانَ حُنَيْنٌ رَجُلاً شَدِيداً ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ، فَأَتَى عَبْدَ الْمُطَّلِبِ وَعَلَيْهِ خُفَّانِ أَحْمَرَانِ ، فَقَالَ : يَا عَمِّ أَنَا ابْنُ أَسَدِ بْنِ هَاشِمٍ فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ : لَا وَثِيَابِ هَاشِمٍ مَا أَعْرِفُ شَمَائِلَ هَاشِمٍ فِيكَ فَارْجِعْ ، فَقَالُوا رَجَعَ حُنَيْنٌ بِخُفَّيْهِ ، فَصَارَ مَثَلَا.

والْحَنَانُ بالتخفيف : الرحمة ، وبالتشديد ذو الرحمة.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه‌السلام ، وَقَدْ

٢٣٩

سُئِلَ عَنِ الْحَنَّانِ وَالْمَنَّانِ فَقَالَ « الْحَنَّانُ هُوَ الَّذِي يُقْبِلُ عَلَى مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ ، وَالْمَنَّانُ هُوَ الَّذِي يَبْدَأُ بِالنَّوَال قَبْلَ السُّؤَالِ » فَالْحَنَّانُ مشددا من صفاته تعالى.

وَفِي الدُّعَاءِ « سُبْحَانَكَ وَحَنَانَيْكَ ».

أي أنزهك عما لا يليق بك تنزيها ، والحال أني أسألك رحمة بعد رحمة.

وتَحَنَّنَ عليهم : ترحم.

والعرب تقول : حَنَانَيْكَ يا رب أي ارحمني رحمة بعد رحمة ، وهو كلبيك.

وَفِي الْحَدِيثِ « تَحَنَّنُوا عَلَى أَيْتَامِ الْمُسْلِمِينَ » أي تعطفوا عليهم وارحموهم.

وَفِيهِ « لَا يَحْنِنْ أَحَدُكُمْ حَنِينَ الْأَمَةِ » على ما روي عنه ، وخص الأمة لأن العادة أن الأمة تضرب وتؤذى ، فيكثر حَنِينُهَا ، أو لأن الغالب عليها الغربة فَتَحِنُ إلى أهلها.

وَفِي الْخَبَرِ « فَحَنَ الْجَذَعُ إِلَيْهِ » أي حين صعد المنبر أي نزع واشتاق ، وأصله ترجيع الناقة صوتها إثر ولدها.

وَفِي الْحَدِيثِ « قُلُوبُ شِيعَتِنَا تَحِنُ إِلَيْنَا » أي تشتاق.

وحَنَّةُ : امرأة عمران ، أم مريم عليها‌السلام.

والْحَنَّانَةُ : موضع قرب النجف على مشرفه السلام.

( حين )

قوله تعالى ( وَمَتاعاً إِلى حِينٍ ) [ ٣٦ / ٤٤ ] أي إلى أن تفنى آجالهم.

وحِينٌ : وقت ، وغاية ، وزمان غير محدود ، ويقع على القليل والكثير ، وقد يجيء محدودا ، وجمعه أَحْيَانٌ وجمع الجمع أَحَايِينُ.

قوله ( وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ) [ ٣٨ / ٨٨ ] أي نبأ محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله من عاش علمه بظهوره ، ومن مات علمه يقينا.

قوله ( هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ ) [ ٧٦ / ١ ] الآية قِيلَ : هُوَ أَرْبَعُونَ سَنَةً ، وَالْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ آدم عليه‌السلام ، وقيل هو عام ، لأن كل إنسان قبل الولادة ( لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ) و ( هَلْ ) بمعنى ( قد ) عن الكسائي والفراء.

٢٤٠