مجمع البحرين - ج ٦

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٦

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٦

ريح تقدم من أغشية الدماغ ، فإذا وصل إلى العين فترت ، وإذا وصل إلى القلب نَامَ.

وحده الفقهاء بذهاب حاسة السمع والبصر ، وغيبة إدراكهما عنهما تحقيقا ، أو تقديرا.

وبابه تعب يقال نَامَ نَوْماً ومَنَاماً فهو نَائِمٌ والجمع نِيَامٌ ، وجمع النَّائِمَةِ نُوَّمٌ على الأصل ونُيَّمٌ على اللفظ.

ونَامَ عن حاجته : إذا لم يهتم لها.

وَفِي الْحَدِيثِ « طُوبَى لِعَبْدٍ نُومَةٍ لَا يُؤْبَهُ لَهُ » النُّومَةُ بالضم وسكون الواو : الرجل الضعيف ، وعن أبي عبيدة هو الخامل الذكر الغامض في الناس الذي لا يعرف الشر وأهله قال الدريدي في كتاب الجمهرة :

رجل نُومَةٌ إذا كان خاملا.

ونُوَمَة يعني بفتح الواو إذا كان كثير النَّوْمِ.

وفي القاموس نُوَمَة كهمزة : مغفل أو خامل ، وَمِنْهُ « خَيْرُ أَهْلِ الزَّمَانِ كُلِّهِ نُوَمَةٌ ، أُولَئِكَ أَئِمَّةُ الْهُدَى مَصَابِيحُ الْعِلْمِ ، لَيْسُوا بِالْعِجْلِ وَالْمَذَايِيعِ الْبَذْرِ » العجل جمع عجول وهو قليل التحمل والصبر في تحصيل المطالب ، والمذاييع : جمع المذياع وهو كثير الإذاعة ، لم يكتم شيئا والبذر : جمع المبذار وهو سريع المبادرة في الجوابات الدنيوية ، والمجادلات المقصود بها الغلبة ، وإظهار الفضيلة.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا يَزَالُ الْمَنَامُ طَائِراً حَتَّى يُقَصَّ ، فَإِذَا قُصَّ وَقَعَ » ولا يخفى ما فيه من لطافة التناسب بين القَصِّ والطائر والْمَنَامِ ، لأنه بالنسبة إلى الْمَنَامِ القصة وإلى الطائر قطع جناحه ، والمراد هنا القصة.

وَالنَّوْمُ عَلَى مَا فِي الرِّوَايَةِ أَرْبَعَةٌ : « نَوْمُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى أَقْفِيَتِهِمْ ، وَنَوْمُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَيْمَانِهِمْ ، وَنَوْمُ الْكُفَّارِ عَلَى يَسَارِهِمْ ، وَنَوْمُ الشَّيَاطِينِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ».

والْمَنَامَةُ : ثوب يُنَامُ فيه وهو القطيفة وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه‌السلام « دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَأَنَا عَلَى الْمَنَامَةِ ».

قال القتيبي ـ نقلا عنه ـ : هي الدكان هاهنا ، وفي غيره القطيفة.

١٨١

( نهم )

فِي الْحَدِيثِ « مَنْهُومَانِ لَا يَشْبَعَانِ طَالِبُ دُنْيَا وَطَالِبُ عِلْمٍ » الْمَنْهُومُ في الأصل هو الذي لا يشبع من الطعام ، من النَّهَمَة بالتحريك. وهي إفراط الشهوة في الطعام ، وأن لا يمل عن الأكل ولا يشبع.

يقال نَهِمَ كفرح فهو مَنْهُومٌ. ويقال نَهَمَ يَنْهِمُ من باب ضرب : كثر أكله. ومنه حَدِيثُ كُمَيْلٍ « أَوْ مَنْهُوماً بِاللَّذَّاتِ » أي حريصا عليها منهمكا فيها.

ونُهِمَ بالشيء : إذا ولع به ، فهو مَنْهُومٌ. ومنه كَلَامُ حَفْصَةَ لِامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ « مَا أَقَلَّ حَيَاكِ وَأَجْرَأَكِ وَأَنْهَمَكِ لِلرِّجَالِ ». ونَهَمَ في الشيء يَنْهَمُ بفتحتين : بلغ همته فيه ، فهو نَهِمٌ.

باب ما أوله الواو

( وجم )

فِي الْحَدِيثِ « فَوَجَمْتُ وَلَمْ أَدْرِ مَا أَقُولُ » الْوَاجِم : الذي اشتد حزنه حتى أمسك عن الكلام يقال ما لي أراك وَاجِماً!

ويوم وَجِيمٌ : شديد الحر.

وَفِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ « وَلَا تَقْلِبَنَا وَاجِمِينَ » أي ساكتين من شدة الحزن.

( وخم )

فِي الْحَدِيثِ « مَنْ أَضَلَّهُ اللهُ وَأَعْمَى قَلْبَهُ اسْتَوْخَمَ الْحَقَّ » أي استثقله فلم يستعذبه ، وصار الشيطان وليه.

يقال رجل وَخِمٌ بكسر الخاء وإسكانها ووَخِيمٌ أي ثقيل بين الْوَخَامَة والْوُخُومَة.

ووَخُمَ البلد بالضم وَخَامَةً فهو وَخِيمٌ أي ثقيل.

واسْتَوْخَمَت البلد ، فهو وَخِمٌ بالكسر والسكون أيضا : إذا كان غير موافق.

ومنه اشتقاق التُّخَمَة بالتحريك كهمزة ، وتسكن خاؤه في الشعر ، لأن الطعام يثقل فيضعف عن هضمه ، فيحدث منه الداء.

وهذا الأمر وَخِيمُ العاقبة أي ثقيل

١٨٢

رديء.

( وذم )

الْوِذَام : جمع وَذَمَة وهي الحزة من الكرش أو الكبد تقع في التراب فتنفض. ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه‌السلام فِي بَنِي أُمَيَّةَ « وَاللهِ لَئِنْ بَقِيَتُ لَهُمْ لَأَنْفُضَنَّهُمْ نَفْضَ اللَّحَّامِ الْوَذَمَةَ التَّرِبَةَ ».

( ورم )

الْوَرَم : واحد الْأَوْرَام. يقال وَرِمَ جلده يَرِمُ بالكسر فيهما ، قال الجوهري وهو شاذّ.

وتَوَرَّمَ : مثله.

( وسم )

قوله تعالى ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) [ ١٥ / ٧٥ ] الْمُتَوَسِّمُ : المتفرس المتأمل المتثبت في نظره ، حتى يعرف حقيقة سمت الشيء ، وَفِي حَدِيثِ الْأَئِمَّةِ عليهم‌السلام « نَحْنُ الْمُتَوَسِّمُونَ وَالسَّبِيلُ بِنَا مُقِيمٌ ».

قوله ( سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ ) [ ٦٨ / ١٦ ] أي سنجعل له سِمَةَ أهل النار وهي أن يسود وجهه ، وإن كان الخرطوم هو الأنف لأن بعض الوجه يؤدى به عن بعض ، وقيل الخرطوم نفسه ، وعبر بِالْوَسْمِ عليه عن غاية الإهانة ، وقد تقدم في ( حلف ) مزيد كلام في الآية.

وتَوَسَّمْتُ فيه الخير : أي رأيت وَسْمَ ذلك فيه.

ووَسَمَهُ وَسْماً وسِمَةً إذا أثر فيه بِسِمَةٍ وكي ، والهاء عوض من الواو.

ووَسُمَ الرجل بالضم وَسَامَةً ووَسَاماً مثل جمل جمالا ، ووَسَمْتُ الشيء وَسْماً من باب وعد : علمته.

والسِّمَةُ : العلامة ، ويجمع الْوَسْمُ على سِمَاتٍ كعدة وعدات.

والْمِيسَمُ بكسر الميم : اسم الآلة التي يكوى بها ، ويعلم ، وأصله الواو ، وجمعه مَيَاسِم ومَوَاسِم ، الأولى على اللفظ والثانية على الأصل.

ومَوْسِم الحاج : مجمعهم ، سمي بذلك لأنه معلم يجتمعون فيه ، والجمع مَوَاسِم.

ووَسَّمَ الناس تَوْسِيماً : شهدوا الْمَوْسِم

١٨٣

كما يقال عيدوا (١).

والْوَسِمَةُ بكسر السين ، وهي أفصح من التسكين : نبت يخضب بورقه ، ويقال هو العظلم ، وأنكر الأزهري السكون وفي القاموس : الْوَسِمَةُ ورق النيل أو نبات يختضب بورقه.

( وشم )

فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه‌السلام « وَاللهِ مَا كَتَمْتُ وَشْمَةً » أي كلمة. حكاها الجوهري عن ابن السكيت « فيما عصيته وَشْمَة » ويقال في « مَا كَتَمْتُ وَشْمَةً وَلَا كَذَبْتُ كِذْبَةً » : إن الْوَشْمَةَ : غرزة الإبرة في البدن ، يعني « بمثل هذا المقدار ما كتمت شيئا من الحق الذي يجب إظهاره علي ».

والْوَاشِمَةُ والْمُسْتَوْشِمَةُ ذكرا في ( نمص ).

ووَشَمَتِ المرأة تَشِمُ وَشْماً من باب وعد.

( وصم )

الْوَصْمُ : الصدع في العود من غير بينونة.

والْوَصْمُ : العيب والعار ، يقال ما في فلان وَصْمَةٌ أي ليس فيه عيب ونقص.

( وضم )

الْوَضِيمَةُ : طعام المأتم

( وقم )

وَاقِم : أطم من آطام المدينة ، وحرة وَاقِم مضافة إليه قاله الجوهري.

( وكم )

وَكَمَهُ الأمر أي أحزنه.

( ولم )

في الحديث ذكر « الْوَلِيمَة » هي طعام العرس ونحوه.

والْوَلْم : الحبل ، وكذا الْوَلِيمَة مشتقة من ذلك لأن فيها الوصلة واجتماع الشمل.

__________________

(١) من باب التفعيل أي شهدوا يوم العيد.

١٨٤

( وهم )

فِي الْحَدِيثِ « إِذَا رَأَيْتُمْ مُحِبّاً لِلدُّنْيَا فَاتَّهِمُوهُ عَلَى دِينِكُمْ » هو من التُّهَمَة يقال اتَّهَمْتُهُ أي ظننت فيه ما نسب إليه.

والْوَهْمُ : السهو ، ومنه الْحَدِيثُ « فَرَضَ اللهُ عَلَى الْعِبَادِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ ، وَفِيهِنَّ الْقِرَاءَةُ ، وَلَيْسَ فِيهِنَ وَهْمٌ » يعني سهو.

وَمِنْهُ « الْإِمَامُ يَحْمِلُ أَوْهَامَ مَنْ خَلْفَهُ ».

والْوَهْمُ : ما يقع في الخاطر ، يقال وَهَمْتُ الشيء أَهِمُهُ وَهْماً من باب ضرب أي وقع في خلدي.

وأَوْهَمَ في صلاته : أسقط منها شيئا.

ووَهِمَ يَوْهَمُ وَهَماً بالحركة إذا غلط.

ووَهِمْتُ في الحساب بالكسر إذا غلطت فيه وسهوت.

ووَهَمْتُ في الشيء بالفتح أَهِمُ وَهْماً إذا ذهب وَهْمُكَ إليه وأنت تريد غيره.

وتَوَهَّمْتُ أي ظننت. وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ الْأَخْرَسِ « يُحَرِّكُ لِسَانَهُ ، يَتَوَهَّمُ تَوَهُّماً » يعني من غير تلفظ.

والتُّهَمَةُ : أصلها من الواو من الْوَهْمِ : الظن وقد تفتح الهاء.

باب ما أوله الهاء

( هجم )

الْهُجُومُ على القوم : الدخول فيهم من غير استيذان ، يقال هَجَمْتُ عليه من باب قعد : دخلت عليه بغتة على غفلة منه

وهَجَمَ : سكت وأطرق فهو هَاجِمٌ. ومنه حَدِيثُ الشَّاةِ الْمُنْقَطِعَةِ عَنْ قَطِيعِهَا « فَهَجَمَتْ مُتَحَيِّرَةً » أي عرفت أن ذاك الراعي ليس راعيا لها ، فأطرقت متحيرة في أمرها إلى أين تذهب.

وهَجَمْتُ البيت هُجُوماً : هدمته.

( هدم )

فِي الدُّعَاءِ « وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَدْمِ » يروى بإسكان الدال ، وهو اسم فعل ، ويروى بفتح الدال ، وهو ما انْهَدَمَ.

١٨٥

وهَدَمْتُ البناء ، من باب ضرب : أسقطته.

والْهَدَمُ بالتحريك : ما تُهْدَمُ من جوانب البئر فسقط فيها.

والْهَدْمَةُ : الدفعة من المطر.

( هذرم )

فِي الْحَدِيثِ « لَا تَقْرَأِ الْقُرْآنَ هَذْرَمَةً لَيْسَ فِيهِ تَرْتِيلٌ » الْهَذْرَمَةُ : السرعة في القراءة ، قال الجوهري : يقال هَذْرَمَ ورده أي هَذَّهُ

( هرم )

الْهَرَمُ بالتحريك : كبر السن ، وقد هَرِمَ الرجل بالكسر فهو هَرِمٌ.

والْهُرْمَانُ بالضم : العقل ، يقال ما له هُرْمَانٌ.

( هرثم )

الْهَرْثَمَةُ : الأسد ، ومنه سمي الرجل « هَرْثَمَةً ».

( هزم )

قوله تعالى ( فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ ) [ ٢ / ٢٥١ ] أي كسروهم.

وهَزَمْتُ الجيش من باب ضرب هَزْماً وهَزِيمَةً : كسرته فَانْهَزَمُوا.

وهَزَمَ الأحزاب وحده : كسرهم.

( هشم )

قوله تعالى ( كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ ) [ ٥٤ / ٣١ ] الْهَشِيمُ : اليابس من النبت.

وتَهَشَّمَ : تكسر.

وهَشَمْتُ الشيء : كسرته ، ومنه سمي « هَاشِم بن عبد مناف » لأنه أول من هَشَمَ الثريد لقومه ، واسمه عمرو.

والْهَشْمُ : كسر الشيء اليابس والمجوف وهو مصدر من باب ضرب.

ومنه « الْهَاشِمَة » وهي الشجة التي تَهْشِمُ عظم الرأس أي تكسره.

( هضم )

قوله تعالى ( فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً ) [ ٢٠ / ١١٢ ] أي نقصا ، والْهَضْمُ : النقص.

قوله ( طَلْعُها هَضِيمٌ ) [ ٢٦ / ١٤٨ ] أي منضم بعضه إلى بعض قبل أن ينشق عنه القشر ، وكذلك ( طَلْعٌ نَضِيدٌ ) [ ٥٠ / ١٠ ] والْهَضْمُ : الكسر.

وهَضَمْتُ الشيء : كسرته.

١٨٦

وهَضِمَهُ حقه من باب تعب : ظلمه.

واهْتَضَمَهُ وتَهَضَّمَهُ كذلك.

وهَضَمَهُ : دفعه عن موضعه.

ورجل هَضِيمٌ ومُهْتَضِمٌ أي مظلوم.

والْهَاضُومُ : الذي يقال له الجوارش ، لأنه يَهْضِمُ الطعام ، قاله الجوهري.

وطعام سريع الِانْهِضَامِ ، وبطيء الِانْهِضَامِ.

( هكم )

تَهَكَّمَ عليه : إذا اشتد غضبه عليه.

( هلم )

قوله تعالى ( وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَ إِلَيْنا ) [ ٣٣ / ١٨ ] هَلُمَ يا رجل بفتح الميم بمعنى تعال.

يستوي فيه الواحد والجمع والتأنيث في لغة أهل الحجاز.

وأهل نجد يصرفونها هَلُمِّي وهَلُمَّا وهَلْمُمْنَ.

قال الجوهري : والأول أفصح ، وقد توصل باللام فيقال هَلُمَ لك ، وهَلُمَ لكما ، ثم نقل عن الخليل : هَلُمَ أصله لُمَ من قولهم « لَمَ الله شعثه » أي جمعه ، كأنه أراد لُمَ نفسك إلينا بالقرب منا ، وها للتنبيه وإنما حذفت ألفها لكثرة الاستعمال ، وجعلا اسما واحد.

وقيل : أصله هل أم أي هل لك في كذا أمه أي قصده ، فركبت الكلمتان ، فقيل هَلُمَ. وقيل : لفظ هَلُمَ خطاب لمن يصلح أن يجيب ، وإن لم يكن حاضرا ، ولفظ هَلُمُّوا موضوع للموجودين الحاضرين ، ويفسره

الْحَدِيثُ « هَلُمَ إِلَى الْحَجِّ ، فَلَوْ نَادَى هَلُمُّوا إِلَى الْحَجِّ ، لَمْ يَحُجَّ يَوْمَئِذٍ إِلَّا مَنْ كَانَ إِنْسِيّاً مَخْلُوقاً ».

وَفِي حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَعِيلَ فِي الْخَيْلِ « أَلَا هَلُمَ » وقد سبق في ( ألا ).

وَفِي الْحَدِيثِ « لَمْ يَزَلْ مُنْذُ قَبَضَ اللهُ نَبِيَّهُ وَهَلُمَ جَرّاً يَمُنُّ بِهَذَا الدِّينِ عَلَى أَوْلَادِ الْأَعَاجِمِ » وأصله من الجر : السحب ، كما مر في ( جرر ).

( همم )

قوله تعالى ( إِذْ هَمَ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا ) [ ٥ / ١١ ] الآية الْهَمُ بالأمر : حديث النفس بفعله ، يقال : هَمَ بالأمر يَهُمُ هَمّاً ، وجمعه هُمُومٌ.

١٨٧

وأَهَمَّهُ الأمر : إذا عنى به يحدث نفسه.

والفرق بين الْهَمِ بالشيء والقصد إليه : أنه قد يَهُمُ بالشيء قبل أن يريده ويقصده بأنه يحدث نفسه به وهو مع ذلك مقبل على فعله.

قوله ( وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا ) [ ٩ / ٧٤ ] هو من قولهم هَمَمْتُ بالشيء أَهُمُ هَمّاً : أردته وقصدته ،

كَانَ طَائِفَةٌ عَزَمُوا عَلَى قَتْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله. وَهُوَ فِي سَفَرٍ ، فَوَقَفُوا فِي طَرِيقِهِ فَلَمَّا بَلَغَهُ أَمْرُهُمْ تَنَحَّى عَنِ الطَّرِيقِ وَسَمَّاهُمْ رَجُلاً رَجُلاً.

قوله ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَ بِها ) [ ١٢ / ٢٤ ] ذكر في ( عصا ).

وَفِي صِفَاتِهِ تَعَالَى « مُرِيدٌ بِلَا هِمَّةٍ ».

أي لا عزم له على ما يفعله ، لأن الْهِمَّةَ والعزيمة يجوزان على من له قلب فيطمئن بها على فعل شيء في المستقبل.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هِمَّتَهُ فَرَّقَ اللهُ أَمْرَهُ ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ ، وَمَنْ كَانَتْ هِمَّتَهُ الْآخِرَةُ جَمَعَ اللهُ شَمْلَهُ وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ ذَلِيلَةٌ » والْهِمَّةُ أراد بها : العزم الجازم.

وَفِي صِفَاتِهِ تَعَالَى « لَا يُدْرِكُهُ بُعْدُ الْهِمَمِ » أي الْهِمَمُ البعيدة ، وبعدها : تعلقها بعليات الأمور ، دون محقراتها ، أي لا تدرك النفوس ذوات الْهِمَمِ البعيدة وإن اتسعت في الطلب ، كنه حقيقته

وَفِي الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ » اه قيل هذا الدعاء من جوامع الكلم ، لما قالوا أنواع الرذائل ثلاثة : نفسانية ، وبدنية ، وخارجية. والأول بحسب القوى التي للإنسان العقلية والغضبية والشهوية ثلاثة أيضا ، والْهَمُ والحزن يتعلق بالعقلية ، والجبن بالغضبية ، والبخل بالشهوية ، والعجز والكسل بالبدنية ، والضلع والغلبة بالخارجية ، والدعاء يشتمل على الكل.

وَفِي دُعَاءٍ آخَرَ « أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِ وَالْغَمِّ وَالْحَزَنِ » قيل : الفرق بين الثلاثة هو أن الْهَمَ قبل نزول الأمر ويطرد النوم ، والغم بعد نزول الأمر ويجلب النوم ،

١٨٨

والحزن : الأسف على ما فات ، وخشونة في النفس لما يحصل فيها من الغم.

وأَهَمَّنِي الأمر : أقلقني وأحزنني.

والْمُهِمُ : الأمر الشديد.

وَقَوْلُهُ « إِلَّا هَمّاً وَاحِداً قَدِ انْفَرَدَ بِهِ هُوَ الْوُصُولُ إِلَى سَاحِلِ الْعِزَّةِ ».

وَفِي حَدِيثِ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِ « بَعِيدٌ هَمُّهُ ، طَوِيلٌ غَمُّهُ » وذلك نظرا إلى ما بين يديه من الموت ، وما بعده ، وبحسب ذلك كان بعد هِمَّتِهِ في المطالب العالية ، والسعادة الباقية ، وشغل نفسه بعبادة ربه

وهَمَّنِي المرض : أذابني.

وسنام مَهْمُومٌ : مذاب

والْهِمُ بالكسر والتشديد : الشيخ الكبير ، والمرأة هِمَّةٌ.

والْهُمَامُ : الملك العظيم الْهِمَّةُ.

والْهَامَّةُ بتشديد ميم : واحدة الْهَوَامِ ، كدابة ودواب. قال الجوهري : ولا يقع هذا الاسم إلا على المخوف من الأحناش كالحية ونحوها ، وقد تطلق الْهَوَامُ على ما لا يقتل من الحيوان كالحشرات ، ومنه الْحَدِيثُ « أُعِيذُ نَفْسِي مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ »

وما له هَمَامَةٌ في هذا الأمر ولا هِمَّةٌ أي لا يَهُمُ به.

والْهَمَامَةُ : التردد.

والْهَمْهَمَةُ : ترديد الصوت في الصدر.

والِاهْتِمَامُ : الاغتمام ، ومنه الْحَدِيثُ « إِذَا كَانَ اللهُ قَدْ تَكَفَّلَ فِي الرِّزْقِ فَاهْتِمَامُكَ لِمَا ذَا؟ ».

( هيم )

قوله تعالى ( فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ ) [ ٥٦ / ٥٥ ] قيل هي الإبل العطاش ، ويقال الرمل ، حكاية عن الأخفش.

وَفِي الْحَدِيثِ ، وَقَدْ سُئِلَ عليه‌السلام عَنِ الرَّجُلِ يَشْرَبُ بِنَفَسٍ وَاحِدَةٍ ، « قَالَ يُكْرَهُ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ شُرْبُ الْهِيمِ. قِيلَ : وَمَا الْهِيمُ؟ قَالَ : الْإِبِلُ ».

وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَصِيرٍ « قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام يَقُولُ : ثَلَاثَةُ أَنْفَاسٍ أَفْضَلُ فِي الشُّرْبِ مِنْ نَفَسٍ وَاحِدَةٍ ، وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُتَشَبَّهَ بِالْهِيمِ ، وَقَالَ الْهِيمُ النِّيبُ » يَعْنِي الْمُسِنَّةَ مِنَ النُّوقِ وَرُوِيَ « الْهِيمُ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ ».

١٨٩

وَفِي الْخَبَرِ « لَا صَفَرَ وَلَا هَامَةَ ». وفيه تأويلات :

« منها » ـ أن العرب كانت تتشاءم بِالْهَامَةِ وهي الطائر المعروف من طير الليل ، وقيل هي البومة ، كانت إذا سقطت على دار أحد ، قال نعت إليه نفسه أو بعض أهله.

« ومنها » ـ أن العرب كانت تعتقد أن روح القتيل الذي لم يؤخذ بثأره تصير هَامَةً ، وتقول « اسقوني من دم قاتلي » فإن أخذ بثأره طارت ، وقيل كانوا يزعمون أن عظام الميت وقيل روحه تصير هَامَةً ويسمونها الصدى ، قيل : وهذا تفسير أكثر العلماء ، وهو المشهور.

وَقَوْلُهُ : « لَا صَفَرَ » مر ذكره (١).

وهَامَ على وجهه يَهِيمُ هَيْماً وهَيَمَاناً : ذهب من العشق وغيره.

وقلب مُسْتَهَامٌ أي هَائِمٌ.

والْهُيَامُ : العطش ، ومنه دعاء الاستسقاء « هَامَتْ دوابنا » أي عطشت.

والْهُيَامَ بالضم : حالة شبيهة بالجنون تكون للعاشق.

والْهَيَامُ بالفتح : الرمل الذي لا يتماسك أن يسيل من اليد للينه ، قاله الجوهري.

والْهَامَةُ : الرأس والجمع هَامٌ ، ومنه الْحَدِيثُ « بِئْرُ بَرَهُوتَ يَرِدُ عَلَيْهِ هَامُ الْكُفَّارِ وَصَدَاهُمْ » والصدى مقصور : حشو الرأس والدماغ ، ومنه حَدِيثُ الْحمَّامِ « خُذْ مِنَ الْمَاءِ الْحَارِّ وَضَعْهُ عَلَى هَامَتِكَ » أي على رأسك.

باب ما أوله الياء

( يتم )

قوله تعالى ( فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ) [ ٩٣ / ٩ ] الْيَتِيمُ يُجمع على أَيْتَامٍ ، ويَتَامَى فَالْيَتَامَى جمع يَتِيمٍ ويَتِيمَةٍ ، والأصل يَتَائِمُ ، فقلبت واوا ، وأما أَيْتَامٌ فجمع يَتِيمٍ لا غير كشريف وأشراف قاله في المغرب ـ نقلا

__________________

(١) في ( صفر ).

١٩٠

عنه ـ.

قال الجوهري الْيَتِيمُ في الناس من قبل الأب ، وفي البهائم من قبل الأم. وقال غيره : والْيَتِيمُ من الجواهر : الذي لا أخ له ، ومنه « درة يَتِيمَةٌ » أي لا أخت لها. ويَتِمَ الصبي بالكسر يَيْتَمُ يُتْماً ويَتْمَاناً بالتسكين فيهما.

( يسم )

الْيَاسَمِينُ : نبت معروف ، قاله الجوهري : وهو معرب ، تقول شممت الْيَاسَمِينَ ، وهذا الْيَاسَمُونَ فيجري مجرى الجمع

( يمم )

قوله تعالى ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) [ ٥ / ٦ ] أي اقصدوا الصعيد الطيب ، يقال يَمَّمْتُهُ إذا قصدته ، ثم كثر استعمالهم هذه اللفظة ، حتى صار التَّيَمُّمُ مسح الجبهة واليدين بالتراب ، فَالتَّيَمُّمُ في اللغة : القصد وفي الشرع : المسح المذكور لاستباحة ما هو مشروط به تقربا إلى الله تعالى.

قوله تعالى ( لا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) [ ٢ / ٢٦٧ ] أي لا تعمدوه وتقصدوه ، وقد مر تمام الكلام في بابه.

والْيَمُ : البحر الذي يقال له أساف (١) وفيه غرق فرعون.

والْيَمَامَةُ : اسم جارية زرقاء. قال الجوهري : كانت تبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيام ، يقال : أبصر من زرقاء الْيَمَامَة

والْيَمَامَةُ بلاد سميت باسم هذه الجارية وهي على ما في القاموس : دون الحديبية في وسط الشرق عن مكة على ستة عشر مرحلة من البصرة وعن الكوفة نحوها.

وفي غيره الْيَمَامَةُ : مدينة من اليمن على مرحلتين من الطائف ، وصاحبها مسيلمة الكذاب ، والنسبة يَمَامِيٌ.

( يوم )

قوله تعالى ( خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ) [ ٤١ / ٩ ] أي وقتين ابتداء الخلق ، وانقضائه.

قَوْلُهُ ( فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ) [ ٤١ / ١٠ ] أَيْ فِي أَرْبَعَةِ أَوْقَاتٍ ، وَهِيَ الَّتِي يُخْرِجُ اللهُ

__________________

(١) وقيل : سوف ، وهو البحر الأحمر الحاجز بين وادي النّيل ووادي سيناء ، اعترض طريق موسى عليه‌السلام عند قفوله من أرض مصر قاصدا الأرض المقدّسة.

١٩١

فِيهَا أَقْوَاتَ الْعَالَمِ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ وَالطَّيْرِ وَحَشَرَاتِ الْأَرْضِ وَمَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ مِنَ الْخَلْقِ وَالثِّمَارِ وَالشَّجَرِ وَمَا يَكُونُ فِيهِ مَعَاشُ الْحَيَوَانِ كُلِّهِ ، وَهِيَ الرَّبِيعُ وَالصَّيْفُ وَالْخَرِيفُ وَالشِّتَاءُ ، فَفِي الشِّتَاءِ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ وَالْأَمْطَارَ وَالْأَنْدَاءَ وَالطُّلُولَ مِنَ السَّمَاءِ ، فَيَسْقِي الْأَرْضَ وَالشَّجَرَ وَهُوَ وَقْتٌ بَارِدٌ ، ثُمَّ يَجِيءُ بَعْدَهُ الرَّبِيعُ وَهُوَ وَقْتٌ مُعْتَدِلٌ حَارٌّ وَبَارِدٌ فَتُخْرِجُ الشَّجَرُ ثِمَارَهَا وَالْأَرْضُ نَبَاتَهَا ، فَيَكُونُ أَخْضَرَ ضَعِيفاً ، ثُمَّ يَجِيءُ وَقْتُ الصَّيْفِ وَهُوَ حَارٌّ فَيَنْضَجُ الثِّمَارُ وَيَصْلُبُ الْحُبُوبُ الَّتِي هِيَ أَقْوَاتُ الْعَالَمِ وَجَمِيعِ الْحَيَوَانِ ، ثُمَّ يَجِيءُ مِنْ بَعْدِهِ الْخَرِيفُ فَيُطَيِّبُهُ وَيُبَرِّدُهُ ، وَلَوْ كَانَ الْوَقْتُ كُلُّهُ شِتَاءً وَاحِداً لَمْ يَخْرُجِ النَّبَاتُ مِنَ الْأَرْضِ ، وَلَوْ كَانَ كُلُّهُ رَبِيعاً لَمْ تَنْضَجِ الثِّمَارُ وَلَمْ تَبْلُغِ الْحُبُوبُ ، وَلَوْ كَانَ صَيْفاً لَاحْتَرَقَ كُلُّ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ ، وَهَكَذَا. فَجَعَلَ اللهُ هَذِهِ الْأَوْقَاتَ لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ ، وَجَعَلَ اللهُ هَذِهِ الْأَقْوَاتَ ( سَواءً لِلسَّائِلِينَ ) [ ٤١ / ١٠ ] يَعْنِي الْمُحْتَاجِينَ لِأَنَّ كُلَّ مُحْتَاجٍ سَائِلٌ ـ كَذَا فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُمْ ع

قوله ( هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ) [ ٥ / ١١٩ ] قرىء ( هذا يَوْمُ ) بالرفع والإضافة ، وبالنصب إما على أنه ظرف ل ( قالَ ) ، وإما على أن ( هذا ) مبتدأ والظرف خبره.

قال الشيخ أبو علي قوله ( لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ ) [ ٩ / ١٠٨ ] قال : من أول الْأَيَّامِ كما يقال لقيت كل رجل يريد كل الرجال.

والْيَوْمُ : معروف من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ، لقوله تعالى ( كُلُوا وَاشْرَبُوا ) [ ٢ / ١٨٧ ] الآية.

وجمع الْيَوْمِ : أَيَّامٌ ، وأصله أَيْوَامٌ فأدغمت

قوله ( وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ ) [ ١٤ / ٥ ] أي بنعمة إنجائهم من آل فرعون ، وظلل عليهم الغمام. وقيل بنقمة الله التي انْتقم الله بها من الأمم السالفة ، فتكون « أَيَّامُ الله » كناية عن عقوباته التي نزلت بمن

١٩٢

مضى في الْأَيَّامِ الخالية. قوله ( يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً ) [ ٨٢ / ١٩ ] قال الشيخ أبو علي : قرأ ابن كثير وأهل البصرة « يَوْمُ لا تَمْلِكُ » بالرفع ، والباقون بالنصب ، والمعنى يَوْم لا يملك أحد الدفاع عن غيره ممن يستحق العقاب كما يملك كثير من الناس في دار الدنيا ذلك.

قوله ( سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ ) [ ٦٩ / ٧ ] قيل هي أَيَّامُ العجوز ، وذلك أَنَّ عَجُوزاً مِنْ عَادٍ دَخَلَتْ سَرَباً فَأَنْزَعَتْهَا الرِّيحُ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ فَأَهْلَكَتْهَا وقيل سميت أَيَّام العجوز لأنها في عجز الشتاء أي في آخره.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا تُعَادُوا الْأَيَّامَ فَتُعَادِيَكُمْ » قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الثَّالِثُ عليه‌السلام : « يَوْمُ السَّبْتِ اسْمُ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله » وَالْأَحَدِ أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وَالْإِثْنَيْنِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عليه‌السلام، وَالثَّلَاثَاءِ عَلِيُّ بْنُ الحسين عليه‌السلام وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عليهم‌السلام ، وَالْأَرْبِعَاءِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُوسَى وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَنَا ، وَالْخَمِيسِ ابْنِي الْحَسَنِ ، وَالْجُمُعَةِ ابْنُ ابْنِي ، وَإِلَيْهِ تَجْتَمِعُ عِصَابَةُ الْحَقِّ ، وَهُوَ الَّذِي يَمْلَأُهَا قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً. فَهَذَا مَعْنَى الْأَيَّامِ ، فَلَا تُعَادُوهُمْ فِي الدُّنْيَا ، فَيُعَادُوكُمْ فِي الْآخِرَةِ ».

وأَيَّامُ العرب : وقائعها.

وفيه عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عليه‌السلام قَالَ : « الْحَمَّامُ يَوْمٌ وَيَوْمٌ لَا يُكْثِرُ اللَّحْمَ » قال بعض الأفاضل : الْيَوْمُ الأول فِي قَوْلِهِ « يَوْمٌ وَيَوْمٌ لَا ». خبر مبتدأ محذوف ، أي دخوله في يَوْمٍ. وقَوْلُهُ عليه‌السلام وَيَوْمٌ لَا. « أي لا دخول فيه ، » ويكثر « على وزن يكرم خبر ثان للمبتدإ المحذوف وهو من قبيل » الرمان حلو حامض » في عدم تمامية الكلام بدون الخبر الثاني ، فتأمل ، ثم قال وجه التأمل : أن نقول : الْيَوْمُ الأول لا يصح حمله على المبتدإ فكيف يجعل خبرا عنه ، فليس هذا التركيب من قبيل « الرمان حلو حامض » لإمكان الاقتصار على خبر واحد ، ويمكن دفعه بنوع من التكلف.

ويَامُ بن نوح عليه‌السلام غرق في الطوفان قاله في الصحاح.

١٩٣
١٩٤

كتاب النون

١٩٥
١٩٦

باب ما أوله الألف

( ابن )

فِي الْحَدِيثِ « أَبَى اللهُ أَنْ يُعْبَدَ إِلَّا سِرّاً حَتَّى يَأْتِيَ إِبَّانُ أَجَلِهِ » أي حينه ووقته.

وإِبَّانُ الشيء بالكسر والتشديد : وقته. يقال « كل الفواكه في إِبَّانِهَا » ومنه فيأتيني إِبَّان الزكاة.

والْمَأْبُونُ : المعيب.

والْأُبْنَةُ : العيب.

ولا يُؤْبَنُ : لا يعاب.

والْأُبْنَةُ بالضم : العقدة في العود

( أتن )

الْأَتَانُ بالفتح : الأنثى من الحمير ، ويجمع في القلة على آتُن مثل عناق وأعنق ، وفي الكثرة على أُتْنٍ وأُتُنٍ بضمتين وأما قول الشاعر :

فهل أنت إن ماتت أَتَانُكَ راحل

إلى آل بسطام بن قيس فخاطب

 فعلى الاستعارة ، والمراد الزوجة ، والوجه في فخاطب ، الرفع لكنه جر للمجاورة.

( أجن )

فِي الْحَدِيثِ « نَهَى عَنْ الْوُضُوءِ فِي الْمَاءِ الْآجِنِ » أي المتغير لونه وطعمه ، يقال أَجَنَ الماء من باب قعد وضرب : تغير لونه وطعمه فهو آجِنٌ كضارب اسم فاعل.

وأَجِنَ أَجَناً مثل تعب تعبا فهو آجِنٌ لغة ، ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه‌السلام فِيمَنْ لَا يَأْخُذُ عِلْمَهُ مِنْ أَهْلِهِ بَلْ مِنَ الرَّأْيِ وَنَحْوِهِ « قَدِ ارْتَوَى مِنْ آجِنٍ ».

والْإِجَّانَةُ بالكسر والتشديد : واحدة الْأَجَاجِينِ وهي المركن ، والذي يغسل فيه الثياب.

والْإِجَّانَةُ أيضا : موقع الماء تحت الشجرة والجمع أَجَاجِينُ ، وَمِنْهُ « يَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ تَنْقِيَةُ الْأَجَاجِينِ ».

والمراد ما يحوط حول الأشجار.

والْأُجْنَةُ بالضم : لغة في الْوَجْنَة واحدة الْوَجَنَات

.

١٩٧

( احن )

فِي الْحَدِيثِ « أَلَا إِنَّ كُلَّ دَمٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ إِحْنَةٍ فَهِيَ تَحْتَ قَدَمِي هَذِهِ ».

ثم فسر الْإِحْنَةُ بالشحناء ، وفي كلام أهل اللغة الْإِحْنَةُ بكسر الفاء : واحدة الْإِحَنِ وهي الضغائن ، يقال في صدره علي إِحْنَةٌ أي حقد.

وأَحِنَ الرجل يَأْحَنُ من باب تعب : حقد وأظهر العداوة.

والْإِحْنَةُ اسم منه والجمع إِحَنٌ كسدرة وسدر

( اذن )

قوله تعالى الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ [ ٥ / ٤٥ ] هي بسكون الذال وضمها : معروفة.

قوله ( وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ) [ ٩ / ٦٢ ] أي يسمع ما يجب استماعه ، ويقبل ما يجب قبوله

قوله : ( قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ ) [ ٩ / ٦٢ ] أي أُذُنٌ في الخير وليس أُذُناً في غير ذلك

ورجل أُذْنٌ بالسكون : يسمع كلام كل أحد ويصدقه ، ومنه حديث الأخلاء الماكرين.

صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به

وإن ذكرت بشر عندهم أُذْنٌ

 ويروى أَذِنُوا بالواو على لفظ الماضي يعني أَذِنُوا في الكلام.

وجمع الْأُذُنِ آذَانٌ ، ومنه قوله تعالى ( فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ ) [ ١٨ / ١١ ].

قوله ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ ) [ ٧ / ١٦٦ ] الخطاب للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال المفسر : معناه واذكر يا محمد إذ أَذِنَ وأعلم ربك ، فإن تَأَذَّنَ وأَذِنَ بمعنى.

وقوله ( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ ) [ ٢ / ٢٧٩ ] أي اعلموا بها من أَذِنَ بالشيء إذا علم به.

وقرىء « فَآذِنُوا » أي أعلموا غيركم والحرب من الله : النار ، ومن الرسول : القتال.

قوله ( ثُمَ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ ) [ ١٢ / ٧٠ ] أي ثم نادى مناد ، يقال آذن : أعلم ، وأَذَّنَ : أكثر الإعلام.

قوله ( آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ ) [ ٢١ / ١٠٩ ] أي أعلمتكم ، واستوينا في العلم معا.

وآذَنْتَنَا : أعلمتنا.

وآذَنَّاكَ : أعلمناك.

قوله ( ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها

١٩٨

قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ ) [ ٥٩ / ٥ ] أي قطعها بِإِذْنِ الله وأمره ( لِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ ).

قوله ( وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ ) [ ٢ / ١٠٢ ] أي بأمره تعالى لأنه وغيره من الأسباب غير مؤثر بالذات بل بأمره تعالى.

قوله ( تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها ) [ ١٤ / ٢٥ ] أي بتيسير خالقها وتكوينه.

قوله ( لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً ) [ ٧٨ / ٣٨ ].

رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه‌السلام « قَالَ : سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ؟ فَقَالَ : نَحْنُ وَاللهِ الْمَأْذُونُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَالْقَائِلُونَ صَوَاباً ، قَالَ : جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا تَقُولُونَ؟ قَالَ : نُمَجِّدُ رَبَّنَا ، وَنُصَلِّي عَلَى نَبِيِّنَا ، وَنَشْفَعُ لِشِيعَتِنَا فَلَا يَرُدُّنَا ».

قوله ( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ ) [ ٢٢ / ٢٧ ] أي ناد فيهم ، والخطاب لإبراهيم عليه‌السلام ، والنداء في الحج « أن يقول حجوا وعليكم بالحج ».

رُوِيَ أَنَّهُ صَعِدَ أَبَا قُبَيْسٍ فَقَالَ « أَيُّهَا النَّاسُ حُجُّوا بَيْتَ رَبِّكُمْ » فَأَسْمَعَ اللهُ صَوْتَهُ كُلَّ مَنْ سَبَقَ عِلْمُهُ بِالْحَجِّ ، بِأَنَّهُ يَحُجُّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَأَجَابُوهُ بِالتَّلْبِيَةِ ، فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ.

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ « أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه‌السلاملَمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ جَاءَهُ جبرئيل عليه‌السلام فَأَمَرَهُ أَنْ ، فَقَالَ إبراهيم عليه‌السلام : يَا رَبِّ وَمَا مَبْلَغُ صَوْتِي ، قَالَ اللهُ تَعَالَى أَذِّنْ وَعَلَيَّ الْبَلَاغُ ، فَعَلَا إبراهيم عليه‌السلام الْمَقَامَ وَأَشْرَفَ حَتَّى صَارَ كَأَطْوَلِ الْجِبَالِ ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ يَمِيناً وَشِمَالاً ، وَشَرْقاً وَغَرْباً ، وَنَادَى : يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ إِلَى الْبَيْتِ فَأَجِيبُوا رَبَّكُمْ ، فَأَجَابَهُ مَنْ كَانَ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ : لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ ».

قال بعض الأعلام : وفيه إشارات لطيفة منها : أن إجابة من كان في الأصلاب والأرحام إشارة إلى ما كتب بقلم القضاء في اللوح المحفوظ من طاعة المطيع بهذه الدعوة على لسان إبراهيم

١٩٩

عليه السلام ، وما بعده من الأنبياء وهم المراد بالسماع الذين أجابوا دعوته لحجهم ، وصدقوا ما بلغه عن ربه تعالى.

قوله ( وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ ) [ ٨٤ / ٢ ] قال الشيخ أبو علي : الْأَذَانُ الاستماع يقول العرب : أَذِنَ لك هذا الأمر إِذْناً بمعنى استمع لك ، ومعنى ( أَذِنَتْ لِرَبِّها ) أي استمعت وأطاعت في الانشقاق ، وانقادت لتدبير الله ، وحق لها أن تَأْذَنَ بالانقياد لأمر ربها الذي خلقها وتطيع له. ثم قال في قوله ( وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ ) [ ٨٤ / ٥ ] الثانية : ليس هذا تكرارا ولكن الأول في صفة السماء والثاني في صفة الأرض ، وهذا كله من أشراط الساعة.

والِاسْتِئْذَانُ : طلب الْإِذْنِ.

قال تعالى ( لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) [ ٢٤ / ٥٨ ] الآية. أمر الله تعالى بأن يَسْتَأْذِنَ العبد والأطفال ( الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ ) من الأحرار ( ثَلاثَ مَرَّاتٍ ) في اليوم والليلة : قبل صلاة الفجر لأنه وقت القيام من المضاجع ولبس الثياب ، وبالظهيرة لأنه وقت وضع الثياب للقائلة وبعد صلاة العشاء لأنه وقت التجرد من ثياب اليقظة والالتحاف بثياب النوم. وسمي كل وقت من هذه الأوقات عورة.

وفي الحديث تكرر ذكر « الْأَذَانِ » ـ وهو بفتح الفاء ـ لغة : الإعلام والإجازة ، إما من الْإِذْنِ بمعنى العلم أو من الْإِذْنِ بمعنى الإجازة ، وعلى التقديرين إما أصله الْإِيذَانُ كالأمان بمعنى الإيمان والعطاء بمعنى الإعطاء. أو هو فعال بمعنى التفعيل كالسلام والكلام بمعنى التسليم والتكليم

وشرعا : ألفاظ متلقاة من الشارع.

والْمِئْذَنَةُ بكسر الميم وسكون الهمزة : المنارة.

وأَذِنْتُ له في كذا : أطلقت له في فعله. ومثله أَذِنَ لي في فعله. وأَذِنْتُ للعبد في التجارة فهو مَأْذُونٌ له. والفقهاء يحذفون الصلة ويقولون العبد الْمَأْذُونُ.

٢٠٠