مجمع البحرين - ج ٥

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٥

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٤

وكَحَلْتُ الرجل من باب قتل : جعلت في عينه الكحل.

ورجل أَكْحَلُ : بين الكحل وهو أن يعلو جفون العين سواد مثل الكحل من غير اكتحال.

ومنه حَدِيثُ الْجَمْرَةِ « خُذْهَا كُحْلِيَّةً مُنْقَطِعَةً ».

والْمُكْحُلَةُ بضمتين : وعاء الكحل ، وهو أحد ما جاء على الضم.

وكَحَلْتُ عيني وتَكَحَّلْتُ واكْتَحَلْتُ بمعنى.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ سِنَانٍ « قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام الرَّجُلُ يَكُونُ لِي عَلَيْهِ الدَّرَاهِمُ فَيُعْطِينِي الْمُكْحُلَةَ ، فَقَالَ الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ، وَمَا كَانَ مِنْ كُحْلٍ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ حَتَّى يَرُدَّهُ عَلَيْكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».

لعل العبارة في الأصل فهو دين عليك حتى ترده عليه يوم القيامة فغيرت.

وقوله حتى ترده عليه يوم القيامة يريد به مع فوات محله ، أو هو تغليظ في الردع عن أخذ الربا.

( كربل )

كَرْبَلَاءُ موضع معروف (١) وبها قبر الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.

رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام اشْتَرَى النَّوَاحِيَ الَّتِي فِيهَا قَبْرُهُ مِنْ أَهْلِ نَيْنَوَى وَالْغَاضِرِيَّةِ بِسِتِّينَ أَلْفِ دِرْهَمٍ ، وَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِمْ ،

__________________

(١) لواء « كربلاء » في العراق محصور بين ألوية الحلّة والدليم والديوانية ، فيه ثلاثة أقضية : النّجف ، الكوفة ، عين التّمر ومدينة كربلاء مركز اللّواء يقدسها المسلمون أجمع ، ويؤمها عبّر السّنّة الواحدة ملايين من النّاس في فترات ومناسبات مأثورة كيوم عرفة والأضحى ويوم عاشوراء والأربعين وأوّل رجب ونصفه ونصف شعبان وليالي القدر من رمضان والفطر وجميع ليالي الجمعة وغيرها وهي غنيّة بالفواكه والخضروات والمركز الثّاني لإصدار التّمور العراقيّة بعد البصرة الّتي هي المركز الأوّل واشتهرت بالصناعات اليدوية وزودت أخيرا بعده معامل عامّة أهليّة وحكومية كمعامل النسيج والألبان والمعلبات وغيرها.

٤٦١

وَشَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُرْشِدُوا إِلَى قَبْرِهِ وَيُضَيِّفُوا مَنْ زَارَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.

( كسل )

قوله تعالى ( وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى ) [ ٤ / ١٤٢ ] أي يتثاقلون.

والْكَسَلُ : التثاقل عن الأمر.

وقد كَسِلَ بالكسر كَسَلاً من باب تعب فهو كَسْلَانُ.

وقوم كُسَالَى ، وإن شئت كسرت اللام ، كما في الصحاري.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ ».

بالتحريك وهو التثاقل عما لا ينبغي التثاقل عنه.

ويكون ذلك لعدم انبعاث النفس للخير مع ظهور الاستطاعة فلا يكون معذورا ، بخلاف العاجز فإنه معذور لعدم القوة وفقد الاستطاعة.

وأَكْسَلَ الرجل في الجماع : إذا خالط أهله ولم ينزل.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا يَأْكُلُ الْجُنُبُ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ ، قَالَ إِنَّا لَنَكْسَلُ ».

قيل هو من الْكَسَلِ بالتحريك وهو العجز عن الشيء.

يقال تَكَاسَلْتُ عن الشيء : إذا تعاجزت عن فعله.

هذا هو الأصل.

وأما الحديث فمعناه على ما ذكر بعض الأفاضل : أنه كناية عن المخاطبين بقرينة المقام.

والمراد أنكم لتكسلون.

والتعبير بأمثال هذه العبارات في أمثال هذه المقامات شائع.

( كفل )

قوله تعالى أَكْفِلْنِيها [ ٣٨ / ٢٣ ] أي ضمها إلي واجعلني كافلا لها والقائم بأمرها وانزل أنت عنها.

قوله يَكْفُلُونَهُ [ ٢٨ / ١٢ ] أي يضمونه إليهم.

والْكِفْلُ : الضعف والحظ والنصيب.

ومنه قوله ( كِفْلٌ مِنْها ) [ ٤ / ٨٥ ] ( كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ ) [ ٥٧ / ٢٨ ] أي نصيبين منها.

وذو الْكِفْلِ قيل هو إلياس.

وقيل اليسع.

٤٦٢

وَقِيلَ إِنَّهُ نَبِيٌّ كَانَ بَعْدَ سُلَيْمَانَ يَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ كَقَضَاءِ دَاوُدَ ، وَلَمْ يَغْضَبْ دَاوُدُ إِلَّا لِلَّهِ.

وَقِيلَ لَمْ يَكُنْ نَبِيّاً وَلَكِنْ كَانَ عَبْداً صَالِحاً تَكَفَّلَ بِرَجُلٍ صَالِحٍ عَنْهُ.

وَقِيلَ يُقَالُ تَكَفَّلَ لِنَبِيٍّ بِقَوْمِهِ أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ فَفَعَلَ فَسُمِّيَ ذَا الْكِفْلِ.

وفِي بَعْضِ التَّوَارِيخِ : إِنَّهُ نَبِيٌّ بُعِثَ قَبْلَ عِيسَى عليه السلام سُمِّيَ بِذِي الْكِفْلِ لِأَنَّهُ كَفَلَ سَبْعِينَ نَبِيّاً وَنَجَّاهُمْ مِنَ الْعَذَابِ.

والْكَافِلُ : الذي يكفل إنسانا يعوله.

ومنه قوله تعالى ( وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا ) [ ٣ / ٣٧ ] قال الجوهري : وذكر الأخفش أنه قرئ أيضا وَكَفِلَها [ ٣ / ٣٧ ] بكسر الفاء.

فمن قرأ بالتخفيف قرأ ( زَكَرِيَّا ) مرفوعا أي ضمن القيام بأمرها.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ ».

إشارة إلى إصبعين : السبابة والوسطى.

والْكَافِلُ لليتيم : القائم بأمره المربي له وهو من الْكَفِيلِ : الضمين.

وَفِيهِ « لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْماً إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا » أي حظ ونصيب تكفل بأمره فيوفيه جزاء بما ارتكبه من الإثم وعقوبة ما سنه من القتل.

ويجوز أن يكون الْكِفْلُ بمعنى الكفيل.

والمراد منه أنه أقام كفيلا بفعله الذي سنه في الناس يسلمه إلى عذاب الله كما قيل من ظلم أقام كفيلا بظلمه.

وتَكَفَّلَ بالرزق أي ضمنه.

وكَفَلْتُ بالمال من باب قتل.

وحكي عن أبي زيد سماعا من العرب أنه من بابي تعب وقرب.

والْكَفَالَةُ : ضم ذمة إلى ذمة في حق المطالبة.

قاله في المغرب.

وإن شئت قلت الْكَفَالَةُ هي التعهد بالنفس.

وقد نهي عنها في الشرع.

فَفِي حَدِيثِ الصادق عليه السلام لِأَبِي الْعَبَّاسِ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ « مَا لَكَ

٤٦٣

وَالْكَفَالاتِ أَمَا عَلِمْتَ أَنَ الْكَفَالَةَ هِيَ الَّتِي أَهْلَكَتِ الْقُرُونَ الْأُولَى ».

وفِي حَدِيثٍ آخَرَ « الْكَفَالَةُ خَسَارَةٌ غَرَامَةٌ نَدَامَةٌ ».

والْكَفَلُ بالتحريك للدابة وغيرها.

( كلل )

قوله تعالى ( وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً ) [ ٤ / ١٢ ] الآية.

الْكَلَالَةُ قيل هم الوارثون الذين ليس فيهم ولد ولا والد فهو واقع على الميت وعلى الوارث بهذا الشرط.

وقيل الأب والابن طرفان للرجل فإذا مات ولم يخلفهما فقد مات عن ذهاب طرفيه فسمي ذهاب الطرفين كلالة.

وقيل كل ما احتف بالشيء من جوانبه فهو إِكْلِيلٌ وبه سميت لأن الوارث يحيطون به من جوانبه.

قيل في إعرابه إن « كلالة » صفة « رجل » أي من لا ولد له ولا والد خبر كان.

وهي في الأصل مصدر بمعنى الْكَلِ وهو الإعياء في التكلم ونقصان القوة ، واستعيرت للقرابة من غير جهة الولد والوالد لضعفها بالنسبة إلى القرابة من جهتهما.

وقال الشهيد الثاني رحمه‌الله : تسمى الإخوة كلالة من الْكَلِ وهو الثقل لكونها ثقلا على الرجل لقيامه بمصالحهم مع عدم التولد الذي يوجب مزيد الإقبال والخفة على النفس.

أو من الْإِكْلِيلِ وهو ما يزين بالجوهر شبه العصابة لإحاطتهم بالرجل كإحاطته بالرأس.

قوله ( كَلٌ عَلى مَوْلاهُ ) [ ١٦ / ٧٦ ] أي ثقل على وليه وقرابته.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَلْعُونٌ مَنْ أَلْقَى كَلَّهُ عَلَى النَّاسِ » أي ثقله.

والْكَلُ : الثقل.

والْكَلُ : العيال.

ومنه نحن « كَلٌ على آبائنا » أي نحن ثقل وعيال على من يلي أمرنا ويعولنا.

والْكَلُ : اليتم.

قال الشاعر :

أكول لمال الكل قبل شبابه

٤٦٤

إذا كان عظم الكل غير شديد

وكَلَلْتُ من المشي أَكِلُ كَلًّا وكَلَالَةً عييت.

وكذا البعير إذا أعيى.

وكَلَ السيف والرمح والطرف واللسان يَكِلُ كَلَالَةً وكُلُولاً.

وسيف كَلِيلُ الحد.

ورجل كَلِيلُ اللسان.

وطرف كَلِيلٌ : إذا لم يحقق المنظور إليه.

والْكَلِيلُ : البرق مبالغة كال.

وسحاب مُكَلَّلٌ أي ملمع بالبرق.

وكُلّ لفظ واحد ومعناه جمع فعلى هذا تقول : « كُلٌ حضر » و « كُلٌ حضروا » حملا على اللفظ مرة وعلى المعنى أخرى

وَقَوْلُهُ « كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ ».

روعي فيه جانب اللفظ كما في قوله ( كُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً ) [ ١٩ / ٩٥ ] وكل وبعض قال الجوهري هما معرفتان ولم يجئ العرب بالألف واللام ، وهو جائز لأن فيهما معنى الإضافة أضفت أم لم تضف.

والْكُلُ خلاف الجزء كما أن الْكُلِّيَ خلاف الجزئي.

وقد فرق بين الْكُلِ والْكُلِّيِ بوجوه : منها : أن الكل متقوم بأجزائه ، والكلي مقوم لجزئياته.

ومنها : أن الكل في الخارج والكلي في الذهن.

ومنها : أن أجزاء الكل تتناهى ، وجزئيات الكلى غير متناهية.

ومنها : أن الكل لا يحمل على أجزائه والكلي يحمل على جزئياته.

والْكِلَّةُ بالكسر : الستر يخاط كالبيت يتوقى به من البق.

والْإِكْلِيلُ جاء في الحديث وهو شبه عصابة مزين بالجوهر.

ويسمى التاج « إِكْلِيلٌ ».

ومنه جاء وعلى رأسه إكليل وأكاليل من الجنة.

والْكَلْكَلُ والْكَلْكَالُ : الصدر ، أو ما بين الترقوتين أو باطن الزور.

ومنه الْخَبَرُ « إِنَّ لِلَّهِ دِيكاً فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا كَلْكَلُهُ مِنَ الذَّهَبِ ».

٤٦٥

( كمل )

قوله تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) [ ٥ / ٣ ] الآية.

قال الشيخ أبو علي فيه أقوال : أحدها : أن معناه أكملت لكم فرائضي وحدودي وحلالي وحرامي بتنزيلي ما أنزلت وتبياني ما بينت لكم فلا زيادة في ذلك ولا نقصان منه بالنسخ بعد هذا اليوم ، وكان ذلك يوم عرفة تمام حجة الوداع.

قَالُوا وَلَمْ يَنْزِلْ بَعْدَ هَذِهِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه واله شَيْءٌ مِنَ الْفَرَائِضِ فِي تَحْلِيلٍ وَلَا تَحْرِيمٍ.

وأنه عليه السلام مَضَى بَعْدَ ذَلِكَ بِإِحْدَى وَثَمَانِينَ لَيْلَةً.

فإن اعترض معترض فقال أكان دين الله ناقصا وقتا من الأوقات حتى أتمه في ذلك اليوم.

فجوابه أن دين الله لم يكن إلا كاملا في كل حال لكن لما كان معرضا للنسخ والزيادة فيه وبنزول الوحي بتحليل شيء أو تحريمه لم يمتنع أن يوصف بالكمال إذا أمن جميع ذلك كما وصف العشرة بأنها كاملة ولا يلزم أن توصف بالنقصان لما كانت المائة أكثر منها وأكمل.

وثانيها : اليوم أكملت لكم حجتكم وأمر دينكم بالبلد الحرام تحجونه دون المشركين فلا يخالطكم مشرك.

وثالثها : اليوم كفيتكم خوف الأعداء وأظهرتكم عليهم ، كما تقول الآن كمل لنا الملك وكمل لنا ما نريد ، بأن كفانا ما كنا نخافه.

قال وَالْمَرْوِيُّ عَنِ الْإِمَامَيْنِ ( أَبِي جَعْفَرٍ ) وَ ( أَبِي عَبْدِ اللهِ ) عليها السلام أَنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ مَا نَصَبَ النَّبِيُّ صلى الله عليه واله عَلِيّاً عليه السلام عَلَماً لِلْأَنَامِ يَوْمَ الْغَدِيرِ بَعْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالا وَهُوَ آخِرُ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللهُ وَلَمْ يُنْزِلْ بَعْدَهَا فَرِيضَةً.

ثُمَّ نَزَّلَ ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ فَأَقَامَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله بِالْجُحْفَةِ فَلَمْ يُنْزِلْ بَعْدَهَا فَرِيضَةً.

وَكُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ مُصَغَّراً جَاءَ فِي الْحَدِيثِ ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَصْحَابِ أَمِيرِ

٤٦٦

الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام وَأَصْحَابِ سِرِّهِ.

وَكَانَ عَامِلَهُ عَلَى ( هِيتَ ) قَتَلَهُ الْحَجَّاجُ.

وَكَانَ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ.

وكَمَلَ الشيءُ كُمُولاً من باب قعد.

والاسم الكَمَالُ وهو التمام.

قال الجوهري : في كَملَ ثلاث لغات يعني في الحركات الثلاث ، والكسر أردؤها.

وأعطه المال كَمَلاً أي كله.

والتَّكْمِيلُ والإِكْمَالُ : الإتمام.

واسْتَكْمَلَهُ أي استتمه.

( كهل )

قوله تعالى ( وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً ) [ ٣ / ٤٦ ] أي ويكلمهم كهلا بالرسالة والوحي.

والكَهْلُ من الرجال : ما زاد على ثلاثين سنة إلى أربعين.

وقيل من ثلاثين إلى تمام الخمسين.

وقد اكْتَهَلَ الرجلُ وهو كَاهِلٌ : إذا بلغ الكهولة فصار كهلا.

وامرأة كَهْلَةٌ.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِنْ حَمَلْتَ النَّاسَ عَلَى كَاهِلِكَ أَوْشَكَ أَنْ يُصَدِّعُوا شَعَبَ كَاهِلِكَ ».

الكَاْهِلُ : ما بين الكتفين.

ومنه حَدِيثُ وَصْفِهِ صلى الله عليه واله « كَأَنَّ عُنُقَهُ إِلَى كَاهِلِهِ إِبْرِيقُ فِضَّةٍ ».

والمعنى (١) أنك لا تطيق ذلك.

والكلام استعارة.

وكَاهِلٌ : أبو قبيلة من أسد وهو كَاهِلُ بنُ أسد بن خزيمة.

وهم قتلة أبي امرئ القيس ـ قاله الجوهري.

ومسجد بني كَاهِلٍ بالكوفة ، والآن غير معروف.

( كيل )

قوله تعالى ( فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ ) [ ١٢ / ٨٨ ] الكَيْلُ : المكيال.

والكَيْلُ مصدر كِلْتُ الطعامَ كَيْلاً ومَكِيلاً ومَكَالاً أيضا.

وهو شاذ لأن المصدر من فعل يفعل مفعل بكسر العين ـ قاله الجوهري.

و ( كَيْلَ بَعِيرٍ ) [ ١٢ / ٦٥ ] حمل

__________________

(١) أي معنى حديث « إن حملت الناس على كاهلك » .. إلخ.

٤٦٧

بعير.

قوله ( وَإِذا كالُوهُمْ ) [ ٨٣ / ٣ ] أي كالوا لهم.

يقال كِلْتُهُ وكِلْتُ له.

والكِيْلَةُ بالكسر كالجلسة والركبة.

ومن أمثالهم « أَحَشَفاً وَسُوءَ كِيلَةٍ » أي أتجمع بين أن تعطيني حشفا وأن تسيء الكيل.

واكْتَلْتُ عليه أي أخذت منه.

وكِيلَ الطعام على ما لم يسم فاعله.

وطعام مَكِيلٌ ومَكْيُولٌ مثل مخيط ومخيوط.

باب ما أوله اللام

( ليل )

قوله تعالى ( قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ ) [ ٧٣ / ٢ ] المعنى على ما قيل : قم إلى الصلاة.

والاستثناء من الليل و ( نِصْفَهُ ) بدل من ( قَلِيلاً ).

أو بدل من ( اللَّيْلَ ).

والاستثناء يكون من النصف.

والضمير في منه وعليه للأقل من النصف كالثلث فيكون التخيير بينه وبين الأقل منه كالربع وأكثر منه كالنصف.

وقيل الاستثناء من الليالي وهي ليالي العذر كالمرض ونحوه.

ولَيْلٌ أَلْيَلُ : شديد الظلمة.

ولَيْلٌ لَائِلٌ مثل شعر شاعر في التوكيد.

ولَيْلَى الأخيلية : الشاعرة المشهورة كانت في زمن مروان بن الحكم.

٤٦٨

باب ما أوله الميم

( متل )

الحسن بن مَتِّيلٍ بالميم المفتوحة من رواة الحديث.

ووجه من وجوه الأصحاب كثير الرواية ، له كتاب.

( مثل )

قوله تعالى ( إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ ) [ ٤٣ / ٥٩ ] أي ما عيسى إلا عبد كسائر العبيد أنعمنا عليه حيث جعلناه آية بأن خلقناه من غير سبب كما خلقنا آدم وشرفناه بالنبوة ، وصيرناه عبرة عجيبة كالمثل السائر لبني إسرائيل ـ كذا ذكر الشيخ أبو علي.

والمَثَلُ بالتحريك : عبارة عن قول في شيء يشبه قولا في شيء آخر بينهما مشابهة ليبين أحدهما الآخر ويصوره ويدني المتوهم من المشاهد.

وإن شئت قلت هو عبارة عن المشابهة بغيره في معنى من المعاني ، وإنه لإدناء المتوهم من المشاهد.

كقوله تعالى ( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً ) [ ٢ / ١٧ ] الآية.

والعرب قد تسمي الصفة والقصة الرائقة لاستحسانها أو لاستغرابها ( مَثَلاً ) فتشبه ببعض الأمثال لكونها مستحسنة.

كقوله تعالى ( يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ) [ ٢٢ / ٧٣ ].

وقد يرد المَثَلُ إلى أصله الذي كان عليه من الصفة ، فيقال هذا مَثَلُكَ أي صفتك.

قال تعالى ( إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا ) [ ١٠ / ٢٤ ] الآية.

وقال ( مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ ) [ ٤٨ / ٢٩ ] أي صفتهم فيها.

وقال ( مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ) [ ١٣ / ٣٥ ].

( وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا ) [ ١٤ / ١٨ ].

٤٦٩

وقال ( لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ ) [ ١٦ / ٦٠ ] أي الصفة الذميمة

وقال ( لِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى ) [ ١٦ / ٦٠ ] وفسر بالتوحيد والخلق والأمر ونفي كل إله سواه.

وترجم عن هذا كله بقوله ( لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ) [ ٢ / ٢٥٥ ].

قوله ( وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ) [ ٤٣ / ١٧ ] أي بالجنس الذي جعله له مَثَلاً أي شبيها ، لأنه إذا جعل الملائكة جزء له وبعضا منه فقد جعله من جنسه ومماثلا له ، لأن الولد إنما يكون من جنس الوالد.

قوله ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) [ ٤٢ / ١١ ] أي كهو.

والعرب تقيم المثل مقام النفس.

قوله ( وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ ) [ ٢١ / ٨٤ ] أي شبههم يعني أن الله عزوجل أحيى من مات من ولد أيوب ورزقه مثلهم.

قوله ( وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ ) [ ١٣ / ٦ ] يعني عقوبات أمثالهم من المكذبين.

يقال المَثُلَاتُ : الأشباه ، والأمثال مما يعتبر به.

قوله ( أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً ) [ ٢٠ / ١٠٤ ] أي أعدلهم قولا عند نفسه.

قوله ( بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى ) [ ٢٠ / ٦٣ ] هي تأنيث الأمثل كالقصوى تأنيث الأقصى قوله ( مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ ) [ ٣٤ / ١٣ ] قيل إنها صور الأنبياء عليهم السلام.

وقيل كانت غير صور الحيوان كصور الأشجار وغيرها.

وقيل إنهم عملوا له أسدين في أسفل كرسيه ونسرين من فوقه فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان ذراعيهما وإذا قعد ظلله النسران بأجنحتهما من الشمس.

والتِّمْثَالُ والجمع التَّمَاثِيلُ.

قوله ( ما هذِهِ التَّماثِيلُ ) [ ٢١ / ٥٢ ] أي ما هذه الأصنام.

ومَثَّلْتُ له تَمْثِيلاً : إذا صورت له مثاله بالكتابة وغيرها.

وَمِنْهُ « الْعَبْدُ إِذَا كَانَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ وَعَمَلُهُ ».

يقرأ على ما قيل : بالبناء للمفعول

٤٧٠

وتشديد الثاء أي صور له كل واحد من الثلاثة بصورة مثالية يخاطبها وتخاطبه.

وفيه إشعار بتجسم الأعراض كما هو المشهور بين المحققين.

ويجوز أن يراد بالتَّمْثِيلِ حضور هذه الثلاثة بالبال ، وحضور صورها في الخيال وحينئذ تكون المخاطبة بلسان الحال الذي هو أفصح من لسان المقال.

وَفِيهِ « إِذَا بُعِثَ الْمُؤْمِنُ مِنْ قَبْرِهِ خَرَجَ مَعَهُ مِثَالٌ يَقْدُمُهُ أَمَامَهُ ، فَيَقُولُ لَهُ الْمُؤْمِنُ مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ : أَنَا السُّرُورُ الَّذِي كُنْتَ أَدْخَلْتَهُ عَلَى أَخِيكَ الْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا ».

وَفِيهِ « مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَمْثُلَ لَهُ النَّاسُ قِيَاماً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ » أي يقومون له وهو جالس.

يقال مَثَلَ الرجلُ يَمْثُلُ مُثُولاً : إذا انتصب قائما.

قيل وإنما نهى عنه لأنه من زي الأعاجم ، ولأنه الباعث على الكبر وإذلال الناس.

وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ الْخَوْفِ « ثُمَّ يَقُومُ فَيَقُومُونَ فَيَمْثُلُ قَائِماً ».

أي ينتصب قائما يقال مَثَلَ بين يديه مُثُولاً أي انتصب قائما بين يديه.

والمِثْلُ بكسر الميم : الشبه.

يقال مِثْلُهُ بالسكون ومَثَلُهُ بالتحريك كما يقال شبهه وشبهه.

و « مِثْلَا ما على الحشفة » أي شبهها مرتين.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام فِي قِصَّةِ ذِي الْقَرْنَيْنِ « وَفِيكُمْ مِثْلُهُ » أي شبهه ونظيره وإنما عنى نفسه لأنه ضرب على رأسه ضربتين ، واحدة يوم الخندق والأخرى ضربة ابن ملجم.

والأَمْثَلُ : الأفضل والأشرف والأعلى يقال هو أَمْثَلُ قومِهِ أي أفضلهم.

وهؤلاء أَمَاثِلُ القومِ أي خيارهم.

ومنه الْحَدِيثُ « أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ ».

وَفِي حَدِيثِ كُمَيْلٍ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام « يَا كُمَيْلُ مَاتَ خُزَّانُ الْأَمْوَالِ وَالْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ ، أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ وَأَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ ».

٤٧١

قال بعض الشارحين : الأَمْثَالُ جمع مَثَلٍ بالتحريك وهو في الأصل بمعنى النظير.

ثم استعمل في القول السائر الممثل الذي له شأن وغرابة.

وهذا هو المراد بِقَوْلِهِ عليه السلام وَأَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ أي حكمهم ومواعظهم محفوظة عند أهلها يعملون بها ويهتدون بمنارها.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَنْ مَثَّلَ مِثَالاً خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ ».

وقد مر الكلام فيه في ( جدد ).

وتَمَثَّلَ بقول الشاعر أي استشهد.

( مجل )

فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ عليها السلام « طَحَنَتْ بِالرَّحَا حَتَّى مَجَلَتْ يَدَاهَا ».

هو من قولهم مَجلَتْ يدُهُ كنصر وفرح تَمْجَلُ مَجْلاً : إذا ثخن جلدها وتعجز وظهر فيها ما يشبه البثر من العمل بالأشياء الصلبة الخشنة.

( محل )

قوله تعالى ( شَدِيدُ الْمِحالِ ) [ ١٣ / ١٣ ] أي شديد العقوبة والنكال.

ويقال المكر والكيد.

وقيل القوة والشدة.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَنْ مَحَلَ بِهِ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَدَقَ » أي صدق به يقال مَحَلَ فلان بفلان إذا قال عليه قولا يوقعه في مكروه وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ « فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ الْمُبْطِلُونَ وَيَضْمَحِلُ الْمُمْحِلُونَ » أي الحاكمون بمحالية المعاد الجسماني.

وَفِيهِ « إِنَّ هَذَا لَمُحَالٌ ».

بضم الميم وجدناه في كتب اللغة معربا.

وقولهم ما أَمْحَلَ هذا : إنكار لوقوعه ولا مَحَالَةَ بفتح الميم أي لا بد له من ذلك ولا تحول عنه.

قيل في إعرابه : لا محالة مصدر بمعنى التحول من حال إلى كذا أي تحول إليه ، وخبر لا محذوف أي لا محالة موجود

وَفِي الْحَدِيثِ « يَأْتِي زَمَانٌ لَا يُقَرَّبُ فِيهِ إِلَّا الْمَاحِلُ ».

هو الذي يسعى بالنميمة إلى الملوك.

والْمَحْلُ الكيد.

وروي « الماجر » يعني المكذب المستهزئ اللاعب.

٤٧٢

والْمَحْلُ : الشدة والجدب وانقطاع المطر ويبس الأرض من الكلإ.

ومَحِلَ البلد مَحَلاً من باب تعب وأَمْحَلَ البلد فهو مَاحِلٌ ، ولم يقولوا ممحل وربما جاء في الشعر.

والْمُمَاحَلَةُ : المكايدة.

وتَمَحَّلَ أي احتال فهو مُتَمَحِّلٌ.

والْمَحَالَةُ هي البكرة العظيمة التي يستقى بها.

ومنه حَدِيثُ قَطْعِ شَجَرِ الْحَرَمِ « رُخِّصَ فِي قَطْعِ الْإِذْخِرِ وَعُودَيِ الْمَحَالَةِ ».

( مسل )

الْمُسْلى : قبيلة من مذحج ، وقد تقدم

( مصل )

الْمَصْلُ معروف.

ومَصَلَ الأقط : عمله.

وهو أن يجعله في وعاء من خوص وغيره حتى يقطر ماؤه ، والذي يسيل منه الْمُصَالَةُ.

( مطل )

فِي الْحَدِيثِ « مَنْ مَطَلَ عَلَى ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَكَذَا ».

الْمَطْلُ : اللي والتسويف والتعلل في أداء الحق وتأخيره من وقت إلى وقت.

والحق يشمل المالي وغيره.

وَفِي حَدِيثِ كُثَيِّرِ عَزَّةَ : وَعَزَّةُ مَمْطُولٌ.

معنى غريمها.

والمراد وعزة غريمها ممطول وقد مر القول فيه.

ومَطَلْتُ الحديدة من باب قتل مددتها وطولتها.

وكل ممدود مَمْطُولٌ.

ومنه مَطَلَهُ بدينه.

( مقل )

فِي الْحَدِيثِ « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَظْهَرَ مِنْ آثَارِ سُلْطَانِهِ وَجَلَالِ كِبْرِيَائِهِ مَا حَيَّرَ بِهِ مُقَلَ الْعُقُولِ ».

الْمُقَلُ جمع مُقْلَةٍ كغرفة ، وهي شحمة العين التي تجمع سوادها وبياضها تستعار لقوة العقل باعتبار إدراكها والْمَقْلَةُ بفتح الميم وسكون القاف حصاة يقسم بها الماء عند قلته يعرف بها مقدار ما يسقي كل شخص.

وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام « لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا سَمَلَةٌ كَسَمَلَةِ الْإِدْاوَةِ

٤٧٣

أَوْ جُرْعَةٌ كَجُرْعَةِ الْمَقْلَة ِ(١) ».

والمعنى لم يبق من الدنيا إلا القليل ومَقَلْتُ الشيء مَقْلاً : غمسته في الماء.

ومنه الْخَبَرُ « إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي الطَّعَامِ فَامْقُلُوهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ سَمّاً وَفِي الْآخَرِ الشِّفَاءَ وَإِنَّهُ يُقَدِّمُ السَّمَّ وَيُؤَخِّرُ الشِّفَاءَ ».

( ملل )

قوله تعالى ( ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ ) [ ٣٨ / ٧ ] أي ما سمعنا بقوله في التوحيد في الملة التي أدركنا عليها آباءنا في ملة عيسى التي هي آخر الملل فإن النصارى مثلثون غير موحدين.

والْمِلَّةُ في الأصل : ما شرع الله لعباده على ألسنة الأنبياء ليتوصلوا به إلى جوار الله.

ويستعمل في جملة الشرائع دون آحادها ولا يكاد توجد مضافة إلى الله ولا إلى آحاد أمة النبي صلى الله عليه وآله.

بل يقال ملة محمد صلى الله عليه وآله.

ثم إنها اتسعت فاستعملت في الملل الباطلة.

قوله ( مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ ) [ ٢٢ / ٧٨ ] أي دينه.

قوله ( وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ ) [ ٢ / ٢٨٢ ] أي يكن المملي من عليه الحق لأنه المقر المشهود عليه.

والْإِمْلَالُ والإملاء بمعنى واحد.

والْمِلَّةُ : الدين.

ومنه الْحَدِيثُ « فَرَضَ اللهُ الطَّاعَةَ نِظَاماً لِلْمِلَّةِ » أي الدين والشريعة.

وَفِي الْخَبَرِ « إِنَّ اللهَ لَا يَمَلُ حَتَّى تَمَلُّوا » أي حتى تسأموا وتضجروا.

قال بعض الشارحين : إن العرب تفعل ذلك في معارضة الفعل بالفعل فتذكر إحدى اللفظتين موافقة للأخرى وإن خالفت معناها.

وله نظائر في التنزيل نحو ( يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ ) [ ٤ / ١٤٢ ] ( فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ ) [ ٩ / ٧٩ ] ( جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها ) [ ٤٢ / ٤٠ ] ( نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ ) [ ٩ / ٦٧ ].

ومعنى الخبر لا يعرض الله عن العبد إعراض الملوك عن الشيء حتى يمل عن القيام بطاعة الله ويمتحن بالإعراض عن

__________________

(١) نهج البلاغة ١ / ٩٧.

٤٧٤

خدمته.

ومَلَلْتُهُ ومَلَلْتُ منه مَلَلاً من باب تعب ومَلَالَةً : سئمت وضجرت.

والفاعل مَلُولٌ ويتعدى إلى ثان بالهمزة فيقال أَمْلَلْتُهُ الشيء.

ومَلَلْتُ الخبز واللحم في النار مَلًّا من باب قتل.

وتَمَلْمَلَ : تقلب.

ومنه تَمَلْمَلَتْ شفتاه أي تقلبت.

والتَّمَلْمُلُ : التقلقل من الألم.

ومنه الْحَدِيثُ « يَتَمَلْمَلُ تَمَلْمُلَ السَّلِيمِ ».

والسَّلِيمُ : الملسوع.

ومنه حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ الحسين عليه السلام كَانَ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي مُتَعَلِّقاً بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَهُوَ يَتَمَلْمَلُ ، وَيَقُولُ :

يَا ذَا الْمَعَالِي عَلَيْكَ مُعْتَمَدِي

طُوبَى لِعَبْدٍ تَكُونُ مَوْلَاهُ

طُوبَى لِمَنْ بَاتَ خَائِفاً وَجِلاً

يَشْكُو إِلَى ذِي الْجَلَالِ بَلْوَاهُ

إِذَا خَلَا فِي الظَّلَامِ مُبْتَهِلاً

أَكْرَمَهُ رَبُّهُ وَلَبَّاهُ

نُقِلَ أَنَّ هَاتِفاً أَجَابَهُ يَقُولُ :

لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ أَنْتَ فِي كَنَفِي

وَكُلَّمَا قُلْتَ قَدْ سَمِعْنَاهُ

صَوْتُكَ تَشْتَاقُهُ مَلَائِكَتِي

وَعُذْرُكَ الْيَوْمَ قَدْ قَبِلْنَاهُ

اسْأَلْ بِلَا دَهْشَةٍ وَلَا وَجَلٍ

وَلَا تَخَفْ إِنَّنِي أَنَا اللهُ.

( مول )

قوله تعالى ( وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ ) [ ٢٤ / ٣٣ ] قيل هو الزكاة لأنه المتبادر إلى الفهم أو المال مطلقا لأن الله هو المالك لجميع الأشياء ونحن المنتفعون خاصة.

وهل الأمر للوجوب أو الاستحباب قيل بالأول ، لأن الأمر حقيقة في الوجوب وقيل بالثاني لأصالة البراءة منه.

وَفِي الْحَدِيثِ « نَهَى عَنْ إِضَاعَةَ الْمَالِ ».

الْمَالُ في الأصل : الملك من الذهب والفضة ثم أطلق على كل ما يقتنى ويملك من الأعيان.

وأكثر ما يطلق عند العرب على الإبل لأنها كانت أكثر أموالهم.

ومَالَ الرجل وتَمَوَّلَ : إذا صار ذا مال

٤٧٥

ورجل مُمِيلٌ ـ بميمين ـ أي صاحب ثروة ومال كثير.

وسمي الْمَالُ مالا لأنه مال بالناس عن طاعة الله.

( مهل )

قوله تعالى ( يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ) [ ١٨ / ٢٩ ] قيل الْمُهْلُ دردي الزيت.

ويقال : ما أذيب من النحاس والرصاص وأشباه ذلك.

ويقال القيح والصديد.

وفي الكشاف الْمُهْلُ : ما أذيب من جواهر الأرض.

وقيل دردي الزيت يشوي الوجوه إذا قدم ليشرب من حرارته.

وَعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه واله كَعَكَرِ الزَّيْتِ فَإِذَا قُرِّبَ إِلَيْهِ سَقَطَتْ فَرْوَةُ وَجْهِهِ.

والْإِمْهَالُ والتَّمَهُّلُ : الإنظار.

والاسم منه الْمُهْلَةُ.

ومَهَلْتُهُ : أنظرته.

ومنه قوله تعالى ( أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً ) [ ٨٦ / ١٧ ].

وَفِي الدُّعَاءِ « وَمَهِّلْنِي وَنَفْسِي ».

ومَهْلاً يقال للواحد والاثنين والجماعة والمؤنث بلفظ واحد.

والِاسْتِمْهَالُ : الاستنظار.

وتَمَهَّلَ في أمره أي اتأد.

( ميل )

قوله تعالى ( فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً ) [ ٤ / ١٠٢ ] أي يشدون عليكم شدة واحدة.

والْمِيلُ بالكسر : بنيان ذو علو.

والْمِيلُ أيضا مسافة مقدرة بمد البصر.

أو بأربعة آلاف ذراع ، بناء على أن الفرسخ : اثنا عشر ألف ذراع.

وفي المغرب في كلام العرب مقدر بمد البصر في الأرض.

وكل ثلاثة أميال فرسخ.

ومِيلُ الكحل معروف.

وقد يتوسع فيه.

والْمَيْلُ بالفتح فالسكون : الميلان بالتحريك.

يقال مَالَ الشيء يَمِيلُ مَيْلاً وأَمَالَ عليه في الظلم.

٤٧٦

والْمَيَلُ بالتحريك : ما كان خلقة وسمي المال مالا لأنه يميل من هذا إلى ذاك ومن ذاك إلى هذا.

باب ما أوله النون

( نبل )

فِي الْخَبَرِ « اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ وَأَعِدُّوا النُّبَلَ ».

يعني حجارة الاستنجاء.

قال في الصحاح والمحدثون يقولون النبل والنَّبْلُ كفلس : السهام العربية.

وهي مؤنثة ولا واحد لها من لفظها فلا يقال نَبْلَةٌ وإنما يقال سهم ونشابة وقد جمعوها على نِبَالٍ وأَنْبَالٍ.

والنَّبَّالُ بالتشديد : صاحب النبل.

والنَّابِلُ : الحاذق في الأمر.

يقال فلان نَابِلٌ أي حاذق بأموره.

ومنه الْحَدِيثُ « مَنْ كَثُرَ حِلْمُهُ نَبُلَ ».

يقال نَبُلَ بالضم فهو نَبِيلٌ والجمع نُبَلٌ مثل كريم وكرم.

( نثل )

فِي حَدِيثِ الشِّقْشِقِيَّةِ فِي أَمْرِ الْخِلَافَةِ « إِلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ الْقَوْمِ » يعني به عثمان

« نَافِجاً حِضْنَيْهِ بَيْنَ نَثِيلِهِ وَمُعْتَلَفِهِ وَقَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ » الحديث.

قال بعض الشارحين : الحضن : الجانب والنفج : كالنفخ.

والنَّثِيلُ : الروث.

والمعتلف : ما يعتلف به من المأكول وكنى بذلك عن أنه لم يكن همه إلا التوسع في بيت المال ، والاشتغال بالتنعم بالمآكل والمشارب ، ملاحظا في ذلك تشبيهه بالبعير أو الفرس المكرم.

وبنو أبيه بنو أمية.

وَفِيهِ « وَمَا رَاعَنِي إِلَّا وَالنَّاسُ إِلَيَّ كَعُرْفِ الضَّبُعِ يَنْثَالُونَ عَلَيَّ » أي يتتابعون ويتزاحمون.

وتَنَاثَلَ الناس : انصبوا.

ونَثِيلَةُ : كانت أمة لأم الزبير ، ولأبي طالب ، وعبد الله.

٤٧٧

( نجل )

الْإِنْجِيلُ : كتاب عيسى بن مريم عليه السلام يذكر ويؤنث ، فمن أنث أراد الصحيفة ، ومن ذكر أراد الكتاب.

قيل هو إفعيل من النَّجْلِ وهو الأصل والْإِنْجِيلُ أصل العلوم والحكم.

وقيل هو من نَجَلْتُ الشيء : إذا استخرجته.

والْإِنْجِيلُ مستخرج به علوم وحكم.

والنَّجْلُ : النسل.

ونَجَلَهُ أبوه أي ولده.

والنَّجَلُ بالتحريك : سعة شق العين والرجل أَنْجَلُ.

والعين نَجْلَاءُ.

والجمع نُجْلٌ ـ قاله الجوهري.

والْمِنْجَلُ بكسر الميم : ما يحصد به الزرع.

( نحل )

قوله تعالى ( وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَ نِحْلَةً ) [ ٤ / ٤ ] أي هبة يعني أن المهور هبة من الله تعالى للنساء ، وفريضة عليكم يقال نَحَلَهُ أي أعطاه ووهبه من طيب نفس بلا توقع عوض.

قوله ( وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ) [ ١٦ / ٦٨ ] الآية النَّحْلُ كفلس : ذباب العسل ، الواحدة نَحْلَةٌ كنخلة ، سميت نَحْلَةً لأن الله تعالى نحل الناس العسل الذي يخرج منها ، إذ النَّحْلَةُ : العطية.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا بَأْسَ بِقَتْلِ النَّحْلِ فِي الْحَرَمِ ».

وفِيهِ « نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله عَنْ قَتْلِ سِتَّةٍ ـ وَعَدَّ مِنْهَا النَّحْلَةَ لِأَنَّهَا تَأْكُلُ طَيِّباً وَتَضَعُ طَيِّباً ، وَهِيَ الَّتِي أَوْحَى اللهُ إِلَيْهَا لَيْسَتْ مِنَ الْجِنِّ وَلَا مِنَ الْإِنْسِ ».

ومن ألقاب علي عليه السلام « أمير النَّحْلِ ».

والقصة في ذلك مشهورة.

والِانْتِحَالُ : ادعاء قول أو شعر يكون قائله غيره.

وانْتَحَلَ فلان شعر غيره وتَنَحَّلَهُ : إذا ادعاه لنفسه.

وفلان يَنْتَحِلُ مذهب كذا وقبيلة كذا : إذا انتسب إليها.

٤٧٨

وتقول العرب نَحَلْتُهُ القول أَنْحَلُهُ نَحْلاً بالفتح : إذا أضفت إليه قولا قاله غيره ، وادعيته عليه.

والنِّحْلَةُ هي النسبة بالباطل.

ومنه انْتِحَالُ المبطلين.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « انْتَحَلْتُمُ اسْمَهُ » يعني سميتم بأمير المؤمنين عليه السلام.

وهو من خواصه عليه السلام دون غيره.

وَفِي حَدِيثِ مُوسَى عليه السلام فِي الرِّضَا عليه السلام « أَمَا إِنِّي قَدْ نَحَلْتُهُ كُنْيَتِي » أي أعطيته إياها فلذا كان يكنى بأبي الحسن الثاني.

والنُّحُولُ : الهزال.

وقد نَحَلَ جسمه.

وأَنْحَلَهُ الهم.

ونَحِلَ جسمه بالكسر أيضا نُحُولاً.

قال الجوهري والفتح أفصح.

( نخل )

قوله تعالى ( وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ ) [ ٥٥ / ١١ ] النَّخْلُ والنَّخِيلُ بمعنى.

والواحدة نَخْلَةٌ.

وتسمى العجوة.

وَفِي الْخَبَرِ « أَكْرِمُوا عَمَّاتِكُمُ النَّخِيلَ » سماها عمة للمشاكلة في أنها إذا قطعت يبست كما إذا قطع رأس الإنسان مات.

وقيل لأن النخل خلق من فضلة طينة آدم.

ونَخَلْتُ الدقيق : غربلته.

والنُّخَالَةُ بالضم : ما يخرج منه.

والْمُنْخُلُ ما ينخل به الدقيق.

قال الجوهري وهو أحد ما جاء من الأدوات على مفعل بالضم.

والْمُنْخَلُ بفتح الخاء لغة.

وبطن نَخْلٍ بين مكة والطائف.

والْمُنَخَّلُ بفتح الخاء مشددا : اسم شاعر ـ قاله الجوهري.

والْمُنَخَّلُ أيضا اسم رجل من رواة الحديث.

( ندل )

فِي الْحَدِيثِ « تَوَضَّأَ وَتَمَنْدَلَ » أي تمسح به.

٤٧٩

والْمِنْدِيلُ معروف.

يقال تَنَدَّلْتُ بالمنديل وتَمَنْدَلْتُ.

قال الجوهري وأنكر الكسائي تمندلت.

والْمَنْدَلِيُ عطر ينسب إلى بلد من بلاد الهند.

( نذل )

فِي الْحَدِيثِ « مُجَالَسَةُ الْأَنْذَالِ تُمِيتُ الْقُلُوبَ » الْأَنْذَالُ جمع نَذْلٍ.

والنَّذْلُ : الخسيس المحتقر في جميع أحواله.

ومنه الْحَدِيثُ « مَنْ خَالَطَ الْأَنْذَالَ حَقُرَ ».

وقد نَذُلَ بالضم فهو نَذْلٌ ونَذِيلٌ أي خسيس.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِذَا ارْتَحَلَ الضَّيْفُ فَلَا تُعِينُوهُ فَإِنَّهُ مِنَ النَّذَالَةِ » أي الخساسة

( نزل )

قوله تعالى ( نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ ) [ ٣ / ١٩٨ ] أي جزاء وثوابا.

ومثله قوله ( نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ) [ ٤١ / ٣٢ ].

قوله ( وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ ) [ ٥٧ / ٢٥ ] أي خلقناه وأنشأناه.

كقوله تعالى ( وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ) [ ٣٩ / ٦ ] وذلك أن أوامره تعالى تنزل من السماء إلى الأرض.

وَعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه واله « إِنَّ اللهَ أَنْزَلَ أَرْبَعَ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ أَنْزَلَ الْحَدِيدَ وَالْمَاءَ وَالنَّارَ وَالْمِلْحَ ».

قوله ( لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ ) [ ٥٩ / ٢١ ] قيل إن الغرض منه توبيخ القارئ على عدم تخشعه عند قراءة القرآن لقساوة قلبه وقلة تدبر معانيه.

قوله ( أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها ) [ ١٣ / ١٧ ] الآية قال المفسر هذا مثل ضربه الله للحق وأهله والباطل وأهله وشبه الحق وأهله بالماء الذي ينزله من السماء وتسيل به الأودية التي ينتفع بها الناس أنواع المنافع وبالفلز الذي ينتفعون به في صوغ الحلي منه واتخاذ الأواني والآلات المختلفة.

ولو لم يكن إلا الحديد الذي فيه

٤٨٠