مجمع البحرين - ج ٥

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٥

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٤

تحرى الدين المستقيم.

والحَنَفُ محركة : الاستقامة.

ومنهقَوْلُهُ « دَيْنُ مُحَمَّدٍ حَنِيفٌ ». أي مستقيم لا عوج فيه.

و « الحَنِيفُ » عند العرب من كان على دين إبراهيم عليه السلام ، وأصل الحَنَفُ الميل ، ومنه « بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ السَّهْلَةِ ».

أي المستقيمة المائلة عن الباطل إلى الحق.

ومثله « أَحَبُّ دِينِكُمْ إِلَى اللهِ الْحَنِيفِيَّةُ ». أي الطريقة الحنيفية التي لا ضيق فيها قوله : ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً ) [ ٣٠ / ٣٠ ] قال : أمره أن يقيم وجهه للقبلة ليس فيه شيء من عبادة الأوثان خالصا مخلصا (١).

قوله : ( حُنَفاءَ ) [ ٢٢ / ٣١ ] يعني مائلين عن جميع الأديان إلى دين الإسلام مسلمين مؤمنين بالرسل كلهم.

وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِ « خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ ». أي مستعدين لقبول الحق ، وهو في معنى « كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ». وقيل أي طاهري الأعضاء من المعاصي ، لا أنهم خلقهم مسلمين كلهم ، لقوله تعالى ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ ) وقيل خلقهم حنفاء مؤمنين لما أخذ عليهم الميثاق بقوله ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى ) فلا يوجد أحد إلا وهو مقر بأن له ربا وإن أشرك به.

وَفِي الْحَدِيثِ « السِّوَاكُ مِنَ الْحَنِيفِيَّةِ ».

أي من السنن الحنيفية ، وهي عشر سنن ـ الحديث. وتَحَنَّفَ الرجل : عمل بالحنيفية.

وحَنِيفَةُ أبو حي من العرب ، وهو حَنِيفَةُ بن لجيم بن صعب بن بكر بن وائل.

و « أبو حَنِيفَةِ » سائق الحاج (٢)

__________________

(١) هذا التفسير في حديث عن الإمام الصادق عليه السلام ـ انظر البرهان ج ٣ ص ٢٦٢.

(٢) قال في الكنى والألقاب ج ١ ص ٥٤ : سايق الحاج بالمثناة التحتانية قبل القاف أي أمير الحاج في كل سنة من الكوفة إلى مكة ، وقيل بالموحدة مكان المثناة أي يسبقهم بوصول مكة أو الكوفة.

٤١

اسمه سعيد بن بيان وثقه النجاشي وضعفه غيره.

و « أبو حَنِيفَةِ » النعمان بن ثابت المعروف (١).

وأولاد الأَحْنَافِ : هم الإخوة من أم واحدة وآباء متعددة

( حيف )

فِي الْحَدِيثِ « إِنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نَشْهَدُ عَلَى الْحَيْفِ ». يعني على الظلم والجور ، كان يشهدوا على من يبخل بعض أولاده دون بعض أو على من يطلق لغير السنة أو على الربا. ونحو ذلك.

والحَائِفُ في حكمه : الجائر فيه.

وقد حَافَ يَحِيفُ : أي جار ، ومنه « الحَيْفُ في الوصية من الكبائر » وقد فسر بالوصية بالثلث ، ولعله يريد المبالغة.

وَفِي الدُّعَاءِ « لَا يَطْمَعُ شَرِيفٌ فِي حَيْفِكَ ».

أي في مهلك معه لشرفه.

باب ما أوله الخاء

( خذف )

قد جاء خَذْفُ الحصى في الحديث ، والمشهور في تفسيره أن تضع الحصاة على بطن إبهام يدك اليمنى وتدفعها بظفر السبابة ، وهو من باب ضرب.

وفي الصحاح الخَذْفُ بالحصى الرمي بها بالإصبع.

وَفِي رِوَايَةِ الْبَزَنْطِيِّ عَنْ الْكَاظِمِ عليه السلام « تَخْذِفُهُنَ خَذْفاً وَتَضَعُهَا عَلَى الْإِبْهَامِ وَتَدْفَعُهَا بِظُفُرِ السَّبَّابَةِ » (٢).

__________________

(١) النعمان بن ثابت بن زوطي بن ماه مولى تيم الله بن ثعلبة ، أحد الأئمة الأربعة للمذاهب السنية ، ولد سنة ٨٠ وقيل ٦١ ، وتوفي سنة ١٥٠ وقيل ١٥٣ ـ انظر وفيات الأعيان ج ٥ ص ٣٩ ـ ٤٧.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٤٧٨.

٤٢

وفي المصباح : « خَذَفْتُ الحصاة خَذْفاً » رميتها بطرفي الإبهام والسبابة.

( خرف )

فِي الْحَدِيثِ « فُقَرَاءُ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفاً ». الخَرِيفُ الزمان المعروف من فصول السنة ما بين الصيف والشتاء ، وهو بحساب المنجمين أحد وتسعون يوما وثمن ، وهو نصف آب وأيلول وتشرين الأول ونصف تشرين الثاني ، قيل والمراد من قَوْلُهُ عليه السلام « بِأَرْبَعِينَ خَرِيفاً ». أربعون سنة ، لأن الخَرِيفَ لا يكون في السنة إلا مرة واحدة ، فإذا انقضى أربعون خريفا فقد مضت أربعون سنة.

وفي معاني الأخبار الخَرِيفُ سبعون سنة (١).

وفي مواضع من كتب الحديث الخَرِيفُ ألف عام والعام ألف سنة.

وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ « قُلْتُ : مَا الْخَرِيفُ جُعِلْتُ فِدَاكَ؟ قَالَ : زَاوِيَةٌ فِي الْجَنَّةِ يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِيهَا أَرْبَعِينَ عَاماً » (٢). والجميع محتمل.

وقَوْلُهُ « مِنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ اللهِ بَاعَدَهُ اللهُ مِنَ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفاً لِلْمُضْمِرِ الْمَجْدِ ». المعنى فيه أن الله يباعده من النار مسافة سبعين سنة تقطعها الخيل المضمرة الجياد ركضا.

قال بعض شراح الحديث : العرب كانوا يؤرخون أعوامهم بِالْخَرِيفِ ، لأنه كان أوان جذاذهم وقطافهم وإدراك غلاتهم ، وكان الأمر على ذلك حتى أرخ عمر بن الخطاب سنة الهجرة.

والخَرَفُ بالتحريك : فساد العقل من الكبر ، يقال خَرِفَ الرجل خَرَفاً من باب تعب : فسد عقله ، فهو خرف.

والخَرُوفُ بفتح الخاء الذكر من أولاد الضأن ، سمي بذلك لأنه يَخْرُفُ من هنا ومن هنا : أي يرتع من أطراف الشجر ويتناول ، والجمع خرفان.

والمَخْرَفُ بفتح الميم : المكان الذي يجتنى فيه الفواكه ، وبكسرها المكتل و « خُرَافَةُ » اسم رجل استهوته الجن

__________________

(١) معاني الأخبار ص ٢٢٦.

(٢) الكافي ج ٣ ص ١٢٠.

٤٣

فكان يحدث بما رأى فكذبوه فقالوا حديث خرافة يا أم عمرو.

وَفِي الْخَبَرِ « عَائِدٌ الْمَرِيضِ عَلَى مَخَارِفِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعُ ». المَخَارِفُ جمع مَخْرَفٍ بالفتح ، وهو الحائط من النخل ، أي إن العائد فيما يحوز من الثواب كأنه على نخل الجنة يَخْتَرِفُ في الثواب.

( خزف )

فِي الْحَدِيثِ « التَّدَلُّكُ بِالْخَزَفِ يُبْلِي الْجَسَدَ (١) ». الخَزَفُ محركة الجرة وكل ما عمل من طين وشوي بالنار حتى يكون فخارا فهو خَزَفٌ.

( خسف )

قوله تعالى : ( وَخَسَفَ الْقَمَرُ ) [ ٧٥ / ٨ ] كضرب : إذا ذهب ضوؤه أو نقص ، وهو الكسوف أيضا. وعن تغلب أجود الكلام خَسَفَ القمر وكسفت الشمس ولا يَخْسِفَانِ لموت أحد.

قال بعض الشارحين : بفتح أوله على أنه لازم ، ويجوز ضمها على أنه متعد. قال : ومنعه بعضهم ولا دليل عليه.

وخَسْفُ العين : ذهاب ضوئها. قوله ( إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ ) [ ٣٤ / ٩ ] وقوله ( وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ ) [ ٢٩ / ٤٠ ] يقال خَسَفَ الله به الأرض خَسْفاً : أي غاب به فيها.

ومثله قوله : ( لَخَسَفَ بِنا ) [ ٢٨ / ٨٢ ] أي لذهب بنا في الأرض.

قال الجوهري : وقرئ لَخُسِفَ بِنَا على ما لم يسم فاعله.

قوله : ( فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ ) [ ٢٨ / ٨١ ] الضمير راجع إلى قارون ،

وَكَانَ سَبَبُ هَلَاكِهِ أَنَّهُ لَمَّا أَخْرَجَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ وَأَنْزَلَهُمُ الْبَادِيَةَ أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِمِ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى وَانْفَجَرَ لَهُمْ مِنْ الْحَجَرِ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً بَطَرُوا وَقَالُوا ( لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها ) قَالَ لَهُمْ مُوسَى ( أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ ) فَفَرَضَ اللهُ عَلَيْهِمْ دُخُولَهَا

__________________

(١) مكارم الأخلاق ص ٥٥.

٤٤

وَحَرَّمَهَا ( عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ) ، فَكَانُوا يَقُومُونَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَيَأْخُذُونَ فِي قِرَاءَةِ التَّوْرَاةِ وَالدُّعَاءِ وَالْبُكَاءِ ، وَكَانَ قَارُونُ مَعَهُمْ ، وَكَانَ يَقْرَأُ التَّوْرَاةَ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَحْسَنُ صَوْتاً مِنْهُ ، فَلَمَّا طَالَ الْأَمْرُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي التِّيهِ وَالتَّوْبَةِ وَكَانَ قَارُونُ قَدْ امْتَنَعَ مِنْهُمْ مِنْ الدُّخُولِ فِي التَّوْبَةِ كَانَ مُوسَى يُحِبُّهُ ، فَدَخَلَ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهُ : يَا قَارُونَ ادْخُلْ مَعَ قَوْمِكَ فِي التَّوْبَةِ وَإِلَّا نَزَلَ بِكَ الْعَذَابُ ، فَاسْتَهَانَ بِهِ وَاسْتَهَزَأَ بِقَوْلِهِ ، فَخَرَجَ مُوسَى مِنْ عِنْدَهِ مُغْتَمّاً فَجَلَسَ فِي فَنَاءِ قَصْرِهِ وَعَلَيْهِ جُبَّةُ شَعْرٍ وَنَعْلَانِ مِنْ جِلْدٍ وَشِرَاكُهُمَا مِنْ خُيُوطِ شَعْرٍ وَبِيَدِهِ عَصَا ، فَأَمَرَ قَارُونُ أَنْ يُصَبَّ عَلَيْهِ رَمَادٌ قَدْ خُلِطَ بِالْمَاءِ ، فَصُبَّ عَلَيْهِ فَغَضِبَ مُوسَى غَضَباً شَدِيداً وَكَانَ فِي كَتِفِهِ شَعَرَاتٌ كَانَ إِذَا غَضِبَ خَرَجَتْ مِنْ ثِيَابِهِ وَقَطَرَ مِنْهَا الدَّمُ ، فَقَالَ مُوسَى : يَا رَبِّ إِنْ لَمْ تَغْضَبْ لِي فَلَسْتُ لَكَ بِنَبِيٍّ ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ قَدْ أَمَرْتُ الْأَرْضَ أَنْ تُطِيَعَكَ فَمُرْهَا بِمَا شِئْتَ ، وَقَدْ كَانَ قَارُونُ أَمَرَ أَنْ يُغْلَقَ بَابُ الْقَصْرِ فَأَوْمَى مُوسَى إِلَى الْأَبْوَابِ فَانْفَرَجَتْ فَدَخَلَ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ قَارُونُ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ أُوتِيَ الْعَذَابُ ، فَقَالَ : يَا مُوسَى أَسْأَلُكَ بِالرَّحِمِ الَّتِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ. فَقَالَ مُوسَى : يَا ابْنَ لَاوَى لَا تَزِدْنِي مِنْ كَلَامِكَ يَا أَرْضُ خُذِيهِ ، فَدَخَلَ الْقَصْرُ بِمَا فِيهِ فِي الْأَرْضِ وَدَخَلَ قَارُونُ فِي الْأَرْضِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ ، فَبَكَى وَحَلَّفَهُ بِالرَّحِمِ ، فَقَالَ مُوسَى : يَا ابْنَ لَاوَى لَا تَزِدْنِي مِنْ كَلَامِكَ يَا أَرْضُ خُذِيهِ ، فَابْتَلَعَتْهُ الْأَرْضُ بِقَصْرِهِ فَهَلَكَ.

رُوِيَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى عَيَّرَ مُوسَى بِمَا قَالَهُ لِقَارُونَ ، فَقَالَ مُوسَى يَا رَبِّ إِنَّهُ دَعَانِي بِغَيْرِكَ وَلَوْ دَعَانِي بِكَ لَأَجَبْتُهُ ، فَقَالَ اللهُ مَا قُلْتَ لَا تَزِدْنِي مِنْ كَلَامِكَ ، فَقَالَ مُوسَى يَا رَبِّ لَوْ عَلِمَتْ أَنَّ ذَلِكَ لَكَ رِضًى لَأَجَبْتُهُ ، فَقَالَ اللهُ يَا مُوسَى وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَجُودِي وَمَجْدِي وَعُلُوِّ مَكَانِي لَوْ أَنَّ قَارُونَ دَعَانِي كَمَا دَعَاكَ لَأَجَبْتُهُ.

والخَسْفُ : النقصان ، ومنه قولهم رضي فلان بالخسف.

ومنه الْحَدِيثُ « مِنْ تَرَكَ الْجِهَادَ أَلْبَسَهُ

٤٥

اللهُ الذِّلَّةَ وَسِيمَ الْخَسْفَ » (١).

ويقال سامه الخَسْفُ : أي أولاه ذلا وهوانا.

والخَسِيفُ : البئر التي تحفر في حجارة ولا ينقطع ماؤها كثرة.

( خشف )

قد تكرر في الحديث ذكر الخُشَّافِ هو بالشين قبل الفاء كرمان ، وهو الخطاف أعني الطائر بالليل ، سمي به لضعف بصره ، والجمع خَشَاشِيفُ.

وعن الصنعاني هو مقلوب وبتقديم الشين أفصح.

والخِشْفُ ولد الغزال ، والجمع خُشُوفٌ كحمل وحمول (٢).

( خصف )

قوله تعالى : ( وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ) [ ٧ / ٢٢ ] أي يلزقان بعضه على بعض ليسترا به عورتهما ، من الخَصْفُ وهو ضم الشيء إلى الشيء وإلصاقه به ، ومنه « خَصَفْتُ نعلي » إذا أطبقت طاقا على طاق.

وخَصَفْتُ النعل من باب ضرب : خزرتها.

ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام « خَاصِفُ النَّعْلِ ».

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْخَصَفَةِ ».

وهو بالتحريك شيء يعمل من ـ خوص النعل ، وجمعها خِصَافٌ كرقبة ورقاب.

ومنه حديث تبع أنه كسا البيت الخَصَفَ ، وقيل إبراهيم عليه السلام ، وقيل أراد بِالخَصَفِ فيها الثياب الغلاظ جدا تشبيها بِالخَصَفِ.

__________________

(١) في نهج البلاغة ج ١ ص ٦٣ « فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذل .. وسيم الخسف ».

(٢) في حياة الحيوان ج ١ ص ٢٩٢ الخشف بضم الخاء وفتح الشين المعجمة الذباب الأخضر ، والخشف بكسر الخاء وإسكان الشين المعجمة ولد الظبي بعد أن يكون جداية ، والجمع خشفة.

٤٦

( خطف )

قوله تعالى : ( إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ ) [ ٣٧ / ١٠ ] أي اختلس خلسة من كلام الملائكة.

والخطفة مثل تمرة المرة ، يقال خَطِفَهُ يَخْطَفُهُ من باب تعب : استلبه بسرعة ، ومن باب ضرب لغة. قال الجوهري وهي لغة ردية لا تكاد تعرف ، وقد قرأ بها يونس في قوله ( يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ ) [ ٢ / ٢٠ ].

قوله : ( نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا ) [ ٢٨ / ٥٧ ] أي نستلب.

وخَطِفَ الشيء : أي اخْتَطَفَهُ.

ومنه قوله : ( وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ) [ ٢٩ / ٦٧ ].

والخَطَّاف بالفتح هو الشيطان ، يَخْطَفُ السمع أي يسترقه.

وَفِي الْحَدِيثِ « نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله عَنْ قَتْلِ الْخُطَّافِ ».

هو بضم الخاء وتشديد الطاء الطائر المعروف ، يقال له شفقة ورحمة ، ويسمى زوار الهند ، ويعرف الآن بعصفور الجنة ، وهو من الطيور القواطع إلى الناس تقطع البلاد البعيدة رغبة في القرب منهم.

وفي حياة الحيوان : إن آدم عليه السلام لما أخرج من الجنة يشتكي الوحشة فأنسه بِالْخَطَاطِيفِ وألزمها البيوت ، فهي لا تفارق بني آدم أنسا لهم. قال : ومعها أربع آيات من كتاب الله ( لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ ) إلى آخر السورة ، وتمد أصواتها بقول العزيز الحكيم (١)

وَفِي الْحَدِيثِ « تَسْبِيحُ الْخُطَّافِ قِرَاءَةُ الْحَمْدِ ».

وَعَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ الْخُطَّافُ يَقُولُ « قَدِّمُوا خَيْراً تَجِدُوهُ ».

والخُطَّافُ أيضا شبيه الكلاب من حديد ، والجمع خَطَاطِيفُ.

والخَطَّافُ بفتح الخاء المعجمة وتشديد الطاء : اسم سمكة في البحر.

وخَاطِفُ ظله : طائر يقال له البرقراق إذا رأى ظله في الماء أقبل لِيَخْطَفَهُ.

__________________

(١) حياة الحيوان ج ١ ص ٢٩٤.

٤٧

( خفف )

قوله تعالى : ( فَاسْتَخَفَ قَوْمَهُ ) [ ٤٣ / ٥٤ ] أي حمله على الْخِفَّةِ والجهل.

ومثله ( لا يَسْتَخِفَّنَّكَ ) [ ٣٠ / ٦٠ ] أي لا يستجهلنك.

قوله : تَسْتَخِفُّونَها [ ٦٠ / ٨٠ ] أي يَخِفُ عليكم حملها.

قوله : ( حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً ) [ ٧ / ١٨٩ ] أي خفا عليها ولم يكن كربا كما تلقى بعض الحبالى من الكرب.

قوله : ( انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً ) [ ٩ / ٤١ ] أي موسرين ومعسرين.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَنْ اسْتَخَفَ بِصَلَاتِهِ لَا يَرِدُ عَلَيَّ الْحَوْضَ لَا وَاللهِ » (١).

أي من استهان بها ولم يعبأ بها ولم يعظم شعائرها مثل قولهم اسْتَخَفَ بدينه : إذا أهانه ولم يعبأ به ولم يعظم شعائره.

والاسْتِخْفَافُ بالشيء : الإهانة به. وَفِي حَدِيثِ الصادق عليه السلام « إِنَّ شَفَاعَتَنَا لَا تَنَالُ مُسْتَخِفّاً بِالصَّلَاةِ » (٢). أي مستهينا بها مستحقرا لها على جهة التكذيب والإنكار لا مطلقا.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا » (٣). أي تخففوا من الذنوب تلحقوا من سبقكم في العمل الصالح.

قال بعض الشارحين : فما سمع كلام أقل منه مسموعا ولا أكثر محصولا وما أبعد غورها من كلمة وأنفع نطقها من حكمة (٤).

ومثله « نَجَا الْمُخِفُّونَ ».

وَفِي الْخَبَرِ « بَيْنَ أَيْدِينَا عُقْبَةً كَئُوداً لَا يَجُوزُهَا إِلَّا المُخِفُ ». أي من الذنوب وأسباب الدنيا وعلقها ، هو من قولهم أَخَفَ الرجل فهو مُخِفٌ : إذا خفت حاله ودابته وإذا كان قليل الثقل

وشيء خِفٌ بالكسر : أي خفيف.

والتَّخَفُّفُ : ضد التثقل.

واسْتَخَفَّهُ : خلاف استثقله.

__________________

(١) الكافي ج ٣ ص ٢٦٩.

(٢) الكافي ج ٣ ص ٢٧٠.

(٣) نهج البلاغة ج ١ ص ٥٤.

(٤) هذا مما قاله الشريف الرضي بعد هذه الكلمة.

٤٨

وَفِي الْحَدِيثِ « اسْتَخْفَفْتَهَا وَنِلْتَ بِهَا ». وربما قرئ « استحققتها » بقافين ، أي نظرت فيها حق النظر فوجدتها لائقة.

والخُفُ بالضم للإبل ، ومنه قَوْلُهُ عليه السلام « لَمْ تَرْفَعْ رَاحِلَتُكَ خُفّاً إِلَّا كُتِبَ لَكَ كَذَا » (١). وجمعه أَخْفَافٌ كقفل وأقفال.

وقوله « صدقة الخُفِ تدفع إلى المتجملين » يريد بِالْخُفِ الإبل ، كمافِي قَوْلِهِ « لَا سَبَقَ إِلَّا فِي خُفٍ أَوْ نَصْلٍ أَوْ حَافِرٍ » (٢). ولا بد هنا من حذف مضاف ، أي في ذي خف وفي ذي نصل وذي حافر ، وَمِنْهُ « الرِّهَانُ فِي الْخُفِ ».

وَفِي الْخَبَرِ « نَهَى عَنْ حَمْيِ الْأَرَاكِ إِلَّا مَا لَمْ تَنَلْهُ أَخْفَافُ الْإِبِلِ ». أي ما لم تبلغه أفواهها بمشيها إليه.

والخُفُ أيضا : ما يلبس في الرجل ، وجمعه خِفَافٌ ككتاب.

ومنه الْحَدِيثُ « سَبَقَ الْكِتَابُ الْخُفَّيْنِ ». يريد أن الكتاب أمر بالمسح على الرجل لا الخف ، فالمسح على الخفين حادث بعده.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَمْ يُعْرَفْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه واله خُفٌ إِلَّا خُفّاً أَهْدَاهُ لَهُ النَّجَاشِيُّ ». قال بعض الشارحين : ظهر عندي من إطلاقات أهل الحرمين ومن تتبع الأحاديث إطلاق الخُفِ على ما يستر ظهر القدمين سواء كان له ساق أو لم يكن.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَمَا لَوْ لَا الْخِفَافُ إِلَى التَّجْمِيرِ لَكَانَ كَذَا ».

هي بالخاء المعجمة والفاءين بعدها ، لعل المراد بها الإبل الخفاف المسرعات إلى رمي الجمار ، من خف إلى العدو وأسرع إليه والله أعلم.

قال بعض الشارحين : ولم أقف لمعنى مناسب لذلك ، ولعل صوابه الحفاف بالحاء المهملة والفاءين بمعنى الزمان المستطيل ، هذا كلامه وهو كما ترى.

وَفِي الْخَبَرِ « أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ قَدْ دَنَا مِنِّي خُفُوفٌ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ ».

أي حركة وقرب ارتحال ، يريد الإنذار بموته.

( خلف )

قوله تعالى : ( جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً ) [ ٢٥ / ٦٢ ] بالكسر أي يخلف

__________________

(١) سفينة البحار ج ١ ص ٤٠٤.

(٢) نفس المصدر والصفحة.

٤٩

كل واحد منهما الآخر ، إذ لو دام أحدهما لاختل نظام الوجود ولم يكونا رحمة ( لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً )

وَفِي الْحَدِيثِ « يَعْنِي يَقْضِي الرَّجُلُ مَا فَاتَهُ بِاللَّيْلِ بِالنَّهَارِ وَمَا فَاتَهُ بِالنَّهَارِ بِاللَّيْلِ » (١).

قوله : ( فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ ) [ ٩ / ٨١ ] أي مخالفة رسول الله صلى الله عليه واله ، والخِلَافُ المخالفة أو بعد رسول الله من أقام خِلَافَ القوم أي بعدهم.

ومثله قوله : ( وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلاً ) [ ١٧ / ٧٦ ] أي بعدك.

قوله : ( لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ) [ ٧ / ١٢٤ ] أي مخالفة ، بأن يقطع من كل شق حرفا أي يده اليمنى ورجله اليسرى ليبقى في العذاب ، قيل إن أول من قطع من خلاف وصلب فرعون.

قوله : ( ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ ) [ ٩ / ١٢٠ ].

قال الشيخ أبو علي : ظاهره خبر ومعناه نهي ، مثل قوله ( وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً ) إلى أن قال ( ذلِكَ بِأَنَّهُ ) إلخ ، فذلك إشارة إلى ما دل عليه قوله ما كان لكم أن تتخلفوا من وجوب متابعته ، أي ذلك الوجوب بسبب أنهم لا يصيبهم شيء من ظمإ ـ إلخ.

قوله : ( جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ ) [ ٦ / ١٦٥ ] أي سكان الأرض يَخْلُفُ بعضهم بعضا ، واحدهم خَلِيفَة.

ومثله قوله : ( وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا ) [ ١٠ / ٧٣ ].

قوله : ( مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ ) [ ٤٣ / ٦٠ ] أي يكونون بدلا منكم.

قوله : ( يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ ) [ ٣٨ / ٢٦ ] الخَلِيفَةُ يراد به في العرف لمعنيين : إما كونه خِلْفَةً لمن

__________________

(١) البرهان ج ٣ ص ١٧٢.

٥٠

كان قبل من الرسل ، أو كونه مدبرا للأمور من قبل غيره.

قوله : ( إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) [ ٢ / ٣٠ ].

فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام إِنَّ اللهَ أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقاً بِيَدِهِ ، وَذَلِكَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنْ الْجِنِّ وَالنَّسْنَاسِ فِي الْأَرْضِ سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ ، وَكَانَ مِنْ شَأْنِهِ خَلْقُ آدَمَ ، كَشَطَ عَنْ أَطْبَاقِ السَّمَاوَاتِ وَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ : انْظُرُوا إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ مِنْ خَلْقِي مِنْ الْجِنِّ وَالنَّسْنَاسِ ، فَلَمَّا رَأَوْا مَا يَعْمَلُونَ فِيهَا مِنْ الْمَعَاصِي وَسَفْكِ الدِّمَاءِ وَالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ عَظُمَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَغَضِبُوا لِلَّهِ وَتَأَسَّفُوا عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَلَمْ يَمْلِكُوا غَضَبَهُمْ ، فَقَالُوا : رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ الْقَادِرُ الْجَبَّارُ الْقَاهِرُ الْعَظِيمُ الشَّأْنِ وَهَذَا خَلْقُكَ الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ يَتَقَلَّبُونَ فِي قَبْضَتِكَ وَيَعِيشُونَ بِرِزْقِكَ وَيَتَمَتَّعُونَ بِعَافِيَتِكَ وَهُمْ يَصْنَعُونَ مِثْلَ هَذِهِ الذُّنُوبِ وَلَا تَأْسَفْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَغْضَبْ وَلَا تَنْتَقِمُ لِنَفْسِكَ لِمَا تَسْمَعُ مِنْهُمْ وَتَرَى وَقَدْ عَظُمَ ذَلِكَ عَلَيْنَا وَأَكْبَرْنَاهُ فِيكَ ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ قَالَ : ( إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) الْآيَةِ (١).

قَوْلِهِ : ( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ) [ ٢٤ / ٥٥ ] قَالَ الصادق عليه السلام : هُمْ الْأَئِمَّةُ (٢).

قوله ( وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً ) وهي ملة الإسلام ، ولكنه مكنهم من الاختيار ليستحقوا الثواب فاختار بعضهم الحق وبعضهم الباطل فاختلفوا ( وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) [ ١١ / ١١٨ ]. قوله : ( وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ ) ذلك إشارة إلى ما دل عليه الكلام الأول أي لذلك التمكين والاختيار الذي كان عنه الاختلاف خلقهم ليثبت الذي يختار الحق ويحسن اختياره.

وَعَنِ الْبَاقِرِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ : ( وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) أَيْ فِي إِصَابَةِ

__________________

(١) تفسير علي بن إبراهيم ص ٣٢.

(٢) البرهان ج ٣ ص ١٤٦.

٥١

الْقَوْلِ ، وَكُلُّهُمْ هَالِكٌ ( إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ) ، قَالَ : هُمْ شِيعَتُنَا وَلِرَحْمَتِهِ خَلَقَهُمْ ، وَهُوَ قَوْلُهُ ( وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ ) (١).

قوله : ( رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ ) [ ٩ / ٨٧ ] قال المفسر : وهم النساء والصبيان والمرضى (٢).

قوله : ( مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ ) [ ١٦ / ٦٩ ] يعني العسل اختلفت ألوانه أبيض وأصفر وأحمر.

وخَلَفَ فلان فلانا : إذا كان خَلِيفَةً يقال خلفه في قومه ، ومنه قوله ( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) [ ٧ / ١٤٢ ].

وأَخْلَفَ : إذا لم يف بوعده ولم يصدق ، والاسم منه الخُلْفُ بالضم ، قال تعالى : ( ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ ) [ ٢٠ / ٨٧ ] قال ( إِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ ) [ ٢٠ / ٩٧ ] قرئ بالنون وكسر اللام وقرئ بالتاء مضمومة وفتح اللام.

قوله : ( مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ) [ ٥٧ / ٧ ] أي على نفقته في الصدقات ووجوه البر ، ويقال مُسْتَخْلَفِينَ مملكين ( فِيهِ ).

وَفِي الْحَدِيثِ « إِنَّ فِينَا أَهْلَ الْبَيْتِ فِي كُلِ خَلَفٍ عُدُولاً يَنْفُونَ عَنْ هَذَا الدِّينِ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ».

الخَلَفُ بالتحريك والسكون : من يجيء بعد من مضى إلا أنه بالتحريك في الخير وبالتسكين في الشر ، يقال خَلَفُ صدق وخَلْفُ سوء بالتسكين ، ومعناهما جميعا القرن من الناس ، والمراد في الحديث المفتوح ، ومن السكون ما جَاءَ فِي الْخَبَرِ سَيَكُونُ بَعْدَ سِتِّينَ سَنَةً ( خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ ).

وَفِي الدُّعَاءِ « اللهُمَّ أَعْطِ كُلَّ مُنْفِقٍ خَلَفاً ». أي عوضا عاجلا مالا أو دفع سوء وآجلا ثوابا ، فكم من منفق قل ما يقع له الخَلَفُ المالي.

ويقال خَلَفَ الله لك خَلَفاً بخير ، وأَخْلَفَ عليك خيرا : أي أبدلك بما ذهب منك وعوضك عنه.

__________________

(١) هذا مختصر من حديث مذكور في البرهان ج ٢ ص ٢٤٠.

(٢) مجمع البيان ج ٣ ص ٥٨.

٥٢

ويقال إذا أذهب للرجال ما يُخَلِّفُهُ مثل المال والولد « أَخْلَفَ الله لك وعليك » وإذا ذهب له ما يخلفه غالبا كالأب والأم قيل « خَالَفَ الله عليك ».

وعن بعض الأفاضل جوز بعض اللغويين أَخْلَفَ بالألف بمعنى عوض في المقامين.

وَفِي الدُّعَاءِ « اللهُمَ اخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ ». قال بعض الشارحين : اخْلُفْ بالضم والكسر : العقب والولد وولد الولد والغابرين الباقين ، ولعل لفظ في للسببية والمراد الدعاء بجعل الباقين من أقارب عقبه عوضا لهم عن الميت.

وقولهم « هو يُخَالِفُ امرأة فلان » أي يأتيها إذا غاب عنها زوجها.

وَفِي خَبَرِ الصَّلَاةِ « ثُمَ أُخَالِفُ إِلَى رِجَالٍ فَأُحْرِقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتِهِمْ ».

أي آتيهم من خلفهم.

وَفِيهِ « سَوُّوا صُفُوفَكُمْ وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبِكُمْ ».

أي إذا تقدم بعضكم على بعض في الصفوف تأثرت قلوبكم ونشأ بينكم الخَلْفُ.

والخُلُوفُ بضم الخاء على الأصح وقيل بفتحها : هو رائحة الفم المتغير ، من قولهم خَلَفَ فم الصائم خُلُوفاً من باب قعد : أي تغيرت رائحة فمه ، وأَخْلَفَ فوه لغة في خلف.

ومنه الْحَدِيثُ « لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ » (١).

فإن قلت : هو على سبيل الفرض ، أي لو تصور الطيب عند الله لكان الخلوف أطيب منه.

قال بعض الشراح : لما أراد رسول الله أن يبين فضل الصوم ودرجة الصائم ضرب ما يكره من الرائحة في الطباع البشرية بأطيب ما يرام ويستنشق من الروائح ، والنزول من الأعلى إلى الأدنى في هذا الباب عند التمثيل وتقرير المعنى من أحد طرق البلاغة وأنهج مناهج البيان و « الخَلِفَةُ » بفتح الخاء وكسر اللام : الحامل من النوق ، وجمعها مخاض من غير

__________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٦٥.

٥٣

لفظها ، كما تجمع المرأة على النساء من غير لفظها ، وهي اسم فاعل ، يقال خَلِفْتُ خَلَفاً من باب تعب : إذا حملت فهي خَلِفَةٌ وقيل تجمع على خَلِفَاتٍ وخَلَائِفَ ، ويقال خَلِفَتْ إذا حملت وأَخْلَفَتْ إذا حالت.

وقد تكررت في الحديث مفردة ومجموعة.

والأَخْلَافُ جمع خِلْفٍ بالكسر ، وهو الضرع لكل ذات خف وظلف ، وقيل مقبض يد الحالب من الضرع.

ومنه الْحَدِيثُ « شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَهَا أَخْلَافٌ كَأَخْلَافِ الْبَقَرِ ».

والخَلْفُ : القرن بعد القرن.

والخَلْفُ : الرديء من القول.

والخِلْفُ : أقصر أضلاع الجنب والجمع خُلُوف.

والخُلْفُ بالضم الاسم من الأَخْلَافِ ، وهو في المستقبل كالكذب في الماضي.

وجلست خَلْفَ فلان : أي بعده والمُخْلِفُ من الإبل : الذي جاز البازل ، الذكر والأنثى سواء ، يقال مُخْلِف عام ومخلف عامين.

والخَلِفُ بكسر اللام : المخاض ، وهي الحوامل من النوق.

ورجل مُخْلِفٌ : أي كثير الإخلاف لوعده.

وَفِي حَدِيثِ الْهَدْيِ « تَخَلَّفَ ثَمَنُهُ عِنْدَ ثِقَةٍ ».

أي يجعله عنده ، خَلَّفَ الشيء بالتشديد : إذا تركه خلفه.

وخَالَفَهُ : نقيض وافقه.

والاخْتِلَافُ : نقيض الاتفاق.

وَفِي حَدِيثِ إِثْبَاتِ الصَّانِعِ « الْعَالِمُ الْخَبِيرُ بِلَا اخْتِلَافِ الْمَعْنَى ». أي ليس مركبا من أجزاء ، وليس له صفات زائدة على ذاته.

واخْتَلَفَ من موضع إلى موضع : تردد

ومنه الْحَدِيثُ « مِنْ اخْتَلَفَ إِلَى الْمَسَاجِدِ أَصَابَ إِحْدَى الثَّمَانِ ». أي من تردد إليها.

ومثله « كُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى ابْنِ أَبِي لَيْلَى فِي مَوَارِيثَ لَنَا ».

وأهل الخِلَافِ الجمهور.

والخِلَافُ : المخالفة.

٥٤

وشجر الخِلَافِ : الصفصاف بلغة أهل الشام.

والخَلِيفَةُ : السلطان الأعظم.

وَفِي الْخَبَرِ « جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ : أَنْتَ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله؟ فَقَالَ : لَا ، فَقَالَ : فَمَا أَنْتَ. قَالَ : أَنَا الخَالِفَةُ بَعْدَهُ ».

قال بعض أكابرهم : الخالفة هو الذي لا غنى عنده ولا خير فيه ، وكذلك الخَالِفُ ، وقيل هو الكثير الخلاف. ثم قال : وإنما قال ذلك تواضعا وهضما من نفسه حين قال له « أنت خليفة رسول الله صلى الله عليه واله؟ » ـ انتهى.

وهو لعمري عذر فاضح غير واضح.

والخَلِيفَةُ : من يقوم مقام الذاهب ويسد مسده ، والهاء فيه للمبالغة. وجمعه خُلَفَاءُ على معنى التذكير لا على اللفظ ، ويجمع اللفظ على خَلَائِفَ.

وَفِي الدُّعَاءِ « اللهُمَّ أَنْتَ الْخَلِيفَةُ فِي السَّفَرِ ». والمعنى أنت الذي أرجوه وأعتمد عليه في غيبتي عن أهلي أن تلم شعثهم وتقوم إودهم وتداوي سقمهم وتحفظ عليهم دينهم وأمانتهم.

ومثله « أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ وَلَا يَجْمَعَهُمَا غَيْرُكَ ».

وفيه تنزيه لله تعالى عن الجهة والجسمية إذا كان اجتماع الأمرين في الجسم الواحد محالا ، كما علله عليه السلام بِقَوْلِهِ « لِأَنَ المُسْتَخْلِفُ لَا يَكُونُ مستصحبا وَالمستصحب لَا يَكُونُ مستخلفا » (١).

والخِلافَةُ بالكسر : خلافة الخلفاء ومدة خلافة الثلاثة على ما في المغرب خمس وعشرون سنة إلا ثلاثة أشهر : لأبي بكر ثنتان وثلاثة أشهر وتسع ليال ، ولعمر عشر سنين وستة أشهر وخمس ليال ، ولعثمان اثنا عشر سنة إلا اثنا عشر ليلة. مُدَّةُ خِلَافَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب عليه السلام خَمْسُ سِنِينَ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَفِي هَذِهِ الْمُدَّةِ مَا وَضَعَ فِيهَا آجُرَّةً عَلَى آجُرَّةٍ وَلَا لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ وَلَا أَقْطَعَ قَطِيعَةً وَلَا أَوْرَثَ بَيْضَاءَ وَلَا حَمْرَاءَ إِلَّا سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَضَلَتْ مِنْ عَطَايَاهُ أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ بِهَا لِأَهْلِهِ خَادِماً.

__________________

(١) نهج البلاغة ج ١ ص ٩٢.

٥٥

وَمِمَّا وَرَدَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عَنْ أَبِيهِ مُوسَى عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبي طالب عليه السلام قَالَ : بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه واله فِي بَعْضِ طُرُقَاتِ الْمَدِينَةِ إِذْ لَقِينَا شَيْخٌ طَوِيلٌ كَثُّ اللِّحْيَةِ بَعِيدٌ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه واله وَرَحَّبَ بِهِ ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَابِعَ الْخُلَفَاءِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ أَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ : بَلَى ، ثُمَّ مَضَى فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه واله مَا هَذَا الَّذِي قَالَ لِي هَذَا الشَّيْخُ وَتَصْدِيقُكَ لَهُ؟ قَالَ : أَنْتَ كَذَلِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ ( إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) وَالْخَلِيفَةُ الْمَجْعُولُ فِيهَا آدَمُ ، وَقَالَ تَعَالَى ( يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ ) فَهُوَ الثَّانِي ، وَقَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ مُوسَى حِينَ قَالَ لِهَارُونَ ( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ ) فَهُوَ هَارُونَ إِذْ اسْتَخْلَفَهُ مُوسَى عليه السلام فِي قَوْمِهِ وَهُوَ الثَّالِثُ ، وَقَالَ تَعَالَى ( وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ ) فَكُنْتَ أَنْتَ الْمُبَلِّغُ عَنِ اللهِ وَعَنْ رَسُولِهِ ، وَأَنْتَ وَصِيِّي وَوَزِيرِي وَقَاضِي دَيْنِي وَالْمُؤَدِّي عَنِّي ، وَأَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ مِنْ بَعْدِي ، فَأَنْتَ رَابِعُ الْخُلَفَاءِ كَمَا سَلَّمَ عَلَيْكَ الشَّيْخُ ، أَوَلَا تَدْرِي مَنْ هُوَ؟ قُلْتُ : لَا. قَالَ : هُوَ أَخُوكَ الْخَضِرُ عليه السلام.

وَمِمَّا ذُكِرَ فِي بَعْضِ التَّوَارِيخِ : أَنَّ الْحَسَنَ عليه السلام لَمَّا خَلَعَ نَفْسَهُ مِنْ الْخِلَافَةِ تَمَّ الْأَمْرُ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ. وهو أول الخلفاء من بني أمية وآخرهم السفاح (١) ، وكانت مدة خلافتهم نيفا وثمانين سنة وهي ألف شهر ، ثم جاءت الدولة العباسية بخراسان وقام بالأمر أبو جعفر المنصور بعد أخيه السفاح ثم

__________________

(١) آخر خلفاء بني أمية هو مروان بن محمد المعروف بمروان الحمار ، والسفاح المذكور هنا هو أول الخلفاء العباسيين.

٥٦

قام من بعده ابنه محمد المهدي ثم ابنه موسى الهادي ثم أخوه هارون الرشيد ثم تابعوا في الخلافة إلى زمن المستعصم بالله ثم من بعدهم تفرقت الدولة على سلاطين الزمان

وَفِي حَدِيثِ أَبِي الْخَالِدِ الْقَمَّاطِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ : « قَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِسُلَيْمَانَ : اسْتَخْلِفْ عَلَيْنَا ابْنَكَ. فَقَالَ لَهُمْ : انَّهُ لَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ فَأَلَحُّوا عَلَيْهِ فَقَالَ : إِنِّي سَائِلُهُ عَنْ مَسَائِلَ فَإِنْ أَحْسَنَ الْجَوَابَ فِيهَا اسْتَخْلَفْتُهُ ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَقَالَ : يَا بُنَيَّ مَا طَعْمُ الْمَاءِ وَطَعْمُ الْخُبْزِ وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَعْفُ الصَّوْتِ وَشِدَّتُهُ ، وَأَيْنَ مَوْضِعُ الْعَقْلِ مِنْ الْبَدَنِ ، وَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ الْقَسَاوَةُ وَالرِّقَّةُ ، وَمِمَّ تَعَبُ الْبَدَنِ وَدَعَتُهُ ، وَمِمَّ مَكْسَبُ الْبَدَنِ وَحِرْمَانُهُ ، فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ مِنْهَا. فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام : طَعْمُ الْمَاءِ الْحَيَاةُ ، وَطَعْمُ الْخُبْزِ الْقُوَّةُ ، وَضَعْفُ الصَّوْتِ وَقُوَّتُهُ مِنْ شَحْمِ الْكُلْيَتَيْنِ ، وَمَوْضِعُ الْعَقْلِ الدِّمَاغُ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ قَلِيلَ الْعَقْلِ قِيلَ لَهُ مَا أَخَفَّ دِمَاغَهُ ، وَالْقَسْوَةُ وَالرِّقَّةُ مِنْ الْقَلْبِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى ( فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ ) ، وَتَعَبُ الْبَدَنِ وَدَعَتُهُ مِنْ الْقَدَمَيْنِ إِذَا أُتْعِبَا فِي الْمَشْيِ يَتْعَبُ الْبَدَنُ ، وَكَسْبُ الْبَدَنِ وَحِرْمَانُهُ مِنْ الْيَدَيْنِ إِذَا عُمِلَ بِهِمَا وَإِذَا لَمْ يُعْمَلْ بِهِمَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْبَدَنِ شَيْءٌ » (١).

( خنف )

« أبو مِخْنَفٍ » بالكسر كنية لوط بن يحيى من أهل السير ـ قاله الجوهري (٢)

( خوف )

قوله تعالى : ( فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) [ ٥ / ٦٩ ].

قال في تفسير القاضي : الخَوْفُ على المتوقع والحزن على الواقع.

قوله ( وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً ) [ ٧ / ٥٦ ] أي حال كونكم خَائِفِينَ من

__________________

(١) البرهان ج ٤ ص ٧٤.

(٢). لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سليم الأزدي ، شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ووجههم ، توفي سنة ١٥٧ الكنى والألقاب ج ١ ص ١٤٨.

٥٧

الرد لقصور أعمالكم طامعين في الإجابة لسعة رحمته ووفور كرمه.

والخَوْفُ من الشيء : الحذر منه.

قوله : ( وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً ) [ ٧ / ٢٠٥ ] الخِيفَة بالكسر فالسكون : الخوف ، يقال خَافَ يَخَافُ خَوْفاً وخِيفَةً بالكسر ومَخَافَةً أيضا فهو خَائِفٌ إذا حذر من عدو ونحوه.

والتَّخَوُّفُ : التنقص ، ومنه قوله تعالى : ( أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ ) [ ١٦ / ٤٧ ].

وَفِي الْحَدِيثِ « مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ خَافَةِ الزَّرْعِ ».

قال بعض الشارحين : الخَافَةُ وعاء الحب ، سميت بذلك لأنها وقاية له ، وروي بالميم وسيأتي.

وَفِي الْخَبَرِ « الْكُسُوفُ آيَةٌ يُخَوِّفُ اللهَ بِهَا عِبَادَهُ ». إذ تبديل النور بالظلمة يحصل الخَوْف ليتركوا معاصيه ، وكونها آية من حيث الكسف لا من حيث الذات ، وإن كان كل مخلوق آية ، وهو رد على أهل الهيئة حيث قالوا إن الكسوف عادي لا يتقدم ولا يتأخر.

والفرق بين الخوف والحزن أن الخَوْفُ من المتوقع والحزن على الواقع.

( خيف )

في الحديث « مسجد الخَيْفِ » الخَيْفُ ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء ، ومنه سمي مسجد الخَيْفِ بمنى لأنه بني في خَيْفِ الجبل ، والأصل مسجد خيف منى فخفف بالحذف.

قال في المصباح : ولا يكون خيف إلا بين جبلين ، وكان مسجد رسول الله صلى الله عليه واله على عهده عند المنارة التي في وسط المسجد ، وفوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا وعن يمينها ويسارها وخلفها نحوا من ذلك (١).

رُوِيَ « أَنَّهُ صَلَّى فِيهِ أَلْفُ نَبِيٍّ » (٢).

فيستحب فيه صلاة ست ركعات في أصل الصومعة.

__________________

(١)هذا الكلام من جملة حديث عن الإمام الصادق عليه السلام ـ انظر الكافي ج ٤ ص ٥١٩.

(٢) الكافي ج ٤ ص ٥١٩.

٥٨

باب ما أوله الدال

( دفف )

فِي الْحَدِيثِ « كُلْ مِنَ الطَّيْرِ مَا دَفَ ».

أي حرك جناحيه في الطيران كالحمام « ولا تأكل ما صف » كالنسور.

والدَّفُ : تحرك الجناح ، يقال دَفَ الطائر من باب قتل دَفِيفاً : حرك جناحيه بطيرانه ، ومعناه ضرب بهما دَفَّتَيْهِ.

ومثله « إِنْ كَانَ الطَّيْرُ دَفِيفُهُ أَكْثَرَ مِنْ صَفِيفِهِ أُكِلَ ».

وفِيهِ « يَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام خَتَنَ نَفْسَهُ بِقَدُومٍ عَلَى دَفٍ ». أي جنب.

والدَّفُ بالفتح : الجنب من كل شيء وصفحته.

ودَفَّتَا المصحف : جانباه.

والدُّفُ الذي يلعب به بضم الدال وفتحها والجمع دُفُوفٌ.

ودَفَ عليه يَدُفُ من باب قتل : إذا أجهز عليه ، والذال المعجمة لغة.

( دلف )

فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « فَدَلَفَتْ رَاحِلَتُهُ كَأَنَّهَا ظَلِيمٌ ».

من الدَّلِيفُ والدُّلُوفُ وهو المشي الرويد ، يقال دَلَفَ الشيخ : إذا مشى وقارب الخطو.

ودَلَفَتِ الكتيبة في الحرب : أي تقدمت.

و « أبو دَلَفٍ » بفتح اللام ـ قاله الجوهري (١).

( دنف )

فِي حَدِيثِ مِنْ أَخْطَأَ وَقْتَ الصَّلَاةِ « إِنَّمَا الرُّخْصَةُ لِلنَّاسِي وَالْمَرِيضِ وَالْمُدْنِفِ ». أي المثقل في المرض ، من الدَّنَفِ بالتحريك وهو المرض الملازم ، يقال دَنِفَ المرض كفرح : ثقل ، وأَدْنَفَهُ المرض وأَدْنَفَ هو

__________________

(١) هو ( القاسم بن عيسى العجلي ) ، كان معدودا من الأمراء ، وكان شاعرا مجيدا شجاعا بطلا ، وكان سيد أهله ورئيس عشيرته من عجل وغيرها من ربيعة ، توفي سنة ٢٢٦ ه‍ الكنى والألقاب ج ١ ص ٦٨.

٥٩

فهو مُدْنِفٌ. ومدنف يتعدى ولا يتعدى.

ورجل دَنَفٌ وامرأة دَنَفٌ يستوي فيه المذكر والمؤنث والتثنية والجمع.

قال المطرزي في مغربه : أَدْنَفَ المريض ودَنِفَ : ثقل بالمرض ودنا من الموت.

وأَدْنَفَهُ المرض : أثقله.

( دوف )

دِفْتُ الداء أَدُوفُهُ وأَدِيفُهُ دَوْفاً من باب باع لغة : إذا بللته بماء أو غيره ، فهو مَدُوفٌ ومَدْوُوفٌ على النقص والتمام أي مخلوط وممزوج ، وكذلك مسك مَدُوفٌ أي مبلول.

باب ما أوله الذال

( ذرف )

فِي الْحَدِيثِ « ذَرَفَتْ عَيْنَاهُ ».

وَفِي الدُّعَاءِ « صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ كُلَّمَا ذَرَفَتْ عَيْنٌ ».

يقال ذَرَفَتِ العين تَذْرِفُ ذَرْفاً بالسكون وذَرَفاً بالتحريك من باب ضرب : إذا سال دمعها.

والمَذَارِفُ : المدامع.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « وَقَدْ ذَرَّفْتُ عَلَى السِّتِّينَ » (١). أي زدت عليها قليلا.

ويقال ذَرَّفَ بالتشديد ، ومنه يقال ذَرَّفَ على المائة تَذْرِيفاً : أي زاد عليها.

( ذعف )

الذُّعَافُ بالضم : السم. ومنه « طعام مَذْعُوفٌ ».

( ذفف )

فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام يَوْمَ الْجَمَلِ « أَمَرَ أَنْ لَا يُذَفَّفَ عَلَى جَرِيحٍ ». التَّذْفِيفُ على الجريح : الإجهاز عليه وتحرير قتله.

يقال أَذْفَفْتُ على الجريح تَذْفِيفاً : إذا أسرعت قتله.

ومنه حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ « فَذَفَفَ عَلَى أَبِي جَهِلٍ ».

ومنه « موت طاعون ذَفِيفٌ » أي

__________________

(١) نهج البلاغة ج ١ ص ٦٦.

٦٠