مجمع البحرين - ج ٥

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٥

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٤

والْجُلَّى وزان كبرى : الأمر العظيم وجمعها جُلَلٌ ككبر.

والْجُلَّةُ بالضم : وعاء التمر وجمعها جِلَالٌ كبرمة ، وبرام.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُجَلَّلَ التَّمْرُ ».

أي يجعل في الْجُلَّةِ ويباع ذلك ، لأنه لا يطلع عليه فربما كان رديا.

وفعلته من جَلَالِكَ أي من أَجْلِكَ والْجُلْجُلُ : الجرس الصغير يعلق في أعناق الدواب وغيرها.

ومنه حَدِيثُ السَّفَرِ « لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رِفْقَةً فِيهَا جُلْجُلٌ ».

ودهن الْجُلْجُلَانِ هو دهن السمسم.

( جمل )

قوله تعالى ( كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ ) [ ٧٧ / ٣٣ ] أي سود جمع جَمَلٍ بالتحريك وهو الذكر من الإبل.

وجمعه جِمَالٌ وأَجْمَالٌ وجِمَالاتٌ بالكسر.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : الْجُمَالاتُ بِالضَّمِّ فُلُوسُ السُّفُنِ وَهِيَ حِبَالُهَا الْعِظَامُ.

قوله ( إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ ) [ ٧ / ٤٠ ]

وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ : « نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَالْجَمَلُ جَمَلُهُمْ ».

وفيه دلالة على أن جنان الخلد في السماء.

والدليل على أن النيران في الأرض قوله ( فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ) [ ١٩ / ٦٨ ] ومعنى حول جهنم البحر المحيط بالدنيا يتحول نيرانا.

وهو قوله تعالى ( إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ ) [ ٨١ / ٦ ].

ثم يحضرهم الله ( حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ) أي على ركبهم ، ويوضع الصراط من الأرض إلى الجنان.

قوله ( وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ ) [ ١٦ / ٦ ] الآية أي تَجَمُّلٌ من سبحانه بِالتَّجَمُّلِ بها كما من بالانتفاع ، لأنها من أغراض أصحاب المواشي ، لأنهم إذا

٣٤١

راحوا بالعشي وسرحوها بالغداة وتجاوب فيها الثغاء أعني صوت الشاة ، والرغاء أعني صوت الإبل فرحت أربابها وأجلهم الناظرون إليها فكسبتهم الجاه والحرمة عند الناس.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ » أي لا يكون كدكم فيه كدا فاحشا.

وهو يحتمل معنيين : « أحدهما » ـ أن يكون المراد اتقوا الله في هذا الكد الفاحش أي لا تقيموا عليه كما يقول اتقوا الله في فعل كذا أي لا تفعله.

« الثاني » ـ أن يكون المراد أنكم إن اتقيتم الله لا تحتاجون إلى هذا الكد والتعجب ، ويكون إشارة إلى قوله تعالى ( وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ) [ ٦٥ / ٣ ].

وفِيهِ « احْلِقْ فَإِنَّهُ يَزِيدُ فِي جَمَالِكَ » أي في تَجَمُّلِكَ وحسنك.

ومثله « حَلْقُ الرَّأْسِ مُثْلَةٌ لِأَعْدَائِكُمْ وَجَمَالٌ لَكُمْ ».

يعني هكذا في الملأ يرى.

وَفِيهِ « إِنَّ اللهَ يُحِبُ الْجَمَالَ وَالتَّجَمُّلَ ».

الْجَمَالُ يقع على الصور والمعاني.

وَمِنْهُ « إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ».

أي حسن الأفعال كامل الأوصاف.

والتَّجَمُّلُ : تكلف الْجَمِيلُ.

وَفِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ « ثُمَّ عَرَضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ جَمْلَاءُ » أي مليحة جَمِيلَةٌ.

ولا فعل لها من لفظها.

والْجَمَالانِ من المرأة : الشعر والوجه.

وأيام الْجَمَلِ : زمان مقاتلة علي عليه السلام وعائشة بالبصرة.

وسميت بها لأنها كانت على جَمَلٍ حينذاك.

وأصحاب الْجَمَلِ يعني عسكر عائشة.

وأَجْمَلْتُ الحساب : إذا رددته عن التفصيل إلى الجملة.

ومعناه أن الْإِجْمَالَ وقع على ما انتهى إليه التفصيل.

وحساب الْجُمَلِ بضم الجيم مخففا ومشددا : ما قطع على حروف « أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظع ».

الألف واحد ، والباء اثنان ، والجيم ثلاثة.

٣٤٢

ثم كذلك إلى الياء ، وهي عشرة.

ثم الكاف عشرون ، واللام ثلاثون ، والميم أربعون.

ثم كذلك إلى القاف وهي مائة.

ثم الراء مائتان ، ثم الشين ثلاثمائة ثم التاء أربعمائة.

ثم كذلك إلى الغين وهي ألف وهكذا.

أيضا وَرَدَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام حَيْثُ قَالَ : الْأَلِفُ وَاحِدٌ ، وَالْبَاءُ اثْنَانِ ، وَالْجِيمُ ثَلَاثَةٌ ، وَالدَّالُ أَرْبَعَةٌ ، وَالْهَاءُ خَمْسَةٌ ، وَالْوَاوُ سِتَّةٌ ، وَالزَّاءُ سَبْعَةٌ ، وَالْحَاءُ ثَمَانِيَةٌ ، وَالطَّاءُ تِسْعَةٌ ، وَالْيَاءُ عَشَرَةٌ ، وَالْكَافُ عِشْرُونَ ، وَاللَّامُ ثَلَاثُونَ ، وَالْمِيمُ أَرْبَعُونَ ، وَالنُّونُ خَمْسُونَ ، وَالسِّينُ سِتُّونَ ، وَالْعَيْنُ سَبْعُونَ ، وَالْفَاءُ ثَمَانُونَ ، وَالصَّادُ تِسْعُونَ ، وَالْقَافُ مِائَةٌ ، وَالرَّاءُ مِائَتَانِ ، وَالشِّينُ ثَلَاثُمِائَةٍ ، وَالتَّاءُ أَرْبَعُمِائَةِ.

إلى هنا ولم يذكر البواقي ولعل إهماله إياها لوضوح الأمر فيها.

وقد أجرى هذا الحساب في مقاطع أصابع اليدين العشرة بعد مراتب الأعداد الأربعة ، فإن يعبر في المقطع الأول عن الواحد ، وبالثاني عن الاثنين ، وبالثالث عن الثلاثة ، وهكذا.

ومنه الْحَدِيثُ « أَسْلَمَ أَبُو طَالِبٍ بِحِسَابِ الْجُمَّلِ ، وَعَقَدَ بِيَدِهِ ثَلَاثاً وَسِتِّينَ ، أَيْ عَقَدَ عَلَى خِنْصِرِهِ وَبِنَصْرِهِ الْوُسْطَى ، وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَيْهَا وَأَرْسَلَ السَّبَّابَةَ وَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ».

ولا شك أن هذه الهيئة من قبض اليد هيئة من عقد على ثلاثة وستين بحساب الجمل ، فإنا لو عبرنا عن العقد الأول بعشرين ، والثاني بثلاثين ، والثالث بأربعين ، والرابع بخمسين ، والخامس بستين ، يبقى مما عدا السبعة ثلاثة عقود ، وهي تمام ما ذكر من العدد فيتم المطلوب.

ويكون حاصل الكلام : أسلم أبو طالب بحساب الْجُمَلِ إسلاما محكما ، هيئة من عقد على يده ثلاثة وستين بحساب الْجُمَلِ.

وربما كان إرساله للسبابة على ما في بعض الأخبار ليشير بها إلى جهة الحق عند ذكر الجلالة ليتحقق التوكيد ، ويطابق القول الاعتقاد.

٣٤٣

وَفِي حَدِيثِ الصادق عليه السلام « وَقَدْ سُئِلَ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ أَسْلَمَ بِحِسَابِ الْجُمَّلِ؟ قَالَ : بِكُلِّ لِسَانِ ».

وفِي كِتَابِ كَمَالِ الدِّينِ لِابْنِ بَابَوَيْهِ ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ رَوْحٍ قُدِّسَ سِرُّهُ قَالَ : فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ فِي أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ بِحِسَابِ الْجُمَّلِ وَعَقَدَ بِيَدِهِ ثَلَاثَةً وَسِتِّينَ « إِنَّ مَعْنَاهُ إِلَهٌ أَحَدٌ جَوَادٌ » انتهى.

ومن تدبر حروفها بالحساب المذكور وجدها كذلك وقد بيناه في ( عقد ).

وَفِي كِتَابِ الْمَنَاقِبِ لِابْنِ شَهْرِ آشُوبَ : رَوَى شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ، وَفِيهِ « قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله يَا عَمِّ إِنَّكَ تَخَافُ عَلَيَّ أَذَى أَعَادِيَّ وَلَا تَخَافُ عَلَى نَفْسِكَ عَذَابَ رَبِّي! فَضَحِكَ أَبُو طَالِبٍ وَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ دَعَوْتَنِي وَزَعَمْتَ أَنَّكَ نَاصِحِي وَلَقَدْ صَدَقْتَ وَكُنْتَ قُدْماً أَمِيناً وَعَقَدَ عَلَى ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ عَقَدَ الْخِنْصِرَ وَالْبِنْصِرَ ، وَعَقَدَ الْإِبْهَامَ عَلَى إِصْبَعِهِ الْوُسْطَى يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ».

وَفِي حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ قَالَ : « وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ حَتَّى آمَنَ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ ، قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله : يَا مُحَمَّدُ أَتَفْقَهُ لِسَانَ الْحَبَشَةِ؟ قَالَ : يَا عَمِّ إِنَّ اللهَ عَلَّمَنِي جَمِيعَ الْكَلَامِ ، قَالَ : يَا مُحَمَّدُ اسدن لمصافا طالاها ، يَعْنِي أَشْهَدُ مُخْلِصاً لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، فَبَكَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله وَقَالَ إِنَّ اللهَ قَدْ أَقَرَّ عَيْنِي بِأَبِي طَالِبٍ ».

وأَجْمَلْتُ الصنيعة عند فلان : فعلت عنده فعلا محمودا.

وأَجْمَلَ في صنيعه كذلك.

والْمُجْمَلُ من القرآن وغيره خلاف المبين كالمشترك والمأول.

والْمُجَامَلَةُ : حسن الصنيعة مع الناس والمعاملة بِالْجَمِيلِ.

وَمِنْهُ « وَعَلَيْكُمْ بِمُجَامَلَةِ أَهْلِ الْبَاطِلِ ».

( جول )

قوله تعالى ( وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ ) [ ٢ / ٢٥١ ]

جَالُوتُ : جَبَّارٌ مِنْ أَوْلَادِ عِمْلِيقَ مِنْ عَادٍ ، وَكَانَ مَعَهُ مِائَةُ أَلْفٍ.

وَمِنْ قِصَّتِهِ أَنَّ أَبَا دَاوُدَ النَّبِيِّ كَانَ فِي عَسْكَرِ طَالُوتَ مَعَ سِتَّةٍ مِنْ بَنِيهِ وَكَانَ

٣٤٤

دَاوُدُ سَابِعَهُمْ ، وَكَانَ صَغِيراً يَرْعَى الْغَنَمَ ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَى نَبِيِّهِمْ أَنَّهُ الَّذِي يَقْتُلُ جَالُوتَ ، فَطَلَبَهُ مِنْ أَبِيهِ فَجَاءَ وَقَدْ كَلَّمَتْهُ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ ، وَقَالَتْ لَهُ إِنَّكَ بِنَا تَقْتُلُ جَالُوتَ ، فَحَمَلَهَا فِي مِخْلَاتِهِ ، وَرَمَاهُ بِهَا فَقَتَلَهُ ، ثُمَّ زَوَّجَهُ طَالُوتُ بِنْتَهُ ( وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ ) ، أَيْ مُلْكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَلَمْ يَجْتَمِعِ الْمُلْكُ وَالنُّبُوَّةُ قَبْلَ دَاوُدَ لِأَحَدٍ ، بَلْ كَانَ الْمُلْكُ فِي سِبْطٍ ، وَالنُّبُوَّةُ فِي سِبْطٍ آخَرَ ، وَلَمْ يَجْتَمِعَا إِلَّا لِدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عليهما السلام.

وجَالَ يَجُولُ جَوْلاً وجَوَلَاناً : إذا ذهب وجاء.

وكذلك أَجَالَ وانْجَالَ.

والتَّجْوَالُ : التطواف.

ومنه الْجَوَلَانُ في الحرب.

وجَالَ جَوْلَةً : إذا دار.

ومنه قَوْلُهُ « لِلْبَاطِلِ جَوْلَةٌ ثُمَّ تَضْمَحِلُّ ».

يعني أن أهله لا يستقرون على أمر يعرفونه ويطمئنون إليه.

وتَجَاوَلُوا في الحرب أي جَالَ بعضهم على بعض.

و « قَمَعَ بِجُودِهِ جَوَائِلَ الْأَوْهَامِ » أي التي تَجُولُ في الأكباد.

( جهل )

قوله تعالى ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ) [ ٤ / ١٧ ] الآية الْجَهْلُ : خلاف العلم يقال جَهِلَ فلان جَهْلاً وجَهَالَةً.

قيل أجمعت الصحابة على أن كل ما عصي الله به فهو جَهَالَةٌ ، وكل من عصى الله فهو جَاهِلٌ.

وقيل الْجَهَالَةُ : اختيار اللذة الفانية على اللذة الباقية.

قوله ( يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ ) [ ٢ / ٢٧٣ ] أي الْجَاهِلُ بحالهم.

وَفِي الْخَبَرِ « مَنِ اسْتَجْهَلَ مُؤْمِناً فَعَلَيْهِ إِثْمُهُ ».

أي من حمله على شيء ليس من خلقه فيغضبه فإنما إثمه على من أحرجه إلى ذلك.

وَفِيهِ « إِنَّ مِنَ الْعِلْمِ جَهْلاً » قيل هو أن يتعلم ما لا يحتاج إليه كالنجوم وعلوم الأوائل ويدع ما يحتاج إليه في دينه من علم القرآن والسنة.

٣٤٥

وَفِي الْحَدِيثِ « خَلَقَ اللهُ الْجَهْلَ مِنَ الْبَحْرِ الْأُجَاجِ ظُلْمَانِيّاً فَقَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَلَمْ يُقْبِلْ ، فَقَالَ لَهُ اسْتَكْبَرْتَ فَلَعَنَهُ ».

ومثله « خَلَقَ اللهُ الْعَقْلَ مِنْ نُورِ عَرْشِهِ ، وَالْجَهْلَ مِنَ الْبَحْرِ الْأُجَاجِ ظُلْمَانِيّاً ».

والْجَاهِلُ البسيط هو الذي لا يعرف العلم ولا يدعيه.

والْجَاهِلُ المركب هو الذي لا يعلم ويدعي.

وقد أجمع أهل الحكمة العملية أن الجاهل المركب لا علاج له.

والْجَاهِلِيَّةُ : الحالة التي كانت عليها العرب قبل الإسلام من الجهل بالله ورسوله وشرائع الدين ، والمفاخرة بالآباء والأنساب ، والكبر والتجبر وغير ذلك.

ومنه الْحَدِيثُ « إِذَا رَأَيْتُمُ الشَّيْخَ يَتَحَدَّثُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِأَحَادِيثِ الْجَاهِلِيَّةِ فَارْمُوا رَأْسَهُ بِالْحَصَى ».

وقولهم كان ذلك في الْجَاهِلِيَّةِ الْجَهْلَاءِ ، وهو تأكيد للأول يشتق له من اسمه ما يؤكده به ، كقولهم ليلة ليلاء ، ويوم أيوم ، ونحو ذلك.

وقد جَهِلَ فلان جَهْلاً وجَهَالَةً وتَجَاهَلَ أرى من نفسه ذلك وليس به.

واسْتَجْهَلَ الرجل : عده جَاهِلاً واستخفه أيضا.

( جيل )

الْجِيلُ بالكسر : الصنف من الناس ، فالترك جِيلٌ ، والروم جِيلٌ ، والهند جِيلٌ ونحو ذلك.

باب ما أوله الحاء

( حبل )

قوله تعالى ( وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ) [ ٥٠ / ١٦ ] الوريد : عرق في صفحة العنق بين الأوداج تنتفخ عند الغضب ، تزعم العرب أنه من الوتين وهما وريدان لأن الزوج ترده.

٣٤٦

وقيل هو عرق بين العنق والمنكب.

وحَبْلُ الوريد بإضافة الشيء إلى نفسه ، لاختلاف اللفظين.

وحَبْلُ الوريد مثل في فرط القرب كما قالوا هو مني معقد الإزار.

قوله ( إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ ) [ ٣ / ١١٢ ] الْحَبْلُ العهد والأمان أي إلا معتصمين بذمة الله تعالى أو كتابه الذي أتاهم ، وذمة المسلمين واتباع سبيل المؤمنين.

ويسمى العهد : حَبْلاً لأنه يعقد به الأمان كما يعقد الشيء بالحبل.

وقيل إلا بموضع حبل استثناء متصل كما تقول ( ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ ) [ ٣ / ١١٢ ] إلا في هذا المكان.

والاعتصام بحبل الله : اتباع القرآن وترك الفرقة لِقَوْلِهِ صلى الله عليه واله « الْقُرْآنُ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ ».

استعار له الْحَبْلَ من حيث إن التمسك به سبب للنجاة عن الرَّدَى كما أن التمسك بِالْحَبْلِ سبب للسلامة عن الردى.

وَفِي حَدِيثِ وَصْفِ الْقُرْآنِ « هُوَ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ».

أي نور ممدود يعني نور هداه.

والعرب تشبه النور الممتد بِالْحَبْلِ والخيط.

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ « هُوَ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ » أي نور هداه.

وقيل عهده وأمانه الذي يؤمن به من العذاب.

والْحَبْلُ معروف ، والجمع حِبَالٌ كسهم وسهام.

والْحَبْلُ : الرسن وجمعه حُبُولٌ ، كفلس وفلوس.

والْحَبْلُ : عرق في الذراع وفي الظهر.

والْحِبَالُ في الساق : عصبها.

وفي الذكر عروقه.

ويقال هي في حِبَالِ فلان أي مرتبطة بنكاحه كالمربوط في الْحِبَالِ.

وَفِي الْحَدِيثِ « فَوَجَدْنَاهُ فِي حِبَالِ اللهِ ».

يعني وجدناه مريضا.

وَفِي الدُّعَاءِ « يَا ذَا الْحَبْلِ الشَّدِيدِ ».

هكذا يروى بالباء الموحدة.

والمراد القرآن أو الدين أو السبب.

٣٤٧

وضربته على حَبْلِ عاتقه يريد موضع الرداء من العنق.

وقيل ما بين العنق والمنكب.

والْحَبَائِلُ : عروق ظهر الإنسان.

ومنه حَدِيثُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْبَلَلِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ « إِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الْحَبَائِلِ ».

وحَبَائِلُ الشيطان : مصائده واحدها حِبَالَةٌ بالكسر.

وهي ما يصاد بها من أي شيء كان.

ومنه الْحَدِيثُ « النِّسَاءُ حِبَالَةُ الشَّيْطَانِ ».

ومِنْهُ « الْإِمَامُ مَطْرُودٌ عَنْهُ حَبَائِلُ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ ».

وحَبَائِلُ اللؤلؤ كأنه جمع على غير القياس ، أو تصحيف جنابذ.

وحَبِلَتِ المرأة بالكسر حَبْلاً : إذا حملت الولد.

والْحُبْلَى : الحامل.

ونسوة حَبَالَى وحُبَالَيَاتٌ.

والْحُبْلَى : لقب رجل سمي به لعظم بطنه.

وبنو الْحُبْلَى : بطن من الأنصار.

وَفِي الْخَبَرِ « نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ ».

والْحَبَلُ بالتحريك : مصدر سمي به المحمول الثاني ، والتاء للتأنيث ، فأريد بالأول ما في بطون النوق من الحمل وبالثاني الْحَبَلُ الذي في بطون النوق.

ونهى عنه لأن بيع ما لم يخلق غرر.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَمَّا هَبَطَ نُوحٌ مِنَ السَّفِينَةِ غَرَسَ غَرْساً ، وَكَانَ فِيمَا غَرَسَ الْحَبَلَةُ » أعني الكرم.

قال الجوهري : الْحَبَلَةُ بالتحريك القضيب من الكرم ، وربما جاء بالتسكين.

وَفِي حَدِيثِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ « كَانَتْ لَهُ حَبَلَةٌ.

قُلْتُ : وَمَا الْحَبَلَةُ؟ قَالَ الْكَرْمُ ».

والْحُبْلَةُ بالضم : العضاية.

ومنه الْخَبَرُ « لَقَدْ أَتَيْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ نَغْزُو وَمَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا الْحَبَلَةُ مَعَ وَرَقِ السَّلَمِ ».

والْحَبَلُ : الرجل القصير ، واسم رجل.

( حثل )

فِي الْحَدِيثِ « وَلَكِنَّ حُثَالَةً مِنَ النَّاسِ يُعَيِّرُونَ زُوَّارَ قُبُورَنَا كَمَا تُعَيَّرُ الزَّانِيَةُ بِزِنَاهَا ».

الْحُثَالَةُ بضم الحاء : الرديء من

٣٤٨

كل شيء.

ويقال هو من حُثَالَتِهِمْ أي مما لا خير فيه منهم.

وحُثَالَةُ الدهن : رديه.

والْحُثَالَةُ : ما يسقط من قشر الشعير والأرز والتمر ونحو ذلك.

( حجل )

فِي الْحَدِيثِ « خَيْرُ الْخَيْلِ الْأَقْرَحُ الْمُحَجَّلُ ».

التَّحْجِيلُ : بياض يكون في قوائم الفرس الأربع أو ثلاث منها أو في رجليه قل أو كثر ، بعد أن يتجاوز الأرساغ ولا يجاوز الركبتين والعرقوبين ، ولا يكون التَّحْجِيلُ باليد واليدين ما لم يكن معها رجل أو رجلان.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ ».

أي مواضع الوضوء من الأيدي والأقدام ، إذا دعوا على رءوس الأشهاد أو إلى الجنة كانوا على هذا النهج استعار أثر الوضوء في الوجه واليدين والرجلين للإنسان من البياض الذي يكون في وجه الفرس ويديه ورجليه.

والْحِجْلُ بالكسر : الخلخال ، والفتح لغة ، والجمع حُجُولٌ وأَحْجَالٌ كحمول وأحمال.

والْحَجَلَةُ بالتحريك : واحدة حِجَالِ العروس وهي بيت يزين بالثياب والأسرة والستور.

ومنه الْحَدِيثُ « عُقُولُهُمْ كَعُقُولِ رَبَّاتِ الْحِجَالِ ».

ووجه الشبه هو أن النساء ضعفاء عن إدراك وجوه المصالح.

والْحَجَلُ طير معروف على قدر الحمام أحمر المنقار يسمى دجاج البر ، الواحدة حَجَلَةٌ وزان قصب وقصبة.

يقال للذكر والأنثى ، واسم جمعه حِجْلَى.

ولم يأت جمع فعل على فِعلى بكسر الفاء إلا حرفان ( حِجْلَى ) و ( ضِرْبَى ) جمع ضِربان وهي دويبة منتنة الريح ، كذا في حياة الحيوان.

( حزقيل )

حِزْقِيلُ : نبي من أنبياء الله من بني إسرائيل.

وفي القاموس حِزْقِلُ كزبرج وزنبيل : اسم نبي من الأنبياء.

٣٤٩

( حصل )

قوله تعالى ( وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ ) [ ١٠٠ / ١٠ ] أي ميز وبين وجمع.

ومستخرج البئر من المعدن يسمى مُحَصَّلٌ.

وَفِي الْحَدِيثِ « سَأَلْتُهُ عَنِ الْحَوَاصِلِ الَّتِي تُصَادُ بِبِلَادِ الشِّرْكِ ».

والْحَوَاصِلُ جمع حَوْصَلٍ وهو طير كبير له حَوْصَلَةٌ عظيمة ، يتخذ منها الفرو.

وقيل وهذا الطائر يكون بمصر كثيرا.

وهو صنفان أبيض وأسود.

وهو كريه الرائحة لا يكاد يستعمل.

والأبيض أجوده ، وحرارته قليلة ورطوبته كثيرة وهو قليل البقاء ، كذا في حياة الحيوان.

والْحَوْصَلَّةُ بالتخفيف والتشديد واحدة حَوَاصِلِ الطير ، وهي ما يجتمع فيها الحب وغيره من المأكول.

وهي للطير كالمعدة للإنسان.

وحَصَّلْتُ الشيء تَحْصِيلاً.

وحَاصِلُ الشيء ومَحْصُولُهُ بمعنى ـ قاله في شمس العلوم.

وفرق في الاصطلاح العلمي بين الْحَاصِلِ والْمَحْصُولِ.

فالأول تفصيل بعد الإجمال.

والثاني عكسه.

وتَحْصِيلُ الكلام : رده إلى مَحْصُولِهِ.

( حظل )

الْحَنْظَلُ معروف ، ونونه زائدة ، وقيل أصلية.

وقد جاء في الحديث.

وَحَنْظَلَةُ : نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ بَعَثَهُ اللهُ إِلَى قَوْمٍ فَقَتَلُوهُ ، فَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ بُخْتَ نَصَّرَ كَمَا سَلَّطَهُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَاسْتَأْصَلَهُمْ.

وَحَنْظَلَةُ بْنُ عَامِرٍ الرَّاهِبُ اسْتُشْهِدَ بِأُحُدٍ وَكَانَ يُسَمَّى غَسِيلَ الْمَلَائِكَةِ.

لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه واله رَأَى الْمَلَائِكَةَ تَغْسِلُهُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ بِمَاءِ الْمُزْنِ ، بِصُحَفٍ [ بِصِحَافٍ ] مِنْ فِضَّةٍ.

وحَنْظَلَةُ : أكرم قبيلة من تميم ، يقال لهم حَنْظَلَةُ الْأَكْرَمُونَ.

٣٥٠

( حفل )

فِي الْخَبَرِ « نَهَى عَنِ التَّصْرِيَةِ وَالتَّحْفِيلِ ».

التَّحْفِيلُ مثل التصرية ، وهي أن لا تحلب الشاة أياما ليجتمع اللبن في ضرعها للبيع.

والشاة محفلة ومصراة.

وإنما سميت مُحَفَّلَةٌ لأن اللبن حُفِّلَ في ضرعها واجتمع وكل شيء كنزته فقد حَفَّلْتُهُ.

ومنه حَفَلَ القوم في المجلس من باب ضرب : اجتمعوا.

واسم ذلك الموضع : الْمَحْفِلُ كمجلس ، وهو مجتمع الناس.

وحيث يَحْتَفِلُ الماء أي يجتمع.

والجمع مَحَافِلُ كمجالس.

( حقل )

فِي الْحَدِيثِ « نَهَى عَنِ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ ».

الْمُحَاقَلَةُ : بيع الزرع في سنبله بحب من جنسه.

قيل هي مأخوذة من الْحَقْلِ وهي اكتراء الأرض بالحنطة.

وقيل المزارعة على النصف أو الثلث أو نحو ذلك.

وقيل هي من الْحَقْلِ وهي الساحة التي تزرع ، سميت بذلك لتعلقها في زرع في حَقْلٍ وهي بيع الزرع بحب منه أو من غيره.

وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْفَقِيهِ « نَهَى عَنِ الْمُحَاقَلَةِ يعني بيع التمر بالرطب والزبيب بالعنب ».

وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى « نَهَى عَنِ الْمُحَاقَلَةِ هِيَ بَيْعُ التَّمْرِ بِالزَّبِيبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ».

وكلتا النسختين على خلاف ما عليه شراح الحديث.

قال بعض الأعلام : إنما نهى الشارع عنها لأنها من المكيل والموزون الذي لا يجوز بيعه لجهالته إلا يدا بيد.

والْحَقْلُ : الأرض القراح.

والجمع حُقُولٌ كفلس وفلوس.

وحَوْقَلَ الشيء حَوْقَلَةً وحِيقَالاً : إذا كبر وفتر عن الجماع.

ومنه قول الراجز :

يا قوم قد حَوْقَلْتُ أو دنوت

وبعد حِيقَالِ الرجال موت

٣٥١

( حلل )

قوله تعالى ( وَأَنْتَ حِلٌ بِهذَا الْبَلَدِ ) [ ٩٠ / ٢ ] قيل معناه : وأنت مُحِلٌ بهذا البلد يعني مكة وهو ضد المحرم أي وأنت حَلَالٌ لك قتل من رأيت من الكفار.

وذلك حين أمر بالقتال يوم فتح مكة فَأَحَلَّهَا الله حتى قاتل وقتل.

وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه واله « لَمْ تَحِلَ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُ لِأَحَدٍ بَعْدِي وَلَمْ تَحِلَ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ » كَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍ

والْحُلُولُ : النزول.

قال تعالى ( أَوْ تَحُلُ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ ) [ ١٣ / ٣١ ].

وقال ( وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ) [ ٢٠ / ٨١ ] قرئ بضم اللام.

وبالكسر من حَلَ الدين وجب أداؤه.

وقرئ ( فَيَحِلَ ) بضم الحاء وكسرها كذلك.

ومثله ( وَيَحِلُ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ ) [ ١١ / ٣٩ ].

قوله ( لا يَحِلُ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ ) [ ٣٣ / ٥٢ ].

قيل هو من حَلَ الشيء حَلًّا : نقيض حرم فمن قرأ بالياء قدره بمعنى جميع النساء.

ومن قرأه بالتاء قدره بمعنى جماعة النساء.

وأحل الشيء : جعله حَلَالاً.

قال تعالى ( وَأُحِلَ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ ) [ ٤ / ٢٤ ].

قوله ( قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ ) [ ٦٦ / ٢ ] أي تحليلها بالكفارة من حَلَّلَ اليمين تَحْلِيلاً وتَحِلَّةً : أبرها.

قوله تعالى ( حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) [ ٢ / ١٩٦ ] أي مكانه الذي ينحر به.

قوله ( وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا ) [ ٥ / ٣ ] هو من حَلَ المحرم بمعنى أَحَلَ.

قوله ( وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ ) [ ٤ / ٢٣ ] الْحَلَائِلُ جمع حَلِيلَةً ، وحَلِيلَةُ الرجل امرأته.

وإنما قيل لامرأة الرجل : حَلِيلَةً وللرجل حَلِيلُهَا لأنها تَحِلُ معه ويَحِلُ معها.

وقيل لأن بعضها يَحِلُ على بعض.

٣٥٢

وقيل لأن كل واحد منهما يحل إزار صاحبه.

وَفِي الْحَدِيثِ « خَيْرُ الْكَفَنِ الْحُلَّةُ ».

هي بالضم على ما في القاموس : إزار أو رداء بردا وغيره ولا يكون حله إلا من ثوبين أو ثوب له بطانة.

يؤيده ما وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ « أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه واله رَأَى رَجُلاً عَلَيْهِ حُلَّتَانِ قَدْ اتَّزَرَ بِإِحْدَاهُمَا وَارْتَدَى بِالْأُخْرَى ».

وجمع الْحُلَّةِ حُلَلٌ كقلة وقلل.

وَفِيهِ أَحَلَّتْهَا آيَةٌ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى ( أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) [ ٤ / ٣ ] وَحَرَّمَتْهَا آيَةٌ وَهِيَ ( وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ ) [ ٤ / ٢٢ ].

وَفِيهِ « لَا يَأْخُذِ الْمُحْرِمُ شَعْرَ الْحَلَالِ ».

أي الْمُحِلَ الذي ليس بمحرم.

وَفِي حَدِيثِ الِاشْتِرَاطِ فِي الْإِحْرَامِ « فَإِنْ عَرَضَ لِي عَارِضٌ فَحُلَّنِي حَيْثُ حَبَسْتَنِي ».

كذا فيما صح من النسخ.

قال بعض الشارحين هو من حَلَ العقدة يَحُلُّهَا أي حُلَّ عقدي للإحرام حيث حبستني.

وحَلَلْتُ الْعُقْدَةَ أَحُلُّهَا حَلًّا : فتحتها.

وحَلَ بالمكان حَلًّا وحُلُولاً : نزل.

والْمَحَلُ : المكان الذي تَحُلُّهُ.

والْحَلُ بتشديد اللام : دهن السمسم.

ومنه الْحَلَّالُ بالتشديد أيضا.

وهو حِلٌ من الإحرام بالكسر : أي حَلَالٌ.

والْحِلُ بالكسر والتشديد : ما جاوز الحرم.

والْمَحَلَّةُ : منزل القوم.

وأَحْلَلْتُ له الشيء : جعلته له حَلَالاً.

والْحَلَالُ : ضد الحرام.

ومنه حَدِيثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه واله « أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَكَلَ مِنَ الْحَلَالِ الْقُوتَ صَفَا قَلْبُهُ وَرَقَّ وَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ وَلَمْ يَكُنْ لِدَعْوَتِهِ حِجَابٌ ».

والْمُحَلِّلُ في السبق بتشديد اللام الأولى وكسرها : الداخل بين المتراهنين إن سبق أخذ وإن لم يسبق لم يغرم.

والْمُحَلِّلُ في النكاح هو الذي يتزوج المطلقة ثلاثا حتى تَحِلَ للزوج الأول.

وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ « وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ »

٣٥٣

أي صار المصلي بالتسليم يَحِلُ له ما حرم منها بالتكبير من الكلام ، والأفعال الخارجة عن الصلاة كما يَحِلُ للمحرم بالحج عند الفراغ منه ما كان حراما عليه.

وحَلْ كهَلْ : زجر للناقة.

ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام « ثُمَّ بَعَثَ رَاحِلَتَهُ وَقَالَ حَلْ ».

وتَحَلَّلَ في يمينه أي استثنى.

واسْتَحَلَ الشيء أي عده حَلَالاً.

والتَّحْلِيلُ : ضد التحريم.

وَفِي الْحَدِيثِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ « مَا أَكْثَرَ مَا لَا يُقَلَّدُ وَلَا يُحَلَّلُ ».

بالحاء المهملة أي لا يبلغ مَحَلَّهُ.

وقد تقدم الكلام فيه (١).

وحَلَ المحرم يَحِلُ حَلَالاً وأَحَلَ يُحِلُ إِحْلَالاً : إذا حَلَ له ما حرم عليه من محظورات الحج.

وأَحَلَ الرجل : إذا خرج إلى الْحِلِ عن الحرم.

وأَحَلَ : إذا دخل في شهر الْحِلِ.

وحَلَّتِ العمرة لمن اعتمر أي صارت حلالا لكم جائزة.

وَفِي حَدِيثِ وَصْفِ الصَّانِعِ « لَمْ يَحِلَ فِي الْأَشْيَاءِ فَيُقَالَ هُوَ فِيهَا كَائِنٌ ، وَلَمْ يَنْأَ عَنْهَا فَيُقَالَ هُوَ مِنْهَا بَائِنٌ ».

قال بعض الشارحين : نفى بهاتين العبارتين عنه تعالى صفة الأعراض والأجسام لأن من صفة الأجسام التباعد والمباينة ، ومن صفات الأعراض الكون في الأجسام بِالْحُلُولِ على غير مماسة.

ومباينة الأجساد على تراخي المسافة.

وَسُئِلَ عليه السلام مَا أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ؟ فَقَالَ « الْحَالُ الْمُرْتَحِلُ ، قِيلَ وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ الْخَاتِمُ الْمُفْتَتَحُ ».

وهو الذي يَخْتِمُ القرآن بتلاوته ثم يفتتح التلاوة من أوله ، شبهة بالمسافر يبلغ المنزل فَيَحِلُ به ثم يفتتح سيره أي يبتدىء به.

وقيل أراد بِالْحَالِ المرتحل : الغازي الذي لا يعقل عن غزو إلا عقبه بآخر.

والْإِحْلِيلُ : يقع على ذكر الرجل وفرج المرأة.

__________________

(١) في ( قلد ).

٣٥٤

( حمل )

قوله تعالى ( حَمُولَةً وَفَرْشاً ) [ ٦ / ١٤٢ ] الْحَمُولَةُ بالفتح : الإبل التي تطيق أن يُحْمَلُ عليها والفرش قد مر ذكره (١).

قوله ( وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً ) [ ٦٩ / ١٤ ] أي رفعت عن أماكنها ( فَدُكَّتا ) أي فدك الْحَمْلَتَانِ : حَمْلَةُ الأرض وحَمْلَةُ الجبال يضرب بعضها ببعض حتى تندك وترجع ( كَثِيباً مَهِيلاً ) ، و ( هَباءً مُنْبَثًّا ).

وقيل بسطتا بسطة واحدة فصارتا أرضا مستوية ( لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً ).

والدك : أبلغ من الدق.

قوله ( وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ) [ ١١١ / ٤ ] يعني امرأة أبي لهب وهي عمة معاوية أم جميل بنت حرب كانت تمشي بالنميمة.

وحَمْلُ الحطب كناية عن النمائم لأنها كانت توقع بين الناس الشر وتشعل بينهم النيران كالحطب الذي يذكى به النار.

ويقال إنها كانت موسرة وكانت لفرط بخلها تَحْمِلُ الحطب على ظهرها فنبأها الله به عليها هذا القبيح من فعلها.

ويقال إنها كانت تقطع الشوك وتطرحه في طريق الرسول صلى الله عليه واله وأصحابه بالليل لتؤذيهم بذلك ، والحطب يعني به الشوك.

قوله ( فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها ) [ ٣٣ / ٧٢ ] عن الزجاج كل من خان الأمانة فقد حَمَلَهَا وكل من أثم فقد حَمَلَ الإثم.

( وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ ) [ ٣٣ / ٧٢ ] يعني الكافر والمنافق ويتم البحث في ( امن ) إن شاء الله تعالى.

قوله ( حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها ) [ ٦٢ / ٥ ] أي حُمِّلُوا الإيمان بها فحرفوها.

قوله ( وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ ) [ ٦٥ / ٤ ] فإذا طلقها الرجل ووضعت من يومها أو من غدها فقد انقضى أجلها وجائز لها أن تتزوج ، ولكن لا يدخل بها زوجها حتى تطهر.

وَفِي حَدِيثِ زُرَارَةَ عَنِ الْبَاقِرِ عليه السلام « الْحُبْلَى الْمُطَلَّقَةُ تَعْتَدُّ بِأَقْرَبِ

__________________

(١) في ( فرش ).

٣٥٥

الْأَجَلَيْنِ إِنْ مَضَتْ بِهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ تَضَعَ فَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ وَلَكِنَّهَا لَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى تَضَعَ فَإِذَا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَقَدِ انْقَضَى أَجَلُهَا وَالْحُبْلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تَعْتَدُّ بِأَبْعَدِ الْأَجَلَيْنِ ».

وحَمَلْتُ الشيء على ظهري أَحْمِلُهُ حِمْلاً بالكسر.

ومنه قوله تعالى ( وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً ) [ ٢٠ / ١٠١ ].

وحَمَلَتِ المرأة والشجر حَمْلاً بالفتح.

ومنه قوله تعالى ( حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً ) [ ٧ / ١٨٩ ] قال ابن السكيت الْحَمْلُ بالفتح ما كان في بطن أو على رأس شجر.

والْحِمْلُ بالكسر ما كان على ظهر أو رأس.

وعن ابن دريد حَمْلُ الشجرة فيه لغتان : الفتح والكسر.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « لَا تُنَاظِرُوهُمْ فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّ الْقُرْآنَ حَمَّالٌ ذُو وُجُوهٍ » أي معان مختلفة.

وَفِيهِ أَيْضاً « وَلَقَدْ حُمِلْتُ عَلَى مِثْلِ حَمُولَةِ الرَّبِّ ».

وكأنه أراد ما حُمِلَ عليها رسول الله صلى الله عليه واله حين الإسراء والمعنى أنا مشارك له في هذه الفضيلة لا غيري.

وَفِي الْحَدِيثِ « سَأَلْتُهُ عَنِ الْحَمِيلِ ـ وَهُوَ الْمَرْأَةُ ـ تُسْبَى وَمَعَهَا الْوَلَدُ الصَّغِيرُ ، فَتَقُولُ هُوَ ابْنِي ، وَالرَّجُلُ يُسْبَى فَيَلْقَى أَخَاهُ فَيَقُولُ هُوَ أَخِي وَلَيْسَ بَيْنَهُمْ بَيِّنَةٌ ».

قال الأصمعي الْحَمِيلُ : ما حَمَلَهُ السيل من كل شيء ، وكل مَحْمُولٍ فهو حَمِيلٌ كما يقال للمقتول قتيل.

ومنه قَوْلُ عُمَرَ فِي الْحَمِيلِ « لَا يُورَثُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ ».

وفي معاني الأخبار : سمي الْحَمِيلُ حَمِيلاً لأنه حُمِلَ من بلاده صغيرا ولم يولد في الإسلام.

وفي تفسير آخر إنما سمي حَمِيلاً لأنه مجهول النسب ، وهو أن يقول هذا أخي أو أبي أو ابني.

وَفِي دُعَاءِ سَفَرِ الْحَجِ « اللهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَهَذِهِ حُمْلَانُكَ ».

الْحُمْلَانُ : المتاع وأسباب السفر.

٣٥٦

وَفِي حَدِيثِ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِ « أَنْ لَا يَتَحَمَّلَ عَلَى الْأَصْدِقَاءِ » أي لا يرمي كله على أصدقائه.

وفي عبارة أخرى « وَمِنْ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِ أَنْ لَا يَتَحَامَلَ لِلْأَصْدِقَاءِ » كأنه من تَحَامَلْتُ الشيء : تكلفته على مشقة أي يتكلف لهم ما يشق عليه ويضر بحاله.

والْحَمَلُ محركة : الخروف إذا بلغ ستة أشهر.

وقيل هو ولد الضأن ، الجذع فما دونه والجمع حُمْلَانٌ وأَحْمَالٌ.

وَفِي الْحَدِيثِ :

لَبِثَ قَلِيلاً يَلْحَقُ الْهَيْجَا حَمَلْ

لَا بَأْسَ بِالْمَوْتِ إِذِ الْمَوْتُ نَزَلَ

يريد حَمَلَ بن بدر وهو من الأمثال وحَمَلُ : أحد البروج الاثني عشر.

وحَمَلَ عليه في الحرب حَمْلَةً يعني من غير تراخ.

وحَمَلَ على نفسه في السير أي أجهدها فيه.

وحَمَلْتُ إذلاله واحْتَمَلْتُ بمعنى.

والْحَمَلَةُ بالتحريك جمع الْحَامِلِ.

ومنه حَمَلَةُ القرآن.

وحَمَلَةُ العرش ، وهم اليوم أربعة : واحد منهم على صورة الديك يسترزق الله للطير.

وواحد منهم على صورة الأسد يسترزق الله للسباع.

وواحد منهم على صورة الثور يسترزق الله للبهائم.

وواحد منهم على صورة ابن آدم يسترزق الله لولد آدم.

فإذا كان يوم القيامة صاروا ثمانية.

قال الله تعالى ( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ) [ ٦٩ / ١٧ ].

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « إِنَّ هَاهُنَا عِلْماً جَمّاً لَوْ أَصَبْتُ لَهُ حَمَلَةً ».

أي من يكون أهلا له.

وجواب لو محذوف أي لبذلته.

وَفِي الدُّعَاءِ « وَالْقَبُولِ مِنْ حَمَلَتِهَا » أي ناقلوها.

وقَوْلُهُ « وَالتَّسْلِيمِ لِرُوَاتِهَا » عطف بيان للتوضيح.

نبه عليه بعض الأفاضل.

٣٥٧

وامرأة حَامِلٌ وحَامِلَةٌ إذا كانت حبلى فمن قال حامل قال هذا نعت لا يكون إلا للإناث ، ومن قال حاملة بناه على حملت فهي حاملة.

وحَمَّلْتُهُ الرسالة : كلفته حملها.

وتَحَامَلَ عليه أي مال.

وتَحَامَلْتُ على نفسي أي تكلفت للشيء على مشقة.

وتَحَمَّلُوا واحْتَمَلُوا بمعنى ارتحلوا.

والْمِحْمَلُ وزان المِرجَل : علاقة السيف الذي يتقلده المتقلد.

والْمَحْمِلُ : واحد مَحَامِلِ الحاج.

والْحَمَالَةُ بالفتح : ما يَتَحَمَّلُهُ عن القوم من الدية والغرامة مثل أن يقع حرب بين الفريقين يسفك فيها الدماء فيدخل بينهم رجل فَيَتَحَمَّلُ ديات القتلى ليصلح ذات البين.

ومنه الْحَدِيثُ « لَمْ أَجِدْ حَمَالَةً يَتَحَمَّلُونَهُ » يعني الحديث.

وبالكسر : علاقة السيف كالمحمل والجمع الْحَمَائِلُ.

وعن الأصمعي حَمَائِلُ السيف لا واحد لها من لفظها ، وإنما واحدها مَحْمِلٌ.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَنْ حَمَلَ مُؤْمِناً عَلَى شِسْعِ نَعْلٍ حَمَلَهُ اللهُ عَلَى نَاقَةٍ دَمْكَاءَ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ قَبْرِهِ ».

قيل كأن المراد أعانه به عند الحاجة إليه للنعل.

( حول )

قوله تعالى ( حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ ) [ ٢ / ٢٣٣ ] الْحَوْلُ : العام سمي حَوْلاً باعتبار الدوران وحَوْلُ الشيء : جانبه الذي يمكن أن يَحُولَ إليه ، سمي بذلك اعتبارا بالدوران والإطافة.

ومنه قوله تعالى ( حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ ) [ ٣٩ / ٧٥ ].

والتَّحَوُّلُ : التنقل من موضع إلى موضع والاسم الْحِوَلُ.

ومنه قوله تعالى ( لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً ) [ ١٨ / ١٠٨ ] أي تَحَوُّلاً أي حِيلَةً أي لا يَحْتَالُونَ منزلا عنها.

قوله ( يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ) [ ٨ / ٢٤ ] أي يملك على قلبه فيصرفه كيف شاء فيغير نياته ويفسخ عزائمه

٣٥٨

ويبدله بالذكر نسيانا وبالنسيان ذكرا وبالخوف أمنا وبالأمن خوفا.

وقيل يَحُولُ بينه وبين أن يخفى عليه شيء من سره وجهره فصار أقرب ( إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ).

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ ».

قيل الْحَوْلُ : الحركة فكأن القائل يقول لا حَرَكَةَ ولا استطاعة لنا على التصرف إلا بمشية الله تعالى.

وقيل الْحَوْلُ : القدرة أي لا قدرة لنا على شيء ولا قوة إلا بإعانة الله سبحانه.

وإنَ الْحَوْلَ بمعنى التَّحَوُّلِ والانتقال والمعنى لا حَوْلَ لنا عن المعاصي إلا بعون الله ولا قوة لنا على الطاعات إلا بتوفيق الله سبحانه.

وروى هذا المعنى الصدوق رحمه‌الله في كتاب التوحيد.

وقد يفسر الْحَوْلُ بِالْحِيلَةِ وهي ما يتوصل به إلى حَالَةٍ بما فيه خفية.

وقيل الْحِيلَةُ هي الْحَوْلُ قلبت واوه ياء لانكسار ما قبلها.

والمعنى لا يوصل إلى تدبير أمر وتغيير حَالٍ إلا بمشيتك ومعرفتك.

وقَوْلُهُ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ أي يعد لقائله ويدخر له من الثواب ما يقع له بالجنة موقع الكنز في الدنيا ، لأن من شأن الكافرين أن يستعدوا به ويستظهروا بوجدان ذلك عند الحاجة إليه.

وَفِي الدُّعَاءِ « اللهُمَّ بِكَ أَصُولُ وَبِكَ أَحُولُ » أي أتحرك.

وقيل أَحْتَالُ.

وقيل أدفع وأمنع ، من حَالَ بين الشيئين : إذا منع أحدهما عن الآخر.

وَفِيهِ أَيْضاً « بِحَوْلِ اللهِ وَقُوَّتِهِ ».

وفسر بالقوة وليس بسديد.

والوجه أن يقال بمقدرته التي يحول بها بين المرء وقلبه أو نحو ذلك.

وَفِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ « حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا ».

يقال « رأيت الناس حَوْلَهُ وحَوَالَيْهِ أي مطيفين به من جوانبه ».

يريد اللهم أنزل الغيث في مواضع النبات لا في مواضع الأبنية.

٣٥٩

والْحَوْلُ : السنة.

وكل ذي حافر أول سنته حَوْلِيٌ والأنثى حَوْلِيَّةٌ والجمع حَوْلِيَّاتٌ.

وحَالَ عن العهد أي انقلب.

وحَالَ لونه أي تغير واسود.

وحَالَ الشيء بيني وبينه أي حجز وقعد حِيَالَهُ وبِحِيَالِهِ أي بإزائه وأصله الواو.

وَمِنْهُ « رَفَعَ يَدَيْهِ حِيَالَ وَجْهِهِ » أي أي بإزائه.

والمراد أنه لم يرفعهما بالتكبير أزيد من محاذاة وجهه.

والْحَالَةُ : واحدة حَالاتِ الإنسان وأَحْوَالِهِ.

والْحَائِلُ : الأنثى من ولد الناقة.

وحَاوَلْتُ الشيء : أردته.

والتَّحْوِيلُ : تصيير الشيء على خلاف ما كان فيه.

والتغيير : تصيير الشيء على خلاف ما كان.

وحَوَّلْتُ الرداء : إذا نقلت كل طرف إلى موضع.

والغرض من تَحْوِيلِهِ على ما ذكر في المجمع التفاؤل بِتَحْوِيلِ الحال من الجدب والعسر إلى الخصب واليسر.

وكيفيته أن يأخذ بيده اليمنى بالطرف الأسفل من جانب يساره وبيده اليسرى من الطرف الأسفل من جانب يمينه ويقلب يديه خلف ظهره ، بحيث يكون الطرف المقبوض بيده اليمنى على كتفه اليمنى ، والمقبوض باليسرى على كتفه اليسرى ، فقد انقلب اليمين يسارا والأعلى أسفل.

و « يُحَوِّلُ اللهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ » أي يجعله بليدا.

ومن جوز المسخ على هذه الأمة حمله على ظاهره.

وأَحَلْتُهُ بدينه : إذا نقلته من ذمتك إلى غير ذمتك.

وأَحَالَ عليه بدينه مثله.

والاسم الْحَوَالَةُ وهي في مصطلح أهل الشرع : عقد شرع لِتَحْوِيلِ المال من ذمة إلى ذمة مشغولة بمثله أو غير مشغولة على اختلاف فيه ، بشرط رضاء الثلاثة.

واقتصر على رضاء الْمُحِيلِ والْمُحْتَالِ.

٣٦٠