مجمع البحرين - ج ٥

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٥

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٤

( أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ ) [ ٦ / ٧٠ ] أي مخافة أن تسلم نفس إلى الهلاك والعذاب وتَرْتَهِن بسوء كسبها.

كقوله تعالى ( يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ) [ ٤ / ١٧٦ ].

وَفِي الدُّعَاءِ « لَا تُبْسِلْنِي ».

بالباء الموحدة أي لا توردني الهلاك.

وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِ « اسْتَبْسَلَ عَبْدِي ».

أي استسلم لأمري.

يقال بَسَلَ نفسه للموت أي وطنها.

والْبَسْلُ : الحرام.

والْإِبْسَالُ : التحريم.

والْبَسَالَةُ بالفتح : الشجاعة.

وقد بَسُلَ بالضم فهو بَاسِلٌ أي بطل.

وأَبْسَلْتُ الشخصَ : أسلمته للهلكة ، فهو مُبْسَلٌ.

( بسمل )

بَسْمَلَ الرجل : إذا قال بسم الله.

يقال قد كثرت من الْبَسْمَلَةِ أي من قول بسم الله.

قال بعض المفسرين : قد طال التشاجر في شأن أوائل السور المصدرة بها في المصاحف هل هي هناك جزء من تلك السورة الكريمة سواء الفاتحة وغيرها ، أو من الفاتحة لا غير ، أو أنها ليست جزء من شيء ، بل آية منفردة من القرآن أنزلت للفصل بين السور ، أو أنها لم تنزل إلا بعض آية في سورة النمل ، وإنما يأتي التالي بها في أوائل السور للتميز والتبرك أو أنها آيات من القرآن أنزلت بعدد السور من غير كونها جزء شيء منها.

والأول مذهب الأصحاب كافة ، وقد وردت به الروايات عن أئمة أهل البيت عليهم السلام.

والثاني مختار بعض الشافعية.

والثالث مختار متأخري فقهاء الحنفية.

والمشهور بين قدمائهم هو الرابع.

والخامس منسوب إلى أحمد وداود.

( بصل )

الْبَصَلَةُ محركة معروفة.

والجمع بَصَلٌ كقصبة وقصب.

( بطل )

قوله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا

٣٢١

أَعْمالَكُمْ ) [ ٤٧ / ٣٣ ] أي لا تُبْطِلُوهَا بمعصية الله والرسول أو بالشك والنفاق.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : لَا تُبْطِلُوهَا بِالرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ.

كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍ

قوله ( لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ ) الآية أي لا يتطرق إليه الْبَاطِلُ من جهة من الجهات.

ويقال المراد به إبليس لعنه الله أي لا يزيد فيه ولا ينقص منه.

وقد مر في ( أَتَى ) مزيد كلام في الآية.

والْبَاطِلُ : خلاف الحق.

والجمع أَبَاطِيلُ على خلاف القياس.

والْبَاطِلُ : الشرك أيضا.

وأَبْطَلَ الرجل : إذا جاء بِالْبَاطِلِ.

وبَطَلَ من العمل بَطَالَةً بالفتح.

وحكي الكسر وهو أفصح.

وربما قيل بَطَالَةٌ حملا على العمالة.

وبَطَلَ الشيء يَبْطُلُ بَطْلاً وبُطُولاً وبُطْلَاناً وقول الشاعر :

ألا كل شيء ما خلا الله بَاطِلٌ (١)

أي فان أو غير ثابت أو خارج عن حد الانتفاع ، أي ما خلا الله وصفاته ، وما كان له من الصالحات كالإيمان والثواب.

وذهب دمه بَطْلاً أي هدرا.

وبَطَلَ الأجير بَطَالَةً أي تعطل.

( بعل )

قوله تعالى ( وَبُعُولَتُهُنَ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ ) [ ٢ / ٢٢٨ ] بَعْلُ المرأة : زوجها ، والجمع الْبُعُولَةُ.

قوله ( أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ ) [ ٣٧ / ١٢٥ ] بَعْلُ بالفتح فالسكون : اسم صنم كان لقوم إلياس عليه السلام.

وَفِي الْحَدِيثُ « جِهَادُ الْمَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ ».

التَّبَعُّلُ حسن العشرة وحسن صحبة المرأة مع بعلها.

والْبِعَالُ : النكاح ، وملاعبة الرجل امرأته فعال من الْبَعْلِ وهو الزوج.

ومنه حَدِيثُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ « أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَبِعَالٍ » أي نكاح.

يقال بَعَلَ يَبْعُلُ بَعْلاً من باب قتل

__________________

(١) آخره : وكل نعيم لامحالة زائل.

٣٢٢

بُعُولَةً : إذا تزوج.

والْمُبَاعَلَةُ : المباشرة.

والْبَعْلُ كَالتَّبَعُّلِ : حسن العشرة.

ويستعار الْبَعْلُ للنخل وهو ما يشرب بعروقه من الأرض فاستغنى عن السقي.

وعن أبي عمرو : والْبَعُل والعذي واحد وهو ما سقته السماء.

وعن الأصمعي ، العذي : ما سقته السماء ، والْبَعْلُ : ما شرب من عروقه من غير سقي ولا سماء.

( بغل )

الْبِغَالُ جمع بَغْلٍ وهي التي تركب يقال سُمي بذلك من التَّبْغِيلِ وهو ضرب من السير.

والأنثى بغلة.

والْبِغَالُ بالتشديد : صاحب الْبِغَالُ والدرهم الْبَغْلِيُ بسكون الغين وتخفيف اللام : منسوب إلى ضراب مشهور باسم رأس الْبَغْلِ (١).

وقيل هو بفتح الغين وتشديد اللام منسوب إلى بلد اسمه بَغْلَةُ قريب من الحلة ، وهي بلدة مشهورة بالعراق.

والأول أشهر على ما ذكره بعض العارفين.

وقدرت سعته بسعة أخمص الراحة وبعقد الإبهام.

والدرهم الشرعي دون الْبَغْلِيِ ، عرف ذلك بالاعتبار.

( بقل )

قوله تعالى ( فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها ) [ ٢ / ٦١ ] الآية الْبَقْلُ هو ما أنبتته الأرض من الخضر كالنعناع والكراث والكرفس ونحوها.

وكل نبات أخضر له الأرض : بَقْلٌ.

ومنه الْبِقَالُ وهو الذي يبيع الْبُقُولَ.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا زَكَوةَ فِي الْخُضَرِ وَالْبُقُولِ ».

والْبَقْلَةُ الحمقاء : سيدة الْبَقْلِ وهي الرجلة واستحمقت لأنها تنبت في المسيل.

والْبَاقِلَاءُ معروفة.

قال الجوهري : إذا شددت اللام قصرت ، وإن خففت مددت

__________________

(١) وهو يهودي كان يضرب الدراهم أيام عمر بن الخطاب بسكة فارسية.

٣٢٣

والواحدة بَاقِلَاءَةُ.

وَفِي حَدِيثٍ « أَكْلُ الْبَاقِلَاءِ يُمَخِّخُ السَّاقَيْنِ » أي يصير فيهما الْمُخَّ.

( بكل )

في الحديث نوف الْبِكَالِيُ (١) بفتح الباء وتخفيف الكاف ، كان صاحب علي عليه السلام ، ونقل عن تغلب أنه منسوب إلى بِكَالَةَ قبيلة.

وقال القطب الراوندي هو منسوب إلى بِكَالٍ حي من همدان.

وقال عبد الحميد بن أبي الحديد : إنما هو بِكَالُ بكسر الباء قبيلة من حمير.

فمنهم هذا الشيخ وهو نوف بن فضالة صاحب علي عليه السلام.

( بلل )

فِي الْحَدِيثِ « فَمَسَحَ بِبِلَّةِ مَا بَقِيَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ » الْبِلَّةُ بكسر الموحدة وتشديد اللام : الاسم من الِابْتِلَالِ وهي النداوة والرطوبة.

يقال بِلَّةٌ أي رطوبة ونداوة.

وبَلَلْتُهُ بالماء بَلًّا فَابْتَلَ.

وجمع الْبَلِ : بِلَالٌ كسهم وسهام.

والاسم الْبَلَلُ بفتحتين.

ومنه الْحَدِيثُ « احْتَلَمَ وَلَمْ يَجِدْ بَلَلاً ».

وابْتَلَّتِ العروق : ترطبت وتنددت.

وبَلَ رحمه : إذا وصله.

ومنه الْحَدِيثُ « بُلُّوا أَرْحَامَكُمْ وَلَوْ بِالسَّلَامِ » أي ندوها بصلتها.

وهم يطلقون النداوة على الصلة كما يطلقون اليبس على القطيعة.

لأنهم لما رأوا بعض الأشياء تتصل وتختلط بالنداوة ، ويحصل بينها التجافي والتفرق باليبس استعاروا البلل لمعنى الوصل ، واليبس لمعنى القطيعة.

وَفِي الْحَدِيثِ « فَدَعَا بِلَالاً فَعَلَّمَهُ الْأَذَانَ ».

بِلَالُ بْنُ حَمَّامٍ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللهِ (٢) صلى الله عليه واله مِنَ الْحَبَشَةِ شَهِدَ بَدْراً

__________________

(١) تقدّم بعض الكلام عنه في ( نوف ).

(٢) الصّحيح : بلال بن رباح وأمّا ابن حمامة فهو غير المترجم على ما ذكره بعض المحقّقين أو لعلّ ذلك نسبة إلى أمّه.

٣٢٤

وَأُحُداً وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلِّهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله.

وَلَمْ يُؤَذِّنْ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه واله لِأَحَدٍ فِيمَا رُوِيَ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي قُدُومِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ لِزِيَارَةِ قَبْرِ الرسول صلى الله عليه واله فَأَذَّنَ وَلَمْ يُتِمَّ الْأَذَانَ.

مَاتَ بِدِمَشْقَ بِسَنَةِ عِشْرِينَ وَقِيلَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ بِالطَّاعُونِ ، وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.

وَدُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيرِ.

وَقِيلَ مَاتَ بِحَلَبٍ وَدُفِنَ عَلَى بَابِ الْأَرْبَعِينَ (١).

وريح بَلَّةٌ بالفتح أي فيها بَلَلٌ وكل ما يُبَلُ به الحلق من ماء ولبن فهو بِلَالٌ.

والْبَلْبَلَةُ : شدة الهم والحزن والوسواس وبَلْبَلَةُ الصدر : وسوسته.

والْبَلَابِلُ هي الهموم والأحزان.

تَبَلْبَلَتِ الألسن : اختلطت.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « لَتُبَلْبَلُنَ بَلْبَلَةً وَلَتُغَرْبَلُنَّ غَرْبَلَةً وَلَتُسَاطُنَّ سَوْطَ الْقَدْرِ حَتَّى يَعُودَ أَسْفَلُكُمْ أَعْلَاكُمْ وَأَعْلَاكُمْ أَسْفَلَكُمْ ».

كأنه يريد الامتحان والاختبار والابتلاء ليتميز المحق من المبطل.

وقد سبق معنى سوطة القدر (٢) وسيأتي معنى الغربلة (٣).

والْبُلْبُلُ بضم الباءين : طائر معروف يعد من العصافير.

وبَلْ حرف من حروف العطف يعطف به الثاني على الأول فيلزمه مثل إعرابه.

قال الجوهري وهو للإضراب عن الأول للثاني تعطف بها بعد النفي والإثبات

__________________

(١) روي أن بلالا لما أتى من بلاد الحبشة إلى النبي صلى الله عليه واله وأنشده بلسان الحبشة شعرا

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً ( ما سألتَ يَهُونُ)

فقال عليه السلام لحسان : اجعل معناه عربيا فقال حسان :

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً ( ما سألتَ يَهُونُ)

(٢) في ( سوط ).

(٣) في ( غربل ).

٣٢٥

جميعا.

وربما وضعوه موضع رب كقول الراجز :

بل مهمة قطعت بعد مهمة

كما يوضع الحرف موضع غيره اتساعا.

وقوله تعالى ( ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ ) [ ٣٨ / ٢ ] قال الأخفش عن بعضهم : إن بَلْ هنا بمعنى إنَّ فلذلك صار القسم عليها

( بول )

قوله تعالى ( وَأَصْلَحَ بالَهُمْ ) [ ٤٧ / ٢ ] أي شأنهم وحالهم بأن نصرهم على عبادتهم في الدنيا ويدخلهم الجنة في العقبى.

قوله ( فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى ) [ ٢٠ / ٥١ ] أي ما حال الأمم الماضية في السعادة والشقاوة.

ومثله ( ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ ) [ ١٢ / ٥٠ ].

وَفِي الْحَدِيثِ « كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَمْ يُبْدَأْ بِحَمْدِ اللهِ فَهُوَ أَبْتَرُ ».

أي كل أمر ذي شأن وخطر يحتفل له ويهتم به.

وما يخطر هذا بِبَالِي أي بقلبي.

وما ألقي إليه بَالاً أي ما أسمع إليه ولا جعل قلبه نحوه.

والْبَالُ : النفس.

ومنه فلان رخي الْبَالِ.

والْبَالُ : الحال يقال ما بَالُكَ.

وأنعم الله بَالَكَ.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَا بَالُ الرَّضَاعِ كَذَا ».

« وَمَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْوُونَ عَنْ فُلَانٍ ».

والْبَوْلُ واحد الْأَبْوَالِ.

وقد بَالَ يَبُولُ.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا أُبَالِي أَبَوْلٌ أَصَابَنِي أَمْ مَاءٌ » أي لا أكترث له ولا أهتم لأجله.

وبَالَ الشَّيْطَانُ بِأُذُنِهِ من المجاز أي سخر منه وظهر عليه حتى نام عن طاعة الله تعالى.

وقيل هو ضرب مثل له حين غفل عن الصلاة ، وتثاقل بالنوم عن القيام لها بمن وقع في أذنه بَوْلٌ فثقل سمعه وفسد حسه.

والْبَوْلُ ضار مفسد فلهذا ضرب به المثل.

وهذا كقول راجز العرب :

وبَالَ سهيل في الفضيخ ففسد

٣٢٦

جعل طلوع سهيل وفساد الفضيخ بعد ذلك بمثابة ما يقع من الْبَوْلِ في الشراب فيفسده.

والْمِبْوَلَةُ بالكسر : كوز يُبَالُ فيه.

( بهل )

قوله تعالى نَبْتَهِلْ [ ٣ / ٦١ ] أي نلتعن أي ندعو الله على الظالمين.

يقال بَهَلَهُ الله من باب نفع : لعنه.

وقد مرت قصة الْمُبَاهَلَةِ في ( حجج ) ويوم الْمُبَاهَلَةِ هو اليوم الرابع والعشرين (١) من ذي الحجة.

وقيل الخامس والعشرين والأول أشهر.

وَصِفَةُ الْمُبَاهَلَةِ : أَنْ تُشَبِّكَ أَصَابِعَكَ فِي أَصَابِعِ مَنْ تُبَاهِلُهُ وَتَقُولُ :

« اللهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَالْأَرَضِينَ السَّبْعِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ، إِنْ كَانَ فُلَانٌ جَحَدَ الْحَقَّ وَكَفَرَ بِهِ فَأَنْزِلْ عَلَيْهِ ( حُسْباناً مِنَ السَّماءِ ) وَعَذَاباً أَلِيماً » كَذَا فِي الْحَدِيثِ

وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ.

والِابْتِهَالُ بالدعاء : رفع اليدين ومدهما تلقاء الوجه وذلك عند الدمعة ثم الدعاء.

وفِي حَدِيثٍ آخَرَ « الِابْتِهَالُ أَنْ تَبْسُطَ يَدَيْكَ وَذِرَاعَيْكَ إِلَى السَّمَاءِ تُجَاوِزُ بِهِمَا رَأْسَكَ ».

وفي النهاية الِابْتِهَالُ أن تمد يديك جميعا وأصله التضرع في السؤال.

وَفِي الْحَدِيثِ « ثُمَ ابْتَهِلْ بِاللَّعْنَةِ عَلَى قَاتِلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام » أي اجتهِدْ باللعنة عليه.

وبَاهِلَةُ قبيلة من قيس عيلان.

وهو في الأصل اسم امرأة من همدان فنسب ولده إليها.

والْبُهْلُولُ من الرجال : الضحَّاك.

__________________

(١) هكذا في النسخ! والظاهر : بالواو رفعا بدلا من الياء نصبا.

٣٢٧

باب ما أوله التاء

( تبل )

في الحديث « ذكر » التَّوَابِلُ ، وهي الكباب وما شابهها [ ما يطيب به الطعام كالفلفل ونحوه ].

والتَّابَلُ والتَّابِلُ : واحد تَوَابِلِ القدر.

وتَبَلَهُمُ القدر وأَتْبَلَهُمْ : أفناهم.

وتَبَلَهُ الحب وأَتْبَلَهُ : أسقمه وأفسده.

وقلبي اليوم مَتْبُولٌ أي مصاب تَبْلٌ وهو الذحل والعداوة.

( تفل )

التُّفْلُ : نفخ معه أدنى بزاق وهو أكثر من النفث.

يقال الأول البزاق ثم النفث ثم النفخ وتَفَلَ يَتْفُلُ ويَتْفِلُ كسرا وضما : فعل ذلك.

( تلل )

قوله تعالى ( وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ) [ ٣٧ / ١٠٣ ] أي صرعه.

يقال تَلَّهُ تَلًّا من باب قتل : صرعه وهو كما يقال كبه لوجهه.

والتَّلُ : الدفع.

ومنه الْحَدِيثُ « الْقَاتِلُ يُتَلُ بِرُمَّتِهِ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ » أي يدفع برمته إليهم.

والتَّلُ من التراب معروف وهو الرابية.

والجمع تِلَالٌ مثل سهم وسهام.

والتَّلْتَلَةُ : الإزعاج.

يقال تَلْتَلَهُ أي أزعجه وأقلعه وزلزله.

والتَّالُ : ما يقطع من الأمهات أو يقلع من الأرض فيغرس.

٣٢٨

باب ما أوله الثاء

( ثعل )

الثُّعْلُ بالضم : خلف زائد صغير في أخلاف الناقة وفي ضرع الشاة.

قال إبراهيم بن همام السلولي في ذم العلماء السوء « وذموا لنا الدنيا وهم يرضعونها أفاويق حتى لا يدر لها ثُعْلٌ ».

قال الجوهري : وإنما ذكر الثُّعْلُ للمبالغة في الارتضاع.

( ثفل )

فِي الْحَدِيثِ « لَيْسَ فِي حَبِّ الْقَرْعِ وُضُوءٌ وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ثُفْلٌ ».

الثُّفْلُ بضم مثلثة وكسرها : الدقيق والسويق وحثالة الشيء وما ثَفُلَ من كل شيء.

والمراد هنا : النجاسة.

والثُّفْلُ : الثَّرِيدُ.

وَمِنْهُ « كَانَ يُحِبُ الثُّفْلَ ».

وثَافِلٌ اسم جبل.

ومنه شعر يزيد بن معاوية عند رجوعه من مكة :

إذا جعلنا ثَافِلاً يمينا

فلا نعود بعده سنينا

للحج والعمرة ما بقينا

فنقص الله عمره وأماته قبل أجله.

( ثقل )

قوله تعالى ( سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ ) [ ٥٥ / ٣١ ] هما الجن والإنس.

قيل سميا بذلك لتفضلهما على سائر الحيوانات بالتمييز.

وكل ما له قدر ووزن يتنافس فيه فهو ثَقَلٌ بالتحريك.

قوله ( ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) [ ٧ / ١٨٦ ] يعني الساعة خفي علمها على أهل السماوات والأرض وإذا خفي الشيء ثَقُلَ.

والثِّقْلُ : واحد الْأَثْقَالُ ، قال تعالى : ( وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ ) [ ١٦ / ٧ ] ومعناه تحمل أَثْقَالَكُمْ إلى بلد بعيد قد علمتم أنكم لا تبلغونه بأنفسكم إلا بجهد ومشقة فضلا أن تحملوا على ظهوركم أَثْقَالِكُمْ ،

٣٢٩

كذا في الكشاف.

وأَثْقَالُ الأرض : كنوزها.

ويقال هي أجساد بني آدم.

قال تعالى ( وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها ) [ ٩٩ / ٢ ] وهي جمع ثِقْلٍ.

والميتة إذا كانت في بطن الأرض فهو ثِقْلٌ لها.

وإذا كانت فوقها فهي ثِقْلٌ عليها.

قوله ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) [ ٩٩ / ٧ ] مِثْقَالُ الشيء : مثله وهي مفعال من الثقل.

ومنه قوله ( إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ ) [ ٣١ / ١٦ ].

قوله اثَّاقَلْتُمْ [ ٩ / ٣٨ ] أي تَثَاقَلْتُمْ وتباطأتم.

وضمن معنى الميل فعدي بإلى.

والمعنى ملتم إلى الدنيا ولذاتها وكرهتم مشاق السفر ونحوه إخلادا إلى الأرض.

قوله ( وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها ) [ ٣٥ / ١٨ ] أي نفس مُثْقَلَةٌ بالذنوب.

قوله ( سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ) [ ٧٣ / ٥ ] عنى بالقول الثَّقِيلِ : القرآن وما فيه من الأوامر والتكاليف الشاقة الصعبة.

أما ثِقْلُهَا على رسول الله صلى الله عليه واله فلأنه متحملها بنفسه ومحملها أمته فهي أبهظ مما يتحمله خاصة من الأذى.

وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه واله « إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللهِ وَعِتْرَتِي ».

قيل سميا بذلك لأن العمل بهما ثَقِيلٌ.

وقيل من الثَّقَلِ بالتحريك : متاع المسافر.

والثَّقَلُ الْأَكْبَرُ يراد به الكتاب.

والثَّقَلُ الْأَصْغَرُ : العترة عليهم السلام.

وَفِي الْحَدِيثِ « ثَقَّلَ اللهُ مِيزَانَهُ ».

بالقاف مشددة أي كثر حسناته التي يحصل بسببها ثِقْلُ الميزان.

وقد ورد وصف الميزان بالخفة والثِّقْلُ في الكتاب والسنة.

وذلك دليل على الوزن الحقيقي بأن تتجسم الأعمال ثم توزن.

وذلك مذهب جمهور أهل الإسلام ، وخروج عمل الإنسان من القبر ـ كما ورد

٣٣٠

في الحديث ـ دال على ذلك.

وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه واله « إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ أَهْلاً وَثَقَلاً وَهَؤُلَاءِ يَعْنِي عَلِيّاً وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ أَهْلُ بَيْتِي وَثَقَلِي ».

والدليل على ذلك قَوْلَهُ صلى الله عليه واله « مَنْ كَانَ لَهُ مِنْ أَنْبِيَاءَ ثَقَلٌ فَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ أَهْلُ بَيْتِي وَثَقَلِي ».

والثَّقَلُ بالكسر : ضد الخفة.

يقال ثَقُلَ الشيء بالضم ثِقَلاً وزان عنب ويسكن للتخفيف فهو ثقيل.

ويقال وجدت ثِقْلَهُ في جسدي أي ثِقْلاً وفتورا.

والْمِثْقَالُ واحد مَثَاقِيلِ الذهب والْمِثْقَالُ الشرعي على ما هو المشهور المعول عليه في الحكم ، عبارة عن عشرين قيراطا ، والقيراط ثلاث حبات من شعير ، كل حبة عبارة عن ثلاث حبات من الأرز.

فيكون بحب الشعير عبارة عن ستين حبة ، وبالأرز عبارة عن مائة وثمانين حبة فالمثقال الشرعي يكون على هذا الحساب عبارة عن الذهب الصنمي ، كما صرح به ابن الأثير حيث قال : الْمِثْقَالُ يطلق في العرف على الدينار خاصة ، والذهب الصنمي عبارة عن ثلاثة أرباع الْمِثْقَالُ الصيرفي ، عرف بذلك بالاعتبار الصحيح.

ومنه يعرف ضبط الدرهم الشرعي فإن المشهور أن كل سبعة مَثَاقِيلَ عشرة دراهم.

وعلى هذا فلو بسطنا السبعة على العشرة يكون الْمِثْقَالُ عبارة عن درهم وخمس وهو بحساب حب الشعير يكون عبارة عن اثنين وأربعين حبة من حب الشعير.

( ثكل )

فِي الْحَدِيثِ « ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ وَهَبِلَتْهُ الْهُبُولُ وَقَاتَلَهُ اللهِ ».

فهذه ونظائرها على ما قيل كلمات يستعملونها عند التعجب والحث على التيقظ في الأمور ولا يريدون بها الوقوع ولا الدعاء على المخاطب.

لكنها أخرجت عن أصلها إلى التأكيد مرة ، وإلى التعجب والاستحسان أخرى ، وإلى التعظيم أيضا والإنكار.

وثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أي فقدتك ، كأنه دعاء

٣٣١

عليه بالموت لسوء فعله.

والمراد إذا كنت كذا فالموت خير لك.

والْثُّكْلُ : فقد الولد.

وامرأة ثَاكِلٌ وثَكْلَاءُ.

ورجل ثَاكِلٌ.

وَفِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ عليها السلام عِنْدَ قَتْلِ حَمْزَةَ « لَا تَدْعِي بِذُلٍّ وَلَا ثُكْلٍ » وَفِي نُسْخَةٍ « بِوَيْلٍ ».

أي لا تقولي : وا ثَكْلَاهْ بضم مثلثة وإسكان كاف أو بتحريكهما بفتحتين ، ولا وا ويلاه.

ومثله لا تدعى بِثُكْلٍ ولا حَرَبٍ ، والحَرَب بالتحريك : نهب المال الذي يعيش فيه ، أي لا تقولي وا ثَكْلَاهْ ولا وا حَرَبَاه.

( ثلل )

قوله تعالى ( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) [ ٥٦ / ٤٠ ] الثُّلَّةُ بالضم والتشديد : الجماعة من الناس والكثيرة العدد ، وهي من الثَّلُ وهو الكسر كأنها جماعة كسرت من الناس وقطعت منهم ، وجمعها ثُلَلٌ بضم الثاء أي هم ( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ) من الأمم الماضية ، ( وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) من أمة محمد صلى الله عليه وآله.

ومثله ( وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) [ ٥٤ / ١٤ ] ممن سبق إلى إجابة نبينا محمد صلى الله عليه واله وهم قليلون بالنسبة إلى الأمم الماضين.

والثُّلَّةُ بالضم : جماعة الغنم.

ويسمى الصوف بِالثُّلَّةِ مجازا كقولهم كساء جيد الثَّلَّةُ.

والجمع ثِلَلٌ كبدرة وبدر.

وثَلَ الله عرشهم : هدم ملكهم.

( ثمل )

فِي حَدِيثِ أبي طالب عليه السلام يَمْدَحُ ابْنَ أَخِيهِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه واله :

وَأَبْيَضَ يَسْتَسْقِي الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ

ثمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ.

الثِّمَالُ ككتاب : الغياث والذي يقوم بأمر قومه.

يقال فلان ثِمَالُ قومه أي غياث لهم.

وقيل الثِّمَالُ : المطعم في الشدة.

والثَّمَلُ محركة : السكر.

وثَمِلَ الرجل كفرح فهو ثَمِلٌ : إذا

٣٣٢

أخذ فيه الشراب.

والثَّمِيلَةُ : البقية من الماء في أسفل الإناء والحوض.

وثُمَالَةُ : حي من العرب ، وأبو حمزة الثُّمَالِيُ نسبة إلى ذلك ، وهو من رجال الحديث (١).

( ثول )

الثَّوَلُ بالتحريك : داء يشبه الجنون.

يقال ثَوِلَ ثَوَلاً من باب تعب فهو أَثْوَلُ.

والأنثى ثَوْلَاءُ ، والجمع ثُولٌ مثل أحمر وحمراء وحمر.

والثُّؤْلُولُ وزان عصفور : شيء يخرج بالجسد والجمع الثَّآلِيلُ.

( ثيل )

فِي الْحَدِيثِ « لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الثِّيلِ ».

الثِّيلُ ككيس : ضرب من النبت معروف.

باب ما أوله الجيم

( جبل )

قوله تعالى ( وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً ) [ ٣٦ / ٦٢ ] أي خلقا والْجِبِلُ : الخلق.

وفيها على ما ذكره الجوهري وجوه : جُبْلاً كَثِيراً ، عن أبي عمرو.

وجُبُلاً كَثِيراً ، عن الكسائي.

وجِبْلاً ، عن الأعرج وعيسى بن عمرو.

__________________

(١) أبو حمزة ثابت بن دينار ، الثقة الجليل صاحب الدعاء المعروف في أسحار شهر رمضان وكان من زهاد أهل الكوفة ومشايخها وكان عربيا أزديا قال الفضل ابن شاذان : سمعت الرضا عليه السلام يقول : أبو حمزة الثمالي في زمانه كسلمان الفارسي ، وذلك أنه خدم أربعة منا : ( علي بن الحسين ) ، و ( محمد بن علي ) ، و ( جعفر بن محمد ) ، وبرهة من عصر ( موسى بن جعفر ) عليه السلام مات سنة ١٥٠.

٣٣٣

وجِبِلًّا ، بالكسر والتشديد عن الحسن.

قوله ( وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ ) [ ٢٦ / ١٨٤ ] أي الخلق الأولين.

قوله ( وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ ) [ ٧ / ١٤٣ ] هو بالتحريك : واحد الْجِبَالُ.

وَقَوْلُهُ عليه السلام « إِنِّي وُلِدْتُ بِالْجَبَلِ ».

كأنه يريد به الْجَبَلَ المشتهر بِجَبَلِ شمر.

والْجَبَلُ : خلاف السهل

وَقَوْلُ عِيسَى « فِي السَّهْلِ يَنْبُتُ الزَّرْعُ لَا فِي الْجَبَلِ » استعارة يدل عليه قَوْلُهُ « بِالتَّوَاضُعِ تُعْمَرُ الْحِكْمَةُ لَا بِالتَّكَبُّرِ ، وَبِالسَّهْلِ يَنْبُتُ الزَّرْعُ لَا بِالْجَبَلِ ».

والبقرة الْجَبَلِيَّةُ غير البقرة الأهلية وهي التي تربى في الْجِبَالِ.

وجُبْلٌ بضم الباء وفتح الجيم : قرية بشاطىء دجلة منها جماعة محدثون ومنه محمد بن أسلم الْجَبَلِيُ.

( جحفل )

الْجَحْفَلُ : الجيش.

ورجل جَحْفَلٌ أي عظيم.

والْجَحْفَلَةُ للحافر كالشفة للإنسان.

وجَحْفَلَهُ أي صرعه ورماه.

( جدل )

قوله تعالى ( وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً ) [ ١٨ / ٥٤ ] الْجَدَلُ بالتحريك الاسم من الْجِدَالِ.

قوله ( وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) [ ١٦ / ١٢٥ ] أي حاججهم بالتي هي أحسن من الْجَدَلِ وهي مقابلة الحجة بالحجة ، ومن الْجَدَلِ وهو اللد في الخصومة.

قولُهُ ( يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها ) [ ١٦ / ١١١ ] أي تأتي كل إنسان يُجَادِلُ عن ذاته لا يهمه غيرها كل يقول : نفسي نفسي.

ومعنى الْمُجَادَلَةِ : الاحتجاج عنها والاعتذار لها بقولهم : ( هؤُلاءِ أَضَلُّونا ) ونحو ذلك.

واعترض على هذا بقوله تعالى ( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ ) [ ٣٦ / ٦٥ ] وأجيب بأن ذلك لعله مخصوص بالكفار ، أو أن هذا الحكم بعد الاحتجاج والْمُجَادَلَةُ كما في بعض الروايات.

٣٣٤

وقد ورد أن بعض الأعضاء تحتج لصاحبها كما جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّ أَعْضَاءَهُ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِالزَّلَّةِ فَتَتَطَايَرُ شَعْرُهُ مِنْ جَفْنِ عَيْنَيْهِ فَتَسْتَأْذِنُ بِالشَّهَادَةِ.

فَيَقُولُ الْحَقُّ [ تعالى ] تَكَلَّمِي يَا شَعْرَةَ عَيْنَيْهِ وَاحْتَجِّي لِعَبْدِي فَتَشْهَدُ لَهُ بِالْبُكَاءِ مِنْ خَوْفِ اللهِ تَعَالَى فَيَغْفِرُ لَهُ.

فَيُنَادِي مُنَادٍ هَذَا عَتِيقُ اللهِ بِشَعْرَةٍ.

وعلى هذا فلا يلزم من الختم على الأفواه عدم وجود المحاجة.

قوله ( قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها ) [ ٥٨ / ١ ] هي خولة بنت المنذر حيث ظاهر منها زوجها.

وَقِصَّتُهَا الْمَرْوِيَّةُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ : كَانَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله يُقَالُ لَهُ أَوْسُ بْنُ الصَّامِتِ وَكَانَ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا خَوْلَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ ، فَقَالَ لَهَا ذَاتَ يَوْمٍ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، ثُمَّ نَدِمَ مِنْ سَاعَتِهِ وَقَالَ لَهَا أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ مَا أَظُنُّكِ إِلَّا وَقَدْ حَرُمْتِ عَلَيَّ فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله ، فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ زَوْجِي قَالَ لِي : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ فِيمَا مَضَى يُحَرِّمُ الْمَرْأَةَ عَلَى زَوْجِهَا ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ مَا أَظُنُّكِ إِلَّا وَقَدْ حَرُمْتِ عَلَيْهِ ، فَرَفَعَتِ الْمَرْأَةُ يَدَهَا إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَتْ أَشْكُو إِلَى اللهِ فِرَاقَ زَوْجِي ، فَأَنْزَلَ اللهُ يَا مُحَمَّدُ ( قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ، الَّذِينَ يُظاهِرُونَ ) [ ٥٨ / ١ ] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.

قوله ( لا جِدالَ فِي الْحَجِ ) [ ٢ / ١٩٧ ] أي لا مراء مع الخدم والرفقة في الحج كأن يقول بعضهم لبعض : الحج غدا أو بعد غد ، أو حجي أبر من حجك ، وهكذا.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْجِدَالُ فِي الْحَجِّ هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لَا وَاللهِ وَبَلَى وَاللهِ ».

قال بعض الأفاضل : الأصح أن مطلق اليمين جِدَالٌ.

قوله ( يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ ) [ ١١ / ٧٤ ] يعني إبراهيم عليه السلام.

٣٣٥

قيل إن يُجَادِلُنَا جواب لما.

وإنما جيء به مضارعا حكاية الحال.

وقيل معناه أخذ يجادلنا.

وقيل يُجَادِلُ رسلنا في قوم لوط.

ومُجَادَلَتُهُ إياهم أنه قال لهم : إن كان فيهم خمسون أتهلكوهم قالوا لا ، قال فأربعون قالوا لا ، فما زال ينقص حتى قال فواحد قالوا لا ، فقال : إن فيها لوطا ( قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ ) [ ٢٩ / ٣٢ ].

وَفِي الْخَبَرِ « مَا أُوتِيَ الْجَدَلَ قَوْمٌ إِلَّا ضَلُّوا ».

الْجَدَلُ مقابلة الحجة بالحجة.

والْمُجَادَلَةُ : المخاصمة والمدافعة.

والمراد به في الخبر : الْجَدَلُ على الباطل وطلب المغالبة.

أما الْمُجَادَلَةُ بإظهار الحق ، فإن ذلك محمود لقوله تعالى ( وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) [ ١٦ / ١٢٥ ] فَالْجِدَالُ منه قبيح وحسن وأحسن.

فما كان لتبيين الحق من الفرائض فهو أحسن.

وما كان له من غير ذلك فحسن.

وما كان لغير ذلك قبيح.

وجَدَلْتُ الحبل أَجْدَلُهُ جَدْلاً أي فتلته محكما.

ومنه حَدِيثُ نُوقِ الْجَنَّةِ « خُطُمُهَا جَدِيلُ الْأُرْجُوَانِ ».

الْجَدِيلُ : الزمام ، والْأُرْجُوَانُ : الأحمر.

ومنه جارية مَجْدُولَةُ الخلق.

والْجَنْدَلُ : الحجارة ، والجمع الْجَنَادِلُ.

وقد جاء في الحديث.

الْجَنْدَلُ بفتح النون وكسر الدال : الموضع الذي فيه حجارة.

والْمُجَدَّلُ : المرمي الملقى على الأرض قتيلا.

والْجَدْوَلُ : النهر الصغير.

والْجَدْوَلُ : حساب مخصوص مأخوذ من تسيير القمر ، ومرجعه إلى عد شهر تاما وشهر ناقصا في جميع أيام السنة مبتدأ بالتام من المحرم.

كذا قرره الشهيد الثاني رحمه‌الله.

ومنه كلام الفقهاء : ولا اعتبار

٣٣٦

بِالْجَدْوَلِ يعني في حساب الشهر.

والْأَجْدَلُ : الصقر وهي صفة غالبة عليه

( جذل )

الْجَذَلُ بالتحريك : الفرح.

وقد جَذِلَ بالكسر يَجْذَلُ فهو جَذْلَانُ أي فرحان.

والْجَذْلُ واحد الْأَجْذَالُ وهي أصول الحطب العظام.

ومنه قَوْلُ خَبَّابِ بْنِ الْمُنْذِرِ مَعَ الْمُهَاجِرِينَ عِنْدَ الْمَشُورَةِ فِي الْخِلَافَةِ : « أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ ».

كلاهما بالتصغير ، وجُذَيْلُهَا تصغير جَذْلٍ ، وهو العود الذي ينصب للإبل الجربي تحتك فيه.

وهو تصغير تعظيم.

والعذق المرجب : النخلة بحملها ، فاستعارهما له.

والمعنى أنا ممن يستشفى برأيه وتدبيره كما تستشفي الإبل الجربي بالاحتكاك بهذا العود.

( جزل )

الْجَزِيلُ : العظيم.

يقال عطاؤك جَزْلٌ وجَزِيلٌ.

وأَجْزَلْتُ لهم في العطاء أي أكثرت.

وأَجْزَلُهُمْ نصيبا : أكثرهم.

وأَجْزَلَ الله قسمه أي وسعه.

وجَزُلَ الحطب جزالة أي عظم وغلظ فهو جَزِلٌ ثم استعير للعطاء الكثير.

والْجَزْلُ : القطع.

يقال جَزَلْتُهُ جَزْلَتَيْنِ أي قطعته قطعتين.

والْجَزِلُ : الكريم العاقل.

( جعل )

قوله تعالى ( وَجَعَلُوا لِلَّهِ ) [ ٦ / ١٣٦ ] يعني كفار مكة ومن تقدمهم من المشركين ( مِمَّا ذَرَأَ ) أي خلق ( مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً ) [ ٦ / ١٣٦ ] أي حظا وللأوثان نصيبا ( فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ ) [ ٦ / ١٣٦ ]

قيل : كانوا يقيمون النعم فَيَجْعَلُونَ

٣٣٧

بعضه لله وبعضه للأصنام فما كان لله أطعموه الضيفان ، وما كان للصنم أنفقوه على أنفسهم ( ساءَ ما يَحْكُمُونَ ).

قوله ( وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ ) [ ٢١ / ٣٠ ] أي خلقنا.

فَجَعَلَ يكون بمعنى خلق.

ويكون بمعنى وصف.

وبمعنى صير.

قال تعالى ( إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ ) [ ٧ / ٢٧ ].

وقال تعالى ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ) [ ٢ / ١٢٤ ].

ويكون بمعنى عمل كَجَعَلْتُ الشيء على الشيء.

وبمعنى أخذ.

وقوله ( جَعَلْناهُ قُرْآناً ) [ ٤٣ / ٣ ] قيل : صيرناه.

وقيل بمعنى بيناه.

ويكون بمعنى التسمية.

وقال تعالى ( وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً ) [ ٤٣ / ١٩ ] أي سموهم.

ويكون بمعنى صنع كَجَاعِلِ اللَّيْلِ سَكَناً (١) إلا أن جَعَلَ أعم من صنع.

يقال جَعَلَ يفعل كذا ولا يقال صنع.

وقد جاء الْجُعْلُ والْجُعَالَةُ في الحديث.

فَالْجُعْلُ بضم الجيم وإسكان العين : ما يُجْعَلُ للإنسان على عمل يعمله.

وكذلك الْجَعَالَةُ بفتح الجيم والعين.

وقيل هي بالكسر.

وهي في اللغة : ما يُجْعَلُ للإنسان على عمل.

وشرعا على ما قرره الفقهاء وأهل العلم : صيغة ثمرتها تحصيل المنفعة بعوض مع عدم اشتراط العمل في العلم والعوض.

والجمع : الْجَعَالاتُ والْجَعَائِلُ.

والْجُعَلُ كصرد : دويبة كالخنفساء أكبر منها شديدة السواد في بطنه لون حمرة.

والناس يسمونه أبا جعران ، لأنه يجمع الجعر اليابس ويدخره في بيته.

__________________

(١) إشارة إلى قوله تعالى ( وجعل اللّيل سكنا ) [ ٦ / ٩٦ ].

٣٣٨

ويسمى الزعقوق تعض البهائم في فروجها فتهرب.

للذكر قرنان ، يوجد كثيرا في مراح البقر والجواميس ومواضع الروث.

تتولد غالبا من أحشاء البقر.

ومن شأنه جمع النجاسة.

وله جناحان لا يكادان يريان إلا إذا طار.

وله ستة أرجل ويمشي القهقرى إلى خلف وهو مع ذلك مهتد إلى بيته.

ومن عادته يحرس النيام فمن قام منصرفا إلى حاجته تبعه وذلك من شهوته للغائط لأنه قوته.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِنَّ اللهَ لَيُعَذِّبُ الْجُعَلَ فِي جُحْرِهِ بِحَبْسِ الْمَطَرِ عَنِ الْأَرْضِ الَّتِي هِيَ بِمَحَلِّهَا لِمُجَاوَرَتِهَا أَهْلَ الْمَعَاصِي وَلَهَا السَّبِيلُ إِلَى غَيْرِهِمْ ».

( جفل )

فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ وَقَوْلِ الْإِمَامِ فِيهِ « وَاللهِ لَا يَبْلُغُ عَمَلُهُ الطَّائِفَ إِذَا جَفَلَ ».

يعني إذا أجهد نفسه وأتعبها.

يقال جَفَلَ جُفُولاً : إذا أسرع وذهب في الأرض كَأَجْفَلَ.

ومنه حَدِيثُ الْقَائِمِ عليه السلام « فَيُجْفِلُونَ النَّاسَ إِجْفَالَ الْغَنَمِ ».

وجَفَلَ البعير جَفْلاً وجُفُولاً من باب ضرب وقعد : إذا ند وشرد.

وانْجَفَلَ الناس قبله أي ذهبوا مسرعين نحوه.

( جلل )

قوله تعالى ( تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ ) [ ٥٥ / ٧٨ ] الْجَلَالُ : العظمة.

وجَلَالُ الله : عظمته تعالى.

ومنه الدُّعَاءُ « أَسْأَلُكَ بِجَلَالِكَ ».

وجُلُ الشيء : معظمه.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِنَّ اللهَ اسْتَوْلَى عَلَى مَا دَقَّ وَجَلَ ».

أي علم الحقير والعظيم.

وأمرهم يَجِلُ عن وصف أي لا يمكن حده ولا وصفه.

وجَلَ فلان يَجِلُ بالكسر جَلَالَةً أي عظم قدره فهو جليل.

ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام فِي النَّبِيِّ صلى الله عليه واله « وَإِنَّ الْمُصَابِ بِكَ

٣٣٩

لَجَلِيلِ ».

ومثله « كُلِّ مُصِيبَةٍ بَعْدَكَ جَلَلٌ » بفتح جيم ولام أولى أي هين.

والْجَلِيلُ من أسمائه تعالى ، وهو راجع إلى كمال الصفات ، كما أن الكبير راجع إلى كمال الذات ، والعظيم راجع إلى كمال الذات والصفات.

وَفِي حَدِيثِ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَتَغْسِلُهُ مَرَّةً أُخْرَى بِمَاءٍ وَشَيْءٍ مِنْ جُلَالِ الْكَافُورِ أي بقليل ويسير منه.

وَفِي حَدِيثِ وَقْتِ الْفَجْرِ « حِينَ يَنْشَقُّ إِلَى أَنْ يَتَجَلَّلَ الصُّبْحُ السَّمَاءَ ».

أي يعلوها بضوء ويعمها من قولهم : تَجَلَّلَهُ أي علاه.

وقولهم جَلَّلَ الشيء تَجْلِيلاً أي عمه.

والْمُجَلِّلُ : السحاب الذي يُجَلِّلُ الأرض بماء المطر أي يعمه.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْإِمَامُ كَالشَّمْسِ الطَّالِعَةِ الْمُجَلِّلَةِ بِنُورِهَا لِلْعَالَمِ ».

وَفِي الْخَبَرِ « إِنَّ الْقَلْبَ لَيَتَجَلَّلُ فِي الْجَوْفِ لِيَطْلُبَ الْحَقَّ فَإِذَا أَصَابَهُ اطْمَأَنَّ ».

هو من الْجَلْجَلَةِ : التحريك وشدة الصوت.

وقد تقدم (١) أيضا أن القلب ليترجح بين الصدر والحنجرة حتى يعقد على الإيمان.

والْجَلْجَلَةُ : صوت الرعد.

وتَجَلْجَلَتْ قواعد البيت أي تضعضعت.

والْجِلُ بالكسر : قصب الزرع إذا حصد.

وبالضم : واحد جِلَالِ الدواب ، وهو كثوب الإنسان الذي يلبس.

وجمع الْجِلَالِ أَجِلَّةٌ.

وتَجْلِيلُ الفرس : أن يلبسه جِلَّةً ويغطيه به.

ومنه حَدِيثُ الْهَدْيِ « مَا أَكْثَرَ مَا لَا يُقَلَّدُ وَلَا يُشْعَرُ وَلَا يُجَلَّلَ ».

بجيم ولامين كما يستفاد من الأخبار فكأنه صفة أخرى للهدي كالإشعار والتقليد.

والْجَلَّةُ بالفتح : البعرة ، وتطلق على العذرة.

والْجَلَّالَةُ من الحيوان بتشديد اللام الأولى : التي تكون غذاؤها عذرة الإنسان محضا.

وجَلَ البعرَ جَلًّا من باب قتل : التقطه.

__________________

(١) في ( رجح ).

٣٤٠