مجمع البحرين - ج ٥

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٥

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٤

كتاب اللام

٣٠١
٣٠٢

باب ما أوله الألف

( ابل )

قوله تعالى ( وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ ) [ ١٠٥ / ٣ ] أي جماعات في تفرقة أي حلقة حلقة.

واحدها إِبُّولٌ وإِبِّيلٌ بالكسر فيهما.

وعن الأخفش جاءت إِبِلُكَ أَبَابِيلَ أي فرقا وطير أَبَابِيلُ.

قال وهذا يجيء في معنى التكثير.

ويقال هو جمع لا واحد له.

ويقال في طير أَبَابِيلَ هو طير يعيش بين السماء والأرض ويفرخ ولها خراطيم كخراطيم الطير وأكف كأكف الكلاب وقيل هي طير خضر خرجت من لجة البحر لها رءوس كرءوس السباع.

وقيل كالوطاويط.

وقال عباد بن موسى : أظنها الزرازير.

قوله ( أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ) [ ٨٨ / ١٧ ] الإِبِلُ بكسرتين لا واحد لها من لفظها.

وربما قالوا إِبْلٌ بسكون الباء للتخفيف.

ويقال للذكر والأنثى منها بعيران أجذع وهي مؤنثة لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كان لغير الآدميين فالتأنيث لها لازم.

و « تَأَبَّلَ آدَمُ عليه السلام عَلَى ابْنِهِ الْمَقْتُولِ كَذَا وَكَذَا عَاماً لَا يُصِيبُ حَوَّاءَ » أي امتنع من غشيانها.

( اثل )

قوله تعالى ( وَأَثْلٍ ) [ ٣٤ / ١٦ ] الأَثْلُ شجر شبيه بالطرفاء إلا أنه أعظم منه.

الواحدة أَثْلَةٌ كبقلة ، والجمع أَثَلَاتٌ.

وَفِي الْخَبَرِ « إِنَّ مِنْبَرَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله كَانَ مِنْ أَثْلِ الْغَابَةِ ».

والغابة غيضة ذات شجر كثير وهي على تسعة أميال من المدينة.

والتَّأْثِيلُ : التأصيل.

ومنه المجد المُؤَثَّلُ.

٣٠٣

وتَأَثَّلَ الشيء : تأصل وتعظم.

وتَأَثَّلْتُ الشيء : جمعته.

ومنه الدُّعَاءُ « تَأَثَّلَتْ عَلَيْنَا لَوَاحِقُ الْمَيْنِ » أي اجتمعت.

( اثكل )

فِي حَدِيثِ الْحَدِّ « فَجَلَدَ بِأُثْكُولٍ » وَفِي رِوَايَةٍ « بِإِثْكَالٍ ».

وهما لغتان في عِثكال والعُثْكول ، وهو عذق النخلة بما فيه من الشماريخ والهمزة بدل من العين.

( اجل )

قوله تعالى ( فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَ ) [ ٢ / ٢٣٤ ] أي مدتهن.

وأَجَلُ الشيء بالتحريك : مدته ووقته الذي يحل فيه.

يقال أَجِلَ الشيء أَجَلاً من باب تعب ، وأَجَلَ أُجُولاً من باب قعد لغة.

قوله ( وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا ) [ ٦ / ١٢٨ ] قال المفسر : يعني بالأَجَلِ الموت.

وقيل البعث والحشر.

قوله ( قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ) [ ٦ / ٢ ] فالمقضي هنا أمر الدنيا والمسمى أمر الآخرة.

وَفِي الْخَبَرِ « هُمَا أَجَلٌ مَحْتُومٌ وَأَجَلٌ مَوْقُوفٌ ».

أي على مشية جديدة وهو البداء.

قوله ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ) [ ٧ / ٣٤ ] أي مدة ووقت لنزول العذاب.

قوله ( لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ ) [ ٧٧ / ١٢ ] أي أخرت.

قوله ( مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ ) [ ٥ / ٣٢ ].

قيل معناه من جناية ذلك.

ويقال من أَجْلِ ذلك بفتح الهمزة وكسرها ، أي بسببه سواء كان السبب فاعليا أو غائيا.

ومن لابتداء الغاية فإن الشيء يبتدأ من سببه.

وقد تبدل من باللام فيقال لَأَجْلِ ذلك.

وَفِي الدُّعَاءِ « أَسْأَلُكَ إِيمَاناً لَا أَجَلَ لَهُ دُونَ لِقَائِكَ » أي لا منتهى له دون لقائك يعني أموت عليه وألاقيك فيه.

والآجِلُ : نقيض العاجل.

٣٠٤

والْآجِلَةُ : نقيض العاجلة.

والتَّأْجِيلُ ضد التعجيل ، وهو الوقت المضروب المحدود في المستقبل.

وأَجَلْ جواب مثل نعم في التصديق.

قال الجوهري ونعم أحسن منه في الاستفهام ، فإذا قلت أنت سوف تذهب قلت أَجَلْ وكان أحسن من نعم ، فإذا قلت أتذهب قلت نعم وكان أحسن من أجل.

( ازل )

فِي الدُّعَاءِ « اللهُمَّ اصْرِفْ عَنِّيَ الْأَزْلَ ».

هو بالسكون : الشدة والضيق.

وقد أَزَلَ الرجل يَأْزِلُ كضرب يضرب أَزْلاً : إذا صار في ضيق وحبس.

والأَزَلُ بالتحريك : القدم.

ومنه يقال أَزَلِيٌ أي قديم.

وقيل إن أصله ياء من قولهم للقديم لم يزل ثم نسب إليه فقيل يزلي فأبدلت الياء همزة.

وصفات الأَزَلِ : صفات الذات.

ومن صفاته تعالى ديمومي في المستقبل أَزَلِيٌ في الماضي.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام وَقَدْ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ « اخْتَطَفْتَ مَا قَدَرْتَ عَلَيْهِ مِنْ أَمْوَالِ الْأُمَّةِ اخْتِطَافَ الذِّئْبِ الْأَزَلِ دَامِيَةَ الْمِعْزَى ».

الْأَزَلُ في الأصل : الصغير وهو في صفات الذئب : الخفيف.

وخص الدامية لأن من طبع الذئب محبة الدم حتى لو رأى ذئبا داميا وثب عليه ليأكله.

( اسل )

فِي حَدِيثِ وَصْفِهِ عليه السلام « كَانَ أَسِيلَ الْخَدِّ » أي طويله.

والأَسَالَةُ في الخد : الاستطالة.

والأَسَلُ بالتحريك : شجر الرمان ويقال كل شجر له شوك طويل فشوكه : أَسَلٌ.

( اصل )

قوله تعالى ( بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) [ ٢٥ / ٥ ] الأَصِيلُ كأمير : ما بين العصر إلى المغرب.

وجمعه أُصُلٌ بضمتين ، ثم آصَالٌ بالمد.

قال تعالى ( بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ ) [ ٧ / ٢٠٥ ] أي بالعشي.

٣٠٥

والْأَصْلُ : واحد الأُصُولِ التي منها الشيء.

وأَصْلُ الشيء معروف والجمع الأُصُولُ.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تُظْهِرُوهُمْ عَلَى أُصُولِ دِينِ اللهِ ».

لعل المراد به الولاية ونحوها مما لا يوافق مذهبهم.

وقولهم فلان لا أَصْلَ له ولا فصل له الأَصْلُ : الحسب والفصل : اللسان.

ومجد أَصِيلٌ : ذو أصالة.

وقد يعبر عن الإمام بالأَصْلِ كما في بعض تراجم الرجال.

وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ « كَانَ رَأْسُهُ أَصَلَةً ».

هي بفتح الهمزة والصاد : الأفعي! وقيل هي الحية العظيمة الضخمة القصيرة.

والعرب تشبه الرأس الصغير الكثير الحركة برأس الحية.

ويسمى علم الكلام بِأُصُولِ الدين لأن سائر العلوم الدينية من الفقه والحديث والتفسير متوقفة على صدق الرسول ، وصدقه متوقف على وجود المرسل وعدله وحكمته وغير ذلك مما يبحث عنه في هذا العلم فلذلك سمي بهذا الاسم.

واسْتَأْصَلَ الشيء : إذا قطعه من أصله.

ومنه الْحَدِيثُ « اسْتَأْصِلْ شَعْرَكَ يَقِلُّ دَرَنُهُ » أي وسخه.

ومِنْهُ « إِذَا اسْتُؤْصِلَ اللِّسَانُ فَفِيهِ الدِّيَةُ » أي إذا قطع من أصله

وقيل هي الهالكة المهزولة من قولهم اسْتَأْصَلَ اللهُ الكفارَ أي أهلكهم جميعا.

وقولهم ما فعلته أَصْلاً بمعنى ما فعلته قط ولا أفعله أبدا.

وانتصابه على الظرفية أي ما فعلته وقتا ولا أفعله حينا من الأحيان.

وكل إنسان أَصْلُهُ عقله.

قيل هو إشارة إلى أن العمدة في الإنسان النفس الناطقة لا الهيكل المحسوس.

فَأَصَالَةُ الإنسان ترجع إلى أصالة نفسه الناطقة ، ومن خواص النفس الناطقة العقل.

( اصطبل )

الإِصْطَبْلُ : موضع الدواب بِلُغَة أهل الشام.

ومنه إِصْطَبْلُ يزيد والجمع أَصَاطِبُ.

٣٠٦

وفي المصباح هو عربي.

وقيل معرب وألفه أصلية.

قال الجوهري لأن الزيادة لا تلحق بنات الأربعة من أوائلها إلا الأسماء الجارية على أفعالها ، وهي من الخمسة أبعد.

( افل )

قوله تعالى ( فَلَمَّا أَفَلَ ) [ ٦ / ٧٦ ] الآية أي غاب ، وهو من بابي ضرب وقعد.

وأَفَلَتِ الشمس والنجوم تَأْفُلُ بالضم وبالكسر أُفُولاً أي غابت.

ومنه قوله ( لا أُحِبُ الْآفِلِينَ ) [ ٦ / ٧٦ ].

( اكل )

قوله تعالى ( تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ ) [ ١٤ / ٢٥ ] يعني النخلة تؤتي أُكُلَهَا أي رزقها.

والأُكُلُ بالضم والضمتين : الرزق لأنه يُؤْكَلُ.

قال تعالى ( أُكُلُها دائِمٌ ) [ ١٣ / ٣٥ ] ويقال الأُكُلُ ثمر النخل والشجر وكل ما يؤكل فهو أُكُلٌ.

قوله ( لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ) [ ٥ / ٦٦ ] أي وسع عليهم الرزق.

وأَكَلْنَا بني فلان أي ظهرنا عليهم.

وأصل الأَكْلِ للشيء : الإفناء له ثم استعير لافتتاح البلاد وسلب الأموال.

قال تعالى ( وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا ) [ ٨٩ / ١٩ ] أي تأكلون جميعها.

قوله ( فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ ) [ ٦ / ١١٨ ] قال المفسر المراد بالأمر الإباحة وإن كانت الصيغة صيغة أمر.

وما ذكر اسم الله عليه هو بسم الله عند ذبحه.

وقيل هو كل اسم يختص الله به أو صفة مختصة به كقوله باسم الرحمن أو باسم القادر لنفسه أو العالم لنفسه وما يجري مجراه.

والأول مجمع على جوازه ، والظاهر يقتضي جواز غيره.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا تَتَعَاطَ زَوَالَ مُلْكٍ لَمْ يَنْقَضِ أُكُلُهُ وَلَمْ يَنْقَطِعْ مَدَاهُ ».

يعني بِالْأُكُلِ الرزق والحظ من الدنيا.

٣٠٧

وَفِيهِ « لَعَنَ اللهُ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ » يريد البائع والمشتري والآخذ والمعطي.

وَفِي حَدِيثِ الْمُصَدِّقِ « دَعِ الرُّبَّى وَالْمَاحِضَ وَالْأَكُولَةَ ».

أمر المصدق أن يعد هذه الثلاثة ولا يأخذ منها لأنها خيار المال.

والأَكُولَةُ هي بفتح الهمزة : التي تسمن وتعد للأكل.

وقيل هي الخصي والهرمة والعاقر من الغنم وفِي الْفَقِيهِ لَا تُؤْخَذُ الْأَكُولَةُ.

وهي الكبيرة من الشياة تكون في الغنم.

ورجل أَكُولٌ أي كثير الأكل.

وَفِي الْحَدِيثِ « يَصِفُ قَوْماً يَأْكُلُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ كَمَا تَأْكُلُ الْبَقَرَةُ ».

يقال : سائر الدواب تأخذ من نبات الأرض بأسنانها والبقرة بلسانها فضرب بها المثل لأنهم لا يهتدون إلى المأكل إلا بذلك كالبقرة لا تتمكن من الاحتشاش إلا باللسان.

ولأنهم لا يميزون بين الحق والباطل كالبقرة لا تميز بين الرطب واليابس والحلو والمر.

وَفِي الْخَبَرِ « نَهَى عَنِ الْمُؤَاكَلَةِ ».

هو أن يكون للرجل على الرجل دين فيهدي إليه شيئا ليؤخره ويمسك عن قضائه فسمي مُؤَاكَلَةً لأن كل واحد منهما يُؤْكَلُ صاحبه أي يطعمه.

والأَكْلُ مصدر قولك أَكَلْتُ الطعام أَكْلاً ومَأْكَلاً.

وحقيقته بلع الطعام بعد مضغه فبلع الحصا ليس بأكل حقيقة.

والأُكْلَةُ بالضم : اللقمة ، وبالفتح المرة من الأكل حتى يشبع.

ومنه الْخَبَرُ « مَا زَالَتْ أُكْلَةُ خَيْبَرَ تُعَاوِدُنِي ».

يريد بها اللقمة التي أَكَلَ من الشاة المسمومة.

وبعض الرواة يفتح الألف ، قيل وهو خطأ لأنه لم يأكل منها إلا لقمة واحدة.

وهذا الشيء أُكْلَةٌ لك أي طعمة.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَكَلَتِ النَّارُ مَا فِيهِ » أي أذهبت جميع ما فيه من الأجزاء من الميتة.

وأَكِيلَةُ السبع والذئب : فريسته.

والأَكِيلُ والشريب الذي يصاحبك في الأكل والشرب.

وَفِي الْخَبَرِ « لَا آكُلُ مُتَّكِئاً » أي لم

٣٠٨

أقعد متكئا على الأرطئة حال الأكل ، إذ هو فعل من يكثر من الأطعمة « لَكِنِّي أَقْعُدُ مُسْتَوْقِراً وَآكُلُ لُعْقَةً مِنَ الطَّعَامِ » وليس المراد من الاتكاء الميل على أحد جانبيه.

ومن الأمثال « كم أَكْلَةٍ منعت أَكَلَاتٍ » قيل أول من قال ذلك عامر بن الظرب العدواني وأوله قصة تطلب من محلها (١).

( الل )

قوله تعالى ( لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً ) [ ٩ / ٩ ] الإِلُ بالكسر هو الله تعالى.

__________________

(١) يضرب في ذم الحرص على الطعام.

قال المفضل : أول من قال ذلك عامر بن الظرب العدواني وكان من حديثه أنه كان يدفع الناس ، فرآه ملك من ملوك الغساسنة ، فقال : لا أترك هذا العدواني أو أذله.

فلما رجع الملك إلى منزله أرسل إليه : أحب أن تزورني فأحبوك وأكرمك وأتخذك خلا ، فأتاه قومه فقالوا : تفد ويفد معك قومك إليه ، فيصيبون في جنبك ، ويتجيهون بجاهك.

فخرج وأخرج معه نفرا من قومه ، فلما قدم بلاد الملك أكرمه وأكرم قومه.

ثم انكشف له رأي الملك فجمع أصحابه وقال : الرأي نائم والهوى يقظان ، ومن أجل ذلك يغلب الهوى الرأي عجلت حين عجلتم ، ولن أعود بعدها ، إنا قد توردنا بلاد هذا الملك فلا تسبقوني بريث أمر أقيم عليه ولا بعجلة رأي أخف معه ، فإن رأيي لكم.

فقال قومه : قد أكرمنا كما ترى وبعد هذا ما هو خير منه.

قال : لا تعجلوا فإن لكل عام طعام ورب أكلة تمنع أكلات .. إلى آخر القصة.

وتخلص منه بحيلة غريبة راجع مجمع الأمثال ج ١ ص ٢٩٧.

٣٠٩

والإِلُ أيضا : العهد والقرابة.

والأَلِيلَةُ على فعيلة : اليمين.

والأَلَالُ بفتح الهمزة وتخفيف اللام الأولى : جبل بعرفة.

ومنه الْحَدِيثُ « سُئِلَ عليه السلام مَا اسْمُ جَبَلِ عَرَفَةَ فَقَالَ الْأَلَالُ ».

وأَلَ الشيء : إذا لمع.

وأَلَ الفرس : إذا أسرع في عدوه.

( امل )

الأَمَلُ بالتحريك : الرجاء وهو ضد اليأس ومنه قوله تعالى ( وَخَيْرٌ أَمَلاً ) [ ١٨ / ٤٨ ] وقد مر تفسير الآية في ( بقي )

وَفِي الْحَدِيثِ « طُولُ الْأَمَلِ يُنْسِي الْآخِرَةَ ».

وَرُوِيَ أَنَّ أُسَامَةَ (١) بْنَ زَيْدٍ اشْتَرَى وَلِيدَةً بِمِائَةِ دِينَارٍ إِلَى شَهْرٍ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه واله ذَلِكَ فَقَالَ أَلَا تَعْجَبُونَ مِنْ أُسَامَةَ الْمُشْتَرِي إِلَى شَهْرٍ ، إِنَّ أُسَامَةَ لَطَوِيلُ الْأَمَلِ.

والسبب في طول الأمل ـ كما قيل ـ حب الدنيا ، فإن الإنسان إذا أنس بها وبلذاتها ثقل عليه مفارقتها وأحب دوامها فلا يفتكر بالموت الذي هو سبب مفارقتها ، فإن من أحب شيئا كره الفكر فيما يزيله ويبطله ، فلا زال يمني نفسه البقاء في الدنيا ويقدر حصول ما يحتاج إليه من أهل ومال وأدوات ، فيصير فكره مستغرقا في ذلك فلا يخطر الموت بخاطره وإن خطر بباله التوبة والإقبال على الأعمال الأخروية أخر ذلك من يوم إلى يوم ومن شهر إلى شهر ومن سنة إلى سنة ، فيقول إلى أن أكتهل ويزول سن الشباب عني فإذا اكتهل قال إلى أن أصير شيخا فإذا شاخ قال إلى أن أتمم عمارة هذه الدار وأزوج ولدي وإلى أن أرجع من هذا السفر.

وهكذا يؤخر التوبة شهرا بعد شهر وسنة بعد سنة.

__________________

(١) أسامة بن زيد بن حارثة ممن أكرمه النبي صلى الله عليه واله بكثير الحباء وأردفه خلفه حين ذهابه إلى مكة وولاه إمرة الجيش في آخر حياته صلى الله عليه واله لكنه لم يثبت على الطريقة الوسطى فانخرط أخيرا مع مناوئي أهل البيت عليهم السلام.

٣١٠

وهكذا كل ما فرغ من شغل عرض له شغل آخر بل أشغال حتى يختطفه الموت وهو غافل غير مستعد ، مستغرق القلب في أمور الدنيا فتطول في الآخرة حسرته فتكثر ندامته ، وذلك هو الخسران المبين.

وأَمَلَ يَأْمُلُ من باب طلب وتَأَمَّلَ الشيءَ : نظر فيه ليعلم عاقبته.

( اول )

قوله تعالى ( إِنَ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً ) [ ٣ / ٩٦ ] الأَوَّلُ هو ابتداء الشيء.

ثم قد يكون له ثان وقد لا يكون.

وفي وجه ضعيف إن الأول يقتضي آخرا كما أن الآخر يقتضي أولا.

قيل واللام في للذي لام تأكيد وقع في خبر إن.

ووضع للناس أي لعبادتهم.

سُئِلَ صلى الله عليه واله عَنْ أَوَّلِ مَسْجِدٍ وُضِعَ فَقَالَ « الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ ثُمَّ بَيْتُ الْمَقْدِسِ ».

وَسُئِلَ عَلِيٌّ عليه السلام « أَهُوَ أَوَّلُ بَيْتٍ؟ قَالَ : لَا قَدْ كَانَ قَبْلَهُ بُيُوتٌ لَكِنَّهُ ( أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ ) ».

وَأَوَّلُ مَنْ بَنَاهُ إبراهيم عليه السلام ، ثُمَّ بَنَاهُ قَوْمٌ مِنَ الْعَرَبِ ، ثُمَّ مِنْ جُرْهُمَ ثُمَّ هُدِمَ فَبَنَتْهُ الْعَمَالِقَةُ ، ثُمَّ هُدِمَ فَبَنَاهُ قُرَيْشٌ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ « أَوَّلُ بَيْتٍ حُجَّ بَعْدَ الطُّوفَانِ ».

وقيل أول بيت ظهر على وجه الماء عند خلق السماء والأرض خلقه قبل خلق الأرض ، وكان درة بيضاء على وجه الماء ثم دحيت الأرض من تحته.

قيل وهذا القول محمول على مكان البيت لا البيت نفسه.

وقيل أول بيت بناه آدم على وجه الأرض وقد تقدم في ( بيت ) مزيد بحث في هذا المعنى.

وَعَنِ الْبَاقِرِ عليه السلام أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللهُ الشَّيْءُ الَّذِي جَمِيعُ الْأَشْيَاءِ مِنْهُ ، وَهُوَ الْمَاءُ فَجَعَلَ نَسَبَ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى الْمَاءِ ، وَلَمْ يَجْعَلْ لِلْمَاءِ نَسَباً ، وَخَلَقَ الرِّيحَ مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ سَلَّطَهَا عَلَى الْمَاءِ ، فَشَقَّقَتْ مَتْنَ الْمَاءِ حَتَّى ثَارَ مِنَ الْمَاءِ زَبَدٌ عَلَى قَدْرِ

٣١١

مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَثُورَ ، فَخَلَقَ مِنْ ذَلِكَ الزَّبَدِ أَرْضاً بَيْضَاءَ نَقِيَّةً لَيْسَ فِيهَا صَدْعٌ وَلَا نَقْبٌ وَلَا صُعُودٌ وَلَا هُبُوطٌ.

ثُمَّ طَوَاهَا فَوَضَعَهَا فَوْقَ الْمَاءِ.

ثُمَّ خَلَقَ اللهُ النَّارَ مِنَ الْمَاءِ فَشَقَّقَتِ النَّارُ مَتْنَ الْمَاءِ حَتَّى ثَارَ مِنَ الْمَاءِ دُخَانٌ عَلَى قَدْرِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَثُورَ ، فَخَلَقَ مِنْ ذَلِكَ الدُّخَانِ سَمَاءً صَافِيَةً نَقِيَّةً لَيْسَ فِيهَا صَدْعٌ وَلَا نَقْبٌ.

ثُمَّ طَوَاهَا فَوَضَعَهَا فَوْقَ الْأَرْضِ.

ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَا الْأَرْضَ أَيْ بَسَطَهَا.

وَكَانَتْ السَّمَاءُ رَتْقاً لَا تُنْزِلُ الْمَطَرَ.

وَكَانَتِ الْأَرْضُ رَتْقاً لَا تُنْبِتُ الْحَبَّ فَلَمَّا خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ ( وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ ) فَتَقَ السَّمَاءَ بِالْمَطَرِ وَالْأَرْضَ بِنَبَاتِ الْحَبِّ.

قوله ( وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) [ ٣ / ٧ ] التَّأْوِيل إرجاع الكلام وصرفه عن معناه الظاهري إلى معنى أخفى منه ، مأخوذ من آلَ يَئُولُ : إذا رجع وصار إليه.

وتَأَوَّلَ فلان الآية أي نظر إلى ما يئول معناه.

واختلف في إعراب الكلام ، فقيل لا يعلم تأويله إلا الله دون غيره ، و ( الرَّاسِخُونَ ) مبتدأ ، و ( يَقُولُونَ ) خبره.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : ( وَالرَّاسِخُونَ ) عَطْفٌ عَلَى اسْمِ اللهِ تَعَالَى وَهُمْ دَاخِلُونَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ.

و ( يَقُولُونَ ) على قوله في موضع الحال أي قائلين.

قوله ( وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ ) [ ١٢ / ٦ ] قيل أراد تعبير الرؤيا لأنها أحاديث الملك إن كانت صادقة.

وأحاديث النفس والشيطان إن كانت كاذبة.

قوله ( وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ ) [ ٣ / ٧ ] أي ما يئول إليه من معنى وعاقبة.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « مَا مِنْ آيَةٍ إِلَّا وَعَلَّمَنِي تَأْوِيلَهَا » أي معناه الخفي الذي هو غير المعنى الظاهري ، لما تقرر من أن لكل آية ظهرا وبطنا والمراد أنه صلى الله عليه واله أطلعه على تلك المخفيات المصونة والأسرار المكنونة.

وَفِي حَدِيثِ الْعَالِمِ الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ

٣١٢

بِعِلْمِهِ « يَسْتَعْمِلُ آلَةَ الدِّينِ فِي الدُّنْيَا » أي يجعل العلم الذي هو آلة ووسيلة إلى الفوز بالسعادة وسيلة موصلة إلى تحصيل الدنيا الفانية من المال والجاه وميل الناس إليه وإقبالهم عليه ونحو ذلك.

والآلَةُ : الأداة ، والجمع الآلَاةُ والإِيَالُ ككتاب اسم منه.

وقد استعمل في المعاني فقيل آل الأمر إلى كذا.

وآلُ إبراهيم : إسماعيل وإسحاق وأولادهما.

وآلُ عمران : موسى وهارون ابنا عمران بن يصهر.

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه واله ».

وَسُئِلَ الصادق عليه السلام مَنِ الْآلُ؟ فَقَالَ « ذُرِّيَّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه واله » فَقِيلَ لَهُ مَنِ الْأَهْلُ؟ فَقَالَ « الْأَئِمَّةُ عليهم السلام » فَقِيلَ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ( أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ ) [ ٤٠ / ٤٦ ] قَالَ « وَاللهِ مَا عَنَى إِلَّا ذُرِّيَّتَهُ ».

وَفِي مَعَانِي الْأَخْبَارِسُئِلَ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ؟ فَقَالَ عليه السلام : ذُرِّيَّتُهُ.

فَقِيلَ وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ؟ قَالَ : الْأَئِمَّةُ عليهم السلام ، قِيلَ : وَمَنْ عِتْرَتُهُ؟ قَالَ : أَصْحَابُ الْعَبَاءِ ، قِيلَ : فَمَنْ أُمَّتُهُ؟ قَالَ : الْمُؤْمِنُونَ.

وعن بعض أهل الكمال في تحقيق معرفة الآل : إن آلَ النبي صلى الله عليه واله كل من يئول إليه وهم قسمان : الأول من يئول إليه مآلا صوريا جسمانيا كأولاده ومن يحذو حذوهم من أقاربه الصوريين الذين يحرم عليهم الصدقة في الشريعة المحمدية.

والثاني من يئول إليه مآلا معنويا روحانيا وهم أولاده الروحانيون من العلماء الراسخين والأولياء الكاملين والحكماء المتألهين المقتبسين من مشكاة أنواره ـ إلى أن قال ـ : ولا شك أن النسبة الثانية آكد من الأولى.

وإذا اجتمعت النسبتان كان نورا على نور كما في الأئمة المشهورين من العترة الطاهرة.

ثم قال : وكما حرم على الأولاد الصوريين الصدقة الصورية كذلك حرم على الأولاد المعنويين الصدقة المعنوية

٣١٣

أعني تقليد الغير في العلوم والمعارف وآل حم : سور أولها حم أو يراد نفس حم.

وآل أصله أَهْل قلبت الهاء همزة بدليل أُهَيْل فإن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها.

والأَوْل : الرجوع.

وقولهم آلَتْ المضربة إلى النفس أي رجعت.

وطبخت النبيذ حتى آلَ المنان منّا واحدا أي صار.

وفعلت هذا عام أَوَّلَ على الوصف ، وعام أَوَّلٍ على الإضافة.

وقولهم أي رجل دخل أَوَّلُ فله كذا مبني على الضم ـ قاله في المغرب.

واعتكفت العشر الأُوَلَ بضم الهمزة وخفة الواو.

والصلاة أَوَّلَ ما فرضت ركعتان ، منصوب على الظرف ، وما مصدرية.

( أهل )

أَهْلُ الرجل : آلُه.

وهم أشياعه وأتباعه وأهل ملته.

ثم كثر استعمال الأهل والآل حتى سمي بهما أهل بيت الرجل لأنهم أكثر من يتبعه.

وأَهْلُ كل نبي : أُمَّته.

قيل ومنه قوله تعالى ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ ) [ ٢٠ / ١٣٢ ] وقد مر في ( امر ) : أنهم أهل بيته خاصة.

وفلان أَهْلٌ لكذا أو يَسْتَأْهِلُ لكذا أي حقيق به.

وأَهْلُ البيت : سكانه.

وكذا أَهْلُ الماء.

ومنه الْحَدِيثُ « إِنَّ لِلْمَاءِ أَهْلاً » أي سكانا يسكنونه.

وأَهْلُ الإسلام : من يدين به.

وأَهْلاً وسهلا أي أتيت أهلا لا غربا وسهلا لا حزنا.

والأَهْلِيُ من الدواب ، خلاف الوحشي ، وهو ما يألف المنازل.

والإِهَالَة بكسر الهمزة : الشحم المذاب.

وقيل دهن يؤتدم به.

وقيل الدسم الجامد.

ومنه الْحَدِيثُ « ادَّهِنْ بِسَمْنٍ أَوْ إِهَالَةٍ ».

وَفِي الْخَبَرِ « كَانَ يُدْعَى إِلَى خُبْزِ الشَّعِيرِ

٣١٤

وَالْإِهَالَةِ فَيُجِيبُ ».

( ايل )

إيل بالكسر فالسكون : اسم من أسمائه تعالى عبراني أو سرياني.

وقولهم جَبْرَئِيلُ ومِيكَائِيلُ وإِسْرَافِيلُ بمنزلة عبد الله وتيم الله ونحوهما.

وإِسْرَائِيلُ هو يعقوب النبي عليه السلام.

وبنو إِسْرَائِيلَ : قومه.

ومعناه بلسانهم : عبد الله أو صفوة الله.

وَفِي الْحَدِيثِ « أَنَّ أَوَّلَ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُوسَى وَآخِرَهُمْ عِيسَى عليه السلام ».

وإِيلُ هو البيت المقدس.

وقيل بيت الله لأن إِيلَ بالعبرانية الله.

والْأُيَّلُ بضم الهمزة وكسرها والياء فيه مشددة مفتوحة : ذكر الأوعال ، وهو التيس الجبلي والجمع الْأَيَائِيلُ.

ومن خواصه : أنه إذا خاف من الصائد يرمي نفسه من رأس الجبل ولا يتضرر بذلك ، وعدد سنين عمره عدد العقد التي في قرنه.

وأَيْلَةُ : جبل بين مكة والمدينة قرب ينبع.

وإِيلَةُ بالكسر : قرية بين مدين والطور.

وأَيْلَةُ بالفتح فالسكون : بلد بين ينبع ومصر.

ومنه حَدِيثُ حَوْضِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله « عَرْضُهُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ إِلَى أَيْلَةَ ».

وإِيلِيَا بالمد والتخفيف : بيت المقدس وقد تشدد الثانية وتقصر الكلمة وهو معرب.

ومسجد إِيلِيَا هو المسجد الأقصى قاله في المغرب.

والْإِيَالَةُ بالكسر : السياسة.

يقال فلان حسن الْإِيَالَةِ وسيىء الْإِيَالَةِ.

وآلَ المَلِكُ رعيَّتَهُ إِيَالاً : سَاسَهُمْ.

وآلَ المالُ : أصلحه وساسه.

ومنه حَدِيثُ حُسْنِ جِوَارِ النِّعَمِ « إِذَا أساس [ أَسَاءَ ] النَّاسُ مُعَامَلَةَ النِّعَمِ وَإِيَالَتَهَا نَفَرَتْ عَنْهُمْ ».

٣١٥

باب ما أوله الباء

( ببل )

قوله تعالى ( بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ ) [ ٢ / ١٠٢ ] بَابِلُ : اسم موضع بالعراق مشهور (١) ينسب إليه السحر والخمر.

قال الأخفش : لا ينصرف لتأنيثه ومعرفته.

( بتل )

قوله تعالى ( وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ) [ ٧٣ / ٨ ] أي انقطع إلى الله تعالى وانفرد.

والتَّبَتُّلُ : الانقطاع إلى الله تعالى وإخلاص النية.

وأصل ذلك من الْبَتْلِ وهو القطع كأنه قطع نفسه عن الدنيا.

يقال بَتَلْتُ الشيء أَبْتِلُهُ بالكسر : إذا قطعته وأبنته من غيره.

ومنه قَوْلُهُ « طَلَّقَهَا بَتَّةً بَتْلَةً ».

ومنه حَدِيثُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله فِي خَبَرِ النَّصِ « فَاتَتْنِي عَزِيمَةٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى بَتْلَةٌ أَوْعَدَنِي إِنْ لَمْ أُبَلِّغْ أَنْ يُعَذِّبَنِي ».

وَفِي الْخَبَرِ « لَا رَهْبَانِيَّةَ وَلَا تَبَتُّلَ فِي الْإِسْلَامِ ».

أراد بِالتَّبَتُّلِ : الانقطاع عن الدنيا وترك النكاح.

والْبَتُولُ كرسول : العذراء المنقطعة عن الأزواج.

__________________

(١) بابل مدينة قديمة انقاضها واقعة على الفرات قرب الحلة على مسافة ١٦٠ كم جنوبي شرقي بغداد أسس فيها سوموابوم الأموري (٢١٠٥) ق م سلالة كان سادس ملوكها حمورابي القرن ( ١٩ ق م ) الذي وحد ( سومر ) و ( أكاد ) خضعت لسوريا بضعة قرون ثم أصبحت بعد سقوط نينوى ( ٦١٢ ق م ) عاصمة نبوكدنصر وجعلها الإسكندر عاصمة الشرق انحطت على زمن خلفائه السلوقيين ( القرن ٣ ق م ) وبرج بابل ذو الحدائق المعلقة أحد العجائب السبع العالمية وآثاره باق لحد الآن.

٣١٦

ويقال هي المنقطعة عن الدنيا.

وَالْبَتُولُ : فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءِ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله.

قِيلَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِانْقِطَاعِهَا إِلَى اللهِ وَعَنْ نِسَاءِ زَمَانِهَا وَنِسَاءِ الْأُمَّةِ فِعْلاً وَحَسَباً وَدِيناً.

وَفِي الرِّوَايَةِ « وَقَدْ سُئِلَ صلى الله عليه واله إِنَّا سَمِعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ تَقُولُ إِنَّ مَرْيَمَ بَتُولٌ وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَتُولٌ مَا الْبَتُولُ؟ فَقَالَ : الْبَتُولُ الَّتِي لَمْ تَرَ حُمْرَةً قَطُّ ».

والتَّبَتُّلُ في الدعاء هو الدعاء بإصبع واحدة يشير بها أو يرفع أصابعه مرة ويضعها مرة يرفعها إلى السماء رسلا ويضعها تأنيا.

والتَّبَتُّلُ أيضا هو أن يحرك السبابة اليسرى.

وبجميع ما ذكرناه وردت الرواية عنهم عليهم السلام.

والْمَبْتُولُ : المقطوع.

ومنه الحج الْمَبْتُولُ ، والعمرة الْمَبْتُولَةُ.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْعُمْرَةُ الْمَبْتُولَةُ عَلَى صَاحِبِهَا طَوَافُ النِّسَاءِ ».

( بجل )

فِي الْحَدِيثِ « بَجِيلَةُ خَيْرٌ مِنْ وَعْلٍ ».

وذكر أن بَجِيلَةَ : حي من اليمن والنسبة إليه بَجَلِيٌ بالتحريك.

وهم ولد امرأة اسمها بَجِيلَةُ نسب إليها أولادها.

والتَّبْجِيلُ : التعظيم.

يقال بَجَّلْتُهُ تَبْجِيلاً : وقرته وعظمته.

وأصبتم كثيرا بَجِيلاً أي واسعا.

والْبَجَلُ محركة : البهتان.

ولعل منه حَدِيثُ وَصْفِ الْمُؤْمِنِ « لَا يَبْجَلُ وَلَا يَعْجَلُ ».

وبَجْلَةُ : بطن من بني سليم.

والنسبة إليهم بَجْلِيٌ بالتسكين.

وبَجْلِي أي حسبي.

( بخل )

قوله تعالى ( وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ ) [ ٤٧ / ٣٨ ] الْبُخْلُ : الشح في الشيء.

والْبَخِيلُ خلاف الجواد.

ويقال بَخِلَ بَخَلاً وبُخْلاً من بابي تعب وقرب.

٣١٧

والاسم الْبُخْلُ وزان فلس فهو بَخِيلٌ.

وفي الشرع : هو منع الواجب.

وعند العرب : منع السائل مما يفضل عنده.

وبَخَّلَهُ تَبْخِيلاً : رماه به.

( بدل )

قوله تعالى ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ ) [ ١٤ / ٤٨ ] التَّبْدِيلُ : تغيير الشيء عن حاله.

وبَدَّلْتُ الشيء : إذا غيرته ولم تأت له ببدل.

ومعنى تَبْدِيلِ الأرض : تسيير جبالها وتفجير بحارها وكونها مستوية لا ( فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً ).

ومعنى تَبْدِيلِ السموات : انتشار كواكبها وانفطارها وتكوير شمسها وخسوف قمرها.

وقيل بَدَلُهُمَا أرض وسماوات أخر.

وَفِي الْحَدِيثِ « تَصِيرُ خُبْزَةً يَأْكُلُونَ مِنْهَا حَتَّى يَفْرُغَ النَّاسُ مِنَ الْحِسَابِ ».

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الحسين عليه السلام فِي قَوْلِهِ ( تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ ) [ ١٤ / ٤٨ ] قَالَ يَعْنِي بِأَرْضٍ لَمْ يُكْتَسَبُ عَلَيْهَا الذُّنُوبُ بَارِزَةً لَيْسَ عَلَيْهَا جِبَالٌ وَلَا نَبَاتٌ كَمَا دَحَاهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ.

قوله ( فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً ) [ ١٨ / ٨١ ] يقال أَبْدَلْتُ بكذا إِبْدَالاً إذا محيت الأول وجعلت الثاني مكانه.

قال المفسر : الزكوة الطهارة والنقاء من الذنوب والرحم والرحمة العطف.

وَعَنِ الصادق عليه السلام « حَيْثُ أَبْدَلَهُمَا بِالْغُلَامِ الْمَقْتُولِ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ سَبْعِينَ نَبِيّاً ».

وبَدَّلْتُهُ تَبْدِيلاً بمعنى غيرت صورته تغييرا وأتيت له بِبَدَلٍ.

قال تعالى ( وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ ) [ ٢ / ١٠٨ ] أي يتعوض عنه بذلك.

وبَدَّلَ الله السيئات حسنات يتعدى إلى مفعولين بنفسه لأنه بمعنى جعل وصير.

ومنه قوله تعالى ( يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ ) [ ٢٥ / ٧٠ ] بأن يمحو سوابق

٣١٨

معاصيهم بالتوبة ويثبت مكانها لواحق طاعاتهم ، أو يُبَدِّلَ ملكة المعصية بملكة الطاعة.

وقد استعمل أَبْدَلَ بالألف مكان بَدَّلَ بالتشديد فعدي بنفسه إلى مفعولين لتقارب معناهما منه.

وقوله تعالى ( عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً ) [ ٦٦ / ٥ ] في قراءة السبعة.

قوله ( لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ) [ ٣٠ / ٣٠ ] أي لا ينبغي أن تُبَدَّلَ تلك الفطرة ( الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها ) من التوحيد وتغير.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِنْ جَامَعْتَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ يُرْجَى أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنَ الْأَبْدَالِ ».

الْأَبْدَالُ : قوم من الصالحين لا تخلو الدنيا منهم إذا مات واحد أَبْدَلَ الله مكانه آخر.

وفي القاموس الْأَبْدَالُ : قوم يقيم الله بهم الأرض وهم سبعون ، أربعون بالشام وثلاثون بغيرها ، لا يموت أحدهم إلا قام مقامه آخر من سائر الناس.

الْبَدَلُ بفتحتين والْبَدِلُ بالكسر والْبَدِيلُ كلها بمعنى والجمع أَبْدَالٌ.

وبُدَيْلٌ كزبير ابن ورقاء الخزاعي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وكان رسولا في بعض المواضع.

( بذل )

فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ « فَخَرَجَ مُتَبَذِّلاً ».

التَّبَذُّلُ : ترك التزين والتهيؤ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع.

وَفِي حَدِيثِ سَلْمَانَ « فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً ».

وَفِي رِوَايَةٍ « مُبْتَذِلَةً » وهما بمعنى.

والمراد ترك التصاون.

وَفِي الْحَدِيثِ « ابْتِذَالُ نِعَمِ اللهِ بِالْفَعَالِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنِ ابْتِذَالِهَا بِالْمَقَالِ » أي بالقول.

والْبَذْلُ : العطاء.

وبَذَلَ بَذْلاً من باب قتل : سمح وأعطاه وجاد به وهو يناقض المنع.

وَمِنْهُ « عَلَيْكُمْ بِالتَّوَاصُلِ وَالتَّبَاذُلِ ».

ومنه قَوْلُهُ « شِيعَتُنَا الْمُتَبَاذِلُونَ فِي وَلَايَتِنَا ».

٣١٩

ومنه قَوْلُهُ « مَنْ زَارَ أَخَاهُ فِي اللهِ لَا يَأْتِيهِ خِدَاعاً وَلَا اسْتِبْذَالاً وَكَّلَ اللهُ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُنَادُونَ طِبْتَ وَطَابَتْ لَكَ الْجَنَّةُ » أراد بِالاسْتِبْذَالِ : طلب العطاء.

وبَذَلَهُ : أباحه عن طيب نفس.

وَفِي الْحَدِيثِ « مِنْ خَيْرِ نِسَائِكُمْ الْمَرْأَةُ إِذَا خَلَا بِهَا زَوْجُهَا بَذَلَتْ لَهُ مَا أَرَادَ مِنْهَا وَلَمْ تَبَذَّلْ لَهُ تَبَذُّلَ الرَّجُلِ » أي تتصاون في الجملة ولم تترك التصاون.

وبَذَلَ الثوب وابْتَذَلَهُ : لبسه في أوقات الخدمة.

وثوب بِذْلَةٌ بالكسر أي يُبْذَلْ ولا يُصان.

( برطل )

فِي الْحَدِيثِ « أَنَّهُ عليه السلام كَرِهَ لِبَاسَ الْبُرْطُلَةِ » الْبُرْطُلَةُ بالضم : قلنسوة. وربما تشدد.

( بريل )

بَرْيَالُ بالباء الموحدة ثم الياء المثناة التحتانية بعد الراء المهملة واللام أخيرا بعد ألف : اسم ملك الموت ، وقد جاء في الحديث.

( بزل )

في شعر أبي جهل :

ما تنقم الحرب الشموس مني

بَازِلُ عامين حديث السن

لمثل هذا ولدتني أمي

الْبَازِلُ من الإبل عند أهل اللغة : الذي تم له ثمان سنين ودخل في التاسعة.

وحينئذ يطلع نابه وتكمل قوته.

ثم يقال له بعد ذلك بَازِلُ عام وبَازِلُ عامين.

يقال بَزَلَ البعير من باب قعد فطر نابه بدخوله في السنة التاسعة فهو بَازِلٌ.

يستوي فيه الذكر والأنثى والجمع الْبَوَازِلُ.

وبُزَّلٌ كسكر.

ومعناه إنا مجتمع الشباب مستكمل القوة.

وتَبَزَّلَ : تشقق.

( بسل )

قوله تعالى ( أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا ) [ ٦ / ٧٠ ] أي ارتهنوا وأَسلموا للهلكة.

يقال أُبْسِلَ ولده إذا رهنه.

قوله ( وَذَكِّرْ بِهِ ) أي بالقرآن

٣٢٠