مجمع البحرين - ج ٥

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٥

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٤

باب ما أوله الغين

( غبق )

الغَبُوق : الشرب بالعشي.

ويقابله الصبوح.

وَمِنْهُ « مَا لَمْ يَصْطَبِحُوا أَوْ يَغْتَبِقُوا ».

( غدق )

قوله تعالى ( وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً ) [ ٧٢ / ١٦ ] الغَدَقُ بالتحريك : ماء الكثير القطر.

يقال أَغْدَقَ المطر يُغْدِقُ إِغْدَاقاً فهو مُغْدِقٌ.

والمعنى : لو استقام الجن والإنس على طريقة الإيمان لأنعمنا عليهم ، ولوسعنا رزقهم.

وذكر الماء لأنه أصل المعاش وسعة الرزق.

وغَدِقَتِ العين من باب تعب : كثر ماؤها وغزر فهي غَدِقَةٌ.

واغْدَوْدَقَ المطر : كثر قطره.

وقوله غَدَقٌ مُغْدِقٌ ، الغَدَقُ بفتح الدال : المطر الكبائر القطر ، والمُغْدِقُ : مفعل منه أكد به.

ومنه فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ « مُغْدِقَةً مُونِقَةً ».

وشاب غَيْدَاقٌ أي ناعم.

والغَيْدَاقُ : الرجل الكريم.

( غرق )

فِي الْحَدِيثِ « أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَرَقِ ».

هو بالتحريك : غرق الماء.

يقال غَرِقَ في الماء غَرَقاً من باب تعب فهو غَرِقٌ.

وجاء غَارِقٌ أيضا.

وفي المصباح : حكى في البارع عن الخليل : الغَرِق الراسب في الماء من غير موت ، فإن مات غرقا فهو غَرِيقٌ ، مثل كريم.

وجمع الغَرِيقِ غَرْقَى كقتيل وقتلى.

ويعدى بالهمزة والتضعيف.

واغْرَوْرَقَتْ عيناه بالدموع : دمعتا.

٢٢١

وغَرِقْنَا بالدموع وهو افعوعلت من الغرق.

وَفِي الْحَدِيثِ « سَأَلْتُهُ عَنْ حَدِّ الطِّينِ الَّذِي لَا يُسْجَدُ عَلَيْهِ؟ قَالَ إِذَا غَرِقَتْ فِيهِ الْجَبْهَةُ ».

وأَغْرَقَ النازع في القوس : استوفى مدها.

والِاسْتِغْرَاقُ : الاستيعاب.

ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام « لَقَدْ أَغْرَقَ فِي النَّزْعِ » أي بالغ في الأمر وانتهى فيه.

وأصله من نزع القوس وترها فاستعير لمن بالغ في كل شيء ـ قاله في النهاية.

والغِرْقِئُ كزبرج : القشرة الملتزقة ببياض البيض ، أو البياض الذي يؤكل.

ومنه حَدِيثُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِ « حِينَ دَخَلَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَرَأَى عَلَيْهِ ثِيَاباً كَأَنَّهَا غِرْقِئُ الْبِيضِ ».

قال الفراء : همزته زائدة ، لأنه من الغرق.

والغُرْنُوق بالضم : الشاب الناعم ، والجمع الغَرَانِيقُ والغَرَانِقَةُ.

وقولهم : تلك الغَرَانِيقُ العلى ، وإن شفاعتهن لترجى.

المراد بها هنا الأصنام.

وهي في الأصل الذكور من طير الماء ، واحدها غُرْنُوق وغِرْنِيق ، سمي به لبياضه.

وقيل هو الكركي.

وكانوا يزعمون أن الأصنام تقربهم إلى الله تعالى وتشفع لهم ، فشبهت بالطيور التي تعلو في السماء وترتفع.

( غسق )

قوله تعالى ( إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) [ ١٧ / ٧٨ ] هو بالتحريك : أول ظلمة الليل.

وقد غَسَقَ الليل يَغْسِقُ أي أظلم.

وغَسَقُ الليل : ظلامه.

وقيل غَسَقُهُ : شدة ظلمته وذلك إنما يكون في النصف منه.

ومثله ما صح عَنِ الْبَاقِرِ عليه السلام « وَغَسَقُ اللَّيْلِ انْتِصَافُهُ ».

قوله ( وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ ) [ ١١٣ / ٣ ] الغَاسِقُ : الهاجم.

٢٢٢

ويقال الغَاسِقُ : القمر إذا كسف فاسود ، ( إِذا وَقَبَ ) أي دخل في الكسوف وقد تقدم تمام البحث في ( وقب ).

قوله ( إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً ) [ ٧٨ / ٢٥ ] هو بالتشديد والتخفيف : ما يَغْسَقُ من صديد أهل النار أي يسيل.

يقال غَسِقَتْ العين : إذا سالت دموعها.

ويقال الحميم يحرق بحره ، والغَسَّاقُ يحرق ببرده.

ويقال الغَسَّاقُ هو البارد المنتن.

( غلق )

فِي الْحَدِيثِ « لَا تَكُنْ ضَجِراً وَلَا غَلِقاً ».

الغَلَق بالتحريك : ضيق الصدر.

ورجل غَلِقٌ : سيىء الخلق.

وَفِيهِ « اللهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَسْتَغْلِقَ عَبْدَهُ ».

لعله من الغَلَق وهو ضيق الصدر.

وفي بعض النسخ يستفلق عبده كأنه من الفلق بمعنى الحركة والاضطراب.

وفي بعضها يستعلق بالعين المهملة كأنه من العلق محركة : الخصومة والمحنة.

وَفِي الْخَبَرِ « لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي إِغْلَاقٍ ».

أي في إكراه لأن المكره مُغْلَقٌ عليه في أمره ومضيق عليه في تصرفه كما يُغْلَقُ الباب على الإنسان.

باب ما أوله الفاء

( فتق )

فِي الْحَدِيثِ « مَنْ جَلَسَ وَهُوَ مُتَنَوِّرٌ خِيفَ عَلَيْهِ الْفَتَقُ ».

الفَتَقُ بالتحريك : انْفِتَاقُ المثانة.

وقيل انْفِتَاقُ الصفاق إذا دخل في مراق البطن.

وقيل أن ينقطع اللحم المشتمل على الأنثيين.

وأصله الشق والفتح.

وفي المغرب ـ نقلا عنه ـ : الفَتَقُ داء يصيب الإنسان في أمعائه ، وهو أن يَنْفَتِقَ موضع بين أمعائه وخصييه فيجمع

٢٢٣

ريحا بينها.

وفَتَقْتُ الشيء فَتْقاً : شققته.

والفَتْقُ : شق عصا الجماعة ووقوع الحرب بينهم.

وفَتَقْتُ الثوب من باب قتل : نقضت خياطته حتى فصلت بعضه من بعض فَانْفَتَقَ.

وفَتَّقْتُ بالتشديد مبالغة وتكثير.

ومحمد صلى الله عليه واله الفَاتِقُ الراتق يعني فاتق الجور وممزقه وراتق الخلل الذي وقع في الدين ، والكلام استعارة.

( فرق )

قوله تعالى ( فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) [ ٤٤ / ٤ ] أي يقدر في ليلة القدر كل شيء يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل من خير أو شر أو طاعة أو معصية أو مولود أو رزق فما قدر في تلك الليلة وقضي فهو المحتوم.

وقوله ( وَقُرْآناً فَرَقْناهُ ) [ ١٧ / ١٠٦ ] أي بيناه عند من خفف من فَرَقَ يَفْرُقُ.

ومن شدد قال أنزلناه مُفَرَّقاً في أيام.

قوله ( وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ ) [ ٢١ / ٤٨ ] الفُرْقَانُ : القرآن وكل ما فُرِقَ به بين الحق والباطل فهو فُرْقَانٌ ، والآية من الثاني.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْفُرْقَانُ الْمُحْكَمُ الْوَاجِبُ الْعَمَلِ بِهِ ، وَالْقُرْآنُ جُمْلَةُ الْكِتَابِ ».

قوله ( يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً ) [ ٨ / ٢٩ ] أي نصرا ويقال أي هداية من قلوبكم ، تفرق بين الحق والباطل.

قوله ( فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ ) [ ٢ / ٥٠ ] أي فلقنا بكم.

و ( يَوْمَ الْفُرْقانِ ) [ ٨ / ٤١ ] يوم بدر.

وعن الفراء : يوم الفتح.

والفرق كحمل : الفلق من كل شيء.

قال تعالى ( فَكانَ كُلُ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ) [ ٢٦ / ٦٤ ].

قوله ( فَرِيقٌ مِنْهُمْ ) [ ٢ / ٧٥ ] أي طائفة منهم.

قوله ( فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ ) [ ٢ / ١٨٨ ] أي طائفة.

قوله ( فَالْفارِقاتِ فَرْقاً ) [ ٧٧ / ٤ ]

٢٢٤

الملائكة تنزل تفرق ما بين الحلال والحرام.

قوله ( مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِ ) [ ١١ / ٢٤ ] أراد بهما المؤمنين والكفار.

قوله ( فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ ) [ ٥ / ٢٥ ] وفي لغة من باب ضرب وبها قرأ بعض التابعين.

وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ « لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ ».

قيل فيه : أما الجمع بين المُتَفَرِّقِ فهو أن يكون بين ثلاثة نفر مثلا لكل واحد منهم أربعون شاة وقد وجب على كل واحد شاة ، فإذا أظلمهم (١) المصدق جمعوها لئلا يكون عليهم فيها إلا شاة واحدة.

وأما تفريق المجتمع فهو أن يكون اثنان شريكان ، ولكل واحد منهما مائة شاة وشاة فيكون عليهما في مالها ثلاث شياة ، فإذا أظلمها (٢) المصدق فرقا غنمهما فلم يكن على واحد منهما إلا شاة واحدة.

والمُتَفَرِّقُ : ضد المجتمع الذي يجتمع في حيز واحد.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا بِالْأَبْدَانِ ».

والأصل ما لم تَتَفَرَّقْ أبدانهما.

والمَفْرِقُ : وسط الرأس وهو الذي يُفْرَقُ فيه الشعر.

وَفِي الْحَدِيثِ « وَكَانَ شَعْرُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله فَرَطاً لَمْ يَبْلُغِ الْفَرْقَ أي التسريح.

وَفِيهِ » مَنِ اتَّخَذَ شَعْراً فَلَمْ يُفَرِّقْهُ فَرَّقَهُ اللهُ بِمِنْشَارٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

وفَرْقُ شعر النساء من مقدم الرأس إلى القفا.

وَفِي الْحَدِيثِ « مُحَمَّدٌ صلى الله عليه واله فَرَّقَ بَيْنَ النَّاسِ ».

فإن كانت مشددة من التفريق ، فالمعنى أنه ميز بينهم فبين المطيع من العاصي

__________________

(١) هكذا في النسخ والصحيح : ظلمهم ، بدون الهمز.

(٢) هذا كسابقه.

٢٢٥

وإن كانت ساكنة فَالْفَرْقُ بمعنى الفارق وهو في الأصل مصدر فوصف كالعدل.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام « أَنَا الْفَارُوقُ الْأَعْظَمِ » الفَارُوقُ اسم سمي به علي عليه السلام.

وربما انتحله غيره.

ولعل المراد به الذي يُفَرِّقُ بين الحق والباطل ، والحلال والحرام.

والفِرْقَةُ بالكسر من الناس وغيرهم.

والجمع فِرَقٌ كسدرة وسدر.

والفُرْقَةُ بالضم : الاسم من فَارَقْتُهُ مُفَارَقَةً وفِرَاقاً.

وديك أَفْرَقُ بين الفرق الذي عرفه مفروق.

والفِرْقُ كحمل : القطيع من الغنم العظيم.

وإِفْرِيقِيَّةُ اسم بلاد معروفة (١).

__________________

(١) إفريقيا : اسم أطلقه العرب على بلاد البربر الشرقية ، أما الغربية فسميت بالمغرب اختلف جغرافيو العرب في وضع حدودها ، وقد أوصلها بعضهم إلى المغرب الأقصى وليبيا على أنها تنحصر عادة في نطاق يتسع قليلاعن بلاد ( تونس ) اليوم.

وإفريقيا تستعمل اليوم يراد بها : القارة كلها ، وهي إحدى القارات الخمس المشهورة مساحتها : ( ٠٠٠ ر ٣٠٠ ر ٣٠ ) كم مربع.

يحدها البحر المتوسط شمالا ، والمحيط الأطلنطيكي غربا ، والبحر الأحمر والمحيط الهندي شرقا.

جبالها عالية القمم وسهولها وأنجادها صحاري قاحلة ممتدة الأطراف جدا.

أنهرها : طويلة فيلضة مضطربة المسيل صعبة الملاحة بسبب الشلالات العديدة.

مناخها : مرتفع الحرارة جدا ويختلف هطول الأمطار باختلاف مناطقها.

حاصلاتها : الموز ، والكاكاو ، والبلح ، والبن ، والسكر ، وفستق العبيد ، والكاوتشوك.

٢٢٦

( فرزق )

الفَرَزْدَقُ : جمع فَرَزْدَقَةٍ وهي القطعة من العجين ـ قاله الجوهري.

وأصله بالفارسية ( برازده ).

وبه سمي الفَرَزْدَقُ ، واسمه ( همام بن غالب بن صعصعة ) التميمي.

وكنيته أبو فراس (١).

روى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام والحسين عليه السلام.

وكان كثير التعظيم لقرابة الرسول صلى الله عليه واله فما جاءه أحد منهم إلا ساعده على بلوغ غرضه.

( فسق )

قوله تعالى ( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ ) [ ٢ / ١٩٧ ] الفُسُوقُ الكذب كما جاءت به الرواية عنهم

__________________

سكانها قليلون نسبة ( نحو ٠٠٠ ر ٠٠٠ ر ٢٠٠ ).

دولها : مصر ، السودان ، ليبيا ، الحبشة ، ليبريا ، تونس ، الجزائر ، المغرب ، مدفشقر ، كونغو ، نقوليا ، موزمبيك وغيرها.

(١) هو من دارم من تميم وكان جده ( صعصعة ) وجيها يعرف بـ ( محيي الموءودات ) وأبوه ( غالب ) كان رئيسا في قومه وله مناقب مشهورة.

ولد الفرزدق في البصرة وأقام في باديتها مع أبيه وظهرت فيه ملكة الشعر وهو غلام فجاء به أبوه إلى علي بن أبي طالب عليه السلام بعد وقعة الجمل ، وأخبره أنه شاعر فقال : « علمه القرآن » فلم ينظم شعرا حتى حفظ القرآن.

وكان الفرزدق يتشيع لعلي وأولاده راسخا في ولائه لهم وقصته مع هشام بشأن الإمام زين العابدين مشهورة.

ولم يكن الفرزدق من مداح بني أمية وقد هجا بعضهم لكنه مدح بعض عمالهم في مناسبات خصوصا آل المهلب والحجاج خوفا منهم.

ويعتقد علماء اللغة : أن شعر الفرزدق فيه كثير من أساليب العرب وألفاظهم ، حتى قالوا : لو لا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب توفي سنة ١١٠ ه‍ رحمه‌الله تعالى.

٢٢٧

عليهم السلام.

وفَسَقَ فُسُوقاً من باب قعد : خرج عن الطاعة.

والاسم الفِسْقُ.

وفَسَقَ يَفْسِقُ بالكسر لغة فهو فَاسِقٌ قال تعالى ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) [ ٤٩ / ٦ ] ويقال أصل الفِسْقِ : خروج الشيء من الشيء على وجه الفساد.

ومنه قوله تعالى ( فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ) [ ١٨ / ٥٠ ] أي خرج.

( فَسَقُوا ) [ ٣٢ / ٢٠ ] أي خرجوا عن أمرنا عاصين لنا.

( وَلا فُسُوقَ ) أي لا خروج عن حدود الشرع بالسيئات وارتكاب المحرمات.

قوله ( ذلِكُمْ فِسْقٌ ) [ ٥ / ٤ ] يعني حراما.

وَفِي الْحَدِيثِ « خَمْسُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ : الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْكَلْبُ وَالْحَيَّةُ وَالْفَأْرَةُ ».

قيل المراد بالفِسْقِ هنا المعنى المجازي من حيث حصول الخبث والأذى منها والأفعال المنافية للطبائع البشرية فأطلق عليها اسم الفسق.

والفُوَيْسَقَةُ : اسم للفأرة.

والتصغير للتحقير.

وَسَمَّاهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه واله فُوَيْسَقَةً.

قَالَ « إِنَّهَا تُوهِي السِّقَاءَ وَتُضْرِمُ الْبَيْتَ عَلَى أَهْلِهِ ».

وَفِي الدُّعَاءِ « وَادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ».

الفَسَقَةُ بالتحريك : جمع فَاسِقٍ.

والفِسِّيقُ بالتشديد : الدائم الفسق.

( فستق )

الفُسْتُق بضم التاء والفتح للتخفيف : بقل معروف.

( فلق )

قوله تعالى ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِ الْفَلَقِ ) [ ١١٣ / ١ ] الفَلَقُ بالتحريك قيل هو ضوء الصبح وإنارته.

والمعنى قل يا محمد أعتصم وأمتنع برب الصبح وخالقه ومدبره ومطلعه متى شاء على ما يرى من الصلاح فيه.

ويقال هو الخلق كله لأنهم يَنْفَلِقُونَ

٢٢٨

بالخروج من أصلاب الآباء وأرحام الأمهات كما ينفلق الحب من النبات.

ويقال الفَلَقُ : ما ينفلق عن الشيء وهو يعم جميع الممكنات فإنه جل شأنه فلق ظلمة عدمها بنور إيجادها.

وَقِيلَ الْفَلَقُ : صَدْعٌ فِي النَّارِ ، فِيهِ سَبْعُونَ أَلْفَ بَيْتٍ ، فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ أَلْفَ أَسْوَدَ ، فِي جَوْفِ كُلِّ أَسْوَدَ سَبْعُونَ أَلْفَ جَرَّةِ سَمٍّ ، لَا بُدَّ لِأَهْلِ النَّارِ أَنْ يَمُرُّوا عَلَيْهَا.

كَذَا فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ

وفِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ : الْفَلَقُ جُبٌّ فِي جَهَنَّمَ يَتَعَوَّذُ أَهْلُ النَّارِ مِنْ شِدَّةِ حَرِّهِ سَأَلَ اللهَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يَتَنَفَّسَ فَأَذِنَ لَهُ فَأَحْرَقَ جَهَنَّمَ.

وَفِي ذَلِكَ الْجُبِّ صُنْدُوقٌ مِنْ نَارٍ يَتَعَوَّذُ أَهْلُ ذَلِكَ الْجُبِّ مِنْ ذَلِكَ الصُّنْدُوقِ وَهُوَ التَّابُوتُ.

وَفِي ذَلِكَ التَّابُوتِ سِتَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَسِتَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ.

فَأَمَّا السِّتَّةُ مِنَ الْأَوَّلِينَ فَابْنُ آدَمَ الَّذِي قَتَلَ أَخَاهُ ، وَنُمْرُودُ إِبْرَاهِيمَ ، وَفِرْعَوْنُ مُوسَى ، وَالسَّامِرِيُّ الَّذِي اتَّخَذَ الْعِجْلَ وَالَّذِي هَوَّدَ الْيَهُودَ وَنَصَّرَ النَّصَارَى.

وَأَمَّا السِّتَّةُ مِنَ الْآخِرِينَ فَأَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ ، وَصَاحِبُ الْخَوَارِجِ ، وَابْنُ مُلْجَمٍ.

قوله ( فالِقُ الْإِصْباحِ ) [ ٦ / ٩٦ ] أي شاق عمود الصبح عن ظلمة الليل.

والفَلَقُ : الشق.

والإصباح والصبح واحد وهو مصدر أصبحنا إصباحا.

قَوْلُهُ « وَرَبِّ الظَّلَامِ وَالْفَلَقِ ».

أراد بالفلق النور.

وَفِي حَدِيثِ الْجَامِعَةِ « هِيَ صَحِيفَةٌ مِنْ فِلْقٍ فِيهِ ».

هو بالكسر والفتح أي من شق فيه.

وفَلَقْتُهُ من باب ضرب : شققته.

والفَلْقُ بالسكون : الشق.

والتَّفَلُّقُ مثله.

وتَفَلَّقَ الشيء : تشقق.

والفُلُوقُ : الشقوق.

( فندق )

الفُنْدُقُ كقنفد : الخان للسبيل والجمع الفَنَادِقُ.

٢٢٩

ومنه الْحَدِيثُ « إِنِّي أَتَقَبَّلُ الْفَنَادِقَ فَيَنْزِلُ عِنْدِي رَجُلٌ فَيَمُوتُ » الحديث

( فوق )

قوله تعالى ( ما لَها مِنْ فَواقٍ ) [ ٣٨ / ١٥ ] أي ليس بعدها رجوع إلى الدنيا إن قرىء بالفتح.

ومن قرأ فُواقٍ بالضم أي ما لها من نظرة وراحة وإفاقة كإفاقة العليل من علته قوله ( إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها ) [ ٢ / ٢٦ ] أي فما زاد عليها في الصغر أو الكبر.

ومثله قوله ( فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ) [ ٤ / ١٠ ] أي زائدات على اثنتين وفَوْق : ظرف مكان نقيض تحت.

قال في المصباح : وقد استعير للاستعلاء الحكمي.

ومعناه الزيادة والفضل.

فيقال العشرة فَوْقَ التسعة أي تزيد عليها.

وهذا فَوْقُ ذاك أي أفضل.

ثم مثل بالآيات التي تقدم ذكرها.

واسْتَفَاقَ من سكره ومن مرضه وأَفَاقَ بمعنى.

قال تعالى ( فَلَمَّا أَفاقَ ) [ ٧ / ١٤٢ ] قال وأَفَاقَ من سكره كما يقال استيقظ من نومه.

وَفِي حَدِيثِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ « الْعِيَادَةُ قَدْرَ فُوَاقِ النَّاقَةِ ».

الفُوَاقُ كغراب ما بين الحلبتين من الوقت لأنها تحلب فتترك سويعة يرضعها الفصيل لتدر ثم تحلب.

أو ما بين فتح يدك وقبضها على الضرع ومنه

الْحَدِيثُ « مَنْ كَتَبَهُ اللهُ سَعِيداً وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا كَفُوَاقِ نَاقَةٍ خَتَمَ لَهُ بِالسَّعَادَةِ ».

وَمِثْلُهُ فِي حَدِيثِ الْأَشْتَرِ لِعَلِيٍّ عليه السلام وَقَدْ قَالَ لَهُ يَوْمَ صِفِّينَ « أَنْظِرْنِي فُوَاقَ نَاقَةٍ ».

أي أخرني هذا المقدار ومنه َحدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام « إِنَّ بَنِي أُمَيَّةَ لَيُفَوِّقُونَنِي تُرَاثَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه واله تَفْوِيقاً ».

قال بعض الشارحين : استعار لفظ التَّفْوِيقِ لعطيتهم المال قليلا قليلا كَفُوَاقِ الناقة وهو الحلبة الواحدة من لبنها.

ووجه المشابهة القلة.

٢٣٠

وتراث محمد صلى الله عليه واله الفيء الحاصل بتركته.

وفُقْتُ فلانا أَفُوقُهُ : أي صرت خيرا منه وأشرف كأنك صرت خيرا منه في المرتبة.

ومنه الشيء الفَائِقُ وهو الجيد الخالص في نوعه.

وفَاقَ الرجل أصحابه يَفُوقُهُمْ أي علاهم بالشرف والفضل وغلبهم.

وفَاقَتِ الجارية بالجمال فهي فَائِقَةٌ والفَاقَةُ والخصاصة والإملاق والمسكنة والمتربة واحد ، نقلا عن الهمداني في ألفاظه (١).

وافْتَاقَ الرجل : افتقر.

وأَفَاقَ المجنون : رجع إليه عقله.

وفُوقُ السهم : الوتر والجمع أَفْوَاقٌ كقفل وأقفال وفُوقٌ على لفظ الواحد.

وفَوِقَ السهم من باب تعب : انكسر فُوقُهُ.

( فهوق )

فِي الْخَبَرِ « إِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَ الْمُتَفَيْهِقُونَ الْمُتَشَدِّقُونَ ».

المُتَفَيْهِقُونَ : الذين يظهرون للناس أنهم ذو فهم وذكاء ليقربوهم ويعظموهم.

وأصله الفَهْقُ وهو الامتلاء كأنه ملأ به شدقه ، وهو رفع الصوت بالكلام وقلة الاستحياء في أنه لا يبالي بكل ما قال حتى يخاف الناس من لسانه.

باب ما أوله القاف

( قلق )

القَلَقُ بالتحريك : الانزعاج.

وقَلِقَ قَلَقاً من باب تعب : اضطرب وأَقْلَقَهُ الهم وغيره : أزعجه.

( قوق )

قُوقِي بضم القاف الأولى وكسر الثانية صنف من السمك عجيب جدا على رأسه شوكة قوية يضرب بها.

__________________

(١) أي كتابه المسمى بـ ( الألفاظ الكتابية ).

٢٣١

باب ما أوله اللام

( لبق )

اللَّبِقُ واللَّبِيقُ بالكسر : الرجل الحاذق الدقيق بما يعمله.

وقد لَبِقَ بالكسر لَبَاقَةً.

( لحق )

فِي الدُّعَاءِ « إِنَّ عَذَابَكَ بِالْكُفَّارِ مُلْحِقٌ ».

بكسر الحاء أي لاحق.

والفتح أيضا صواب ـ قاله الجوهري وغيره.

ولَحِقْتُهُ من باب تعب لَحَاقاً بالفتح : أدركته.

وأَلْحَقْتُهُ بالألف مثله.

ولَحِقَهُ الثمن : لزمه.

ومنه لَحِقَهُ الإثم.

واللُّحُوقُ : اللزوم.

والْإِلْحَاقُ : الإدراك.

واسْتَلْحَقَهُ : أي دعاه.

وتَلَاحَقْتُ الأشياء : أي لَحِقَ بعضها ببعض.

( لزق )

لَزِقَ به الشيء كسمع لُزُوقاً والْتَزَقَ : لصق به.

والشيء اللَّزِقُ بكسر الزاء : الذي يلزم بالشيء ويلصق به.

وفلان بِلَزِقِي وبلصقي ولَزِيقٌ : أي بجنبي.

ولَزَّقْتُهُ تَلْزِيقاً : فعلته من غير إحكام ولا إتقان.

ومنه المُلَزَّقُ : الذي ليس بمحكم.

( لصق )

لَصِقَ الشيء بغيره من باب تعب لَصَقاً ولُصُوقاً بمعنى لزق.

ويتعدى بالهمزة فيقال أَلْصَقْتُهُ.

ومنه قوله يُلْصِقُ وجهَه بالماء.

واللَّصُوقُ بفتح اللام عبارة عن الجرح ثم أطلق على الخرقة ونحوها إذا شدت على العضو للتداوي.

٢٣٢

( لعق )

فِي الْحَدِيثِ « الْوَيْلُ لِمَنْ بَاعَ مَعَادَهُ بِلَعْقَةٍ لَمْ تَبْقَ ».

اللَّعْقَةُ بالفتح : المرة من لَعِقْتُ الشيء بالكسر أَلْعَقُهُ لَعْقاً أي لحسته ومنه لَعِقَ الأصابع.

ومنه لُعْقَةٌ من طيب.

ومنه الْحَدِيثُ « فَأَمْكَنَ الْيَتَامَى مِنْ رُءُوسِ الْأَزْقَاقِ يَلْعَقُونَهَا ».

أي يلطعونها ويلحسونها.

واللُّعْقَةُ بالضم : اسم لما يلعق.

والمِلْعَقَةُ بكسر الميم : آلة معروفة.

والجمع مَلَاعِقُ.

وَمِنْ كَلَامِ عَلِيٍّ عليه السلام فِي أَمْرِ الْخِلَافَةِ وَتَأْخِيرِهِ عَنْهَا « وَهَلْ هِيَ إِلَّا كَلَعْقَةِ الْآكِلِ وَمَذْقَةِ الشَّارِبِ وَخَفْقَةِ الْوَسْنَانِ ثُمَّ تَلْزَمُكُمْ الْمَعَرَّاتُ ».

ومثله قَوْلُهُ عليه السلام « صَارَ دِينُ أَحَدِكُمْ لُعْقَةً عَلَى لِسَانِهِ صَنِيعَ مَنْ قَدْ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ وَأَحْرَزَ رِضَى سَيِّدِهِ ».

قال بعض الشارحين : اللُّعْقَةُ بالضم اسم لما تأخذه الملعقة استعارة للإقرار بالدين باللسان.

وكنى به عن ضعفه وقلته.

ومثله قَوْلُهُ عليه السلام فِي خِلَافَةِ مَرْوَانَ « إِنَّ لَهُ إِمْرَةً كَلَعْقَةِ الْكَلْبِ أَنْفَهُ » لأن خلافته كانت ستة أشهر.

واللَّعُوقُ بالفتح : اسم لما يلعق به كالدواء والعسل وغيره.

ويتعدى إلى ثان بالهمزة.

( لفق )

أحاديث مُلَفَّقَةٌ : أكاذيب مزخرفة ولَفَقْتُ الثوب من باب ضرب أَلْفِقُهُ لَفْقاً.

قال الجوهري : وهو أن تضم شقة إلى أخرى فتخيطهما.

وكلام مُلَفَّقٌ على التشبيه.

( لقلق )

اللَّقْلَقُ : اللسان.

واللَّقْلَاقُ : طائر أعجمي طويل العنق يأكل الحيات.

قال الجوهري : وربما قالوا اللَّقْلَقُ والجمع اللَّقَالِقُ.

وصوته اللَّقْلَقَةُ.

وكذا كل صوت فيه حركة واضطراب

٢٣٣

وعن أبي عبيدة : اللَّقْلَقَةُ شدة الصوت.

والتَّلَقْلُقُ : مثل التقلقل مقلوب منه وفيه لَقْلَقَةٌ أي سرعة وعجلة.

( لمق )

لَمَقْتُهُ ببصري مثل رمقته.

( لوق )

ما ذقته لَوَاقاً أي شيئا.

( لهق )

اللهَقُ بالتحريك واللهْقَانُ : الأبيض

( ليق )

يقال هذا أمر لا يَلِيقُ بك أن تفعل كذا أي لا يناسب ونحوه.

وأَلَاقُوهُ بأنفسهم أي ألزقوه.

باب ما أوله الميم

( ماق )

مُؤْقُ العين بهمزة ساكنة ، ويجوز التخفيف : طرفها مما يلي الأنف.

واللحاظ طرفها مما يلي الأذن.

واللغة المشهورة مُؤْقُ العين.

وفيه لغة أخرى : مَاقِي العين على مثال قاضي.

والجمع أَمْوَاقٌ مثل قفل وأقفال.

وعن ابن السكيت : ليس في ذوات الأربعة مفعل بالكسر إلا حرفان مِأْقَى العين ومأوى الإبل.

( محق )

قوله تعالى ( يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا ) [ ٢ / ٢٧٦ ] أي يذهبه يعني في الآخرة حيث ( يُرْبِي الصَّدَقاتِ ) أي يكثر بيمنها.

وَفِي الْحَدِيثَ « سُئِلَ الصادق عليه السلام عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ( يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ ) [ ٢ / ٢٧٦ ] وَقَدْ أَرَى مَنْ يَأْكُلُ الرِّبَا يَرْبُو مَالُهُ؟

قَالَ : وَأَيُ مَحْقٍ أَمْحَقُ مِنْ دِرْهَمِ رِبًا يَمْحَقُ الدِّينَ فَإِنْ تَابَ مِنْهُ ذَهَبَ مَالُهُ وَافْتَقَرَ ».

وَفِي الدُّعَاءِ « طَهِّرْ قَلْبِي مِنْ كُلِّ آفَةٍ

٢٣٤

تَمْحَقُ دِينِي » أي تهلكه وتفنيه.

يقال مَحَقَهُ مَحْقاً من باب نفع : نقصه وأذهب منه البركة.

وقيل : المَحْقُ ذهاب الشيء كله حتى لا يرى له أثر.

ومَحَّقَهُ الله : أذهب بركته.

وأَمْحَقَهُ لغة فيه ردية قاله الجوهري.

وَفِي الْحَدِيثِ « يُكْرَهُ التَّزْوِيجُ فِي مُحَاقِ الشَّهْرِ ».

المُحَاقُ بالضم والكسر لغة ثلاث ليال في آخره لا يكاد يرى القمر فيها لخفائه.

( مذق )

فِي الْحَدِيثِ « فَمَا هِيَ إِلَّا كمُذْقَةِ الشَّارِبِ ».

المُذْقَةُ بضم الميم على فعلة أو بالفتح على فعلة : الشربة من اللبن الممزوج بالماء.

وكان الضمير للدنيا.

وقد مَذَقْتُ اللبن من باب قتل : مزجته وخلطته فهو مَمْذُوقٌ ومَذِيقٌ.

والمَذِيقُ : الممزوج بالماء.

وفلان يَمْذُقُ الود : إذا شابه ولم يخلصه.

ومثله المَمَاذِقُ.

( مرق )

المَارِقُونَ : هم الذين مَرَقُوا من دين الله واستحلوا القتال من خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله.

وهم : عبد الله بن وهب ، وحرقوص بن زهير البجلي المعروف بذي الثدية.

وتعرف تلك الوقعة بيوم النهروان وهي من أرض العراق على أربعة فراسخ من بغداد.

ويَمْرُقُونَ عن الدين أي يجوزونه ويتعدونه.

وَفِي حَدِيثِ وَصْفِ الْأَئِمَّةِ : « الرَّاغِبُ عَنْكُمْ مَارِقٌ » (١).

أي خارج عن الدين.

وجمع المَارِقِ مُرَّاقٌ.

والمَرَاقُ بفتح ميم وتشديد قاف : أسفل من البطن فما تحته من المواضع التي رق جلودها.

واحدها مَرَقٌ.

وفي النهاية : ولا واحد له ، وميمه زائدة

__________________

(١) من زيارة الجامعة الكبيرة.

٢٣٥

ومنه حَدِيثُ الْغُسْلِ « إِنَّهُ بَدَأَ بِيَمِينِهِ يَغْسِلُهَا ثُمَّ غَسَلَ مَرَاقَّهُ بِشِمَالِهِ ».

ومِنْهُ « إِنَّهُ اطَّلَى حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْمَرَاقَ وَلِيَ هُوَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ ».

والمَرَقُ بالتحريك : ماء اللحم إذا طبخ.

( مزق )

قوله تعالى ( وَمَزَّقْناهُمْ كُلَ مُمَزَّقٍ ) [ ٣٤ / ١٩ ] أي فرقناهم في كل وجه من البلاد.

والمُمَزَّقُ : مصدر كالتمزيق.

ومزق ملكه : أذهب أثره.

ومَزَقْتُ الثوب من باب ضرب شققته ومَزَّقْتُهُ بالتشديد مبالغة.

( مشق )

فِي حَدِيثِ ثَوْبِ الْحَائِضِ « صَبِّغِيهِ بِمِشْقٍ » المِشْقُ بالكسر : المغرة ، وهو طين أحمر.

ومنه ثوب مُمَشَّقٌ أي مصبوغ به.

والمَشْقُ : الكتابة.

ومَشَقْتُ الكتاب وغيره مَشْقاً من باب قتل : أسرعت في فعله.

والمُشَاقَةُ : ما سقط عن المشق من الشعر والكتان ونحوهما.

والمَمْشُوقُ : اسم قضيب كان للنبي صلى الله عليه وآله.

( ملق )

قوله تعالى : ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ ) [ ١٧ / ٣١ ] الإِمْلَاقُ الفقر يقال أَمْلَقَ إِمْلَاقاً : إذا افتقر واحتاج.

وَفِي الْحَدِيثِ « ذُو خِبٍّ وَمَلَقٍ » المَلَقُ محركة : الود واللطف ، وأن يعطي في اللسان ما ليس في القلب.

والفعل كفرح وقد يطلق المَلَقُ والتَّمَلُّقُ على التودد والتلطف والخضوع التي يطابق فيها الجنان اللسان.

وَمِنْهُ « أَدْعُوكَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَتَمَلُّقاً ».

وتَمَلَّقَ إليه تَمَلُّقاً وتَمْلَاقاً أي تودد إليه وتلطف له.

قال الشاعر :

ثلاثة أحباب فحب علاقة

وحب تَمْلَاقٍ وحب هو القتل

ورجل مَلِقٌ يعطي بلسانه ما ليس في قلبه.

٢٣٦

( موق )

فِي الْحَدِيثِ « لَا تَصْحَبِ الْمَائِقَ فَإِنَّهُ يُزَيِّنُ لَكَ فِعْلَهُ وَيَوَدُّ أَنْ تَكُونَ مِثْلَهُ ».

وفِيهِ « كُفْرُ النِّعَمِ مُوقٌ وَمُجَالَسَةُ الْأَحْمَقِ شُومٌ » المُوقُ حمق في غباوة.

يقال أحمق ، مَائِقٌ ، والجمع مَوْقَى كحمقى وقد مَاقَ يَمُوقُ مُوقاً بالضم.

ومُوقَانُ بالقاف والنون : اسم موضع معروف.

( مهق )

فِي خَبَرِ وَصْفِهِ صلى الله عليه واله « لَمْ يَكُنْ بِالْأَبْيَضِ الْأَمْهَقِ ».

هو الكريه البياض كلون الجص ، يريد أنه نير البياض.

باب ما أوله النون

( نبق )

النَّبِقُ ـ بفتح النون وكسر الباء وقد تسكن ـ : ثمرة السدر ، واحدتها نَبِقَةٌ بكسر الباء أيضا ، أشبه شيء بها العناب قبل أن تشتد حمرته ، والجمع نَبِقَاتٌ

( نتق )

قوله تعالى ( وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ ) [ ٧ / ١٧١ ] أي فوق بني إسرائيل أي اقتلعناه من أصله فجعلناه كالظلة فوق رءوسهم وكل من اقتلعه فقد نتقه.

وَفِي الْحَدِيثِ « عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فَإِنَّهُنَ أَنْتَقُ أَرْحَاماً أي أكثر أولادا ».

يقال للمرأة الكثيرة الولد : نَاتِقٌ لأنها ترمي الأولاد رميا.

والنَّتْقُ الرمي.

والنَّتْقُ الرفع.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ نِتَاقُ الْكَعْبَةِ مِنْ فَوْقِهَا ».

أي هو مطل عليها في السماء.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَكَّةُ وَالْكَعْبَةُ أَقَلُّ نَتَائِقِ الدُّنْيَا مَدَراً ».

قال بعض الشارحين النَّتَائِقُ جمع نَتِيقَةٍ فعيلة بمعنى مفعولة من النَّتْقِ ، وهو أن تقلع الشيء فترفعه من مكانه وترمي به

٢٣٧

واستعمل بعد ذلك على وجوه أليقها بهذا الموضع أن تكون الأرض مثارا للزراعة وهي أعني أرض مكة أقل الأرضين مدرا يحفر ويزرع فيه لأن الأرض ذات حجارة ومدرها المستصلح للزراعة قليل.

( نجق )

فِي الْخَبَرِ « نَهَى عَنِ النجقاء [الْبَخْقَاءِ] فِي الْأَضَاحِيِّ ».

قال ابن الأعرابي : النجق [ البَخَقُ ] أن يذهب البصر والعين مفتوحة.

( نزق )

فِي الْحَدِيثِ « الْمُؤْمِنُ إِذَا جَهِلَ لَمْ يَنْزَقْ ».

النَّزَقُ بالتحريك : الخفة والطيش يقال نَزِقَ نَزَقاً من باب تعب إذا خف وطاش.

( نسق )

النَّسَقُ بالتحريك من الكلام : ما جاء على نظام واحد ، وبالتسكين مصدر.

( نشق )

في الحديث « ويَسْتَنْشِقُ » أي يبلغ الماء خياشيمه.

وهو من اسْتِنْشَاقِ الريح : إذا شممتها مع قوة.

واسْتَنْشَقْتُ الماء : جعلته في الأنف وجذبته بالنفس ليزول ما في الأنف من القذى.

وما رُوِيَ مِنْ « أَنَ الِاسْتِنْشَاقَ لَيْسَ مِنَ الْوُضُوءِ ».

فمعناه ليس من واجباته وأبعاضه التي لا يتم الوضوء إلا بها.

ونَشِقْتُ منه ريحا طيبة أي شممتها منه.

( نطق )

قوله تعالى : ( عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ ) [ ٢٧ / ١٦ ]

عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ « قَالَ مَرَّ سُلَيْمَانُ عَلَى بُلْبُلٍ فَوْقَ شَجَرَةٍ وَهُوَ يُحَرِّكُ رَأْسَهُ وَذَنَبَهُ.

فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : أَتَدْرُونَ مَا يَقُولُ هَذَا الْبُلْبُلُ؟ قَالُوا : لَا يَا رَسُولَ اللهِ.

قَالَ : يَقُولُ أَكَلْتُ نِصْفَ تَمْرَةٍ ، عَلَى الدُّنْيَا الْعَفَا » يعني التراب.

ومثل هذا كثير.

وَفِي حَدِيثِ الصادق عليه السلام « أُعْطِيَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مَعَ عِلْمِهِ مَعْرِفَةَ النُّطْقِ بِكُلِّ لِسَانٍ ، وَمَعْرِفَةَ اللُّغَاتِ ، وَمَنْطِقَ الطَّيْرِ ، وَالْبَهَائِمِ ، وَكَانَ إِذَا شَاهَدَ الْحُرُوبَ

٢٣٨

تَكَلَّمَ بِالْفَارِسِيَّةِ ، وَإِذَا قَعَدَ لِعُمَّالِهِ وَجُنُودِهِ وَأَهْلِ مَمْلَكَتِهِ تَكَلَّمَ بِالرُّومِيَّةِ ، وَإِذَا خَلَا بِنِسَائِهِ تَكَلَّمَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ وَالنَّبَطِيَّةِ ، وَإِذَا قَامَ فِي مِحْرَابِهِ لِمُنَاجَاةِ رَبِّهِ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَإِذَا جَلَسَ لِلْوُفُودِ وَالْخُصَمَاءِ تَكَلَّمَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ ».

وَفِي حَدِيثِ الشَّهِيدِ « يُنْزَعُ عَنْهُ الْمِنْطَقُ وَالسَّرَاوِيلُ ».

المِنْطَقُ كمنبر ما يشد به الوسط.

ومنه حَدِيثُ الْحَائِضِ « أَمَرَهَا فَاسْتَثْفَرَتْ وَتَمَنْطَقَتْ وَأَحْرَمَتْ ».

والمِنْطَقُ أيضا : شقة تلبسها المرأة وتشد وسطها ثم ترسل أعلاها على أسفلها إلى الركبة والأسفل إلى الأرض.

قال في النهاية : أول من اتخذ الْمِنْطَقَ أم إسماعيل.

وَبِهِ سُمِّيَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ : ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ ، لِأَنَّهَا كَانَتْ تُطَابِقُ نِطَاقاً فَوْقَ نِطَاقٍ.

وَقِيلَ كَانَ لَهَا نِطَاقَانِ تَلْبَسُ أَحَدَهُمَا وَتَحْمِلُ فِي الْآخَرِ الزَّادَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه واله وَهُوَ فِي الْغَارِ.

ومنه حَدِيثُ الْمَرْأَةِ « تُكَفَّنُ فِي ذَرْعٍ وَمِنْطَقٍ ».

ومثله « تُكَفَّنُ الْمَرْأَةِ فِي مِنْطَقٍ وَلِفَافَتَيْنِ ».

ولعله هو الدليل على اتخاذ الوزرة للميت بدل اللفافة الثالثة.

والنِّطَاقُ ككتاب : مثل المنطق.

يقال انْتَطَقَتِ المرأة أي لبست النطاق والجمع نُطُقٌ ككتب.

والمَنْطِقُ كمجلس : الكلام.

وقد نَطَقَ نُطْقاً من باب ضرب ومَنْطِقاً.

والنُّطْقُ بالضم : اسم منه.

وأَنْطَقَهُ غيره : جعله ينطق.

واسْتَنْطَقَهُ : كلمه.

والمِنْطِيقُ : البليغ.

( نعق )

قوله تعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً ) [ ٢ / ١٧١ ] النَّعِيقُ صوت الراعي بغنمه.

يقال نَعَقَ الراعي بغنمه يَنْعِقُ بالكسر نَعِيقاً ونُعَاقاً أي صاح بها وزجرها.

٢٣٩

والمعنى على ما قاله المفسر : مثلهم كمثل الذي يَنْعِقُ بالغنم فلا تدري ما يقول ، إلا أنها تنزجر بالصوت عما هي فيه.

والنَّعِيقُ : صوت الغراب.

ومنه الغراب النَّاعِقُ.

وَفِي حَدِيثِ كُمَيْلٍ « أَتْبَاعُ كُلِ نَاعِقٍ ».

يريد أنهم لعدم ثباتهم على عقيدة من العقائد وتزلزلهم في أمر الدين يتبعون كل داع ويعتقدون كل مدع ويخبطون خبط عشواء من غير تمييز بين محق ومبطل

( نغق )

نَغَقَ الغراب يَنْغِقُ بالغين المعجمة : إذا صاح كنعق والباب واحد.

( نفق )

قوله تعالى ( وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ) [ ٦٠ / ١٠ ] أي إذا ألحقت امرأة منكم بأهل العهد مرتدة فاسألوا ما أنفقتم من المهر إذا منعوها وهم أيضا فليفعلوا ذلك.

قوله ( إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ ) [ ١٧ / ١٠٠ ] قيل أي خشية الفقر والفاقة من قولهم أَنْفَقَ الرجل إذا افتقر وذهب ماله.

قوله ( وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ ) [ ٦ / ٣٥ ] أي إن كان عظم واشتد عليك إعراضهم وانصرافهم عن الإيمان بك وقبول دينك وامتناعهم من اتباعك وتصديقك.

( فَإِنِ اسْتَطَعْتَ ) [ ٦ / ٣٥ ] أي فإن قدرت وتهيأ لك ( أَنْ تَبْتَغِيَ ) [ ٦ / ٣٥ ] أي أن تطلب وتتخذ ( نَفَقاً فِي الْأَرْضِ ) [ ٦ / ٣٥ ] أي سربا ومسكنا في جوف الأرض ( أَوْ سُلَّماً ) [ ٦ / ٣٥ ] أي مصعدا ( فِي السَّماءِ ) ودرجا ( فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ ) [ ٦ / ٣٥ ] أي حجة تلجئهم إلى الإيمان وتجمعهم على ترك الكفر فافعل ذلك.

( وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى ) بإلجاء فأخبر الله عزوجل عن كمال قدرته وأنه لو شاء لألجأهم إلى الإيمان.

ولم يفعل ذلك لأنه ينافي التكليف ويسقط استحقاق الثواب الذي هو الغرض من التكليف.

٢٤٠