مجمع البحرين - ج ٥

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٥

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٤

لِلْفُقَرَاءِ المُدْعَقِينَ » الدَّعْقُ : سوء احتمال الفقر.

وتَدْعَقُ الخيلُ بالدماء : تطأ فيه من دَعَقَتِ الدوابُّ الطريقَ : إذا أثرت فيه.

ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام « حِينَ تَدْعَقُ الْخُيُولُ فِي نَوَاحِرِ أَرْضِهِمْ » أي تدق الخيول بحوافرها أرضهم ، ونواحر أرضهم متقابلاتها من قولهم : منازل بني فلان تتناحر أي تتقابل.

( دمشق )

دِمَشْقُ (١) بكسر الدال وفتح الميم وسكون الشين وقد تكسر الميم أيضا : قصبة الشام قال البكري سميت « بدِمَاشَاق ابن نمرود بن كنعان » فإنه هو الذي بناها.

وقِيلَ بَنَاهَا غُلَامُ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ وَكَانَ عَبْداً حَبَشِيّاً وَهَبَهُ لَهُ نُمْرُودُ بْنُ كَنْعَانَ حِينَ خَرَجَ مِنْ النَّارِ ، وَكَانَ اسْمُهُ دِمَشْقَ فَسَمَّاهَا بِهِ وقيل غير ذلك.

( دفق )

قوله تعالى ( فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ ) [ ٨٦ / ٦ ] أي مَدْفُوق كما قالوا سرٌّ كاتم أي مكتوم لأنه من قولك : دُفِقَ الماءُ على ما لم يسم فاعله ولا يقال دَفَقَ الماءُ على الأصح ، وقيل المعنى ماء ذو دَفْقٍ.

قال الشيخ أبو علي : فلينظر الإنسان نظر التفكر والاستدلال من أي شيء خلقه الله ، وكيف خلقه وأنشأه حتى يعرف أن الذي ابتدأه من نطفة قادر على إعادته ، ثم ذكر ( مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ )؟ فقال : ( خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ ) أي ماء مهراق في رحم المرأة يعني المني الذي يكون منه الولد (٢) وهذا تنبيه له على البعث (٣)

__________________

(١) دمشق : عاصمة سوريا ، هي من أقدم مدن العالم في طرف بادية الشام على ملتقى الطرق العسكرية والسبل التجارية القديمة ومن بناياتها الأثرية الجامع الأموي.

(٢) مجمع البيان ج ١٠ ص ٤٧١.

(٣) هذه الجملة ليست مذكورة في ذيل كلام الشيخ الطبرسي بل ذكر مضمونها في صدره.

١٦١

والانْدِفَاقُ : الانصباب.

وسيل دُفَاق بالضم : يملأ الوادي.

والدَّفْقَةُ بالفتح : المرة.

وبالضم : اسم المدفوق.

والتَّدَفُّقُ وَمِنْهُ « أَصْبَحَ النِّيلُ يَتَدَفَّقُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَاءِ ».

وَفِي الْحَدِيثِ « لَا يَجِبُ الْغُسْلُ إِلَّا مِنْ الدَّفْقِ ».

هو كناية عن الإنزال ، والحصر إضافي.

وجاء القوم دُفْقَةً أي مجتمعين.

ودَفَقَ اللهُ روحَهُ : إذا دعي عليه بالموت.

( دقق )

فِي الْحَدِيثِ « لَا بَأْسَ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِالدَّقِيقِ ».

أي يتحسن به وينتفع فيه كان يغسل يديه وجسده ونحو ذلك.

والدَّقِيقُ : الطحين فعيل بمعنى مفعول ، ويجمع على أَدِقَّةٍ مثل جنين وأجنَّة ودليل وأدلَّة.

وَفِي حَدِيثِ الْحَقِّ مَعَ مُوسَى عليه السلام « سَلْنِي حَتَّى الدُّقَّةُ ».

هي بضم الدال وتشديد القاف : الملح المَدْقُوقُ وهي أيضا ما تكسحه الريح من التراب.

والمُدَاقَّةُ هي أن تُدَاقَ صاحبَك في الحساب وتناقشه فيه.

ومنه الْحَدِيثُ « إِنَّمَا يُدَاقُ اللهُ الْعِبَادَ فِي الْحِسَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَدْرِ مَا آتَاهُمْ مِنَ الْعُقُولِ فِي الدُّنْيَا ».

أي يستقصيهم في المحاسبة بما كلفهم به على قدر عقولهم ، من المُدَاقَّةِ في الأمور أعني التُدَاقَ فيها.

ومنه بع بيع البصير المُدَاقِ أي المداقق في الأمور.

وَفِي الْحَدِيثِ « كَفَرَ مَنْ تَبَرَّأَ مِنْ نَسَبٍ وَإِنْ دَقَ ».

أي وإن كان حقيرا.

ولا تباشر دَقَائِقَ الأشياء بنفسك أي محقراتها.

وبمعناه « يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ السَّرِيِّ أَنْ يَحْمِلَ الشَّيْءَ الدَّنِيءَ ».

والدَّقِيقُ خلاف الجليل.

ومنه قَوْلُهُ « إِنَّ اللهَ اسْتَوْلَى عَلَى مَا دَقَ وَجَلَّ » أي حقر وعظم.

ودَقَ الأمرُ دِقَّةً : إذا غمُض وخفي معناه ، ولا يكاد يفهمه الأذكياء.

ودَقَ يَدِقُ دِقَّةً من باب ضرب : خلاف

١٦٢

غلظ فهو دَقِيقٌ ، وكذلك الدُّقَاقُ بالضم.

ومثله الدِّقُ بالكسر.

ومنه حُمَّى الدِّقِ.

وأخذت جِلَّهُ ودِقَّهُ كما يقال أخذت قليله وكثيره.

وتَدُقُّهُمُ الفتنةُ كما تَدُقُ النارُ الحطبَ أي تهلكهم وتحطمهم.

وَفِي حَدِيثِ الْأَئِمَّةِ وَقَدْ سُئِلَ عليه السلام مَتَى يَعْرِفُ الْأَخِيرُ مَا عِنْدَ الْأَوَّلِ؟ قَالَ : « فِي آخِرِ دَقِيقَةٍ تَبْقَى مِنْ رُوحِهِ » أي آخر جزء.

ومثله « كَمْ بَيْنَ الْقَمَرِ وَالزُّهَرَةِ مِنْ دَقِيقَةٍ ».

والمُدُقُ بضم الميم والدال على غير القياس ، وجاء كسر الميم وفتح الدال قياسا ، وهو ما يُدَقُ به القماش وغيره.

واسْتَدَقَ الشيءُ : صار دقيقا.

ودَقَقْتُ الشيءَ فانْدَقَ.

والدَّقْدَقَةُ : حكاية أصوات حوافر الدواب.

( دلق )

فِي الْحَدِيثِ « إِيَّاكُمْ أَنْ تَدْلُقُوا أَلْسِنَتَكُمْ بِقَوْلِ الزُّورِ وَالْبُهْتَانِ ، فَإِنَ دَلْقَ اللِّسَانِ فِيمَا يَكْرَهُهُ اللهُ وَمَا نَهَى عَنْهُ مِرْدَاةٌ لِلْعَبْدِ » قَوْلُهُ تَدْلُقُوا أَلْسِنَتَكُمْ أي تسرعوا به أخذا من الانْدِلَاقِ الذي هو الخروج بسرعة.

ومنه انْدَلَقَ السيفُ : إذا خرج بغير سل.

والدَّلَقُ بفتحتين على ما قيل : دويبة نحو الهرة طويلة الظهر يعمل منها الفرو تشبه النمر فارسي معرب.

( دمق )

فِي الْحَدِيثِ « يُصِيبُنَا الدَّمَقُ ».

هو بالتحريك : ريح وثلج معرب ( دمه ).

( دنق )

الدَّانقُ بفتح النون وكسرها : سدس الدينار والدرهم.

وعند اليونان : حبتا خرنوب ، لأن الدرهم عندهم اثنتا عشرة حبة خرنوب.

والدَّانَقُ الإسلامي : ستة عشر حبة خرنوب.

وجمع المكسور دَوَانِقُ ، وجمع المفتوح دَوَانِيقُ.

١٦٣

والدَّوَانِيقِي : لقب لأبي جعفر المنصور ، وهو الثاني من خلفاء بني العباس ، ويقال له أبو الدَّوَانِيق لأنه لما أراد حفر الخندق بالكوفة قسط على كل منهم دانق فضة وأخذه وصرفه إلى الحفر كذا في المغرب ، واسمه عبد الله بن محمد.

( دهق )

قوله تعالى ( وَكَأْساً دِهاقاً ) [ ٧٨ / ٣٤ ] أي مترعة ملآنة من أَدْهَقْتُ الكأسَ ملأتها.

ويقال أيضا كأس دِهَاقٌ أي ممتلئة.

ونطفة دِهَاقٌ أي نطفة أفرغت إفراغا شديدا.

والدَّهَقُ محركة : خشبتان يغمز بها الساق.

وَمِنْهُ « حَتَّى وُضِعَ الدَّهَقُ عَلَى سَاقِ ابْنِ الْخَضِيبِ ».

وفي الحديث تكرر ذكر « الدِّهْقَان » بكسر الدال وضمها : رئيس القرية ، وهو اسم أعجمي مركب من ( ده ) و ( قان ) ومعناه سلطان القرية.

إذ ( ده ) اسم للقرية و ( قان ) اسم للسلطان.

قال في المصباح : الدِّهْقَانُ يطلق على ( رئيس القرية ) وعلى ( التاجر ) وعلى ( من له مال وعقار ).

ونونه أصلية لقولهم تَدَهْقَنَ الرجلُ.

وقيل زائدة وهو من الدَّهْقِ : الامتلاء.

والدَّهَاقِين الذين يركبون البراذين من هذا الباب.

١٦٤

باب ما أوله الذال

( ذرق )

ذَرْقُ الطائر : خرؤه.

يقال ذَرَقَ الطائرُ يَذْرُقُ بالضم والكسر : إذا سلح.

( ذلق )

فِي الْحَدِيثِ « فَتَكَلَّمَ بِلِسَانٍ ذَلِقٍ طَلِقٍ » أي بليغ فصيح.

ويقال لسان ذُلَقٌ كصُرَدٍ.

وذَلِقَ اللسانُ يَذْلَقُ ذَلَقاً بالتحريك أي ذرب فهو ذَلِقٌ.

ويقال أيضا ذَلُقَ اللسانُ بالضم ذَلَقاً فهو ذَلِيقٌ.

وحروف الذَّلَقِ : حروف طرف اللسان والشفة وهي ستة ثلاثة ذَوْلَقِيَّةٌ وهي ( الراء ) و ( اللام ) و ( النون ).

وثلاثة شفوية وهي ( الباء ) و ( الميم ) و ( الفاء ).

قال الجوهري : وإنما سميت هذه الحروف ذَلَقاً ، لأن الذَّلَاقَةُ في المنطق إنما هي بطرف أسلة اللسان والشفتين وهما مدرجتا هذه الحروف الستة.

( ذوق )

قوله تعالى ( ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ) [ ٤٤ / ٤٩ ] و ( ذُوقُوا ) [ ٣ / ١٨١ ] و ( فَأَذاقَهُمُ اللهُ ) [ ٣٩ / ٢٦ ] وفَذاقَتْ [ ٦٥ / ٩ ].

وهي في الجميع : كلمة تبكيت كأنه بمعنى اعرف وأيقن.

وذُقْتُ الشيءَ أَذُوقُهُ ذَوْقاً : تطعمت فيه.

ومنه حَدِيثُ الصَّائِمِ « يَذُوقَ الْمَرَقَ » أي يتطعم فيه.

وذُقْتُ ما عند فلان أي خبرته.

والذَّوْقُ : قوة إدراكية لها اختصاص بإدراك لطائف الكلام ووجوه محاسنه الخفية.

وَمِنْ صِفَاتِهِ عليه السلام « يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ رُوَّاداً لَا يَفْتُرُونَ إِلَّا عَنْ ذَوْقِ » أي إلا عن علوم يذوقون عن حلاوتها ما يذاق من الطعام المشهي.

١٦٥

باب ما أوله الراء

( ربق )

فِي الْحَدِيثِ « مِنْ فَارَقَ جَمَاعَةَ الْإِسْلَامِ قَيْدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ ».

الرِّبْقَةُ بكسر الراء وسكون الباء الموحدة : حبل مستطيل فيه عرى تربط فيه صغار البهم ، توضع في أعناقها أو يدها تمسكها.

فاستعير ذلك للإسلام بأن جعل الإسلام الجامع للمسلمين بمنزلة ذلك الحبل ، ونصيب ما استحق كل مسلم بمنزلة عروة من تلك العرى.

ومثله « الدِّينُ رِبْقَةُ اللهِ فِي الْأَرْضِ فَإِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ يُذِلَّ عَبْداً وَضَعَهُ فِي عُنُقِهِ ».

ومثله فِي الدُّعَاءِ « اللهُمَّ انْزِعْ عَنِّي رِبْقَةَ النِّفَاقِ » ونحو ذلك.

وجمع الرِّبْقَةِ رِبَقٌ مثل كِسْرَةٍ وكِسَرٍ.

ويقال للحبل الذي تكون فيه : رَبْقٌ بالفتح ، ويجمع على رِبَاقٍ وأَرْبَاقٍ.

والرَّبْقُ بالفتح : مصدر قولك رَبَقْتُ الجديَ أَرْبُقُهُ : إذا جعلت رأسه في الربقة فَارْتَبَقَ.

( رتق )

قوله تعالى ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ) [ ٢١ / ٣٠ ] الرتق : ضد الفتق وهو الالتيام.

قيل كانت السماوات سماء واحدة والأرضون أرضا واحدة ففتقهما الله وجعل سبع سماوات وسبع أرضين.

وقيل كانت السماء مع الأرض جميعا ففتقهما الله بالهواء الذي جعله بينهما.

وَفِي الْحَدِيثِ ( كانَ عَرْشُهُ ) تَعَالَى ( عَلَى الْماءِ ) ، وَالْمَاءُ عَلَى الْهَوَاءِ وَالْهَوَاءُ لَا يُحَدُّ ، وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ خَلَقَ غَيْرَهُمَا ، وَالْمَاءُ يَوْمَئِذٍ عَذْبٌ فُرَاتٌ ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ الْأَرْضَ أَمَرَ الرِّيَاحَ فَضَرَبَتِ الْمَاءَ حَتَّى صَارَتْ مَوْجاً ، ثُمَّ أَزْبَدَ فَصَارَ زَبَداً وَاحِداً فَجَمَعَهُ فِي مَوْضِعِ الْبَيْتِ ، ثُمَّ جَعَلَهُ جَبَلاً

١٦٦

مِنْ زَبَدٍ ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ مِنْ تَحْتِهِ ، ثُمَّ مَكَثَ الرَّبُّ تَعَالَى مَا شَاءَ اللهُ.

فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاءَ أَمَرَ الرِّيَاحَ فَضَرَبَ الْبُحُورَ حَتَّى أَزْبَدَتْ فَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْجِ وَالزَّبَدِ مِنْ وَسَطِهِ دُخَانٌ سَاطِعٌ مِنْ غَيْرِ نَارٍ ، فَخَلَقَ مِنْهُ السَّمَاءَ ، وَجَعَلَ فِيهَا الْبُرُوجَ وَالنُّجُومَ ، وَمَنَازِلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، وَأَجْرَاهَا فِي الْفَلَكِ ، وَكَانَتْ السَّمَاءُ خَضْرَاءَ عَلَى لَوْنِ الْمَاءِ الْأَخْضَرِ ، وَكَانَتِ الْأَرْضُ غَبْرَاءَ عَلَى لَوْنِ الْمَاءِ الْعَذْبِ.

وَكَانَتَا مَرْتُوقَتَيْنِ لَيْسَ لَهُمَا أَبْوَابٌ ، فَفَتَقَ السَّمَاءَ بِالْمَطَرِ ، وَالْأَرْضَ بِالنَّبَاتِ.

وَذَلِكَ قَوْلُهُ ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما ).

[ ٢١ / ٣٠ ].

وَفِي الدُّعَاءِ « وَارْتُقْ فَتْقَنَا ».

وهو على الاستعارة.

والرَّتَقُ بالتحريك : هو أن يكون الفرج ملتحما ليس فيه للذكر مدخل.

ورَتِقَتِ المرأةُ رَتَقاً من باب تَعِبَ فهي رَتْقَاءُ : إذا انسد مدخل الذكر من فرجها فلا يستطاع جماعها.

وعن ابن القوطية : رَتَقَتِ الجاريةُ والناقةُ من باب قَتَلَ : سددت فرجها فَارْتَتَقَ أي التأم.

( رحق )

قوله تعالى ( يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ ) [ ٨٣ / ٢٥ ] الرَّحِيقُ : الخالص من الشراب.

وعن الخليل : أفضل الخمر وأجودها.

والمختوم أي يختم أوانيه بمسك.

يدل عليه قوله تعالى ( خِتامُهُ مِسْكٌ ) [ ٨٣ / ٢٦ ] أي آخر ما يجدون منه رائحة المسك

( رزق )

قوله تعالى ( وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ) [ ٥٦ / ٨٢ ] قيل في معناه : وتجعلون شكر رزقكم التكذيب ، فهو على حذف مضاف.

والمعنى أوضعتم التكذيب موضع الشكر؟

وقد يراد بالرِّزْقِ : المطر.

ومنه قوله تعالى ( وَفِي السَّماءِ

١٦٧

رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ ) [ ٥١ / ٢٢ ] والمراد بالوعد الجنة.

قوله ( لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً ) [ ٢٠ / ١٣٢ ] أي لا نسألك أن ترزق نفسك.

قوله ( وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً ) [ ٣ / ٣٧ ]قِيلَ كَانَ رِزْقُهَا يَنْزِلُ مِنْ الْجَنَّةِ ، فَكَانَ يَجِدُ عِنْدَهَا فَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِي الصَّيْفِ ، وَفَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ.

وَفِي الْحَدِيثِ « شَهْرُ رَمَضَانَ كَانَ يُسَمَّى عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله الْمَرْزُوقَ ، لِكَثْرَةِ مَا يَكُونُ فِيهِ مِنْ الْأَرْزَاقِ لِلْعِبَادِ ».

والرِّزْقُ : اسم للمَرْزُوقِ والجمع أَرْزَاقٌ كحَمْل وأَحْمَال.

وهو عند الأشاعرة : كل ما انتفع به مباحا كان أو حراما.

وعند المعتزلة هو كل ما صح انتفاع الحيوان به بالتغذي وليس الحرام رزقا.

وأنت خبير بأن الأحاديث المنقولة في هذا الباب متخالفة.

فالمعتزلة تمسكوا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه واله « إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَسَمَ الْأَرْزَاقَ بَيْنَ خَلْقِهِ حَلَالاً ، وَلَمْ يَقْسِمْهَا حَرَاماً ».

والأشاعرة تمسكوا بِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ قُرَّةَ حَيْثُ قَالَ « يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَيَّ الشِّقْوَةَ فَلَا أَرَادَنِي أُرْزَقُ إِلَّا مِنْ دفِّي بِكَفِّي أَتَأْذَنُ لِي فِي الْغِنَاءِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله بَعْدَ كَلَامٍ : أَيْ عَدُوَّ اللهِ إِنَّ اللهَ قَدْ رَزَقَكَ طَيِّباً فَاخْتَرْتَ مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْكَ مِنْ رِزْقِهِ مَكَانَ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ مِنْ حَلَالِهِ ».

والمعتزلة يطعنون في سند هذا الحديث ويؤولونه أخرى بأن سياق الكلام يقتضي أن يقال فاخترت ما حرم الله عليك من حرامه ، فأطلق على الحرام اسم الرِّزْقِ للمشاكلة لقوله : « فلا أراني أُرْزَقُ ».

وَفِي الدُّعَاءِ « وَاجْعَلْنِي فِي الْأَحْيَاءِ الْمَرْزُوقِينَ ».

لعل المراد بذلك الشهادة بين يدي الإمام عليه السلام لأن الشهداء ( أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ).

ومن أسمائه تعالى ( الرَّزَّاقُ ) وهو الذي خلق الأرزاق وأعطى الخلائق أرزاقها وأوصلها إليهم ، وفَعَّال من أبنية

١٦٨

المبالغة.

قال في المجمع : والأَرْزَاقُ نوعان ظاهرة للأبدان كالأقوات ، وباطنة للقلوب كالمعارف والعلوم.

والرَّازِقِيُ : الضعيف من كل شيء.

والرَّازِقِيَّةُ : ثياب كتان بيض ـ قاله الجوهري وغيره.

( رستق )

الرُّسْتَاقُ : فارسي معرب ، والجمع الرَّسَاتِيقُ ، وهي السواد.

وَفِي الْحَدِيثِ « اسْتَعْمِلْنِي عَلَى أَرْبَعِ رَسَاتِيقَ الْمَدَائِنِ الْأَرْبَعَةِ : البهقياذات [الْبِهْقُبَاذَاتِ ] ، وَنَهَرِ شَهْرَيْنِ [ شير ] ، وَنَهَرِ جُوَيْرٍ ، وَنَهَرِ الْمَلِكِ » كذا صح في النقل.

ويستعمل الرُّسْتَاقُ في الناحية : طرف الإقليم.

وعن بعضهم الرُّسْتَاقُ مولَّد ، وصوابه رزداق.

( رشق )

الرَّشْقُ بالفتح فالسكون : الرمي.

ورَشَقَهُ يَرْشُقُهُ من باب قتل رَشْقاً : إذا رماه بالسهام.

والرِّشْقُ بالكسر : عدد الرمي الذي يتفقان عليه.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام مَعَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ « فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ فِي الْحَبْسِ إِلَّا تَرَشَّقَهُ وَحَنَّ إِلَيْهِ ».

قيل تَرَشَّقَهُ أي أخذ منه.

ورجل رَشِيقٌ أي حسن القد لطيفه.

( رفق )

قوله تعالى ( وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً ) [ ١٨ / ١٦ ] هو ما يرتفق به أي ينتفع.

فمن قرأ بكسر الميم جعله مثل مقطع.

ومن قرأ بفتحها جعله اسما ، مثل مسجد قال الجوهري : ويجوز مَرْفَقاً أي رفقا مثل مطلع ومطلع.

ولم يقرأ به قوله ( وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً ) [ ١٨ / ٣١ ] أي متكئا على المرفق ، والاتكاء : الاعتماد.

وقيل مجتمعا.

وقيل منزلا يرتفق به.

والْمَرْفِقُ بفتح الميم وكسر الفاء

١٦٩

وبالعكس لغتان : ما ارتفقت به وانتفعت.

ومنه مَرْفِقُ الإنسان ، وهو موصل الذراع في العضد.

وأما مِرْفَقُ الدار كالمطبخ والكنيف ونحوه فبكسر الميم وفتح الفاء لا غير ، على التشبيه بالآلة ، والجمع الْمَرَافِقُ.

وإنما جمع المرفق في قوله تعالى ( وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ) [ ٥ / ٧ ] لأن العرب إذا قابلت جمعا بجمع حملت كل مفرد من هذا على كل مفرد من هذا.

وعليه قوله تعالى ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) [ ٥ / ٧ ] و ( امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ) [ ٥ / ٧ ] و ( لْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ ) [ ٤ / ١٠٢ ] ( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ ) [ ٤ / ٢١ ].

أي ليأخذ كل واحد منكم سلاحه.

ولا ينكح كل واحد ما نكح أبوه من النساء ، وهكذا.

وكذلك إذا كان للجمع متعلق واحد ، فتارة يفردون المتعلق باعتبار وحدته بالنسبة إلى إضافته إلى متعلقه نحو ( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ) [ ٩ / ١٠٤ ] أي خذ من أموال كل واحد منهم صدقته.

وتارة يجمعونه ليناسب اللفظ بصيغ الجموع.

قالوا ركب الناس دوابهم برحالها وأرسانها أي ركب كل منهم دابته برحلها ورسنها.

ومنه قوله تعالى ( وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ) [ ٥ / ٧ ] أي ليغسل كل واحد كل يد إلى مرفقها لأن لكل يد مرفقا واحدا.

وإن كان له متعلقان ثنوا المتعلق في الأكثر قالوا طفنا بلادهم بطرفيها.

ومنه قوله تعالى ( وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) [ ٥ / ٧ ]

وجاز الجمع فيقال بأطرافها وإلى الكعاب ـ كذا في المصباح.

وَفِي حَدِيثِ تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ « تَبْدَأُ بِمَرَافِقِهِ فَتَغْسِلُهَا ».

قال بعض الشارحين : المراد بِالْمَرَافِقِ هنا العورتان وما بينهما.

ولم نظفر بما يدل عليه من الكتب

١٧٠

ولعل الكلمة بالغين المعجمة (١) بدل القاف فصحفت.

وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ سَمِعْتُهُ صلى الله عليه واله يَقُولُ عِنْدَ مَوْتِهِ « بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى » وذلك أنه صلى الله عليه واله خير بين البقاء في الدنيا وبين ما عند الله فاختار ما عند الله تعالى.

والرِّفْقُ بالكسر : ضد الخرق وهو أن يحسن الرجل العمل.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِذَا كَانَ الرِّفْقُ خُرْقاً كَانَ الْخُرْقُ رِفْقاً ».

ومعناه على ما قيل : إذا كان الرفق في الأمر غير نافع فعليك بالخرق وهو العجلة وإذا كان الخرق أي العجلة غير نافع فعليك بالرفق.

والمراد بذلك أن يستعمل كل واحد من الرفق والخرق في موضعه.

فإن الرفق إذا استعمل في غير موضعه كان خرقا.

والخرق إذا استعمل في غير موضعه كان رفقا.

وقريب من هذا قَوْلُهُ عليه السلام « رُبَّمَا كَانَ الدَّوَاءُ دَاءً وَالدَّاءُ دَوَاءً ».

والرِّفْقُ : لين الجانب وهو خلاف العنف.

وَفِي الْحَدِيثِ « الرِّفْقُ نِصْفُ الْعَيْشِ ».

وَفِي حَدِيثِ تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ « تُلَيِّنُ أَصَابِعَهُ بِرِفْقٍ ».

أي بلين من غير عنف.

والرُّفْقَةُ بضم الراء في لغة بني تميم : الجماعة من الناس ترافقهم في سفرك فإذا

تفرقوا زال الاسم عنهم.

والجمع رِفَاقٌ مثل برمة وبرام.

وبكسر الراء في لغة قيس ، والجمع رِفَقٌ مثل سدرة وسدر.

ورَفَقْتُ في العمل من باب قتل : أحكمته.

ورَفَقْتُ في السير : اقتصدت.

ومرتع رَفَقٌ أي سهل.

__________________

(١) لأن المرافغ ـ بغين معجمة ـ : أصول اليدين والفخذين ، وهي مجمع القذارات ، فلعل الحديث يريد الاعتناء بهذه المواضع والابتداء بها لإزالة الأوساخ عن الميت رأسا.

١٧١

والْمِرْفَقُ بالكسر فالسكون : المخدة.

ومنه تَمَرْفَقَ : إذا أخذ المرفقة.

ومنه « كانت مرفقته صلى الله عليه واله من أدم ».

ومنه قَوْلُهُ صلى الله عليه واله « لَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مِرْفَقَةٌ أَوْ شَيْءٌ ».

والرَّافِقَةُ : اسم بلد.

( رقق )

قوله تعالى فِي رِقٍ مَنْشُورٍ [ ٥٢ / ٣ ] الرِّقُ المنشور : الصحائف التي تخرج يوم القيامة إلى بني آدم.

وقد تقدم تمام الكلام في ذلك (١).

والرَّقُ بالفتح : الجلد الرقيق الذي يكتب به ، والكسر لغة.

وقرأ بها بعضهم في قوله ( فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ ) [ ٥٢ / ٣ ]. والرِّقُ بالكسر من الملك وهو العبودية ، وهو مصدر رق الشخص من باب ضرب.

ومنه الدُّعَاءُ « سَجَدْتُ لَكَ تَعَبُّداً وَرِقّاً ».

والرَّقِيقُ يطلق على الذكر والأنثى ، والجمع أَرِقَّاءُ مثل شحيح وأشحاء.

وقد يطلق على الجمع أيضا فيقال ليس في الرَّقِيقِ صدقة أي في عبيد الخدمة.

والرَّقِيقُ : خلاف الثخن والغليظ.

ومنه الثياب الرِّقَاقُ ، وخبز رُقَاقٌ بالضم أي رقيق ، الواحدة رُقَاقَةٌ.

وَفِي الْحَدِيثِ « مَنْ رَقَ وَجْهُهُ رَقَ عِلْمُهُ ».

يريد من كثر حياؤه قل علمه وضعف.

والرَّقُ بالفتح : ذكر السلاحف ، والجمع رُقُوقٌ كفلس وفلوس.

والرِّقَّةُ بالكسر : ضد القوة والشدة.

ومنه الْحَدِيثُ « أَتَتْهُمُ الْأَزْدُ أَرَقُّهَا قُلُوباً ».

أي ألين وأقبل للموعظة.

والرِّقَّةُ بمعنى الرحمة من رَقَ لهم : رحمهم.

ومنه الْحَدِيثُ « إِنَّ أَصْحَابَ أَبِي أَتَوْهُ فَسَأَلُوهُ عَمَّا يَأْخُذُهُ السُّلْطَانُ فَرَقَ لَهُمْ ».

ويقال تَرَقَّقْتُ له : إذا رق له قلبك.

وَفِي حَدِيثِ شَهْرِ رَمَضَانَ « وَارْزُقْنَا

__________________

(١) في ( نشر ).

١٧٢

فِيهِ الرِّقَّةَ وَالنِّيَّةَ الصَّادِقَةَ » يريد رقة القلب وعدم صلابته ، والنية الصادقة : التي لا يعتريها شك.

والرَّقَّةُ : اسم بلد في بغداد (١) وتَرْقِيقُ الكلام : تحسينه.

واسْتَرَقَ مملوكه ، وهو نقيض أعتقه.

( رمق )

فِي الْحَدِيثِ « لِكُلِّ ذِي رَمَقٍ قُوَّةٌ ».

الرَّمَقُ بفتحتين : بقية الروح.

وقد يطلق على القوة.

وَمِنْهُ « يَأْكُلُ الْمُضْطَرُّ مِنَ الْمَيْتَةِ مَا يَسُدُّ بِهِ الرَّمَقَ ».

أي يمسك به قوته ويحفظها.

وعيش رَمِقٌ بكسر الميم : يمسك الرمق.

ورَمَقَهُ بعينه رَمْقاً من باب قتل : أطال النظر إليه.

والْمُرَامِقُ : الذي لم يبق في قلبه من مودتك إلا قليل.

( رنق )

فِي حَدِيثِ الدُّنْيَا « عَيْشُهَا رَنِقٌ » أي كدر.

ورَنَّقَ القوم بالمكان : أقاموا به.

ورَوْنَقُ السيف : ماؤه وحسنه.

ومنه رَوْنَقُ الضحى وغيره ـ قاله الجوهري وغيره.

( روق )

فِي الْحَدِيثِ « إِنَّ أَحْبَبْتَ أَنْ يَطُولَ مَكْثُهُ عِنْدَكَ » يَعْنِي الشَّرَابَ الْحَلَالَ « فَرَوِّقْهُ » أي صفّه.

وَفِي حَدِيثِ الرُّومِ « فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ رُوقَةُ الْمُؤْمِنِينَ ».

أي خيارهم ، وهم جمع رائق من رَاقَ الشيء : إذا صفا وخلص.

ورَاقَنِي جماله يَرُوقُنِي : أعجبني.

والرِّوَاقُ بالكسر كالفسطاط.

ورِوَاقُ البيت : بين يديه.

وثلاثة أَرْوِقَةٍ ، والكثير رُوقٌ.

ومضى رَوْقٌ من الليل أي طائفة منه.

__________________

(١) الرقة : قاعدة ديار ( مضر ) في الجزيرة على الفرات شمال بغداد ، فيها آثار قديمة.

١٧٣

( رهق )

قوله تعالى ( فَزادُوهُمْ رَهَقاً ) [ ٧٢ / ٦ ] أي ذلة وضعفا.

وقيل سفها.

وقيل طغيانا.

وقيل إثما.

وقيل ما يرهقه ويغشاه من المكروه.

قوله ( فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً ) [ ٧٢ / ١٣ ] أي ظلما.

قوله ( وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ) [ ١٠ / ٢٧ ] أي تغشاهم.

ومثله قوله ( تَرْهَقُها قَتَرَةٌ ) [ ٨٠ / ٤١ ] أي تغشاها غبرة.

ومثله تَرْهَقُ وجوههم النار (١) قوله ( سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً ) [ ٧٤ / ١٧ ] أي سأغشيه مشقة من العذاب ، والصعود : العقبة الشاقة.

وقد مر الكلام فيه (٢).

والْإِرْهَاقُ : أن يحمل الإنسان ما لا يطيق.

وَفِي الدُّعَاءِ « وَنَصَبَ لَهُ أَمَداً يُرْهِقُهُ بأعوام دَهْرِهِ » أي يغشاه.

وَفِيهِ « يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى الْغُلَامِ إِذَا رَاهَقَ الْحُلُمَ ».

أي قاربه ، من قولهم رَاهَقَ الغلام مُرَاهَقَةً فهو مُرَاهِقٌ : إذا قارب الاحتلام ولم يحتلم.

ورَهَقَ الشيء رَهَقاً كتعب : إذا غشيه ومنه رَهِقَهُ الدين بالكسر يَرْهَقُهُ رَهَقاً : إذا غشيه.

وأَرْهَقَنِي الإثم : حملني إياه.

وأَرْهَقْتُهُ : دانيته.

والرَّهَقُ بالتحريك : السفه والخفة وركوب الشر والظلم وغشيان المحارم.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِنَّهُ كَانَ مُرَهَّقاً ».

بتشديد الهاء المفتوحة على اسم المفعول من باب التفعيل أي مظنونا به السوء.

وأصل معناه منسوب إلى الرَّهَقِ بالتحريك وهو غشيان المحارم.

__________________

(١) هكذا في النسخ والظاهر أراد بها الآية الكريمة في سورة يونس : ٢٦ ( ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلّة )

(٢) في ( صعد ).

١٧٤

ومنه « لا تقبل شهادتهما لِرَهَقَهِمَا » أي لكذبهما.

وَفِي الْخَبَرِ « إِنَّهُ صَلَّى عَلَى امْرَأَةٍ مُرْهَقٍ ».

أي تتهم بالسوء.

ورَهِقْتُ الشيء من باب تعب : قربت منه.

ورجل أَرْهَقَ الصلاة أي أخرها حتى يدنو وقت الأخرى.

والرَّيْهُقَانُ : الزعفران ـ قاله الجوهري وغيره.

( ريق )

فِي الْحَدِيثِ « امْسَحْ ذَكَرَكَ بِرِيقِكَ » الرِّيقُ ماء الفم ما دام فيه فإذا خرج فهو بزاق.

ويؤنث بالهاء فيقال رِيقَةٌ.

وكأن المراد في الحديث : دفع شبهة بلل تحصل من مخرج البول الناقض ، فيقال هذا من ذاك.

ورَاقَ الماء وغيره رَيْقاً من باب باع : انصب.

ويتعدى بالهمز فيقال أَرَاقَ صاحبه.

والفاعل : مُرِيقٌ.

والمفعول : مُرَاقٌ.

وتبدل الهمزة هاء فيقال هَرَاقَهُ وسيأتي (١).

ويجمع الريق على أَرْيَاقٍ.

باب ما أوله الزاي

( زبق )

فِي الْحَدِيثِ « لَيْسَ شَيْءٌ خَيْراً لِلْجَسَدِ مِنَ الزَّنْبَقِ » هو كجعفر : دهن الياسمين

ومثله « كَانَ أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام يَتَسَعَّطُ بِالشَّلِيثَا وَالزَّنْبَقِ » والزِّنْبَقُ بكسر الزاء معروف ، وهو فارسي معرب.

وزَبَقْتُ الشعر : نتفته.

( زبرق )

الزِّبْرِقَانُ بكسرتين : اسم للبدر ليلة تمامه.

__________________

(١) في ( هرق ).

١٧٥

وبه سمي الرجل ، وهو القائل :

ولا رهيبة إلا سيد صمد

وزَبْرَقْتُ الشيء : صفرته.

( زرق )

قوله تعالى ( وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً ) [ ٢٠ / ١٠٢ ] المراد بِالزُّرْقِ : العمى.

وقيل العطاش يظهر في عيونهم كالزرقة.

وقيل زرق العيون سود الوجوه.

وَفِي حَدِيثِ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ « أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ ».

قيل ليس المراد منه : الزرقة فحسب بل المراد منه : وصفهما بتقلب البصر وتحديد النظر إليه ، من قولهم زَرَقَتْ عينه نحوي إذا تقلبت فظهر بياضها.

ثم إن الزُّرْقَةَ أبغض شيء من ألوان العيون عند العرب.

والعين إذا ذهب نورها ازْرَقَّتْ.

ويقال رجل أَزْرَقُ العين وامرأة زَرْقَاءُ العين.

والاسم الزرقة والزُّرْقَةُ من الألوان معروفة ، والجمع زُرُقٌ كحمر.

وتسمى الأسنة زُرْقاً للونها.

ونصل أَزْرَق : إذا كان شديد الصفاء.

ويقال للماء الصافي : أَزْرَق.

وزَرَقَهُ بالرمح من باب قتل : طعنه.

والْمِزْرَاقُ : رمح قصير.

وزَرَقَ الطائر يَزْرُقُ أي ذرق.

والزَّوْرَقُ على فوعل : ضرب من السفن.

وقد جاء في الحديث.

والْأَزَارِقَةُ : صنف من الخوارج نسبوا إلى نافع بن الأزرق وهو من الدول بن حنيفة ـ قاله الجوهري.

( زرمق )

الزُّرْمَانِقَةُ : جبة صوف عبرانية.

( زعق )

الزَّعَقُ : الصياح.

وقد زَعَقْتُ به زَعْقاً.

والزَّعَقُ بالتحريك : مصدر قولك زَعِقَ يَزْعَقُ فهو زَعِقٌ ، وهو النشيط الذي يفزع مع نشاطه.

١٧٦

وقد أَزْعَقَهُ الخوف حتى زَعِقَ.

والزُّعَاقُ كغراب : الماء المر الغليظ الذي لا يطاق شربه ـ قاله في القاموس.

( زقق )

فِي الْحَدِيثِ « لَا بَأْسَ لِلصَّائِمِ أَنْ يَزُقَ الطَّيْرَ ».

هو من زَقَ الطائر فرخه يَزُقُّهُ من باب قتل أي أطعمه بفيه.

والزِّقُ بالكسر : السقاء أو جلد يجز ولا ينتف للشراب أو غيره.

ومنه اشتريت زق زيت.

وجمعه زِقَاقٌ وزُقَّانٌ مثل كتاب ورغفان.

ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام « وَأَمْكَنَ الْيَتَامَى مِنْ رُءُوسِ الزِّقَاقِ يَلْعَقُونَهَا ».

أي زقاق العسل التي جاءوا بها من همدان وحلوان إلى أمير المؤمنين عليه السلام.

والزُّقَاقُ بالضم : الطريق والسبيل والسوق.

ومنه زقاق العطارين.

والجمع أَزِقَّةٌ كغراب وأغربة.

قال الجوهري : قال الأخفش : أهل الحجاز يؤنثون ( الطريق ) و ( الصراط ) و ( السبيل ) و ( السوق ) و ( الزقاق ).

وبنو تميم يذكرون هذا كله.

( زلق )

قوله تعالى ( صَعِيداً زَلَقاً ) [ ١٨ / ٤٠ ] أي أرضا ملساء يزلق فيها.

ومكان زَلَقٌ بالتحريك : الذي لا تثبت فيه القدم.

قوله ( لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ ) [ ٦٨ / ٥١ ] أي يزيلونك.

ويقال يصيبونك بعيونهم.

وزَلَقَتِ القدم من باب تعب : لم تثبت حتى سقطت.

وأَزْلَقَنِي عن الطريق الأعوج أي أبعدني.

وتَزَلَّقَ الرجل : إذا تنعم حتى يكون للونه بريق وبصيص.

والْمِزْلَقُ والْمِزْلَقَةُ : موضع يزلق فيه.

والإبل يَزْلَقْنَ أي فيها ما يُزْلَقُ أي لا يحمل.

( زندق )

الزِّنْدِيقُ كقنديل.

والمشهور عند الناس هو الذي لا يتمسك بشريعة ويقول بدوام الدهر.

١٧٧

والعرب تعبر عنه بقولهم : ملحد.

والجمع زَنَادِقَةٌ.

وَفِي الْحَدِيثِ « الزَّنَادِقَةُ هُمُ الدَّهْرِيَّةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا رَبَّ وَلَا جَنَّةَ وَلَا نَارَ ( وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ ) ».

وفي المجمع : الزَّنَادِقَةُ قوم من المجوس يقال لهم الثنوية يقولون : النور مبدأ الخيرات ، والظلمة مبدأ الشرور.

وقيل : مأخوذ من الزند ، وهو كتاب الفهلوية كان لزرادشت (١) المجوس.

ثم استعمل في كل ملحد في الدين.

وقيل هم قوم من السبائية أصحاب عبد الله بن سبإ (٢) أظهر الإسلام ابتغاء الفتنة وتضليلا للإسلام فسعى أولا بإثارة الفتنة على عثمان.

ثم انضوى إلى الشيعة وأخذ في تضليل جهالهم حتى اعتقدوا في علي عليه السلام العبودية فاستتابهم علي عليه السلام فلم يتوبوا فأحرقهم مبالغة في النكاية.

وفي مفاتيح العلوم : الزَّنَادِقَةُ هم المانوية (٣) وكانت الْمَزْدَكِيَّةُ يسمون بذلك.

ومَزْدَكُ (٤) هو الذي ظهر في أيام قباذ ، وزعم أن الأموال والحرم مشتركة

__________________

(١) نبي أرسله الله إلى الفرس في أزمنة سحيقة في القدم وفي أحاديثنا : إنه جاءهم بكتاب ضخم في اثني عشر ألف إهاب ثور ، فقتلوه وأحرقوا كتابه ولذلك كانت المجوس من أهل الكتاب عندنا

(٢) شخصية موهومة ، حاكتها السياسة الأموية تمويها على قداسة البيت العلوي الرفيع وحطا من كرامتهم التليدة راجع ( المدخل ) للعلامة : السيد مرتضى العسكري.

(٣) المانوية : نسبة إلى ( ماني ) مؤسس المذهب المانوي القائل بمبدأين للوجود : مبدإ الخير : يزدان ومبدإ الشر : أهريمن وكانت أهم معجزاته : براعته في فن التصوير كان ظهوره في بلاد الفرس قبل الإسلام حوالي ثلاثة قرون

(٤) مزدك : متنبىء فارسي : جاء أيام قباذ ( والد أنوشيروان ) وكان نهما شرسا وهو القائل بالإباحية الجنسية والاشتراكية الاقتصادية وكان يكافح الاختصاص في النساء والأموال فاجتمعت حوله الأراذل والأوباش وجنح إليه ذووا الشهوات ومنهم الملك ( قباذ ) ولم تطل مدته حتى أفناهم الملك العادل أنوشيروان عن آخرهم.

١٧٨

وأظهر كتابا سماه زندا ، وهو كتاب المجوس الذي جاء به زردشت الذي يزعمون أنه نبي.

ونسب أصحاب مزدك إلى زندا ، فأعربت الكلمة ، فقيل زنديق.

والجمع زنادقة والهاء عوض من الياء المحذوفة وأصله الزناديق.

والاسم الزَّنْدَقَةُ عرب من الزند وهو اسم كتاب لهم.

وفي القاموس : زِنْدِيقٌ معرب زن دين أي دين المرأة.

وَفِي الْحَدِيثِ « إِنِّي أَصَبْتُ قَوْماً مِنَ الْمُسْلِمِينَ زَنَادِقَةً ».

قيل تسميتهم مسلمين باعتبار ما كانوا عليه وإلا فليسوا بمسلمين عند الكل.

( زنق )

الزِّنَاقُ من الحلي : المخنقة ـ قاله الجوهري.

( زوق )

زَوَّقْتُهُ تَزْوِيقاً مثل زينته تزيينا وزنا ومعنى وهو حسنته.

وزِيقُ القميص : ما أحاط بالعنق.

( زهق )

قوله تعالى ( وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ ) [ ٩ / ٥٦ ] أي تبطل وتهلك.

وزُهُوقُ النفس : بطلانها.

قوله ( وَزَهَقَ الْباطِلُ ) [ ١٧ / ٨١ ] أي زال وبطل.

ومنه حَدِيثُ وَصْفِ الْأَئِمَّةِ « الْمُقَصِّرُ فِي حَقِّكُمْ زَاهِقٌ » (١). أي هالك ، من قولهم زَهِقَتْ نفسه بالكسر والفتح : خرجت روحه.

وأَزْهَقْتُ الإناء : ملأته.

وزَهَقَ الشيء : تلف.

__________________

(١) من زيارة الجامعة الكبيرة.

١٧٩

باب ما أوله السين

( سبق )

قوله تعالى ( لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ ) [ ٨ / ٦٨ ] الآية. قَالَ الْمُفَسِّرُ : قَالَ مُجَاهِدٌ مَعْنَاهُ « لَوْ لَا أَنَّهُ تَعَالَى لَا يُعَذِّبُ عَلَى ذَنْبٍ إِلَّا بَعْدَ النَّهْيِ عَنْهُ لَعَذَّبَكُمْ لَكِنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ نَهْيٌ فَلَمْ يُعَذِّبْكُمْ ».

وَقَالَ الْجُبَّائِيُّ : لَوْ لَا مَا سَبَقَ فِي حُكْمِ اللهِ أَنَّهُ لَا يُعَذِّبُ عَلَى الصَّغَائِرِ لَعَذَّبَكُمْ.

وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ : لَوْ لَا مَا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِكُمُ الْعَذَابُ لَعَذَّبَكُمْ ـ انتهى.

قوله ( فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً ) [ ٧٩ / ٤ ]قِيلَ الْمَلَائِكَةُ تَسْبِقُ الشَّيَاطِينَ بِالْوَحْيِ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام إِذْ كَانَتِ الشَّيَاطِينُ تَسْتَرِقُ السَّمْعَ

وقيل الخيل.

قوله ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) [ ٥٦ / ١٠ ] قال المفسر : معناه فَالسَّابِقُونَ إلى اتباع الأنبياء الذين صاروا أئمة هم السابقون إلى جزيل الثواب عند الله.

وقيل معناه السَّابِقُونَ إلى طاعة الله هم السابقون إلى رحمته.

والسَّابِقُ إلى الخير إنما كان أفضل لأنه يقتدى به في الخير وسبق إلى أعلى المراتب قبل من يجيء بعده.

وقيل في السَّابِقِينَ : إنهم السابقون إلى الإيمان.

وقيل السابقون إلى الهجرة.

وقيل إلى الجهاد.

وقيل إلى التوبة وأعمال البر.

وقيل إلى كل ما دعى الله إليه.

قال المفسر : وهذا أولى لأنه يعم الجميع.

وَعَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام خَلَقَ اللهُ النَّاسَ عَلَى ثَلَاثِ طَبَقَاتٍ وَأَنْزَلَهُمْ ثَلَاثَ مَنَازِلَ ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى ( أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ) [ ٥٦ / ٨ ] و ( أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ) وَالسَّابِقُونَ [ ٥٦ / ٩ ] فَأَمَّا

١٨٠