مجمع البحرين - ج ٥

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ٥

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٤

والبَلْقَاء بالمد : مدينة بالشام (١).

( بنق )

في الحديث « بَانِقْيَا » وهي القادسية (٢) وما والاها من أعمالها.

قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ فِي سَرَائِرِهِ : وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِالْقَادِسِيَّةِ بِدَعْوَةِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عليه السلام لِأَنَّهُ قَالَ كُونِي مُقَدَّسَةً أَيْ مُطَهَّرَةً ، مِنْ التَّقْدِيسِ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بَانِقْيَا لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام اشْتَرَاهَا بِمِائَةِ نَعْجَةٍ مِنْ غَنَمِهِ لِأَنَّ ( بَا ) مِائَةٌ وَ ( نِقْيَا ) شَاةٌ بِلُغَةِ ( نَبْطٍ ).

وقد ذكر ( بَانِقْيَا ) أعشى قيس في شعره وفسرها علماء اللغة ، ووضعوا كتب الكوفة من السيرة بما ذكرناه.

وفي القاموس بَانِقْيَا : قرية بالكوفة (٣).

والبَنِيقَةُ من القميص : لينه.

( بندق )

فِي الْحَدِيثِ « لَا يُؤْكَلُ مَا قَتَلَهُ الْحَجَرِ مِنْ الْبُنْدُقِ ».

البُنْدُقُ : الذي يرمى به عن الجلاهق ، الواحدة : بَنْدَقَةُ وهي طينة مدورة مجففة ، وتجمع أيضا على بَنَادِق.

وبَنْدَقَة : أبو قبيلة من اليمن.

( بوق )

فِي الْخَبَرِ « لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لَا

__________________

(١) البلقاء : هي النّصف الجنوبي لشرقي الأردنّ ، قاعدتها : ( السلط ) يضرب المثل بجودة حنطتها.

(٢) القادسيّة : مدينة كبيرة في العراق هزم عندها المسلمون جيوش الفرس كان المسلمون آنذاك ( ٠٠٠ ر ١٦ ) وعلى رأسهم سعد بن أبي وقّاص والفرس ( ٠٠٠ ر ٨٠ ) وعلى رأسهم رستم.

والقادسيّة ـ الآن ـ : ناحية في العراق ( قضاء أبو صخير ـ لواء الديوانية ).

(٣) جاء ( بانقيا ) من أسماء النّجف أيضا ـ كما في ( ماضي النّجف وحاضرها ج ١ ص ٨ ) ـ نقل عن فتوح البلدان للبلاذري ، ومعجم البلدان للياقوت ، قال ضرار بن الأزور الأسديّ يذكر بانقيا وجرحه بها أيّام الفتح :

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً ( ما سألتَ يَهُونُ)

١٤١

يُؤْمِنُ جِوَارَهُ بَوَائِقَهُ » أي غوائله وشروره.

البَوَائِقُ : جمع بَائِقَة ، وهي الداهية.

ومنه بَاقَتْهُمُ الداهية : إذا أصابتهم.

وَفِي الْحَدِيثِ « قُلْتُ وَمَا بَوَائِقُهُ؟ قَالَ : ظُلْمُهُ وَغَشَّهُ ».

البُوقُ هو القرن الذي ينفخ فيه.

( بهق )

فِي الْحَدِيثَ « شَكَا رَجُلٌ الْبَهَقَ ».

هو بياض يعتري الجسد يخالف لونه ، ليس ببرص.

يقال بَهِقَ يَبْهَقُ من باب تعب : إذا اعتراه ذلك.

وفيه ذكر « البهقياذات » وقد مر في ( بهقذ ).

باب ما أوله التاء

( تاق )

تَئِقَ السحاب ، المُتْأَقُ : الممتلئ من تَئِقَ السقاء يَتْأَقُ تَأْقاً : امتلأ.

( ترق )

قوله تعالى ( كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ ) [ ٧٥ / ٢٦ ] يريد بها العظام المكتنفة لثغرة النحر ، واحدها : تَرْقُوَة على فعلوة بفتح الفاء وضم اللام ، ولا يقال تُرْقُوَة بالضم ، وهما ترقوتان من الجانبين.

وعن بعضهم : لا يكون الترقوة لشيء من الحيوان إلا الإنسان خاصة.

ومنه حَدِيثُ الْخَوَارِجِ « يَقْرَءُونَ الْقُرْآنِ لَا يَجُوزُ تَرَاقِيَهُمْ ».

والمعنى : أن قراءتهم لا يرفعها الله تعالى ، ولا يقبلها ، ولا يتجاوز حلوقهم.

وقيل : المعنى أنهم لا يعملون بالقرآن ، ولا يثابون على قراءته ، فلا يحصل لهم غير القراءة.

والتِّرْيَاقُ : ما يستعمل لدفع السم من الأدوية والمعاجين ، وهو رومي معرب.

ويقال : الدرياق.

والتِّرْيَاقُ فعيال بكسر الفاء.

١٤٢

وقيل : مأخوذ من الريق ، والتاء زائدة ، ووزنه تفعال بكسر التاء ، لما فيه من ريق الحيات.

قال بعض اللغويين : وهذا يقتضي أن يكون عربيا.

( توق )

تَاقَتْ نفسه إلى الشيء تَتُوقُ تَوْقاً وتَوْقَاناً : اشتاقت ونازعت إليه.

ونفس تَائِقَةٌ أي مشتاقة.

باب ما أوله الجيم

( جثق )

في الحديث ذكر « الجَاثَلِيقِ » هو بفتح الثاء المثلثة : رئيس النصارى في بلاد الإسلام ، ولغتهم السريانية.

( جرمق )

فِي الْحَدِيثِ « يُصَلَّى بِجُرْمُوقٍ » هو كعصفور : خف واسع قصير يلبس فوق الخف ، والجمع جَرَامِيقُ كعصافير.

وكذا في كتب اللغة وغيرها ، ولم نظفر بما يدل على أن له ساقا أم لا.

نعم كلام المتأخرين من علمائنا صريح في ذلك ، وهو أعلم بما قالوه.

قال الجوهري : الجيم والقاف لا يجتمعان في كلمة من كلام العرب إلا أن يكون معربا أو حكاية صوت نحو الجردقة وهو الرغيف.

والجَرْمَقَانِي بفتح القاف واللام : واحد جَرَامِقَة الشام.

( جلق )

الجِلِّقُ بالتشديد وكسر اللام : موضع بالشام.

والجَوَالِقُ بالضم معروف (١) والجمع جَوَالِيقُ.

( جلهق )

فِي الْحَدِيثِ « كَرِهَ الْجُلَاهِقَ ».

هي بضم الجيم : البندق المعمول من الطين ، الواحدة

__________________

(١) معرب ( جوال ).

١٤٣

جَلَاهِقَة فارسي معرب (١).

ويضاف القوس إليه للتخصيص ، فيقال قوس الجلاهيق كما يقال قوس النشاب.

( جنق )

فِي الْحَدِيثِ « وُضِعَ إبراهيم عليه السلام فِي مَنْجَنِيقٍ ».

هو الذي ترمى به الحجارة.

قال الجوهري : وأصلها بالفارسية « من چى نيك » (٢) أي ما أجودني.

وهي مؤنثة ، والجمع مَجَانِيقُ.

وَذَكَرَ أَنَ الْمَنْجَنِيقَ الَّذِي وُضِعَ فِيهِ إبراهيم عليه السلام مِنْ وَضْعِ إِبْلِيسَ وَتَعْلِيمِهِ.

باب ما أوله الحاء

( حدق )

قوله تعالى ( حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ) [ ٢٧ / ٦٠ ] أي ذات حسن ، واحدتها حَدِيقَةٌ ، وإن لم يكن محاطا بها.

وبعضهم أنكر ذلك ، وقال : ما لم يكن عليه حائط لم يكن حديقة.

قوله ( حَدائِقَ غُلْباً ) [ ٨٠ / ٣٠ ] مر تفسيره (٣).

وَفِي الْحَدِيثِ « حَدَقَةُ الْعَيْنِ ».

هي سوادها الأعظم ، والجمع حَدَقٌ وحَدَقَاتٌ ، مثل قصبة وقصب وقصبات.

وربما قيل : حِدَاق كرقبة ورقاب.

وحبة الحَدَقَةِ وهي الناظر في العين ، لا جسم العين كله.

وحَدَقُوا به ، وأَحْدَقُوا به : أطافوا وأحاطوا.

والحَنْدَقُوقُ : نبت وهو معرب ، قال الجوهري : ولا تقل حندقوقاء.

__________________

(١) قال في اللسان : معرب ( جله ).

(٢) في نسخة : « من چه نيك ».

( من ـ بمعنى ـ أنا ) ، و ( چه ـ بمعنى ـ كيف ) ، و ( نيك ـ بمعنى ـ جيد ) والاستفهام هنا للتعجب ، كأن نفسه أعجبته.

(٣) في ( غلب ).

١٤٤

( حذق )

فِي الْحَدِيثِ « حَجَّامٌ حِذْقٌ ».

أي ماهر في الحجامة ، يقال حَذَقَ الرجل في صنعته من باب ضرب وتعب حَذْقاً : مهر فيها وعرف غوامضها.

وحَذَقَ الخل من باب ضرب : انتهت حموضته.

( حرق )

قوله تعالى ( وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ ) [ ٨٥ / ١٠ ] أي عذاب بكفرهم وعذاب بِإِحْرَاقِهِمْ المؤمنين.

قوله ( لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً ) [ ٢٠ / ٩٧ ]

قرىء لنحرقنه بِالتَّخْفِيفِ بِادِّعَاءِ أَنَّهَا قِرَاءَةِ عَلِيٍّ عليه السلام أي لنبردنه بالمبرد من قولهم « حَرَقْتُ الشيء حَرْقاً » : بردته وحككت بعضه في بعض.

وقرئ مشددا مبالغة.

وَفِي الدُّعَاءِ « أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْغَرَقِ وَالْحَرَقِ وَالسَّرَقِ ».

فالغرق بالتحريك : اسم للفعل ، والحَرَقُ بالتحريك : النار ، وتسكينها خطأ ، والسرق : السرقة.

وإنما استعاذ من هذه البليات لأنها محن مجهدة مقلقلة لا يكاد أحد يصبر عليها.

والحَرَقُ أيضا : احتراق يصيب الثوب ، وقد يسكن.

وحَرَّقْتُهُ بالنار وحَرَّقْتُهُ بالتشديد مبالغة.

والحُرَاقُ والحُرَاقَةُ : ما يقع فيه النار عند القدح ، والعامة تشدده.

ومنه الْحَدِيثُ « يستبرىء بِحُرَاقٍ » يدنى من أنفه.

واحْتَرَقَ الشيء بالنار ، والاسم الحُرْقَةُ.

والحَرِيقُ والحَارِقَةُ من النساء : الضيقة الحياء.

ومنه حَدِيثُ عَلِيٍّ عليه السلام « خَيْرُ النِّسَاءِ الحَارِقَةُ ».

( حزق )

الحَازِقُ : الذي ضاق عليه خفه فَحَزَقَ رجله أي عصرها وضغطها ، وهو فاعل بمعنى مفعول.

( حقق )

قوله تعالى ( يَتْلُونَهُ حَقَ

١٤٥

تِلاوَتِهِ ) [ ٢ / ١٢١ ] أي لا يحرفونه ولا يغيرون ما فيه من نعت رسول الله صلى الله عليه وآله.

وقِيلَ ( حَقَ تِلاوَتِهِ ) ، وَهُوَ الْوُقُوفُ عِنْدَ ذِكْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ يَسْأَلُ فِي الْأُولَى وَيَسْتَعِيذُ فِي الْأُخْرَى وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الصادق عليه السلام وقد تقدم في ( تلا ) غير هذا.

قوله ( فَحَقَ عَلَيْهَا الْقَوْلُ ) [ ١٧ / ١٦ ] أي وجب عليهم الوعيد.

ومثله قوله ( وَيَحِقَ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ ) [ ٣٦ / ٧٠ ] أي يجب عليهم الوعيد بكفرهم.

ومثله ( لَقَدْ حَقَ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ ) [ ٣٦ / ٧ ].

أي ثبت عليهم هذا القول ووجب لهم لأنهم ممن علم من حالهم أنهم يموتون على الكفر ، وهو قوله سبحانه ( لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) [ ١١ / ١١٩ ].

قوله ( وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) [ ٣٠ / ٤٧ ] أي إيجابا حققت عليه القضاء.

قوله ( وَيُحِقُ اللهُ الْحَقَ ) [ ١٠ / ٨٢ ] أي يثبته ويظهره.

قوله ( حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ ) [ ٧ / ١٠٥ ] هو مثل قولهم فلان حَقِيقٌ بكذا أي خليق به ، وحقيق أن تفعل كذا مثل ذلك.

قال الشيخ أبو علي : جائز أن يكون ضمن « حقيق » معنى « حريص » ويجوز أن يكون موسى عليه السلام أعرف (١) في وصف نفسه بالصدق في ذلك المقام ، فقال أنا حَقِيقٌ على قول الحق أي واجب على قول الحق أن أكون قائله وقرأ نافع حَقِيقٌ عَلَىَّ ومعناه واجب علي (٢).

قوله ( وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ ) [ ٨٤ / ٢ ] أي حق لها أن تسمع إذ هي مخلوقة لله تعالى.

قوله ( حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ) [ ١٠ / ٣٣ ] أي وجبت.

قوله ( ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِ ) [ ١٥ / ٨ ] أي الأمر المقتضي المفصول.

قوله ( فَالْحَقُ وَالْحَقَ أَقُولُ ) [ ٣٨ / ٨٤ ].

__________________

(١) في الأصل : « أغرق ».

(٢) عن تفسير جوامع الجامع باختصار وتصرف يسير ص ١٥٢.

١٤٦

قال الشيخ أبو علي : قرئ بالرفع والنصب ، فالرفع على أن يكون خبر مبتدإ محذوف ، أي فأنا الحق ، أو مبتدأ محذوف الخبر ، أي فالحق قسمي

والنصب على أنه مقسم به ، والتقدير بالحق (١) لأملأن كما تقول بحق الله لأفعلن ، والحق أقول اعتراض بين المقسم به والمقسم عليه.

والمراد بِالْحِقِ إما اسمه تعالى الذي في قوله ( أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ الْمُبِينُ ) [ ٢٤ / ٢٥ ] أو الحق الذي نقيض الباطل عظمه الله بأقسامه به (٢).

والحَقُ المعلوم : غير الزكوة وهو شيء يفرضه الرجل على نفسه على قدر طاقته ووسعه ، كما جاءت به الرواية.

قوله ( وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ ) [ ٦ / ١٤١ ] وهو أن يأخذ الضغث فيعطيه المسكين ثم المسكين حتى يفرغ ، وعند الحصاد الحفنة بعد الحفنة حتى يفرغ.

قوله ( الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ ) [ ٦٩ / ٢ ] الحَاقَّةُ هي الساعة والقيامة ، سميت بذلك لأن فيها حواق الأمور الثابتة الوقوع كالحساب والثواب والعقاب.

وقيل لأنها تحقق (٣) كل إنسان بعمله وقيل لأنها تحاق الكفار الذين حَاقُّوا الأنبياء يعني خاصموهم.

ويقال حَقَّتِ القيامة من باب قتل : أحاطت بالخلائق فهي حَاقَّةٌ.

وهي مرتفعة على الابتداء ، وخبرها ما الحاقة.

قوله ( بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِ عَلَى الْباطِلِ ) [ ٢١ / ١٨ ] أي بالقرآن على الكفر.

قوله ( إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُ الْيَقِينِ ) [ ٥٦ / ٩٥ ] قال الشيخ أبو علي : أي هو الحق الثابت من اليقين (٤).

قوله ( فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ ) [ ٥ / ١٠٧ ] فإن قرئ بالمجهول فمعناه

__________________

(١) في الأصل : « الحق » بدون الباء.

(٢) عن تفسير جوامع الجامع باختصار يسير ص ٤٠٨.

(٣) في نسخة « تحق ».

(٤) الشيخ الطبرسي : جوامع الجامع ص ٤٨٠.

١٤٧

على ما ذكر : جنى عليهم وهم الورثة ، ويكون معنى الأوليان : الأَحَقَّانِ بالشهادة لقرابتهما ومعرفتهما ، وهو خبر محذوف المبتدإ أي هما الأوليان.

وإن قرئ بالمعلوم كان الفاعل الأوليان ، ويكون معنى الأولوية : التقدم في الشهادة.

والْحَقُ من أسمائه تعالى ، وهو الموجود المتحقق وجوده وإلهيته.

والحَقُ : ضد الباطل.

وحَقَائِقُ الشيء : ما حق وثبت.

وَفِي حَدِيثِ وَصْفِهِ تَعَالَى « لَا تُدْرِكُهُ الْعُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ الْعَيَانِ ، وَلَكِنْ تُدْرِكُهُ الْقُلُوبُ بِحَقَائِقِ الْإِيمَانِ ».

قال بعض الشارحين : حَقَائِقُ الإيمان أركانه وهو التصديق بوجوده تعالى ووحدانيته ، واعتبار أسمائه الحسنى ، ومحصله الحقائق التي ثبت بها الإيمان.

وَفِي حَدِيثِ التَّلْبِيَةِ « لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ حَقّاً حَقّاً ».

أي غير باطل ، وهو مصدر مؤكد لغيره ، أي إنه أكد به معنى « الزم طاعتك الذي دل عليه لبيك » كما تقول هذا عبد الله حقا فيؤكد به ، وتكريره لزيادة التأكيد.

وأعط كل ذي حَقٍ حقه أي حظه ونصيبه الذي فرض له.

وفلان حامي الحَقِيقَةِ إذا حمى ما يجب عليه حمايته.

وحَقِيقَةُ الشيء : كنهه.

وكلام مُحَقَّقٌ : أي رصين.

والحَقُ أصله المطابقة والموافقة ويأتي فيما ذكر على وجوه متعددة ، يستعمل استعمال « الواجب » و « اللازم » و « الجدير ».

وأما حَقُ الله فهو بمعنى الواجب واللازم.

وأما حَقُ العباد فهو على معنى الجدير من حيث إن الإحسان إلى من لم يتخذ ربا سواه مطابق للحكمة.

ويجوز أن يكون سماه حقا لأنه في مقابلة حق الله من جهة الثواب.

والحَقِيقَةُ في مصطلح العلماء : ما قابل المجاز ، وهي فعيلة من الحق الثابت المقابل للباطل أو المثبت ، لأن فعيلا تارة يكون بمعنى فاعل كعليم وقدير.

١٤٨

وتارة بمعنى مفعول كجريح وقتيل.

قيل والتاء فيه للنقل من الوصفية إلى الاسمية الصرفة ، فلذا لا يقال شاة أكيلة ولا نطيحة.

والحقيقة لغوية وعرفية ، وفي ثبوت الشرعية خلاف.

وَفِي حَدِيثِ الْأَخْذِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ « إِنَّ عَلَى كُلِ حَقٍ حَقِيقَةً وَعَلَى كُلِّ صَوَابٍ نُوراً ».

قيل في معناه أن كل واقعة ورد فيها حكم من الله نصب عليها دليلا يدل عليها.

وحَقَّقْتُ الأمر أَحُقُّهُ : إذا تيقنته وجعلته ثابتا لازما.

وفي لغة أَحْقَقْتُهُ وحَقَّقْتُهُ مشددا مبالغة.

وحَاقَّهُ : خاصمه وادعى كل واحد منهما الحق ، فإذا غلبه قيل حقة.

ومنه حَدِيثُ الْحَضَانَةِ « فَجَاءَ رَجُلَانِ يَتَحَاقَّانِ فِي وَلَدٍ ».

أي يختصمان ويطلب كل واحد منهما حقه.

وما له فيه حَقٌ أي خصومة.

والْتَّحَاقٌ : التخاصم.

وحَقَ الشيء يَحِقُ بالكسر أي وجب.

وفلان أَحَقُ بكذا يستعمل على ما ذكره بعض الشارحين لمعنيين أحدهما : اختصاصه بذلك من غير مشاركة نحو « زيد أحق بماله » أي لا حق لغيره فيه.

والثاني : أن يكون أفعل تفضيل فيقتضي اشتراك غيره معه.

ومن هذا الباب « الْأَيِّمِ أَحَقُ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا ». فهما مشتركان ولكن حقها آكد.

والحُقَّةُ بالضم معروفة ، والجمع حُقٌ وحُقَقٌ وحِقَاقٌ.

والحِقُ بالكسر : ما كان من الإبل ابن ثلاث سنين ودخل في الرابعة وجمعها حِقَقٌ مثل سدرة وسدر ، والأنثى حِقَّةٌ وهي دون الجذعة بسنة.

وسمي الحِقُ حِقّاً لاستحقاقه أن يحمل عليه وأن ينتفع به.

وتَحَقَّقَ عنده الخبر : إذا صح.

وَفِي الدُّعَاءِ « حَقٌ مَا قَالَ الْعَبْدُ ».

قيل : هو مرفوع على أنه خبر مقدم.

واسْتَحَقَ فلان الأمر أي استوجبه.

١٤٩

ومِنْهُ « إِذَا اسْتَحَقَّتْ وَلَايَةُ اللهِ وَالسَّعَادَةُ إِنْ كُنْتَ مُسْتَحِقَّهُمَا وَمُسْتَوْجِبَهُمَا بِعَمَلٍ صَالِحٍ جَاءَ الْأَجَلُ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ وَذَهَبَ الْأَمَلُ ، وَإِذَا اسْتَحَقَّتْ وَلَايَةُ الشَّيْطَانِ وَالشَّقَاوَةُ إِنْ كُنْتَ مُسْتَحِقّاً لَهُمَا بِعَمَلٍ فَاسِدٍ غَيْرِ صَالِحٍ جَاءَ الْأَمَلُ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ وَذَهَبَ الْأَجَلُ وَرَاءَ الظَّهْرِ ».

واسْتَحَقَ المبيع على المشتري أي ملكه.

وفِيهِ « لَا تَتَعَرَّضُوا لِلْحُقُوقِ ». أي لا تشغلوا ذممكم بحقوق الناس ولا بحقوق الله ولكن إذا شغلتم ذممكم فاصبروا لها وتحملوا مشاقها.

والمراد بِحُقُوقِ الناس الضمان والكفالات وغير ذلك.

وحُقُوقِ الله كنذر ونحوه.

( حلق )

قوله تعالى ( إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ) [ ٥٦ / ٨٣ ] هو بضم الحاء : الحلق ، وميمه زائدة والجمع حَلَاقِيم.

وعن الزجاج الحُلْقُومُ بعد الفم وهو موضع فيه شعب تتشعب منه ، وهو مجرى الطعام والشراب.

وَفِي الدُّعَاءِ « اللهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ ». قالها ثلاثا المُحَلِّقُونَ هم الذين حَلَقُوا شعورهم في الحج والعمرة.

وَإِنَّمَا خَصَّهُمْ بِالدُّعَاءِ دُونَ الْمُقَصِّرِينَ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَنْ أَحْرَمَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه واله لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ هَدْيٌ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه واله قَدْ سَاقَ الْهَدْيَ ، وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِقُ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ فَلَمَّا أَمَرَ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَحْلِقَ وَيَحِلَّ ، وَجَدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مِنْ ذَلِكَ وَأَحَبُّوا أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي الْمُقَامِ عَلَى إِحْرَامِهِمْ حَتَّى يُكْمِلُوا الْحَجِّ ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُدٌّ مِنْ الْإِحْلَالِ كَانَ التَّقْصِيرُ فِي نُفُوسِهِمْ أَخَفَّ مِنْ الْحَلْقِ فَمَالَ أَكْثَرُهُمْ إِلَيْهِ ، وَكَانَ فِيهِ مَنْ بَادَرَ إِلَى المُطَاوَعَةِ وَحَلَقَ وَلَمْ يُرَاجِعْ فَلِذَلِكَ قَدَّمَ الْمُحَلِّقِينَ وَأَخَّرَ الْمُقَصِّرِينَ.

وَفِي الْحَدِيثِ « اتَّقُوا الْحَالِقَةَ » قال بعض الشارحين الحَالِقَةُ هي الخصلة التي من شأنها أن تُحْلَقَ أي تهلك وتستأصل الدين كما يستأصل الموسى الشعر.

وفسرت في الحديث بقطيعة الرحم.

وَفِيهِ « نَهَى عَنْ بَيْعِ المُحَلِّقَاتِ » أي

١٥٠

بيع الطير في الهواء.

وحَلَقَ ببصره إلى السماء : رفعه.

وَفِي حَدِيثِ الْأَمْوَاتِ « كَأَنِّي بِهِمْ حِلَقٌ حِلَقٌ يَتَحَدَّثُونَ » الحِلَقُ بكسر الحاء وفتح اللام : جمع الحَلْقَةِ مثل قصعة وقصع ، وهي الجماعة من الناس مستديرة كحلقة الباب وغيره.

وحَلْقَةُ الباب بالسكون من حديد وغيره والجمع حَلَقٌ بفتحتين على غير قياس.

وعن الأصمعي الجمع حِلَقٌ كقصعة وقصع وبدرة وبدر.

قال في المصباح وحكى يونس عن عمرو بن أبي العلا : إن حَلَقَةُ بفتح اللام لغة في السكون ، والجمع بحذف الهاء قياس مثل قصبة وقصب.

وَفِي الدُّعَاءِ و « حَلْقَةِ بَلَاءٍ قَدْ فَكَكْتَهَا ».

على الاستعارة استعيرت للبلاء إذا طافت بالإنسان واستدارت عليه.

وعن بعضهم ليس في كلام العرب حَلَقَة بفتح اللام إلا حلقة الشعر فقط ، جمع حَالِقٍ كفجرة جمع فاجر.

والحَالِقُ : الجبل المرتفع.

ومنه قوله « سقط من حَالِقٍ ».

وجاء من حَالِقٍ أي من مكان مشرف.

والحَلْقُ بالفتح فالسكون جز الشعر واستئصاله.

يقال حَلَقَ الرجل رأسه من باب ضرب وحَلَقَتِ المرأة رأسها.

وَقَوْلُهُ « إِنَّهُ ابْنُ مَنْ حَلَقَ رُءُوسَ مَنْ تَرَوْنَ ».

كأنه يريد القتل.

والحَلْقُ من الحيوان معروف ، والجمع حُلُوقٌ كفلس وفلوس.

و « حَلَقَ بإصبعه الإبهام والتي تليها وعقد عشرا » أي جعل إصبعه كَالْحَلْقَةِ.

والحَوْلَقُ : كلمة جمعت كلمتين من « لا حول ولا قوة إلا بالله » مثل البسملة من « بسم الله » وعلى هذا القياس والحولقة بقاف بعد لام عند الجوهري ، وبعكسه عند غيره.

والحاء والواو من الحوقلة للحول ، وقافة للقوة.

ومعناها : إظهار الفقر إلى الله تعالى بطلب المعونة على ما يحاول من الأمور وهو حقيقة العبودية.

١٥١

( حمق )

فِي الْحَدِيثِ « يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ مُجَانَبَةِ الْأَحْمَقِ فَإِنَّهُ لَا يُشِيرُ عَلَيْكَ بِخَيْرٍ » الأَحْمَقُ من يسبق كلامه فكره ، وهو من لا يتأمل عند النطق هل ذلك الكلام صواب أم لا ، فيتكلم به من غفلة.

وَمِنْهُ « زَوِّجُوا الْأَحْمَقَ وَلَا تُزَوِّجُوا الْحَمْقَاءَ ، فَإِنَ الْأَحْمَقَ يَنْجُبُ وَالْحَمْقَاءَ لَا تَنْجُبُ ».

والحُمْقُ بالضم وبضمتين : قلة العقل وفساده.

ومنه الْحَدِيثُ « النَّوْمُ بَعْدَ الْعَصْرِ حُمْقٌ » أي فساد عقل.

وقد حَمُقَ بالضم حَمَاقَة فهو أحمق ، والأنثى حمقاء.

والحَمَاقَةُ : الاسم منه.

ونسوة حُمُقٌ وحَمْقَى وحَمَاقَى.

وحَمِقَ أيضا بالكسر يَحْمَقُ من باب تعب حَمْقاً مثل غنم غنما فهو حمق.

واسْتَحْمَقْتُهُ : وجدته أحمق ، فهو لازم ومتعد.

والبقلة الحَمْقَاءُ : الرجلة.

( حملق )

فِي الْحَدِيثِ « فَمَسَحَ بِإِصْبَعِهِ الدُّمُوعَ مِنْ حَمَالِيقِ عَيْنَيْهِ ».

الحَمَالِيقُ جمع حِمْلَاق العين بالكسر والضم وكعصفور : باطن أجفانها الذي يسوده الكحل أو ما غطته الأجفان من بياض المقلة.

وحَمْلَقَ الرجل : فتح عينيه ونظر نظرا شديدا.

( حنق )

فِي الْحَدِيثِ « وَازْدَادُوا حَنَقاً ».

الحَنَقُ بالتحريك : الغيظ ، والجمع حِنَاق كجبل وجبال.

وحَنِقَ عليه بالكسر أي اغتاظ فهو حَنَقٌ وحَانِقٌ.

وأَحْنَقَهُ غيره فهو مُحْنِقٌ.

( حيق )

قوله تعالى ( وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُون ) [ ١١ / ٨ ] أي أحاط بهم وحل.

يقال : حَاقَ بهم العذاب حَيْقاً : إذا نزل.

والحَيْقُ : نزول البلاء.

١٥٢

قال تعالى ( وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ) [ ٣٥ / ٤٣ ] أي لا يحيط وينزل إلا بأهله.

باب ما أوله الخاء

( خرق )

قوله تعالى ( إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ ) [ ١٧ / ٣٧ ] أي تبلغ آخرها.

يقال خَرَقَ العادةَ : إذا أتى بخلاف ما جرى في العادة.

قوله ( خَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ ) [ ٦ / ١٠٠ ] أي افتعلوا ذلك كذبا أي قالوا : ما لا ينبغي وافتعلوا ما لا أصل له.

وذلك في المشركين قالوا : الملائكة بنات الله.

وأهل الكتاب قالوا : ( عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ ) ، و ( الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ).

وَفِي الْحَدِيثِ « نَهَى عَنْ التَّضْحِيَةِ بِالْخَرْقَاءِ ».

وهي التي في أذنها ثقب مستدير.

والخَرْقُ : الشق.

يقال خَرِقْتُ الشاةَ خَرَقاً من باب تعب : إذا كان في أذنها خرق ، فهي خَرْقَاء.

وَالْخَرْقَاءُ : صَاحِبَةُ ذِي الرِّمَّةِ وَهِيَ مِنْ بَنِي عَامِرٍ مِنْ رَبِيعَةَ ، وَهِيَ ابْنَةُ النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ.

وَدَخَلَتْ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ تَسْتَمِيحُهُ ، فَلَمَّا وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهِيَ بَيْنَ جَوَارِيهَا قَالَتْ : قَبَّحَ اللهُ الدُّنْيَا لَا تَدُومَ عَلَى حَالٍ ، كُنَّا وَاللهِ مُلُوكُ هَذَا الْمِصْرِ يُجْبَى إِلَيْنَا خَرَاجُهُ ، وَيُطِيعُنَا أَهْلُهُ فَلَمَّا أَدْبَرَ الْأَمْرُ صَاحَ بِنَا صَائِحُ الدَّهْرِ.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْخُرْقُ شُؤْمٌ ، وَالرَّتْقُ يُمْنٌ ».

هو من قولهم : خَرِقَ خَرَقاً من باب تعب : إذا عمل شيئا فلم يرفق به ، فهو أَخْرَقُ والأنثى خَرْقَاءُ كأحمر وحمراء.

والاسم الخُرْقُ بالضم فالسكون.

والخُرْقُ أيضا : الحمق وضعف العقل والخُرْقُ : الجهل.

ومِنْهُ « النَّوْمُ بَعْدَ الْغَدَاةِ خُرْقٌ ».

وَفِي بَعْضِ مَا صَحَّ مِنْ النُّسَخِ « حزق ».

١٥٣

بالحاء المهملة والزاء المعجمة ، وعليها من القاموس أي فقر ، ولم نجده.

والخَرْقُ بالفتح : الثقب في الحائط وغيره والجمع خُرُوقٌ كفلس وفلوس.

ومنه خَرْقُ الإبرة.

ومنه الْحَدِيثُ « فَخَرَجَ مِثْلَ خَرْقِ الْإِبْرَةِ فَأَغْرَقَ قَوْمَ نُوحٍ ».

والخِرْقَةُ بالكسر : القطعة من الثوب والجمع خِرَقٌ كسِدْرَةٍ وسِدَرٍ.

ومنه خِرْقَةُ الميت.

وخَرَقْتُ الثوبَ وخَرَّقْتُهُ مبالغة.

ومُخَرِّقٌ : اسم رجل.

ومُخَارِقٌ أيضا : اسم رجل صاحب صوت أي مغن.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْبَرْقُ مَخَارِيقُ الْمَلَائِكَةِ ».

هي جمع مِخْرَاق وهي في الأصل : ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضا يعني البرق آلة تزجر الملائكة بها السحاب وتسوقه.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : الْبَرْقُ سَوْطٌ مِنْ نُورِ اللهِ تَزْجُرُ الْمَلَائِكَةُ بِهِ السَّحَابَ.

( خورنق )

الخَوَرْنَقُ : قصر بالعراق مشهور يقرب من الكوفة ، بناه النعمان الأكبر الذي يقال له الأعور وهو الذي لبس المسوح فساح في الأرض ، وقد جاء في الحديث.

( خفق )

فِي الْحَدِيثِ « يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي خَفْقَةٍ مِنْ الدِّينِ وَإِدْبَارٍ مِنْ الْعِلْمِ ». أي ضعف من الدين وقلة أهله من خَفَقَ الليلُ : إذا ذهب أكثره ، أو من خَفَقَ إذا نعس.

وقيل من الخُفُوقِ وهو الاضطراب.

وَفِيهِ « سَأَلْتُهُ عَنْ الْخَفْقَةِ وَالْخَفْقَتَيْنِ ».

الخَفْقَةُ كضَرْبَةٍ : تحريك الرأس بسبب النعاس يقال خَفَقَ برأسه خَفْقَةً أو خَفْقَتَيْنِ إذا أخذته سنة من النعاس ، فمال برأسه دون سائر جسده.

ومنه حَدِيثُ الصَّحَابَةِ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه واله « وَلَمْ يَكُنْ إِلَّا كَلَمْحَةٍ مِنْ خَفْقَةٍ أَوْ وَمِيضٍ مِنْ بَرْقَةٍ إِلَى أَنْ رَجَعُوا عَلَى الْأَعْقَابِ ».

١٥٤

وَفِي حَدِيثِ إِمَامِ الْجَمَاعَةِ « أَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِ ». بفتح المعجمة وسكون الفاء أي أصواتها.

والخَفْقُ : صوت النعل.

ومنه حَدِيثُ الْمَيِّتِ « إِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ حِينَ يُوَلُّونَ عَنْهُ ».

أي يسمع صوت نعالهم على الأرض أي صوت مباشري دفنه وغيرهم عند دوسها على الأرض.

وخَفَقَ قلبُ الرجل : إذا اضطرب.

ومنه خَفَقَتِ الرايةُ.

وخَفَقَ النجمُ خُفُوقاً : إذا غاب.

وقولهم : وردت خُفُوق النجم أي وقت خفوق الثريا تجعله ظرفا وهو مصدر.

وخَفَقَتِ الريحُ : إذا سمع دوي جريه.

وخَفَقَ الطائرُ : إذا طار ، وخَفَقَانُهُ : اضطراب جناحيه.

وخَفَقَهُ خَفْقاً : إذا ضربه بشيء عريض كالدرة.

والخَافِقَانِ : جانبا الجو من المشرق إلى المغرب.

وقوله : ما اطرد الخَافِقَانِ أي ما بقيا واطرادهما : بقاؤهما.

والخَافَقَانِ : السماء والأرض.

وَمِنْهُ « مَنْكِبَا إِسْرَافِيلَ يَحُكَّانِ الْخَافِقَيْنِ ».

وخَوَافِقُ السماءِ : الجهات التي تخرج منها الرياح الأربع.

وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ « سَقْياً مُتَتَابِعاً خُفُوقُهُ ».

أي اضطرابه من قولهم خَفَقَ البرقُ : إذا اضطرب.

وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ شِمْرٍ « رَأَيْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه السلام وَعَلَيْهِ بُرْدٌ مُخْفِقٌ وَهُوَ مُحْرِمٌ » وهذه أظهر نسخة في هذا الباب وكأن المراد به : اللامع من خَفَقَ الرجلُ بثوبه أي لمع به.

( خلق )

قوله تعالى هو الذي خَلَقَ الإنسانَ من طين (١) قال الفخر الرازي : إن

__________________

(١) هكذا في النسخ والصحيح في الآية قوله تعالى : ( وبدأ خلق الإنسان من طين ) [ ٣٢ / ٧ ].

١٥٥

الإنسان مَخْلُوقٌ من المني ودم طمث وهما يتوالدان من الدم ، والدم إنما يتولد من الأغذية ، والأغذية إما حيوانية أو نباتية فإن كانت حيوانية فالحال في تولد ذلك الحيوان كالحال في تولد الإنسان فبقي أن تكون نباتية ، فالإنسان مخلوق من الأغذية النباتية ، ولا شك أنها متولدة من الطين فيكون هو أيضا متولدا من الطين.

قوله ( خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) [ ٧ / ١١ ]رُوِيَ أَنَّ إِبْلِيسَ قَاسَ نَفْسَهُ بِآدَمَ فَقَالَ ( خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) وَلَوْ قَاسَ الْجَوْهَرَ الَّذِي خَلَقَ اللهُ مِنْهُ آدَمَ بِالنَّارِ كَانَ ذَلِكَ أَكْثَرَ نُوراً وَضِيَاءً مِنَ النَّارِ.

قوله ( لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ) [ ٣٠ / ٣٠ ] قيل أي دينه.

ومثله ( فَلَيُغَيِّرُنَ خَلْقَ اللهِ ) [ ٤ / ١١٩ ] أي دينه يعني الأحكام.

قوله ( وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ) [ ٦ / ٩٤ ] أي قدرتنا على حشركم كقدرتنا على خلقكم ، وقد مر في ( فرد ) مزيد بحث في الآية.

قوله ( اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ) [ ٢٩ / ٤٤ ]

عَنْ الْبَاقِرِ عليه السلام إِنَّ اللهَ خَلَقَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ النَّارَ ، وَخَلَقَ الطَّاعَةَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْمَعْصِيَةَ ، وَخَلَقَ الرَّحْمَةَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْغَضَبَ ، وَخَلَقَ الْخَيْرَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الشَّرَّ ، وَخَلَقَ الْأَرْضَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاءَ ، وَخَلَقَ الحَيَاةَ قَبْلَ الْمَوْتِ ، وَخَلَقَ الشَّمْسَ قَبْلَ الْقَمَرِ ، وَخَلَقَ النُّورَ قَبْلَ الظُّلْمَةِ.

قوله ( إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ ) [ ٢٦ / ١٣٧ ] بسكون اللام يريد مذهبهم وما جرى عليه أمرهم وعادتهم.

والخُلُقُ بضمتين : السجية والجمع أَخْلَاقٌ.

ويقال ( خُلُقُ الْأَوَّلِينَ ) أي اخْتِلَاقُهُمْ وكذبهم.

قوله ( هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ ) [ ٥٩ / ٢٤ ] فالخَالِقُ هو المقدر لما يوجده ، والبارئ المميز بعضه عن بعض بالأشكال المختلفة والمصور الممثل.

١٥٦

قال بعض الأعلام : قد يظن أن الخَالِقُ والبارئ والمصور ألفاظ مترادفة ، وأن الكل يرجع إلى الخَلْقِ والاختراع ، وليس كذلك بل كلما يخرج من العدم إلى الوجود مفتقر إلى تقديره أولا ، وإيجاده على وفق التقدير ثانيا ، وإلى التصوير بعد الإيجاد ثالثا ، فالله تعالى خَالِقٌ من حيث هو مقدر ، وبارئ من حيث هو مخترع ، وموجد ومصور من حيث إنه مرتب صور المخترعات أحسن ترتيب.

قوله ( فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ) [ ٢٣ / ١٤ ] أي المقدرين إذ لا تعدد في الخالق وهو كلي ذو إفراد فرضا.

والخَلَاقُ كسَلَام : النصيب.

والِاخْتِلَاقُ : الكذب المخترع.

ومنه قوله تعالى ( إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ ) [ ٣٨ / ٧ ] أي ما هذا إلا كذب تخترعونه اختراعا.

وخَلَقَ الإفكَ واخْتَلَقَهُ وتَخَلَّقَهُ : افتراه.

ومنه قوله ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً ) [ ٢٩ / ١٧ ].

قوله مُخَلَّقَةٍ [ ٢٢ / ٥ ] أي مصورة ومخلوقة تامة غير ناقصة ولا معيوبة.

( وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ) بخلافه كالسقط ، فيتفاوت الناس لذلك في خلقهم وصورهم ونقصانهم.

وفي الحديث ذكر « الخَلُوقِ » هو كرَسُول على ما قيل : طيب مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب والغالب عليه الصفرة أو الحمرة.

ومنه الْحَدِيثُ « وَتَحْشُوهَا الْقَابِلَةُ بِالْخَلُوقِ ».

وفِيهِ « قِيَامُ اللَّيْلِ تُمْسِكُ بِأَخْلَاقِ النَّبِيِّينَ ».

أي بسجاياهم وعاداتهم.

والخُلُقُ : السجية.

وَمِنْهُ « وَأَكْرَهُ أَنْ أَتَّخِذَ ذَلِكَ خُلُقاً ».

أي عادة وطبعا.

والخُلُقُ : كيفية نفسانية تصدر عنها الأفعال بسهولة.

وَفِيهِ « مِنْ صِفَاتِ أَهْلِ الدِّينِ حُسْنُ الْخُلُقِ ».

١٥٧

وَفِيهِ « لَيْسَ شَيْءٌ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ ».

هو بضم لام وسكونها : الدين والطبع والسجية.

وفسر في الحديث بأن تلين جناحك وتطيب كلامك وتلقى أخاك ببشر.

وعن بعض الشارحين : حقيقة حسن الخُلُقِ أنه لصورة الإنسان الباطنة وهي نفسه وأوصافها ومعانيها المختصة بها بمنزلة الخلق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها ولها أوصاف حسنة وقبيحة ، والثواب والعقاب يتعلقان بأوصاف الصورة الباطنة أكثر مما يتعلقان بأوصاف الصورة الظاهرة ولهذا تكرر مدح حسن الخُلُقِ وذم سوئه في الأحاديث.

وَفِي الْأَحَادِيثِ « مِنْ سَعَادَةِ الرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ يُعْرَفُ فِيهِ شِبْهُ خَلْقِهِ وَخُلُقِهِ ».

وفلان يَتَخَلَّقُ بغير خلقه أي يتكلفه.

والخِلْقَةُ : الفطرة.

والخَلِيقَةُ : الطبيعة والجمع الخَلَائِقُ.

ومنه قول بعضهم (١) :

ومهما يكن عند امرئ من خَلِيقَةٍ

وإن خالها تخفى على الناس تعلم

وَفِي حَدِيثِ الْخَوَارِجِ « هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ ».

قال بعض الشارحين : الخَلْقُ الناس ، والخَلِيقَةُ البهائم.

وقيل هما بمعنى ، ويريد بهما جميع الخَلَائِقِ.

يقال هم خَلْقُ اللهِ وخَلِيقَةُ اللهِ.

وفلان خَلِيقٌ بكذا أي جدير.

وَقَوْلُهُ عليه السلام « مَا أَخْلَقَكَ أَنْ تَمْرَضَ سَنَةً ».

كأن المعنى ما أليق بك وأجدر بك ذلك.

وخَلُقَ الثوبُ بالضم : إذا بَلِيَ فهو خَلَقٌ بفتحتين.

وأَخْلَقَ الثوبُ مثله.

وثوب أَخْلَاقٌ : إذا كان الخُلُوقَةُ فيه كله.

واخْلَوْلَقَ الأجلُ : إذا تقادم عهده.

__________________

(١) هو زهير بن أبي سلمى المري وهذا البيت من قصيدته التي كانت إحدى المعلقات السبع.

١٥٨

وَفِي الْحَدِيثِ « خَلَقْتُ الْخَيْرَ وَأَجْرَيْتُهُ عَلَى يَدَيْ مَنْ أُحِبُّ ، وَخَلَقْتُ الشَّرَّ وَأَجْرَيْتُهُ عَلَى يَدَيْ مَنْ أُرِيدُهُ ».

المراد بخَلْقِ الخير والشر خَلْقُ تقدير لا خَلْقُ تكوين.

ومعنى خَلْقِ التقدير : نقوش في اللوح المحفوظ.

ومعنى خَلْقِ التكوين وجود الخير والشر في الخارج ، وهو من فعلنا.

ومثله « إِنَّ اللهَ خَلَقَ السَّعَادَةَ وَالشَّقَاوَةَ » وبهذا يندفع ما يقال : إنه ورد في النقل الصحيح أنه خَالِقُ الخير والشر.

وكذا قوله تعالى بعد ذكر الحسنة والسيئة ( قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ ) [ ٤ / ٧٨ ] على أنه ممكن أن يراد بالخير ما كان ملائما للطباع كالمستلذ من المدركات ، وبالشر ما لا يلائم كخلق الحيات والعقارب والمؤذيات ، فإنها تشتمل على حكمة لا نعلم تفصيلها.

وقد تقدم في ( سوا ) مزيد بحث في هذا.

وَفِي حَدِيثِ أَوَّلِ مَا خَلَقَ اللهُ تَعَالَى « وَلَوْ كَانَ أَوَّلُ مَا خَلَقَ مِنْ خَلْقِهِ الشَّيْءَ مِنَ الشَّيْءِ إِذاً لَمْ يَكُنْ لَهُ انْقِطَاعٌ أَبَداً ، وَلَمْ يَزَلِ اللهُ وَمَعَهُ شَيْءٌ لَيْسَ هُوَ يَتَقَدَّمُهُ ».

قال بعض الشارحين : فيه رد على ما زعمته الفلاسفة ومن تابعهم أن كل حادث مسبوق بمادة ، ولو صح ذلك للزم محالان : أحدهما التسلسل في جانب المبدإ.

والثاني خلاف ما أجمعت عليه البراهين القطعية

( خنق )

قوله تعالى ( وَالْمُنْخَنِقَةُ ) [ ٥ / ٣ ] هي التي تَخْنُقُ فتموت ، ولا تدرك ذكاتها.

وَفِي الْحَدِيثِ « الْمُنْخَنِقَةُ هِيَ الَّتِي انْخَنَقَتْ بِأَخْنَاقِهَا حَتَّى تَمُوتَ ».

وفِيهِ « اطْلُبْ لِنَفْسِكَ أَمَاناً قَبْلَ أَنْ تَأْخُذَكَ الْأَظْفَارُ ، وَيَلْزَمَكَ الْخِنَاقُ » الخِنَاقُ بالكسر : حبل يُخْنَقُ به واستعير هنا للموت ، ولا بعد أن يراد بالأظفار هنا المنية كما في قوله :

١٥٩

وإذا المنية أنشبت أظفارها

ألفيت كل تميمة لا تنفع (١)

و خَنَقَهُ يَخْنُقُهُ من باب قَتَلَ وخَنِقَ من باب تَعِبَ : اغتاض.

والخَنِقُ بكسر النون : مصدر قولك خَنَقَ يَخْنُقُ ومنه الخُنَاقُ والخُنَاقُ كغُرَاب : داء يمنع منه نفوذ النفس إلى الرية والقلب.

والمِخْنَقَةُ بكسر الميم : القلادة ، وسميت بذلك لأنها تطيف بالعنق وهو موضع الخَنْقِ.

( خندق )

الخَنْدَقُ : نهر الكوفة وقد جاء في الحديث.

باب ما أوله الدال

( دبق )

الدِّبْقُ بالكسر : شيء يلتزق كالفراء يصاد به الطير.

والدَّيْبَقِيُ بفتح الباء من ثياب مصر.

( درق )

فِي الْحَدِيثِ « لَوْ عَلِمَ النَّاسُ مَا فِي الْمِلْحِ لَاخْتَارُوهُ عَلَى الدِّرْيَاقِ الْمُجَرَّبِ ».

الدِّرْيَاقُ لغة في الترياق : دواء السموم فارسي معرب.

وفيه « الدَّرَقَةُ » بفتحتين : الترس.

وفيه الدَّرْقُ بالفتح فالسكون ، وهو مكيال معروف يسع على ما قيل أربعة أمنان ، والجرة ذات العروة يسمى دَوْرَقاً أيضا.

ومنه الْحَدِيثُ « لَوْ رَعَفْتُ دَوْرَقاً لَكَانَ كَذَا ».

( دعق )

فِي الْحَدِيثِ « مَا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ

__________________

(١) البيت من قصيدة ( لأبي ذؤيب الهذليّ ) واسمه ( خويلد بن خالد ) يرثي بها بنيه الخمسة وقد ماتوا بالطّاعون في يوم واحد.

١٦٠