جواهر الفقه

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

جواهر الفقه

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩١

٢٢٥ ـ مسألة : هل يجوز أن يسلم في ثوب على صفة خرقة أحضرها أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأنه يجوز في الخرقة ان يهلك ، فيصير مجهولا. (١)

٢٢٦ ـ مسألة : إذا أسلف في مخيض ، هل يجوز ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن فيه ماء ، لأن الزبد (٢) لا يخرج الا بالماء ، فلا يمكن المعرفة بمقدار اللبن.

٢٢٧ ـ مسألة : هل يجوز ان يسلف به في القز أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن دودة فيه ، وهو غير مقصود. ولا فيه مصلحة ، لأنه ان ترك فيه أفسده ، لأنه يقرضه ويخرج منه ، وان كان يابسا ومات الدود فيه ، لم يجز بيعه أيضا ، لأنه ميتة.

٢٢٨ ـ مسألة : هل يجوز بيع الترياق أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن فيه لحم الأفاعي ، وإذا قتلت كانت نجسة بلا خلاف ، وبيع ذلك والسلف فيه أيضا لا يجوز.

٢٢٩ ـ مسألة : إذا أسلف في شي‌ء ، فقال له غيره قبل قبضه : شاركني في نصفه بنصف الثمن ، أو ولني جميعه بجميع ذلك ، أو نصفه بنصف الثمن ، هل يجوز ذلك أم لا؟

الجواب : الشركة والتولية إذا كانت على الوجه المذكور قبل القبض للمتسلف فيه غير جائزة ، لأن رسول الله (ص) نهى عن بيع ما لم يقبض وقال :

من أسلف في شي‌ء فلا يصرفه الى غيره (٣). وأراد قبل القبض ، لأنه إذا قبضه ، صح ذلك فيه بغير إشكال.

٢٣٠ ـ مسألة : إذا قال المسلم اليه لمن أسلم : زدني شيئا حتى أقدم لك ذلك ، هل يجوز أم لا؟

__________________

(١) ربما الصحيح ان تهلك بالتأنيث لا التذكير وكذلك تصير بالتأنيث أيضا.

(٢) الزبد : زبد السمن. وهو ما خلص من اللبن إذا مخض ـ لسان العرب.

(٣) سنن ابى داود ج ٣ ص ٢٧٦ كتاب البيوع ج ٣٤٦٨

٦١

الجواب : لا يجوز ذلك بغير خلاف.

٢٣١ ـ مسألة : هل يجوز السلف في الجوهر مثل : اللؤلؤ والياقوت والزبرجد والفيروزج والعقيق وما يجرى مجرى ذلك ، أم لا يجوز؟

الجواب : لا يجوز السلف في ذلك ، لأنه ممن يتباين تباينا شديدا في صغر وكبر وصفاء وتدوير وغير ذلك ، ولا ينضبط بصفة ، وما كان كذلك فلا يجوز السلف فيه.

٢٣٢ ـ مسألة : هل يجوز السلف في النبل المعمول (١) أم لا؟

الجواب : لا يجوز السلف في ذلك ، لأنه من الآلات المجموعة من خشب وحديد وريش وما يلف عليه أيضا ، ولا يمكن ضبط ذلك بصفة ، وما كان كذلك ، فلا يجوز السلف فيه.

٢٣٣ ـ مسألة : هل يجوز السلف في قصب السكر ، خرما (٢) أو عددا ، أو لا يجوز ذلك؟

الجواب : لا يجوز السلف فيه على هذا الوجه ، لأنه يتباين في كبره وصغره ، ولا ينضبط بصفة ، ولا يجوز السلف فيه الا وزنا.

٢٣٤ ـ مسألة : إذا اختلف المسلم والمسلم إليه في قدر الثمن ، أو قدر المبيع ، أو في الأجل ، أو في مقداره ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم في ذلك ، ان القول في جميعه الا الثمن ، قول البائع مع يمينه ، وفي الثمن ، قول المشتري مع يمينه ، ان لم تحضر لهما بينة ، لأن البائع مدع على المشتري في ذلك ، والمشتري مدعى عليه في الثمن ، فان اتفقا على الأجل وقدره واختلفا في انقضائه : فقال المشتري : قد انقضى الأجل ، ووجب لي ما أسلفت فيه ، وقال البائع : لم ينقض ذلك ، ولا وجب لك ما ذكرته ، كان القول ، قول البائع مع يمينه ان لم يحضر بينة ، لأن الأصل بقاء الأجل ، وعلى من يدعى انقضائه البينة.

__________________

(١) النبل : السهام العربية مجمع البحرين.

(٢) اي مجموعا ومشدودا بعضه الى بعض.

٦٢

٢٣٥ ـ مسألة : إذا أمر إنسان مملوكا لغيره بان يبتاع نفسه له من سيده ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأنه لا يملك من نفسه شيئا فيكون وكيلا في ذلك ولا غيره.

٢٣٦ ـ مسألة : إذا قال : اشتريت منك احد هذه المماليك بكذا ، أو أحدا من هذين المملوكين بكذا ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأنه مجهول.

٢٣٧ ـ مسألة : إذا باع من انسان ثوبا أو عبدا وهرب المشتري قبل دفع الثمن إلى البائع ، ما حكمه؟

الجواب : إذا هرب هذا المشتري فلا يخلو من ان يكون هربه بعد حجر عليه وتفليس ، أو لا يكون كذلك ، فان كان بعد الحجر ، كان البائع مخيرا في عين ماله بفسخ البيع ، وإذا لم يكن هربه بعد حجر ، اثبت البائع ذلك عند الحاكم ، ثم ينظر الحاكم ، فان وجد لهذا المشتري مالا غير المبيع ، وفاه منه ، وان لم يجد ذلك ، باع المبيع ووفاة في ثمنه ، وان كان الثمن مساويا لما له برأ المشتري من ثمن ما اشتراه ، وان كان أقل من ذلك ، بقي الباقي عليه ، إذا رجع طالبه به ، وان كان أكثر ، يقدم الحاكم ، ويحفظه له ، فإذا عاد دفع إليه.

٢٣٨ ـ مسألة : إذا كان لرجلين مملوكان ، لكل واحد منهما واحد بانفراده ، فباعاهما من انسان بثمن واحد ، هل يصح ذلك البيع أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن هذا العقد بمنزلة عقدين ، لأنهما العاقدان ، وثمن كل واحد منهما مجهول ، لأنه ينقسط على قدر قيمتهما ، وذلك مجهول ، والثمن إذا كان مجهولا ، بطل العقد ، وليس يرجع علينا مثل ذلك في المملوكين إذا كانا لواحد ، وباعهما بثمن معلوم ، لأن ذلك يصح عندنا ، لأنه يكون عقدا واحدا ، وانما لم يصح الأول من حيث كانا عقدين ، فافترق الموضعان.

٦٣

باب مسائل تتعلق بالرهن :

٢٣٩ ـ مسألة : هل يجوز أخذ الرهن على مال الكتابة أم لا يجوز؟

الجواب : الكتابة ان كانت مشروطا فيها ، فلا يجوز أخذ الرهن على المال المتعلق بها ، لأن للعبد الامتناع ، وإذا امتنع من هذا المال ، كان لسيده رده الى الرق ، وعلى هذا لا يحتاج الى الرهن ، وأيضا فللعبد إسقاطه عن نفسه متى شاء ، فهو غير ثابت في الذمة ، وإذا لم يكن ثابتا لم يصح أخذ الرهن عليه.

٢٤٠ ـ مسألة : إذا استأجر إنسانا اجارة متعلقة بعينه : مثل ان يستأجره ليعمل له بنفسه عملا ، أو يخدمه ، هل يجوز له أخذ الرهن على ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن الرهن إنما يؤخذ على حق ثابت في الذمة ، وهذا غير ثابت في ذمة الأجير ، وانما هو متعلق بعينه ، ولا يقوم عمل غيره مقام فعله.

٢٤١ ـ مسألة : إذا استأجر إنسانا على عمل في ذمته : مثل أن يخيط له خياطة ، أو غير ذلك مما يجرى هذا المجرى ، هل يجوز له أخذ الرهن عليه أم لا؟

الجواب : يجوز ذلك ، لأنه ثابت في ذمته ، لا يتعلق بعينه فله ان يخيط بنفسه أو بغيره ، وإذا هرب جاز بيع الرهن ، واستيجار غيره بذلك ، ليحصل له العمل.

٢٤٢ ـ مسألة : إذا قال لغيره : رهنتك كذا على ان تقرضنى دينارا أو درهما في غد ، هل ينعقد الرهن أم لا؟

٦٤

الجواب : لا ينعقد ذلك الرهن ، لأن الرهن انما ينعقد بعد لزوم الحق ، وهذا قبل لزومه ، فلا يصح انعقاده.

٢٤٣ ـ مسألة : إذا كان في سفينة ، فقال لإنسان : الق متاعك في البحر ، وعلى ضمان قيمته ، هل يصح ذلك ، ويلزمه الضمان أم لا؟

الجواب : يصح ذلك ويلزمه الضمان ، لأنه يكون بدل ما له ، ويكون غرضه التخفيف ، وسلامة النفوس.

٢٤٤ ـ مسألة : إذا اذن الراهن للمرتهن بقبض الرهن ، ثم جن ، أو أغمي عليه ، هل يجوز للمرتهن قبض الرهن أم لا يجوز؟

الجواب : يجوز له قبضه ، لأن ذلك لزمه بالإيجاب والقبول.

٢٤٥ ـ مسألة : إذا اذن الراهن للمرتهن في قبض الرهن ، هل يجوز له الرجوع عن هذا الأذن ، ومنعه من قبضه أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن الإيجاب والقبول ، أوجب قبض الرهن ، فله قبضه على كل حال ، ولا يجوز للراهن ذلك.

٢٤٦ ـ مسألة : إذا رهنه شيئا ثم خرس الراهن ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم فيه ، انه إذا كان هذا الراهن يحسن الكتابة ، أو يعقل الإشارة ، فكتب أو أشار بالأذن جاز ، لأن ذلك يقوم مقام النطق ، وان كان لا يحسن الكتابة ، ولا يعقل الإشارة ، لم يجز للمرتهن قبض الرهن ، لأنه يفتقر في ذلك الى رضاه ، ولا سبيل له الى ذلك ، وكان على وليه تسليم الرهن الى المرتهن ، لأن بالعقد قد وجب ذلك.

٢٤٧ ـ مسألة : إذ آجر الرهن من صاحبه ، أو اعاره ، فكان ذلك قبل قبض الرهن أو بعده ، فهل ينفسخ الرهن أم لا؟

الجواب : ليس للمرتهن التصرف في الرهن ، فلا يجوز له ان يوجره ولا يعيره ، فان فعل ذلك لم ينفسخ الرهن ، لأن استدامة القبض ليست شرطا في الرهن. وان استحقت اجرة بذلك ، فهي للراهن ، وليس للمرتهن فيها شي‌ء.

٢٤٨ ـ مسألة : إذا رهن جارية ، وأقر بأنه وطأها ، فظهر بها حمل ، أو لم

٦٥

يظهر ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا ظهر بهذه الجارية حمل ، وولدت لأقل من ستة أشهر من وقت الوطأ ، فان الولد مملوك ، ولا يلحق به ، لأنه لا يجوز ان يكون من الوطأ الذي أقربه ، ونسب ولد هذه الجارية لا يثبت الا من وطأ يقر به ، من غير خلاف ، فان ولدته لستة أشهر ، أو أكثر ، إلى تسعة أشهر ، كان الولد حرا ، وثبت نسبه منه ، ورهن الجارية ثابت ، لا يخرج بذلك عنه عندنا.

٢٤٩ ـ مسألة : إذا رهن عند غيره مملوكا ، فضربه المرتهن فمات ، هل تجب عليه قيمته أم لا؟

الجواب : ان كان الراهن اذن له في ضربه ، لم تجب عليه قيمته ، لأنه أتلفه باذنه ، وان لم يكن الراهن اذن له في ضربه ، كانت عليه القيمة.

٢٥٠ ـ مسألة : إذا رهن جارية ، وقبضها المرتهن ، هل له وطأها أم لا؟

الجواب : لا يجوز له ذلك بغير خلاف ، لأنه ربما أحبلها ، فنقصت قيمتها ، أو ماتت عند الولادة.

٢٥١ ـ مسألة : إذا كان الخمر مما لا يصح تملكها بغير خلاف ، فما القول فيها ان رهنها فانقلبت في يد المرتهن خلا ، هل يصح مع ذلك رهنها أو لا يصح فان لم يصح ، فهل يكون ملكا للراهن أو للمرتهن أولهما جميعا؟

الجواب : إذا رهن خمرا لم يصح ذلك ، لأن صحة الرهن تتبع الملك ، والخمر ليست مملوكة ، ولا يصح رهنها ، فان رهنها وانقلبت خلا في يد المرتهن ، كانت ملكا للذي انقلبت في يده خلا ، ولم يجز ان يكون ملكا للراهن ، ولا ان يكون شريكا للآخر فيها ، لأنه لما رهنها ، لم يرهن ما هو ملك له ، فلا يصح عودها الى ملكه لما انقلبت خلا.

٢٥٢ ـ مسألة : إذا رهنه عصيرا فانقلب في يد المرتهن خمرا ، هل يصح بقائها رهنا أم لا؟ فان قلت : يصح بقائها رهنا ، قيل لك : كيف يصح ثبوت الرهن في الخمر ، وقد خرجت عن الملك ، وان قلت : لا يصح ، قيل لك : فما القول ان عادت خلا؟

٦٦

الجواب : إذا رهنه عصيرا ، فقد رهنه ما يتملك ، بغير خلاف ، وإذا انقلب في يد المرتهن خمرا ، فقد خرج بذلك عن ملكه ، وإذا عادت خلا عاد ملكه كما كان في حال الارتهان ، وثبت كونه رهنا ، لأن الرهن يتبع الملك.

والفرق بين هذه المسألة ، والمسألة التي تقدمتها ، انه لما كان رهنها خمرا ، كان راهنا لما ليس ملكا له على حال من الأحوال ، فإذا عادت خلا لم يعد بذلك الى ملك ، كان له على حال ، فإذا رهن العصير فقد رهن ما هو ملك له ، فإذا عاد خمرا ثم عادت خلا ، فقد عادت على (١) ما كان عليه من الملك ، وثبت كونه رهنا.

٢٥٣ ـ مسألة : إذا اختلف المتراهنان : فقال المرتهن : أرسلت رسولك برهن عندي بمأة ، وقد فعل ، وقال الراهن : ما أذنت إلا في خمسين ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : القول في ذلك ، قول الراهن مع يمينه ، لأن الأصل انه لم يرهن ، فان شهد (٢) الرسول لأحدهما ، لم تقبل شهادته ، لأنه شهد على فعل نفسه ، وإذا شهد كذلك ، لم تقبل شهادته.

٢٥٤ ـ مسألة : إذا كان في يده قميص ، فقال : هو رهن عندي رهنته ، أو رهنه رسولك بإذنك ، وقال الأخر : ما رهنته ، ولم اذن في رهنه ، وانما رهنت العبد ، أو أذنت في رهنه ، وقد قتلته وعليك قيمته ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : القول قول الراهن مع يمينه بالله في القميص ، والقول قول المرتهن في العبد ، لأن الأصل في القميص انه غير مرهون ، والأصل براءة ذمة المرتهن مما يدعيه الراهن من قيمة العبد.

٢٥٥ ـ مسألة : إذا اختلفا في عبد وقميص : فقال الراهن : العبد رهن عندك ، والقميص وديعة ، وأنا مطالب لك برد القميص. وقال المرتهن : بل القميص رهن عندي ، والعبد وديعة ، وليس لك مطالبتي برد القميص ، ما

__________________

(١) وفي نسخة : عادت الى ما كان.

(٢) وفي نسخة : وإذا شهد.

٦٧

الحكم بينهما في ذلك؟

الجواب : الحكم بينهما في ذلك ، ان العبد بجحود المرتهن لكونه رهنا ، قد خرج من الرهن ، واما القميص فهو يدعى رهنه ، وصاحبه ينكر ذلك ، والقول قول الراهن مع يمينه ، لأن الأصل انه غير رهن ، وعلى المرتهن البينة فيما ادعاه.

٢٥٦ ـ مسألة : إذا كان له على غيره مال الى أجل ، فرهنه رهنا على ان يزيده في الأجل ، هل يجوز ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، والحق ثابت إلى الأجل المضروب له كما كان ، والزيادة في الأجل لا تصح ، لأنه لا دليل على ذلك ، فيقال بصحته.

٢٥٧ ـ مسألة : إذا اختلفا في الرهن ، أو اتفقا فيه واختلفا في مقدار الحق : فقال المرتهن : رهنتني عبدين. وقال الراهن : رهنتك أحدهما ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا على ما ذكر ، كان القول قول الراهن مع يمينه ، لأن الأصل انه لم يرهنه العبد الثاني. وان اتفقا في الرهن ، فقال المرتهن : رهنتهما عندي على مأة ، وقال الراهن : بل رهنتهما على خمسين ، كان القول قول الراهن أيضا مع يمينه ، لأن الأصل انه لم يرهنه فيما زاد على ما أقر به.

٢٥٨ ـ مسألة : إذا كان له على غيره دين فرهنه بذلك داره ، وجعلت في يد المرتهن ، ثم اختلفا ، فقال الراهن : ما سلمتها إليك رهنا ، وانما استأجرتها ، أو غصبتها مني ، أو استأجرها منى انسان وأنزلك فيها ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم فيه ، ان القول قول الراهن مع يمينه ، لأن الأصل عدم الأذن والرضا بتسليم ذلك رهنا.

٢٥٩ ـ مسألة : إذا قال انسان لآخر : من رد مملوكي فله دينار ، هل يجوز له أخذ الرهن على ذلك أم لا؟

الجواب : اما بعد رد المملوك ، فيجوز أخذ الرهن عليه ، لأنه يأخذه على ما قد استحقه ، واما قبل الرد فلا يجوز ، لأن الراهن إنما يؤخذ على ما يستحقه المرتهن ، وقبل الرد لم يستحق شيئا ، ولا يجوز أخذ الرهن على ذلك.

٦٨

٢٦٠ ـ مسألة : إذا جنى المملوك جناية ، عمدا أو خطأ ، هل يصح رهنه أم لا؟

الجواب : لا يصح رهنه ، لأنه جنايته ان كانت عمدا ، فقد استحقه المجني عليه بها ، وان كانت خطأ تعلق الأرش برقبته.

٢٦١ ـ مسألة : إذا اتفق المتراهنان على ان يكون الرهن على يد عدل ، ووكل الراهن العدل في بيعه عند حلول الحق ، ثم جنى انسان على الرهن جناية ، أوجبت أخذ القيمة منه ، وجعلت عند العدل عوضا عن الرهن ، وحل أجل الحق ، هل يجوز للعدل بيع القيمة المذكورة أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن الراهن انما وكله في بيع نفس الرهن ، ولم يوكله في بيع غيره ، وأيضا فبيع هذه القيمة يفتقر فيه الى دليل ، ولا دليل على ذلك.

٦٩

باب مسائل تتعلق بالضمان :

٢٦٢ ـ مسألة : إذا كان عليه دين مؤجل ، فضمنه عنه انسان بامره ، ثم مات هذا الضامن في الحال ، أو قبل حلول الأجل ، فهل يحل المال في تركة الضامن ، أو يصير به الى الأجل؟

الجواب : إذا مات هذا الضامن حل هذا الدين في تركته ، وكان لصاحب الحق مطالبة وارثه بذلك ، وليس لهذا الوارث الرجوع على المضمون عنه بذلك ، حتى يحل الأجل ، لأن الدين مؤجل عليه ، ولا تجوز مطالبته به قبل حلوله.

٢٦٣ ـ مسألة : إذا اشترى انسان من غيره أرضا ، وضمن البائع للمشتري قيمة ما يحدثه ، في هذه الأرض من غرس وبناء وقال : بالغا ما بلغ ، أو قال : من درهم الى ألف ، أو من دينار الى مأة. هل يجوز ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأنه مجهول وضمان ما لم يجب ، وما كان من الضمان كذلك ، فهو غير صحيح ، وهذا متى شرطه في نفس البيع أو مدة الخيار ، بطل البيع. وان شرطه بعد انقطاع الخيار لم يؤثر في البيع.

٢٦٤ ـ مسألة : إذا قال لغيره : تكفل بفلان ، فان له خصما بلا ذمة (١) ، فتكفل به ، فهل تكون الكفالة على المأمور بها ، أو على الأمر؟

الجواب : الكفالة ها هنا على المأمور بها ، لأن الأمر غير مكره للمأمور ، وإذا

__________________

(١) وفي نسخة : يلازمه.

٧٠

كان كذلك ، فما تكفل به الا باختياره ، فكانت عليه لا على الأمر.

٢٦٥ ـ مسألة : إذا تكفل بدين رجل ، ثم ادعى الكفيل ان المكفول له قد ابرأ المكفول به من الدين ، وانه قد برأ من الكفالة ، وأنكر المكفول له ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : الحكم فيه ، ان القول قول المكفول له مع يمينه ، وعلى الكفيل البينة ، لأنه مدع ، والأصل بقاء كفالته ، فان حلف ثبتت كفالته على الكفيل ، وان نكل عن اليمين ، ردت على الكفيل ، فإذا حلف برأ من الكفالة ولم يبرأ المكفول به ، لأنه لا يصح ان يتبرأ بيمين غيره ، وانما يحلف الكفيل على ما يدعى عليه من الكفالة.

٢٦٦ ـ مسألة : إذا كان له على رجلين مأة درهم ، على كل واحد منهما خمسون درهما ، فقال له انسان آخر : تكفلت لك ببدن أحدهما ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن ذلك مجهول.

٢٦٧ ـ مسألة : إذا كان له على رجلين مأة درهم ، على كل واحد منهما خمسون درهما ، فقال له انسان آخر : تكفلت لك ببدن « زيد » على اننى إن جئت به ، والا فأنا كفيل بـ « عمرو » هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأنه لم يلتزم إحضار « زيد » ولم يقطع به ، والكفالة توجب الإحضار والتسليم من غير تخيير ، فلم تصح الكفالة بـ « زيد » ولا تصح بـ « عمرو » أيضا فإنه علقها بشرط ، وهو ان لم يأت بـ « زيد » والكفالة لا تجوز أن تتعلق بشرط.

٢٦٨ ـ مسألة : إذا قال الكفيل للمكفول له : تكفلت ببدنه ولا حق لك عليه ، وأنكر المكفول له ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : القول ، قول المكفول له مع يمينه ، لأن الظاهر صحة الكفالة ، والكفيل مدع لما يبطلها.

٢٦٩ ـ مسألة : إذا تكفل اثنان لأخر ببدن انسان ، وسلمه الواحد منهما

٧١

الى المكفول له ، هل تبرأ ذمة الأخر من الكفالة أم لا؟

الجواب : لا تبرأ ذمة الأخر عن ذلك ، لأنه لا دليل عليه.

٢٧٠ ـ مسألة : إذا تكفل انسان ببدن آخر لاثنين ، وسلمه الكفيل إلى أحدهما ، هل تبرأ ذمته من حق الآخر أم لا تبرأ ذمته؟

الجواب : لا تبرأ ذمته من حق الأخر ، وبرائته من ذلك ، يحتاج فيها الى دليل ، ولا دليل على ذلك.

٢٧١ ـ مسألة : إذا تكفل انسان لغيره بآخر ، ثم تكفل آخر ببدن الكفيل ، ثم تكفل ببدن الثالث رابع ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : يصح ذلك ، لأن الكفيل الأول تكفل ببدن من عليه الحق ، وتكفل الثاني ببدن الكفيل وعليه حق للمكفول له من حق الكفالة ، فصح التكفيل به ، وبالجملة فإن من تكفل ببدن من يجب عليه حق مستقر لآدمي ، فان كفالته صحيحة.

٢٧٢ ـ مسألة : إذا ضمن انسان لغيره عن آخر ، مأة درهم ، وضمن المضمون عنه عن الضامن ذلك ، هل يصح هذا الضمان أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لانه ليست فيه فائدة ، وأيضا فإن المضمون عنه أصل للضامن ، والضامن فرع ، ولا يجوز ان يصير الأصل فرعا ، والفرع أصلا.

٧٢

باب مسائل تتعلق بالشركة :

٢٧٣ ـ مسألة : إذا أراد اثنان الشركة واخرج أحدهما دراهم ، واخرج الأخر دنانير ، هل تصح الشركة في ذلك أم لا؟

الجواب : لا تصح الشركة في ذلك ، لأنهما مالان متميزان ولا يختلطان ، ومن حق الشركة اختلاط المالين ، وأيضا فإن المال الذي يصح اختلاطه ، فإنه لا خلاف في صحة الشركة فيه ، وليس كذلك ما لا يختلط.

٢٧٤ ـ مسألة : إذا كان مال الشركة متساويا ، هل يجوز للشريكين التفاضل في الربح أم لا؟ وإذا كان مال الشركة متفاضلا ، هل يجوز ان يتساويا في الربح أم لا؟

الجواب : لا يجوز شي‌ء من ذلك ، لأنه إذا كان المال متساويا ، كان الربح بينهما كذلك ، وإذا كان متفاضلا ، كان الربح بينهما بحسبه ، وانما قلنا ذلك ، لأنه لا خلاف في صحة الشركة مع ذلك ، وليس كذلك خلافه.

٢٧٥ ـ مسألة : إذا كان بينهما شي‌ء ، فباعاه بثمن معين ، وكانت لكل واحد منهما مطالبة المشتري بحقه ، فإذا أخذ حقه منه ، فهل تكون للشريك الأخر شركة فيه أم لا؟

الجواب : للشريك الأخر مشاركة شريكه فيما قبضه من حقه ، لأن المال الذي في ذمة المشتري ، غير متميز ، فكل جزء يحصل منه ، فهو بين الشريكين.

٢٧٦ ـ مسألة : إذا كانت الدار وقفا على قوم ، وأرادوا قسمتها ، هل يجوز

٧٣

لهم ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن الحق لهم وللذي بعدهم ، ولا يجوز لهم تميز حقوق غيرهم ، والتصرف فيها بأنفسهم.

٢٧٧ ـ مسألة : إذا شارك اثنان لسقاء على ان يكون من أحدهما جمل ومن الأخر راوية (١) ، واستقى (٢) فيها ، على ان ما يرتفع يكون بينهم ، هل يصح ذلك أم لا ، وما الحكم فيه؟

الجواب : هذه الشركة غير صحيحة ، لأن من شرط صحة الشركة اختلاط المال ، وهذا المال لم يختلط ، فلم تصح الشركة فيه ، ولا يصح أيضا ان يكون إجارة ، لأن الأجرة فيهما غير معلومة ، فإذا كان كذلك ، كان ذلك معاملة فاسدة ، واستقى السقاء وباع الماء وحصل الكسب في يده ، كان ذلك للسقاء ، ورجع صاحب الجمل والراوية عليه بأجرة المثل.

٢٧٨ ـ مسألة : إذا أمر إنسان غيره بان يصطاد له صيدا ، فاصطاده بنية أنه للأمر ، هل يكون لمن اصطاده ، أو للأمر؟

الجواب : هذا الصيد لمن اصطاده دون الأمر ، لأنه المنفرد بحيازته ، وجرى مجرى الماء المباح في انه يملكه بالحيازة ، وفي الناس من اعتبر النية في ذلك ، والصحيح ما ذكرناه.

٢٧٩ ـ مسألة : إذا كان بين اثنين ألفا درهم ، لكل واحد منهما ألف ، فأذن أحدهما للآخر في التصرف في المال على ان يكون الربح بينهما نصفين ، هل يكون ذلك شركة في الحقيقة أم لا؟

الجواب : لا يكون ذلك شركة ، ولا قراضا أيضا ، لأنه لم يشترط على نفسه العمل ، فمن ها هنا امتنع ان يكون شركة ، ولم يشترط له جزء من الربح ، فلهذا امتنع ان يكون قراضا ، وليس بعد ذلك الا ان يكون ذلك ، بضاعة سأل أحدهما الأخر التصرف فيها. ويكون الربح فيها له.

__________________

(١) الراوية : الإبل الحامل للماء مجمع البحرين.

(٢) وفي نسخة : واستقر فيها وما في المتن هو الصحيح والمراد : قام بعمل السقي.

٧٤

٢٨٠ ـ مسألة : إذا كان بين رجلين ثلاث مأة مشتركة بينهما ، لأحدهما مأة ، وللآخر مأتان ، واذن صاحب المأتين للآخر في التصرف في المال ، على ان يكون الربح بينهما نصفين ، وان يعمل هو أيضا معه ، هل تكون الشركة صحيحة أم لا؟

الجواب : هذه الشركة لا تصح ، لأنهما شرطا بينهما التساوي في الربح مع التفاضل في المال ، وهذا لا يجوز ، فان لم يشترط العمل على نفسه ، كانت هذه الشركة ، شركة قراض ، فيكون قد قارضه على مأتين له ، على ان يكون له من ربحه الربع ، فينقسم الثلاث مأة ستة أسهم ، يكون لصاحب المأة منهما سهمان بحق ماله ، ويكون له سدس بشرط صاحب المأتين ، وهو سهم واحد ، وذلك السدس هو ربع ثلثي جميع الربح ، فيكون الربح بينهما نصفين على هذا الوجه ، وليس فيه بعد ما ذكرناه أكثر من ان تكون هذه الشركة قراضا بمال مشاع مختلط بمال المقارض.

٢٨١ ـ مسألة : إذا ادعى واحد من الشريكين على صاحبه خيانة معلومة ، مثل ان يقول له : خنتني في درهم ، أو دينار ، أو خمسة ، أو أقل من ذلك أو أكثر ، وبين الخيانة ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا ادعى احد الشريكين ذلك ، سمعت دعواه ، وكان القول قول المدعى عليه الخيانة ، في انه لم يخنه بذلك مع يمينه ، لأنه أمين ، والأصل انه لم يخن ، وانه على أمانته ، وعلى المدعى ، البينة على ما ادعاه.

٢٨٢ ـ مسألة : إذا ادعى احد الشريكين هلاك مال الشركة أو بعضه ، وأنكر شريكه ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : القول قول المدعى في هلاك المال مع يمينه ، لأنه أمين.

٢٨٣ ـ مسألة : إذا اشترك أربعة نفر في زراعة أرض ، وكانت الأرض لواحد منهم ، وللآخر الفدان (١) ، وللآخر البذر (٢) وللآخر العمل. واشترطوا

__________________

(١) الفدان بالتخفيف : الإله التي يحرث بها ـ لسان العرب.

(٢) وفي نسخة : البر ـ وكذا فيما يأتي ـ

٧٥

على ان يكون الزرع فيما بينهم ، هل تصح هذه الشركة أم لا؟

الجواب : هذه الشركة غير صحيحة ، لأن الشركة انما تصح في الأموال التي تختلط ولا تتميز بعد الاختلاط ، وهي أيضا وان لم تكن شركة صحيحة فليست إجارة ، لأن مدتها وأجرتها مجهولتان ، ولا هي أيضا مضاربة ، لأن المضاربة انما تصح على رأس مال ، يرجع اليه عند المفاضلة ، وإذا لم تكن صحيحة في شي‌ء مما عددناه ، كانت معاملة فاسدة ، وإذا كانت كذلك ، كان الزرع لصاحب البذر ، لأنه عين ماله ، الا انه نمى وزاد ، ولصاحب الأرض ، عليه اجرة مثل أرضه ، وكذلك لصاحب الفدان الرجوع عليه بمثل اجرة فدانه ، وللعامل أيضا الرجوع عليه بمثل اجرة عمله.

٢٨٤ ـ مسألة : هل يصح الغصب في الشي‌ء إذا كان مشاعا ، أو يمتنع ذلك ، لأجل أنه مشاع؟

الجواب : ليس يمتنع كون هذا الشي‌ء مشاعا من الغصب ، لأنه لا يمتنع ان يغصب انسان ذلك ، بان يمنع صاحب هذا الشي‌ء من التصرف فيه ، وان لم يمنع الشريك الأخر من التصرف في الباقي.

٧٦

باب مسائل تتعلق بالوكالات

٢٨٥ ـ مسألة : إذا ادعى الوصي الإنفاق على اليتيم ، ما الحكم فيه؟

الجواب : الحكم في ذلك ، ان القول ، قول الوصي مع يمينه ، لأنه تتعذر عليه ها هنا إقامة البينة على سائر ما ينفقه. من قليل وكثير.

٢٨٦ ـ مسألة : إذا ادعى الوصي تسليم المال الى اليتيم بعد بلوغه ، وأنكر اليتيم ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : الحكم في ذلك ، ان القول ، قول اليتيم مع يمينه ، وعلى الوصي البينة على ما ادعاه ، من تسليم المال ، لأن الله سبحانه قال « فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ » (١) ، فأمرنا بالإشهاد ، ولو كان الوصي مقبول القول ، لما أمر بالإشهاد ، ولأطلق الدفع ، كما قال [ سبحانه ] في رد الوديعة « فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ » (٢). ومفارقة هذه المسألة ، المسألة التي تقدمتها ، انما هو من حيث ان تلك تتعذر على الوصي إقامة البينة على جميع ما ينفقه في كل حال ، لأن ذلك يكثر ويقل ويتكرر في حال دون حال ، وليس مثل ذلك في هذه المسألة ، لأن تسليم جميع المال في دفعة واحدة ، لا تتعذر فيه اقامة البينة عليه.

٢٨٧ ـ مسألة : إذا ادعى الوكيل تلف المال ، وأنكر الموكل ذلك ، ما

__________________

(١) النساء : ٦

(٢) البقرة : ٢٨٣

٧٧

الحكم فيه؟

الجواب : الحكم في ذلك ، ان القول ، قول الوكيل مع يمينه إذا كان وكيلا بغير جعل ، لأنه أمين ، وقد تلف ظاهرا وباطنا ، وتتعذر عليه إقامة البينة على ذلك.

٢٨٨ ـ مسألة : إذا ادعى الوكيل رد المال الذي تسلمه من الموكل ، وأنكر الموكل ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا ادعى الوكيل ذلك ، وكان وكيلا بغير جعل ، كان القول ، قوله مع يمينه ، لأنه تسليم المال لمنفعة غيره لا لمنفعة نفسه ، وجرى في ذلك مجرى من يدعى رد الوديعة ، على صاحبها ، وان كان هذا الوكيل وكيلا بجعل ، كان القول قول الموكل ، لان الوكيل قبض المال للانتفاع بالجعل ، ويجرى هذا مجرى المرتهن إذا ادعى رد الرهن على صاحبه ، وقد ذكر في ذلك ، ان القول ، قول الوكيل ، والذي ذكرناه أقوى.

٢٨٩ ـ مسألة : إذا ادعى الحاكم أو أمينه تلف الأمانة ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : ان القول ، قولهما مع يمينهما ، لأن ذلك قد يتلف ظاهرا وباطنا وتتعذر عليهما إقامة البينة عليه.

٢٩٠ ـ مسألة : إذا ادعى الحاكم أو أمينه رد الأمانة إلى اليتيم بعد بلوغه ، وأنكر اليتيم ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : الحكم فيه ان القول ، قول اليتيم مع يمينه ، وعليهما البينة ، لأنهما ادعيا أداء الأمانة الى من لم يأتمنهما فيها ، ويجرى هذا مجرى من يدعى رد الوديعة على ورثة المودع ، ومن يدعى رد ثوب طارت به الريح الى داره ، الى صاحبه ، فإنه لا يقبل قولهم في ذلك ، لأنهم يدعون رد امانة ، لم يأتمنهم صاحبها عليها.

٢٩١ ـ مسألة : إذا كان للإنسان على آخر مال ، وطالبه بتسليمه إليه ، فقال : لا أسلمه إليك الا بان تشهد على نفسك بالتسليم ، هل يجب ذلك أم لا؟

الجواب : إذا كان الذي عليه المال ممن يقبل قوله في التلف والرد مثل

٧٨

الوكيل بلا جعل والمودع مع من هو أمين له ، فليس له الامتناع من الرد ولا المطالبة بالإشهاد ، ومتى أخر الرد وهذه صفته ، كان عليه الضمان ، لأنه غير محتاج إلى الإشهاد ، لأن أكثر ما فيه ، ان يدعى عليه المال ، وإذا ادعى هو الرد ، كان القول قوله مع يمينه ، فسقط دعواه عن نفسه بقوله ، وإذا لم يكن محتاجا إلى الشهادة ، فليس له ان يمتنع من رد المال. وان كان ممن لا يقبل قوله في الرد ، مثل الوكيل بجعل ، والمرتهن ، فإنه ان لم تكن عليه شهادة بتسليم المال ، لم تكن له المطالبة بالإشهاد ، وكان عليه التسليم ، لأن أكثر ما فيه ، ان يدعى عليه المال ، وإذا كان كذلك ، كان له ان يقول : ليس لك عندي شي‌ء ، فيكون القول ، قوله مع يمينه ، فسقط دعواه بقوله. وان كانت له عليه بالتسليم شهادة ، كان له الامتناع من الرد ، والمطالبة بالإشهاد.

٢٩٢ ـ مسألة : إذا ادعى الموكل على وكيله انه طالبه برد المال الذي له في يده ، وامتنع من الرد مع تمكنه منه ، فهو ضامن ، وأنكر الوكيل ذلك وقال :

ما طالبتني برده ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : القول في ذلك ، قول الوكيل مع يمينه ، لأن الخيانة ادعيت عليه ، والأصل أمانته ، فإن حلف كان على أمانته ، وان كان المال قد هلك فلا ضمان عليه ، وان نكل عن اليمين ، ردت على الموكل ، فان حلف انه طالبه به فامتنع من الرد مع التمكن منه ، كان عليه الضمان ، وهكذا الحكم ان أقام عليه البينة بذلك ، فان الضمان أيضا يلزمه.

٢٩٣ ـ مسألة : إذا سلم الموكل الى وكيله مالا ، وامره بأن يقضي به دين « زيد » عليه ، فادعى الوكيل انه قضاه ، وأنكر صاحب الحق ذلك ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا كان الأمر على ذلك ، كان القول ، قوله مع يمينه ، لأن الأمين يدعي رد الأمانة على من لم يأتمنه ، فلم يقبل قوله ، كالوصي إذا ادعى تسليم مال اليتيم إليه ، فإن حلف صاحب الحق ، سقطت دعوى الوكيل ، وكانت له مطالبة الموكل بالمال ، وبعد ذلك ينظر في مطالبة الموكل للوكيل بالمال ، فان

٧٩

كان الوكيل قضاه بحضرته ، لم يكن له الرجوع اليه به ، لأنه هو المفرط في ذلك دون الوكيل ، وان كان قضاه مع غيبته ، كان له الرجوع على الوكيل به ، لأنه فرط في تركه الأشهاد عليه بذلك ، سواء صدقه الموكل أو كذبه ، لأنه يقول مع التصديق : انما أمرتك بأن تقضى ذلك قضاء مبرأ ولم تفعل ، فعليك الضمان.

فاما إذا صدق صاحب الحق الوكيل في القضاء ، ثبت القضاء وبرأ الموكل من الدين ، ولم تجز له مطالبة الوكيل به ، لأنه أمره بأن يقضى عنه قضاء مبرأ ، وقد فعل ذلك.

٢٩٤ ـ مسألة : إذا وكل انسان غيره ، فقال له : وكلتك في كل كثير وقليل ، هل يصح هذا التوكيل أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن فيه ضررا عظيما ، لأنه ربما لزم الموكل بالعقود ما لا يمكنه الوفاء به ، فيؤدي إلى ذهاب ماله ، مثل ان يعقد له النكاح في حال على أربعة نسوة ، ويطلقهن عليه قبل الدخول بهن ، فيجب عليه ان يغرم لكل واحدة منهن نصف المهر ، ثم تزوجه بأربعة نسوة أخر ، ويفعل مثل الأول ، ثم كذلك حتى يستأصل ماله ، ومثل ان يشترى ما لا حاجة به اليه ، من أراض وعقار ، وغير ذلك من أنواع التصرف ، لأنه أطلق ذلك في التوكيل ، فيتناول الأذن سائر ما يضره وما ينفعه ، وإذا تضمن العقد مثل هذا الغرر ، كان فاسدا ، ولم يصح ثبوته على حال.

٢٩٥ ـ مسألة : إذا اذن السيد لعبده في التصرف في ماله ، ثم أعتقه ، أو باعه ، هل يبطل هذا التوكيل (١) أم لا؟

الجواب : ليس هذا توكيلا في الحقيقة ، وانما هو استخدام في حق الملك ، فإذا أعتقه أو باعه ، زال الملك ، وإذا زال الملك ، بطل الاستخدام المتعلق به.

٢٩٦ ـ مسألة : إذا وكل الرجل زوجته في بيع أو غيره مما عدا النكاح ، ثم طلقها ، هل تبطل الوكالة أم لا؟

الجواب : لا تبطل وكالة هذه المرأة بالطلاق ، لأن الطلاق ليس يمنع من

__________________

(١) وفي نسخة : التصرف بدل « التوكيل ».

٨٠