جواهر الفقه

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

جواهر الفقه

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩١

١٣٩ ـ مسألة : إذا كانت عليه حجتان : حجة الإسلام ، وحجة بالنذر ، وحج واحدة ، هل تكون مجزئة عن الأخرى أم لا؟

الجواب : لا يجزى عنهما ، لأنهما فرضان قد وجبا عليه ، أحدهما غير الأخر ، ويجب عليه أداء كل واحد منهما بنية تخصه ، وأيضا فإن القول ها هنا بالاجزاء شرع ، ويفتقر في إثباته إلى دليل ، ولا دليل عليه.

١٤٠ ـ مسألة : هل يجوز ان ينعقد الإحرام بالحج أو عمرة متمتع بها الى الحج ، في غير أشهر الحج (١) ، أم لا يجوز ذلك الا فيها؟

الجواب : لا يجوز ذلك الا فيها ، لأنه لا خلاف في اذن ذلك ، ينعقد في هذه الأشهر ، وليس لمن ادعى انعقاده في غيرها دليل ، ولأن إجماع الطائفة حاصل على ذلك.

١٤١ ـ مسألة : كيف يجوز القول : بأن أشهر الحج هي ما ذكرتموه ، وهذه اللفظة لا تقع الا على ثلاثة أو أكثر ، وعندكم انها ليست أكثر من شهرين وعشرة أيام؟

الجواب : ان الحج لا يصح انعقاده إلا في هذين الشهرين والعشرة أيام من الشهر الثالث ، فإذا كمل فيها فما وقع إلا في ثلاثة أشهر.

١٤٢ ـ مسألة : إذا وجب عليه الهدى ، هل يجوز له إخراجه قبل يوم النهر أم لا؟

الجواب : لا يجوز له ذلك ، لأن الإجماع حاصل على انه إذا أخرجه يوم النهر كان مجزيا عنه ، وليس على جواز إخراجه قبل ذلك دليل.

١٤٣ ـ مسألة : هل ينعقد الإحرام بمجرد النية أم لا؟

الجواب : لا ينعقد الإحرام بمجرد النية ، ولا بد في انعقاده من ان يضاف الى مجرد النية التلبية أو التقليد أو الإشعار أو سياق الهدي ، لأن ما ذكرناه مجمع على صحته ، وليس على ما خالفه دليل ، وعليه أيضا إجماع الطائفة.

__________________

(١) وفي نسخة : في غير أشهر الحرم. وكذا فيما يأتي.

٤١

١٤٤ ـ مسألة : إذا حكم على المحرم العاقد للنكاح ببطلان العقد ، هل يحتاج في التفرقة بين الزوج والزوجة إلى طلاق أم لا؟

الجواب : لا يفتقر في التفرقة بينهما الى طلاق ، بل التفرقة كافية في ذلك ، لأن صحة الطلاق فرع على ثبوت العقد ، وإذا لم يثبت ، لم يصح ان يطرأ الطلاق عليه ، وأيضا فالنهي قد ورد بذلك ، وهو دال على فساد المنهي عنه (١) ، وأيضا فإجماع الطائفة حاصل على ذلك.

١٤٥ ـ مسألة : إذا جعل البيت في طوافه على يمينه ، هل يكون مجزيا له أم لا؟

الجواب : لا يجزيه ذلك ، لأنه خلاف لما فعله رسول الله (ص) فإنه قال :

خذوا عنى مناسككم (٢) وأيضا فطريقة الاحتياط تقتضي ما ذكرناه ، وإجماع الطائفة أيضا عليه.

١٤٦ ـ مسألة : هل ركعتا الطواف واجبتان أم لا؟

الجواب : ركعتا الطواف واجبتان لقوله سبحانه « وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى » (٣) فأمر بالصلاة عند مقام إبراهيم ، والأمر الشرعي يقتضي الوجوب ، وتقتضيه أيضا طريقة الاحتياط.

١٤٧ ـ مسألة : إذ سعى ، هل يجوز له ترك الصعود على الصفا والمروة أم لا؟

الجواب : يجوز له ذلك ، وان كان الأفضل الصعود عليها لقوله سبحانه : « فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما » (٤) وقد ورد عن كافة المفسرين انه تعالى أراد الطواف بينهما ، ومن انتهى في طوافه إليهما ، فقد طاف بينهما ، وأيضا فعلى ذلك

__________________

(١) لأن في النكاح شائبة العبادة وقد اشتهر ذلك في ألسنة الفقهاء ( ض ) والظاهر ان المراد منه انه قد تصرف الشارع في مسألة الزواج إثباتا ونفيا بحيث قد صار بمنزلة المخترعات شرعية كالعبادات لا انه عمل عبادي يحتاج فيه الى قصد القربة.

(٢) عوالي اللئالى ج ٤ ص ٣٤ ح ١١٨ من طبعة الحديثة.

(٣) البقرة : ١٢٥.

(٤) البقرة : ١٥٨.

٤٢

إجماع الطائفة.

١٤٨ ـ مسألة : إذا سعى بين الصفا والمروة سبعا ، وكان في الشوط السابع عند الصفا ، هل تجب عليه الإعادة أم لا؟

الجواب : عليه إعادة السعي من أوله ، لأنه إذا كان في السابع عند الصفا.

فقد بدأ بالمروة ، والابتداء بذلك لا يجوز ، ولأن الاحتياط يقتضي ما ذكرناه ، لأنه إذا استأنفه من اوله ، تيقن براءة ذمته ، وعلى ذلك إجماع الطائفة أيضا.

١٤٩ ـ مسألة : إذا كان أصلع أو أقرع ، ليس على رأسه شعر ، هل يجب عليه إمرار الموسى على رأسه بدلا من الحلق أم لا؟

الجواب : لا يجب عليه ذلك ، وانما هو مستحب له ، ولأن الأصل برأيه الذمة ، وإيجاب ذلك عليه ، يفتقر الى دليل ، ولا دليل في الشرع عليه ، ولأن إجماع الطائفة على ما ذكرناه.

١٥٠ ـ مسألة : إذا فاته الوقوف بعرفات ، ووقف بالمشعر ، هل يكون ذلك مجزيا له أم لا؟

الجواب : يكون ذلك مجزيا له في صحة حجته ، لأن إجماع الطائفة حاصل عليه.

١٥١ ـ مسألة : إذا كانت الحصاة قد رمى هو بها أو غيره ، هل يجوز له ان يرمى بها أم لا؟

الجواب : لا يجوز له ذلك ، وعليه الرمي بغير هذه الحصاة ، لأن طريقة الاحتياط تقتضي ذلك ، وإجماع الطائفة عليه.

١٥٢ ـ مسألة : هل يجوز الرمي أيام التشريق قبل الزوال ، أو لا يجوز الا بعد الزوال؟

الجواب : الرمي في الأيام المذكورة ، لا يجوز الا بعد الزوال ، لأن الاحتياط يقتضي ذلك ، من حيث انه إذا فعل ذلك ، فلا خلاف في اجزائه ، وليس كذلك إذا فعله قبل الزوال ، ولأن إجماع الطائفة عليه.

١٥٣ ـ مسألة : إذا نسي واحدة من الحصاة ، ولم يعلم من اى الجمار

٤٣

هي ، ما حكمه في ذلك؟

الجواب : إذا نسي ذلك على الوجه المذكور ، كان عليه ان يرمى كل واحدة من الجمار الثلاثة بحصاة ، لأن الاحتياط يقتضي ما ذكرناه ، وأيضا إجماع الطائفة عليه.

١٥٤ ـ مسألة : إذا رمى الجمرة الواحدة بسبع حصيات في دفعة واحدة ، هل يجزيه ذلك عن الرمي بها مفترقا ، أو يعتد بواحدة ، أو لا يعتد بشي‌ء؟

الجواب : عليه ان يعتد بواحدة ، لأن الاحتياط يقتضي ذلك ، ولأن إجماع الطائفة أيضا عليه.

١٥٥ ـ مسألة : إذا رمى ما فاته بنية يومه ، قبل رميه بالأمس ، هل يجزى عن يومه ، أو عن أمسه ، أو لا يجزى عن واحد منهما؟

الجواب : لا يجزى ذلك عن واحد منهما ، لأنه يجب عليه الترتيب في ذلك ، والاحتياط يقتضي ما ذكرناه ، وإجماع الطائفة أيضا عليه.

١٥٦ ـ مسألة : إذا كان وليا لصبي ، فأحرم بالصبي ، فهل نفقته الزائدة على نفقته بالحضر ، واجبة على الولي دون مال الصبي ، أو تجب في مال الصبي دون مال الولي؟

الجواب : هذه الزائدة تجب على الولي دون مال الصبي ، لأن الولي هو المدخل له في ذلك ، وهو مما لا يجب عليه ، والقول : بأنها تجب في مال الصبي يفتقر فيه الى دليل ، ولا دليل عليه.

١٥٧ ـ مسألة : إذا وطأ في الفرج قبل الوقوف بعرفات ، هل يفسد حجه بذلك أم لا؟

الجواب : هذا يفسد حجه بلا خلاف ، وعليه المضي في حجه ، واعادة الحج من قابل ، وتلزمه مع اعادة الحج بدنة ، لأن الاحتياط يقتضيه ، وعليه إجماع الطائفة.

١٥٨ ـ مسألة : إذا وطأ ، وهو صبي ، عامدا ، في الفرج قبل الوقوف بعرفات ، هل يفسد بذلك حجه ، وتتعلق به كفارة ، ويلزمه الحج من قابل ، أم لا

٤٤

يفسد حجه ، ولا يلزمه ذلك؟

الجواب : هذه المسألة فيها وجهان : أحدهما ان نقول : متى حملنا ذلك على ان عمد الصبي وخطأه سواء ، لم يفسد بذلك حجه ، ولا تتعلق به كفارة. وان لم نقل بذلك ، وقلنا : بأنه عمد ، حملناه على عموم الأخبار (١) في من وطأ عامدا ، فسد حجه ، ولا يلزمه القضاء ، لأنه غير مكلف ، ووجوب القضاء ، لا يتوجه الا الى المكلف. وهذا الوجه الثاني أقوى من الأول.

١٥٩ ـ مسألة : إذا وطأ قبل الوقوف بالمشعر أو بعده في الفرج ، هل يجب عليه شي‌ء أم لا؟

الجواب : إذا وطأ قبل الوقوف بالمشعر ، كان حكمه حكم من وطأ قبل الوقوف بعرفات. وقد تقدم ذلك ، واما وطأه بعد الوقوف بالمشعر ، فلا يجب عليه في ذلك شي‌ء غير البدنة ، لأن كل من قال : بان الوقوف بالمشعر من أركان الحج ، قال بما ذكرناه ، وإجماع الطائفة أيضا عليه.

١٦٠ ـ مسألة : إذا نحر ما يجب عليه في الحل ، وفرق اللحم في الحرم ، هل يجزيه ذلك ، أو لا يجزيه؟

الجواب : لا يجزيه ذلك ، لقوله تعالى « ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ » (٢) ، وأيضا فطريقة الاحتياط تتناول ما ذكرناه ، وأيضا عليه إجماع الطائفة.

١٦١ ـ مسألة : إذا نحر ما يجب عليه نحره في الحرم ، وفرق لحمه في الحل ، هل يجزيه أم لا؟

الجواب : لا يجزيه ذلك ، لأنه إذا نحره في الحرم ، وفرق اللحم في الحرم ، فلا خلاف في اجزائه ، وليس كذلك إذا نحره في الحرم وفرق اللحم في الحل ، والاحتياط يتناول ما ذكرناه.

١٦٢ ـ مسألة : المستأجر في الحج ، إذا أحصر ، أو مات قبل الإحرام ، هل يستحق أجرة أم لا؟

__________________

(١) الوسائل ج ٩ ص ٢٥٥ ب ٣ من أبواب كفارات الاستمتاع احاديث الباب.

(٢) الحج : ٣٣.

٤٥

الجواب : يستحق من الأجرة بحساب ما قطع من المسافة ، لأنه إذا كان مستأجرا في أفعال الحج ، وكان ذلك لا يمكنه الا بقطع المسافة ، فهو مستأجر على ذلك ، فله من الأجرة بحساب ما ذكرناه.

١٦٣ ـ مسألة : إذا استأجر غيره ليحج عنه متمتعا ، فحج عنه قارنا أو مفردا ، هل يعتد بذلك للأجير أم لا؟

الجواب : لا يعتد بذلك ، وحجة التمتع باقية في ذمته ، لأنه إذا حج قارنا أو مفردا ، فلم يأت بما استوجر عليه ، وإذا لم يأت به واتى بغيره ، لم يعتد له به ، ولأن الاحتساب والاعتداد له بذلك ، يفتقر الى دليل ، ولا دليل في الشرع عليه.

١٦٤ ـ مسألة : إذا استأجره على ان يحج عنه قارنا أو مفردا ، فحج عنه متمتعا ، هل يعتد له بذلك أم لا؟

الجواب : هذا صحيح ، ويعتد له بذلك ، لأنه اتى بالنيابة عنه بالأفضل.

١٦٥ ـ مسألة : إذا قال : من يحج عنى فله عشرة ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : يصح ذلك ، فمن حج عنه كانت العشرة له ، لأن قوله بما ذكرناه ، شرط وجزاء محض ، ولا يمنع من ذلك مانع ، فوجب القول بصحته.

١٦٦ ـ مسألة : إذا أصاب المحرم صيدا وغاب عنه فلم يعلم له حالا ، هل يلزمه جزاء أم لا؟

الجواب : يلزمه الجزاء ، لأن الاحتياط يقتضي ذلك ، وعليه أيضا إجماع الطائفة.

١٦٧ ـ مسألة : إذا ذبح صيدا وهو محرم ، هل يجوز للمحل أكله أم لا؟

الجواب : لا يجوز أكله لأحد من الناس ، وهو بحكم الميتة ، لأن الاحتياط يتناول ذلك ، وعليه أيضا إجماع الطائفة.

١٦٨ ـ مسألة : إذا أصاب طائرا وهو على غصن من شجرة ، وأصلها في الحرم ، والغصن في الحل ، هل عليه الضمان أم لا؟

الجواب : عليه الضمان ، لأن الاحتياط يقتضي ذلك ، وعليه أيضا إجماع الطائفة.

٤٦

١٦٩ ـ مسألة : إذا أحرم ومعه صيد ، هل يزول ملكه عنه أم لا؟

الجواب : ما معه من الصيد ، يزول ملكه بالإحرام عنه ، وما هو من ذلك في بلده أو منزله ، لا يزول ملكه عنه ، اما الأول ، فلأن إجماع الطائفة عليه ، واما الثاني فيفتقر في زوال الملك عنه الى دليل ، ولا دليل في الشرع عليه.

١٧٠ ـ مسألة : ما يتوالد بين ما يجب فيه الجزاء وبين ما لا يجب ذلك فيه مثل حمار الوحش والحمار الأهلي والضبع والذئب ، هل يجب فيه الجزاء أم لا؟

الجواب : لا يجب ذلك فيه ، لأن الأصل براءة الذمة ، والقول بوجوب الجزاء في ذلك ، يفتقر في صحته الى دليل ، ولا دليل عليه في الشرع.

١٧١ ـ مسألة : إذا نذر هديا بعينه ، هل يزول ملكه عنه أم لا؟ أو يجوز له بيعه وإخراج بدله أم لا؟

الجواب : إذا نذر هديا بعينه ، زال ملكه عنه ، ولم يصح تصرفه فيه ببيع ولا غيره ، ولا إخراج بدله ، لأن الاحتياط يقتضي ما ذكرناه ، وثبوت شي‌ء مما ذكرناه فيه ، يحتاج الى دليل ، ولا دليل على ذلك.

١٧٢ ـ مسألة : إذا رمى وهو محل في الحل صيدا ، رأسه في الحرم ، وقوائمه في الحل ، فقتله ، هل عليه الجزاء أم لا؟

الجواب : عليه الجزاء ، لأن طريقة الاحتياط تقتضي ذلك ، وعليه إجماع الطائفة أيضا.

١٧٣ ـ مسألة : إذا ضرب صيدا حاملا ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا ضرب صيدا حاملا ، فلا يخلو من ان يكون لم يؤثر بضربته فيه ولا في الجنين قتلا ولا جرحا ، أو يكون اثر فيه شيئا من ذلك ، فان لم يؤثر فيه ولا في الجنين ، فليس عليه شي‌ء ، وان كان اثر فيه شيئا من ذلك ، فان لم يؤثر فيه ولا في الجنين ، فليس عليه شي‌ء ، وان كان اثر فيه وفي الجنين : بان تكون الأم ألقت الجنين حيا ومات ، وماتت الأم بعد ذلك ، كان عليه جزاء المثل عن الأم ، وجزاء المثل عن الجنين صغيرا ، وإن ألقت الأم الجنين وعاشت ، ومات الجنين ، كان عليه الجزاء عن الجنين دون الأم ، وان عاش الجنين وماتت الأم ، كان عليه

٤٧

الجزاء عن الأم دون الجنين ، وان ألقت الأم الجنين ميتا ، كان عليه ما ينقص من قيمة الأم ، فينظر في قيمتها حاملا وبين قيمتها غير حامل بعد الأسقاط ، ويلزمه ذلك في المثل. هذا كله إذا لم يكن اثر بضربه في الأم شيئا ، فان كان قد اثر فيها جرحا ، كان عليه بحساب ذلك. كل ذلك لقوله تعالى « فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ » (١) ، ولأنه بالجرح ضامن الأرش.

١٧٤ ـ مسألة : إذا بات عن منى ، ما حكمه؟

الجواب : ان بات عنها ليلة ، كان عليه دم ، فان بات عنها ليلتين ، كان عليه دمان ، فان بات عنها الليلة الثالثة ، لم يكن عليه بها شي‌ء ، لأن له النفر الأول ، والنفر الأول يكون في اليوم الثاني من أيام التشريق بغير خلاف.

١٧٥ ـ مسألة : إذا تكرر منه الوطأ في الفرج ، هل تتكرر عليه الكفارة بتكرره أم لا؟

الجواب : إذا تكرر منه ذلك تكررت الكفارة عليه ، لأن الاحتياط يقتضي ذلك ، فان قيل : ان الجماع الأول قد أفسد الحج به ، وما بعده لم يفسده ، قلنا : الحج وان كان قد فسد بالأول ، فحرمته باقية ، ولهذا وجب المضي في الحج ، وصح تعلق الكفارة به فيما يستقبل (٢) من ذلك.

__________________

(١) المائدة : ٩٥.

(٢) وفي نسخة : « يستقل » بدل « يستقبل ».

٤٨

باب مسائل تتعلق بالجهاد :

١٧٦ ـ مسألة : إذا كان عليه دين ، هل يجوز له الخروج الى الجهاد أم لا؟

الجواب : إذا كان عليه دين فليس يخلو من ان يكون حالا أو مؤجلا ، فإن كان حالا لم يجز له الخروج حتى يقتضيه ، لأنه حق قد وجب عليه التخلص منه ، فان خرج كان مغررا بالحق ، لأنه يطلب الشهادة بالخروج الى الجهاد (١) ، فان اذن له صاحب الحق جاز له ذلك. وان كان مؤجلا جاز له الخروج ، لأنه قبل الأجل ، ممن لم يجب عليه حتى يلزمه التخلص منه ، وقد قيل : ان لصاحب الحق منعه ، والظاهر ، الأول. هذا إذا لم يتعين الجهاد ، فان تعين وأحاط العدو بالبلد أو بالمكان ، وجب على الكل الجهاد والدفع ، ولم يكن لأحد المنع من ذلك في هذه الحال.

١٧٧ ـ مسألة : إذا كان له أبوان ، هل يجوز لهما منعه من الجهاد أم لا؟

الجواب : يجوز لهما منعه من ذلك ما لم يتعين الجهاد ، على ما قلناه ، والأصل في ان لهما ما ذكرناه ما روى عن الرسول (ص) من ان رجلا جائه فقال له : يا رسول الله أجاهد فقال له : ألك أبوان؟ فقال : نعم ، فقال : ففيهما فجاهد (٢).

__________________

(١) وفي نسخة : بطلت الشهادة. والظاهر انه تصحيف.

(٢) الوسائل ج ١١ ص ١٢ ب ١٢ أبواب جهاد العدو ح ١ ( مع تفاوت ) وعوالي اللئالى ج ٢ ص ٢٣٨.

٤٩

١٧٨ ـ مسألة : إذا نزل الإمام بالجيش في الغزو على بلد ، هل له حصره ، والمنع لمن يريد الخروج منه من الكفار ، أو دخوله إليه (١) أم لا؟

الجواب : له ذلك ، لقوله تعالى « وَاحْصُرُوهُمْ » (٢) ، وكما فعل رسول الله (ص) فإنه حاصر أهل الطائف.

١٧٩ ـ مسألة : إذا تترس المشركون بالأطفال ، هل يجوز قتلهم ، بالرمي أو غيره ، أو لا يجوز ذلك؟

الجواب : إذا كانت الحرب ملتحمة (٣) جاز رمى المشركين وقتلهم وضربهم ، من غير قصد الى قتل الأطفال ، بل يكون القصد الى من خلفهم ، فإن أدى ذلك الى قتل الأطفال ، لم يكن على القاتل لهم شي‌ء ، لأنه لو لم يفعل ذلك لبطل الجهاد. وان لم تكن الحرب قائمة ، لم يجز رميهم ولا قتلهم بغير الرمي ، لأنهم غير مكلفين.

١٨٠ ـ مسألة : إذا أمنت المرأة لأحد من الكفار ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : يصح ذلك ، لأن رسول الله (ص) قال لأم هاني بنت ابى طالب ، وقد أجارت (٤) رجلا من المشركين يوم « فتح مكة » : أجرنا من أجرت ، وأمنا من أمنت. (٥)

١٨١ ـ مسألة : هل يجوز أمان الصبي لأحد من الكفار أم لا؟

الجواب : أمان الصبيان للكفار لا يصح ، لأنهم غير مكلفين.

١٨٢ ـ مسألة : إذا اغتر كافر بصبي غير مراهق ، فأمنه ، ما حكمه؟

الجواب : إذا أمنه من هذه صفته ، كان الأمان غير صحيح ، لأنه أمان من غير مكلف ، الا انه لا يعرض للكافر بسوء ، حتى يرد إلى مأمنه ، ثم يصير حربا ، لأنه حصل مع المسلمين بشبهة ، وإذا كان حصوله كذلك ، لم يجز التعرض له بغدر

__________________

(١) وفي نسخة ـ د : والمنع لمن يريد الخروج منهم من الكفار أو دخولهم اليه.

(٢) التوبة : ٥.

(٣) الملتحمة : الوقعة العظيمة في الفتنة والمراد قيام الحرب.

(٤) أجاره : أنقذ من هرب اليه وأمنه.

(٥) بحار الأنوار ج ٢١ ص ١٣١.

٥٠

ولا غيره.

١٨٣ ـ مسألة : إذا تجسس انسان لأهل الحرب ، وحمل إليهم أخبار المسلمين ، هل يجوز قتله بذلك أم لا؟

الجواب : لا يجوز قتله بذلك ، لأن « حاطب بن أبي بلتعة » كاتب أهل « مكة » بأخبار المسلمين ، فلم ير رسول الله (ص) قتله بذلك (١). غير ان الإمام يعزره على ذلك ، وله العفو عنه.

١٨٤ ـ مسألة : إذا تزوج حربي بحربية ، وماتت بعد دخوله بها ، ثم أسلم الزوج بعد ذلك ، ودخل إلينا ، ثم لحقه وارثها وطالبه بالمهر ، هل يجب على الزوج دفعه إليه أم لا؟

الجواب : لا يجب على هذا الزوج دفع هذا المهر الى الوارث ، لأن الوارث من أهل الحرب ، ولا أمان لهم على أهل الحرب الذين الوارث منهم على هذا المهر.

١٨٥ ـ مسألة : إذا كانت الحرب قائمة ، فاهدى حربي من صفه شيئا الى مسلم ، هل يكون هدية أو غنيمة؟

الجواب : هذا يكون غنيمة ، لأن الحربي إنما فعل ذلك خوفا من أهل الصف.

١٨٦ ـ مسألة : إذا ملك الذمي عرصة ، وأراد ان يبنى فيها دارا ، هل يجوز له رفع بنائه على بناء المسلمين أم لا؟

الجواب : لا يجوز له رفع بنائه ذلك على بناء المسلمين ، وان ساوى بينه وبين بناء المسلمين كان عليه ان ينقصهم عن ذلك ، لقول رسول الله (ص) : « الإسلام يعلو ولا يعلى عليه » (٢) ، ولأن إجماع الطائفة على ذلك أيضا ، وكذلك إذا كانت الدار قديمة فانهدمت ثم أراد بناءها.

١٨٧ ـ مسألة : إذا أنفذ الإمام جيشين مختلفين الى موضعين ، وأمر على

__________________

(١) بحار الأنوار ج ٢١ ص ٩٣.

(٢) الوسائل ج ١٧ ص ٣٧٦ ب ١ أبواب موانع الإرث ح ١١.

٥١

كل واحد منهما أميرا ، وغنم كل واحد من الجيش غنيمة ، هل يشترك الجيشان في ذلك أم لا؟

الجواب : هذان الجيشان لا يشتركان في ذلك ، بل يكون لكل جيش ما غنمه ، لأنهما جيشان مختلفان ، وجهة كل واحدة منهما غير جهة الأخرى ، فإن اتفقا ان يجتمعا في موضع واحد ، وتقاتلا في جهة واحدة معا ويغنما ، فان الغنيمة يشتركان فيها ، لأنهما قد صارا على هذه الصفقة جيشا واحدا.

١٨٨ ـ مسألة : إذا سير الإمام جيشا إلى جهة ، وجعل عليه أميرا ، ثم رأى الأمير من الصلاح إنفاذ سريته ، فأنفذها ، وغنمت ، هل تكون الغنيمة للسرية وحدها ، أو يشاركها الجيش في ذلك؟

الجواب : هذه الغنيمة للسرية وللجيش جميعا يشتركان فيها ، لأنهما جيش واحد ، وكذلك القول ، لو أنفذ سريتين في جهتين وغنمت السريتان ، ان الكل يشتركان في ذلك ، لأنهم جيش واحد.

٥٢

باب مسائل تتعلق بالبيوع :

١٨٩ ـ مسألة : إذا باع الإنسان شيئا ، كان المشتري قد رآه قبل العقد ، ولم يره في حال العقد ، وكان مما يتلف أو لا يتلف ، هل يصح بيعه أم لا؟

الجواب : هذا البيع ماض إذا وجده المشتري كما رآه. فان خالف ذلك ، كان مخيرا بين إمضاء البيع وفسخه ، لقول الله سبحانه « وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا » (١) ، فأباح ما يتناوله اسم البيع ، وهذا بيع ، والمنع منه يحتاج الى دليل ، ولا دليل في الشرع عليه.

١٩٠ ـ مسألة : إذا باع شيئا على ان يسلمه إلى ستة أشهر ، هل يصح هذا البيع أم لا؟

الجواب : هذا البيع صحيح ، للآية التي تقدم ذكرها ، ولأن المنع منه ، يفتقر الى دليل.

١٩١ ـ مسألة : إذا ملك الشفيع المبيع ، وانتزعه من يد المشتري ، هل له خيار المجلس أم لا؟

الجواب : ليس له خيار المجلس ، لأن هذا الخيار انما يثبت بالبيع (٢) والشفيع انما يأخذ ذلك بالشفعة ، لا بالبيع ، وإلحاق ذلك بالبيع ، يفتقر الى دليل ، ولا دليل شرعي عليه.

__________________

(١) البقرة : ٢٧٥.

(٢) وفي نسخة : في البيع.

٥٣

١٩٢ ـ مسألة : إذا باع شيئا بشرط ، مثل ان يقول : بعتك إلى سنة أو شهر ، فان رددت على الثمن ، والا فالمبيع لي ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : هذا صحيح ، فإذا رد عليه المال ، وجب عليه رد الملك ، فان جازت المدة ، ملك بالعقد الأول ، وانما كان كذلك لقوله (ص) : الشرط جائز بين المسلمين ما لم يمنع منه كتاب أو سنة (١). ومن ادعى المنع من ذلك ، فعليه الدليل ، ولا دليل عليه ، ولأن إجماع الطائفة عليه أيضا.

١٩٣ ـ مسألة : إذا باع شيئا غير معين بثمن معين ، ولم يقبضه ، ولا قبض الثمن ، وفارق البائع والمشتري ، من يستحقه منهما؟

الجواب : المشتري أحق بهذا البيع الى ان يمضي ثلاثة أيام ، فإن مضت ولم يحضر الثمن ، كان البائع أحق به بعد ذلك ، وهو مخير بين فسخ البيع ، وبين المطالبة بالثمن ، لأن إجماع الطائفة على ذلك.

١٩٤ ـ مسألة : إذا باع غيره شيئا بشرط الخيار ، ولم يعين أجلا ولا وقتا ، بل أطلق ذلك إطلاقا ، هل يصح له الخيار أم لا؟

الجواب : الخيار يصح ثلاثة أيام ، فإذا مضت الثلاثة ، لم يكن له خيار ، لأن إجماع الطائفة عليه.

١٩٥ ـ مسألة : إذا شرط البائع على المشتري قبل العقد ان لا يثبت بينهما خيار بعد العقد ، هل يصح ذلك الشرط أم لا؟

الجواب : يصح ذلك ، ويلزم العقد بنفس الإيجاب والقبول ، لأن الأصل جواز هذا الشرط ، ولا مانع يمنع منه ، وعموم الأخبار يتناوله (٢) ، ومن ادعى المنع منه ، فعليه الدليل.

١٩٦ ـ مسألة : إذا اشترى مملوكا ثم أعتقه في مدة الخيار ، ومضت هذه المدة ، وتم البيع ، هل يصح هذا العتق أم لا؟

__________________

(١) ذكره ابن زهرة في الغنية ص ٣٩ والجوامع الفقهية ص ٥٨٧ ونقله الشيخ الأعظم الأنصاري عنه لاحظ مكاسب الشيخ ص ٢٧٧ ـ في مبحث الشروط في ضمن العقد ـ

(٢) المؤمنون عند شروطهم الوسائل ج ١٥ ص ٣٠ ب ٢٠ أبواب المهور ح ٤.

٥٤

الجواب : عتق هذا المملوك صحيح ، لما روى عنهم صلوات الله عليهم من ان المشتري إذا تصرف في المبيع بطل خياره (١) وهذا المشتري قد تصرف في المبيع بالعتق ، فيجب لزوم البيع له ، وإذا لزمه ، فقد تم عتقه عند تمام البيع.

١٩٧ ـ مسألة : إذا أكره المتبايعان ، أو واحد منهما على التفرق بالأبدان ، على وجه يتمكنان أو أحدهما من الفسخ والخيار ، فلم يفعلا ذلك ولا أحدهما ، هل يبطل بذلك خيارهما أم لا؟

الجواب : يبطل خيارهما أو خيار أحدهما ، لأنه إذا كان متمكنا من الفسخ والإمضاء ، فلم يفعل حتى حصل الافتراق ، دل ذلك على الإمضاء.

١٩٨ ـ مسألة : إذا باع مملوكين ، وشرط مدة الخيار (٢) في واحد منهما ، من غير تعيين ، ما الحكم فيه؟

الجواب : الحكم في ذلك ، انه إذا لم يتعين من شرط الخيار فيه منهما ، وأبهم ذلك ، كان البيع فاسدا ، لأنه مجهول بغير خلاف ، فان عين ذلك في أحدهما ، ثبت الخيار فيما عين فيه ، وبطل فيما لم يعينه ، لأن قوله ص : المؤمنون عند شروطهم ، (٣) يتناول ذلك ، لأنه شرط ، ومن ادعى بطلان ذلك ، فعليه الدليل.

١٩٩ ـ مسألة : إذا هلك المبيع في مدة الخيار بعد القبض ، هل ينقطع الخيار أم لا؟

الجواب : لا ينقطع الخيار ، لأن الأصل ثبوته ، والقول بانقطاعه ، يفتقر الى دليل ، ولا دليل في الشرع عليه.

٢٠٠ ـ مسألة : إذا قال المشتري للبائع : بعني بكذا ، فقال البائع : بعتك هذا ، هل ينعقد البيع أم لا؟

الجواب : لا ينعقد البيع بذلك ، وانما ينعقد بان يقول له المشتري بعد

__________________

(١) لاحظ الوسائل ج ١٢ ص ٣٥٠ باب ٤ من أبواب الخيار احاديث الباب.

(٢) وفي نسخة : مدة من الخيار.

(٣) الوسائل ج ١٥ ص ٣٠ ب ٢٠ أبواب المهور ح ٤.

٥٥

ذلك : قبلت أو اشتريت ، لأن ما ذكرناه مجمع على ثبوت العقد ، وصحته به ، وليس كذلك ما خالفه ، ومن ادعى ثبوته وصحته بغير ما ذكرناه ، فعليه الدليل ، وأيضا فالأصل عدم العقد ، وعلى من يدعى ثبوته الدليل.

٢٠١ ـ مسألة : إذا دفع قطعة الى بقلى أو سقاء ، وقال له : أعطني بقلا أو ماء ، فأعطاه ، هل يكون ذلك بيعا في الحقيقة أم لا؟

الجواب : هذا ليس ببيع في الحقيقة ، لأنه ليس فيه إيجاب ولا قبول ، وانما هو اباحة ، ولأن العقد حكم شرعي ، ولا دليل يدل على ثبوت العقد ها هنا ، وعلى من يدعى ذلك الدليل.

٢٠٢ ـ مسألة : إذا باع ثمرة ، وتسلمها المشتري ، ثم هلكت ، أو هلك بعضها بحاجة ، هل ينفسخ البيع أم لا؟

الجواب : لا ينفسخ العقد بذلك ، لأن العقد قد ثبت ، وعلى من يدعى الفسخ في جميع المبيع أو في بعضه ، الدلالة ، ولا دلالة عليه.

٢٠٣ ـ مسألة : إذا قال البائع لاثنين : بعتكما هذا العبد بمأة أو بألف ، فقال أحدهما : قبلت نصفه بخمسين ، أو بخمس مأة ، هل يصح العقد أم لا؟

الجواب : هذا العقد غير صحيح ، لأنه لا دليل على صحة ثبوته في حصة هذا القابل ، وأيضا فإن قبوله لما ذكر في المسألة غير مطابق للإيجاب.

٢٠٤ ـ مسألة : إذا اشترى جارية على انها بكر ، فوجدت ثيبا ، هل له ردها أم لا؟

الجواب : ليس له ردها ، لأن الأصل صحة العقد ، وإثبات ذلك عيبا يفتقر فيه الى دليل شرعي ، ولا دليل في الشرع عليه. (١)

٢٠٥ ـ مسألة : إذا اشترى مملوكا ، فكان المملوك يبول في الفراش ، صغيرا كان أو كبيرا ، هل يجوز له الخيار فيه أم لا؟

الجواب : لا خيار له في ذلك ، لأن الأصل صحة العقد ، وإثبات ذلك

__________________

(١) نعم لو اشترط البكارة فالتخلف يوجب خيار تخلف الوصف ولعل عبارة المصنف ناظرة إذا لم يذكر الشرط في متن العقد بل كان في نية المشتري لاحظ الوسائل ج ١٢ ص ٤١٨ ب ٦ أبواب أحكام العيوب.

٥٦

عيبا ، يفتقر الى دليل شرعي ، ولا دليل عليه في الشرع.

٢٠٦ ـ مسألة : إذا اشترى جارية ، فوجدها مغنية ، أو عبدا فوجده كذلك هل له الخيار فيه أم لا؟

الجواب : لا خيار له فيه ، لأن الأصل صحة العقد ، وعلى من يدعى على ان ذلك عيب يقتضي الرد ، الدليل ، ولا دليل ، وأيضا فإن العلم بالغناء غير محرم ، وانما المحرم ، إظهار صنعته واستعماله ، وبالعلم لا يجب الرد.

٢٠٧ ـ مسألة : إذا ابتاع مملوكا ثم قتله ، وعلم انه كان معيبا ، هل له الرجوع على البائع بالأرش أم لا؟

الجواب : إذا كان ذلك العيب يوجب الرد ، كان له الأرش ، ومن ادعى سقوطه ، كان عليه الدليل ، ولا دليل في الشرع عليه.

٢٠٨ ـ مسألة : إذا كان له مملوك ، فجنى المملوك على غيره ، وباعه مولاه بغير اذن من المجني عليه ، هل يصح بيعه أم لا؟

الجواب : إذا كانت هذه الجناية توجب القود ، لم يصح بيعه ، لأنه قد باع منه ما لا يملكه ، لأن ذلك حق للمجني عليه ، وان كانت توجب الأرش ، صح بيعه ، لأن رقبته سليمة من العيب ، وإذا التزم سيده الأرش عن الجناية ، صح بيعه ، لأنه لا وجه بعد ذلك يفسده ، ومن ادعى فساده ، فعليه الدليل ، ولا دليل على ذلك.

٢٠٩ ـ مسألة : إذا اختلف البائع والمشتري في قدر الثمن ، فقال البائع : بعتك بمأة ، وقال المشتري : بخمسين ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : ان كان المبيع قد تلف ، كان القول ، قول المشتري مع يمينه ، وان كان سالما ، كان القول ، قول البائع مع يمينه ، لأن إجماع الطائفة على ذلك. وأيضا قوله (ص) : البينة على المدعى واليمين على من أنكر (١) ، والمشتري مدعى عليه وهو المنكر ، لأنهما قد اتفقا على العقد وانتقال الملك ، والمشتري معترف بذلك ويذكر : ان الثمن خمسون ، والبائع يدعى عليه مأة ، فيجب ان يكون القول

__________________

(١) مستدرك الوسائل ج ٣ ص ١٩٩ ب ٣ أبواب كيفية القضاء ح ٤

٥٧

قول المشتري ، وليس يلزمنا مثل ذلك مع بقاء المبيع ، لأن القول حينئذ قول البائع ، لأنه لو تركنا وظاهر الخبر ، لقلنا به. لكن المروي عن الأئمة صلوات الله عليهم : ان القول قول البائع (١) ، فحملناه على انه إذا كان مع بقاء السلعة ، وما يرويه المخالف مما يقتضي الخلاف لما ذكرناه ، اخبار آحاد لا تقتضي علما.

٢١٠ ـ مسألة : إذا باع انسان (٢) غيره شيئا بثمن في الذمة ، فقال البائع : لا أدفع المبيع حتى اقبض الثمن ، وقال المشتري : لا أدفع الثمن ، حتى اقبض المبيع ، ما حكمهما في ذلك؟

الجواب : إذا جرى الأمر بين المتبايعين على ذلك ، وجب على الحاكم ان يجبر البائع على دفع المبيع إلى المشتري ، ويسلمه اليه. ثم يأمر المشتري (٣) بعد ذلك ، بدفع الثمن إلى البائع ، لأن الثمن انما يستحق على المبيع ، فيجب تسليمه أولا ، ليستحق الثمن عليه.

٢١١ ـ مسألة : إذا باع عبدا مطلقا ، فخرج خصيا ، هل له الخيار أم لا؟

الجواب : إذا خرج العبد المذكور خصيا ، كان للمشترى الخيار ، لأن مطلق العبد يقتضي سلامة الأعضاء والأطراف ، والخصى ليس كذلك ، فللمشتري الخيار كما ذكرناه.

٢١٢ ـ مسألة : إذا ادعى « عمرو » عبدا في يد « زيد » ، واقام البينة بأنه له اشتراه من « زيد ». واقام زيد البينة انه له وانه هو الذي اشتراه من « عمرو ». ما الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم في ذلك ، ان البينة بينة الخارج ، وهو « عمرو » ، لقولهم (ع) : البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه (٤) والمدعى عليه ها هنا هو « زيد » ، لأن العبد في يده.

__________________

(١) الوسائل ج ١٢ ص ٣٨٣ ب ١١ أبواب أحكام العقود ح ١ ـ ٢

(٢) وفي نسخة : من غيره.

(٣) وفي نسخة : ثم يأمن المشتري بعد ذلك يدفع به الثمن إلى البائع ـ وما في المتن هو أصح.

(٤) الوسائل ج ١٨ ص ١٧١ ب ٣ أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ح ٢ و ٥

٥٨

٢١٣ ـ مسألة : إذا اختلف المتبايعان في قدر الثمن ، فقال المشتري : بعني هذين العبدين بمأة ، وقال البائع : بل هذا العبد بمأة. ما الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم في ذلك ، ان القول في ذلك ، قول البائع مع يمينه ، لقولهم (ع) : إذا اختلف المتبايعان ، فالقول قول البائع (١).

٢١٤ ـ مسألة : إذا ابتاع عبدا ، وعلم بعد ذلك انه مأذون له في التجارة ، وعليه دين ، هل يكون له خيار في رده أم لا؟

الجواب : ليس له خيار في ذلك ، لأن دين التجارة ، يكون في ذمته ، ولا يتعلق برقبته ولا يباع فيه ، وانما يطالب به إذا أعتق ، وملك مالا ، وإذا كان كذلك ، لم تلحق المشتري منه مضرة ، وإذا لم يلحقه ذلك ، لم يكن فيه له خيار.

٢١٥ ـ مسألة : إذا اشترى انسان من آخر ، مملوكين ، ووجد بهما عيبا ، غير ان أحدهما مات ، هل يجوز له الرد أو الأرش ، وما الحكم في ذلك؟

الجواب : لا يجوز له رد الباقي ، فاما الأرش فإنه يستحق ذلك ، لأن رد جميع ذلك لا يمكنه.

٢١٦ ـ مسألة : إذا باع من غيره شيئا ، وقبض ثمنه ، ثم ادعى على المشتري فيما قبضه منه زيفا (٢) ، وأنكر المشتري ذلك ، ما حكمه؟

الجواب : إذا ادعى البائع ذلك ، كان القول ، قول المشتري مع يمينه ، وكانت على المدعى (٣) البينة ، لأنه يدعى عليه انه قبضه منه زيفا ، فعليه البينة في ذلك ، والأصل انه قبضه جيادا.

٢١٧ ـ مسألة : إذا اشترى انسان مملوكا ، وقطع عنده طرف من أطرافه ، ثم وجد به عيبا قديما ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : يجب لهذا المشتري الأرش ، فإما رده فلا يصح ، لأن حكم الرد ها هنا يسقط بالإجماع.

__________________

(١) صحيح الترمذي ج ٣ ص ٥٧٠ كتاب البيوع باب ما جاء إذا اختلف البيعان ح ١٢٧٠

(٢) درهم زيف : ردى ـ مجمع البحرين ـ

(٣) وفي نسخة : على البائع.

٥٩

٢١٨ ـ مسألة : هل يجوز بيع الحمل في بطن امه أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأنه لا يعلم هل هو ذكر أو أنثى ، ولا يقدر على تسليمه الى المشتري ، ولا يعلم إمكانه.

٢١٩ ـ مسألة : هل يجوز بيع الدابة ، على انها تحمل ، أم لا؟

الجواب : لا يجوز بيعها بهذا الشرط ، لأنه مما لا يعلمه.

٢٢٠ ـ مسألة : إذا باع الدابة على انها تحمل ، فوافق ذلك ، هل يكون البيع ماضيا أم لا؟ وهل يكون للمشترى الخيار أم لا؟

الجواب : إذا وافق ذلك ، كان البيع ماضيا ، ولم يكن للمشترى خيار ، لأن الشرط قد حصل ، فان لم تحمل كان مخيرا بين الإمضاء والفسخ.

٢٢١ ـ مسألة : هل يجوز أن يبيع جارية أو بهيمة حاملة ، ثم يستثنى الحمل لنفسه أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن الحمل يجرى مجرى عضو من أعضائها ، وكما لا يجوز ان يبيعها ثم يستثنى عضوا منها ، فكذلك الحمل.

٢٢٢ ـ مسألة : إذا كان كافرا ، وله أب مسلم ، فاشترى أباه المسلم ، هل ينعتق عليه أم لا؟

الجواب : لا ينعتق عليه ، لأن الكافر لا يملك المسلم ، والعتق لا يكون الا فيما يملك.

٢٢٣ ـ مسألة : إذا اشترى شيئا ولم يقبضه ، ثم رهنه ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : يصح ذلك ، لأنه ما لك له بالعقد.

٢٢٤ ـ مسألة : إذا اشترى انسان من غيره مملوكا بقميص ، وقبض المملوك ولم يسلم القميص وتلف ، وباع المملوك ، هل يصح له ذلك أم لا؟

الجواب : يصح بيعه ، لأنه قد قبضه وانتقل ضمانه اليه ، وإذا باعه وسلمه الى المشتري ، وتلف القميص الذي في يد البائع ، انفسخ البيع ، ووجبت عليه قيمة المملوك لبائعه ، لأنه غير قادر على اعادته بعينه ، فجرى مجرى المستهلك.

٦٠