جواهر الفقه

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

جواهر الفقه

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩١

من البيت ، هل تصح صلاته أم لا؟

الجواب : هذه الصلاة لا تصح ، لأن المصلي لها على هذا الوجه ، يكون مستدبر القبلة ، وذلك لا يجوز.

٥٨ ـ مسألة : إذا انهدمت الكعبة ، هل تجوز الصلاة إليها أم لا؟

الجواب : الصلاة الى ذلك جائزة ، لأن المكلف متعبد بالصلاة إلى جهتها.

٥٩ ـ مسألة : إذا كانت جماعة في سفينة ، وهم مزدحمون فيها ، فكان لواحد منهم موضع يتمكن فيه من الصلاة قائما ، وليس للباقي ذلك ، ما حكمهم في الصلاة؟

الجواب : يصلى الواحد في موضعه ، ثم يجلس بعد ذلك مجتمعا فيه ثم يصلى بعده آخر ، وبعد الأخر آخر ، كذلك الى آخرهم ان كان الوقت متسعا ، فان كان قد تضيق ، صلوا جلوسا في مواضعهم ، ولا ينظر احد منهم صلاة الأخر قائما ، ثم يصلى. فان لم يكن فيهم احد له موضع يتمكن فيه من الصلاة قائما ، صلوا كلهم جلوسا.

٦٠ ـ مسألة : الجماعة إذا كانوا كلهم عراة ، ولواحد منهم ثوب ، ما حكمهم في الصلاة؟

الجواب : إذا كان الوقت متسعا ، صلى صاحب الثوب فيه ، وإعارة الأخر فصلى فيه ، ودفعه الأخر إلى غيره ليصلي فيه ، ثم كذلك الى آخرهم. فإذا كان الوقت قد تضيق صلوا عراة.

٦١ ـ مسألة : إذا كان مع المكلف ثياب كثيرة ، يعلم ان فيها واحدا طاهر ، والباقي نجس ، ولا يعلم الطاهر على التعيين ، ما حكمه في الصلاة فيها؟

الجواب : ان كان الوقت متسعا صلى في كل واحد منها الصلاة بعينها ، فان كان متضيقا صلى عريانا ، لأن ذلك ها هنا فرضه.

٦٢ ـ مسألة : إذا كان معه ثوبان ، يعلم ان أحدهما طاهر ، والأخر نجس ، ولا يتميز له الطاهر منهما ، ما حكمه في الصلاة فيهما؟

الجواب : يصلى في كل واحد منهما الصلاة بعينها ، لأنه إذا فعل ذلك

٢١

كان مؤديا لها بيقين. وقد تقدم ذكر هذه المسألة. (١)

٦٣ ـ مسألة : إذا أراد الصلاة وعلى قلنسوته أو تكته نجاسة ، هل يجوز له ذلك أم لا؟

الجواب : يجوز له ذلك ، لأنه مما لا تتم الصلاة به منفردا. ولأن إجماع الطائفة عليه.

٦٤ ـ مسألة : إذا كانت معه قارورة مشدودة الرأس برصاص أو غيره ، وفيها نجاسة ، ثم صلى وهي في كمه ، أو في جيبه ، هل تصح صلاته أم لا؟

الجواب : لا تصح صلاته ، لأنه يكون حاملا للنجاسة وهو في الصلاة ، وذلك لا يجوز ، ولا يلزم ذلك على القلنسوة والتكة إذا كانت فيهما نجاسة ، لأنا إنما أجزنا الصلاة في ذلك ، لأنه الظاهر من الطائفة.

٦٥ ـ مسألة : إذا كانت له عمامة ، على طرفها الواحد نجاسة ، فجعل الطرف الأخر على رأسه ، والقى الطرف الأخر وباقيها على الأرض وصلى ، هل تصح صلاته كذلك أم لا؟

الجواب : صلاته كذلك صحيحة ، لأنه ليس بحامل لما فيه نجاسة.

٦٦ ـ مسألة : إذا سلم المكلف في الصلاة بعد الركعتين الأولتين ناسيا ، ثم تكلم متعمدا ، وذكر انه صلى ركعتين ، هل يبنى على ما تقدم من الركعتين ، أو يعيد الصلاة؟

الجواب : يبنى على ما تقدم من صلاته. وفي أصحابنا من قال (٢) : يعيدها. والبناء على ما قدمناه هو الصحيح ، لأن الاحتياط يقتضيه.

٦٧ ـ مسألة : إذا قطع الإنسان اذن غيره ، فألصقها المجني عليه بالدم فالتصقت في الحال ، هل تصح صلاته ، وهي كذلك أم لا؟

الجواب : لا تصح صلاته ، لأنه يكون قد صلى وعليه نجاسة ، لأن القطعة

__________________

(١) في رقم المسألة التاسعة والعشرين.

(٢) نسبه في الحدائق ج ٩ ص ١٢٧ الى ابى الصلاح الحلبي والى الشيخ في النهاية ولم نجده في الثاني وإليك عبارة الحلبي في الكافي ص ١٢٠ « فمتى تعمد المصلى فعل شي‌ء من هذه فسدت صلاته ».

٢٢

التي ألصقها هي بعد الإبانة ميتة ، والميتة نجسة ، فتجب إزالتها ثم يصلى.

٦٨ ـ مسألة : أي الأوقات أفضل للصلاة؟

الجواب : أفضل الأوقات للصلاة أولها لقوله (ص) لأم فروة : أفضل الأعمال عند الله تعالى الصلاة في أول وقتها (١). ولقوله (ع) أيضا لابن مسعود وقد سأله عن أفضل الأعمال ، فقال (ع) : الصلاة في أول وقتها (٢) ولأن إجماع الطائفة على ذلك.

٦٩ ـ مسألة : وهل تنعقد الصلاة بغير « الله أكبر » من ألفاظ التكبير أم لا؟

الجواب : لا تنعقد الا بلفظ « الله أكبر » دون غيره من ألفاظ التكبير ، لأن الصلاة قد ثبتت في ذمة المكلف ، وإذا عقدها بالذي ذكرناه ، فقد تيقن براءة ذمته مما لزمها من ذلك. وليس كذلك إذا عقدها بغير ما ذكرناه ، ولأن إجماع الطائفة عليه أيضا. وأيضا قوله (ص) لرفاعة بن مالك : لا يقبل الله صلاة امرء حتى يضع الوضوء مواضعه ثم يستقبل القبلة ، ويقول : « الله أكبر » (٣) وهذا نص فيما ذكرناه.

٧٠ ـ مسألة : إذا سجد على كور العمامة (٤) ، هل تصح صلاته أم لا؟

الجواب : لا تصح صلاته إذا سجد على ذلك ، لأنها لا تصح الا بسجوده على سبعة أعظم ، وهي : الكفان ، والركبتان ، وإبهاما الرجلين ، والجبهة. وانما قلنا ذلك ، لما رواه ابن عباس « ض » من قوله : أمر رسول الله (ص) ان يسجد على سبعة أعظم : اليدين ، والركبتين ، والقدمين ، والجبهة (٥). ومن سجد على كور العمامة ، فلم يسجد على الجبهة. ولأن إجماع الطائفة أيضا على ما ذكرناه.

__________________

(١) سنن ابى داود ج ١ ص ١١٥ ح ٤٢٦ ـ كتاب الصلاة.

(٢) صحيح مسلم ج ١ كتاب الأيمان ص ٦٣.

(٣) فتح الباري لابن حجر العسقلاني ج ٢ ص ١٧٢ والمغني لابن قدامة ج ١ ص ٤٠٥.

(٤) الكور : دور العمامة. مجمع البحرين.

(٥) سنن الدارمي ج ١ ص ٣٠٢ كتاب الصلاة باب السجود على سبعة أعظم ( مع اختلاف قليل ).

٢٣

٧١ ـ مسألة : إذا رعف (١) ، وهو في الصلاة ، فأصاب الدم موضعا من جسده أو ثوبه ، فغسل ذلك ، هل يكون ذلك قاطعا لصلاته بما فعله أم لا؟

الجواب : ان كان انحرف عن القبلة ، أو التفت يمينا أو شمالا أو تكلم بما يفسد الصلاة ، كان قاطعا لها ، وعليه الإعادة ، وان لم يكن منه شي‌ء من ذلك ، يبنى على ما تقدم ، ولا يعيد.

٧٢ ـ مسألة : إذا سلم عليه غيره ، وهو في الصلاة ، فرد عليه ، هل يكون قاطعا لصلاته أم لا؟

الجواب : ان كان قال في الرد عليه : « وعليكم السلام » فقد قطع الصلاة ، لأنه يكون متكلما بما ليس من الصلاة. وان كان قال : « سلام عليكم » لم يقطع ذلك الصلاة ، لأنه يكون متكلما بما هو من الصلاة ، وهو لفظ القرآن. (٢)

٧٣ ـ مسألة : إذا صلى اربع ركعات ، ثم ذكر انه ترك اربع سجدات : عن كل ركعة سجدة ، هل تجب عليه إعادة الصلاة أم لا؟

الجواب : عليه إعادة الصلاة ، لأن كل سهو يعرض في الركعتين الأولتين ، تجب منه اعادة الصلاة.

٧٤ ـ مسألة : إذا ترك اربع سجدات ، ولا يعلم موضعها ، هل تجب عليه إعادة الصلاة أم لا؟

الجواب : عليه الإعادة ، لمثل ما قدمناه في المسألة المتقدمة ، لأنه لا يأمن من ان يكون ما ترك منها من الركعتين الأولتين.

٧٥ ـ مسألة : إذا ترك ثلاث سجدات ، ولا يعلم موضعها ، هل تجب عليه إعادة الصلاة أم لا؟

الجواب : عليه الإعادة ، لمثل ما تقدم في المسألة المتقدمة على هذه المسألة.

__________________

(١) الرعاف : خروج الدم من الأنف.

(٢) قال في العروة الوثقى : لو قال المسلم : عليكم السلام ، فالأحوط في الجواب ان يقول : سلام عليكم بقصد القرآنية أو بقصد الدعاء. المسألة : ١٨ من مسائل مبطلات الصلاة. انتهى. والمسألة اختلافية من أراد تفصيلها فليرجع إلى جواهر الكلام ج ١١ ص ١٠٠ وفي مستمسك العروة ج ٦ ص ٥٥٨ استدل على تعين الجواب ب « عليكم السلام » من جهتين فلاحظ.

٢٤

٧٦ ـ مسألة : إذا ترك سجدتين من ركعتين ولا يعلم من أيتهما هي ، هل تجب عليه الإعادة أم لا؟

الجواب : عليه الإعادة بمثل ما قدمناه ، لأنه لا يأمن من ان تكونا من الركعتين الأولتين ، أو الثالثة ، أو الرابعة.

٧٧ ـ مسألة : إذا ترك سجدة واحدة ، ولا يعلم من اى الركعات هي ، هل تجب عليه الإعادة أم لا؟

الجواب : عليه الإعادة ، لمثل ما قدمناه ، لأنه لا يأمن أن تكون من الركعتين الأولتين.

٧٨ ـ مسألة : الموضع الذي يختص بسجدتي السهو ، هل هو قبل التسليم أو بعده؟

الجواب : موضع ذلك بعد التسليم ، وذهب بعض أصحابنا إلى انهما ، ان كانت لنقصان ، كانتا قبل التسليم ، وان كانتا لزيادة ، كانتا بعد التسليم (١). والذي ذكرناه أولى ، لأنه الأظهر والأكثر بين الطائفة.

٧٩ ـ مسألة : المسافر إذا أحرم في السفينة بصلاة مقيم ، ثم سارت السفينة ، هل يجب عليه التقصير أم لا؟

الجواب : لا يجب عليه التقصير ، لأنه لم يخف عليه أذان مصره ، ولم يتوار عنه جدران مدينته ، لأن كل واحد منهما ، أو هما شرط في ذلك.

٨٠ ـ مسألة : المسافر إذا سافر الى بلد ، وللبلد طريقان ، أحدهما أقرب إليه من الطريق الأخر ، والأقرب لا يجب فيه التقصير ، فسار في الأبعد منهما. لغرض له من ذلك ، أو لغير غرض ، هل يلزمه التقصير أم لا؟

الجواب : يلزمه التقصير ، لأن الذي يدل على التقصير ، عام فيه ذلك.

٨١ ـ مسألة : إذا سهى المسافر ، فصلى أربعا ، هل تجب عليه الإعادة أم لا؟

__________________

(١) والقائل بهذا التفصيل هو أبو على لاحظ جواهر الكلام ج ١٢ ص ٤٤١. ونقل كلام ابى على في هامش المبسوط ج ١ ص ١٢٥ ونقل العلامة ( قد ) هذا التفصيل عن ابن الجنيد لاحظ المختلف ص ١٤٢.

٢٥

الجواب : عليه الإعادة ، لأن صلاة المسافر إذا عرض فيها السهو ، كانت باطلة ، وإذا بطلت كانت عليه الإعادة. وفي أصحابنا من يقول : بان السهو في صلاة السفر لا يوجب الإعادة والأول هو الأظهر والأكثر بين أصحابنا ، وعليه العمل. وهؤلاء وان ذهبوا الى ما ذكرناه عنهم ، فإنهم يقولون في هذه المسألة : ان عليه الإعادة ، لأنه قد زاد في الصلاة. والإعادة واجبة عليه على المذهبين جميعا.

٨٢ ـ مسألة : إذا جلس الإمام يوم الجمعة على المنبر ، وباع من تجب عليه الجمعة ، في هذا الوقت شيئا ، هل ينعقد البيع أم لا؟

الجواب : لا ينعقد البيع ، لأنه منهي عنه ، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه (١).

٨٣ ـ مسألة : إذا صلى رجلان ، وصلى خلفهما آخر ونوى الايتمام بهما ، هل تصح صلاته أم لا؟

الجواب : لا تصح صلاته ، لأن الايتمام والاقتداء باثنين لا يجوز.

٨٤ ـ مسألة : إذا نوى ان يقتدى بواحد من اثنين بين يديه بغير تعيين له ، هل تجوز صلاته أم لا؟

الجواب : لا تصح صلاته ، لأنه إذا لم يعرف امامه لم يمكنه الاقتداء به.

٨٥ ـ مسألة : إذا اجتمع جنازة صبي وامرأة وخنثى ورجل ، كيف يترتبون للصلاة ، إذا أريدت الصلاة عليهم مرة واحدة؟

الجواب : إذا كان الصبي ممن تجب الصلاة عليه ، قدمت المرأة إلى القبلة ، ثم الخنثى ، ثم الصبي ، ثم الرجل ، وان كان الصبي ممن لا تجب الصلاة عليه ، قدم هو أولا إلى القبلة ثم بعد ذلك على الترتيب الذي ذكرناه ، لأن عليه إجماع الطائفة ، لأنه هو السنة ، على ما ورد الخبر به بتقديمها أولا. (٢)

٨٦ ـ مسألة : إذا شد المصلى كلبا بحبل ، وكان طرف الحبل معه ، أو

__________________

(١) ان النهي في المعاملات انما يقتضي الفساد إذا تعلق بذات المعاملة كالنهي عن البيع الغرري والربوي ، واما إذا تعلق بعنوان خارج عنها واتحد ذلك العنوان مع بعض مصاديقها فلا يقتضي الفساد فلا تكون المعاملة باطلة فظهر ان ما في المتن من هذا القبيل فلا يكون فاسدا.

(٢) الوسائل ج ٢ ص ٨٠٨ ب ٣٢ من أبواب صلاة الجنازة.

٢٦

وقف عليه ، هل تصح صلاته أم لا؟

الجواب : صلاته صحيحة ، لأن ما يقطع الصلاة ، ليس هذا من جملته.

٨٧ ـ مسألة : إذا سهى المصلى في صلاة الكسوف ، هل تجب عليه إعادتها أم لا؟

الجواب : هذه المسألة ، لا نص لأصحابنا فيها ، الا انها وان كانت كذلك ، فتجب عليه إعادتها ، لأن هذه الصلاة قد تعلقت بذمة المكلف ، فيجب عليه ان يؤديها بيقين. وإذا أعادها ، فقد تيقن براءة ذمته منها ، وإذا لم يعدها عند سهوه منها ، لم يكن على يقين من أدائها.

٢٧

باب مسائل تتعلق بالزكاة :

٨٨ ـ مسألة : إذا كان عند انسان من الإبل ست وعشرون ، ومضت ثلاث سنين ، ما الذي يجب عليه؟

الجواب : يجب عليه بنت مخاض للسنة الأولى ، ثم ينقص (١) النصاب الذي يجب فيه بنت مخاض ، فيجب عليه في السنة الثانية خمس شياه ، ثم ينقص النصاب عما يجب عليه في ذلك ، فيجب عليه اربع شياه ، فيجتمع عليه في ذلك بنت مخاض وتسع شياه.

٨٩ ـ مسألة : إذا كان عنده خمس من الإبل ، ومضت عليه ثلاث سنين ، هل يجب عليه أكثر من شاة واحدة أولا؟

الجواب : لا يجب عليه أكثر من شاة واحدة ، لأن الشاة استحقت بها فبقي أقل من خمسة ، فلا يجب عليه شي‌ء منها.

٩٠ ـ مسألة : إذا كانت البقرة معلوفة ، أو عاملة (٢) في بعض الحول وسائمة في البعض الأخر ، هل تجب عليه فيها زكاة أم لا؟

الجواب : الحكم في ذلك بالأغلب ، فإن كان الأغلب هو السوم ، حكم فيه بذلك ، وان لم يكن هو الأغلب ، لم يحكم بذلك فيها.

٩١ ـ مسألة : إذا كانت البقرة معلوفة ، أو عاملة في بعض الحول ، وسائمة

__________________

(١) عاملة : هي التي يستقى عليها ويحرث ـ مجمع البحرين.

(٢) وفي نسخة : ينقض وكذا فيما بعد.

٢٨

في البعض الأخر ، وكان ذلك فيها متساويا ، هل تجب فيها زكاة أم لا؟

الجواب : فيها الزكاة ، لأن الاحتياط يقتضي ذلك. فان قيل : بأنه ليس فيها زكاة ، كان قويا ، لأن الأصل براءة الذمة ، والقول بذلك يفتقر فيه الى دليل ، ولأن الشرط فيما يجب فيه الزكاة من ذلك ، حول الحول عليه مع كونه سائما ، وهذا غير حاصل في ذلك.

٩٢ ـ مسألة : إذا كان عنده من الغنم أو غيرها ما يبلغ النصاب ، وذكر انه وديعة عنده ، هل يقبل قوله أم لا؟ وهل يجب عليه في ذلك يمين أم لا؟

الجواب : قوله في ذلك مقبول ، ولا يلزمه على ذلك يمين ، لأن أمير المؤمنين عليه‌السلام أمر ساعيه في الصدقات : بان يجعل الأمر في ذلك الى أربابها ، ولم يأمره بيمين في ذلك. (١)

٩٣ ـ مسألة : إذا كان عنده أربعون شاة ، فلما حال عليها الحول ، ولدت واحدة ، ولما حال عليها الحول الثاني ، ولدت واحدة ، ولما حال عليها الحول الثالث ، ولدت واحدة ، ما الذي يجب عليه في ذلك؟

الجواب : الذي يجب عليه في ذلك ثلاث شياه ، لأن الحول الأول حال عليها ، وهي أربعون شاة ، فوجبت فيها شاة ، فلما ولدت الواحدة تمت من الرأس أربعين شاة ، فلما حال عليها الحول الثاني ، كان قد حال على الأمهات والسخل الحول ، وهي أربعون ، وجبت فيها شاة أخرى ، فلما ولدت تمت أربعين ، فلما حال عليها الحول وجب عليه فيها ثلاث شياه.

٩٤ ـ مسألة : إذا كان عنده مأتا شاة وواحدة ، ومضت ثلاث سنين ، ما الذي يجب عليه في ذلك؟

الجواب : الذي يجب عليه في ذلك ، سبع شياه ، لأنه يجب عليه في السنة الأولى ثلاث شياه ، وفي كل سنة شاتان ، لأن المال الثاني والثالث قد نقص عن المأتين وواحدة ، فلم يجب عليه أكثر من شاتين أيضا. وينبغي أيضا ان يحكم فيه

__________________

(١) الوسائل ج ٦ ص ٨٨ ب ١٤ من أبواب زكاة الأنعام أحاديث الباب ومستدرك الوسائل ج ١ ص ٥١٦ ب ١٢ من أبواب زكاة الأنعام أحاديث الباب.

٢٩

كذلك بالغا ما بلغ المال وبقي منه ما بقي.

٩٥ ـ مسألة : إذا كان عنده من المواشي ما يبلغ النصاب ، فغضب ذلك ، ثم عاد اليه قبل حول الحول ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الأمر على ذلك ، استأنف بها الحول ، سواء كانت عنده سائمة وعند الغاصب معلوفة ، أو كانت عنده معلوفة وعند الغاصب سائمة ، لأنه يراعى في المال إمكان التصرف فيه طول مدة الحول ، وهذا غير متمكن من ذلك.

٩٦ ـ مسألة : إذا كان المكلف في بلاد الشرك ، وله مال في بلاد الإسلام ، هل تجب عليه زكاة أم لا؟

الجواب : لا تجب عليه زكاة ، فان زكاة سنة واحدة استحبابا ، كان جائزا وان مرت عليه سنون ، لأن إمكان التصرف فيه غير حاصل له. ولقولهم (ع) :

لا زكاة في المال الغائب. (١)

٩٧ ـ مسألة : إذا وجبت عليه زكاة ، وتمكن من الأداء ، وكان في بلده مستحق لها ، فحملها الى بلد آخر وهلكت ، هل يجب عليه ضمانها أم لا؟

الجواب : عليه ضمانها ، لأن إجماع الطائفة عليه ، ولأنه بالتمكن من الأداء وحصول المستحق به يلزمه الضمان.

٩٨ ـ مسألة : إذا وجبت عليه زكاة ، وتمكن من الأداء ، ولم يكن في بلده من يستحقها ، وحملها الى بلد آخر وهلكت ، هل يجب عليه ضمان أم لا؟

الجواب : لا ضمان عليه ، لأن إجماع الطائفة عليه ، ولأنه مع عدم المستحق غير متمكن من الأداء.

٩٩ ـ مسألة : ما يتولد من الغنم والظبي ، هل فيه زكاة أم لا؟

الجواب : إذا كان ما يتولد من ذلك يسمى غنما كانت فيه الزكاة ، لأن رسول الله (ص) قال : في سائمة الغنم الزكاة (٢) ، وهذا الاسم يتناول ذلك

__________________

(١) الوسائل ج ٦ ص ٦١ ب ٥ من أبواب من تجب عليه الزكاة أحاديث الباب.

(٢) سنن البيهقي ج ٤ كتاب الزكاة ص ١٠٠.

٣٠

فتجب فيه الزكاة.

١٠٠ ـ مسألة : إذا كان عنده أربعون شاة ، واستأجر بها أجيرا بشاة ، هل تجب عليه فيها زكاة أم لا؟

الجواب : لا زكاة عليه في ذلك ، لأن النصاب قد نقص بدفع الشاة إلى الأجير.

١٠١ ـ مسألة : المكاتب إذا كان عنده مال ، هل تجب عليه زكاة أم لا؟

الجواب : إذا كان مشروطا عليه ، وكان معه نصاب ، لم تكن عليه زكاة ، لأنه يعد بحكم الرق لا يملك شيئا ، ولا بد من مراعاة الملك في ذلك ، فان كان غير مشروط عليه ، وتحرر منه بمقدار ما ادى ، وكان معه نصاب بحصته من الحرية ، كانت عليه فيه الزكاة ، لأنه مالك له على كل حال.

١٠٢ ـ مسألة : إذا كان عنده نصاب ، ومات في بعض الحول ، وانتقال هذا النصاب الى وارثه ، هل تجب عليه فيه الزكاة أم لا؟

الجواب : لا يلزم الوارث الزكاة عن ذلك ، لأنه لم يحل الحول عليه في ملكه ، وعليه ان يستأنف الحول ، فإذا حال الحول على هذا النصاب كانت عليه الزكاة.

١٠٣ ـ مسألة : إذا دفع من وجبت عليه الزكاة ، ذلك الى مستحقها ، ولم ينو بها في حال الدفع الزكاة ، هل يكون ذلك مجزيا عنه أم لا؟

الجواب : لا يكون ذلك مجزيا عنه ، وعليه إخراجها بهذه النية ، لأن الأعمال بالنيات ، كما قال رسول الله (ص) (١). وأيضا قوله تعالى « وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ » (٢). والإخلاص لا يكون إلا بالنية ، وأيضا فإنه إذا نوى فلا خلاف في ان ذلك يجزى عنه ، وليس كذلك إذا لم ينو.

١٠٤ ـ مسألة : إذا كان معه مأتا درهم أو غيره من النصب فقال : لله على ان أتصدق بمأة من المأتين ، أو بالنصف من نصاب غيرها ، وحال الحول ،

__________________

(١) الوسائل ج ١ ص ٣٤ ـ ب ٥ أبواب مقدمة العبادات ح ٦ و ١٠.

(٢) البينة : ٥.

٣١

هل عليه في ذلك زكاة أم لا؟

الجواب : لا زكاة عليه في ذلك ، لأنه بالنذر قد خرج بعض النصاب بذلك قبل ان يحول الحول عليه من ملكه ، ولما حال الحول عليه ، لم يحل وهو مالك لجميع النصاب.

١٠٥ ـ مسألة : إذا كان عنده مأتان ، وحال الحول عليهما ، ووجبت الزكاة عليه فيهما ، فتصدق بجميعهما ، هل سقط عنه فرض الزكاة أم لا؟

الجواب : لا يسقط ذلك عنه فرض الزكاة عليه فيهما ، لأن إخراج الزكاة عبادة وقربة ، ويفتقر في إخراجها كذلك إلى نية الوجوب ، وإخراجها على وجه المقدم ذكره متعر من نية الوجوب ، فلا يكون ذلك مجزيا عنه.

١٠٦ ـ مسألة : إذا كان للإنسان مملوك غائب يعلمه حيا ، هل تجب عليه فطرته أم لا؟

الجواب : الفطرة عنه تلزم سيده ، لأنه الخبر وارد عن النبي (ص) بإخراجها عن نفسه وعن مملوكه (١) والخبر يتناول ذلك.

١٠٧ ـ مسألة : إذا كان العبد لاثنين ، هل تجب عليهما جميعا الفطرة عنه أم لا؟

الجواب : يجب عليهما ذلك بحصة ما لكل واحد منهما منه ، لأن الأخبار الواردة في ذلك تتضمن بإخراج الإنسان عن عبده ، وهي عامة في ذلك (٢) ، وأيضا فالاحتياط يقتضيه.

__________________

(١) الوسائل ج ٦ ص ٢٢٧ باب ٥ من أبواب زكاة الفطرة أحاديث الباب.

(٢) الوسائل ج ٦ ص ٢٢٨ باب ٥ من أبواب زكاة الفطرة أحاديث الباب. وقال المحقق في المعتبر ج ٢ ص ٦٠٠ : لو كان عبد بين اثنين فزكاته عليهما وبه قال الشافعي واحمد. لنا ما رووه عن ابن عمر قال فرض رسول الله (ص) الصدقة على كل حر وعبد ممن يمونون.

٣٢

باب مسائل تتعلق بالصوم

١٠٨ ـ مسألة : إذا صام الإنسان يوم الشك بنية انه من شهر رمضان ، هل يجزيه ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجزيه ذلك ، لأنه مما نهى عن صومه على هذا الوجه ، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه.

١٠٩ ـ مسألة : إذا كان محبوسا أو أسيرا ، وهو بحيث لا يعلم شهر رمضان من جملة شهور السنة على التعيين ، ما الذي يجب عليه؟

الجواب : يصوم شهرا ، فان وافق ذلك شهر رمضان ، أجزأه ، وان كان بعد شهر رمضان ، كان مجزيا عنه ، وان كان قبله ، كانت عليه الإعادة ، لأن صومه بعده يقع موقع القضاء ، وهذا لا يجوز قبله مطلقا.

١١٠ ـ مسألة : إذا جامع قبل طلوع الفجر ، ثم طلع الفجر وهو مخالط ، ما حكمه؟

الجواب : يجب عليه التخلص مما هو فيه ، ويغتسل ويتمم صومه ، ولا شي‌ء عليه ، لأنه لم يتعمد ذلك في زمان الصوم.

١١١ ـ مسألة : إذا قلد غيره في ان الفجر لم يطلع ، وكان قد طلع ، ثم تناول ما يفطره ، ما حكمه؟

الجواب : يجب عليه القضاء ، لأنه مكلف لمراعاة ذلك ، وكشفه بنفسه إذا كان متمكنا من ذلك.

٣٣

١١٢ ـ مسألة : إذا طعنه غيره ، فوصل السنان الى جوفه ، هل يفطر بذلك أم لا؟

الجواب : لا يفطر ، لأن ذلك حدث به من غير قصد منه اليه ، وهو الاختيار ، ولا اختيار له في ذلك.

١١٣ ـ مسألة : إذا طعن بنفسه ، فوصل ما طعنها به الى جوفه ، هل يفطر أم لا؟

الجواب : يفطر ، لأن ذلك حدث عن قصده وتعمده.

١١٤ ـ مسألة : من أقدم على فعل ما يوجب عليه الكفارة في أول النهار ، ثم تجدد له السفر ، أو حدث به مرض يجوز له معه الإفطار ، هل تجب عليه كفارة عن ذلك أم لا؟

الجواب : تجب الكفارة عليه ، لأنه أقدم على ذلك ، وتعمده في الزمان الذي ليس له ان يقدم عليه ، ولا ان يتعمده في مثله.

١١٥ ـ مسألة : إذا أفطر متعمدا في نهار شهر رمضان ، من غير عذر يبيح له ذلك ، وسئل : هل عليه في ذلك حرج أم لا؟ فقال : ( لا ) (١) ما الذي يجب عليه؟

الجواب : إذا سئل عن ذلك ، فقال : لا حرج على في ذلك ، كان عليه القتل ، وان قال : على فيه حرج ، عزره الإمام بغليظ العقوبة ، فإن أقدم على ذلك ثلاث مرات أو أكثر ، عزر فيها دفعتين ، وقتل بعد ذلك.

١١٦ ـ مسألة : إذا أكره زوجته على الجماع ، هل تجب عليها الكفارة أم لا؟

الجواب : إذا أكرهها على ذلك ، لم تجب الكفارة عليها ، بل يجب ذلك على الزوج ، فتكون عليه كفارتان : الواحدة عنه ، والأخرى عنها ، لأن ذلك حدث عن قصده واختياره له.

__________________

(١) « لا » غير موجودة في النسخ التي بأيدينا ووضعناها لأن السياق يقتضيها.

٣٤

١١٧ ـ مسألة : إذا أكره من لا يحل له وطؤها على الجماع هل تلزمه كفارتها ، لكما لزمته في وطئه لزوجته أم لا؟

الجواب : هذه المسألة فيها خلاف بين أصحابنا ، والأظهر انه تلزمه كفارتها ، لأن الاحتياط يقتضيها.

١١٨ ـ مسألة : إذا نذر صوم يوم معين ، ووافق ذلك شهر رمضان ، هل يجوز صومه بنية النذر أم لا؟

الجواب : لا يصح صومه له نذرا ، إذا كان حاضرا أو في حكم الحاضر.

لأن صوم شهر رمضان ممن هذا حكمه ، لا يصح عن غيره ، ولا يصح الا عنه.

١١٩ ـ مسألة : إذا نذر صوم يوم معين ، ووافق ذلك شهر رمضان ، وكان مسافرا ، فصامه بنية النذر ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : يصح له ذلك ، لأن صوم شهر رمضان لا يجب عليه ، فجاز وقوع صوم هذا اليوم عن غير شهر رمضان ، وقد وردت الرواية بأنه لا يجوز الصوم الواجب في السفر (١) ، وعلى ذلك ، لا يصح هذا الصوم جملة ، والاحتياط يقتضي ما ذكرناه أولا.

١٢٠ ـ مسألة : إذا نذر انه ان تمكن عن وطى من لا يحل له وطؤها ، أو قتل من لا يحل له قتله ، كان عليه صوم ، هل يلزمه هذا الصوم إذا تمكن من ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجب عليه هذا الصوم ، لأنه قبيح ، من حيث انه نذر في معصيته ، والصوم انما يقع صحيحا بان يتقرب به الى الله تعالى ، والقبيح لا يتقرب به الى الله سبحانه.

١٢١ ـ مسألة : إذا نذر صوم يوم معين ، فوافق ذلك اليوم ، يوم عيد ، هل يجب عليه القضاء أم لا؟

الجواب : لا يجب عليه ذلك ، وذهب بعض أصحابنا الى ان القضاء يجب

__________________

(١) الوسائل ج ٧ ص ١٤٢ ب ١١ من أبواب من يصح منه الصوم ح ١ و ٤.

٣٥

عليه ، وكان يقول : ان علق النذر بيوم العيد فقط فلا قضاء عليه ، وان علقه بغير ذلك ، ووافق يوم العيد ، كان عليه القضاء (١).

وعندي انه لا فرق بين الموضعين ، لأن يوم العيد عندنا جميعا ، ليس بزمان يصح انعقاد النذر عليه ، وإذا كان كذلك ، فلو كان القضاء يجب عن إفطاره لهذا اليوم ، لكان مما يصح صومه ، وقد علمناه خلافه ، وأيضا فإن القضاء يتبع وجوبه في وجوب المقضي ، فإذا كان كذلك ، وكان يوم العيد لا يصح صومه ، لم يجب القضاء عنه. فان قيل : فالحائض والمسافر يجب عليهما قضاء اليوم الذي تخيض فيه الحائض ، ويسافر فيه المسافر ، وان كان لا يصح صومه. قلنا : الفرق بين الأمرين ، ان اليوم الذي ذكرته كان يصح صومه : بان لا تكون الحائض حاضت فيه ، وكذلك المسافر ، وليس كذلك يوم العيد ، لأنه لا يصح صومه على كل حال ، فافتراق الأمران.

١٢٢ ـ مسألة : إذا نذر ان يصوم يوم يقدم انسان ذكره من سفره ، فقدم هذا الإنسان ليلا ، هل يجب عليه هذا الصوم أم لا؟

الجواب : لا يلزمه ذلك ، لأنه شرط صوم يوم ، وإذا قدم ليلا ، فالشرط لم يحصل ، وإذا لم يحصل شرطه ، لم يلزمه الصوم.

١٢٣ ـ مسألة : إذا نذر ان يصوم يوم يقدم انسان عينه من سفره ، فقدم في بعض نهار ذلك اليوم ، هل يجب عليه الصوم أم لا؟

الجواب : ان كان قدوم الإنسان حصل قبل الزوال ، ولم يكن الناذر تناول ما يفطر ، كان عليه الصوم ، وان كان قدم بعد الزوال ، لم يجب عليه صومه ولا قضاؤه ، لأن بعض النهار لا يكون صوما.

١٢٤ ـ مسألة : إذا كان كافرا وأسلم في بعض شهر ، أو في بعض يوم من أيامه ، هل يجب عليه القضاء لما فاته أم لا؟

الجواب : لا يجب عليه القضاء لما فاته ، لأنه لا خلاف في ان الكافر

__________________

(١) وهو خيرة الشيخ في المبسوط لاحظ ج ١ ص ٢٨١ من كتاب الصوم.

٣٦

لا يجب عليه قضاء ما فرط فيه في أيام كفره ، واما بعض اليوم ، فإنه يمسك في باقي نهاره عن تناول ما يفطر عليه ، على وجه التأديب.

١٢٥ ـ مسألة : إذا كان معتكفا ، وزوجته كذلك وجامعها ، ما حكمها في ذلك؟

الجواب : ان وطأها ساهيا أو ناسيا ، لم يكن عليه شي‌ء ، وكذلك المرأة ، فإن كان هو ساهيا أو ناسيا ، وليست المرأة كذلك ، لم تجب عليه الكفارة ، وكانت عليها الكفارة عن نفسها ، فان تعمدا جميعا الجماع في نهار الصوم ، كانت على كل واحد منهما كفارتان : كفارة للصوم ، وكفارة للاعتكاف.

فإن أكرهها على ذلك ، وكان اعتكافها بامره ، لم تلزمها كفارة ، بل تنتقل كفارتها بالإكراه اليه ، فتكون عليه اربع كفارات. وان كانت معتكفة بغير اذنه ، لم يلزمه غير كفارتين عن نفسه ، وان كان الوطي ليلا ، كانت عليه كفارة واحدة للاعتكاف ، فان طاوعته المرأة الى ذلك ، كانت عليها أيضا كفارة واحدة ، فإن أكرهها على ذلك ، وكان اعتكافها باذنه ، كانت عليه كفارتان ، ولم يلزمها شي‌ء.

١٢٦ ـ مسألة : إذا كان معتكفا وباع شيئا أو اشتراه ، هل يصح بيعه أو شراؤه ، أو لا يصح؟

الجواب : لا يصح بيعه ولا شراؤه ، لأنه منهي عن ذلك ، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه (١).

١٢٧ ـ مسألة : إذا كانت مأذنة المسجد خارجة منه ، وبينها وبينه فسحة وفضاء ، هل يجوز للمعتكف الخروج من المسجد إليها ليؤذن فيها ، أم لا يجوز له الخروج منه؟

الجواب : يجوز له ذلك ، ولا يبطل اعتكافه ، لأن الأخبار عندنا ، واردة بالحث على الأذان (٢) ، وليست متضمنة لتفصيل ذلك من غيره ، فوجب حملها

__________________

(١) وقد ذكرنا فيما سبق تعليقة في هامش المسألة رقم ٨٢ فراجع.

(٢) الوسائل ج ٤ ص ٦٣٩ ب ١٦ من أبواب الأذان والإقامة أحاديث الباب.

٣٧

على عمومها.

١٢٨ ـ مسألة : إذا كان ممن تتعين عليه إقامة الشهادة ، وخرج من المسجد ليقيمها ، هل يبطل بذلك اعتكافه أم لا؟

الجواب : لا يبطل اعتكافه بذلك ، لأن الأصل جوازه ، ولا دليل يفضى الى العلم بالمنع منه فيقال به ، وأيضا قوله سبحانه « وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا » (١) ولم يتضمن تفصيلا للمعتكف من غيره.

١٢٩ ـ مسألة : إذا كان معتكفا ثم ارتد ، هل يبطل اعتكافه أم لا؟

الجواب : إذا كان إسلامه عن كفر أصلي ثم ارتد ، فقد صار بالارتداد كافرا ، وحكم بنجاسته ، ولا يجوز له المقام في المسجد ، ولا تصح العبادة منه ، وذلك مناف للاعتكاف. وان كان إسلامه أصليا ثم ارتد ، فهذا يقتل على كل حال ، ولا يصح اعتكافه ، مع كونه أيضا محكوما بنجاسته ، لأجل كفره. على انه ينبغي على أصولنا ـ في ان الكفر لا يتعقب الإيمان ـ ان نحكم بأن إسلامه المتقدم على الارتداد ، لم يكن صحيحا ، وإذا لم يكن صحيحا لم يصح اعتكافه على كل حال.

١٣٠ ـ مسألة : إذا سكر وهو معتكف ، هل يبطل اعتكافه أم لا؟

الجواب : يبطل اعتكافه ، لأن الاعتكاف هو اللبث المتطاول لعبادة مخصوصة ، فإذا سكر ، فقد فسق ، وخرج بسكره عن كونه لابثا معتكفا في المدة المذكورة للعبادة ومستمرا عليها ، وذلك ينقض الحقيقة في كونه معتكفا.

__________________

(١) البقرة : ٢٨٢.

٣٨

باب مسائل تتعلق بالحج :

١٣١ ـ مسألة : إذا أحرم المستأجر في الحج عمن استأجره ، ثم أراد نقل الإحرام إلى نفسه ، هل يجوز له ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح هذا النقل ، فان مضى على هذه النية لم يقع حجة إلا عمن بدأ بنيته ، لأن صحة نقل ذلك يفتقر فيه الى دليل ، ولا دليل يقتضي علما بذلك.

١٣٢ ـ مسألة : إذا ارتد عن الإسلام ، وقد كان حج قبل ارتداده ، ثم عاد إلى الإسلام بعد ذلك ، هل يجب عليه الحج أم لا؟

الجواب : يجب عليه الحج ، لأن إسلامه الأول ، لم يكن عندنا صحيحا ، لأنه لو كان صحيحا لما جاز تعقب الكفر له ، على ما قدمناه ، فيلزمه من اعادة الحج ما ذكرناه.

١٣٣ ـ مسألة : إذا عقد على امرأة النكاح ، ولم يعلم هل كان العقد في حال الإحرام أو الإحلال ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : الاحتياط يقتضي تجديد العقد ، لأنه لا يأمن ان يكون قد وقع في حال الإحرام ، وذلك لا يجوز.

١٣٤ ـ مسألة : إذا اختلف الرجل والمرأة في العقد ، فقال الرجل : عقدت وانا محل ، وقالت المرأة : بل كنت محرما ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : القول في ذلك ، قول الرجل ، لأنه أعلم بنفسه ، والمرأة مدعية

٣٩

لكونه محرما ، فعليها البينة. ولا يجب عليه ذلك ، لأنها مقرة بالعقد له ، وادعت عليه ما يبطله ، وهي مفتقرة في دعواها إلى البينة ، ومتى ادعت المرأة انها كانت محرمة ، وأنكر الرجل ذلك ، كان الحكم ما تقدم ، فان قال الرجل : كنت محرما ، وقالت المرأة : بل كنت محلا ، كانت على الرجل البينة ، لأنه مقر لها بالعقد ، ومدع لما يفسده ، ليسقط عن نفسه صداق النكاح ، وغيره من مستحقات العقد.

١٣٥ ـ مسألة : إذا استأجر اثنان رجلا ليحج عنهما ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجزى ذلك عنهما جميعا ، ولا عن واحد منهما ، لأن حجة واحدة لا تجوز عن اثنين ، فان حج عن أحدهما ، فليس الواحد اولى بها من الأخر ، لأنهما جميعا استأجراه ليحج عنهما ، فإن أفرد أحدهما بالحجة لم تصح ، لما ذكرناه ، فإن أراد الأجير نقلها الى نفسه لم يصح ، لأنه ما نواها عن نفسه ، ونقلها لا دليل عليه.

١٣٦ ـ مسألة : إذا أحرم قبل الميقات ، وأصاب صيدا ، هل يجب عليه جزاء أو قيمته ، أو لا يجب عليه شي‌ء؟

الجواب : لا يجب عليه شي‌ء ، لأن إحرامه وقع من غير الميقات ، ومن شرط صحته ان يقع من الميقات.

١٣٧ ـ مسألة : إذا استأجر وهو صحيح ، متمكن من ينوب عنه في حجة الإسلام ، هل تكون هذه مجزئة عنه أم لا؟

الجواب : لا تجزى هذه الحجة عنه ، لأن الإجماع حاصل على ذلك.

١٣٨ ـ مسألة : إذا مات وكانت حجة الإسلام قد وجبت عليه ، وعليه دين ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : ان كان ما خلفه فيه الكفاية للجميع ، حج عنه ، وقضى عنه الدين أيضا ، فإن فضل بعد ذلك شي‌ء كان ميراثا ، وان لم يفضل من ذلك شي‌ء ، فلا ميراث ، وان كان ما خلفه لا يتسع لذلك ، قسم بينهما ، لأنهما دينان قد وجبا عليه ، وليس أحدهما أولى من الأخر ، وان قلنا : بتقديم الحج ، لأن حق الله سبحانه اولى من حق غيره ، كان جائزا.

٤٠