جواهر الفقه

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

جواهر الفقه

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩١

وبعض حد وربع حد وثمن حد؟

الجواب : هذا رجل تكرر منه زنا في يوم من شهر « رمضان » ، وتزوج فيه بعد ساعة ، واكره امرأته فيه على الجماع ، ثم وطأ بهيمة ، ثم عاد الى زوجته ، وقد حاضت فوطأها ، فوجب عليه للزنا مأة جلدة ، ولحرمة شهر « رمضان » تعزير بعض الحد ، ولإكراهه زوجته على الجماع في هذا الشهر نصف الحد ، ولوطئه البهيمة خمسة وعشرون جلدة وهو ربع الحد ، ولوطئه امرأته وهي حائض ، اثنا عشر سوطا ونصف ، وهو ثمن الحد.

٨٣٤ ـ مسألة : رجل وجب عليه في يوم واحد خمس مأة جلدة ، وقطع يده ورجليه ، والقتل والحرق بالنار؟

الجواب : هذا رجل يكرر زنا ثلاث مرات ، وشرب الخمر ، وقذف حرا ، وقطع يدي مسلم ورجليه ، ووطأ بهيمة ، وقتل امام المسلمين ، واستمنى بيده ، فوجب عليه للزنا ثلاث مرات ثلاث مأة جلدة ، ولشرب الخمر ثمانون جلدة ، وللقذف ثمانون جلدة ، ولوطأ البهيمة عشرون جلدة ، وللاستمناء عشرون جلدة ، فذلك خمس مأة جلدة. وقطع يديه ورجليه للقصاص ، ولقتل امام المسلمين ، القتل والحرق بالنار.

٨٣٥ ـ مسألة : امرأة ولدت على فراش زوجها « ببغداد » فلحق نسبه برجل « بالبصرة » فلزمه دون صاحب الفراش ، من غير ان يكون شاهدا لامرأة ولا عرفها ولا عقد عليها ولا وطأها حراما ولا حلالا؟

الجواب : هذه المرأة بكر ، ساحقتها أخرى ثيبا ، كانت قد قامت في حال مجامعة زوجها لها ، فسقطت نطفة الرجل من الثيب الى فرجها ، فحملت ، فمضى عليها تسعة أشهر فتزوجت في آخر الشهر التاسع ودخل زوجها بها ، فولدت ليلة دخوله بها ، على فراشه ، ولدا كاملا ، فأنكر الزوج ذلك ، فقررها على ذلك ، فأقرت بما تقدم ذكره ، وأقرت الفاعلة أيضا ، فلحق المولود بصاحب النطفة. وهذه حكومة الحسن بن على عليهما‌السلام ، على ما ورد به الخبر في ذلك (١).

__________________

(١) كنز الفوائد للكراجكي ص ١٣٩.

٢٤١

٨٣٦ ـ مسألة : امرأة هلكت وخلفت ابني عم لها وتركة ، فاستحق أحدهما من الميراث النصف والربع ، واستحق الأخر الربع؟

الجواب : كان أحد ابني عمها زوجها ، فأخذ بحق الزوجية النصف ، وبقي النصف الأخر ، فلما قاسم أخاه عليه ، كان له نصفه وهو الربع من الأصل ، فصار له بذلك النصف والربع ، وللآخر الربع.

٨٣٧ ـ مسألة : رجل هلك وخلف زوجته وأخاه لأبيه وامه ، فورثته زوجته وأخ لها ، ولم يرث اخوه من أبيه وامه من الميراث شيئا على حال؟

الجواب : هذا رجل تزوج امرأة ، وزوج ابنه أمها ، فولدت الأم لابنه ولدا ذكرا ، ثم مات ابنه ، فورثه ، ومات هو بعده ، فكانت تركته بين زوجته وأخيها ، لأنه ابنه ولا يرث اخوه شيئا منه.

٨٣٨ ـ مسألة : رجل مات ، فورثه سبعة اخوة وأخت لهم ، فكان الميراث بينهم ، لكل واحد منهم الثمن؟

الجواب : هذا رجل تزوج أم امرأة أبيه ، فولدت منه سبعة بنين ، فصار بنوه هؤلاء (١) ، اخوة امرأة أبيه ، ثم مات الرجل ، وبقي أبوه ومات الأب بعده ، فورثت امرأته الثمن ، وورث بنو أبيه ، الباقي ، كل واحد منهم الثمن بينهم بالسوية ، فحصل لهم من المال سبعة أثمان وهو الباقي بعد حق الزوجة التي هي أختهم من قبل الأم.

٨٣٩ ـ مسألة : رجل قيد عبده بقيد حديد ، وحلف ان لا ينزعه من قدميه حتى يتصدق بوزنه ، كيف يفعل في ذلك؟

الجواب : ورد الخبر بان الجواب في ذلك ، قضية أمير المؤمنين على بن ابى طالب (ع) ، وورد الخبر في ذلك على وجهين :

أحدهما ان رجلا قيد عبده بقيد حديد ، وحلف ان لا ينزعه من رجليه حتى يتصدق بوزنه ، وان أحدا لم يحسن الجواب. عن ذلك غيره.

والوجه الأخر : ان رجلين في عهد عمر بن الخطاب ، شاهدا عبدا مقيدا ،

__________________

(١) في نسخة : فصار أبناء هؤلاء.

٢٤٢

فقال أحدهما : ان لم يكن في قيده كذا ، فامرأته طالق ثلاثا ، فقال الأخر : ان كان في قيده ما قلت ، فامرأته طالق ثلاثا ، وذهبا الى سيد العبد فقالا له : انا قد حلفنا على كذا وكذا ، فحل قيد عبدك حتى نراه. فقال السيد : امرأته طالق ثلاثا ان أحله عنه حتى يتصدق بوزنه ، فارتفعوا الى عمر بن الخطاب ، فقصوا عليه القصة ، فأمرهم عمر فقال : مولاه أحق به ، وقال : فاذهبوا فاعتزلوا نسائكم.

فقالوا : اذهبوا بنا الى على بن ابى طالب عليه‌السلام ، لعل ان يكون عنده في هذا شي‌ء. فأتوه وقصوا عليه القصة ، وقال على عليه‌السلام : ما أهون هذا ، ثم أمر بإحضار جفنة (١) وشد القيد بخيط ، ووقف العبد في الجفنة ، والقيد مرسل أسفلها ، ثم صب الماء عليه حتى امتلأت ، ثم أمر برفع القيد ، فرفع حتى خرج من الماء ، فلما خرج نقص ، ثم دعا ببرادة الحديد (٢) ، فألقيت في الماء حتى ارتفع وعاد الى حده الأول ، ثم قال (ع) : اوزنوا هذا ففيه وزن العبد (٣).

وهذا من أحسن استخراجه صلوات الله عليه وعلى الأئمة الأبرار من عترته. والحمد لله رب العالمين ، والصلاة على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا.

__________________

(١) الجفنة : القصعة الكبيرة.

(٢) برادة الحديد : ما سقط منه.

(٣) الوسائل ج ١٨ ص ٢١٠ ب ٢١ من أبواب كيفية الحكم ح ٨ ـ والبحار ج ٤٠ ص ٢٨٠ ـ مع اختلاف قليل.

٢٤٣

رسالة

العقائد الجعفرية

« خمسون مسألة اعتقادية »

للشيخ الطوسي

٣٨٥ ـ ٤٦٠ هـ. ج

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين.

والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ، وآله المعصومين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وجعل كل واحد منهم على الخلق بعد الرسول أميرا.

قال الامام شيخ الطائفة أبو جعفر محمد ، الطوسي مولدا والنجفي مدفنا :

( مسألة ١ ) معرفة الله واجبة على كل مكلف ، بدليل انه منعم ، فيجب معرفته.

( مسألة ٢ ) الله تعالى موجود ، بدليل انه صنع العالم ، وأعطاه الوجود ، وكل من كان كذلك فهو موجود.

٢٤٤

( مسألة ٣ ) الله تعالى واجب الوجود لذاته ، بمعنى انه لا يفتقر في وجوده الى غيره ، ولا يجوز عليه العدم ، بدليل انه لو كان ممكنا لافتقر الى صانع ، كافتقار هذا العالم ، وذلك محال على المنعم المعبود.

( مسألة ٤ ) الله تعالى قديم أزلي ، بمعنى ان وجوده لم يسبقه العدم. باق أبدى ، بمعنى ان وجوده لن يلحقه العدم.

( مسألة ٥ ) الله تعالى قادر مختار ، بمعنى انه ان شاء ان يفعل فعل ، وان شاء ان يترك ترك ، بدليل انه صنع العالم في وقت دون آخر.

( مسألة ٦ ) الله تعالى قادر على كل مقدور ، وعالم بكل معلوم ، بدليل ان نسبة جميع المقدورات والمعلومات الى ذاته المقدسة المنزهة على السوية ، فاختصاص قدرته تعالى وعلمه ببعض دون بعض ترجيح بلا مرجح ، وهو محال.

( مسألة ٧ ) الله تعالى عالم ، بمعنى ان الأشياء منكشفة واضحة له ، حاضرة عنده غير غائبة عنه ، بدليل انه تعالى فعل الأفعال المحكمة المتقنة ، وكل من فعل ذلك فهو عالم بالضرورة.

( مسألة ٨ ) الله تعالى يدرك لا بجارحة ، بل بمعنى انه يعلم ما يدرك بالحواس ، لانه منزه عن الجسم ولوازمه ، بدليل قوله تعالى « لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١) » ، فمعنى قوله تعالى « إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٢) » انه عالم بالمسموعات لا بأذن ، وبالمبصرات لا بعين.

( مسألة ٩ ) الله تعالى حي ، بمعنى انه يصح منه ان يقدر ويعلم ، بدليل انه ثبتت له القدرة والعلم ، وكل من ثبتت له ذلك فهو حي بالضرورة.

( مسألة ١٠ ) الله تعالى متكلم لا بجارحة ، بل بمعنى أنه أوجد الكلام في جرم من الأجرام ، أو جسم من الأجسام ، لإيصال عظمته الى الخلق ، بدليل قوله تعالى « وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً » (٣) ، ولانه قادر ، فالكلام ممكن.

( مسألة ١١ ) الله تعالى صادق ، بمعنى انه لا يقول الا الحق الواقع ، بدليل ان كل كذب قبيح ، والله تعالى منزه عن القبيح.

( مسألة ١٢ ) الله تعالى مريد ، بمعنى انه رجح الفعل إذا علم المصلحة

__________________

(١) الأنعام : ١٠٣.

(٢) غافر : ٥٦.

(٣) النساء : ١٦٤

٢٤٥

( يعني انه غير مضطر وان إرادته غير واقعة تحت ارادة اخرى ، بل هي الإرادة العليا التي ان رأى صلاحا فعل ، وان رأى فسادا لم يفعل ، باختيار منه تعالى ) بدليل انه ترك إيجاد بعض الموجودات في وقت دون وقت ، مع علمه وقدرته ـ على كل حال ـ بالسوية. ولأنه نهى وهو يدل على الكراهة.

( مسألة ١٣ ) انه تعالى واحد ، بمعنى انه لا شريك له في الألوهية ، بدليل قوله « قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١) » ، ولانه لو كان له شريك لوقع التمانع ، ففسد النظام ، كما قال « لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا (٢) ».

( مسألة ١٤ ) الله تعالى غير مركب من شي‌ء ، بدليل انه لو كان مركبا لكان مفتقرا الى الأجزاء ، والمفتقر ممكن.

( مسألة ١٥ ) الله تعالى ليس بجسم ، ولا عرض ، ولا جوهر ، بدليل انه لو كان احد هذه الأشياء لكان ممكنا مفتقرا الى صانع ، وهو محال.

( مسألة ١٦ ) الله تعالى ليس بمرئي بحاسة البصر في الدنيا والآخرة ، بدليل انه تعالى مجرد ، ولأن كل مرئي لا بد ان يكون له الجسم والجهة ، والله تعالى منزه عنهما ولانه تعالى قال : « لَنْ تَرانِي (٣) » وقال « لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ».

( مسألة ١٧ ) الله تعالى ليس محلا للحوادث ، والا لكان حادثا ، وحدوثه محال.

( مسألة ١٨ ) الله تعالى لا يتصف بالحلول ، بدليل انه يلزم قيام الواجب بالممكن وذلك محال.

( مسألة ١٩ ) الله تعالى لا يتحد بغيره ، لان الاتحاد صيرورة الشي‌ء واحدا من غير زيادة ونقصان ، وذلك محال ، والله لا يتصف بالمحال.

( مسألة ٢٠ ) الله تعالى منفي عنه المعاني والصفات الزائدة ، بمعنى انه ليس عالما بالعلم ، ولا قادرا بالقدرة ( بل علم كله ، وقدرة كلها ) ، بدليل انه لو كان كذلك لزم كونه محلا للحوادث لو كانت حادثة ، وتعدد القدماء لو كانت قديمة ، وهما محالان ، وأيضا لزم افتقار الواجب الى صفاته المغايرة له ، فيصير ممكنا ، وهو ممتنع.

__________________

(١) الإخلاص : ١١٢

(٢) الأنبياء : ٢٢

(٣) الأعراف : ١٤٣

٢٤٦

( مسألة ٢١ ) الله تعالى غني ، بمعنى انه غير محتاج الى ما عداه ، والدليل عليه انه واجب الوجود لذاته ، فلا يكون مفتقرا.

( مسألة ٢٢ ) الله تعالى ليس في جهة ، ولا مكان ، بدليل ان كل ما في الجهة والمكان مفتقر إليهما ، وأيضا قد ثبت انه تعالى ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ، فلا يكون في المكان والجهة.

( مسألة ٢٣ ) الله تعالى ليس له ولد ولا صاحبة ، بدليل انه قد ثبت عدم افتقاره الى غيره ، ولأن كل ما سواه تعالى ممكن ، فكيف يصير الممكن واجبا بالذات ، ولقوله تعالى « لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‌ءٌ (١) » و « مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ (٢) ».

( مسألة ٢٤ ) الله تعالى عدل حكيم ، بمعنى انه لا يفعل قبيحا ولا يخل بالواجب بدليل ان فعل القبيح قبيح ، والإخلال بالواجب نقص عليه ، فالله تعالى منزه عن كل قبيح وإخلال بالواجب.

( مسألة ٢٥ ) الرضا بالقضاء والقدر واجب ، وكل ما كان أو يكون فهو بالقضاء والقدر ولا يلزم بهما الجبر والظلم ، لان القدر والقضاء ها هنا بمعنى العلم والبيان ، والمعنى انه تعالى يعلم كل ما هو.

( مسألة ٢٦ ) كل ما فعله الله تعالى فهو أصلح ، والا لزم العبث ، وليس تعالى بعابث ، لقوله : « أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً (٣) ».

( مسألة ٢٧ ) اللطف على الله واجب ، لانه خلق الخلق ، وجعل فيهم الشهوة ، فلو لم يفعل اللطف لزم الإغراء ، وذلك قبيح ، ( والله لا يفعل القبيح ) فاللطف هو نصب الأدلة ، وإكمال العقل ، وإرسال الرسل في زمانهم ، وبعد انقطاعهم إبقاء الامام ، لئلا ينقطع خيط غرضه.

( مسألة ٢٨ ) نبينا « محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف » رسول الله (ص) حقا صدقا. بدليل انه ادعى النبوة ، وأظهر المعجزات على يده ، فثبت انه رسول حقا ، وأكبر المعجزات « القرآن الحميد » والفرقان المجيد الفارق بين الحق والباطل ، باق الى يوم القيامة ، حجة على كافة النسمة.

__________________

(١) الشورى : ١١

(٢) آل عمران : ٥٩

(٣) المؤمنون : ١١٥

٢٤٧

ووجه كونه معجزا : فرط فصاحته وبلاغته ، بحيث ما تمكن احد من أهل الفصاحة والبلاغة حيث تحدوا به ، ان يأتوا ولو بسورة صغيرة ، أو آية تامة مثله.

( مسألة ٢٩ ) كان نبينا نبيا على نفسه قبل البعثة ، وبعده رسول إلى كافة النسمة لأنه قال « كنت نبيا وآدم بين الماء والطين » (١) ، والا لزم تفضيل المفضول ، وهو قبيح.

( مسألة ٣٠ ) جميع الأنبياء كانوا معصومين ، مطهرين عن العيوب والذنوب كلها ، وعن السهو والنسيان في الافعال والأقوال ، من أول الإعمار إلى اللحد ، بدليل انهم لو فعلوا المعصية أو يطرأ عليهم السهو لسقط محلهم من القلوب ، فارتفع الوثوق والاعتماد على أقوالهم وأفعالهم ، فتبطل فائدة النبوة ، فما ورد في الكتاب ( القرآن ) فيهم فهو واجب التأويل.

( مسألة ٣١ ) يجب ان يكون الأنبياء أعلم وأفضل أهل زمانهم ، لان تفضيل المفضول قبيح.

( مسألة ٣٢ ) نبينا خاتم النبيين والمرسلين ، بمعنى انه لا نبي بعده الى يوم القيامة ، يقول تعالى « ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ (٢) ».

( مسألة ٣٣ ) نبينا أشرف الأنبياء والمرسلين ، لانه ثبتت نبوته ، وأخبر بأفضليته فهو أفضل ، لما قال لفاطمة (ع) : « أبوك خير الأنبياء ، وبعلك خير الأوصياء ، وأنت سيدة نساء العالمين ، وولدك الحسن والحسين (ع) سيدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما ». (٣).

( مسألة ٣٤ ) معراج الرسول بالجسم العنصري علانية ، في غير منام ، حق ، والاخبار عليه بالتواتر ناطقة ، صريحة ، فمنكره خارج عن الإسلام ، وانه مر بالأفلاك من أبوابها من دون حاجة الى الخرق والالتئام ، وهذه الشبهة الواهية مدفوعة مسطورة بمحالها.

( مسألة ٣٥ ) دين نبينا ناسخ للأديان السابقة ، لأن المصالح تتبدل حسب

__________________

(١) بحار الأنوار ج ١٦ ص ٤٠٢

(٢) الأحزاب : ٣٣

(٣) بحار الأنوار ج ٤٣ ص ٩٨ و ٣٠٢.

٢٤٨

الزمان والأشخاص كما تتبدل المعالجات لمريض بحسب تبدل المزاج والمرض.

( مسألة ٣٦ ) الإمام بعد نبينا علي بن ابى طالب (ع) بدليل قوله (ص) :

« يا علي أنت أخي ووارث علمي ، وأنت الخليفة من بعدي ، وأنت قاضي ديني ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي » (١) ، وقوله : « سلموا على علي بإمرة المؤمنين ، واسمعوا له وأطيعوا له ، وتعلموا منه ولا تعلموه » ، (٢) ، وقوله : من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ». (٣)

( مسألة ٣٧ ) الأئمة بعد علي (ع) احد عشر من ذريته الأول منهم ولده الحسن ، ثم الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثم محمد بن علي ، ثم جعفر بن محمد الصادق ، ثم موسى بن جعفر ، ثم علي بن موسى ، ثم محمد بن علي ، ثم علي بن محمد ، ثم الحسن بن علي ، ثم الخلف الحجة القائم المهدي الهادي بن الحسن صاحب الزمان ، فكلهم ائمة الناس واحد بعد واحد ، حقا ، بدليل ان كل امام منهم نص على من بعده نصا متواترا بالخلافة ، وقوله : « الحسين امام ، ابن إمام ، أخو الإمام ، أبو الأئمة التسعة ، تاسعهم قائمهم ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ».

( مسألة ٣٨ ) يجب ان يكون الأئمة معصومين مطهرين من الذنوب كلها ، صغيرة وكبيرة عمدا وسهوا ، ومن السهو في الافعال والأقوال ، بدليل انهم لو فعلوا المعصية لسقط محلهم من القلوب ، وارتفع الوثوق ، وكيف يهدون بالضالين المضلين ، ولا معصوم غير الأئمة الاثنى عشر إجماعا ، فثبت إمامتهم.

( مسألة ٣٩ ) يجب ان يكون الأئمة أفضل واعلم ، ولو لم يكونوا كذلك للزم تفضيل المفضول ، أو الترجيح بلا مرجح ، ولا يحصل الانقياد به ، وذلك قبيح عقلا ونقلا ، وفضل أئمتنا وعلمهم مشهور ، بل أفضليتهم أظهر من الشمس وأبين من الأمس.

( مسألة ٤٠ ) يجب ان نعتقد ان آباء نبينا وأئمتنا مسلمون ابدا ، بل أكثرهم كانوا أوصياء ، فالأخبار عند أهل البيت على إسلام أبي طالب مقطوعة وسيرته أدلة عليه ، ومثله مثل مؤمن آل فرعون. (٤).

__________________

(١) الغدير ج ٣ ص ٢٧٧ و ٢٧٦ وص ١٥ ص ٢٢٣.

(٢) إحقاق الحق ج ٣ ص ٢٧٧ و ٢٧٦ وج ١٥ ص ٢٢٣.

(٣) الغدير ج ١ ص ٢١٩

(٤) الغدير ج ٧ ص ٣٩٥ وبحار الأنوار ج ٣٥ ص ٧٢ و ١٣٨ و ١٣٩.

٢٤٩

( مسألة ٤١ ) الإمام المهدي المنتظر محمد بن الحسن قد تولد في زمان أبيه ، وهو غائب حي باق الى بقاء الدنيا ، لان كل زمان لا بد فيه من امام معصوم ، لما انعقد عليه إجماع الأمة على انه لا يخلو زمان من حجة ظاهرة مشهورة ، أو خافية مستورة ، ولان اللطف في كل زمان واجب ، والامام لطف ، فوجوده واجب.

( مسألة ٤٢ ) لا استبعاد في طول عمرة ، لأن غيره من الأمم السابقة قد عاش ثلاثة آلاف سنة فصاعدا ، كشعيب ونوح ولقمان وخضر وعيسى ـ عليهم‌السلام ـ وإبليس والدجال ولأن الأمر ممكن ، والله قادر على جميع الممكنات.

( مسألة ٤٣ ) غيبة المهدي لا تكون من قبل نفسه ، لانه معصوم ، فلا يخل بواجب ، ولا من قبل الله تعالى ، لانه عدل حكيم فلا يفعل القبيح ، لان الإخفاء عن الانظار وحرمان العباد عن الافادات قبيحان. فغيبته لكثرة العدو والكافر ، ولقلة الناصر.

( مسألة ٤٤ ) لا بد من ظهور المهدي ، بدليل قول النبي (ص) : « لو لم يبق من الدنيا إلا ساعة واحدة لطول الله تلك الساعة حتى يخرج رجل من ذريتي ، اسمه اسمي وكنيته كنيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا » (١). ويجب على كل مخلوق متابعته.

( مسألة ٤٥ ) في غيبة الإمام فائدة ، كما تنير الشمس تحت السحاب ، والمشكاة من وراء الحجاب.

( مسألة ٤٦ ) يرجع نبينا وأئمتنا المعصومون في زمان المهدي مع جماعة من الأمم السابقة واللاحقة ، لإظهار دولتهم وحقهم ، وبه قطعت المتواترات من الروايات والآيات لقوله تعالى : « وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً (٢) » ، فالاعتقاد به واجب.

( مسألة ٤٧ ) ان الله يعيد الأجسام الفانية كما هي في الدنيا ، ليوصل كل حق الى المستحقين ، وذلك أمر ممكن ، والأنبياء أخبروا به ، لا سيما القرآن المجيد مشحون به ولا مجال للتأويل ، فالاعتقاد بالمعاد الجسماني واجب.

( مسألة ٤٨ ) كل ما أخبر به النبي أو الإمام فاعتقاده واجب ، كاخبار

__________________

(١) عوالي اللئالي ج ٤ ص ٩١ وسنن أبي داود ج ٤ رقم الحديث : ٤٢٨٢ ـ ٤٢٨٣.

(٢) النمل : ٨٣

٢٥٠

هم عن نبوة الأنبياء السابقين ، والكتب المنزلة ، ووجود الملائكة ، وأحوال القبر وعذابه ، وثوابه وسؤال المنكر ونكير ، والاحياء فيه ، وأحوال القيامة ، وأهوالها ، والنشور ، والحساب والميزان ، والصراط ، وانطاق الجوارح ، ووجود الجنة والنار.

والحوض الذي يسقي منه أمير المؤمنين العطاشى يوم القيامة ، وشفاعة النبي والأئمة لأهل الكبائر من محبيه الى غير ذلك ، بدليل انه أخبر بذلك المعصومون.

( مسألة ٤٩ ) التوبة ـ وهي الندم على القبيح في الماضي ، والترك في الحال ، والعزم على عدم المعاودة إليه في الاستقبال ـ واجبة ، لدلالة السمع على وجوبها ، ولان دفع الضرر واجب عقلا.

( مسألة ٥٠ ) الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، واجبان ، بشرط تجويز التأثير والأمن من الضرر.

٢٥١
٢٥٢

بسم الله الرحمن الرحيم

مسائل مبافارقيات (١)

للسيد المرتضى علم الهدى ( قد )

المسألة الأولى : الصلاة الجامعة (٢) والفضل فيها وهل يجوز مع عدم الوثوق بدينه أم لا؟

الجواب : صلاه الجماعة فيها فضل كثيرا أداء وقضاء باعتقاد المؤتم به ، لان اعتقاد الفاسق عند أهل البيت (ع) لا يجوز.

المسألة الثانية : صلاة الجمعة هل يجوز ان تصلى خلف المخالف والمؤالف جميعا ، وهل هي أربع ركعات جميعا مع الخطبتين ، أم ركعتان مع الخطبة تقوم مقام الأربعة؟

الجواب : صلاة الجمعة ركعتان ، ولا جمعة الا مع امام أو من ينصبه الإمام العادل ، فان عدم ذلك ، صليت الظهر أربع ركعات ، ومن اضطر إلى أن يصليها مع من لا يجوز إمامته تقية ، وجب عليه أن يصلى بعد ذلك ظهرا أربعا.

المسألة الثالثة : صلاة العيدين بخطبة أو غير خطبة ، أربع ركعات أو

__________________

١ ـ المبا فارقي بفتح الميم وتشديد الباء الموحدة والفاء بين الألفين وفي اخرها الراء والقاف وياء النسبة إلى مبافارقي وهي مدينة كبيرة عند ايل من بلاد الجزيرة.

وفي الذريعة ج ٥ ص ٢٣٨ :

( جوابات المسائل المبافارقيات ) للسيد الشريف المرتضى علم الهدى المتوفى ٤٣٦ هي ست وستون مسألة ، اقتصر في جواباتها على الفتوى ، لان السائل قال : ( نؤثر نحن أطال الله بقاء سيدنا الشريف ، ان نرى خط الشريف لنقمده ونعول عليه ، وما نلتمس الفتوى بغير دليل ) فأجابهم على ما طلبوه فيما يقرب من ثلاث مأة بيت.

وفي معالم العلماء ص ٧٠ : مسائل ميافارقين وهي خمس وستون مسألة.

٢ ـ جامعة ( خ ل )

٢٥٣

ركعتان بتسليمة واحدة أو اثنين ، هل يقع التكبير في الاثنتين الأولتين أو في الأربع ، وإذا عدم الموافق ، هل يجوز خلف المخالف؟

الجواب : صلاة كل عيد ركعتان ، ولابد من الخطبة في العيدين ، يكبر في الأولى خمس تكبيرات زائدات إذا أضاف إليهن تكبيرة الافتتاح وتكبيرة الركوع كن سبعا ، ويكبر في الثانية ثلاث تكبيرات زائدات مع تكبيرة الافتتاح وتكبيرة الركوع كن خمسا ، والقراءة في الركعتين قبل التكبير.

المسألة الرابعة : صلاة الظهرين هل يجوز أن يصليهما عند زوال الشمس من غير أن يفصل بينهما بغير السجدة والسنة التي هي ثمان ركعات ، وهل يجوز بينهما اذان واحد وإقامتان أم لا يجوز ذلك الا بأذانين وإقامتين ، فإن كان وجههما واحد ، فما السبب الموجب لما ان فاتت لمولانا أمير المؤمنين (ع) العصر حتى ردت له الشمس؟

الجواب : إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر خاصة ، فإذا مضى مقدار ما يؤدى فيه أربع ركعات اشترك الوقتان بين الظهر والعصر إلى أن يبقى من النهار ما يؤدى فيه أربع ركعات ، فخرج وقت الظهر ، ويختص ذلك الوقت للعصر ، فمن صلى الظهر في أول الوقت ، ثم صلى عقيبها بلا فصل ، كان مؤديا للفرضين معافى وقتهما ، ومن أراد الفضيلة أو زيادة الثواب صلى بين الظهر والعصر النوافل المسنونة ، واما الأذان والإقامة ، فليسا بفرضين على تحقيق المذهب ، بل هما مسنونان ، وإن كانت الإقامة من الاذان أشد استحبابا ، فمن أراد الفضيلة اذن وأقام لكل واحدة من الصلاتين ، ويجوز ان يأذن ويقيم دفعة واحدة لهما ، كما يجوز ان يترك الأذان والإقامة فيهما. فاما أمير المؤمنين (ع) فلا يجوز ان يكون فاتته صلاة العصر لخروج وقتها ، لان ذلك لا يجوز ، لكماله صلوات الله عليه ، وانما فاتته فضيلة أول الوقت ، فردت عليه الشمس ليدرك الفضيلة ، ولايجوز غير ذلك (١).

__________________

١ ـ الأحاديث في رد الشمس له (ع) كثيرة. وما ذكره قدس سره من التوجيه أحد الوجوه فمن أراد تفصيل ذلك فليرجع إلى بحار الأنوار ج ٤١ ص ١٦٦ ـ ١٩١.

٢٥٤

المسألة الخامسة : هل بين المغرب والعشاء الآخرة فرق غير الأربع ركعات النافلة ، وأول صلاة المغرب سقوط القرص ، أم إذا بدت ثلاثة أنجم لا ترى بالنهار؟

الجواب : إذا غربت الشمس دخل وقت صلاة المغرب ، من غير مراعاة لطلوع النجم ، فإذا مضى من الوقت مقدار ما يؤدي فيه ثلاث ركعات اشترك الوقت بين صلاة المغرب وبين صلاة العشاء الآخرة ، فإذا بقى إلى انتصاف الليل مقدار ما يؤدي فيه أربع ركعات مضى وقت المغرب ، وخلص ذلك الوقت لعشاء الآخرة ، فإذا انتصف فاتت العشاء الآخرة ، والأفضل لمن يريد الفضيلة ومزيد الثواب ، ان يصلى نوافل المغرب بين صلاة المغرب وفرض العشاء الآخرة ، لأنها من السنن المؤكدة.

المسألة السادسة : المعرفة بصلاة الوسطى ، والدليل عليها؟

الجواب : الصلاة الوسطى عند أهل البيت عليهم السلام ، هي صلاة العصر (١). والحجة على ذلك اجماع الشيعة الإمامية على ذلك (٢). وقد روى في رواية ابن مسعود حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر (٣) وسميت صلاة الوسطى لأنها بين صلاتين من صلاة النهار تقدمتا عليها ، وصلاتين من صلاة الليل تأخرتا عنها.

المسألة السابعة : على أي شئ يجوز السجود ، وأي شئ يتوقى السجود عليه؟

الجواب : لا يجوز السجود الا على الأرض نفسها إذا كانت طاهرة ، أو على ما أنبتته الا أن يكون مأكولا ، كالثمار ، أو يكون ملبوسا كالقطن والكتان وما اتخذ منهما ، ولا بأس بالسجود على القرطاس الخالي من الكتابة ، ويكره على المكتوب ، لشغل القلب بقرائته.

__________________

١ ـ ذكر الطبرسي ( قد ) في مجمع البيان في تفسير الصلاة الوسطى ستة أقوال فلاحظ مجمع البيان ج ١ ص ٣٤٣.

٢ ـ ليست المسألة اجماعية.

٣ ـ مجمع البيان ج ١ ص ٣٤٣ وبحار الأنوار ج ٧٩ ص ٢٨٨.

٢٥٥

المسألة الثامنة : التسليم هل هو واحد تجاه القبلة أم اثنان عن يمين وشمال؟

الجواب : التسليم عندنا واجب ، ويسلم المصلى واحدة يستقبل بها القبلة وينحرف بوجهه قليلا إلى جهة يمينه إن كان منفردا أو إماما ، وإن كان مأموما يسلم عن يمينه أو شماله ، الا ان يكون شماله خاليا ، فيقتصر حينئذ على يمينه.

المسألة التاسعة : القنوت في جميع الفرائض أم في صلاة معلومة ، وهل هو قبل الركوع أو بعده؟

الجواب : القنوت مستحب غير مفروض ، وإن كان في المفروض أشد استحبابا ، وهو في صلاة الجهرية بالقراءة أشد تأكيدا واستحبابا ، ولا اثم على من تركه. ومكانه قبل الركوع من الركعة الثانية ، ويرفع يديه بالقنوت تكبيرا مفردا.

المسألة العاشرة : التكبيرات السبع عند التوجه في الفرض خاصة ، أم الفرض والنوافل؟

الجواب : التكبيرات للدخول في الصلاة انما تستعمل في الفرائض دون النوافل ، وهي مسنونات غير مفروضات ، ويكفي للدخول في الصلاة ـ فرضا كانت أو سنة ـ تكبيرة واحدة ، وهي التحريمة التي عقدها ما لم يكن محرما من الأقوال والأحوال.

المسألة الحادية عشر : الركعتان من جلوس بعد الفريضة العتمة ، بتربع أو تورك؟

الجواب : قد روى في فعل هاتين الركعتين التربع ، وروى أن يفعلا جميعا فعلا مطلقا ، لم يشترط فيه تربع ولا تورك. فالمصلي مخير فيهما بين التربع والتورك ، وأي الامرين فعل جاز.

المسألة الثانية عشر : غسل الوجه باليدين جميعا ، أم باليد اليمنى؟

الجواب : المفروض ايصال الماء على الوجه على سبيل الغسل ، والظاهر من القرآن ، يدخل فيه غسل الوجه باليدين معا واليد الواحدة ، الا ان السنة وردت

٢٥٦

بان يغسل الوجه باليد اليمنى دون اليسرى ، وفعل المسنون أولي من غيره (١).

المسألة الثالثة عشر : المسح على الرأس والرجلين بفاضل ماء يد اليسرى ، أم بماء مجدد؟

الجواب : المفروض في مسح الرأس والرجلين ان يكون ببلة اليد ، من غير استيناف ماء جديد ، فمن استأنف ماء مجددا لم يجزيه ذلك ، ووجب عليه الإعادة. وان لم يجد في يده بلة يمسح برأسه ورجله. فقد روى أنه يأخذ من بلة شعر لحيته أو حاجبيه ، فإن لم يجد ذلك ، استأنف الوضوء (٢).

المسألة الرابعة عشر : ما يشكل علينا من الفقه نأخذه من رسالة علي بن موسى بن بابويه القمي (ره) ، أم من كتاب الشلمغاني ، أم من كتاب عبيد الله الحلبي؟

الجواب : الرجوع إلى رسالة ابن بابويه ، وكتاب الحلبي أولي من الرجوع إلى كتاب الشلمغاني على كل حال.

المسألة الخامسة عشر : هل يجب في الاذان ـ بعد قول ( حي على خير العمل ) ـ محمد وعلي خير البشر؟

الجواب : ان قال : محمد وعلى خير البشر على أن ذلك من قوله خارج من لفظ الاذان ، جاز ، فان الشهادة بذلك صحيحة ، وان لم يكن فلا شئ عليه.

المسألة السادسة عشر : من لفظ اذان المخالفين ، يقولون في اذان الفجر : الصلاة خير من النوم ، هل يجوز لنا ان نقوم ذلك أم لا؟

الجواب : ذلك في اذان الفجر قد أبدع وخالف السنة ، لاجماع أهل البيت عليهم السلام على ذلك.

المسألة السابعة عشر : مولانا أمير المؤمنين (ع) حي يشاهدنا ، ويسمع كلامنا ، أم هو ميت؟

الجواب : الأئمة الماضون والمؤمنون في جنات الله تعالى ، يتنعمون ويرزقون ،

__________________

١ ـ الوسائل ج ١ ص ٢٧١ ب ١٥ من أبواب الوضوء.

٢ ـ الوسائل ج ١ ص ٢٨٧ ب ٢١ من أبواب الوضوء.

٢٥٧

فإذا زيرت قبورهم ، وصلى عليهم أبلغهم الله تعالى ذلك إذا علمهم به وكانوا بالابلاغ كأنهم له سامعون وله شاهدون.

المسألة الثامنة عشر : قد روى أن سيدنا رسول الله (ص) ومولانا أمير المؤمنين (ع) يحضران عند كل ميت وقت قبض روحه في شرق الأرض وغربها ، ونرجو ان يكون ذلك على يقين إن شاء الله تعالى.

الجواب : قد روى ذلك ، والمعنى فيه ان الله سبحانه يعلم المحتضر إذا كان من أهل الايمان ، بما له من الحظ والنفع لموالاته بمحمد وعلى عليهما السلام ، فكأنه يراهما ، وكأنهما (ع) حاضران عنده لأجل هذا الاعلام. وكذلك إذا كان من أهل العداوة ، فإنه يعلم بما عليه من الضرر بعداوتهما والعدول عنهما ، كيف يجوز أن يكون شخصان يحضران على سبيل المجاز والحلول في الشرق والغرب عند كل محتضر ، وذلك محال.

المسألة التاسعة عشر : الأئمة (ع) في الفضل سواء بعد مولانا أمير المؤمنين (ع) ، أم يتفاضل بعضهم على بعض؟

الجواب : الفضل في الدين لا يقطع عليه الا بالسمع القاطع ، وقد روى أن الأئمة (ع) متساوون في الفضل ، وروى أن كل امام أفضل ممن يليه سوى القائم عليه السلام ، فإنه أفضل من المتقدمين عليه. والأولى التوقف في ذلك ، فلا دليل قاطعا عليه.

المسألة العشرون : هل بين السيدين : الحسن والحسين (ع) فرق في الفضل ، إما هما سواءان؟

الجواب : الصحيح تساويهما في الفضل ، فلا يفضل أحدهما على صاحبه بلا دليل عليه. ولا طرق إليه ، فلا تعلق لذلك بتكليفنا فننصب دليلا عليه.

المسألة الحادي والعشرون : كل الأئمة (ع) يخبرون عن الشئ قبل كونه أم لا؟

الجواب : ليس من شرط الإمامة الاخبار عن الشئ قبل كونه ، لان ذلك معجز ، وقد جوز اظهار المعجزات على أيدي الأئمة (ع) ، وقد يجوز ان لا يظهر

٢٥٨

على أيديهم ، الا انا قد علمنا بالاخبار البالغة انهم (ع) أخبرونا بالمغيبات ، فعلمنا ان الله تعالى قد أطلعهم على ذلك.

المسألة الثانية والعشرون : لصاحب الزمان (ع) يوم معلوم يظهر فيه ، وهل يشاهدنا أم لا؟

الجواب : ليس يمكن نعت الوقت الذي يظهر فيه صاحب الزمان (ع) ، وانما يعلم على سبيل الجملة انه (ع) يظهر في الوقت الذي يأمن فيه المخافة ، وتزول فيه التقية. وهو عليه السلام مشاهد لنا ويحتاط لنا ، وغير خاف عليه شئ من أحوالنا.

المسألة الثالثة والعشرون : مباحث جيش البصرة والاعتقاد فيه وبين غيره ، وكيف كانوا على عهد رسول الله (ص)؟

الجواب : قتال أمير المؤمنين (ع) بغى وكفر جار مجرى قتال النبي (ص) لقوله (ص) : حربك يا علي حربي وسلمك سلمى (١). وانما يريد صلى الله عليه وآله وسلم ان احكام حروبنا واحدة ، فمن حاربه عليه حاربه ومات من غير توبة قطعتها على أنه كان في وقت مؤمنا على الحقيقة وفي الباطن لا يجوز ان الأدلة ليس هذا موضع ذكرها.

المسألة الرابعة والعشرون : أيما أفضل ، الأنبياء (ع) أو الملائكة (ع)؟

الجواب : الأنبياء (ع) أفضل من الملائكة ، والدليل على ذلك اجماع الشيعة الإمامية عليه ، واجماعهم حجة ، لأنه لا يخلو هذا الاجماع في كل زمان من امام معصوم (ع) يكون فيهم.

المسألة الخامسة والعشرون : القول في أن الله تعالى لو لم يخلق محمدا وأهل بيته (ص) لم يخلق سماء ولا أرضا ولا جنة ولا نارا ولا الخلق؟

الجواب : قد وردت رواية في ذلك ، والمعنى فيها ان الله سبحان إذا علم المصلحة لسائر المكلفين في نبوة النبي (ص) وابلاغه لهم الشرائع ، وان أحدا لا يقوم في ذلك مقامه ، وان أمير المؤمنين (ع) وصيه ، والامام بعده المعلوم هؤلاء

__________________

١ ـ عوالي اللئالي ج ٤ ص ٨٧ والمناقب لابن المغازلي ص ٥٠.

٢٥٩

عليهم السلام ، لما كان خلق لا حد ولا تكليف لبشر (١).

المسألة السادسة والعشرون : المعنى الذي من عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك ، ومن عبد المعنى بحقيقة المعرفة فهو مؤمن حقا؟

الجواب : لا شبهة ان عابد غير الله سبحانه وتعالى كافر ، والاسم غير المسمى ، فمن عبد الاسم دون المسمى كان كافرا لعبادته لله سبحانه وحده خالصة وهو المسمى.

المسألة السابعة والعشرون : وروى أن الناس في التوحيد على ثلاثة أقسام : مشبه وناف ومثبت ، فالمشبه مشرك ، والنافي مبطل ، والمثبت مؤمن ، [ ما ] تفسير ذلك؟

الجواب : المراد هاهنا بالمثبت من أثبت الشئ على ما هو عليه ، وأعتقده على ما هو به ، والنافي مبطل لأنه بالعكس من ذلك ، فاما المشبه فهو من اعتقد ان الله سبحانه شبها ، وذلك مشرك لا شبهة في شركه.

المسألة الثامنة والعشرون : الأخ من الأب يرث مع الأخ من الام ، وكذلك مع الأخ من الأب والام؟

الجواب : إذا اجتمع اخوة من الأب أو اخوة من الأب والام مع اخوة من أم كان للاخوة من الام الثلث ، والباقي للاخوة من الأب ، فإن كان أخا واحدا وأختا واحدة من أم معها أخ لأب أو أخت لأب ، للأخ من الام أو للأخت ، السدس ، والباقي للأخ من الأب أو الأخت ، وإذا اجتمع اخوة لأب مع اخوة لأب وأم كان كله للاخوة من الأب والام ، ولاحظ لولد الأب خاصة فيه.

المسألة التاسعة والعشرون : الثوب إذا اصابته النجاسة ، ولم يعرف المكان تجوز الصلاة أم لا؟

الجواب : إذا عرف مكان النجاسة من الثوب ، غسل ذلك الموضع ، وان

__________________

(١) الغدير ج ٢ ص ٣٠٠ وبحار الأنوار ج ٣٦ ص ٣٣٧.

٢٦٠