جواهر الفقه

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

جواهر الفقه

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩١

الذي عرضه لذلك بدنوه الى طريق السهم ، وهو الذي أتلفه بذلك ، وليس على الرامي شي‌ء ، لأنه لم يقصد بذلك.

٧٦٦ ـ مسألة : إذا أخرج الإنسان على حائط له جناحا الى طريق المسلمين ، فسقطت خشبة من هذا الجناح على انسان فقتلته ، هل على صاحب الجناح ضمان ذلك أم لا؟

الجواب : إذا كانت هذه الخشبة سقطت بجملتها فقتلت هذا الإنسان ، كان عليه نصف الدية ، لأن المقتول هلك من فعلين : مباح ومحظور ، فلزمه ذلك لما ذكرناه. وان كانت الخشبة انقصفت (١) فسقط ما كان منها على الحائط على الإنسان فقتله ، فليس عليه ضمان ، وإذا كانت انقصفت ، فسقط البعض الخارج منها على الحائط على الإنسان فقتله ، كان ضامنا للدية ، والفرق بين الأول في قصف الخشبة وهذا الوجه الأخر ، انه وضع ذلك البعض في ملكه ، وذلك مما له وضعه ، فلا يلزمه شي‌ء ، والثاني انه وضع الخارج من الخشبة ، فيما ليس له وضعه فيه.

٧٦٧ ـ مسألة : إذا وضع انسان على حائط له جرة (٢) فيها ماء ، فسقطت على انسان ، فقتلته ، هل على واضعها على الحائط شي‌ء أم لا؟

الجواب : ليس على واضع الجرة على الحائط شي‌ء ، لأنه فعله في ملكه ما له فعله ، فلا يلزمه لذلك شي‌ء.

٧٦٨ ـ مسألة : إذا وقف جماعة على زبية (٣) فيها اسد ينظرونه ، فسقط فيها منهم واحد ، فجذب هذا الواحد ثانيا ، وجذب الثاني ثالث ، وجذب الثالث رابعا ، فسقطوا كلهم ، فقتلهم الأسد ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا هلك جميعهم على هذا الوجه ، كان الأول فريسة الأسد ، وكان دمه هدرا ، لأنه لم يجن عليه احد ، وعليه ثلث الدية للثاني ، وعلى الثاني ثلثا

__________________

(١) القصف : الكسر.

(٢) الجرة : إناء فخارى.

(٣) الزبية : حفره في موضع عال يصاد فيها الأسد ونحوه. المصباح المنير.

٢٢١

دية الثالث ، وعلى الثالث الدية كلها بكمالها للرابع ، لأنه لم يجن على احد ، وانما هلك بجناية من تقدمه عليه ، فان ازدحموا على الزبية فسقط هذا الواحد بتدافعهم وازدحامهم ، كانت الدية على جميع من حضر ، لأنهم قد اشتركوا في دفع من سقط ، للأول ربع الدية لأنه سقط من فوقه ثلاثة ، وللثاني ثلث الدية ، لأنه سقط من فوقه اثنان ، وللثالث نصف الدية ، لأنه سقط من فوقه واحد ، وللرابع الدية الكاملة.

٧٦٩ ـ مسألة : إذا ضرب انسان بطن ذمية حامل ، فأسلمت بعد الضربة ، ثم أسقطت جنينا ميتا. وكان الضرب ، وهي وجنينها ذميتان ، وكان الأسقاط ، وهي وجنينها مسلمان ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا أسقطت الجنين كذلك وجبت ديته على الضارب مأة دينار ، لأن الجناية إذا وقعت وهي مضمونة ، ثم سرت الى النفس ، كان الاعتبار في الدية بحالة الاستقرار ، ويجرى ذلك مجرى عبد (١) قطع انسان يده ، ثم أعتق بعد القطع وسرى الى نفسه ، وتكون فيه دية حر ، لأن الاعتبار في ذلك بحال الاستقرار.

٧٧٠ ـ مسألة : إذا ضرب انسان بطن مملوكة حامل ، واعتقت بعد الضرب ، ثم القت الجنين ميتا ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : عن هذه المسألة ، مثل الجواب عن المسألة المتقدمة لها سواء ، في انه يجب في الجنين مأة دينار ، لأن الاعتبار بحال الاستقرار ، وقد قدمناه.

٧٧١ ـ مسألة : إذا قطع إنسان يدي مملوك ، وأعتق بعد القطع ، ثم اندمل حال الحرية ، ما الذي يجب فيه؟

الجواب : الذي يجب فيه ديته وهو مملوك (٢) ، لأن الاعتبار ها هنا بحال الجناية ، لأنها لا تسرى الى النفس ولا غيرها ، ولهذا لم يعتد بحال الاندمال ، وأيضا فإنها إذا اندملت لم تزد على ما وجب بالجناية شيئا ، وانما يستقر الاندمال ما كان وجب بالجناية ، فلذلك كان الاعتبار بحال الجناية كما ذكرناه.

__________________

(١) وفي نسخة : يجري مجرى عبد غير.

(٢) وفي نسخة : قيمته بدل « ديته ».

٢٢٢

٧٧٢ ـ مسألة : إذا ضرب انسان بطن امرأة ، فألقت جنينا ، وادعت أنها ألقته من ضربة لها ، وأنكر هو ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : الحكم في ذلك ، ان القول قوله مع يمينه ، لأن الأصل انه ما ضربها ، وعليها البينة في ذلك ، لأنها هي المدعية للضرب.

٧٧٣ ـ مسألة : المسألة بعينها ، واعترف بالضرب ، وأنكر ان هذا الجنين أسقطته ، وادعى انها التقطته ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : القول (١) في ذلك قوله مع يمينه ، لأن الأصل براءة الذمة ، وعليها البينة ، لأن ذلك مما لا تتعذر اقامته فيما ادعته.

٧٧٤ ـ مسألة : المسألة ، واعترف بالضرب والأسقاط ، واختلفا ، فقالت :

أسقطت من ضربك ، وقال هو : بل كان الإسقاط من غير ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا كانت المرأة أسقطت الجنين عقيب الضرب ، كان المقبول قولها ، وكان عليه الضمان ، لأن الظاهر ، ان الجنين سقط من ضربه ، وكذلك القول فيه ، إذا كان الأسقاط بعد أيام ، وثبتت لها بينة بأنها لم تكن تزل عليلة متألمة عن الضرب حتى أسقطته ، وان لم تكن لها بذلك بينة ، كان القول قوله مع يمينه ، لأنه يحتمل ان يكون الأسقاط من الضرب ومن غيره ، والأصل برأيه الذمة.

٧٧٥ ـ مسألة : إذا أسقطت المرأة الجنين ، فقال الوارث له للجاني : أنه استهل فعليك الدية ، وقال الجاني : لم يستهل ، فليس على فيه الا ديته ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا كما ذكر ، كان القول قول الجاني مع يمينه ، لأن الأصل انه ما استهل ، والأصل براءة ذمته.

٧٧٦ ـ مسألة : المسألة ، واختلفا كذلك ، ثم أقام الجاني البينة على انه خرج ميتا ، وأقامها الوارث على انه استهل ، أى البينتين تقدم ، وعلى أيتهما يعول؟

__________________

(١) وفي نسخة : المقبول في ذلك.

٢٢٣

الجواب : إذا اختلفا كذلك ، كان المقدم والمعول عليه بينة الوارث ، لأنها تضمنت زيادة ، خفيت على بينة الجاني ، ويجرى ذلك مجرى من مات وخلف ولدين : أحدهما مسلم والأخر نصراني [ فأقام المسلم البينة بأنه مات مسلما ، واقام النصراني البينة بأنه مات نصرانيا ] (١) فان بينة المسلم هي المعول عليها ، لأنها تضمنت زيادة ، وهي حدوث الإسلام منه.

٧٧٧ ـ مسألة : إذا ادعى انسان على آخر ، بأنه قتل له وليا ، وان له بذلك شاهدين ، فلما حضر الشاهدان ، شهد أحدهما بأنه قتله بالغداة ، وشهد الأخر بأنه قتله عشية ، أو شهد الواحد بأنه قتله بحجر ، وشهد الأخر بأنه قتله بسيف ، هل يثبت بذلك القتل أم لا؟

الجواب : لا يثبت بذلك القتل ، لأن هذه الشهادة لم تكمل على فعل واحد ، لأن قتله بكرة ، غير قتله عشية ، وقتله بالحجر ، غير قتله بالسيف.

٧٧٨ ـ مسألة : إذا كان الإنسان ملففا بكساء أو إزار أو ما جرى مجرى ذلك ، فشهد شاهدان على آخر ، بأنه ضربه فقطعه نصفين ، ولم يشهدا في وقت ضربه له ، بأنه كان حيا ، ثم اختلف وليه والجاني ، فقال الولي : كان حيا في وقت ضربه له ، وقد قتله ، وقال الجاني : ما كان حيا في ذلك الوقت ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الأمر في المسألة على ما ذكر ، واختلف الولي والجاني على الوجه المذكور ، كان القول ، قول الجاني مع يمينه ، لأن الأصل براءة الذمة.

٧٧٩ ـ مسألة : إذا ادعى انسان على غيره ، بأنه جرحه ، وقطع يده أو رجله ، واقام المدعى شاهدين ، هما أخواه أو عماه بذلك ، هل تقبل شهادتهما في ذلك أم لا.

الجواب : ان كان هذان الشاهدان شهدا بذلك بعد اندمال الجرح ، قبلت شهادتهما ، وحكم للمشهود له ، لأن شهادة الأخ لأخيه مقبولة ، وهذه شهادة ليس فيها جر نفع ، ولا دفع ضرر ، وان كانت شهادتهما قبل الاندمال لم تقبل ، لأنهما

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية.

٢٢٤

متهمان ، لأن الجرح قد يسري في النفس (١) فتجب الدية على القاتل ، ويستحقها الشاهدان.

__________________

(١) وفي نسخة ـ د : لأن الجرح قد يصير تعسا. وما في المتن هو الصحيح.

٢٢٥

باب مسائل تتعلق بالحدود :

٧٨٠ ـ مسألة : إذا وطأ الرجل امرأة ، وحضر أربعة من الشهود ، فشهد منهم اثنان بان الرجل أكرهها ، وشهد اثنان بأنها طاوعته ، هل يجب عليهما ، أو على أحدهما حد أم لا؟

الجواب : ليس على المرأة حد ، لأن الشهادة بالزنا في حقها لم تكمل. واما الرجل فعليه الحد ، لأن الشهادة في حقه بالزنا قد كملت ، لأنه في الحالين جميعا زان.

٧٨١ ـ مسألة : إذا حضر أربعة شهود ، فشهدوا بالزنا ، ثم ماتوا ، أو غابوا قبل ان يحكم الحاكم في ذلك ، هل يجوز له الحكم بشهادتهم ويقيم الحد أم لا؟

الجواب : لا يجوز له ذلك ، [ إذا كان الزاني محصنا ، ] (١) لأن البينة هي التي يجب ان تبتدء برجمه ، فان كان ما يوجب الحد ، جاز له الحكم بشهادتهم ، واقامة الحد على المشهود عليه.

٧٨٢ ـ مسألة : إذا شهد الأربعة على رجل بالزنا ورجع منهم واحد ، هل عليهم أو على واحد منهم الحد أم لا؟

الجواب : ليس على الثلاثة الحد ، وقد ذكر ان عليهم الحد ، والأول أقوى. فأما الراجع (٢) فعليه الحد ، لأنه اما ان يقول : تعمدت أو أخطأت ، وهو

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية.

(٢) وفي نسخة : واما الراجع.

٢٢٦

على الحالين جميعا قاذف ، فوجب ذلك عليه على كل حال.

٧٨٣ ـ مسألة : إذا وجد في دار انسان قتيل ، فادعى صاحب الدار انه قتله ، لأجل انه وجده يزني بزوجته ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كانت مع صاحب الدار بينة شهدوا له بما ادعاه ، لم يكن عليه قود ، وان لم تكن عليه بينة بذلك ، كان القول قول ولى المقتول ، ويقتل القاتل.

٧٨٤ ـ مسألة : إذا نقب (١) اثنان موضعا ودخل الواحد منهما فأخذ السرقة ووضعها في نفس النقب ، وأخذها الخارج ، هل عليهما أو على أحدهما قطع أم لا؟

الجواب : لا قطع على واحد منهما ، لأن كل واحد منهما ، ما أخرج السرقة من كمال الحرز ، فهو مثل ان يضعها الداخل في النقب ويجتاز مجتاز من خارج فيأخذها ، في انه لا قطع على واحد منهما.

٧٨٥ ـ مسألة : إذا نقب انسان موضعا ، ودخل آخر فاخرج نصابا ، هل عليهما أو على أحدهما قطع أم لا؟

الجواب : لا قطع عليهما ولا على أحدهما ، لمثل ما قدمناه ، من انه لم يتكامل إخراج ذلك من الحرز.

٧٨٦ ـ مسألة : إذا نقب انسان موضعا ، وشد النصاب في حبل ، وخرج ، ثم جره اليه وأخرجه بخشبة معوجة ، هل عليه قطع أم لا؟

الجواب : عليه القطع ، لأنه هو الذي أخرجه من الحرز وان كان بآلة ، فلا فرق في وجوب القطع عليه ، بين ان يخرجه بآلة أو بغير آلة.

٧٨٧ ـ مسألة : إذا نقب انسان موضعا ، وكان في الموضع ماء جار ، فوضع النصاب على الماء ، وجرى الماء به ، فأخرجه من المكان ، ثم خرج هو فأخذه ، هل عليه قطع أم لا؟

الجواب : عليه القطع ، لأنه بوضعه له على الماء ، قد أخرجه بآلة ، ولا فرق

__________________

(١) وفي نسخة : ثقب.

٢٢٧

بين ان يخرج ذلك بآلة ، هي ماء أو غيره.

٧٨٨ ـ مسألة : إذا دخل انسان حرزا ، وأخذ جوهرة وابتلعها ، وخرج ، هل عليه قطع أم لا؟

الجواب : عليه القطع ، لأنه بفعله ذلك ، كأنه قد أخرجها في جيب أو جوراب (١) ، ولأنه لم يقصد بما فعله إلا إخراجها كذلك ، فكأنه مخرج لها بآلة.

٧٨٩ ـ مسألة : إذا دخل سارق حرزا ، فوجد فيه شاة ، قيمتها ربع دينار ، وهو النصاب الذي يجب به القطع ، فذبحها ، فنقصت قيمتها بالذبح ، ثم أخرجها بعد ذلك ، هل عليه قطع أم لا؟

الجواب : ليس عليه قطع ، لأنه انما يجب القطع عليه بإخراج النصاب المذكور من الحرز ، وإذا كانت قيمة هذه الشاة قد نقصت بذبحه لها ، فلم يخرجها وقيمتها النصاب ، بل أخرجها وقيمتها أقل من النصاب ، وذلك مما لا يجب به القطع.

٧٩٠ ـ مسألة : إذا نقب انسان حرزا ، ودخله ، ثم اخرج منه ما قيمته ثمن دينار ، ثم رجع اليه من ليلته واخرج منه ثمن دينار آخر ، ويكمل ذلك النصاب ، هل يجب عليه القطع أم لا؟

الجواب : عليه القطع ، لأنه قد اخرج نصابا من حرز هتكه هو ، ولم يهتك غيره.

٧٩١ ـ مسألة : إذا سرق انسان ما يجب عليه فيه القطع ، وملكه قبل ان يقطع ، وقبل ان يحكم الحاكم به ، هل يجب عليه القطع أم لا؟

الجواب : هذا لا يقطع ، لأن وجوب القطع سقط عنه ، بل وجوب القطع لازم له لكن لأنه لما ملك ذلك ، لم يكن له مطالب به.

٧٩٢ ـ مسألة : إذا غصب انسان لغيره مالا ، فجعله في حرز ، فنقب المغصوب منه الحرز ، وأخذ مالا ، هل عليه القطع أم لا؟

الجواب : إذا كان المغصوب منه أخذ عين ماله بغير زيادة عليه ، لم يكن

__________________

(١) وفي نسخة ـ د. أو جراب بدل « جوراب ».

٢٢٨

عليه قطع ، لأن الإنسان أخذ حقه إذا قدر عليه ، الا ان يكون وديعة ، وهذا ليس بوديعة. وان كان أخذ مع ماله شيئا من مال الغاصب ، ولم يكن متميزا ، فلا قطع عليه ، لأنه مال مشترك ، ولا قطع في مال مشترك ، وان كان مال الغاصب متميزا وهو أقل من النصاب ، فلا قطع عليه ، لأنه ما سرق نصابا يقتضي القطع ، وان كان نصابا ، كان عليه القطع ، لأنه سرق ذلك مع مال نفسه ، كان الظاهر انه نقب للسرقة.

٧٩٣ ـ مسألة : إذ وجد رجل مع امرأة ، فادعى انه زوجها ، وأنكرت هي ذلك ، وحلفت على ذلك ، هل يجب على الرجل حد أم لا؟

الجواب : لا يجب عليه حد ، لأنه صار متنازعا فيه ، فكان ذلك شبهة في سقوط الحد ، لأن الحد يسقط مع الشبهة.

٧٩٤ ـ مسألة : إذا نبش انسان قبرا ، واخرج شيئا مما هو على الميت ، زائدا على الكفن المفروض والمسنون الذي جميع ذلك خمسة أثواب ، هل عليه القطع أم لا؟

الجواب : لا قطع عليه ، لأن القبر انما هو حرز الكفن ، والكفن هو الخمسة الأثواب التي هي : قميص ومئزر وثلاثة أزر ولفائف وما زاد على ذلك ليس من الكفن ، فإذا أخرجه من القبر ، لم يقطع عليه ، لأنه ما أخرجه من حرز.

٧٩٥ ـ مسألة : إذا شهد شاهدان على قوم ، فقالا : هؤلاء قطعوا الطريق علينا وعلى القافلة ، هل تقبل هذه الشهادة أم لا؟

الجواب : لا تقبل هذه الشهادة في حق الشاهدين ، لأنهما شهدا لأنفسهما ، وشهادة الإنسان لنفسه غير مقبولة ، وأيضا لأنهما بشهادتهما قد أبانا العداوة ، وشهادة العدو على عدوه غير مقبولة.

٧٩٦ ـ مسألة : إذا ارتد انسان ثم رآه آخر من المسلمين مخلى ، فقتله ، وهو يعتقد انه مرتد ، فظهر انه كان أسلم ، هل على القاتل القود أم لا؟

الجواب : عليه القود ، لظاهر القرآن ، ولأن الظاهر من حال المرتد إذا

٢٢٩

أطلق ، انما يطلق بعد ثبوت [ توبته ] (١) ويسلم.

٧٩٧ ـ مسألة : إذا دخل انسان دار غيره ، ولصاحب هذه الدار كلب عقور ، فعقره الكلب ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان هذا الرجل دخل هذه الدار باذن صاحبها ، فعليه ضمانه ، وان كان دخلها بغير اذنه ، لم يكن على صاحب الدار ضمان ، لأنه مفرط في دخولها بغير إذنه.

٧٩٨ ـ مسألة : إذا وقف انسان دابته في طريق المسلمين ، فجنت على شي‌ء فاتلفته ، هل ضمان ذلك عليه أم لا؟

الجواب : عليه الضمان ، لأنه إنما يجوز له الانتفاع بهذه المرافق بشرط السلامة فاما إذا لم تجعل السلامة فعليه الضمان :

٧٩٩ ـ مسألة : إذا اشترك أربعة رجال في بعير ، فكان لكل واحد ربعه ، فعقل أحدهم يده ، وتركه الباقون ، فتخطى البعير (٢) إلى بئر فوقع فيها فاندق (٣) الحكم في ذلك؟

الجواب : على الثلاثة الباقين ان يغرموا للواحد قيمة ربعه ، لأنه لم يفرط فيه ، بل حفظه بعقل يده ، وفرط الباقون فيه.

٨٠٠ ـ مسألة : إذا ركب إنسان دابة ، أو كان يقودها ، أو يسوقها ، فجنت على شي‌ء ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا ركب الإنسان الدابة ، فجنت على شي‌ء ، كان عليه ضمان ما يتلفه بيديها أو بفيها ، وكذلك إذا كان يقودها ، فان كان يسوقها ، كان عليه ضمان ما يتلفه بيديها ورجليها وفيها.

__________________

(١) وفي نسخة : فيخطر.

(٢) « توبته » لا توجد فيما بين أيدينا من النسخ وانما وضعناها لتستقيم العبارة وتتضح.

(٣) اندق : يقصد ان رقبته قد اندقت وكسرت وتمزقت بما قد سبت هلاك البعير.

٢٣٠

باب مسائل تتعلق بالشهادات والدعاوي والبينات :

٨٠١ ـ مسألة : إذا تحمل الشاهد للشهادة ، هل يكون الأداء لما تحمله من ذلك فرضا أم لا؟

الجواب : أداء الشهادة فرض لقول الله تبارك وتعالى : « وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ » (١) وقوله تعالى : « وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا » (٢).

٨٠٢ ـ مسألة : إذا كان أداء الشهادة فرضا ، فهل هو من فروض الأعيان أو من فروض الكفايات؟

الجواب : قد يكون متعينا ، وقد يكون من فروض الكفايات ، اما المتعين فمثل ان يشهد بالشهادة اثنان فقط فيما لا يثبت الا بشاهدين ، أو واحد منهما فيما يصح ثبوته بشاهد ويمين ، أو يتحمل الشهادة جمع كثير ، ويشهد بها خلق كثير ، ولا يبقى منهم الى وقت الأداء إلا مثل الاثنين ، أو الواحد على الوجه الذي قدمناه ، فإنه يتعين الفرض على الاثنين أو الواحد ، واما انه قد يكون من فروض الكفايات ، فمثل ان يعرف بحق ، جمع كثير وخلق كثير ، ويصيروا شاهدين به ، فإذا أقام بأداء ذلك من يثبت بشهادته منهم ذلك ، سقط الفرض عن الباقين ، كالصلاة على الميت ، وغيره من فروض الكفايات التي إذا قام بها البعض سقط

__________________

(١) البقرة : ٢٨٣

(٢) البقرة : ٢٨٢

٢٣١

عمن بقي.

٨٠٣ ـ مسألة : إذا كان في يد انسان مملوك ، فادعى آخر انه له ، وشهد له شاهد بأنه غصبه ، وشهد آخر انه أقر له بالغصب ، هل يحكم بهذه الشهادة أم لا؟ وكيف الحكم في ذلك؟

الجواب : هذه الشهادة لا يحكم بمجردها ، لأنها لم تتفق على فعل واحد ، لأن الشهادة بالإقرار ، مخالفة للشهادة بالغصب ، فاما وجه الحكم بها فهو ان للمدعى ان يحلف مع اى الشاهدين أراد ، فإذا حلف مع ذلك الشاهد حكم له به.

٨٠٤ ـ مسألة : إذا شهد الشاهدان على « زيد » بأنه سرق حمارا ، فقال أحدهما : سرقه بكرة يوم عينه ، وقال الأخر : سرقه عشية ذلك اليوم ، هل يجب القطع بذلك؟ وكيف الحكم ان لم يلزم القطع؟

الجواب : اما القطع فلا يجب ، لأن الشهادة لم تكمل على سرقة واحدة ، واما الحكم بعد (١) ذلك ، فإن لمدعي الحمار ان يحلف مع اى الشاهدين أراد ، ويستحقه.

٨٠٥ ـ مسألة : إذا شهد شاهدان بأن إنسانا سرق الحمار غدوة يوم عينه ، وشهد آخران بأنه سرقه عشية ذلك اليوم ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا شهد بذلك على ما وصف في هذه المسألة ، كان الحكم بالقرعة.

٨٠٦ ـ مسألة : إذا شهد شاهدان على إنسان بأنه سرق حمارا ، وأطلقا الشهادة ولم يعينا زمانا ولا يوما ، وشهد آخران بان ذلك الإنسان بعينه سرق حمارا ، وكانت شهادتهما مطلقة مثل شهادة الأولين ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا شهد هؤلاء الشهود بما ذكر ، وجب القطع ، لأن الشهادتين لم تتعارضا ، بل استعمالهما يمكن ، لأن ظاهر الإطلاق يقتضي أنها سرقتان.

٨٠٧ ـ مسألة : إذا شهد شاهدان بان « زيدا » باع « عمروا » مملوكا وقت

__________________

(١) وفي نسخة : بغير ذلك.

٢٣٢

زوال الشمس من يوم بعينه بمأة دينار ، وشهد آخران بأنه باعه ذلك المملوك في ذلك الوقت ، بمأتين ما الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم في ذلك بالقرعة ، لأنه لا يصح ثبوت عقدين في عين واحدة في زمان واحد.

٨٠٨ ـ مسألة : إذا شهد شاهد بأنه باع المملوك بمأة ، وشهد آخر بأنه باعة بمأتين في وقت واحد ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان كذلك ، لم يثبت العقد بمأتين في العقد الواحد (١) وكان للمبتاع ان يحلف مع اى الشاهدين أراد ، ويستحق المملوك.

٨٠٩ ـ مسألة : إذا شهد شاهدان عدلان عند الحاكم بشي‌ء من الحقوق ، ثم فسقا قبل الحكم بما شهدا به ، هل يحكم بتلك الشهادة أم لا؟

الجواب : يحكم بتلك الشهادة ، ولا يمنع من الحكم بها فسقهما بعد ذلك وقبل حكم الحاكم بها ، لأن المراعى في العدالة أو الفسق وقت الأداء ، لا وقت الحكم.

٨١٠ ـ مسألة : إذا شهد شاهدان على إنسان بأنه أعتق عبده « زيدا » في مرضه ، وهو الثلث من ماله ، وشهد آخران بأنه أعتق « عمروا » في مرضه ، وهو الثلث من ماله ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا شهد المذكوران بذلك أعتق السابق وبقي الأخر مملوكا.

وهذا قول من يقول من أصحابنا : بأنه إذا فعل ذلك حال المرض ، كان من الثلث ، وعلى قول من يقول : بان ذلك من أصل المال ، يقول : يعتقان جميعا. (٢)

٨١١ ـ مسألة : إذا ادعى انسان دارا ، وهي في يد غيره ، فقال الذي هي في يده : ليست لك خصومتي ، لأنها ملك « لزيد » ، فقال « زيد » : ليست لي ، ما الحكم في ذلك؟

__________________

(١) وفي نسخة : ـ بثمنين ـ بدل « بمأتين » ـ في وقت واحد ـ بدل « في العقد الواحد ».

(٢) قال العلامة في المختلف ص ٦٦ من كتاب الوصية في منجزات المريض : عطاء المريض المنجزة كالعتق والهبة. إذا وقعت في مرض الموت لعلمائنا قولان : أحدهما انه يصح من الأصل اختاره الشيخ في النهاية والمفيد في المقنعة.

للشيخ قول آخر في المبسوط انها من الثلث.

٢٣٣

الجواب : إذا كانت لمدعي هذه الدار بينة ، سلمت اليه ، وان لم تكن له بينة ، احتاط عليها الحاكم لصاحبها ، فإذا احضر وأثبت البينة بأنها له ، سلمها اليه ، ولا يجوز ان يترك في يد الذي أقر بها « لزيد » ، لأنه لا يدعيها لنفسه ، ولا يترك أيضا في يد المقر له بها ، لأنه أنكرها ولم يقبلها وردها ، ولا يجوز ان يترك في يد الذي ادعاها بمجرد دعواه ، لأنه لا بينة له بها ، ولأنه لو سلمت اليه بغير بينة ، لكان تسليما للحق الى من ادعاه بمجرد دعواه من غير بينة ، وهذا باطل بغير شبهة.

٨١٢ ـ مسألة : المسألة بعينها ، وأقر ان الدار لمن لا يعرف ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا أقر بها لمن لا يعرف ، لم يلتفت الى إقراره بذلك ، وقيل له :

ان أقررت بها لمعروف ، كانت الخصومة معه فيها دونك ، فان لم يفعل ، حلف المدعى لها مع بينة بها واستحقها ، فان عاد وأقر بها لنفسه ، لم يلتفت الى هذا الإقرار ، لأنه قد تقدم منه نفيها عن نفسه بإقراره بها لغيره.

٨١٣ ـ مسألة : إذا كانت في يد انسان دار ، نازعها (١) اثنان : « زيد » و « عمرو » ، فقال « زيد » لمن هي في يده : هذه الدار التي هي في يدك ، لي وملكي ، أودعتكها. وقال « عمرو » لمن هي في يده : هذه الدار التي في يدك لي وملكي آجرتكها. واثبت كل واحد من « زيد » و « عمرو » بينة بما ادعاه ، ما الجواب في ذلك؟

الجواب : إذا أثبت كل واحد من « زيد » و « عمرو » بينة بما ادعاه من ذلك ، أقرع بينهما ، فمن ظهرت القرعة له سلمت اليه الدار.

٨١٤ ـ مسألة : إذا كانت في يد انسان دار ، فقال له آخر : هذه الدار لي غصبتنيها (٢) وقال له آخر : هذه الدار التي في يدك هي لي ، أقررت لي بها ، واثبت كل واحد منهما بينة بما ادعاه ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : هذه الدار يحكم بها للمغصوب منه ، لأن البينة شهدت له

__________________

(١) وفي نسخة : فادعاها بدل « نازعها ».

(٢) وفي نسخة : غصبتنى عليها.

٢٣٤

بالملك ، وانما في يد من هي في يده غصب ، والبينة التي شهدت بالإقرار شهدت بإقراره بما قد ثبت انه غصب ، فكان إقراره بما هذه صفته باطلا.

٨١٥ ـ مسألة : إذا كانت في يد انسان دار ، فادعاها آخر ، وأنكر الذي هي في يده ذلك ، وأثبت المدعى بينة بأنها كانت في يده منذ شهر ، أو منذ خمسة أيام ، أو من يوم ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : لا يحكم بهذه البينة ، لأنها محتملة ، ويكون القول ، قول المدعى عليه في ذلك مع يمينه ، هذا إذا لم تشهد البينة بسبب يد المدعى عليه ، فان شهدت بذلك ، مثل ان قالت : انها كانت في يده ، وانه غصبه إياها ، أو حال بينه وبينها ، وجب ان يحكم بالدار للذي ادعاها ، لأن البينة شهدت بالملك وسبب يد المدعى عليه ، فوجب الحكم بما ذكرناه.

٨١٦ ـ مسألة : ثلاثة رجال كفار ، اثنان منهم ابنا للثالث ، أسلم أحد الابنين في مستهل « المحرم » ، وأسلم أخوه في مستهل « صفر » ، وأسلم أبوهما ومات ، ولم يختلفا في وقت إسلامهما ، بل اختلفا في أبيهما ، فقال الذي أسلم في « المحرم » لأخيه : مات أبونا في « المحرم » قبل اسلامك يا أخي ، والميراث كله لي ، وقال الأخر : بل مات أبونا في « صفر » فالميراث بيننا ، ما الجواب عن ذلك والحكم فيه؟

الجواب : إذا اختلف الابنان على ما ذكر في هذه المسألة ، ولم تكن لأحدهما بينة بما ادعاه ، كان القول ، قول من ادعى موت الأب في « صفر » ، ويكون الميراث بينهما نصفين ، لأن الأصل الحياة ، فلا يرجع عن ذلك الا بان يعلم ارتفاعها.

٨١٧ ـ مسألة : رجل مات وهو مسلم ، وخلف ابنين وتركة ، فقال أحدهما لأخيه : كنت أنا في الوقت الذي مات ابى فيه مسلما ، فقال له اخوة : صدقت وانا كنت أيضا في ذلك الوقت مسلما ، فقال له الأخر : بل كان اسلامك بعد موته ، فالميراث كله لي دونك ، فقال الأخر : بل مات ابى وأنا مسلم ، فالميراث بيننا ، ما الحكم في ذلك؟

٢٣٥

الجواب : إذا اختلف الابنان على ما ذكر ، كان القول قول المتفق على إسلامه ، لأن الأصل ها هنا الكفر ، حتى يعلم زواله ، فإذا ثبت زواله في وقت موت الأب عن هذا الابن ، كان الميراث بينه وبين أخيه نصفين ، وان لم يثبت له ذلك ، كان القول قول المتفق على إسلامه ، كما ذكرناه.

٨١٨ ـ مسألة : رجل حر مات ، وخلف ابنين ، فقال أحدهما لأخيه : كنت أنا حرا حين مات ابى ، فالميراث لي دونك. وقال الأخر : صدقت ، وانا أعتقت قبل موت أبينا ، فالميراث بيننا ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلف الابنان على الوجه المذكور ، كان القول قول المتفق على حريته ، لأن الأصل ها هنا في الأخر الرق حتى يثبت زواله ، فان ثبت ، شارك أخاه في الميراث ، وان لم يثبت ، كان له الأمر ، على ما قدمناه.

٢٣٦

باب في أعيان المسائل من العويص :

٨١٩ ـ مسألة : انسان دخل عليه وقت الصلاة ، وتوضأ لها ، فأحسن الوضوء ، ثم صلى ولم يفرط في شي‌ء من صلاته ، فلما فرغ ، وجبت عليه اعادتها ، ما الجواب عن ذلك؟

الجواب : هذا انسان كانت على بدنه أو قميصه نجاسة ، لم يعلم بها`حتى فرغ من صلاته والوقت باق ، فوجبت عليه الإعادة ، ويحتمل أيضا ان يكون جنبا ونسي ذلك وتوضأ وصلى ثم ذكر ذلك ، فوجبت عليه إعادة الصلاة بعد الاغتسال.

٨٢٠ ـ مسألة : انسان دخل عليه وقت الصلاة ، فتطهر لها ولم يخل بشي‌ء من طهارته ، وأراد استباحة الصلاة بتلك الطهارة ، فلم يصح له ذلك ، ما الجواب؟

الجواب : هذا انسان تطهر بماء نجس أو مغصوب ، ولم يعلم بذلك منه حين التطهر به ، ثم علم وقت قيامه للصلاة ، فلم يجز ان تسبيح الصلاة بتلك الطهارة.

٨٢١ ـ مسألة : جماعة مسلمون سالمون من الأمراض ، دخل عليهم وقت الصلاة ، وبحضرتهم ماء في أواني ، فقال بعض منهم لبعض : تطهروا وأدوا الصلاة ، فقد دخل وقتها ، فقال واحد منهم : أنتم قد وجب ذلك عليكم ، فافعلوه ، فأما أنا فليس تجب على الآن طهارة ولا صلاة ، ما صورة هذه المسألة؟

٢٣٧

الجواب : القائل بأنه لم تجب عليه طهارة ولا صلاة ، لم يكن مالكا لشي‌ء من الماء الذي بحضرتهم ، بل كان لهم دونه ، وكان عالما منهم بأنهم يمنعونه من استعمال شي‌ء منه ، ولا يجيبونه الى ابتياعه ، فكان حينئذ غير قادر على الماء ، ووجب عليه بعد ذلك ، الطلب له ، والصبر الى آخر الوقت ، فان تمكن منه ، والا كان فرضه التيمم.

٨٢٢ ـ مسألة : مسلم وجب عليه إخراج الزكاة من ماله ، لسنة معينة ، فلما أخرجها ، وجب عليه إخراجها دفعة أخرى عن السنة بعينها؟

الجواب : هذا انسان كان في بلده من يعلم استحقاقه لأخذ الزكاة ، فلم يدفعها اليه ، فأنفذها الى بلد آخر ، ليدفعها الى من يستحقها في ذلك البلد ، فهلكت ، فكان عليه الضمان لإعادتها.

٨٢٣ ـ مسألة : امرأة مسلمة خطبها رجلان مسلمان في وقت واحد ، وليس بينها وبين احد منهما رحم ولا عبودية يمنع من ذلك ، فحل لأحدهما العقد عليها ، وحرم ذلك على الأخر في ذلك الوقت؟

الجواب : الذي حرم عليه العقد على هذه المرأة في هذه الوقت المذكور ، كان له اربع زوجات ، فلم يحل له العقد على خامسة.

٨٢٤ ـ مسألة : امرأة مسلمة ، صح الخمس رجال من المسلمين ان يعقد كل واحد منهم عليها عقد النكاح ، ويدخل بها ويطلقها ، ثم يفعل الأخر معها مثل ذلك ، كلهم في يوم واحد؟

الجواب : هذه المرأة كبيرة السن آيسة من الحيض ، والآئسة كذلك ليست عليها عدة الطلاق فيمنعها تكميلها لها من التزويج ، فصح من تزويج الخمسة بها على ما ذكرناه ، وهذا على مذهب أصحابنا ، إلا ما كان يختاره السيد المرتضى (ره) أخيرا من ان على هذه المرأة العدة (١) ، وعلى هذا لا تصح هذه المسألة.

٨٢٥ ـ مسألة : هذه مسألة سيدنا أبو جعفر محمد بن على بن موسى (ع) ،

__________________

(١) لاحظ الانتصار ص ١٤٦ ـ مسائل العدة ـ

٢٣٨

التي سأل عنها « يحيى بن أكثم » القاضي بحضرة « المأمون » ، فانقطع ، ولم يجب عنها بشي‌ء ، وهي ما تقول في رجل انظر الى امرأة أول النهار ، فحرم ذلك عليه ، فلما ارتفع النهار حلت له ، فلما زالت الشمس حرمت عليه ، فلما كان العصر حلت له ، فلما غربت الشمس حرمت عليه ، فلما حضرت وقت العشاء الآخرة حلت له ، فلما انتصف الليل حرمت عليه ، فلما كان الفجر حلت له ، فلما ارتفع النهار حرمت عليه ، فلما كان الظهر حلت له؟

الجواب : هذا رجل نظر الى امة قوم أول النهار بغير إذنهم نظر تعمد بشهوة ، فكان ذلك محرما عليه ، فلما ارتفع النهار اشتراها عن مالكها فحلت له ، فلما زالت الشمس أعتقها فحرمت عليه ، فلما كان وقت العصر تزوجها فحلت له ، فلما كان المغرب ، ظاهر منها ، فحرمت عليه ، فلما كان العشاء الآخرة كفر عن الظهار ، فحلت له ، فلما كان نصف الليل ، ارتد عن الإسلام فحرمت عليه ، فلما كان الفجر عاد إلى الإسلام فحلت له ، فلما ارتفع النهار خلعها من نفسه ، فحرمت عليه ، فلما كان الظهر ، جدد معها عقد النكاح فحلت له. (١)

٨٢٦ ـ مسألة : امرأة عصت الله سبحانه وتعالى فحلت لبعلها ما يحرم عنه من طاعة الله في وطأها؟

الجواب : هذه المرأة كانت صائمة قضاء من شهر رمضان ، أو كانت حائضا ، فكتمت ذلك عن زوجها فوطأها ، وهو غير عالم بباطن حالها.

٨٢٧ ـ مسألة : امرأة مسلمة عقد عليها مسلم عقد النكاح فحلت له ساعة من النهار بالعقد ، ثم حرمت عليه بعد ذلك ابدا ، ولم يحدث هو ولا هي كفرا ولا ما يقتضي ذلك؟

الجواب : هذه امرأة كانت بنتها زوجة هذا الرجل فعقد عليها وهو غير عالم بأنها أمها ، فحلت له ساعة من النهار بظاهر العقد ، ثم بعد ذلك علم صحة النسبة بينهما ، فحرمت عليه أبدا.

٨٢٨ ـ مسألة : رجلان كانا يمشيان تحت حائط ، فسقط الحائط على

__________________

(١) الاحتجاج للطبرسي ج ٢ ص ٢٤٤ وبحار الأنوار ج ٥٠ ص ٧٨.

٢٣٩

أحدهما فقتله ، فحرمت زوجة الأخر عليه في هذا الحال؟

الجواب : هذا رجل زوج ابنته من مملوكه. وخرجا يمشيان ، فسقط الحائط على سيد المملوك ، فصار المملوك ميراثا للبنت ، فحرمت بذلك عليه (١).

٨٢٩ ـ مسألة : امرأة أطاعت الله ، ففارقت زوجها للطاعة؟

الجواب : هذه المرأة وزوجها كانا مشركين ، فأسلمت هي ، وبقي زوجها على الشرك ، فوجبت مفارقتها له لذلك.

٨٣٠ ـ مسألة : رجل غاب عن امرأته ثلاثة أيام ، فأنفذت إليه إنني قد تزوجت بعدك برجل ، وقد احتجت الى نفقته ، فأنفذ الى ما أنفقه على وعلى زوجي. ووجب ذلك عليه؟

الجواب : هذه المرأة ، زوجها أبوها بعبده ودفع اليه مالا واذن له في السفر والتجارة بذلك ، فسافر العبد قبل دخوله بهذه المرأة ، فلما مضى عليه من وقت خروجه يومان ، مات سيده ، فصار العبد ميراثا لهذه المرأة ، وحرمت عليه بذلك ، وحلت للأزواج في الحال ، فتزوجت رجلا ، وأنفذت الى العبد ، تسأله أن ينفذ إليها من تركة أبيها ما تصرفه في أحوالها ، فوجب عليه ذلك.

٨٣١ ـ مسألة : رجل تزوج امرأة على صداق ، مبلغه ألف درهم ، فلما طلقها وجب عليه ألف وخمس مأة درهم؟

الجواب : هذه المرأة قبضت هذا الصداق من زوجها ، ثم استشهدت على نفسها بأنها قد تصدقت عليه به ، فلما علم بذلك طلقها قبل دخوله بها ، فكان عليه الألف درهم بالصدقة ، وخمس مأة وهي نصف ما فرضه لها من الصداق ، يجب له رجوعه عليها بذلك قبل الدخول بها.

٨٣٢ ـ مسألة : رجل وجب عليه في يوم واحد حدان وعشر حد؟

الجواب : هذا عبد قذف حرا ، وزنى وسكر ، فوجب عليه للقذف والسكر ، مأة وستون سوطا ، وللزنا خمسون جلدة ، فذلك حدان وعشر حد.

٨٣٣ ـ مسألة : رجل حر وجب عليه في يوم حد كامل ، ونصف حد

__________________

(١) وفي نسخة : فوجبت مفارقتها له لذلك.

٢٤٠