جواهر الفقه

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

جواهر الفقه

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩١

١
٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله على ما أنعم به علينا من البصيرة في الدين ، وفضلنا على كثير من العالمين ، حمد المستبصرين العارفين ، الذين علت بهم في رتبتهم المنازل ، وتجملت بهم المجالس والمحافل ، وكانوا للحق أعوانا وأنصارا ، ولإيضاح المشكلات أصلا وفرعا ومقرا ومنارا (١).

وصلى الله على محمد وآله سيماء الأنبياء وتاج الرسل والأصفياء ، وعلى وصيه : على بن ابى طالب (ع) أشرف الأوصياء والأولياء ، والأئمة من ذريتهما الأتقياء النجباء ، ما نطق ناطق وذر شارق ، وسلم تسليما.

اما بعد فإنه لما كانت أيادي حضرة القضاة (٢) الأغرية الجلالية الفخرية ، ثبت الله وطأها ومجدها وادام (٣) قدرتها وسعدها ، علينا ممتدة الأظلال (٤) ، مسبلة الأذيال ، شاملة الإحسان والأنعام ، غامرة بكل فضل وإكرام ، وجب في حق ذلك ، الشكر لها علينا ، والخدمة منا لها ، واما الشكر وان كان هو الاعتراف بالنعمة مع ضرب من التعظيم ، فقد عرفه منا ، كل انسان عرفنا ، وعاقل خالطنا. واما الخدمة لها ، فجارية في العلم لها مجرى ما تقدم من العلم بالشكر ، غير

__________________

(١) وفي نسخة : ومفازا.

(٢) وفي نسخة : القضاء.

(٣) وفي نسخة : ما دام والظاهر انه تصحيف.

(٤) وفي نسخة : ممتدة للظلال.

٣

ان الخدم لما كانت تتفاضل ، وكان أفضل ما يخدم به مثلي متلها ، ما يرجع الى الديانات ويتعلق بالمتعبدات ، ويعود نفعه على ذوي الألباب ، ويبقى ذكره في الأعقاب ، رأيت خدمتها ببعض ما يتعلق بذلك ، فوضعت هذا الكتاب لما ذكرته ، وسميته بـ « كتاب جواهر الفقه » لأننى اعتمدت فيه ذكر المسائل المستحسنة والأجوبة الموجزة المنتخبة ، فالناظر فيه ، يرتع خاطره في حدائقه المؤنقة ، وينزه فكره في رياضة المشرقة ، ويسلم الحافظ للأجوبة عن المسائل الثابتة فيه من الخطاء في الإجابة عنها والزلل فيما يعتمد عليه في ذلك منها. والله سبحانه ولى المعونة على ما يرضيه ويزلف لديه (١) بجوده وكرمه ، انه القادر على ما يشاء.

__________________

(١) يزلف لديه : يقرب لديه قال تعالى « ما نَعْبُدُهُمْ إِلّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى » الزمر : ٣.

٤

باب في مسائل ما يتعلق بالطهارة :

١ ـ مسألة : إذا كان الماء نجسا وهو أقل من كر ، وتمم بطاهر حتى صار كرا ، هل يكون طاهرا أو نجسا؟

الجواب : هذا الماء يكون طاهرا ، لما روى عنهم صلوات الله عليهم من قولهم. « إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا » (١). وهذا ماء قد بلغ ذلك فوجب الحكم فيه بما ذكرناه ، وقد ذهب بعض أصحابنا إلى انه نجس (٢) ، وظنوا ان الوجه في الحكم بنجاسته ، ان النجس ما ينقص عن الكر وقد لاقى ماء ينقص أيضا عن كر. وقالوا : لا خلاف بيننا ان الماء إذا نقص عن ذلك ، ولاقته نجاسة ، انا نحكم بنجاسته.

وهذا غير مستقيم ، لأن الماء الذي ذكرناه إذا أتممناه بماء طاهر ، فالنجاسة انما لاقت الماء الذي حكمنا بنجاسته [ من الماء الذي لاقته النجاسة ] (٣) وهو أقل من كر ، فإذا أتممناه بالماء الطاهر وصار كرا فلم يلاقه الا ما كنا نحكم بنجاسته من الماء الذي لاقته النجاسة ، وهو أقل من كر ، ولا خلاف بيننا في ان الماء الطاهر إذا كان كرا ، وليس هو من مياه الأبار ، ووقعت فيه قطرة من نجاسة ، ولم يتغير بها أحد أوصافه ، فإن هذه النجاسة لم تلاق جميع اجزائه ، وانما لاقت البعض

__________________

(١) المستدرك ج ١ ص ٢٧ ب ٩ من أبواب الماء المطلق ح ٦ ( الا انه عن النبي (ص) ).

(٢) هو خيرة الشيخ لاحظ المبسوط ج ١ ص ٧.

(٣) ما بين المعقوفتين موجود في نسخة ـ د.

٥

منه ، ولا خلاف بيننا في ان هذا البعض لو كان منفصلا من باقي ماء الكر لحكمنا بنجاسته ، وإذا كان متصلا به لم نحكم بنجاسته.

وإذا كان هكذا ، فلا فرق حينئذ بين ان يكون الماء الذي ذكرناه انه نجس متصلا به ، وبين ان يكون منفصلا عنه ثم يتصل ، في انه يجب ان لا يحكم له بنجاسته مع الاتصال بما ذكرناه.

فان قيل : أليس الفرق بين ذلك : ان البعض الذي خالطته نجاسة وهو من جملة الكر ، لم نحكم له بالنجاسة ، والمنفصل منه ، قد حكمنا بنجاسته ، فيجب ان يبقى على ما كان عليه مع الاتصال بباقي الكر؟

قلنا : هذا ليس بشي‌ء ، لأنه لو وجب في هذا الماء ان يبقى على حكم النجاسة من حيث حكمنا بنجاسته وإن اتصل بباقي ماء الكر ، لوجب في البعض الذي لاقته النجاسة ، وهو من جملة ماء الكر ، ان يبقى على حكم الطهارة ، من حيث حكمنا بطهارته وان انفصل وتميز لنا بالنجاسة من باقي ماء الكر ، وهذا لا يقوله منا احد.

فكما انا مع الاتصال لا نحكم بنجاسته ، ومع الانفصال والتمييز بالنجاسة نحكم بنجاسته فكذلك ما ذكرناه. على انه لو لم تكن الفائدة في ذلك ما ذكرناه ، لم يكن لقولهم (ع) : « إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا » (١) معنى يعول عليه.

وقد كان الشيخ الإمام أبو جعفر : محمد بن الحسن الطوسي « ره » يذهب إلى نجاسة هذا الماء ، وربما مال في بعض الأوقات إلى القول بطهارته (٢) لأنه كان يقول : القول بطهارته قوي ، لأن الفائدة في قولهم (ع) : « إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا » ان لم يكن متى صار كرا لم يحكم بنجاسته ، على الانفراد ، وكذلك البعضان إذا كانا نجسين ، وأحدهما منفصل من الأخر ، حتى إذا جمع بينهما

__________________

(١) المستدرك ج ١ ص ٢٧ ب ٩ أبواب الماء المطلق ح ٦ ( غير انه عن النبي (ص) ).

(٢) لاحظ المبسوط ج ١ ص ٧.

٦

صار كرا ، انهما ماءآن ، محكوم بنجاستهما على الانفراد. فمن ادعى طهارة أحدهما أو طهارتهما مع الاجتماع ، فعليه الدلالة. وقد دللنا نحن على ما ذكرناه بما فيه كفاية ، بحسب ما يحتمله هذا الموضع.

فبطل ما عول عليه ثم يقال له : وهذا الماء انما حكم بنجاسته مع انفصال بعضه من بعض ، فمن اين لك ، انه إذا كان متصلا ، وغير متصل انه يبقى كذلك؟

فان قال : إذا كان محكوما بنجاسته ، وجب ان يحكم فيه بذلك وان كان متصلا ، قيل له : ما زدت على ما ادعيته ، وهو الذي سئلت عنه. ثم يلزمك على ذلك ان يكون البعض الذي لاقته نجاسة لو انفصل وتميز بالنجاسة عن الباقي ، ان يحكم بطهارته ، ولا يحكم بنجاسته ، لأنا نقول لك : وهذا ماء قد بلغ كرا محكوم بطهارته. فمن ادعى نجاسته ، فعليه الدليل.

فان قلت : الدليل عليه ، انه ماء نقص عن كر ، وقد لاقته نجاسة ، فيجب كونه نجسا. قلنا لك : وهذا ماء قد بلغ كرا ، فان كان قد لاقته نجاسة ، فيجب كونه طاهرا ، لا سيما ومن قولك الذي تركناك عليه ، وما علمنا رجوعك عنه ، ان النجاسة إذا وقعت في كر من ماء لم يتغير بها أحد أوصافه لا تنجسه ، لأنها تكون مستهلكة. وعلى هذا أيضا يلزمك ما ذكرناه في البعضين من الماء ، إذا كان أحدهما نجسا ، والأخر طاهرا واجتمعا فصارا كرا. وفيهما إذا كانا نجسين وجمعا حتى صارا كذلك. ولو لا ان سائلا سأل في ان نبسط الكلام في هذه المسألة بعض البسط ، لما انتهينا فيه الى هذا الحد ، لأن المقصود في هذا الكتاب غيره.

٢ ـ المسألة : إذا كان مع المكلف اناآن ، ووقع في أحدهما نجاسة ولم يعلمه بعينه ، أيجوز له الطهارة بشي‌ء منهما أم لا؟

الجواب : لا يجوز استعمال واحد منهما ، لأنه لا يأمن ان يكون النجس هو الذي استعمله أولا ، فيكون مؤديا للطهارة بالماء النجس ، وهذا لا يجوز.

وان كان هو المستعمل ثانيا ، كان قد صلى وعلى جسده نجاسة لم يزلها. وهذا أيضا لا يجوز. وعلى الوجهين جميعا يكون مؤديا للصلاة بغير يقين من برأيه

٧

ذمته بما لزمه منها ، وهو مأخوذ بأدائها بيقين.

٣ ـ مسألة : إذا كان الماء مستعملا في الطهارة الصغرى ، هل يجوز استعماله فيها أو في غيرها بعد ذلك أم لا؟

الجواب : يجوز ذلك ، لأنه على حكم الطهارة ما لم تلاقه نجاسة.

٤ ـ مسألة : إذا كان الماء مستعملا في الطهارة من الجنابة ، هل يجوز استعماله بعد ذلك في الطهارة أم لا؟

الجواب : لا يجوز استعماله ، لأن الأظهر بين الطائفة ذلك. وقد كان شيخنا المرتضى « ره » وقوم من أصحابنا يجيزون ذلك ، إذا جمع ولم تخالطه نجاسة (١).

٥ ـ مسألة : إذا كانت رائحة ماء الورد قد زالت عنه ، هل يجوز استعماله في الطهارة أم لا؟

الجواب : لا يجوز استعماله في ذلك ، وفي أصحابنا من جوز استعماله (٢) ، لأنه عنده ، بزوال الرائحة عنه ، يخرج عن كونه مضافا. وهذا غير صحيح ، لأنه ماء ورد ، زالت رائحته أو لم تزل ، وليس زوال هذه الرائحة بمخرج له من كونه مستخرجا من الورد ، ومعنى الإضافة ثابت في ذلك.

٦ ـ مسألة : إذا كان مع المكلف إناآن أو أكثر منهما ، وواحد منهما ماء ورد منقطع الرائحة ، والثاني ماء مطهر ، ولم يعلم أحدهما من الأخر. هل يجوز له الاقتصار في الطهارة على واحد منهما أم لا؟

الجواب : لا يجوز له ذلك ، لأنه لا يأمن ان يكون الذي تطهر به أولا هو ماء الورد ، فلا يرتفع بذلك حدثه. وعلى هذا يجب ان يتطهر بالاثنين ، لأنه ان جوز في الأول بما ذكرناه ، فهو آمن من كونه نجسا ومتيقن لرفع الحدث بالأخر ، وان كان الذي تطهر به أولا هو المطهر ، فقد ارتفع به حدثه ، وإذا استعمل الثاني ، لم تزل به طهارته ، وإذا صلى كان مؤديا لصلاته بيقين.

__________________

(١) المسائل الناصريات للسيد المرتضى « ره » : المسألة السادسة.

(٢) هو الشيخ الصدوق (ره) في كتابه الهداية حيث قال : ولا بأس ان يتوضأ بماء الورد للصلاة ويغتسل به من الجنابة.

٨

٧ ـ مسألة : إذا كان معه إناآن ، وفي أحدهما نجاسة ، ولا يعلمه بعينه ، وأخبره عدل : ان النجس واحد منهما ذكره ، هل يجوز له استعمال شي‌ء منهما ، وقبول شهادة هذا الشاهد في ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجوز له استعمال ذلك ، ولا واحد منهما أيضا ، ولا قبول قول هذا الشاهد ، فيما شهد به من ذلك ، لأنه لا دليل عليه ، والمعلوم نجاسة أحدهما من غير تعيين ، وأيضا فإنه لا يحصل له بقول الشاهد الا غلبة الظن ، وذلك لا يعول على مثله مع العلم.

٨ ـ مسألة : إذا كان الماء في موضع ، وقصد المكلف إلى الطهارة منه ، فأخبره إنسان بأنه نجس ، هل يجوز له استعماله في ذلك ، أو قبول قول الغير المخبر له بنجاسته ، أو لا يجوز له ذلك؟

الجواب : يجوز له استعماله ، ولا يلزمه قبول قول المخبر له بنجاسته ، لأن المعلوم ، كون الماء على أصل الطهارة ، الا ان يعلم ان فيه نجاسة ، وبقول هذا المخبر لا يحصل العلم ، ولا دليل أيضا يفضى الى العلم بقبول قوله.

٩ ـ مسألة : إذا كان معه إناآن يعلم طهارتهما ، فشهد شاهدان بأن أحدهما نجس أو جميعهما ، هل يجب عليه قبول قولهما في ذلك أو لا؟

الجواب : لا يجب عليه قبول قولهما ، لمثل ما تقدم.

١٠ ـ مسألة : إذا كان معه إناءان طاهران ، فشهد شاهدان بأن النجاسة ، وقعت في واحد منهما بعينه ، وشهد آخران : بأن النجاسة وقعت في الأخر ، هل يلزمه قبول قولهما فيما شهدا به أو لا؟

الجواب : لا يلزمه قبول شهادتهما فيما شهدا به ، لأن الماء عنده على أصل الطهارة ، على ما قدمناه.

١١ ـ مسألة : إذا كان معه مقدار من الماء ، لا يكفيه لطهارته ، ومعه ماء ورد فزاد منه عليه ، حتى صار مقدارا يكفيه للطهارة ، أيجوز له استعماله في ذلك أم لا؟

الجواب : يجوز له استعماله ان لم يكن سلبه إطلاق اسم الماء ، وان كان

٩

قد سلبه ذلك ، لم يجز له استعماله ، وكان عليه التيمم للصلاة ان كان قد تضيق وقتها.

١٢ ـ مسألة : إذا تظهر لوضوء أو غسل بماء مطهر ، من آنية ذهب أو فضة ، هل تكون الطهارة صحيحة أو لا؟

الجواب : طهارته صحيحة ، وان كان محظورا عليه استعمال هذه الأنية ، لأن النهي عام في استعمالها في أكل وشرب وطيب وغير ذلك ، فكما لا يتعدى النهي في استعمالها إلى المأكول والمشروب ، فكذلك لا يتعدى الى الطهارة.

١٣ ـ مسألة : إذا كان له يدان على مفصل واحد أو ذراع واحد ، أو كانت له أصابع زائدة ، وكان ذلك ، من المرفق إلى أطراف الأصابع ، هل يجب عليه غسل ذلك أو لا؟

الجواب : يجب عليه ذلك ، الا ان يكون فوق المرفق ، فإنه لا يجب عليه ، لأن الله تعالى أوجب عليه الغسل من المرفق إلى أطراف الأصابع.

١٤ ـ مسألة : إذا قطع بعض رجله ، هل يجب عليه المسح على الباقي أم لا؟

الجواب : يجب عليه ذلك ، لأنه إنما أمر بالمسح عليهما الى الكعبين ، فان كانت مستأصلة بالقطع من الكعبين ، فقد سقط عنه هذا الفرض.

١٥ ـ مسألة : إذا كان المتوضي امرأة ، وكان لها لحية ، هل يجب عليها إيصال الماء في الوضوء الى ما تحتها أو لا؟

الجواب : لا يجب عليها ذلك ، لأنه لا فرق بينها وبين الرجل في ذلك ، فكما لا يجب عليه إيصال الماء الى ما تحتها ، فكذلك لا يجب على المرأة.

١٦ ـ مسألة : إذا توضأ وصلى الظهر ولم يحدث بعد ذلك ، ثم توضأ وصلى العصر ، ثم ذكر انه ترك عضوا من أعضاء الطهارة ، ولم يعلم من اى الطهارتين هو ، هل يكون جميع الصلاتين صحيحا أم لا؟ أو تكون إحداهما صحيحة والأخرى غير صحيحة؟

الجواب : صلاة العصر صحيحة على كل حال ، وعليه اعادة الظهر بطهارة

١٠

مجددة ، لأن العضو المتروك ان كان من الطهارة الأولى ، فطهارة الثانية صحيحة ، وبصحتها صحت صلاة العصر ، وان كان من الطهارة الثانية ، فطهارة الأولى صحيحة ، وبصحتها صحت الصلاتان جميعا ، وانما عليه اعادة الظهر بطهارة مجددة ، ليكون مؤديا لها بيقين.

١٧ ـ مسألة : إذا توضأ وصلى الظهر [ ولم يحدث بعد ذلك ] (١) ، ثم توضأ وصلى العصر ، ثم ذكر انه كان قد أحدث عقيب احدى الطهارتين من قبل ان يصلى ، هل تكون طهارته وصلاته صحيحة أم لا؟

الجواب : ليس ذلك صحيحا ، وعليه ان يتوضأ ويعيد الصلاتين جميعا ، لأنه يجب عليه أداء ذلك بيقين ، وإذا فعل ما ذكرناه ، كان متيقنا لذلك ، ومع الأول ، لا يكون متيقنا له (٢).

١٨ ـ مسألة : إذا كان محدثا وتوضأ وصلى الظهر ، ثم أحدث وتوضأ وصلى العصر ، ثم علم انه ترك عضوا من أعضاء الطهارة ، ما الجواب عن ذلك؟

الجواب : هذه المسألة جارية مجرى المسألة التي تقدمتها ، والجواب عنها كالجواب عنها.

١٩ ـ مسألة : إذا توضأ وصلى الظهر ، ثم توضأ وصلى العصر ، ثم توضأ وصلى المغرب ، وفعل هكذا بعد ذلك في كل صلاة إلى صلاة الغداة ، ثم ذكر بعد ذلك انه أحدث عقيب واحدة من هذه الطهارات قبل ان يصلى ، ما حكمه؟

الجواب : إذا كان هذا حكمه ، كان عليه الوضوء واعادة جميع هذه الصلوات ، لأنه لم يؤد واحدة منهن بيقين ، لأن حدثه ان كان عقيب وضوء الظهر ، كانت صلاة الظهر غير صحيحة ، وباقي الصلوات صحيحة. وان كان عقيب وضوء العصر ، كانت صلاة العصر غير صحيحة ، وما قبلها وما بعدها من الصلاة

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في نسخة ـ د.

(٢) لذلك ، فلا يحتاج إلى إعادتهما جميعا نعم يجب عليه اعادة الجميع ان اختلفتا في العدد كالمغرب والعشاء.

١١

صحيح ، وهكذا القول الى آخرها ، فليست منها واحدة إلا وهو مؤدها بغير يقين ، وذلك لا يجوز. (١)

٢٠ ـ مسألة : إذا توضأ وهو مسلم ، ثم ارتد وعاد بعد ذلك الى الإسلام ، قبل ان يحدث ما ينقض الوضوء ، هل يكون وضوءه صحيحا أم لا؟

الجواب : وضوءه صحيح ، وصلاته به ماضية ، لأن الارتداد ليس من نواقض الطهارة.

٢١ ـ مسألة : إذا توضأ وخرج منه بول أو غائط من الطهارة ، من موضع من جسده غير السبيلين ، هل ينقض ذلك وضوءه أم لا؟

الجواب : إذا كان ذلك من دون المعدة ، انتقض الوضوء بذلك ، وان كان فوق المعدة لم ينقض به ، لأن قوله تعالى « أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ » (٢) عام في ذلك ، وكذلك الأخبار الواردة في ان الغائط ينقض الوضوء (٣) ، ولا يوجب مثل ذلك فيما يكون من فوق المعدة ، لأنه لا يسمى غائطا.

٢٢ ـ مسألة : إذا كان جنبا وغسل رأسه ، ثم أحدث حدثا ينقض الوضوء ، هل يعيد غسل رأسه أم يبنى عليه؟

الجواب : يبنى على غسل رأسه ، ولا يحتاج مع ذلك الى وضوء ، لأن في أصحابنا من ذهب الى انه يعيد غسل رأسه ، ولا يبنى عليه (٤). وفيهم من ذهب الى انه يبنى ويتوضأ للصلاة (٥) ، وهذان القولان غير صحيحين ، أما إيجاب الإعادة لغسل الرأس ، فيبطل ، لأنه لا شبهة في إنما ينقض الطهارة الصغرى ،

__________________

(١) ولا يخفى ما فيه لأنه إن توضأ وأتى بالصبح والمغرب واربع ركعات بقصد ما في الذمة مرددة بين الظهر والعصر والعشاء مخيرا فيها بين الجهر والإخفات لكان مؤديا جميعها بيقين.

(٢) النساء : ٤٣

(٣) الوسائل ج ١ ص ١٧٧ ب ٢ أبواب نواقض الوضوء احاديث الباب.

(٤) هو مختار الشيخ في المبسوط ج ١ ص ٢٩ ـ ٣٠. وكذا في النهاية حيث قال في الأخر : وإن أحدث وجب عليه اعادة جميع الغسل.

(٥) هو خيرة المرتضى نقله عنه المحقق في المعتبر ج ١ ص ١٩٦.

١٢

لا ينقض الطهارة الكبرى ، ولا ينقض بعض الطهارة الكبرى ، وغسل الرأس ها هنا من الطهارة الكبرى ، فلا ينتقض هنا بما ينقض الصغرى.

واما القول : بأنه يبنى على ذلك ويتوضأ للصلاة. فيبطل أيضا ، لأن الغسل من الجنابة ، كاف في استباحة الصلاة به ، ولا يفتقر معه الى وضوء يستبيحها به. (١)

٢٣ ـ مسألة : إذا كان كافرا وتيمم أو توضأ ، ثم أسلم ، هل يكون تيممه صحيحا وكذلك وضوءه أم لا؟

الجواب : تيمم هذا ووضوءه غير صحيحين ، لأن ذلك عبادة يفتقر في صحتها إلى النية ، وذلك لا يصح ممن هو كافر.

٢٤ ـ مسألة : إذا تيمم وهو مسلم ، ثم ارتد وعاد إلى الإسلام ، هل يكون تيممه صحيحا أو فاسدا؟

الجواب : إذا عاد إلى الإسلام قبل ان يحدث ما ينقض الطهارة كان التيمم صحيحا ، على ما قلناه فيما مضى في الوضوء.

٢٥ ـ مسألة : إذا كان جنبا ووجب عليه التيمم لاستباحة الصلاة ، فتيمم ، ثم أحدث ما ينقض الوضوء ، ووجد من الماء ما يكفيه لوضوئه دون غسله ، ولم يتوضأ ، هل يجب عليه اعادة التيمم أم لا؟

الجواب : عليه اعادة التيمم ، لأن حكم الجنابة باق على ما كان عليه.

٢٦ ـ مسألة : إذا أراد التيمم فنوى به رفع الحدث ، هل يكون التيمم صحيحا أم لا؟

الجواب : لا يكون هذا التيمم صحيحا ، لأنه يجب عليه ان ينوى به استباحة الصلاة ، وهذا لم يفعله ، ولأن التيمم لا يرفع حدثا كان ذلك الحدث ناقضا للطهارة الصغرى أو الكبرى.

٢٧ ـ مسألة : إذا تيمم ونوى ان تيمم بدلا من الوضوء ، وكذلك ان كان جنبا فنوى ان تيمم بدلا من الغسل ، هل يصح ذلك ، ويجوز له استباحة

__________________

(١) في المسألة أقوال مختلفة من أراد الاطلاع عليها مع أدلتها فليرجع إلى المجموعة المسماة برسائل الشهيد الثاني ص ٣٤.

١٣

الصلاة به أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، ولا تستبيح به الصلاة ، لأن النية الواجبة عليه ما حصلت ، وهي ان ينوي استباحة الصلاة به على ما تقدم ذكره.

٢٨ ـ مسألة : إذا كان مصلوبا ، أو في أرض نجسة ، ولا يقدر على تراب طاهر تيمم به ، ما حكمه في الصلاة؟

الجواب : حكمه ان يؤخر الصلاة ، الى ان يقدر على ما يتيمم به أو يتطهر به ، وفي أصحابنا من قال : يصلى ، فإذا قدر على ذلك ، أعاد الصلاة (١).

والأول أظهر ، لأن الصلاة أوجبت (٢) عليه بشرط كونه متطهرا ، فمن لا يقدر على هذا الشرط ، فينبغي ان يؤخرها الى ان يقدر عليه ، وان صلى وأعاد الصلاة إذا تمكن من ذلك ، كان ذلك جائزا. وكذلك القول في المحبوس والمقيد والمشدود بالرباط.

٢٩ ـ مسألة : إذا كان مقطوع اليدين من الذراعين ، هل يجب عليه تيمم أم لا؟

الجواب : لا يجب عليه ، لأن الأمر بالتيمم ، يتعلق بما قد عدمه هذا المكلف ، فقد سقط الفرض عنه ، فان مسح ما بقي بعد القطع استحبابا ، كان جائزا.

٣٠ ـ مسألة : إذا أزال عن بدنه أو ثوبه شيئا من النجاسات ، بمائع غير الماء المطهر ، هل يزول حكم النجاسة عما كان عليه ، أم لا؟

الجواب : لا يزول حكم النجاسة عما كان عليه ، ولا يجوز له الصلاة أيضا ، وهو كذلك ، وقد كان شيخنا المرتضى « ره » يذهب الى جواز ذلك (٣). وهذا غير صحيح ، لأن إجماع الطائفة على خلافه في ذلك.

٣١ ـ مسألة : إذا كان معه ثوبان ، فعلم ان أحدهما طاهر والأخر نجس

__________________

(١) قاله الشيخ في المبسوط ج ١ ص ٣١.

(٢) بصيغة المجهول.

(٣) الناصريات للسيد المرتضى المسألة الثانية والعشرون ـ واستدل عليه بعموم قوله تعالى « وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ » المدثر : ٤.

١٤

ولا يعلم الطاهر من النجس على التعيين ، هل يجوز له استباحة الصلاة في شي‌ء منهما أم لا؟

الجواب : يصلى هذا الإنسان الصلاة في كل واحد منهما. وفي الناس من ذهب الى انه لا يصلى في واحد منهما ، وإذا لم يقدر على غيرهما ، صلى عريانا (١).

وهذا غير صحيح ، لأنه إذا صلى الصلاة في كل واحد منهما ، فقد تيقن براءة ذمته من الصلاة في واحد منهما ، وليس في الأخر نجاسة فيقال : انها تتعدى الى جسده ، حتى يجرى القول في ذلك مجرى الإنائين الذين قدمنا ذكرهما.

٣٢ ـ مسألة : إذا اغتسل من الجنابة وهو كافر ، ثم أسلم ، هل عليه اعادة الغسل أم لا؟

الجواب : عليه اعادة الغسل ، لأن ذلك طهارة تفتقر في صحتها إلى النية ، وذلك لا يصح مع الكفر.

٣٣ ـ مسألة : إذا اغتسلت المرأة الكافرة من الحيض أو الاستحاضة أو النفاس ، ثم أسلمت ، هل تجب عليها إعادة ذلك الغسل أم لا؟

الجواب : الجواب عن هذه المسألة كالجواب عن المسألة المتقدمة لها سواء.

٣٤ ـ مسألة : إذا عمل الكافر ـ سواء كان كفره أصليا أو ارتدادا ، أو كان كافرا ملة ـ ثوبا أو صبغه أو غسله ، هل تجوز الصلاة فيه أم لا؟

الجواب : هذا الثوب يكون نجسا فلا تجوز الصلاة فيه حتى يغسل ، لأن الكافر نجس.

٣٥ ـ مسألة : إذا رأت المرأة الدم ثلاثة أيام متفرقة من جملة العشرة أيام ، ما الحكم في ذلك ، وهل هي حيض أم لا؟

الجواب : انها بحكم الحيض ، وفي أصحابنا من يقول : بأنها غير حيض ، لأنها غير متوالية (٢). والأول أظهر ، لأنه لا خلاف بيننا في ان كل دم تراه المرأة

__________________

(١) حكى ابن القدامة في المغني ج ١ ص ٧٥ عن المزني وأبى ثور ، القول بعدم جواز الصلاة في شي‌ء منهما. وقواه الحلي في السرائر وافتى به على ما حكى عنه في هامش المبسوط ج ١ ص ٣٩ فلاحظ.

(٢) هو خيرة الشيخ في المبسوط لاحظ ج ١ ص ٤٢.

١٥

في العشرة أيام ـ وان كان ذلك في أيام متفرقة بعد الثلاثة الأيام المتوالية ـ فهو حيض لأنه من جملة العشرة ، وإذا كانت هذه حيضا مع تفرقها ـ لأنها من جملة العشرة ـ فكذلك يجب فيما قلناه.

فان قيل : هذا يلزم عليه ان يكون اليوم أو اليومان حيضا وان انقطع الدم بعد ذلك فلم تره الى تمام العشرة. قلنا : هذا قد دل الدليل على انه غير حيض ، فقلنا به لذلك ، لأنه لا خلاف فيه ، فما أخرجناه من تلك الجملة إلا بدليل ، ولولاه لقلناه به ، وان قيل بالثاني ـ لأن الاحتياط يقتضيه ـ كان جائزا.

٣٦ ـ مسألة : إذا رأت المرأة الدم ثلاثة أيام ، وانقطع سبعة أيام ، ثم رأته ثلاثة أيام ، هل يكون الأول حيضا أم لا؟ وكذلك الثاني؟

الجواب : الثلاثة أيام الأولى حيض ، لأنها من جملة العشرة ، والثانية غير حيض ، لأن الدم حدث فيها بعد تمام العشرة.

٣٧ ـ مسألة : إذا رأت المرأة الدم أقل من ثلاثة أيام ، ورأت الطهر الى تمام العشرة ، هل يكون ذلك حيضا أم لا؟

الجواب : لا يكون ذلك حيضا ، لأن الحيض لا يكون أقل من ثلاثة أيام.

٣٨ ـ مسألة : إذا رأت المرأة الدم أقل من ثلاثة أيام ، ثم رأته بعد ذلك يوما فيوما الى تمام العشرة ، ما الذي هو حيض من ذلك؟

الجواب : يكون الجميع حيضا ، وقد تقدم ذكر الوجه في الأيام المتفرقة.

وعلى مذهب من قال من أصحابنا : بأن الثلاثة أيام يجب كونها متوالية ، لا يكون حيضا. (١)

٣٩ ـ مسألة : إذا كانت عادة المرأة في مجي‌ء الحيض خمسة أيام في كل شهر ، فرأته فيها ، ورأته قبل ذلك خمسة أيام وانقطع ، ورأته خمسة أيام بعدها وانقطع ، ما الحيض من ذلك؟

الجواب : الحيض من ذلك هو الأيام التي هي أيام العادة ، والباقي غير حيض ، لأن إضافة الخمسة الأولى الى العشرة ، ليس بأولى من إضافة الخمسة

__________________

(١) هو خيرة الشيخ في المبسوط لاحظ ج ١ ص ٤٢. واختار في النهاية ص ٢٦ ـ عدم اشتراط التتابع ـ كما في المتن.

١٦

الأخيرة إليها ، وإذا لم يكن على ذلك دليل ، وجب القضاء بالعادة ، لأنه المجمع عليه ، دون ما لا دليل عليه.

٤٠ ـ مسألة : إذا كانت عادة المرأة خمسة أيام ، فرأت الدم خمسة أيام قبلها ، أو رأته خمسة أيام بعدها وانقطع ، ما الحيض من ذلك؟

الجواب : هذه العشرة ، أيام حيض ، لأن أكثر مدة الحيض ، عشرة أيام.

٤١ ـ مسألة : إذا رأت المرأة الدم عقيب الولادة ساعة ، وانقطع ولم تر منه شيئا الى تمام العشرة ، ما حكمها؟

الجواب : هذا الدم يكون نفاسا ، لأنه ليس لقليل النفاس حد.

٤٢ ـ مسألة : إذا رأت المرأة الدم عقيب الولادة ، ثم انقطع ، ورأته أيضا دفعة أخرى ، أو أكثر منها قبل خروج العشرة أيام ، ما حكم ذلك؟

الجواب : جميع ذلك يكون نفاسا ، لأنه حادث في العشرة أيام ، وهي أكثر أيام النفاس كهي في الحيض.

٤٣ ـ مسألة : إذا كانت المرأة حاملا بولدين فولدتهما ، وخرج الدم عقيب الولادة بكل واحد منهما ، هل يكون الاعتبار في أول النفاس بالولد الأول أو الثاني وكذلك في أكثر النفاس؟

الجواب : الاعتبار في أول النفاس بالولد الأول ، ويستوفى أكثر النفاس من وقت الولادة للثاني ، لأن اسم النفاس يتناول ذلك.

٤٤ ـ مسألة : إذا ولدت المرأة ولم يخرج منها دم بالجملة ، هل يجب عليها الغسل أم لا؟

الجواب : لا غسل عليها ، لأن الإجماع حاصل على وجوب الغسل عليها إذا خرج منها الدم ، وفي وجوب ذلك عليها إذا لم يخرج الدم عند الولادة ، يحتاج فيه الى دليل ، ولا دليل عليه ، ولأن الأصل براءة الذمة ، وإيجاب الغسل فيه يحتاج الى دليل ، وأيضا فالنفاس مأخوذ من النفس ، وهو الدم وإذا لم يخرج دم ، لم يصح القول بحصول النفاس.

٤٥ ـ مسألة : إذا خرج من المرأة عقيب الولادة ماء بغير دم أصلا ، هل

١٧

يجب عليها غسل أم لا؟

الجواب : القول في جواب هذه المسألة ، كالقول في المسألة التي تقدمتها.

٤٦ ـ مسألة : إذا خرج من المرأة الدم قبل خروج الولد ، هل يكون ذلك نفاسا أم لا؟

الجواب : لا يكون ذلك نفاسا بغير خلاف.

٤٧ ـ مسألة : إذا استشهد انسان وهو جنب ، هل يجب غسله أم لا؟

الجواب : لا يجب غسله ، لأنه لا دليل على ذلك.

٤٨ ـ مسألة : إذا وجبت عليه الطهارة ، وهو متمكن من فعلها بنفسه ، هل يجوز ان يتولاها غيره أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، ولا يجزيه الا مع التولية لها بنفسه ، لقوله تعالى : « إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ الآية » (١) فأمرنا بأن نكون غاسلين وماسحين ، والظاهر يقتضي تولى الفعل حتى يستحق التسمية ، لان من طهر غيره. لا يسمى غاسلا ولا ماسحا في الحقيقة ، ولأن إجماع الطائفة على ما ذكرناه ، ولأن الحدث متيقن وإذا تولى ازالته بنفسه ، فقد تيقن برأيه ذمته ، وليس كذلك إذا تولاه غيره مع تمكنه من فعله بنفسه.

٤٩ ـ مسألة : إذا كان على وضوء ، ثم راى مذيا أو وذيا ، هل ينتقض وضوءه بذلك أم لا؟

الجواب : لا ينتقض وضوءه بذلك ، لأن الأصل براءة الذمة ، ويفتقر في إثبات ذلك من نواقض الطهارة إلى دليل شرعي ولا دليل عليه ، ولأن إجماع الطائفة أيضا عليه.

__________________

(١) المائدة : ٦

١٨

باب مسائل تتعلق بالصلاة :

٥٠ ـ مسألة : صلاة الصبح من صلاة الليل أو النهار؟

الجواب : هذه الصلاة من صلاة النهار ، لقوله تعالى « وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ » (١) ولا خلاف في ان المراد بذلك ، صلاة الفجر والعصر ، ولما كانت صلاة الفجر تقام بعد طلوع الفجر الى قبل طلوع الشمس ، وكان ذلك دالا على ان هذا الوقت طرف النهار ، ولأن إجماع الطائفة عليه أيضا.

٥١ ـ مسألة : الصلاة الوسطى ما هي؟

الجواب : الصلاة الوسطى هي صلاة الظهر ، لأن إجماع الطائفة حاصل عليه ، وإجماعها حجة. واستدلال من يذهب إلى انها غير صلاة الظهر بقوله تعالى : « وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ » (٢) لا يتوجه علينا منه فساد ، لأن القنوت عندنا جائز في كل صلاة.

٥٢ ـ مسألة : هل تجوز الصلاة في المكان المغصوب أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، سواء كان المصلى هو الغاصب أو غيره ، لأن الأصل في المنع من ذلك ، كونه مغصوبا وهو كذلك على الوجهين جميعا.

٥٣ ـ مسألة : إذا أمر مالك الموضع غيره بالدخول الى ملكه ، ثم نهاه عن المقام فيه ، فأقام فيه ولم يخرج وصلى ، هل صلاته صحيحة أم لا؟

__________________

(١) هود : ١١٤.

(٢) البقرة : ٢٣٨

١٩

الجواب : هذه الصلاة غير صحيحة ، لأنها تصرف في الملك الذي يعلم ان صاحبه يكره تصرف غيره فيه ، ولا يختاره. (١) والصلاة تصرف فيه بغير شبهة.

ولا يلزمنا على هذا فساد الصلاة في أراضي القرى والبساتين وما أشبه ذلك ، لأن العادة جارية بأن مالك ذلك لا يكره من أحد الصلاة فيه. فان قيل : فلو نهاه عن الصلاة في موضع معين ، أو في الجميع ، ما يكون حكمه؟

قلنا : إذا كان الأمر على ذلك ، فالأصل يقتضي انه ان صلى بعد نهيه ، ولم يكن الوقت يضيق عليه ، لم تصح صلاته ، الا انه يبعد ان ينهى مالك الحقوق أو أراضي الضيعة غيره عن ذلك.

٥٤ ـ مسألة : إذا كان محبوسا في مكان مغصوب ، ولا يمكنه الخروج منه ، هل تجوز صلاته فيه أم لا؟

الجواب : صلاته فيه جائزة ، لأنه مضطر الى ذلك بفقد التمكن من الخروج منه.

٥٥ ـ مسألة : إذا نهاه المالك عن المقام في ملكه ، وتشاغل بالخروج في طريقه وصلى ، هل تصح هذه الصلاة أم لا؟

الجواب : هذه الصلاة لا تصح إذا كان الوقت متسعا ، فان كان قد تضيق كانت جائزة ، لأنه إنما قدم فرض الله تعالى على فرضه ، مع تشاغله بالخروج ، لأنه مضطر الى ذلك مع تضيق الوقت ، ومع اتساعه فهو غير مضطر ، فلا تصح صلاته ، ويجب عليه تقديم الخروج ثم يصلى بعده.

٥٦ ـ مسألة : إذا اضطر إلى الصلاة فوق الكعبة ، هل تكون صلاته صحيحة أم لا؟

الجواب : إذا اضطر إلى الصلاة ، كانت صلاته صحيحة ، بان يصلى مستلقيا على ظهره ، ليكون مستقبل للبيت المعمور الذي في السماء (٢).

٥٧ ـ مسألة : إذا صلى واقفا على طرف الحائط بحيث لا يبقى مقابله جزء

__________________

(١) في نسخة : ولا يجتازه.

(٢) الوسائل ج ٣ ص ٢٤٨ ب ١٩ أبواب القبلة ج ٢.

٢٠