جواهر الفقه

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

جواهر الفقه

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩١

والباقي يرد عليها ، فان كان المخلف بنتي بنتين ، كان لهما فرض من تتقربان به ، وهو الثلثان.

٥٦٩ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا اجتمعت بنت البنت أو بنتي البنتين ، وزوج أو زوجة ، كيف يكون الحكم فيهم في الميراث؟

الجواب : إذا اجتمع الزوج أو الزوجة مع بنت البنت ، كان له فرضه الربع ان كان زوجا ، والثمن ان كانت زوجة ، ولبنت البنت النصف فرض أمها ، والباقي يرد عليها دون الزوج والزوجة.

وان اجتمع الزوج أو الزوجة مع بنتي البنتين ، كان للزوج الربع ، أو للزوجة الثمن ، ولبنتي البنتين الثلثان فرض أمهما ، والباقي يرد عليهما ، دون الزوج أو الزوجة.

٥٧٠ ـ مسألة : إذا مات وخلف أخا لأب وأم ، وأخا لأب ، هل يكون الميراث لهما أو لأحدهما؟

الجواب : الميراث للأخ من الأب والأم ، دون الأخ للأب ، بغير خلاف بيننا.

٥٧١ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا اجتمع معهما أخ لأم ، أو أكثر منه ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : للأخ من الأم السدس ، ذكرا كان أو أنثى ، والباقي للأخ من الأب والأم ، لأنه أقوى بسببين ، ويسقط الأخ من الأب بغير خلاف أيضا. وان كان المخلف من الأم أكثر من واحد ، كان لهم الثلث ، والباقي للأخ من الأب والأم.

٥٧٢ ـ مسألة : إذا مات وخلف جده وجدته من أبيه ، أو من امه ، أو من أبيه وامه ، أو أحدهم مع اخوة وأخوات ، هل للأجداد والجدات ، أو أحدهم ، أن يقاسموا الأخوة أو الأخوات ، أو أحدهم أو لا؟

الجواب : الأجداد والجدات إذا اجتمعوا ، أو أحدهم مع الأخوة والأخوات ، أو أحدهم ، قاسموهم المال ، وجروا مجرى الأخوة والأخوات في

١٦١

المقاسمة ، لأن درجتهم متساوية.

٥٧٣ ـ مسألة : إذا اجتمع جد أب الميت وجدته من قبل أبيه ، وجده وجدته من قبل امه ، وجد أم الميت ، وجدتها من قبل أبيها ، وجدها وجدتها من قبل أمها مع جد الميت وجدته من أبيه ، وجدتها من قبل أمها ، واخوة وأخوات ، من يقاسم الأخوة والأخوات منهم؟

الجواب : الذي يقاسم الأخوة والأخوات من هؤلاء الأجداد والجدات ، جد الميت. وجدته من أبيه ، وجده وجدته من امه ، ويسقط الباقون ، لأن الأدنى والأقرب الى الميت يحجب الأبعد عن الميراث ، ويمنعه منه.

٥٧٤ ـ مسألة : إذا كان له اربع زوجات مع الولد لم يدخل بهن ، وطلق واحدة منهن ، وتزوج أخرى ، أو كان قد دخل بهن ، ومرض وطلق الواحدة طلاقا رجعيا ، وانقضت عدتها ، وتزوج بالمذكورة ومات بينه وبين سنة (١) ، ولم يتعين المطلقة من غيرها ، ولا تزوجت في مرضه ، كيف حكمهن في الميراث؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر في هذه المسألة ، كان للتي تزوجها ، ربع الثمن مع الولد وثلاثة أرباع الثمن بين الثلاثة الباقيات والمطلقة التي لم تتميز من غيرها.

٥٧٥ ـ مسألة : إذا مات وخلف عم أبيه وعمته ، وعم امه وعمتها ، وخال أبيه وخالته ، وخالة امه وخالها ، كيف الحكم في الميراث بينهم؟

الجواب : لعم الأب وعمته وخاله وخالته الثلثان : يكون (٢) ثلثا الثلثين لهذا العم والعمة بينهم ، للذكر مثل حظ الأنثيين ، وثلث الثلثين لهذا الخال والخالة بينهم بالسوية ، فيكون ثلث الباقي من أصل المال لعم الأم وعمتها وخالها وخالتها : لهذا العم والعمة النصف منهم (٣) ، وهو سدس الأصل بينهما بالسوية ، والنصف الأخر ، وهو سدس الأصل أيضا بين هذا الخال والخالة بالسوية أيضا.

__________________

(١) وفي نسخة : ما بينه وبين سنة.

(٢) وفي نسخة : ان يكون.

(٣) وفي بعض النسخ « منهما » والظاهر ان الصحيح : « منه » ومرجعه ثلث الباقي من أصل المال.

١٦٢

٥٧٦ ـ مسألة : إذا مات وخلف خال ابن عمه ، وعم ابن خاله ، كيف الحكم في ميراثهما؟

الجواب : لخال ابن العم نصيب ابن العم : الثلثان ، ولعم ابن الخال نصيب ابن الخال : الثلث ، لأن كل واحد منهما يأخذ سهم من يتقرب به ، وهو ما ذكرناه.

٥٧٧ ـ مسألة : إذا مات وخلف ولدا خنثى ، ما الحكم فيه؟

الجواب : ان كان له ما للرجال وما للنساء ، كان الاعتبار فيه بالمبال ، فان سبق من الذكر ، ورث ميراث الرجال ، وان سبق من الفرج ، ورث ميراث النساء ، فان خرج البول منهما جميعا في حال واحدة ، اعتبر بانقطاعه منهما ، فما انقطع منه أولا حكم له به. فان كان انقطاعه في حال واحدة ، ورث نصف ميراث الرجل ونصف ميراث المرأة ، وقد ذكر انه تعد أضلاعه (١) ، فإن نقص احد الجانبين عن الأخر ، حكم بأنه ذكر ، وان تساويا حكم بأنه أنثى.

وان لم يكن له ما للرجال وما للنساء ، اعتبر حاله بالقرعة ، فما خرج ، ورث عليه.

٥٧٨ ـ مسألة : إذا مات مسلم ، وكان له أولاد ، بعضهم أسارى ، وبعضهم غير أسارى ، كم يكون ميراثه؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر في المسألة ، كان ميراثه لجميع الأولاد بغير خلاف ، الا من النخعي (٢) وشريح (٣) ، وخلافهما غير معتد به ، لا سيما على ما يقتضيه أصلنا في الإجماع.

٥٧٩ ـ مسألة : إذا أسلم إنسان ، وكنا نحكم بإسلام الولد تبعا للأب ، وان مات الأب وأسلم الجد حكمنا بإسلامه لإسلام الجد ، فما القول في ذلك ان كان الأب حيا وأسلم الجد ، هل يحكم بإسلام الولد تبعا له أم لا؟

__________________

(١) الوسائل ج ١٧ ص ٥٧٤ ب ٢ من أبواب ميراث الخنثى.

(٢) والظاهر هو : إبراهيم بن يزيد الفقيه المتوفى ٩٦ لاحظ الأعلام ج ٨ ص ١٥ تأليف : خير الدين ـ الزركلى.

(٣) هو شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي المتوفى ٧٨ ولى قضاء الكوفة وعمر طويلا لاحظ الأعلام ج ٣ ص ١٦١ تأليف خير الدين الزركلى.

١٦٣

الجواب : إذا أسلم الجد كما ذكر في المسألة ، حكمنا بإسلام الولد تبعا له ، لأنه لو ملكه لا ينعتق عليه.

٥٨٠ ـ مسألة : إذا كانت الأم تحجب عن الثلث الى السدس بأخوين ، أو أخ وأختين ، أو أربع أخوات من قبل الأب والأم ، أو من قبل الأب ، ولا يحجبها عندكم غير هؤلاء من الأخوة والأخوات ، فهل يحجبها أولادهم أولا؟

الجواب : لا يحجب الأم أولاد الأخوة والأخوات بغير خلاف.

٥٨١ ـ مسألة : إذا كانت لإنسان مملوكة فزوجها عبدا ، ثم أعتقها ، فجائت بولد ، هل يكون الولد حرا أم لا؟

الجواب : هذا الولد حر ، لأنه لاحق بالحرية بغير خلاف.

٥٨٢ ـ مسألة : هل يستوي الجد والأخ في الولاء حتى يتقاسمان الميراث كذلك أم لا؟

الجواب : الجد والأخ يستويان في ذلك ، لقول رسول الله (ص) : الولاء لحمة كلحمة النسب (١) ، وأيضا فإنهما يدليان (٢) بالأب فيجب ان يستويا في ذلك ، وأيضا فان في النسب يقاسم الجد والأخ فيجب في الولاء مثله.

٥٨٣ ـ مسألة : إذا مات مولى (٣) ، وخلف ثلاثة بنين ، مات احد البنين وترك ابنين ، ومات الثاني وترك ثلاثة بنين ، ومات الثالث وترك ثمانية بنين ، ثم مات المعتق ، كيف الحكم بينهم في الولاء؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر ، كان الولاء بينهم أثلاثا ، يأخذ كل واحد منهم من البنين نصيب أبيه وهو الثلث ، للخبر المقدم ذكره. ولو مات المولى لكان ولد كل ابن يأخذ نصيب أبيه بلا خلاف ، فإذا كان حكم الولاء حكم النسب ، كان ها هنا مثله.

٥٨٤ ـ مسألة : إذا تزوج حر بامة ، فجائت بولد بستة أشهر أو أكثر ، هل

__________________

(١) عوالي اللئالى ج ٣ ص ٥٠٧

(٢) كذا في النسخة الرضوية والمراد منه يتقربان.

(٣) وفي نسخة : مولاه

١٦٤

يثبت له الولاء أم لا؟

الجواب : لا يثبت له الولاء ، لأن الولاء لمن أعتق ، وهذا لم يعتق ، ولأن الأصل أن لا ولاء ، وإثباته يفتقر فيه الى ولا دليل.

٥٨٥ ـ مسألة : انسان زوج مملوكته من عبد ، ثم أعتقها ، فجائت بولد وكان الولد حرا بغير خلاف ، وكان ولاء ولدها لمن أعتقها ، فإن أعتق العبد ، هل يجر الولاء الى مولى نفسه أم لا؟

الجواب : إذا أعتق العبد جر الولاء الى مولى نفسه ، لأن إجماع الصحابة عليه ، وأيضا فإجماعنا عليه ، وفيه الحجة.

٥٨٦ ـ مسألة : إذا مات انسان ، وخلف ورثة وامرأة حاملا ، كيف الحكم في الميراث؟

الجواب : يورث ميراث ذكرين ، ويقسم الباقي في الوارث ، ويضمنون ، لأن العادة جارية بأن أكثر ما تحمله المرأة اثنان ، وما زاد على ذلك شاذ خارج عن العادة ، ولتجويز ما ذكرناه قلنا بالضمان.

٥٨٧ ـ مسألة : إذا أعتق إنسان من غيره مملوكا ، هل يكون ولاؤه للمعتق عنه ، أو للمعتق؟

الجواب : إذا كان المعتق أعتق المملوك بأمر المعتق عنه ، فالولاء للآمر له بالعتق ، وان كان عتقه بغير امره فالولاء له دون المعتق عنه ، لقول رسول الله (ص) : الولاء لمن أعتق (١) ، والأمر بالعتق معتق ، كما ان الأمر بالطلاق والبيع وغير ذلك من العقود عاقد له.

٥٨٨ ـ مسألة : إذا ماتت امرأة ، وخلفت ابني عم لها ، أحدهما زوج ، كيف الحكم في الميراث؟

الجواب : لابن العم الذي هو الزوج النصف بالزوجية ، والنصف الآخر يقسم بينهما ، فيكون لهذا الزوج بالزوجية وبالنسب نصف وربع ، ويكون لأخيه

__________________

(١) كنز العمال ج ١٠ ص ٣٤٠ ـ ٣٤١ ح ٢٩٧١٣ وح ٢٩٧١٨ وعوالي اللئالى ج ٣ ص ٥٠٧ والكافي ج ٦ ص ١٩٧.

١٦٥

الذي ليس بزوج الربع الباقي.

٥٨٩ ـ مسألة : إذا مات رجل وخلف ابنتي عم ، إحداهما زوجته ، كيف حكم الميراث بينهما؟

الجواب : لبنت العم الربع بالزوجية ، والباقي يقسم بينها وبين بنت العم الأخرى ، فيكون لهذه الزوجة النصف والثمن ، وللأخرى الربع والثمن الباقي.

٥٩٠ ـ مسألة : إذا مات وخلف ابني خالة ، أحدهما أخ للأب ، كيف حكم الميراث ها هنا؟

الجواب : حكم الميراث ها هنا ، ان المال لابن الخالة الذي هو الأخ ، بسبب الأخوة ، لا بسبب انه ابن الخالة ، ويسقط ابن الخالة الأخر.

٥٩١ ـ مسألة : إذا مات انسان ، رجلا كان أو امرأة ، وخلف زوجا وجده وجدته من قبل أبيه أو جده وجدته من قبل امه ، كيف ينقسم المال بينهم؟

الجواب : النصف للزوج أو الربع للزوجة ، والثلث للجد والجدة أو لأحدهما من قبل الأم ، والباقي للجد والجدة ، أو لأحدهما من قبل الأب.

٥٩٢ ـ مسألة : إذا مات وخلف عمته لأب هي خالته لأم ، وعمة أخرى لأب ، وخالة لأب وأم ، كيف يكون حكم قسمة الميراث ها هنا؟

الجواب : للعمتين من قبل الأب الثلثان ، وللخالة من قبل الأم التي هي إحدى العمتين من الأب السدس من الثلث ، وللخالة الأخرى التي هي من قبل الأب والأم الباقي ، وفي هذه المسألة انما يتصور فيها ما ذكرناه ، بان ينقسم سهاما نفرضها من ثمانية عشر سهما ، للعمتين من الأب الثلثان : اثنا عشر سهما ، لكل واحدة منهما ستة أسهم ، وللخالة من الأم التي هي إحدى العمتين من الأب ، سدس الثلث : سهم واحد ، فيصير لها سبعة أسهم ، وللخالة الأخرى التي هي من الأم والأب الباقي ، وهو خمسة أسهم.

٥٩٣ ـ مسألة : إذا كان الكافر لا يرث المسلم ، فما القول ان مات الكافر وخلف وراثا بعضهم مسلم ، وبعضهم كافر ، ثم أسلم الكافر؟

١٦٦

الجواب : إذا مات الكافر وخلف ذلك ، وأسلم من كان كافرا ، كان له حقه من الميراث ان كان قد أسلم قبل القسمة ، فإن أسلم بعد القسمة ، لم يكن له شي‌ء.

٥٩٤ ـ مسألة : إذا مات الكافر ، وخلف أولادا صغارا ، واخوة من قبل الأم ، واخوة من قبل الأب ، كيف الحكم في الميراث؟

الجواب : إذا مات الكافر ، وخلف المذكورين ، دفع الى الأخوة من الأم الثلث ، والى الأخوة من قبل الأب الثلثان ، وأمر الحاكم الأخوة بان ينفقوا على الصغار بحسب ما ذكروه ، فيكون على الأخوة من الأم ثلث النفقة ، وعلى الأخوة من الأب ثلثا ذلك ، فإذا بلغ الصغار وأسلموا ، دفع الأخوة إليهم ما بقي بعد النفقة عليهم من المال ، وان لم يسلموا ، تصرف الأخوة ما بقي من المال في أيديهم لنفوسهم كيف شاؤا.

٥٩٥ ـ مسألة : إذا كان المملوك ما دام مملوكا لا يرث حرا ، فما القول في حرمات وخلف مالا وولدا مملوكا ، أو ولدا أو اخوة أو أحدا من ذوي أرحامه كذلك ، ولا وارث له غير هذا المملوك ، فكيف يفعل بالميراث؟

الجواب : إذا كان هذا الميت قد خلف من ذكر في المسألة ، وجب ان يبتاع المملوك من تركته ، ويعتق ، ويدفع باقي من المال إليه ، فإن امتنع سيده من بيعه ، اجبر على ذلك ، ولم يكن لامتناعه تأثير ، هذا إذا كان المال يزيد على ثمن المملوك ، فان لم يزد عليه وكان يفي بثمنه ، ابتيع به وأعتق أيضا ، وان كان ينقص عن ثمنه ولا يفي به ، لم يجب ابتياعه ، وكان المال لبيت المال. وقد ذكر انه يبتاع به ويستسعى (١) في الباقي ، فمن عمل بذلك لم يكن بذلك بأس.

٥٩٦ ـ مسألة : إذا مات الحر وخلف وارثين مملوكين ، يرث أحدهما مع الأخر ، مثل الولدين ، أو الوالدين أو ما جرى مجرى ذلك من ذوي الأرحام ، ولم يخلف هذا الميت من الميراث الا ما يبتاع به واحد ، هل يجب ابتياع واحد دون الباقين ويعتق أم لا؟

__________________

(١) وفي بعض النسخ : ويتسع في الباقي.

١٦٧

الجواب : لا يجوز ذلك ، ولا يشترى منهم أحد ، لأن القدر الذي يستحق ينقص من الثمن (١) ، ويكون المال لبيت مال المسلمين.

٥٩٧ ـ مسألة : من يستحق لدية المقتول؟

الجواب : الذي يستحق هو الأب والأم والأولاد والأخوة والأخوات ممن يتقرب الى المقتول من جهة الأب خاصة ، ولا يستحقها أخ ولا أخت من جهة امه ، ولا احد من ذوي أرحامها. والزوج والزوجة إذا لم يقتل أحدهما الأخر ، والمطلقة طلاقا رجعيا ترث زوجها إذا قتل من ديته ، كما ترث من تركته ما لم تخرج من عدتها ، وكذلك الزوج إذا قتلت زوجته وهي في عدتها ، ورث من ديتها ، كما يرث من تركتها.

٥٩٨ ـ مسألة : إذا وقع على جماعة ، يرث بعضهم بعضا ، حائط أو دار أو غرقوا أو احترقوا في وقت واحد ، ولم يعلم تقدم موت أحدهم على الأخر ، كيف الحكم في توريثهم؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر في هذه المسألة ، وجب توريث بعضهم من بعض من نفس تركته ، لا مما يرثه الأخر ، يقدم الأضعف في استحقاق الميراث ، ويؤخر الأقوى في ذلك ، مثال ما ذكرناه : أب وابن ، فنفرض ان الابن مات أولا ، فيورث الأب منه سهمه : السدس مع الولد ، والباقي للابن ، وهو أضعف منه ، ويعطى ورثته الباقي. ثم نفرض أن الأب مات ، فيعطى الابن حقه منه ، ولورثته الباقي.

ومثاله أيضا زوج وزوجة ، فيفرض موت الزوج أولا ، تورث الزوجة منه ، لأن سهمها في الاستحقاق (٢) أقل من سهم الزوج ، لأن أكثر ما تستحقه المرأة الربع ، وأكثر ما يستحقه الرجل النصف ، وهو أقوى حظا منها ، ودفع الى الزوجة حقها منه ، ولورثته ما بقي ، ثم يفرض انها ماتت ، فيعطى الزوج منها حقه من نفس تركتها ، لا مما ورثته منه ، ويدفع الى ورثتها الباقي.

__________________

(١) وفي نسخة : من المثمن.

(٢) في بعض النسخ : في استحقاقها.

١٦٨

فان فرضنا في هذه المسألة : في الأب الذي قدمناه ذكره ، ان له وارثا ، الا ان الولد المذكور اولى منه ، وفرضنا ان للولد وارثا له ، الا ان أباه أولى منه ، فإنه يصير ميراث الابن لورثه الأب ، وميراث الأب لورثة الابن.

٥٩٩ ـ مسألة : إذا مات انسان وخلف شخصا له رأسان ، أو بدنان ، على حقو واحد ، هل يورث ميراث اثنين ، أو ميراث واحد؟ فان قلتم : يورث ميراث واحد ، قيل لكم : كيف يورث ذلك ، والشخص اثنان ، وان قلتم : يورث ميراث اثنين ، قيل لكم : كيف يورث ذلك ، والبدن الذي عليه الرأسان ، أو الحقو الذي عليه البدنان ، واحد ، وبعد كيف يعلم بأنه واحد أو اثنان ، حتى يورث على ما ذكرتموه؟

الجواب : هذا الشخص لا يورث ميراث اثنين ، ولا ميراث واحد الا بعد ان يعلم هل هو حيان ، أو حي واحد ، فان علم انه حيان ، ورث ميراث اثنين ، وان علم انه حي واحد ، ورث ميراث حي واحد. والطريق إلى المعرفة بما ذكرناه هو : ان يترك هذا الشخص حتى ينام ، ثم ينبه أحدهما ، فإن انتبه الاثنان ، كان حيا واحدا ، ورث ميراث واحد ، وان انتبه أحدهما ولم ينتبه الأخر ، كان حيين ، ورث ميراث اثنين.

١٦٩

باب مسائل تتعلق بالنكاح :

٦٠٠ ـ مسألة : إذا كان للمرأة وليان ، أذنت لكل واحد منهما في تزويجها ، فزوجاها ، ثم ادعى كل واحد منهما ان عقده مقدم على عقد الأخر ، وانها عالمة بذلك ، وأنكرت ما ادعيا عليها من العلم ، ولم تكن لأحد الوليين بينة على ما ادعاه ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر ، وادعى كل واحد منهما عليها العلم بما ادعاه وأنكرت ، كان القول ، قولها مع يمينها انها لا تعلم ذلك ، لأن الأصل ان لا علم لها بذلك.

٦٠١ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا أنكرت أنها عالمة بذلك ، ووجبت عليها اليمين بأنها لا تعلم ذلك ، ونكلت عن اليمين ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا نكلت عن اليمين ردت اليمين على الوليين ، فان نكلا جميعا عن اليمين ، أو حلفا جميعا ، بطل العقدان ، فان حلف الواحد دون الأخر ، كان الحكم للذي حلف ، لأنه قد أثبت الحجة بما ادعاه.

٦٠٢ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا ادعى الوليان عليها بذلك ، واعترفت لكل واحد منهما بما ادعاه ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اعترفت لكل واحد منهما بما ادعاه ، بطل العقدان ، لأن الجمع بينهما لا يصح.

٦٠٣ ـ مسألة : إذا زوج الرجل أخته من رجل ، ومات الزوج ،

١٧٠

واختلف الوارث والزوجة ، فادعى الوارث عليها ، بأن أخاها زوجها بغير أمرها ، فلا حق لها مع ذلك في الميراث ، لأن نكاحها فاسد ، وادعت هي ، ان أخاها زوجها بأمرها ، وانها تستحق الميراث من الزوج ، لأن نكاحها صحيح ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا على الوجه المذكور ، كان القول ، قولها مع يمينها ، لأن الوارث مدع لخلاف الظاهر ، لأن الظاهر في النكاح ، انه على الصحة.

٦٠٤ ـ مسألة : إذا كان الزوج مجنونا ، وادعت زوجته انه عنين ، هل يصح ضرب أجل العنة له أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن هذا الأجل ، انما يصح بعد ان ثبتت العنة ، وليس تثبت الا بقول الزوج ، لأنها مما لا تقوم البينة عليه ، وإذا كان هكذا ، فثبوت عنته من جهته لا تصح ، وان كان كذلك لم يصح ضرب هذه المدة له.

٦٠٥ ـ مسألة : إذا كان الزوج عاقلا ، واعترف بأنه عنين ، وضرب له الأجل ، وانتهى الأجل ، وهو مجنون ، هل تصح من زوجته الدعوى عليه ، والمطالبة بالفرقة له أم لا؟

الجواب : لا تقبل دعواها ، ولا تجوز الفرقة بينهما ، لأنها ان كانت ثيبا ، وادعت انه لم يطأها في مدة الأجل ، كان القول ، قول الزوج مع يمينه ، ومع كونه مجنونا لا يمكن التوصل الى ما عنده فيما تدعيه. وإذا كانت بكرا وأنكر الزوج وادعى انها تمنعه من نفسها ، ولا يتمكن من وطئها ، ويمكن ان يدعى انه افتضها ، ورجعت عذرتها ، وهذا مع إمكانه لا يصح من المجنون ، فلم يكن إلى التفرقة بينهما سبيل.

٦٠٦ ـ مسألة : إذا كانت لإنسان ابنتان ، اسم الواحدة منهما « نعم » (١) وهي الكبيرة ، واسم الأخرى « صفية » وهي الصغيرة ، فقال لمن يريد التزويج بإحداهما : زوجتك بنتي الكبيرة « صفية » أو قال : زوجتك بنتي الصغيرة « نعم » ، هل يصح النكاح أم لا؟

__________________

(١) وفي نسخة : نعمة وكذا فيما يأتي.

١٧١

الجواب : إذا قال ذلك ، صح النكاح ، لأن الكبيرة صفة لازمة ، والاسم غير لازم ، وكذلك القول في الصغيرة ، لأن الصغيرة صفة لازمة ، والاسم غير لازم.

٦٠٧ ـ مسألة : إذا كانت له بنت واحدة ، وقال له : زوجتك بنتي « صفية » واسمها « نعم » ، هل يصح ذلك النكاح أم لا؟

الجواب : إذا قال ذلك صح النكاح ، لأن بنتي صفة لازمة ، والاسم غير لازم.

٦٠٨ ـ مسألة : إذا قال له : زوجتك بنتي ، وله بنات ، أو قال : إحدى ابنتي ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن العقد لم يتناول واحدة منها بعينها ، ومن شرط صحته التناول لذلك.

٦٠٩ ـ مسألة : إذا كانت له ابنتان صغيرة وكبيرة ، واسم الكبيرة « نعم » واسم الصغيرة « صفية » فقال : زوجتك بنتي « نعم » ونوى الصغيرة ، فقال الزوج : قبلت نكاح « نعم » ونوى الكبيرة ، هل يلزم النكاح أم لا؟

الجواب : إذا قال ذلك ، لزم العقد في الظاهر ، لاتفاقهما في الاسم ، فكان الظاهر نكاح الكبيرة ، الا انه في الباطن فاسد ، لأن الولي أوجب الصغيرة ، والزوج قبل نكاح الكبيرة ، فقد قبل غير التي أوجبها الولي ، هذا ان صدقه ، فان لم يصدقه فالنكاح في الظاهر لازم.

٦١٠ ـ مسألة : إذا تزوج الرجل امرأة ، وأصدقها مملوكا ، فدبرته ورجعت في تدبيره ، فطلقها الزوج قبل الدخول بها ، ما الذي يحكم له فيه؟

الجواب : إذا كان الأمر على ذلك ، كان له نصفه ، لأن الرجوع في التدبير يصح ، فالمملوك عين ماله.

٦١١ ـ مسألة : المسألة بعينها ، وطلقها قبل الدخول بها ، والمملوك مدبر لم ترجع في تدبيره ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا كان كذلك ، كان له الرجوع على المرأة بنصف قيمة

١٧٢

المملوك ، لأنه ليس له أخذ نصفه مع بقاء التدبير.

٦١٢ ـ مسألة : المسألة بعينها ، وطلقها قبل الدخول بها ، والمملوك مدبر لم ترجع في تدبيره ، ولم يأخذ الرجل النصف من القيمة الى ان رجعت في التدبير ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان كذلك ، كان له نصف عين المملوك ، وقد قيل : انه يكون مخيرا بين أخذ نصف عينه ، وبين أخذ نصف قيمته (١) ، والأول عندي أقوى ، لأنه عين ماله.

٦١٣ ـ مسألة : إذا أصدقها مملوكا ، فبان له انه حر ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر ، كانت لها قيمة هذا الإنسان ، لو كان مملوكا ، لأنه أصدقها شخصا معينا ، فلما منعتها حريته من التصرف فيه كانت لها قيمته.

٦١٤ ـ مسألة : إذا قال : أصدقتك هذا الخل ، فظهر خمرا ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان كذلك ، كانت عليه قيمة الخمر عند مستحليه ، لأنه سمى لها الخل فبان انه خمر ، فأوجبنا القيمة.

٦١٥ ـ مسألة : إذا قال لها : أصدقتك هذا الخمر ، كيف يكون الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا سمى له الخمر وعينها ، كان لها مهر المثل ، لأنه سمى لها ما لا يجوز ان يكون مهرا ، فلم نوجب القيمة فيه ، وأوجبنا مهر المثل.

٦١٦ ـ مسألة : إذا اختلف الزوج والزوجة ، فقال الزوج : تزوجتك بألف دينار ، وقالت الزوجة بل تزوجتنى بألفي دينار ، بما ذا يحكم في المهر من ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا كذلك ، وكانت لأحدهما بينة ، حكم البينة ، فإن

__________________

(١) وهو خيرة الشيخ في المبسوط ج ٤ ص ٢٩٠.

١٧٣

لم تكن لأحدهما بينة ، كان القول ، قول الزوج مع يمينه ، لأنهما قد اتفقا على الألف ، وادعت الزوجة عليه الزيادة على ذلك ، فكانت عليها البينة ، فإذا لم يكن لها ذلك ، كان القول قول الزوج كما ذكرناه.

٦١٧ ـ مسألة : إذا شرط الزوجان خيار الثلاث في النكاح (١) ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : إذا كانا شرطا ذلك في أصل العقد ، بطل النكاح ، لأنه عقد يلزم بنفسه ، فخيار الشرط لا يصح فيه ، فان كان ذلك في المهر ، لم يبطل النكاح ، وكان العقد صحيحا ، والخيار ثابتا ، والمهر لازما ، لقول رسول الله (ص) : المؤمنون عند شروطهم (٢).

٦١٨ ـ مسألة : إذا تزوج امرأة ، على صداق عينه ، ثم انها قالت : لا أسلم نفسي حتى اقبض صداقي ، هل يصح لها ذلك أم لا؟

الجواب : إذا كان الصداق مؤجلا لم يكن لها منع نفسها من التسليم ، لأن برضاها بتأجيل الصداق قد دخلت على الرضا بتسليم نفسها الى الزوج قبل قبضه ، فليس لها الامتناع حتى تقبض الصداق ، وكذلك ان كان قد دخل بها ولم يطأها وامتنعت (٣) ، كان لها ذلك (٤) ، فان كان وطأها ، لم يكن لها الامتناع ، ولها المطالبة بالمهر ، وقد ذكر (٥) ان لها الامتناع ها هنا أيضا ، وهو الأقوى.

٦١٩ ـ مسألة : إذا وطأ الرجل زوجته فأفضاها ، ثم أراد جماعها بعد ذلك ، هل يجوز له جماعها أم لا؟

الجواب : إذا كان الموضع قد اندمل بعد الإفضاء وبرء ، كان له جماعها ، وليس لها منعه ، وان لم يكن اندمل ، لم يجز له جماعها ، وكان لها منعه الى ان

__________________

(١) اى ثلاثة أيام ، كما صرح بذلك ، الشيخ في الخلاف في مسألة الخيار في الصداق وقد حكى فيه أيضا في مسألة شرط خيار الثلاث في النكاح عن أبي حنيفة انه يبطل الشرط ويصح النكاح. لاحظ الخلاف ج ٢ ص ٣٧٥ وص ٤١٤.

(٢) الوسائل ج ١٥ ص ٣٠ ب ٢٠ ـ أبواب المهور ج ٤.

(٣) وفي نسخة : وامتنعته.

(٤) في العبادة غموض والظاهر سقوط « ما » من النسخ قبل « كان » فتكون العبارة : ما كان لها ذلك.

(٥) نسبه الشيخ في الخلاف ج ٢ كتاب الصداق المسألة ٣٩ الى ابى حنيفة ، واختاره في المبسوط ج ٤ ص ٣١٣.

١٧٤

تندمل وتبرء ، لأنه لو مكن من ذلك ، لم يؤمن على الموضع التلف ، وان ينفتق (١) ان كان لم يتم اندماله وبرؤه.

٦٢٠ ـ مسألة : المسألة بعينها ، واختلفا ، فقال الرجل : قد اندمل الموضع وبرء ولا خوف عليه ، وقالت المرأة : لم يندمل ولم يبرء ، وأنا أخاف الضرر ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا على الوجه المذكور ، كان القول ، قولها مع يمينها فيما ذكرته ، لأنه مما لا سبيل إلى إقامة البينة عليه.

٦٢١ ـ مسألة : هل يجوز للرجل ان يتزوج المرأة ، على ان يكون صداقها عتقه أباها أم لا؟

الجواب : يجوز ذلك ، إذا كان عن اختيارها ، وينعتق الأب عليها عقيب العقد ، لأنها ملكته بالعقد.

٦٢٢ ـ مسألة : إذا كانت المرأة محجورا عليها ، وتزوجها الرجل بصداق ، هو أبوها ، وقبل وليها ذلك ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن الولي إنما يتصرف فيما للمولى عليه فيه منفعة ، وهذا لا نفع لها فيه ، فلا يصح الصداق.

٦٢٣ ـ مسألة : إذا أصدقها الزوج أمها ، وكان وليها أبوها ، وقبل أبوها ذلك ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا فرق بين هذه المسألة وبين المتقدمة لها في ان يكون الولي أباها أو غيره ، والقول فيهما واحد.

٦٢٤ ـ مسألة : إذا اصدق الرجل المرأة إنائين ، فانكسر الواحد منهما ، وطلقها قبل دخوله بها ، وكان للمطلق قبل الدخول بها ، الرجوع عليها بنصف الصداق ، فبأي شي‌ء يرجع عليها في ذلك؟

الجواب : إذا كان كذلك ، يرجع عليها بنصف قيمة الموجود ، ونصف قيمة المكسور ، لأن جميعهما هو الصداق ، وله الرجوع بنصف الصداق ، فوجب له

__________________

(١) في بعض النسخ لم ينعتق والصحيح ما أثبتناه.

١٧٥

ذلك.

٦٢٥ ـ مسألة : إذا تزوج الرجل امرأة على انها مسلمة ، فظهرت كافرة ، كتابية كانت أو غير كتابية ، هل يصح العقد أم لا؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر ، كان العقد باطلا ، لأن نكاح الكفار عندنا باطل :

٦٢٦ ـ مسألة : إذا تزوج أربع نسوة ، فعن (١) عن واحدة منهن ولم يعن عن الباقي منهن ، هل يكون لها خيار في المقام معه والمفارقة له ، وهل يضرب له أجل أم لا؟

الجواب : ليس لهذه خيار في ذلك ، ولا يضرب له أجل ، لأن العقد صحيح ثابت بالاتفاق ، وتخييرها يفتقر في صحته الى دليل ولا دليل عليه.

٦٢٧ ـ مسألة : إذا تزوج الرجل امرأة بمهر في السر ، وعقد عليها في العلانية بمهر آخر مخالف للأول ، ما الذي يلزمه منهما ، وما الصحيح منهما؟

الجواب : العقد الصحيح والمهر الثابت اللازم هو العقد والمهر الأول ، الذي عقده في السر ، لأن العقد والمهر قد ثبت به ، والثاني ليس بعقد صحيح لبطلان عقد لم ينفسخ في النكاح ، وإذا كان هذا العقد باطلا فالمهر المعلق به كذلك.

٦٢٨ ـ مسألة : إذا اختلف الرجل والمرأة في قبض المهر ، فقال الرجل : قد أقبضتك صداقك ، وقالت المرأة : ما قبضته ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا ، كان القول قولها مع يمينها ، لقول رسول الله (ص) : البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه (٢) ، والزوج معترف بالمهر ومدع ، لأنه قد اقبضه ، فعليه البينة ، فان لم تكن له بينة ، كان عليها اليمين كما قدمناه.

٦٢٩ ـ مسألة : إذا أصدقها مأة ، ودفع إليها مأة ، ثم اختلفا ، فقالت الزوجة : قلت : خذيها هبة ، أو قالت : هدية ، وقال الزوج : بل قلت : خذيها

__________________

(١) من العنين.

(٢) الوسائل ج ١٨ ص ١٧١ ب ٣ ـ أبواب كيفية الحكم ح ٥.

١٧٦

صداقا ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا كذلك ، كان القول قول الزوج مع يمينه ، وان لم تكن بينة ، لأنهما متفقان على ان المأة ملك الزوج ، واختلفا في صفة انتقالهما الى يدها ، فكان القول ، قول المالك ، وعلى من يدعى انتقالها اليه بسبب ، البينة ، فإذا لم تكن بينة ، كان القول قوله ، على ما قدمناه.

٦٣٠ ـ مسألة : إذا أصدقها مملوكا أو نصفه ، فوهبت له المملوك أو النصف المذكور ، وطلقها قبل دخوله بها ، هل يصح له الرجوع عليها بشي‌ء من ذلك أم لا؟

الجواب : إذا طلقها قبل الدخول بها ، كان له الرجوع عليها بالنصف مما أصدقها ، فإن كان المملوك ، كان نصفه ، وان كان نصف المملوك ، كان نصفه وهو الربع ، لأن الذي استحقته من العبد أو نصفه ، فقد وهبته ، فإذا وهبته ، فقد قبضته ، وإذا كانت ها هنا قابضة ، وطلقها قبل دخوله بها ، كان عليها الرد مما قبضته.

١٧٧

باب مسائل تتعلق بالخلع :

٦٣١ ـ مسألة : إذا أصدقها مأة ، ثم خالعها قبل دخوله بها ، فهل يسقط جميع الصداق أو نصفه؟

الجواب : إذا خالعها كما ذكر في المسألة ، سقط جميع الصداق ، على ما نبينه ، وذلك ان الخلع عندنا ، لا يكون الا بطلاق ، وإذا كان كذلك ، كان لقد طلقها قبل دخوله بها ، وإذا كان مطلقا لها كذلك ، وجب الرجوع بنصف الصداق ، وإذا رجع عليها بذلك ، استقر لها النصف و[ إذا استقر لها النصف ] (١) وسقط بالخلع ، فلم يكن لها شي‌ء ، وبان بذلك سقوط الجميع.

٦٣٢ ـ مسألة : إذا تخالعا واختلفا في النقد أو القدر أو الجنس ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا في شي‌ء من ذلك ، كان القول ، قول الزوجة مع يمينها ، لقول رسول الله (ص) : البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه (٢) ، والزوج ها هنا هو المدعى ، لأنه يدعي ما تنكره الزوجة ، فكانت عليه البينة ، فإذا لم تكن بينة ، كان القول قول الزوجة ، كما قدمناه.

٦٣٣ ـ مسألة : إذا تخالعا على الشرط ، مثل ان يقول الزوج : ان أعطيتني

__________________

(١) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية ونسخة ـ د.

(٢) الوسائل ج ١٨ ص ١٧١ ب ٣ ـ أبواب كيفية الحكم ح ٥

١٧٨

كذا فأنت طالق ، هل يصح الخلع على ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن الخلع عندنا طلاق ، والطلاق لا يقع عندنا بشرط.

٦٣٤ ـ مسألة : إذا كانت عنده جارية وهي حامل ، فقال لزوجته : خالعتك على حمل هذه الجارية ، هل يصح الخلع والطلاق أم لا؟

الجواب : لا يصح الخلع ولا يقع الطلاق بذلك ، لأن العوض الذي هو الحمل مجهول ، والمجهول لا يصح الخلع ولا وقوع الطلاق به ، والقول بمهر المثل ووقوع الطلاق لا يصح ، لأن الأصل ثبوت العقد وبراءة الذمة ، وعلى من يدعى خلاف ذلك ، الدليل ، ولا دليل عليه.

٦٣٥ ـ مسألة : إذا اختلعت الزوجة في مرضها بأكثر من مهر مثلها ، هل يصح ذلك أم لا؟ فان صح فهل يكون ذلك من صلب مالها أم لا؟

الجواب : الخلع بما ذكر في هذه المسألة صحيح ، لأن المرض لا يبطل المخالعة بمهر المثل أو أكثر منه ، ويكون ذلك من صلب مالها ، لقوله سبحانه : « فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ » (١) ، ولم يفرق بين حال المرض وغيره ، فوجب حمله على عمومه الا ان يدل دليل.

٦٣٦ ـ مسألة : إذا قالت المرأة لزوجها : طلقني طلقة بمأة ، فقال : أنت طالق ثلاثا بمأة ، هل يقع بذلك طلاق أم لا؟

الجواب : إذا قال الزوج ذلك ، طلقت المرأة بواحدة ، وكانت عليها المأة ، لأن التلفظ بالطلاق الثلاث عندنا لا يقع منه الا طلقة واحدة ، والزوجة لم تطلب منه الثلاث ، فلا يلزم ذلك لو كان الثلاث يصح ، وكيف وهو عندنا لا يصح.

٦٣٧ ـ مسألة : إذا قالت له : طلقني طلقة بمأة ، فقال : أنت طالق بمأة ، وطالق وطالق ، ما الذي يقع من ذلك؟

الجواب : الذي يقع من ذلك ، هو الأولى ، لأن العوض حصل في مقابلتها ،

__________________

(١) البقرة : ٢٢٩

١٧٩

والثانية والثالثة لم يقع منها شي‌ء ، لأنه طلقها بعد ان بانت الزوجة بالأولى ، وطلاق البائن باطل. (١)

٦٣٨ ـ مسألة : إذا قالت له : طلقني بمأة ، فقال لها : أنت طالق وطالق ، ولم يذكر المأة ، كيف القول في ذلك؟

الجواب : القول في ذلك ان نقول ، انها طلقت بالمأة ، فان المأة في مقابلة الأولى ، وكانت المرأة بائنا بها ، ولم تقع الثانية ولا الثالثة ، لمثل ما ذكرناه أولا في المسألة المتقدمة ، وان قال في مقابلة الثانية ، كانت الأولى رجعية ، ولم تقع الثانية ولا الثالثة ، وان قال في مقابلة الثالثة ، كانت هذه التطليقة واقعة وبطلت الثانية والثالثة.

٦٣٩ ـ مسألة : إذا قال لها : خالعتك على ما في هذا الظرف من الخل ، فخرج خمرا ، هل وقع الخلع أم لا ، فان وقع ، فهل تقبض الخمر أم لا؟

الجواب : إذا قال لها ذلك ، صح الخلع ، لأنه في مقابلة ما يصح تملكه وبذله في ذلك ، فاما إذا ظهر ان الخل خمر ، فان الواجب ، قبض بدل الخمر خلا ، لأن الخل له مثل فيجب فيه ذلك.

٦٤٠ ـ مسألة : إذا كانت له زوجتان ، فقالتا له : طلقنا بمأة ، فطلقهما على الفور ، ثم ارتدتا بعد ذلك ، هل يصح ذلك أم لا؟ فان صح ، كيف القول في كيفية قبض المأة منهما؟

الجواب : إذا طلقهما على ما ذكرنا ، كان الطلاق صحيحا ، ووقع بائنا ، والردة غير مؤثرة في ذلك ، لأنها حدثت بعد ثبوت عقد الخلع ، واما كيفية قبض المأة ، فإنه يجب عندنا ان يقبض من كل واحدة منهما النصف من ذلك.

٦٤١ ـ مسألة : إذا قال لزوجته : طلقتك بمأة وأنت ضامنة لذلك ، وأنكرت الزوجة ما ادعى به عليها ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم فيه ، ان البينونة صحيحة ، لاعتراف الزوج وإقراره بذلك ، واما ما ادعى به على الزوجة ، فالقول قولها مع يمينها ، لأنه يدعي عليها

__________________

(١) وفي نسخة : وطلاق الثانية والثالثة باطل.

١٨٠