جواهر الفقه

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

جواهر الفقه

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩١

الجواب : إذا أسقط البائع عن المشتري ذلك (١) ، لا يخلو من ان يكون قبل لزوم العقد ، أو بعده ، فان كان قبل لزومه ، مثل ان حطه عنه في مدة خيار المجلس أو الشرط ، كان ذلك حطا من حق المشتري والشفيع ، لأن الشفيع يأخذ الشقص (٢) بالثمن الذي استقر عليه العقد ، وهذا هو الذي استقر العقد عليه.

وان كان هذا الحط ، بعد انقضاء مدة الخيار ولزوم العقد وثبوته ، لم يلحق بالعقد ويكون هبة مجددة من البائع للمشترى ، ولا فرق في ذلك ، بين حط بعض الثمن أو جميعه ، ولا ينحط من الشفيع.

٤٣٤ ـ مسألة : إذا اختلف شريكان في دار ، ويدهما عليها ، فقال الواحد منهما للآخر : ملكي فيها قديم ، وأنت مبتاع لما في يدك الآن منها ، وأنا استحقه عليك بالشفعة ، وأنكر الأخر ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا أنكر هذا الخصم ما ادعى عليه به ، كان القول ، قوله مع يمينه ، ولا يستحلف الا على انه لا يستحق ذلك عليه بالشفعة ، ولا يستحلف على انه ما ابتاعه ، لأنه يمكن ان يكون اشتراه ، فقد استطعت الشفعة بعد ذلك بعقد أو غير عقد ، فلا يجب ان يستحلف الا على ما ذكرناه.

ولو أجاب ، بأن قال : ما اشتريته ، لم يحلف الا على ما قدمناه ، ولا يحلف على انه ما اشتراه (٣).

٤٣٥ ـ مسألة : إذا قبض الشفيع الشقص بألف ، وثبتت للبائع بينة بان المشتري اشتراه منه بألفين. وقبضها منه ، هل للمشترى الرجوع على الشفيع بالألف الأخر ، أم لا؟

الجواب : ليس للمشترى الرجوع على الشفيع بشي‌ء ، لأنه اما ان يقول : اننى اشتريتها بألف والأمر على ما قلت ، أو يقول : نسيت اننى ابتعتها بألفين. فإن قال بالأول ، لم يكن له الرجوع عليه ، لأنه يقول : البائع ظلمني بألف ، ولا ارجع بذلك على الغير. وان قال : ما اشتريت إلا بألفين الا اننى نسيت ، فأخبرت بأني

__________________

(١) وفي نسخة : إسقاط البائع.

(٢) وفي نسخة : يأخذ من حق الشقص.

(٣) وفي نسخة : ولا يحلف الا على ما اشتراه.

١٢١

اشتريت بألف ، لم يقبل ذلك منه ، لأنه يدعى على غيره ، كما إذا أقر بألفين ، ثم قال : ما كان له على الا ألف وانما نسيت فقلت : ألفين ، لم يقبل قوله على المقر له ، لأنه يريد إسقاط حق غيره بهذا القول ، فلا يقبل منه ذلك.

٤٣٦ ـ مسألة : إذا كانت الدار لاثنين ، ويد كل واحد منهما على نصفها ، فادعى انسان آخر على أحدهما بما هو في يده ، وقال : النصف الذي في يدك ، لي فصالحت عليه بألف ، هل تجب الشفعة للآخر أم لا؟

الجواب : لا تثبت عندنا ها ها شفعة ، لأن الصلح ، عندنا ليس ببيع ، ومن يقول : انه بيع يجيز ذلك (١) ، ولا غرض لنا في ذكر مذهب المخالف.

٤٣٧ ـ مسألة : إذا اشترى انسان شقصا ، ووجد به عيبا وارد رده على البائع ، هل للشفيع منعه من ذلك ، أم لا؟

الجواب : إذا كان كذلك ، فللشفيع منع المشتري من الرد بالعيب ، لأن حق الشفيع أسبق ، لأنه وجب بالعقد ، وحق الرد بالعيب بعده ، لأنه وجب في وقت العلم بالعيب ، فان لم يعلم الشفيع بذلك حتى رده المشتري بالعيب ، كان له ابطال الرد ، والمنع من الفسخ ، لأنه تصرف فيما فيه إبطال الشفعة ، كما قدمناه ، وإذا تقايلا ، ثم علم بالعيب ، ان له إبطال الإقالة ، فرده الى المشتري.

٤٣٨ ـ مسألة : إذا كانت الدار بين شريكين ، فقال الشفيع للمشترى : اشتر نصيب شريكي ، فقد نزلت عن الشفعة وتركتها لك. ثم اشترى المشتري ذلك على هذا الشرط ، هل تسقط شفعة الشفيع بذلك أم لا؟

الجواب : لا تسقط شفعة الشفيع بذلك ، وله المطالبة بها ، لأنه انما يستحق الشفعة بعد العقد ، فإذا عفا قبل ذلك لم يصح ، لأنه يكون قد عفا عما لم يجب له ، ولا يملكه ، فلا يسقط حقه حين وجوبه بذلك.

٤٣٩ ـ مسألة : الدار إذا كان نصفها طلقا ، ونصفها وقفا ، فباع مالك الطلق ذلك ، هل لأهل الوقف ، الشفعة في ذلك أم لا؟

الجواب : ليست لأهل الوقف في هذا المبيع شفعة بلا خلاف.

__________________

(١) نسبه في الجواهر الى الشيخ لاحظ جواهر الكلام ج ٢٦ ص ٢١٢.

١٢٢

٤٤٠ ـ مسألة : إذا كان ثمن الشقص خمسين ، فاشتراه بمأة ، ثم اعطى البائع بدل المأة ما قيمته خمسون ، وباعه إياه بمأة ، هل تثبت للشفيع بذلك شفعة أم لا؟

الجواب : لا تثبت ها هنا للشفيع شفعة ، لأنه انما يأخذ بثمن الشقص لا ببدل منه (١).

٤٤١ ـ مسألة : إذا كان الثمن جزافا مشارا اليه ، وحلف المشتري انه لا يعلم مبلغه ، هل تصح الشفعة بذلك أم لا؟

الجواب : لا تثبت الشفعة ها هنا ، لأن الثمن شي‌ء لا يعلم مبلغه ، وليس يمكن أخذ الشفعة بشي‌ء مجهول.

٤٤٢ ـ مسألة : إذا اشترى انسان من غيره شقصا ، من أرض أو دار بمملوك ، وقبض الشقص ، ولم يسلم المملوك [ هل للشفيع أن يأخذه منه بقيمة أو بغير قيمة ] (٢) كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم في ذلك ، ان للشفيع الأخذ بقيمة المملوك ، فان قبضه ثم هلك المملوك في يده ، بطل البيع ، ولم تبطل الشفعة في الشقص ، ولزمت البائع قيمة الشقص وقت قبضه ، ووجبت على الشفيع قيمة المملوك في الوقت الذي كان فيه بيعه ، لأن ثمن الشقص إذا لم يكن له مثل ، وجبت القيمة فيه في وقت البيع.

__________________

(١) وفي نسخة : لا ببدل ثمنه.

(٢) ما بين المعقوفتين موجود في النسخة الرضوية.

١٢٣

باب مسائل تتعلق بالمضاربة :

٤٤٣ ـ مسألة : إذا دفع إنسان إلى حائك (١) غزلا ، فقال له : انسج ثوبا أو إزارا على ان يكون الفضل بيننا ، هل يكون ذلك مضاربة صحيحة أم لا؟

الجواب : لا يكون ذلك مضاربة صحيحة ، لأن المضاربة لا تكون إلا بالأثمان التي هي الدنانير والدراهم ، ويختلط المالان. وانما قلنا هذا ، لأنه لا خلاف في ان ما ذكرناه مضاربة صحيحة ، وليس كذلك ما يخالفه ، وإذا دفع هذا الإنسان إلى الحائك ما تضمنت هذه المسألة ذكره ، كانت له اجرة مثله على ما عمله ، ويكون الثوب أو الإزار لصاحب الغزل ، لأنه عين ماله.

٤٤٤ ـ مسألة : إذا دفع الى غيره ثوبا ، وقال له : بعه ، فإذا قبضت ثمنه ، فقد قارضتك عليه ، هل يكون قراضا صحيحا أم لا؟

الجواب : لا يكون ذلك قراضا صحيحا ، لأنه بمال مجهول ، وانما قلنا ذلك ، لأنه لا يعرف كم قيمته في وقت العقد.

٤٤٥ ـ مسألة : إذا دفع « زيد » الى « عمرو » ألفين منفردين ، فقال : أحدهما قراض على ان يكون الربح من هذا الألف لي ، وربح الأخر لك ، هل يكون ذلك قراضا صحيحا أم لا؟

الجواب : هذا قراض غير صحيح ، لأن من حق القراض الصحيح ، ان

__________________

(١) من الحياكة وهي النسج.

١٢٤

يكون ربح كل جزء من المال بينهما ، وليس هذا كذلك.

٤٤٦ ـ مسألة : إذا خلط ألفين وقال : ما رزق الله من فضل ، كان لي ربح الألف ، ولك ربح الألف ، فهل يكون ذلك ، صحيحا أم لا؟

الجواب : هذا صحيح ، لأنه يكون قد شرط له نصف الربح ، لأن الألف الذي شرط ربحه غير متميز ، وانما يبطل ، لو كان متميزا ، وليس كذلك.

٤٤٧ ـ مسألة : إذا قارض العامل غيره ، باذن صاحب المال ، وشرط هذا العامل على العامل الثاني ، ان يكون الربح بينهم أثلاثا : ثلث له ، ولصاحب المال الثلث ، وللعامل الثاني الثلث ، هل يصح هذا الشرط أم لا؟

الجواب : إذا اذن صاحب المال للعامل ان يقارض غيره ، كان ذلك جائزا ، ويكون وكيلا له في عقد ذلك مع العامل الثاني ، ولا يكون له في الربح شي‌ء ، بل يكون لصاحب المال وللعامل الثاني ، فاما إذا اشترط الشرط المذكور في المسألة ، لم يصح ، وكان ذلك قراضا فاسدا ، لأن العامل الأول ، شرط لنفسه من الربح قسطا بغير زيادة مال ولا عمل ، والربح في القراض ، لا يستحق الا بمال أو عمل ، وليس للعامل الأول واحد منهما ، فيصير جميع الربح بصاحب المال ، وللعامل الثاني أجرة مثله ، لأنه عمل في قراض فاسد ، ولا يكون للعامل الأول شي‌ء ، لأنه لا عمل له في ذلك.

٤٤٨ ـ مسألة : إذا دفع الى غيره مالا ، وقال له : خذ هذا قراضا على ان ما يرزق الله تعالى من ربح ، كان لك منه ما يشترطه « زيد » لعامله ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : هذا يصح إذا كان هذان المتقارضان يعلمان مبلغ ما شرطه « زيد » لعامله ، فاما إذا كان لا يعلمان ذلك ، فهو فاسد ، لأنه لا يصح حتى يكون نصيب كل واحد منهما من الربح معلوما عندهما.

٤٤٩ ـ مسألة : إذا قال له : خذ هذا المال قراضا ، على ان يكون لك من الربح ثلث منه وثلثا ما بقي ، والباقي لي ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : هذا صحيح ، لأن صاحب المال ، إذا شرط ما ذكرناه ، كان قد

١٢٥

شرط للعامل سبعة اتساع الربح ، وشرط لنفسه تسعين ، لأن أقل ماله ثلث وثلثا ما بقي من غير كسر ، تسعة ، فيكون للعامل الثلث منها ، وهو ثلاثة ، وتبقى ستة ، له أيضا ثلثاها : أربعة ، فتصير سبعة ويبقى تسعان لصاحب المال.

٤٥٠ ـ مسألة : إذا دفع إليه ألفا للقراض بالنصف ، فقال العامل : ربحت ألفا ، ثم ادعى بعد هذا انه غلط ، أو خسر ، أو تلف المال ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا اعترف بالربح ، لزمه ما أقربه من ذلك ، ولم يقبل رجوعه ، لأنه إذا اعترف بربح ، فقد اعترف بخمس مأة للغير ، وحق الآدمي إذا ثبت بالإقرار ، فلا يسقط بالرجوع ، كسائر الإقرارات ، فأما قوله : خسرت أو تلف المال ، فإنه إذا ادعى ذلك ، كان القول قوله مع يمينه ، بالرجوع ، لأنه بادعائه ذلك لم يكذب نفسه ، ولا يرجع في إقرار أقر به ، وانما أخبر بتلف الأمانة في يده ، وكان القول قوله ، كما قدمناه.

٤٥١ ـ مسألة : إذا ابتاع العامل ـ مسلما كان أو ذميا ـ بالقراض خمرا أو خنزيرا ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح هذا الابتياع من العامل ، مسلما كان أو ذميا ، لأنه ابتاع بالمال ما ليس بمال ، كما لو ابتاع الدم أو الميتة ، أو غير ذلك من المحرمات.

٤٥٢ ـ مسألة : المسألة المتقدمة بعينها ، إذا كان الابتياع المذكور باطلا ، وانقد العامل الثمن ، هل يكون عليه ضمان ذلك أم لا؟

الجواب : إذا انقد العامل ثمن ذلك ، كان ضامنا له ، لأن ابتياعه باطل ، فلا يجوز له دفع الثمن بغير حق ، وإذا فعل ذلك ، كان متعديا ولزمه الضمان ، كما قدمناه.

٤٥٣ ـ مسألة : إذا دفع إليه ألفا للقراض ، وقال له : الربح في هذا المال بيننا ، هل يصح ذلك أو لا يصح؟ لأن قوله : الربح بيننا ، مجهول.

الجواب : هذا صحيح ، ولا يكون ذلك مجهولا ، لأنه إذا قال له : الربح بيننا ، فقد تساويا في إضافة الربح إليهما ، وذلك يفيد انه نصفان ، لكل واحد منهما

١٢٦

النصف ، ويجرى هذا مجرى قوله إذا قال : الدار الفلانية بينى وبين « زيد » في انه يفيد ان لكل واحد منهما النصف منها.

٤٥٤ ـ مسألة : إذا أحضر صاحب المال مأة دينار ومأة درهم ، أو ألف درهم ومأة ثوب. وقال لغيره : خذ أيهما شئت قراضا بالنصف ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأنه ليس فيه تعيين لرأس المال ، وتعيين ذلك ، شرط في صحة القراض ، وهذا يجري في الفساد ، مجرى قوله في البيع إذا قال : بعتك هذا المملوك ، أو ما يجرى مجراه ، بأحد هذين الجنسين.

٤٥٥ ـ مسألة : إذا ابتاع العامل ابنه أو أباه بمال القراض ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا ابتاع العامل ابنه أو أباه بمال القراض ، انعتق منه بمقدار نصيبه من الربح ، ان كان للمال ربح ، واستسعى المعتق بالباقي منه لصاحب المال ، وينفسخ القراض. هذا ان كان العامل معسرا ، فان كان موسرا قوم عليه الباقي لصاحب المال ، فان لم يكن للمال ربح ، لم يصح ابتياعه ، وعلى هذا إجماع الطائفة.

١٢٧

باب مسائل تتعلق بالمساقاة :

٤٥٦ ـ مسألة : إذا ساقى انسان غيره بالنصف ، واشترط عمل صاحب المال مع المساقى ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : هذه المساقاة عندنا باطلة ، لأنها موضوعة على ان المال من صاحب المال ، ومن العامل العمل ، فإذا شرط العامل على صاحب المال العمل معه ، كان ذلك باطلا.

٤٥٧ ـ مسألة : إذا ساقى غيره مساقاة صحيحة ، ثم هرب العامل ، هل تبطل المساقاة أم لا؟

الجواب : إذا هرب هذا العامل ، لم تبطل المساقاة ، لأنها عقد لازم ، وكلما كان عقدا لازما كالإجارات والبيوع كلها ، فإنها لا تبطل بالهرب.

٤٥٨ ـ مسألة : إذا ساقاه على انه ان سقى بماء السماء ، أو بسيج (١) ، كان له الثلث ، وان سقى بالقرب والنواضح (٢) كان له النصف ، هل تصح هذه المساقاة أم لا؟

الجواب : هذه المساقاة باطلة ، لأن هذا العمل مجهول. غير معين ، وأيضا فإن نصيبه من الثمرة سهم غير معين ، لأنه ما قطع عليه ، والثمرة ها هنا ، كلها لمالك النخل ، وللعامل اجرة مثله ، لأنه لم يسلم له ما شرط له.

__________________

(١) السيح : الماء الجاري. مجمع البحرين.

(٢) الناضح : البعير أو الثور أو الحمار الذي يستقى عليه الماء. وجمعه النواضح لسان العرب.

١٢٨

٤٥٩ ـ مسألة : إذا ساقاه على ودى وهو صغار النخل على انه إذا كبر وحمل ، كان له نصفها ونصف الثمرة ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : هذه المساقاة باطلة ، لأن موضوع المساقاة على اشتراك صاحب المال والعامل في الفائدة ، لا على ان يشتركا في الأصول ، فإذا شرط الاشتراك في الأصول ، بطل ذلك.

٤٦٠ ـ مسألة : إذا كان صاحب المال اثنين ، والعامل واحد ، ثم اختلفوا وقت القسمة ، فقال العامل : شرطتما لي النصف ، فصدقه الواحد ، وأنكر الأخر ذلك وقال له : بل الثلث. ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفوا على الوجه المذكور ، كان للعامل من نصيب الذي صدقه النصف (١) ، فان كان المصدق له عدلا ، وشهد له بذلك ، قبلت شهادته في ذلك. وكان عليه مع الشاهد اليمين ، ويحكم له بذلك. وان لم يشهد له بذلك ، أو لم يكن عدلا ، كانت على العامل البينة ، وعلى المالك الذي خالفه اليمين.

٤٦١ ـ مسألة : إذا كان المالك اثنين والعامل واحد ، وشرط العامل النصف من نصيب الواحد منهما ، والثلث من نصيب الأخر ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : هذا يصح إذا كان العامل عالما بقدر نصيب كل واحد منهما ، وإذا لم يكن عالما بذلك لم يصح ، لأن علمه بما ذكرناه شرط في صحة هذا العقد.

٤٦٢ ـ مسألة : إذا اختلف المالك والعامل ، فقال المالك : شرطت لك الثلث ، وقال العامل : بل النصف ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلف المالك والعامل ، على الوجه المذكور في المسألة ، كان القول ، قول المالك مع يمينه ، وعلى العامل البينة ، لأن الثمرة كلها لمالك النخل ، لأنها نماء أصله ، وانما يثبت للعامل في هذه الثمرة شي‌ء بالشرط ، فإذا ادعى شرطا ، كانت عليه إقامة البينة فيما ادعاه ، فان عدم ذلك ، كان على

__________________

(١) وفي نسخة : كان للعامل من نصيب المصدق له النصف.

١٢٩

المالك اليمين.

٤٦٣ ـ مسألة : المسألة بعينها إذا اختلفا على ما تقدم ذكره ، واقام كل واحد منهما البينة على ما يدعيه ، كيف الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا قامت البينة لكل واحد منهما فيما يدعيه ، كانت بينة العامل هي المتقدمة على بينة المالك ، لأن العامل هو المدعى ، فبينته يجب ان تقدم ، لقول النبي (ص) : البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه (١) ، والمالك هو المدعى عليه ، فعليه اليمين.

__________________

(١) الوسائل ج ١٨ ص ١٧١ ب ٣ من أبواب كيفية الحكم ح ٢ و ٦.

١٣٠

باب مسائل تتعلق بالإجارات وضمان الأجير :

٤٦٤ ـ مسألة : إذا قال الإنسان لغيره : أستأجرك اليوم لتخيط ثوبي هذا ، هل تكون هذه الإجارة صحيحة أم لا؟

الجواب : هذه الإجارة غير صحيحة ، لأنه ربما خاط قبل مضى النهار ، فيبقى بعض المدة بلا عمل ، وربما لا يتم ذلك العمل بيوم ، ويحتاج إلى مدة أخرى ، ولا يصح العمل بلا مدة ، وهذا باطل بلا خلاف.

٤٦٥ ـ مسألة : إذا استأجره على ان يقلع له ضرسا ، ثم بدا له في ذلك ، هل تصح هذه الإجارة أم لا؟ وما الحكم في ذلك؟

الجواب : الاستيجار في ذلك جائز ، لأنه لا مانع منه ، فإذا استأجره في قلع ضرسه ثم بدا له ، فالقول فيه ، ان كان الألم باقيا ، فالإجارة باقية ، ولا سبيل له الى فسخها. وينبغي ان يقال له : قد استأجرته على استيفاء منفعة ، وأنت متمكن منها ، فاما ان تستوفى منه ذلك ، والا كانت الأجرة عليك ، وإذا مضت مدة لا يمكنه فيها قلع ذلك. وكان الألم قد زال ، فإنه قد تعذر استيفاء المنفعة من جهة الله سبحانه ، لأنه لو أراد قلع ذلك لم يجز ، والشرع يمنع من قلع السن الصحيح ، وإذا كان كذلك ، فقد انفسخت الإجارة.

٤٦٦ ـ مسألة : إذا استأجر إنسان غيره في تحصيل خياطة خمسة أيام بعد شهر ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا يصح ذلك ، لأن العمل يختلف بحسب اختلاف العامل ، في

١٣١

نهضته وبطشه ، وبلادته ، وتقصيره فإذا قدر المدة من غير ان تكون المدة معينة ، كان في ذلك تفاوت شديدة ولم يصح ذلك كما ذكرناه.

٤٦٧ ـ مسألة : إذا غصب الإنسان الدابة المستأجرة ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الغاصب لها هو المكترى ، وهي في يد المكري ، كان المكترى ، كالقابض للمعقود عليه ، وان كان الغاصب لها ، هو المكري ، وهي في يد المكتري فأمسكها حتى انقضت المدة ، كان كالمتلف للمعقود عليه ، وانفسخ العقد ، وان كان الغاصب لها غيرهما ، كان المكترى بالخيار بين فسخ العقد ، والرجوع على المكري ، وبين ان لا يفسخه ، ويرجع على الغاصب بأجرة المثل. وقد ذكر في ذلك وجه آخر (١) ، وهو ان العقد ينفسخ ويرجع على المكري بالمسمى ، والأول أقوى.

٤٦٨ ـ مسألة : إذا استأجر مملوكا ، فأبق ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا أبق هذا المملوك ، ثبت الخيار ، ولم يبطل العقد ، لأنه يرجع برجوعه ، فان فسخ العقد ، كان ذلك له ، وان لم يفسخه وعاد المملوك قبل انقضاء المدة ، ينفسخ العقد فيما مضى من وقت الإباق ، ولم ينفسخ فيما بقي ، وان كانت المدة قد انقضت قبل رجوع المملوك ، فقد انفسخ العقد فيما فات من المنافع من وقت إباقه إلى وقت انقضائها.

٤٦٩ ـ مسألة : إذا استأجر جملا لحمل محمل ، ثم اختلف هو والمكري : فقال له صاحب الجمل : وسع قيد المحمل المقدم ، وضيق قيده المؤخر ، حتى ينحط مقدمه ، ويرتفع مؤخره ، لأنه أخف على جملي. وقال الراكب : بل وسع أنت قيده المؤخر ، وضيق قيده المقدم فان ذلك أسهل لي ، وأخف على نفسي ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا على الوجه المذكور ، لم يلتفت الى قول واحد منهما ، وجعل القيد ان متساويين ، فلا يكون المحمل مكبوبا ، ولا مستلقيا الى الخلف ،

__________________

(١) لاحظ المبسوط ج ٣ ص ٢٣٢.

١٣٢

لأنه إذا جعل كذلك ، لم تثبت المضرة التي أرادها كل واحد منهما من الأخر.

٤٧٠ ـ مسألة : إذا استأجر بهيمة من غيره ، فاختلفا : فقال المستأجر : أسير نهارا لأنه أصون للمتاع ، وقال الموجر : بل تسير ليلا ، لأنه أخف على بهيمتى ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا على الوجه المذكور ، وكان قد استقر بينهما شرط في السير ، اما في الليل أو النهار ، وجب حمله على الشرط الذي استقر بينهما ، وان لم يكن بينهما شرط في ذلك ، وكانا قد أطلقا ذلك ، نظر فيه ، فان كان السير في تلك المسافة عادة في الليل أو النهار ، كان الإطلاق عائدا الى ذلك ، وان لم تكن في ذلك عادة ، كان العقد فاسدا ، ويجري في ذلك مجرى من أطلق الثمن ، وكانت النقود مختلفة.

٤٧١ ـ مسألة : إذا أخرج انسان روشنا (١) الى الطريق من داره ، وهلك به شي‌ء ، أو تلف ، هل فيه ضمان أم لا؟

الجواب : إذا هلك شي‌ء أو تلف ، بما ذكر في المسألة ، كان على من اخرج ذلك ، ضمان ما يهلك أو يتلف بغير خلاف في ذلك.

٤٧٢ ـ مسألة : إذا ضرب الرائض (٢) دابة ، فهلكت من الضرب ، هل عليه ضمانها أم لا؟

الجواب : إذا كان ضرب هذا الرائض الدابة المذكورة ، بخلاف عادة الرواض في ضرب البهائم التي يروضونها ـ فان لهم في ذلك عادة يروضونها في الركوب والحمل عليها لا تطاوع الا (٣) بها ـ فعليه الضمان ، لأنه متعد في ذلك. وان كان ضربه لها لا عن خارج العادة التي ذكرناها ، فلا ضمان عليه.

٤٧٣ ـ مسألة : إذا ضرب المؤدب ، الصبي للتأديب ، فمات ، ما الحكم في ذلك؟

__________________

(١) الروشن : الكوة. لسان العرب.

(٢) رضت الدابة رياضا : ذللتها فالفاعل الرائض. المصباح المنير.

(٣) وفي نسخة : فإن لهم في ذلك عادة لا تطاوع في الركوب والحمل الا بها.

١٣٣

الجواب : إذا ضرب المؤدب ، الصبي للتأديب الضرب المعتاد بعودة (١) فهلك الصبي ، كانت عليه الدية في ماله مغلظة والكفارة ، لأن ذلك ، قتل شبيه العمد. وفي أصحابنا من قال : ان الدية على عاقلته ، والأول هو الأظهر والأقوى.

٤٧٤ ـ مسألة : إذا كانت لإنسان صبرتان من الطعام ، الواحدة منها مشاهدة ، والأخرى غير مشاهدة ، فقال لغيره : استأجرتك لتحمل هذه الصبرة [ كل قفيز ] منه بدرهم ، فما زاد على الصبرة (٢) فبحساب ذلك ، هل يصح هذا العقد أم لا؟

الجواب : إذا استأجر على الوجه المذكور في المسألة ، كان العقد ماضيا في الصبرة المشاهدة دون الأخرى التي ليست مشاهدة ، لأن شرط صحة العقد قد حصل في الواحدة منهما ، وهي المشاهدة لها ، ولم يحصل في الأخرى ، فصح في تلك المشاهدة ، وبطل في الغائبة.

٤٧٥ ـ مسألة : إذا استأجر من غيره قميصا ليلبسه ، فاتزر به ، هل عليه فيه ضمان أم لا؟

الجواب : إذا استأجر القميص ليلبسه فاتزر به ، كان عليه الضمان ، لأن الاتزار أشد وأبلغ في بلاه وتخريقه من لبسه ولم يشترط الاتزار به.

٤٧٦ ـ مسألة : إذا استأجر دابة ليركبها ، أو ليحمل عليها مسافة معينة من « طرابلس » ، مثل ان تكون المسافة إلى ناحية « مصر » فسافر بها الى جانب « حلب » هل يصح عليه ضمانها أم لا؟

الجواب : إذا فعل ذلك كان عليه ضمان الدابة ، لأنه قد تعدى ما وقع الشرط عليه ، وقد قيل (٣) : ان المسافتين إن كانتا متساويتين في السهولة والحزونة لم يكن عليه ضمان ، والأول أصح.

٤٧٧ ـ مسألة : إذا استأجر غيره لينقل ميتة ، على ان يكون جلودها له ،

__________________

(١) العود من الخشب ـ مجمع البحرين ـ والعودان : منبر النبي (ص) وعصاه ـ لسان العرب.

(٢) هكذا في النسخة الرضوية من دون ما بين المعقوفتين وفي المبسوط ج ٣ ص ٢٤٥ : « كل قفيز منها بدرهم » ولكن في المطبوع من النسخة هكذا : لتحمل هذه الصبرة وما حملت فبحساب ذلك. والظاهر سقوطه من الأصل.

(٣) هو قول أصحاب الشافعي ـ لاحظ المغني لابن قدامة ج ٥ ص ٣٩٥.

١٣٤

هل يجوز ذلك أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن جلود الميتة لا يجوز بيعها بغير خلاف.

٤٧٨ ـ مسألة : إذا حبس انسان غيره ، حرا كان المحبوس أو مملوكا ، فسرقت ثيابه ، هل عليه ضمان ذلك أم لا؟

الجواب : عليه ضمان ذلك ، لأن الحبس سبب السرقة ، وإذا كان كذلك ، كان عليه الضمان ، كما ذكرناه.

٤٧٩ ـ مسألة : إذا قال بخياط : ان خطت لي هذا الثوب اليوم فلك درهمان ، وان خطته في غد ، كان لك درهم ، هل يصح هذا العقد أم لا؟

الجواب : هذا العقد صحيح ، لقول النبي (ص) : المؤمنون (١) عند شروطهم (٢) ، ولأن الأصل جواز ذلك ، والمنع منه يفتقر فيه الى دليل شرعي ، ولا دليل في الشرع عليه.

٤٨٠ ـ مسألة : إذا استأجر راعيا ليرعى له غنما معينة ، وهلكت ، أو هلك بعضها ، هل ينفسخ العقد بذلك أم لا؟ وان لم ينفسخ العقد ، هل له إبدالها بغيرها أم لا؟

الجواب : إذا هلكت الغنم كلها ، انفسخ العقد ولم يكن له إبدالها ، لأن العقد وقع على ما هو معين وهو الهالك ، فان هلك بعضها ، انفسخ العقد في الهالك وبقي فيما لم يهلك منها ولم يبدل الهالك بغيره ، لمثل ما قدمناه ، من ان العقد وقع على معين ، واختص به ، ولم يشرط فيه بدل ولا غيره.

٤٨١ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا أنتجت هذه الغنم ، هل يجب على الراعي رعى نتاجها أم لا؟

الجواب : لا يجب على الراعي رعى نتاجها أيضا ، لمثل ما قدمناه أيضا ، من ان العقد قد وقع على غنم بأعيانها ، واختص بها دون غيرها ، ونتاجها غيرها ، فلا يلزمه ذلك.

__________________

(١) وفي نسخة : المسلمون. عوالي اللئالى ج ٢ ص ٢٥٨ ـ والوسائل ج ١٢ ص ٣٥٣ ب ٦ من أبواب الخيار ح ١ و ٢ و ٥

(٢) الوسائل ج ١٥ ـ ص ٣٠ ـ ب ٢٠ ـ أبواب المهور ح. ٤

١٣٥

٤٨٢ ـ مسألة : إذا استأجره ليرعى له غنما ، وأطلق ، ثم هلكت أو [ هلك ] بعضها ، أو نتجت ، هل له ان يبدل ما هلك منها أم لا؟ وهل يجب على الراعي رعى ما نتجته أم لا؟

الجواب : إذا استأجره كذلك ، وأطلق ولم يعين ، كان على الراعي أن يرعى له ما جرت العادة بأن يرعاه الواحد ، فان كانت العادة مأة ، كان كذلك ، وان كانت أقل أو أكثر كان ذلك ، وان هلكت أو هلك شي‌ء منها ، كان لصاحبها إبدالها ، فان نتجت كان على الراعي رعى نتاجها معها ، لأن العادة جارية بان لا يفصل في الرعي بين السخال وأمهاتها.

٤٨٣ ـ مسألة : إذا استأجر كحالا ليداوي عينه ، هل يجب الدواء عليه أم على الكحال؟

الجواب : إذا استأجر كحالا لذلك ، كان الدواء على المستأجر ، فإن شرط على الكحال ذلك ، كان صحيحا ، لأن العادة به جارية ، وقد ذكر ان ذلك لا يجوز مع الشرط (١) ، والأول أصح.

٤٨٤ ـ مسألة : إذا استأجر إنسان من غيره « حماما » ، هل يجوز لصاحب « الحمام » ان يشرط على المستأجر النفقة على ما يتشعث (٢) منه أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأنه متى شرط عليه هذه النفقة كان قد شرط عليه نفقة مجهولة ، وهذا لا يصح.

٤٨٥ ـ مسألة : المسألة بعينها ، ان اتفق ان يفعلا ذلك ، ثم اختلفا في مقدار النفقة ، ما يكون الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا في ذلك ، كان القول ، قول المستأجر مع يمينه ، لأنه أمين.

٤٨٦ ـ مسألة : إذا استأجر انسان دارا ، هل يجب عليه تنظيف الخلاء إذا امتلأ ، والبالوعة إذا انسدت ، أو على مالك الدار؟

__________________

(١) لاحظ المغني لابن قدامة ج ٥ ص ٤٤٣ كتاب الإجارة.

(٢) تشعث : حدث فيه خلل راجع لسان العرب.

١٣٦

الجواب : إذا استأجر الدار وكان الخلأ مملوا والبالوعة مسدودة ، كان تنظيف ذلك وإصلاحه على المالك ، وان كان الخلأ امتلأ وانسدت البالوعة بعد استيجار المستأجر لها ، كان عليه تنظيف ذلك وإزالته ، لأنه حصل بسبب من جهته ، لا من جهة غيره.

٤٨٧ ـ مسألة : إذا استأجر دارا فانهدمت ، أو انهدم بعضها ، أو احترقت ، أو احترق بعضها ، هل يلزم المالك بنائها أو إصلاح ما فسد منها أم لا؟

الجواب : إذا حدث في الدار شي‌ء مما ذكر ، لم يجبر مالكها على إصلاحه أو بنائه ، بل يكون حينئذ الخيار للمستأجر في فسخ الإجارة أو إمضائها ، لأن عقد الإجارة تناول عين الدار المستأجرة ، فإذا بطلت لم يجز ان يطالب المالك ببدلها.

١٣٧

باب مسائل تتعلق بالوقف والصدقة والهبة وما يلحق بذلك :

٤٨٨ ـ مسألة : إذا وقف غلاما وشرط ان تكون نفقته من كسبه ، أو في شي‌ء آخر وأطلق ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : إذا شرط ذلك كان صحيحا ، وتكون نفقة الغلام في كسبه أو في غيره حسب ما يشترطه ، وان أطلق كانت في كسبه ، لأن الغرض بالوقف انتفاع الموقوف عليه ، وانما يمكنه ذلك ببقاء عين الوقف ، وعينه انما تبقى بالنفقة ، فيصير كأنه قد شرطها في كسبه.

٤٨٩ ـ مسألة : إذا كان المملوك وقفا ، وجنى ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا جنى هذا المملوك جناية ، وكانت جنايته جناية عمد يوجب القصاص ، أو خطأ يوجب المال. فان كانت جناية عمد ، وجب عليه القصاص ، وان كانت قتلا ، قتل به وبطل الوقف فيه ، وان كانت قطعا قطع ، وبقي الباقي وقفا كما كان ، وان كانت جناية خطاء توجب المال ، كان المال غير متعلق برقبته ، لأنه انما تعلق برقبة من يباع فيه ، فاما من لا يباع ، فالأرش لا يتعلق بها ، ويكون المال على بيت المال وقد قيل غير ذلك ، وهذا أقوى.

٤٩٠ ـ مسألة : إذا كانت المملوكة وقفا ، هل يجوز تزويجها أم لا؟ وان كان جائزا فما الذي يفعل بمهرها؟

الجواب : تزويج هذه المملوكة جائز ، لأنه عقد معاوضة على منفعتها ، وهو يجرى مجرى إعارتها ، واما مهرها فهو للذي هي وقف عليه ، لأن ذلك من كسبها ،

١٣٨

وكسبها للموقوف عليه.

٤٩١ ـ مسألة : إذا قال : تصدقت بكذا ، هل يفيد ذلك ، الوقف أم لا؟

الجواب : لا يفيد ذلك الوقف ، لأنه يحتمل صدقة التمليك المطوع بها ، كما يحتمل صدقة الوقف ، ويحتمل أيضا الصدقة المفروضة ، فإذا اقترن بقرينة تدل على الوقف صح ذلك ، والقرينة أن يقول : وقفت ، وهذا صريح في الوقف ، أو يقول : حبست أو تصدقت صدقة موقوفة أو محبسة أو مسبلة أو مؤبدة أو محرمة ، أو يقول : صدقة لا تباع ولا تورث ولا توهب ، فمع هذه الألفاظ كلها تنصرف الى الوقف.

٤٩٢ ـ مسألة : إذا وقف المسلم وقفا على كنيسة أو بيعة (١) هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : هذا الوقف لا يجوز بغير خلاف ، لأن هذه المواضع مدارس الكفر ، وسب الأنبياء (ع) والمسلمين والوقف عليهما وقف على معصية ، وذلك لا يجوز.

٤٩٣ ـ مسألة : إذا وقف وقفا ، وشرط ان يبيعه الواقف متى أراد ، هل يصح الوقوف أم لا؟

الجواب : لا يصح هذا الوقف ، لأنه خلاف مقتضاه ، لأن الوقف لا يباع ، وهذا قد شرط بيعه ، وذلك لا يجوز.

٤٩٤ ـ مسألة : إذا وهب انسان شيئا لغيره ، ومات الواهب قبل قبضه ، هل تبطل الهبة أم لا؟

الجواب : لا يبطل هذا العقد بموت الواهب قبل قبضه ، كالبيع في انه لا يبطل في مدة الخيار.

٤٩٥ ـ مسألة : إذا قال لغيره في العمرى : هذه الدار لك عمرك ولعقبك ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : هذا صحيح ، لقول النبي (ص) : أيما رجل أعمر عمري له ولعقبه فإنها هي للذي يعطاها ، لا ترجع إلى الذي أعطاها ، فإنه أعطى عطاء

__________________

(١) وهي : معبد النصارى. والجمع : بيع في قوله تعالى « لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ » الحج : ٤٠.

١٣٩

وقعت فيه المواريث (١).

٤٩٦ ـ مسألة : إذا أطلق أيضا في العمرى ولم يذكر العقب ، فقال : هذه الدار لك عمرك ، فإذا مت ، رجعت الى ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : إذا أعمر ذلك ، كان صحيحا ، وتكون الدار للمعمر حياته ، فإذا مات عادت الى المعمر أو الى ورثته ان كان قد مات. وقد قال بعض الناس (٢) ، بخلاف ذلك ، والصحيح ما ذهبنا إليه ، لأن العمل بين الطائفة به ، وعليه الحجة.

__________________

(١) سنن ابى داود ج ٣ ص ٢٩٤ كتاب البيوع ح ٣٥٥٣ وعوالي اللئالى ج ٣ ص ٢٦٣ باب الوقف ح ١٥.

(٢) وهو الشافعي حيث اختار في أحد قوليه البطلان ـ لاحظ كتاب الخلاف ج ٢ ص ٢٣٥.

١٤٠