جواهر الفقه

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي

جواهر الفقه

المؤلف:

عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي


المحقق: الشيخ ابراهيم البهادري
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٩١

باب مسائل تتعلق بالعارية :

٣٧٠ ـ مسألة : إذا استعار انسان بهيمة أو سيفا أو ما أشبه ذلك ، وضمنه ، ثم رده الى ملك صاحبه ، مثل اعادة البهيمة الى الإصطبل ، أو السيف الى بيته ، ولم يسلم ذلك الى صاحبه ولا الى وكيله ، هل يبرأ من الضمان بإعادة ذلك الى ملكه كما ذكرناه أم لا؟

الجواب : لا يبرأه ذلك من الضمان ، لأن الضمان انعقد بينه وبين صاحب ذلك ، فليس يبرأ منه الا بتسليمه اليه أو الى وكيله ، وأيضا فإن الأصل شغل الذمة بالعارية ، وبرائته من ذلك تفتقر الى دليل.

٣٧١ ـ مسألة : إذا كان راكبا بهيمة ، واختلف هو ومالكها : فقال الراكب لصاحبها : أنت أعرتنيها عارية مضمونة. وقال صاحبها : بل أكريتها منى ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا على ما ذكر ، كان القول ، قول الراكب مع يمينه ، وعلى صاحبها البينة ، لأنه يدعي أجرة الركوب ، فان حلف راكبها أسقط الدعوى عن نفسه ، وان نكل عن اليمين ردت على صاحبها ، فان حلف قضى له بالأجرة ، لأن اليمين مع النكول بمنزلة الإقرار والبينة ، وفي الناس من ذهب الى ان القول ، قول صاحبها مع يمينه (١). فان لم يحلف سقط حقه ، ولا ترد على الراكب اليمين.

__________________

(١) وهو مختار الشافعي في أحد قوليه لاحظ خلاف الشيخ الطوسي ج ٢ ص ١٦٤.

١٠١

٣٧٢ ـ مسألة : إذا استعار انسان من غيره شيئا ، فآجره أو اعاره لأخر ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : لا تصح إجارة العارية ولا إعارتها ، فاما الإجارة ، فإن المستعير لا يملك منافعها بعقد الإجارة ، واما إعارتها فلأنه انما اذن له صاحبها في الانتفاع بها ، على وجه مخصوص ، فليس له غير ذلك.

٣٧٣ ـ مسألة : إذا كانت لإنسان جارية ، هل يصح له ان يعيرها للاستمتاع بها أم لا؟

الجواب : لا يجوز ذلك ، لأن البضع لا يستباح بالاستعارة وانما يستباح بعقد أو ملك ، فان قيل : فعندكم انه يجوز بلفظة الإباحة ، قلنا : هذا وان كان عندنا كذلك ، فالمراد به العقد ، ومتى عرى من العقد لم يصح.

٣٧٤ ـ مسألة : إذا كانت في يده مزارعة ارض لغيره ، واختلفا : فقال صاحب الأرض : أكريتكها ، وقال الزارع : بل أعرتنيها ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا كذلك ، كان القول ، قول الزارع مع يمينه ، وعلى صاحب الأرض البينة ، لأنه يدعي الكرى.

٣٧٥ ـ مسألة : إذا كان انسان ، راكب بهيمة لغيره ، واختلف هو ومالكها ، فقال المالك : غصبتنيها ، وقال الراكب : أعرتنيها ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : الحكم فيه ، ان القول ، قول الراكب مع يمينه ، لأن الأصل برأيه الذمة ، وعلى المالك البينة على ما ادعاه من الغصب ، لأن دعواه لذلك (١) ، تتضمن دعوى الضمان للبهيمة ، ولزوم الأجرة لراكبها بركوبه لها.

__________________

(١) وفي نسخة : لأن ادعائه ذلك يتضمن.

١٠٢

باب مسائل تتعلق بالوديعة :

٣٧٦ ـ مسألة : إذا تعدى المودع في الوديعة ضمنها ، فإذا ردها الى حرزها ، هل زال عنه بذلك الضمان أم لا؟

الجواب : لا يزول الضمان عن المودع بذلك ، لأنه قد ضمن بالتعدي ، واشتغلت ذمته بالضمان ، وزوال الضمان بردها الى الحرز ، دون ردها الى صاحبها أو وكيله ، يفتقر فيه الى دليل ، ولا دليل.

٣٧٧ ـ مسألة : إذا شرط المودع على المودع ان تكون الوديعة مضمونة ، هل يصح ذلك أم لا؟

الجواب : إذا شرط المودع ذلك ، كان الشرط باطلا ، ولا يثبت ضمانها بهذا الشرط ، لقول رسول الله (ص) : ليس على المستودع ضمان (١) ، ولم يفصل ، ولأنه لا خلاف فيما ذكرناه الا من العنبري (٢) وخلافه غير معتد به ، لا سيما على أصلنا في الإجماع.

٣٧٨ ـ مسألة : هل للمستودع ان يسافر بالوديعة من غير عذر أم لا؟

الجواب : ليس له ان يسافر بها ، لأن عليه حفظها. وإذا سافر بها فإنه

__________________

(١) المستدرك ج ٢ ص ٥٠٦ ب ٤ كتاب الوديعة ح ١ وسنن البيهقي ج ٦ ص ٢٨٩ كتاب الوديعة.

(٢) هو : عبيد الله بن الحسن بن الحصين العنبري من تميم قاض من الفقهاء العلماء بالحديث من أهل البصرة. قال ابن حيان : من ساداتها فقها وعلما. ولى قضاءها سنة ١٥٧ ه‍ وعزل سنة ١٦٦ وتوفي فيها. لاحظ الأعلام تأليف خير الدين الزركلي ج ٤ ص ١٩٢.

١٠٣

يحفظها في موضع لم تجر العادة بحفظ الودائع فيه ، لأن الطريق يحدث فيه الخوف ، فإذا هلكت مع ذلك كان عليه ضمانها ، وأيضا فقد لزمه حفظها على الوجه الذي جرت العادة بحفظ الودائع عليه ، والقول بجواز السفر بها ، يفتقر في صحته الى دليل ، ولا دليل. وأيضا فإن الطريق إذا كان يحدث فيه الخوف والخطر ، فالاحتياط يقتضي ترك السفر بها ، فان لم يحتط عليها بترك ذلك وهلكت ، كان عليه الضمان.

٣٧٩ ـ مسألة : إذا أودع انسان عند غيره حيوانا ولم يأمره بسقيه ولا إطعامه ، ولا نهاه ، هل يجب عليه إطعامه وسقيه أم لا؟

الجواب : يجب عليه ذلك ، لأن من المعلوم بالعادة ، ان الحيوان متى منع من ذلك تلف ، وإذا أدى منعه من ذلك الى هلاكه ، كان الاحتياط يقتضي أن ينفق على ذلك. ولأن نفقة المودع عليها ليست ضائعة ، لأنه يرجع بها على مالك الوديعة.

٣٨٠ ـ مسألة : إذا أودع عند غيره صندوقا ، عليه قفل ، وامره بان لا ينام عليه ، ولا يزيده قفلا آخر مع القفل الذي هو عليه ، ففعل ذلك أو شيئا منه ، هل يلزمه ضمان ذلك أم لا؟

الجواب : إذا فعل المودع ذلك أو شيئا منه ، لم يجب عليه ضمان ، لأنه أضاف إليه حرزا آخر ، وزاد في التحرز عليه تحرزا ، وبالغ في ذلك ، وهذا يجرى مجرى قوله إذا أودعه وديعة ، وامره أن يضعها في قاعدة داره (١) فوضعها في بيت وأغلق عليها بابه ، وجعل عليه قفلا ، في انه لا ضمان عليه لو هلكت.

٣٨١ ـ مسألة : إذا أودعه حنطة أو شعيرا أو دراهم أو دنانير ، فخلطها بما لا يتميز منه ، مثل ان خلط الحنطة بحنطة والشعير بشعير والدراهم والدنانير بدراهم ودنانير مثلها ، هل عليه ضمانها أم لا؟

الجواب : عليه ضمانها ، لأنه تعدى فيها بخلطها بما لا يتميز منه ، ولا يمكن أخذ المال بعينه منه.

__________________

(١) قاعدة الدار : ساحتها ، مجمع البحرين ـ

١٠٤

٣٨٢ ـ مسألة : إذا أودع عند غيره دنانير أو دراهم ، فأنفقها المودع ولزمه بذلك الضمان ، فرد مكانها عوضها ، هل يزول عنه الضمان أم لا؟

الجواب : لا يزول عنه الضمان ، لأن ذمته قد اشتغلت به في حال إنفاقه للمال بغير خلاف ، وزواله برد العوض الى مكانه يفتقر فيه الى دليل ، ولا دليل.

٣٨٣ ـ مسألة : إذا كانت الوديعة عند انسان ، وادعاها اثنان ، فقال المودع : لست اعلم صاحبها بعينه ، وادعى كل واحد منهما انه عالم بذلك ، هل يجب عليه يمين واحدة بأنه لا يعلم لأيهما هي ، أو لكل واحد يمين؟

الجواب : ليس يلزمه غير يمين واحدة بأنه لا يعلم لأيهما هي ، لأن في ضمن هذه اليمين ، انه لا يعلم أيهما صاحبها ، ولا وجه ليمين اخرى ، ولأن الأصل برأيه الذمة وإيجاب يمين اخرى يفتقر في صحته الى دليل ، ولا دليل.

٣٨٤ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا حلف المودع وأخرجت الوديعة من يده ، وبذل كل واحد من الاثنين المدعيين لها اليمين بأنها له ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الأمر على ذلك ، استعملت القرعة بينهما ، فمن خرج اسمه سلمت اليه ، أو تقسم بينهما نصفين.

٣٨٥ ـ مسألة : إذا أودع وديعة في شي‌ء مشدود ، أو كيس مختوم ، فقطع المودع الخيط ، أو كسر الختم ، أو خرق الكيس ، أو الشد ، هل يلزمه الضمان أم لا؟

الجواب : يلزمه ضمان جميع الوديعة ، لأنه بما فعله قد هتك الحرز. وان كان التخريق فوق الشد لم يلزمه غير الأرش لما نقص من خرقة الكيس أو الشد ، وان كان تحت الشد ، كان عليه ضمان جميع الوديعة ، سواء أخذها أو لم يأخذها.

٣٨٦ ـ مسألة : إذا أودع عند غيره وديعة غير محرزة ، مثل ان يناوله من يده دنانير أو دراهم ، أو تكون في صينية (١) ، أو ما جرى مجرى ذلك ، فأخذ المودع منها دينارا أو درهما ، هل يلزمه ضمان الجميع أم لا؟

الجواب : ليس يلزمه ها هنا غير ضمان ما أخذه دون غيره ، لأنه لم يتعد في

__________________

(١) وفي نسخة : صلبة.

١٠٥

الباقي ، ولا هتك له حرزا ، بل هو على ما كان عليه ، فلا يلزمه ضمانه.

٣٨٧ ـ مسألة : إذا كان المودع لا يلزمه ضمان الوديعة في ذهب ولا حريق ولا غريق ولا ما يجرى مجرى ذلك ، فما القول فيه ان هلكت ، وادعى هو ان هلاكها كان بشي‌ء من ذلك ، وهل يقبل قوله فيما ادعاه من ذلك أم لا؟

الجواب : لا يقبل قوله فيما ادعاه ، بل تلزمه إقامة البينة على هلاكها بما ذكره ، لأن الوجوه التي ادعى هلاك الوديعة بها لا تخفى ، ويمكن إقامة البينة عليها.

وكلما لا يخفى ويمكن ان تقام عليه البينة ، تلزمه إقامة البينة عليه ، وانما يكون القول ، قوله مع يمينه في الموضع الذي تتعذر عليه إقامة البينة ، مثل ان يدعى انه غصب ذلك أو سرق ، أو تلف من يده.

٣٨٨ ـ مسألة : إذا كانت عنده وديعة ، فادعى ردها على صاحبها ، وأنكر صاحبها ذلك ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : القول ، قول المودع مع يمينه له ، لأنه أمينه.

١٠٦

باب مسائل تتعلق بالغصب :

٣٨٩ ـ مسألة : إذا جنى انسان على حمار القاضي ، جناية لا تسرى الى نفسه ، هل يستوي هو وحمار الحطاب أو الزبال ، أو ما جرى مجرى ذلك ، في أرش العيب أم لا؟

الجواب : الحماران في ذلك سواء ، وليس لحمار القاضي في ذلك مزية على حمار غيره ، لأن الأصل براءة الذمة ، والقدر الذي ذكرناه متفق على لزومه ، وعلى من يدعى الزيادة على ذلك ، الدليل.

٣٩٠ ـ مسألة : إذا غصب إنسان جارية لغيره ، فزادت في يده ، بصنعة أو سمن أو تعلم قرآن ، وازداد بذلك ثمنها ، ثم ذهب ذلك في يده ، مثل ان تكون نسيت الصنعة أو القرآن ، أو هزلت بعد السمن حتى عادت على ما كانت عليه وقت الغصب ، هل عليه ضمان ذلك أم لا؟

الجواب : على الغاصب ضمان هذه الزيادة ، لأنها حدثت في يده مضمونة ، وإذا زالت وهي في يده ، كان عليه الضمان.

٣٩١ ـ مسألة : إذا غصب جارية حاملا فأسقطت ، أو حائلا فحملت عنده ، ونقص ذلك من ثمنها ، هل عليه ضمان ذلك أم لا؟

الجواب : عليه ضمان ما نقص ، لأن ذلك حدث عنده مضمونا ، كما قلناه في المسألة المتقدمة على هذه المسألة سواء.

٣٩٢ ـ مسألة : إذا غصب جارية تساوى مأة ، وسمنت فصارت تساوى

١٠٧

ألفا ، وتعلمت القرآن ، أو صنعة ، فصارت تساوى ألفين ، ثم هزلت فعادت الى ما كانت ، ما الذي يجب عليه؟

الجواب : الذي يجب على الغاصب ، ردها الى مالكها مع ألف وتسع مأة ، لأن ذلك زيادتان ، يضمن كل واحدة منهما على الانفراد فإذا اجتمعتا ضمنتا.

٣٩٣ ـ مسألة : إذا غصب جارية سمينة قيمتها لفرط سمنها مأة ، فهزلت وحسنت ، فصارت تساوى ألفا (١) ، ولم ينقص من قيمتها شي‌ء ، ما الذي يجب عليه؟

الجواب : الذي يجب عليه ردها الى مالكها على ما هي عليه ، ولا يلزمه غير ذلك ، لأنه لم ينقص منها شي‌ء له قيمة فيضمن ذلك.

٣٩٤ ـ مسألة : إذا غصب جارية قيمتها ألف ، فسمنت فعادت الى مأة ، ثم هزلت فصارت تساوى الألف ، ما الواجب عليه؟

الجواب : الواجب عليه ردها الى مالكها بحالها ، ولا يلزمه غير ذلك ، لأنه لم ينقص منها ما له قيمة فيضمنها ، كما قلناه في المسألة المتقدمة.

٣٩٥ ـ مسألة : إذا غصب مملوكا يساوى مأة ، فخصاه فصار يساوي ألفين ، ما الحكم فيه؟

الجواب : عليه رده الى مالكه ، ويرد معه قيمة الخصيتين ، لأنه ضمان مقدر.

٣٩٦ ـ مسألة : إذا غصب جارية بكرا أو ثيبا ووطأها ، وأتت بولد ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا وطأها وهما جاهلان بالتحريم ، مثل ان يكونا قريبي عهد بالإسلام ، أو لبعدهما عن ديار الإسلام ويعتقدان الملك بالغصب ، فإنه لا حد عليهما لقول النبي (ص) : ادرؤا الحدود بالشبهات (٢) والمهر واجب على الواطى ، لأنه وطأ بشبهة ، فإن كانت بكرا ، كان عليه عشر قيمتها. وان كانت ثيبا ، لم

__________________

(١) وفي نسخة : ألفين.

(٢) عوالي اللئالى ج ٣ ص ٥٤٥ باب الحدود ح ١

١٠٨

يلزمه غير المهر ، وعليه اجرة مثلها من وقت القبض الى وقت الرد ، لأن المنافع تضمن بالغصب ، فاما الولد ، فيلحق نسبه (١) بالواطى ، لأنه أحبلها بوطأ شبهة ، فيكون الولد حرا ، وإذا وضعته كان عليه ما نقصت بالوضع ، لأنها مضمونة باليد الغاصبة ، ولأن سبب النقص منه ، فلزمه ضمان ذلك ، وإذا وضعته ، كانت عليه قيمته ، لأنه كان من حقه ان يكون مملوكا لسيدها ، فإذا حررناه كانت عليه قيمته ووقت التقويم ، يوم يسقط فيه حيا ، لأنه الوقت الذي حال بين السيد وبين التصرف فيه ، لأنه قبل ذلك لم يملك التصرف فيه.

وان وضعته ميتا ، لم يكن عليه ضمان ، لأنه لا يعلم حيا قبل هذا ، ولأنه ما حال بينه وبين سيده في وقت التصرف.

وان كانا عالمين بالتحريم ، كان عليهما الحد ، لأن ذلك منهما زنا ، فان كانت بكرا ، كان عليه عشر قيمتها وهو أرش البكارة ، لأنه أتلف عليه جزءا ، وعليه اجرة مثلها من وقت القبض الى وقت الرد.

وان أكرهها ، كان عليه المهر ، لأن المكرهة لها المهر عندنا ، وان كانت طاوعته ، لم يكن لها مهر ، لأنها زانية ، وان حملت وأتت بولد ، لم يلحق به النسب ، لأنه عاهر ، لقول النبي (ص) : وللعاهر الحجر (٢) ، ولأنها حملت من زنا ، وإذا وضعت الولد ، كان عليه ما نقصت بالولادة ، وان وضعته حيا كان مملوكا مغصوبا في يده مضمونا ، وان كان قائما رده ، وان كان تالفا ، كانت عليه قيمته أكثر مما كانت من وقت قيمته الوضع الى وقت التلف (٣) ، وان وضعته ميتا ، لم تلزمه قيمته.

وان كانت هي عالمة بالتحريم وهو جاهل وأكرهها على ذلك ، الحكم فيه كما لو كانا جاهلين وقد تقدم ذلك ، وان طاوعته فالحكم فيه كالحكم في كونهما جاهلين إلا في الحد وسقوطه عنها ولزوم المهر ، فان كانت جاهلة وهو عالم ، فالحكم فيه كما لو كانا عالمين إلا في سقوط الحد عنها ولزوم المهر.

__________________

(١) وفي نسخة : فيلحق بشبهة بالواطى

(٢) عوالي اللئالى ج ٢ ص ١٣٢ ح ٣٥٩

(٣) وفي نسخة : كانت عليه قيمته أكثر ما كانت قيمته من وقت الوضع الى وقت التلف.

١٠٩

٣٩٧ ـ مسألة : إذا غصب انسان ثوبا ، وشقه نصفين ، وتلف أحدهما ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا فعل الغاصب ذلك ، كان عليه رد ما بقي من الثوب ، وقيمة التالف أكثر ما كانت قيمته الى وقت التلف ، لأنه لو أتلف جميعه ، كانت قيمته عليه أكثر ما كانت قيمته الى وقت التلف ، فان كان الثوب مما لا ينقص بالشق ، كالثياب الغليظة ، رد الباقي وقيمة التالف ، فان كان الثوب مما ينقص بذلك كالديبقى والمسرب وما أشبه ذلك ، كان عليه رد الباقي وقيمة التالف أكثر ما كانت قيمته الى وقت الشق وما ينقص بالشق ، لأن نقصانه بذلك كان بجنايته عليه ، ولذلك يضمن كلا الأمرين.

٣٩٨ ـ مسألة : إذا غصب عصيرا ، فصار خمرا ، ثم عاد بعد ذلك خلا ، ما الذي يلزمه؟

الجواب : الذي يلزمه رد ذلك ، ولا يلزمه غيره ، لأنه عين المال المغصوب.

٣٩٩ ـ مسألة : إذا غصب غيره خفين ، قيمتهما عشرة ، وتلف أحدهما ، فصارت قيمة الباقي ثلاثة ، ما الذي يجب عليه؟

الجواب : الذي يجب على الغاصب رد الخف الباقي الى المالك ، ويرد معه سبعة : منها قيمة التالف خمسة ، ومنها اثنان لنقصان التفرقة.

٤٠٠ ـ مسألة : إذا غصب أرضا لغيره وغرس فيها ، ما الذي يجب عليه من ذلك؟

الجواب : يلزمه نقل ما غرسه في الأرض منها ، وردها الى مالكها فارغة ، لقول النبي (ص) : ليس لعرق ظالم حق (١) ، وتلزمه اجرة مثلها من وقت قبضها الى وقت ردها الى مالكها ، لأن المنافع تضمن بالغصب ، ويلزمه ما ينقص الأرض بقلع ما ابنته فيها ، وتسويتها كما كانت ، لأن ما يفسده منها بذلك انما فسد بجنايته.

__________________

(١) عوالي اللئالى ج ٢ ص ٢٥٧ باب الديون ح ٦.

١١٠

٤٠١ ـ مسألة : إذا غصب جارية وهلكت في يده ، واختلف هو ومالكها في قيمتها ، وقال سيدها : مأة ، وقال الغاصب : خمسون ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : القول في ذلك ، قول الغاصب مع يمينه ، لأن الأصل برأيه الذمة ، ولقول النبي (ص) : البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه (١) ، والغاصب منكر ، والقول قوله مع يمينه ، وعلى سيدها البينة ، لما ذكرناه.

٤٠٢ ـ مسألة : إذا غصب غيره شيئا واختلفا ، فقال المالك : غصبتنى عبدا أو جارية ، وقال الغاصب : بل غصبتك ثوبا ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : القول ، قول الغاصب مع يمينه ، لمثل ما قدمناه قبل هذه المسألة ، ولأن الغاصب معترف بما لا يدعيه المدعى ، وهو الثوب ، وهو ينكر ما ادعى عليه به من العبد أو الجارية ، فالقول قوله ، كما ذكرناه ، وعلى المدعى ، البينة على ما يدعيه من العبد أو الجارية.

٤٠٣ ـ مسألة : إذا غصب غيره جارية وهلكت في يده ، واختلف هو ومالكها ، فقال الغاصب : كانت جذماء أو برصاء ، وقال المالك : بل كانت سليمة من العيوب ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : القول في ذلك ، قول المالك مع يمينه ، لأن الأصل السلامة ، والغاصب مدع الخلاف الظاهر ، فعليه البينة.

٤٠٤ ـ مسألة : المسألة بعينها ، إذا اختلفا فيها ، فقال المالك : كانت تقرأ القرآن ، أو كانت صانعة ، وأنكر الغاصب ذلك ، ما الحكم فيه.

الجواب : القول قول الغاصب مع يمينه ، لأن الأصل ، ان لا قراءة ولا صنعة ، وعلى مالكها البينة ، لأنه مدع لذلك.

٤٠٥ ـ مسألة : إذا غصب غيره مالا « بطرابلس الشام » واجتمع به في « مكة » ، هل تجوز له مطالبته به أم لا؟

الجواب : إذا كان هذا المال مما لا مؤنة في نقله ، كالدنانير والدراهم ، فإنه لا مؤنة بمجرى العادة في نقلها ، كانت له مطالبته بالمال ، وان كان مما في

__________________

(١) الوسائل ج ١٨ ص ١٧١ ب ٣ أبواب كيفية الحكم ح ٥

١١١

نقله مؤنة ، وله مثل كالحبوب والأدهان ، وكانت القيمتان في البلدين سواء ، كانت له مطالبته بذلك بالنقل ، لأنه لا مضرة عليه في ذلك ، وان كانت القيمتان مختلفتين ، فالحكم فيما له مثل وفيما لا مثل له سواء. فللمغصوب منه اما ان يأخذ من الغاصب « بمكة » قيمته « بطرابلس » واما ان يترك ذلك حتى يستوفيه منه « بطرابلس » من الغاصب ، لأن في النقل مؤنة والقيمة مختلفة ، وليست له ، المطالبة بالفضل.

٤٠٦ ـ مسألة : إذا غصب من غيره ثوبا وزعفرانا ، وصبغ الثوب بذلك الزعفران ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا فعل الغاصب ذلك ، كان المغصوب منه مخيرا ، بين ان يأخذه كذلك ، وبين ان يعتبر فيه التقويم ، وان أراد أخذه على ما هو عليه ، كان له ذلك ، لأنه رضى به ، نقص أو لم ينقص ، فان اعتبر التقويم ، فقوم ، فلم يزد ولم ينقص ، مثل ان تكون قيمة الثوب عشرة ، وقيمة الزعفران عشرة ، وكان الثوب بعد الصبغ يساوى عشرين ، لم يكن للمغصوب منه شي‌ء غير ذلك ، وان نقص فصار ذلك مثلا يساوي خمسة عشر ، فعليه ضمان ما ينقص ، لأنه نقص بفعله.

وان زاد فصارت قيمته ثلاثين ، كانت الزيادة للمالك ، وليس للغاصب منها شي‌ء ، لأنها آثار أفعاله لا أعيان أمواله.

٤٠٧ ـ مسألة : إذا غصب غيره عسلا وشيرجا (١) ، أو سمنا ودقيقا ، وعقد ذلك ، ما الحكم فيه؟

الجواب : القول في هذه المسألة ، كالقول في المتقدمة لها سواء.

٤٠٨ ـ مسألة : إذا غصب غيره نقرة فضربها دراهم ، أو حنطة فطحنها ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا فعل الغاصب ذلك ، كان عليه رد ذلك الى المالك ، لأنها عين ما له ، ولا يلزمه رد ما نقص.

٤٠٩ ـ مسألة : إذا غصب غيره خشبة ، فنشرها ألواحا ، ما الذي يجب

__________________

(١) الشيرج : معرب شيرة وهو دهن السمسم.

١١٢

عليه في ذلك؟

الجواب : إذا فعل ذلك ، كان عليه رد الألواح إلى المالك ، لأنها عين ماله ، وان نقصت قيمة الخشب بذلك ، كان عليه أرش النقص ، وان لم ينقص لم يكن عليه شي‌ء ، وإذا زادت القيمة كانت للمالك.

٤١٠ ـ مسألة : إذا غصب من غيره شاة ، وأمر غيره بذبحها ، فذبحها ، هل له مطالبة الأمر بها ، أو الذبح ، أو بهما جميعا؟

الجواب : ان شاء مالك الشاة أخذها مذبوحة ، كان له ذلك (١) ، وله ما بين قيمتها حية ومذبوحة ، ويطالب بذلك من شاء منهما ، وان طالب الغاصب ، كان له ذلك ، لأنه سبب الذبح ، وان طالب الذابح ، كان ذلك أيضا له ، لأنه باشر الذبح بنفسه ، وان طالب الغاصب ، لم يكن له رجوع على الذابح بشي‌ء ، لأن الذابح انما ذبحها له ، وان طالب الذابح ، كانت للذابح مطالبة الغاصب بذلك ، لأنه ناب في ذلك عنه ، وكانت يده يد نيابة عنه في ذلك.

٤١١ ـ مسألة : إذا غصب غيره طعاما ، واطعمه غيره ، ما الحكم فيه؟

الجواب : إذا كان الأكل له مالكه ، وهو عالم به ، برأت ذمة الغاصب منه ، وان كان الأكل له غير مالكه ، كان للمالك ان يضمن من شاء منهما ، وان ضمن الغاصب ، كان له ذلك ، لأنه حال بينه وبين ماله ، وان طالب الأكل ، كان له ذلك ، لأنه أكل مال غيره بغير حق ، ولأنه أيضا قبضه من يد ضامنة.

٤١٢ ـ مسألة : إذا غصب غيره حطبا ، وقال له المغصوب منه : اسجر به التنور (٢) ، واخبز الخبز به ، هل يزول الضمان عن الغاصب له أم لا؟

الجواب : ضمان ذلك لازم له ، ولا يزول الضمان عنه بلا خلاف.

٤١٣ ـ مسألة : إذا فتح انسان مراح الغنم (٣) فخرجت منه ودخلت زرعا فأفسدته ، هل ضمان الزرع على الذي فتح المراح ، أو على مالك الغنم؟

الجواب : ضمان ذلك على فاتح المراح بلا خلاف.

__________________

(١) وفي نسخة : ان شاء مالك الشاة أخذها مذبوحة ، أخذها وكان له ذلك.

(٢) اسجر التنور : اوقده.

(٣) المراح بالضم : مأوى الغنم والبقر والإبل ، من الراحة.

١١٣

٤١٤ ـ مسألة : إذا حل راوية ، أو رأس زق (١) فانهرق ما فيه ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الذي في الراوية أو في الزق مائعا كالدهن والخل وما أشبه ذلك ، وكان خروجه بحله ، مثل ان يكون قد القى على الأرض ، وليس يمسكه غير الشد ، وكان عليه الضمان بغير خلاف ، لأنه خرج بفعله ، وان جرى بعد الحل بسبب كان منه ، مثل ان يكون مشتدا (٢) معتدلا ، فلما حل جرى بعضه ، فخف هذا الجانب وثقل جانب الأخر ، فوقع واندفق ، أو نزل ما جرى إلى تحته ، فلانت الأرض (٣) ، ومال الزق فوقع ، فاندفق ما فيه ، كان عليه الضمان أيضا ، لأنه بسببه.

وان اندفق بعد حله بفعل ، حدث ، مثل ان يكون مشتدا فحله ، فبقي كذلك محلولا على ما كان عليه ، وحدث ما حركه ، من زلزلة أو ريح ، فوقع فاندفق ، فان السبب يسقط حكمه ، لأنه قد حصلت مباشرة وسبب غير ملج (٤) ، فسقط حكم ذلك بغير خلاف.

وان كان ما فيه جامدا ، كالعسل والسمن والدقيق ، وكان الزق أو الراوية على صفة ، لو كان ما فيه مائعا لم يخرج وبقي بحاله ، فذاب ما فيه واندفق بسبب آخر ، لم يكن عليه ضمان ، وان كان على صفة لو كان ما فيه مائعا خرج ثم ذاب بحرارة الشمس ، وخرج ، كان عليه الضمان ، لأن خروجه بسبب كان منه ، لأنه حل الزق أو الراوية ، ولم تحدث بعد الحل مباشرة من غيره ، وانما ذاب بحرارة الشمس ، وإذا لم يحدث فعل بعد حله ، كان خروجه بسبب فعله.

٤١٥ ـ مسألة : إذا أدخلت شاة رأسها في قدر باقلائي ، ولم يمكن إخراجه منه ، هل يقطع رأسها أم لا؟

الجواب : إذا كانت يد صاحب هذه الشاة عليها ، ذبحت ولم يكسر القدر ،

__________________

(١) الراوية : هي المزادة من جلد فيها الماء وكذا الزق ، مع تفاوت بينهما.

(٢) في بعض النسخ : مستندا وكذا فيما يأتي.

(٣) لأن : ضد غلظ

(٤) مخفف ملجئ ، والسبب الملجئ ما يترتب عليه المسبب لا محالة.

١١٤

لأن التفريط في ذلك من صاحبها ، ويجرى ذلك مجرى مباشرته هو لإدخال رأسها في القدر في انه يجب ما ذكرناه ، لأن التفريط منه. وان لم تكن يده عليها ، وكان الباقلائى مفرطا ، مثل ان وضع القدر في الطريق ، فان القدر يكسر ، ولا ضمان على صاحب الشاة في كسره ، لأن التفريط من جهته.

وان لم يكن واحد منهما مفرطا ، مثل ان تكون الشاة سائرة لنفسها في الطريق ، وقد ترك الباقلائى القدر في ملكه ، ومرت الشاة بالقدر ، فأدخلت رأسها فيه ، فان القدر ليكسر ، والضمان على صاحب الشاة ، لأنه كسر لاستصلاح ما له (١).

٤١٦ ـ مسألة : إذا كان للإنسان فصيل ، فدخل دارا ، وبقي فيها حتى كبر ، وصار لا يمكن خروجه من باب هذه الدار الا بهدمه ، ما الحكم فيه؟

الجواب : ان كان التفريط في ذلك من صاحب الدار مثل ان غصبه ، وادخله داره ، وبقي فيها حتى صار كبيرا ، وجب هدم الباب وإخراجه (٢) ، وكان ضمان الهدم على صاحب الدار ، لأن التفريط من جهته. وان كان التفريط من صاحب الفصيل ، مثل ان يكون هو ادخله فيها ، فضمان هدم الباب عليه ، لأن التفريط منه ، ولأن هدم الباب لمصلحة ملكه.

وان لم يكن واحد منهما مفرطا ، كان الضمان في هدم الباب على صاحب الفصيل ، لأن هدمه يكون لمصلحة ملكه.

٤١٧ ـ مسألة : إذا حصل في محبرة (٣) أسنان دينار لغيره ، ولم يمكن إخراجه إلا بكسرها ، ما الحكم فيه؟

الجواب : جواب هذه المسألة ، كالجواب عما تقدمها ، في التفريط وغيره سواء.

٤١٨ ـ مسألة : إذا دخل سارق حرزا ، فذبح به شاة ، قيمتها دينار (٤) ،

__________________

(١) وفي نسخة : شاته.

(٢) وفي نسخة : لإخراجه.

(٣) المحبرة : موضع الحبر الذي يكتب به.

(٤) وفي نسخة : دراهم.

١١٥

فلما ذبحها صارت تساوى درهمين ، ثم أخرجها ، ما حكمه في القطع وغيره؟

الجواب : إذا أخرجها وهي تساوى درهمين ، لم يكن عليه قطع ، لأن القطع ، انما يجب بإخراج نصاب ، أو قيمة ذلك ، وهذا أخرج (١) ما قيمته أقل من النصاب ، فلا قطع عليه ، واما الباقي ففي ذمته ، ولا تقطع أيضا بما يكون في ذمته.

٤١٩ ـ مسألة : إذا غصب فحلا من الضأن ، فأنزاه (٢) على شاة لنفسه ، ما الحكم في الولد ، وفي نقص الفحل ان لحقه نقص بذلك ، وهل يستحق على ذلك أجرة أم لا؟

الجواب : إذا فعل الغاصب ذلك ، كان الولد لصاحب الشاة ، لأن الولد يتبع الأم ، فأما نقص الفحل ان لحقه نقص من الضراب ، فضمان ذلك على الغاصب ، لأنه حدث بتعديته ، فاما الأجرة ، فساقطة ، لأن النبي (ص) نهى عن كسب الفحل (٣).

٤٢٠ ـ مسألة : إذا غصب شاة ، فأنزى عليها فحلا لنفسه ، وأتت بولد ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا فعل ذلك ، كان الولد لصاحب الشاة ، على ما قلناه قبل هذه المسألة. وان كان الفحل قد لحقه بالضراب نقص ، لم يكن على مالك الشاة من ذلك شي‌ء ، لأنه حدث بتعدي نفسه (٤) ، وما كان كذلك فلا يصح ان يرجع به على غيره.

٤٢١ ـ مسألة : إذا ادعى انسان دارا في يد غيره ، فاعترف ذلك الغير له بدار مبهمة ولم يعينها ، ومات قبل ان يعينها ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا ادعى ذلك ، واعترف له المدعى عليه بدار مبهمة ، ومات قبل ان يعينها ، قيل لوارثه : بيان أنت الدار ، فإذا امتنع ولم يبين ، قيل للمدعى :

__________________

(١) وفي نسخة : إخراج ما

(٢) نزى الفحل على الأنثى : وثب عليها وركبها.

(٣) الوسائل ج ١٢ ص ٧٧ ـ ب ١٢ ـ أبواب ما يكتسب به ح ٣ : نهى رسول الله (ص) عن عسيب الفحل.

(٤) وفي نسخة : بتعدية صاحبه.

١١٦

بين أنت الدار ، فان عين دارا ، وقال : هذه هي التي ادعيتها ، وهي التي أقر لي بها المتوفى. سئل الوارث عن ذلك ، فان صدقه ، سلمت الدار اليه ، وان لم يصدقه ، كان القول قول الوارث مع يمينه ، فإذا حلف سقط تعيين المدعى في الدار التي عينها ، وقيل للوارث : إن أنت بينت الدار التي أقر بها أبوك ، والا حبست حتى يتبين ذلك.

٤٢٢ ـ مسألة : إذا غصب غيره مملوكا ، ثم أعاد إلى مالكه وهو أعور ، واختلفا ، فقال مالك العبد : أصيبت عينه عندك. وقال الغاصب. بل عندك. وكان العبد حيا ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا اختلفا كذلك ، كان القول قول الغاصب مع يمينه ، لأنه غارم ، وان كان ميتا وقد دفن ، كان القول قول سيده مع يمينه انه لم يكن أعور. والفرق بين الوجهين ، انه إذا مات ودفن ، الأصل السلامة ، حتى يعرف عيب ، وكان القول قول سيده مع يمينه ، وليس كذلك إذا كان حيا ، لأن العور حاصل مشاهد ، والظاهر انه لم يزل (١) حتى يعرف حدوثه عند الغاصب.

٤٢٣ ـ مسألة : إذا غصب غيره مملوكا ومات المملوك ، ثم اختلفا ، فقال الغاصب : رددته حيا ومات في يدك. وقال سيده للغاصب : بل مات في يدك. واقام كل واحد منهما بينة ، وتقابلت البينتان ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا تقابلت البينتان سقطتا وبقيتا على الأصل وهو بقاء المملوك عنده حتى يعلم انه رده الى مالكه.

٤٢٤ ـ مسألة : إذا غصب غيره عبدا قيمته ألف ، فزاد في يده ، فصار يساوي ألفين ، ثم قتله انسان آخر ، وهو في يد الغاصب ، هل لسيد العبد الرجوع بالألفين ـ اللذين هما قيمة العبد ـ على الغاصب ، أو على القاتل ، أو عليهما ، أو لا يرجع على احد منهما؟

الجواب : للسيد الرجوع بقيمة العبد على من شاء منهما ، فان رجع على الغاصب ، رجع الغاصب على القاتل ، لأن الضمان استقر عليه أيضا.

__________________

(١) لعل معناه : لم يزل موجودا قبل الغصب.

١١٧

٤٢٥ ـ مسألة : إذا غصب غيره عبدا أمرد ، فنبتت لحيته ، فنقص ثمنه ، أو كان رجلا شابا فابيضت لحيته ، أو جارية ناهدا (١) فسقطت ثدياها ، هل عليه ضمان ما نقص من ذلك أم لا؟

الجواب : عليه ضمان ذلك ، لأن نقصان حصل في يده ، وأيضا فإن بالتزام ذلك تبرأ ذمته بيقين ، فالاحتياط يقتضي إلزامه ذلك.

٤٢٦ ـ مسألة : إذا غصب لثلاثة رجال ثلاثة أجناس : عسل وشيرج ودقيق ، وطبخ الجميع خبيصا (٢) ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا فعل ذلك ، وجب ان يقوم كل واحد من هذه الأجناس ، ويباع ويدفع ثمنه الى صاحبه ، فإن أراد الكل ذلك ، أخذ كل واحد منهم من هذا الخبيص بقيمة ماله.

__________________

(١) نهدت الجارية : ارتفع وكعب ثدياها.

(٢) الخبيص : الطعام المعروف.

١١٨

باب مسائل تتعلق بالشفعة :

٤٢٧ ـ مسألة : إذا كانت الشفعة (١) قد وجبت للشفيع ، ولم يعلم بها حتى تقايلا ، هل للشفيع إبطال الإقالة ، ورد المبيع إلى المشتري ، وأخذ ذلك بالشفعة أم لا؟

الجواب : للشفيع ذلك لأن حق الشفعة ، ثبت على وجه لا يملك المتعاقدان إسقاطه.

٤٢٨ ـ مسألة : إذا باع احد الشريكين شقصا له (٢) بشرط الخيار ، وعلم الشفيع بذلك ، ثم باع نصيبه بعد العلم بما ذكرناه ، هل تبطل شفعته أم لا؟

الجواب : إذا كان كذلك ، فشفعة المذكورة تسقط ها هنا ، لأنه انما استحقها بالملك ، وإذا كان الملك الذي استحقها به قد زال بعد العلم بالبيع المذكور ، لم تكن له شفعة.

٤٢٩ ـ مسألة : إذا ادعى البائع البيع ، وأنكر المشتري وحلف ، هل تثبت للشفيع شفعة أم لا؟

الجواب : الشفعة ثابتة ها هنا ، وللشفيع أخذها من البائع ، لأن البائع معترف بحقين : الواحد منهما عليه ، وهو حق الشفعة ، والأخر على المشتري ، فلا يقبل قوله على المشتري ، لأنه الحق له. وقبلنا قوله للشفيع ، لأنه حق عليه.

__________________

(١) وفي نسخة : السلعة.

(٢) الشقص : النصيب في العين المشتركة من كل شي‌ء. مجمع البحرين.

١١٩

٤٣٠ ـ مسألة : إذا كان الشفيع وكيلا في البيع للبائع ، ووكيلا في الشراء للمشترى ، هل تسقط شفعته لذلك أم لا؟

الجواب : لا تسقط شفعته لكونه وكيلا في ذلك ، لأنه لا مانع من وكالته لهما ، ولا دليل في الشرع يدل على سقوط حقه من الشفعة بذلك.

٤٣١ ـ مسألة : إذا اشترى شقصا فيه عيب ولم يعلم به ، وقبضه الشفيع منه بالشفعة ، وهو عالم بالعيب ، هل للمشترى رده على البائع بالعيب ، أو مطالبته بالأرش أم لا؟

الجواب : ليس للمشتري شي‌ء من ذلك ، بعد قبض الشفيع للشقص بالشفعة ، لأنه قد خرج عن ملكه ، وليس للشفيع الرد ، لأنه دخل على العلم بالعيب.

٤٣٢ ـ مسألة : إذا اشترى شقصا ، وقبض منه بالشفعة ، فظهر بعد ذلك ، ان الدنانير التي دفعها المشتري الى البائع ثمنا للشقص ، ليست للمشترى ، بل هي لغيره ، ما الحكم في ذلك؟

الجواب : إذا كان الأمر على ما ذكر في هذه المسألة ، فليس يخلو الشراء من ان يكون بثمن معين ، أو بثمن في الذمة ، فإن كان بثمن معين ، مثل ان يقول المشتري للبائع : بعني بهذه الدنانير ، فالشراء لا يصح ، لأن الأثمان عندنا كالثياب في أنها تعين بالعقد ، وإذا كان الشراء لا يصح ، بطلت الشفعة ، لأن الشفيع انما يملك من المشتري ما يملك بعد صحة العقد ولم يملك ها هنا شيئا ، لأن البيع لم يصح.

وان كان الشراء بثمن في ذمة المشتري ، فهو والشفعة صحيحان ماضيان ، ويأخذ المستحق الثمن ، ويطالب البائع المشتري بالثمن ، لأن الثمن في ذمته ، فإذا دفع اليه ما لا يملكه ، لم تبرأ ذمته ، وكان البائع يطالبه بالثمن.

٤٣٣ ـ مسألة : إذا أسقط البائع عن المشتري بعض الثمن ، وانحط ذلك عنه ، هل ينحط عن الشفيع أم لا؟

١٢٠