فرق أهل السنّة

صالح الورداني

فرق أهل السنّة

المؤلف:

صالح الورداني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ليلى
الطبعة: ٢
ISBN: 964-319-433-7
الصفحات: ٣١١

إلى الخروج بها إلى معترك السياسة والتقليديين الذين يرفضون الخروج عن المنهج الذي وضعه الشيخ السبكي ويرفضون أن يترأس الفرقة أي من العناصر ذات الميول السياسية أو المرتبطة والمتعاطفة مع الفرق الأخرى التي تنظر لها الحكومة بعين الشك.

١٨١
١٨٢

النورسية :

برزت هذه الفرقة في تركيا على يد الشيخ سعيد النورسي كرد فعل للتيار العلماني الذي هيمن على الحياة فيها بعد سقوط الحكم العثماني.

وهي فرقة ليس لها فكر محدد يميزها فقد حدد الشيخ النورسي أفكار فرقته من خلال كتاباته التي تعد المصدر الوحيد لفكر هذه الفرقة.

وما حدده النورسي هو ما يلي :

ـ إيقاظ العقيدة الإسلامية في نفوس اتباعها.

ـ تجنب السياسة.

ـ تهذيب النفوس.

ويظهر من خلال هذه النقاط الثلاثة أن هذه الفرقة تقليدية أقرب في تصورها إلى فرقة التبليغ ، غير أن هذا الخط هو ما أملته عليها ظروف تركيا آنذاك والصراع الشرس الذي كان قائماً بين أتاتورك وحزبه والإسلام والمسلمين.

ولقد قاومت هذه الفرقة المد العلماني في ساحتها ورفضت القوانين الوضعية ومنع الكتابة بالأحرف العربية وتغيير الآذان إلى الكلمات التركية وجعل يوم الأحد العطلة الأسبوعية وإلزام الناس بالقبعات الأفرنجية ومنع الاحتفال بالمناسبات الإسلامية والاتجاه نحو الغرب عموماً.

١٨٣

ولم تحظ هذه الفرقة بانتشار كبير في ربوع المسلمين إذ انحصرت في تركيا ، كما لم تتمكن من البقاء والاستمرار طويلا بعد وفاة مؤسسها فقد تفرق أتباعها بين الأحزاب ولم يبق منها سوى كتابات النورسي التي تم ترجمتها إلى عدة لغات منها اللغة العربية.

وكانت هذه الفرقة ومؤسسها قد لفت أنظار الفرق الأخرى التي كانت ترقب ما يجري للإسلام والمسلمين في تركيا التي كانت مركز الخلافة قبل أتاتورك وكتبت الكثير من الدراسات والبحوث في النورسي وأفكاره.

١٨٤

الكوثرية :

برزت هذه الفرقة على يد الكوثري في القرن الثالث عشر الهجري ، وهي تسير على نهج الأحناف والماتريدية.

وقد دخلت هذه الفرقة في صدام مع فرق أهل السنة الأخرى وطعنت في عقائدها وخاصة فرقة الحنابلة وفرقة الوهابية.

وتتميز فرقة الكوثرية بالميل نحو الصوفية وتعظيم المقامات الخاصة بأهل البيت مما دفع الفرقة الوهابية إلى الصدام بها وإعلان الحرب عليها (١).

وللكوثري الكثير من الرسائل والتعليقات على مصنفات فرق أهل السنة الأخرى منها تعليقات على كتاب الأسماء والصفات للبيهقي ، وعلى كتاب السيف الصقيل (٢).

__________________

١ ـ كان الكوثري قد هاجم أئمة ورموز فرق أهل السنة وطعن فيهم واعتبرهم من المجسمة والمشبهة وشدّد هجومه على كتب الأشاعرة والوهابية واعتبرها كتب وثنية تدعو إلى التجسيم والتشبيه ، ومن جانب آخر فإن فرقة الوهابية اعتبرته من الداعين إلى البدع الشركية والتصوف وتعظيم القبور والقول بجواز التوسل بالأموات. انظر مقالات الكوثري وتعليقه على كتاب البيهقي.

٢ ـ أشرنا إلى هذا الكتاب في الفصل الخاص بفرقة ابن تيمية.

١٨٥

وله تأنيب الخطيب على ما ساقه في ترجمة أبي حنيفة من الأكاذيب (١).

والاستبصار في التحدث عن الجبر والاختيار.

وله الكثير من المقالات جمعت في كتاب باسم : مقالات الكوثري.

وكان محيط نشاط الكوثري القاهرة ، وبرز له أتباع في محيط الشام (٢).

__________________

١ ـ أي في كتاب تاريخ بغداد.

٢ ـ على رأس أتباع الشام عبدالفتاح أبو غدة ، صاحب عدة مصنفات ، سار فيها على نهج أستاذه الكوثري ، وأعلنت عليه الحرب من قبل الفرق الوهابية المعاصرة. انظر براءة أهل السنة من الوقعية في علماء الأمة ط القاهرة.

١٨٦

أنصار السنة :

قامت هذه الفرقة في مصر على يد أحد عناصر الفرقة الأزهرية في عام ١٩٢٦ م وهو الشيخ محمد حامد الفقي.

وقد تبنت هذه الفرقة نهج الفرقة الوهابية وأفكارها ، وعملت على نشر هذه الأفكار من خلال المساجد التابعة لها ودخلت في صراع مع الفرق الصوفية والفرق الأخرى المخالفة لها.

ونظراً لالتزام هذه الفرقة بالنهج الوهابي فقد ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالمؤسسة الوهابية ورموزها وقد ساعدها هذا الارتباط ووفر لها الإمكانيات التي أهلتها لتثبيت أقدامها على الساحة المصرية والانتشار في البقاع المجاورة لها مثل السودان وارتيريا وليبريا.

وتتلخص عقيدة هذه الفرقة فيما يلي :

ـ الدعوة إلى التوحيد الخالص.

ـ مجانبة البدع ومحدثات الأمور.

ـ الدعوة إلى إقامة المجتمع المسلم.

ـ الدعوة إلى تجديد الدين على هدي السلف وأئمة السنة.

ـ مقاومة الفرق الأخرى خاصة الصوفية وتحذير المسلمين منها.

ـ العمل على توحيد المسلمين تحت عقيدة واحدة على أساس

١٨٧

المنهج السلفي.

وهذه الأهداف ذات الأبعاد الحركية والسياسية هي ما دفعت الحكومة إلى تصفيتها وضمها إلى فرقة الجمعية الشرعية في أواخر العصر الناصري ولم تتمكن من الانشقاق عنها إلاّ في عصر السادات الذي فتح علاقات واسعة مع السعودية ، كما أن هذه الأهداف جذبت شباب الفرق الأخرى الذين كانوا في طور النشأة الفكرية قبل أن يتميزوا عنها في فرق مستقلة تتبنى أساليب مختلفة في مواجهة الواقع غير أنها تتبنى نفس عقيدة أنصار السنة التي هي امتداد للعقيدة الوهابية.

ومثلما اتخذت الفرقة الوهابية من ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب رموزاً لها ومراجع يستمدون منهم الأحكام والأفكار ، اتخذت أنصار السنة هؤلاء الثلاثة رموزاً لها بالإضافة إلى فقهاء الوهابية المعاصرين أمثال ابن باز وابن عثيمين والألباني وغيرهم.

وكانت فرقة أنصار السنة تصدر مجلة الهدي النبوي ، ثم أبدلتها إلى مجلة التوحيد التي لا تزال تصدر حتى اليوم وتشن حرباً شعواء على فرق الصوفية والأضرحة والمقامات والموالد ـ أي إحياء المناسبات الخاصة بذكرى أبناء الرسول في مصر ـ باعتبارها من البدع والضلالات ، كما تشن حرباً على العلمانيين والعلمانية والشيعة والمتشيعين وتبارك الخط الوهابي وتؤيد الحكومة في موقفها المعادي للفرق الأخرى.

وكحال فرق أهل السنة دبّ الخلاف بين عناصرها وأدى الأمر إلى إنشقاق بعض العناصر ليكونوا لأنفسهم فرقة مستقلة تحت اسم : دعوة الحق.

١٨٨

وأصدرت مجلة تنطق بلسانها هي مجلة الهدي النبوي.

وليس هناك من فروق تذكر بين الفرقتين ، فكل منهما يحمل عقائد وتصورات الآخر ويسير على درب الوهابية.

ومن بين رموز هذه الفرقة عبد الرزاق عفيفي وهو أحد عناصر فرقة الأزهرية ، وعبد الرحمن الوكيل وكان من عناصر فرقة الأزهرية أيضاً.

ومحمد علي عبد الرحيم أحد رجال التعليم وكان له دور بارز في تعبئة الشباب المسلم بالأفكار الوهابية في الجامعات في بداية السبعينيات وقبل بروز الفرق السلفية والجهادية والتكفير.

وهذه الرموز الثلاثة تربّت في أحضان فرقة الوهابية بجزيرة العرب (١).

__________________

١ ـ لهذه الرموز الثلاثة إصدارات هجومية على فر ق الصوفية والشيعة والأزهرية والإخوان والتكفير بالإضافة إلى مقالاتهم الدائمة في مجلة التوحيد ، وعفيفي والوكيل وعبدالرحيم الثلاثة عملوا بمجال التدريس بالمعاهد الوهابية بجزيرة العرب.

١٨٩
١٩٠

الصوفية :

أخذ التصوف صوراً وأشكالا مختلفة على مر تاريخ المسلمين غير أنّه لم يترجم على هيئة فرق إلاّ في عصور متأخرة في حدود القرن السادس الهجري.

وفرق الصوفية أكثر من أن تحصى وهي منتشرة في جميع بقاع العالم الإسلامي ، وليس هناك من فروق تميز إحداها عن الأخرى سوى في الأوراد والأذكار التي يرددونها في المناسبات الإسلامية ومناسباتهم الخاصة التي ترتبط بمؤسسيها ، كما أن هذه الفرق جميعها ترتبط بعقيدة أهل السنة.

وفرق الصوفية لم تحظ باعتراف الفرق الوهابية التي تعتبرها خارجة عن الإسلام الصحيح وتتبنى عقائدة شركية.

ومن أشهر الفرق الصوفية المنتشرة في واقع المسلمين اليوم :

الفرقة القادرية أتباع عبد القادر الجيلاني.

الفرقة الرفاعية أتباع أبي العباسي الرفاعي.

الفرقة الشاذلية أتباع أبي الحسن الشاذلي.

الفرقة المولودية أتباع جلال الدين الرومي.

الفرقة النقشبندية أتباع محمد بهاء الدين النقشبندي.

١٩١

الفرقة التيجانية أتباع أحمد التيجاني.

الفرقة الكتانية أتباع أبو الغيص الكتاني.

الفرقة الختمية أتباع محمد عثمان الميرغني.

الفرقة الدسوقية أتباع إبراهيم الدسوقي.

الفرقة البدوية أتباع أحمد البدوي.

الفرقة الأكبرية أتباع محيي الدين بن عربي.

الفرقة السنوسية أتباع محمد بن علي السنوسي.

الفرقة البريلوية أتباع أحمد رضا خان.

وهذه هي فرق التصوف الكبرى ، أما فرق التصوف الصغرى ، فلا يتسع المجال لذكرها ، لكثرتها وتحتوي الساحة المصرية على عدد كبير منها احتوته هيئة حكومية تحمل اسم المجلس الصوفي الأعلى الذي يضم الفرق الصوفية المعترف بها رسمياً ، ويصدر مجلة شهرية تحت اسم : التصوف الإسلامي.

١٩٢

الإخوان المسلمون :

برزت هذه الفرقة على يد حسن البنا عام ١٩٢٨ م في مصر ، ثم انتقلت إلى بقاع أخرى من العالم الإسلامي بحيث أصبحت لا تخلو بقعة من فرقة من فرقهم حتى بلدان العالم الأوروبي.

وتعدّ فرقة الإخوان منبع جميع الفرق التي تبنت نهج الصدام مع الواقع مثل فرق القطبيين والتكفير والجهاد التي سوف نتحدث عنها فيما بعد.

وقد استحوذت فرقة الإخوان على أعداد كبيرة من المسلمين حتى أصبحت أضخم فرق أهل السنة وأكثرها انتشاراً مما مكن لها أن تؤثر في كثير من الإحداث داخل مصر وخارجها.

وكانت فرقة الإخوان قد ارتبطت بكثير من حوادث العنف والاغتيالات داخل مصر وخارجها ، وكان صدامها مع حكم عبد الناصر في فترة الخمسينيات قد أدى إلى ضربها وتصفيتها وحظر نشاطها وظلت في دائرة الحظر حتى اليوم.

إلاّ أن الحظر الذي فرض على فرقة الإخوان في مصر وغيرها لم يحل دون نشاطها في دائرة السرية ، إذ بثت هذه الفرقة خلاياها في جميع مرافق المجتمع ومؤسساته الحيوية وأحزابه السياسية ونقاباته المهنية وساعدها على هذا النشاط الدعم الخارجي والإمكانيات التي بحوزتها ، والتي

١٩٣

تحصّلت عليها من دول النفط أثناء فترة الحصار والمطاردة من قبل عبد الناصر لعناصرها طوال فترة الخمسينيات والستينيات.

وعلى الرغم من كون أطروحة فرقة الإخوان تميل إلى الاعتدال والتسامح في مواجهة الواقع ، وقد كانت الفرقة على وئام مع الحكومات ومع أهل الملل الأخرى من اليهود والمسيحيين ، إلاّ أن التزامها بنهج أهل السنة دفع بها إلى عدم التسامح مع الخصوم والمخالفين من التيارات السياسية والفرق الإسلامية المخالفة.

إن فرق الإخوان المنتشرة على الساحة العالمية لم تستطع أن تتوحد في إطار واحد رغم كونها ذات تصور واحد وتدين لإمام واحد هو حسن البنا ، وقد اشتدت الخلافات بين هذه الفرق وزاد التناحر فيما بينها بعد مصرع المؤسس حسن البنا.

١٩٤

الجماعة الإسلامية :

برزت هذه الفرقة على يد المودودي في باكستان قبل استقلالها عن الهند بسنوات في نفس فترة بروز فرقة الإخوان بمصر.

والمودودي له الكثير من المؤلفات التي ترجمت إلى اللغة العربية ، وأسهمت في بروز الكثير من الفرق في مصر وغيرها حيث تأثّر بهذه المؤلفات كثير من العناصر التي أصبح لها دورها الفاعل في الوسط الإسلامي وعلى رأسهم سيد قطب.

ومن هذه المؤلفات : الجهاد في سبيل الله.

نظرية الإسلام السياسية.

منهاج الانقلاب الإسلامي.

الحضارة الإسلامية ومبادئها.

المصطلحات الأربعة.

وقد حدد المودودي أهداف فرقته فيما يلي :

ـ دعوة أهل الأرض إلى استخلاص الحكم من الطواغيت المستبدة والفجرة الفاسدة وانتزاع الإمامة الفكرية والعلمية من أيديهم وتسليمها للمؤمنين من المسلمين.

ـ تصحيح أفكار المسلمين.

١٩٥

ـ العمل على الاصلاح الاجتماعي.

ـ تربية المسلمين المنتمين لفرقته التربية الإسلامية الصحيحة.

ـ إصلاح الحكم.

وقد ساعدت ظروف باكستان والمناخ الإسلامي الذي سادها وهيمن على الرأي العام فيها بعد انفصالها عن الهند ـ ساعدت فرقة المودودي على النمو والانتشار والتمكن على ساحة الواقع لتصبح القوة الإسلامية الفاعلة على الساحة الباكستانية التي يتودد لها الحكام ويتقربون إليها.

وهناك قواسم مشتركة بين فرقة المودودي وفرقة الإخوان من حيث المبادىء والأفكار والإطار التنظيمي إلاّ أن فرقة الإخوان فشلت في تحقيق أية مكاسب لها على ساحة الواقع في مصر بينما نجحت فرقة المودودى في فرض الإسلام على الحكم في باكستان.

وتتميز فرقة المودودي بكونها تحمل رصيداً فكرياً وسياسياً كبيراً جذب إليها قطاعات المسلمين في كل مكان.

وقد برزت على الساحة المصرية فرقة تسمت باسم فرقة المودودي تلك الفرقة التي برزت على ساحة الجامعة المصرية في أوائل السبعينيات على يد مجموعة من الطلاب ، ثم عملت لفترة تحت لواء فرقة الإخوان ، ثم انشقت عليها وانقسمت إلى ثلاث فرق :

فرقة استمرت تحت لواء الإخوان.

وفرقة انتمت إلى السلفيين.

وفرقة رفعت لواء الجهاد.

١٩٦

والفرقة الأخيرة التي سادت صعيد مصر هي التي ارتبطت بكثير من الأحداث التي وقعت على الساحة المصرية في فترة الثمانينيات بداية باغتيال السادات وحتى قتل السياح ورجال الأمن.

إلاّ أن هذه الفرقة لم تسلك نهج المودودي ولم تكن تحمل من فرقته سوى الاسم إذ أنها ارتبطت بنهج السلف وعقائد أهل السنة دون أن تخالط الواقع وتستثمره ودون أن تتحرر من عقل الماضي مما أدى إلى اصطدامها بالواقع بقوة وفشلها في تحقيق أهدافها واستئصالها من قبل الحكومة.

وقد حددت الفرقة المصرية هدفها من خلال منشور أصدرته يحوى تسع نقاط وهو تعبيد الناس لربهم وإقامة خلافة على نهج النبوة وحددت فيه أيضاً أن عقيدتها هي عقيدة السلف الصالح جملة وتفصيلا ، وأن الطريق لتحقيق هدفها هو الدعوة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله من خلال جماعة منضبطة حركتها بالشرع الحنيف وولاؤها لله ورسوله والمؤمنين وعداؤها للظالمين.

وكانت هذه الفرقة قد اتخذت من أحد العناصر المنشقة على فرقة الأزهريين أباً روحياً لها وهو الدكتور عمر عبد الرحمن الذي قام بتصنيف كتاب لها تحت عنوان : أحوال الحكام ، وهو كتاب يصنف حكام العصر على ضوء عقائد أهل السنة ويبرر الخروج عليهم.

ومن كثرة الصدامات بين هذه الفرقة ورجال الأمن والمسيحيين وعناصر الفرق الأخرى وعلى رأسها عناصر فرقة الإخوان ، أصبحت مصدر قلق وإزعاج كبير للفرق الأخرى وللكتاب والصحفيين

١٩٧

والسياسيين ، وتعدّ هذه الفرقة السبب المباشر في استمرار قانون الطوارىء الذي يطوق جميع الفرق على الساحة المصرية حتى بعد القضاء على هذه الفرقة (١).

__________________

١ ـ انظر لنا كتاب الحركة الإسلامية في مصر.

١٩٨

حزب التحرير :

قام بتأسيس هذه الفرقة الشيخ تقي الدين النبهاني بعد مصرع حسن البنا ، وذلك في مدينة القدس ، وقد حاول رجال فرقة الإخوان إثناء الشيخ تقي الدين عن عزمه تأسيس فرقة جديدة تنازع فرقة الإخوان إلاّ أنهم لم ينجحوا في ذلك.

وهذه الفرقة تلتزم بنهج فرقة الأحناف ، وتقيم تصوّراتها الفقهية على أساس مذهبها ومنذ بروزها على ساحة الواقع وهي تعلن الحرب على الفرق المخالفة وتعمل على تشويهها وتسخر منها.

ويقوم نهج هذه الفرقة وتصوراتها على ما يلي :

ـ تبني الصدع بالفكر في مواجهة الواقع.

ـ تثقيف عناصر الفرقة بالثقافة الإسلامية تثقيفاً مركزياً.

ـ التفاعل مع المجتمع بالعمل الثقافي والسياسي.

ـ العمل على تسلّم الحكم عن طريق الأمة بطريق الانقلاب العسكري وطلب النصرة من أصحاب السلطة والنفوذ عن طريق إقناعهم بأفكار الفرقة دون التزامهم بها ، فإن المهم في منظور هذه الفرقة هو أن يقتنع حاكم أو زعيم قبيلة أو سفير أو زعيم حزب بأفكار الفرقة ويساعدها على تسلم الحكم.

١٩٩

ومنذ ظهور هذه الفرقة وحتى اليوم لم تتمكّن من تحقيق أهدافها ولا نشر أفكارها بشكل واسع بين المسلمين كما هو حال فرقة الإخوان.

وقد تلقت الضربات تلو الضربات وأصبحت من الفرق المحظورة المطاردة من قبل الحكومات مما دفع بها إلى الاتجاه لأوربا ومحاولة نشر أفكارها هناك ، وقد أثارت الفرق الأخرى الكثير من الشبهات حول فرقة حزب التحرير وارتباطها بجهات أجنبية ، ومنبع هذه الشبهات يعود إلى أفكار هذه الفرقة وتصوراتها ومواقفها وممارساتها التي تتجاوز حدود الأخلاق والآداب والثوابت الشرعية التي هي محل إجماع الفرق الأخرى.

ومن الأمور التي أخذتها الفرق الأخرى على فرقة حزب التحرير وفتحت الباب لإثارة الشبهات من حولها :

ـ التهاون في أمر الصلوات.

ـ القول بإباحة الدخان.

ـ إباحة تقبيل المرأة الأجنبية.

ـ جواز تولي المرأة القضاء.

ـ رفض حديث الآحاد.

ـ تفلت عناصرها وعدم انضباطهم بالهيئة الإسلامية.

ومثل هذه الأمور وغيرها هي التى دفعت بكثير من المسلمين إلى نبذ هذه الفرقة والتشكيك فيها ، وهي نفس الأمور التي أدت بهذه الفرقة إلى خسارة الكثير من القواعد في مختلف بلدان المسلمين وحصرتها في النهاية في دائرة ضيقة لتصبح أقل فرق أهل السنة شأناً وحجماً.

٢٠٠