فرق أهل السنّة

صالح الورداني

فرق أهل السنّة

المؤلف:

صالح الورداني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ليلى
الطبعة: ٢
ISBN: 964-319-433-7
الصفحات: ٣١١

فرقة النسائي :

وتنسب إلى أحمد بن شعيب النسائي صاحب السنن ، زكاه كثير من الفقهاء غير أنهم تحفّظوا تجاهه فيما يتعلق بمواقفه من بعض الروايات الخاصة بفضائل الصحابة ، وقد اتهم بالميل نحو التشيع لآل البيت ( عليهم السلام ) (١).

وكان النسائي قد طاف كثير من البلاد ، ثم استقر بمصر ليصبح أمام الحديث فيها.

قال ابن العماد نقلا عن الحاكم : النسائي أفقه مشايخ مصر في عصره وأعرفهم بالصحيح والسقيم من الآثار وأعرفهم بالرجال (٢).

وقال الذهبي : هو أحفظ من مسلم (٣).

وروى أن النسائي خرج من مصر إلى دمشق في آخر عمره ، فسئل بها عن معاوية وما جاء من فضائله؟

فقال : ألا يرضى رأساً برأس حتى يفضل؟

__________________

١ ـ انظر تذكرة الحفاظ ج ٢ ترجمة رقم ٧١٩. وانظر شذرات الذهب ج ٢ أخبار عام ٣٠٣ هـ ، وانظر وفيات الأعيان. وانظر اختصار علوم الحديث.

٢ ـ شذرات الذهب.

٣ ـ المرجع السابق.

١٦١

فما زالوا يدافعون في خصييه حتى أخرج من المسجد ، ثم حمل إلى مكة ، فتوفى بها (١).

وسبب هذه الحادثة أن النسائي صنف كتاباً في خصائص الإمام علي ، فأنكر عليه القوم ذلك بتركه تصنيف فضائل الشيخين (٢).

وهناك الكثير من فرق الرواة الأخرى التي لم تحظ بالشهرة الكافية والتقدير الكافي من أهل السنة.

وعلى رأس هذه الفرق فرقة ابن ماجة القزويني التي عدّها البعض سادس فرق الرواة بينما قدّم عليها البعض فرقة الدارمي.

قال النووي : الصواب أنه لم يفت الخمسة ـ البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ـ إلاّ اليسير (٣).

وقال ابن خلدون : وهذه هي المسانيد المشهورة في الملة ، وهي أمهات كتب الحديث في السنة ، وإنها إن تعددت ترجع إلى هذه في الأغلب (٤).

وبالإضافة إلى فرقة ابن ماجة والدارمي هناك فرق الطبراني

__________________

١ ـ انظر المراجع السابقة. وهناك روايات اخرى حول هذه الحادثة ، منها أنه قيل له ألا تخرج فضائل معاوية؟ فقال : أي شيء أخرج؟ حديث اللهم لا تشبع بطنه. فسكت السائل .. والحديث المذكور رواه مسلم بلفظ مختلف ، توفي النسائي عام ٣٠٣ هـ.

٢ ـ كان ردّ النسائي على هذا الاتهام هو قوله : دخلت دمشق والمنحرف عن علي بها كثير فصنفت كتاب الخصائص رجوت أن يهديهم الله. انظر المراجع السابقة.

٣ ـ انظر التقريب والتيسير في مختصر الارشاد.

٤ ـ انظر المقدمة.

١٦٢

والدارقطني وابن حبان وابن خزيمة والبيهقي وابن أبي عاصم والحاكم (١).

__________________

١ ـ ابن ماجة هو أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني ت ٢٧٣ هـ.

والدرامي هو أبو محمد عبد الله عبد الرحمن ابن الفضل التميمي السمرقندي ت ٢٥٥ هـ.

والطبراني هو أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الشامي الطبراني ت ٣٦٠ هـ.

والدارقطني هو أبو الحسن على بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي ت ٣٨٥ هـ.

وابن حبان هو محمد بن حبان بن أحمد بن معاذ اليمني البستي ت ٣٥٤ هـ.

وابن خزيمة هو أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري ت ٣١١ هـ.

والبيهقي هو أبو بكر أحمد بن الحسن بن علي بن موسى الخسروجردي ت ٤٥٨ هـ.

وابن أبي عاصم هو أبو بكر أحمد بن عمرو بن النبيل أبي عاصم الشيباني قاضي أصبهان ت ٢٨٧ هـ.

والحاكم هو محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري صاحب المستدرك على البخاري ومسلم ت ٣٧٨ هـ.

انظر تذكرة الحفاظ. هذا بالإضافة إلى فرقة أبي عوانة ت٣١٦ هـ ، والخوارزمي ت٤٣٥ هـ ، وأبي يعلى ت٣٠٧ هـ ، وابن أبي شيبة ت٢٣٥ هـ ، والحميدي ت٢١٩ هـ ، وغيرهم كثير.

١٦٣
١٦٤

فرق الحاضر

١٦٥
١٦٦

كان واقع المسلمين يعيش حالة من الاستقرار الفكري والحركي قبل ظهور الفرقة الوهابية حيث كانت تسوده الفرق التقليدية المعتدلة من المالكية والأحناف والشافعية والأشاعرة والماتريدية ، ولم يكن لفرقة الحنابلة وجود يذكر.

غير أن ظهور الفرقة الوهابية أحيا الفرقة الحنبلية وفرقة ابن تيمية في آن واحد.

من هنا وجد المسلمون أنفسهم في مواجهة ثلاث فرق خطرة متطرفة زرعت بذور الشقاق والتخلّف بينهم.

إن المتتبع لحالة الفرقة والتعددية والخلاف والشقاق والتطرف السائد في واقع أهل السنة يجد أنها نبعت من الفرقة الوهابية أو تأثرت بها ولا يستثنى من ذلك إلاّ الفرق الصوفية وفرقة الأزاهرة على ما سوف نبين.

والفرق التي سوف نعرض في هذا الباب هي الفرق الكبرى البارزة في واقع أهل السنة اليوم ، والتي ارتبطت بالواقع والأحداث وسلطت عليها الأضواء مستثنين الفرق الصغيرة التي تولدت منها ، والتي يصعب حصرها لقلة أهميتها وتأثيرها.

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو :

كيف استطاعت الفرقة الوهابية أن تلعب هذا الدور المفسد في واقع

١٦٧

المسلمين ، وتبذر بذورها في كل مكان من أنحاء العالم الإسلامي وتوجد هذه الفرق التي شوهت الإسلام وعانى منها المسلمون؟

والإجابة أن الفرقة الوهابية ظلت محصورة في محيط الجزيرة العربية لا تستطيع أن تتجاوزها حتى تفجر النفط وكثر المال فيها عندئذ توافرت الإمكانيات التي استطاعت الوهابية من خلالها أن تخترق المؤسسات الإسلامية وتستقطب رموز المسلمين في شتى بقاع العالم الإسلامي.

ولولا النفط لما استطاعت الوهابية أن تلعب هذا الدور ، ولكان من الممكن أن تكون في ذمة التاريخ.

من خلال الفرقة الوهابية برزت فرقة أنصار السنة وفرقة الجهاد وفرقة القطبيون والجماعة الإسلامية في مصر.

وفرقة أهل الحديث وجند الصحابة والتبليغ والدعوة في الهند وباكستان وفرقة طالبان في أفغانستان.

والفرق السلفية التي انتشرت في كل مكان من بقاع العالم الإسلامي.

والفرق الجهادية التي تهدد أمن وسلامة المسلمين في كل مكان.

ومن أشهر رموز الوهابية المعاصرين ابن باز وابن عثيمين وابن سبيل وابن فوزان وأبو بكر الجزائري وغيرهم.

وهذه الرموز جميعها من الجزيرة العربية ، وقد أصدرت الكثير من الكتابات والفتاوى التي تخدم الفرقة الوهابية.

١٦٨

الوهابية :

برزت الفرقة الوهابية في الجزيرة العربية على يد محمد بن عبد الوهاب في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري.

وقد واجهت فرقته مقاومة شديدة من الأمراء والفقهاء والأشراف في جزيرة العرب بسبب الأفكار والمعتقدات الشاذة التي تبنتها ونادت بها إلاّ ان تحالف ابن سعود مع ابن عبد الوهاب ودعمه له مكنه من نشر دعوته وفرضها على المسلمين في جزيرة العرب بقوة السيف.

ولم يأت ابن عبد الوهاب بشيء جديد سوى أنه قام بإحياء أفكار ابن تيمية وبعثها من رقادها وفرضها بنصير هو ابن سعود تلك الفرصة التي لم تتح لابن تيمية الذي لم يجد دعماً ولا نصيراً.

وتتلخّص أفكار محمد بن عبد الوهاب فيما يلي :

ـ إنكار القبور والأضرحة ورفض زيارتها والتوسل بأشخاصها والبناء عليها وكسوتها وإنارتها وشد الرحال إليها.

ـ إنكار البدع كالاحتفال بالمناسبات الإسلامية مثل الاحتفال بالمولد النبوي والتذكير قبل الآذان والصلاة على الرسول بعد الآذان والتلفظ بالنية.

ـ توحيد الأسماء والصفات ، أي إثبات أسماء الله وصفاته من غير تمثيل ولا تكييف.

١٦٩

ـ انكار الفرق الصوفية ومحاربتها.

ـ توحيد العبودية ، أي نبذ النذور والحلف والنحر والاستغاثة حول القبور باعتبارها صورة من صور الشرك في منظوره.

وهذه الأفكار ورثتها الكثير من الفرق التي ظهرت بعد الفرقة الوهابية تحت تأثير البقعة المباركة أرض الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وتأثير المد النفطي كما ذكرنا ، وورثت عنها أيضاً هذه الفرق التطرف والغلو والتعصب واستباحة المخالفين من المسلمين.

١٧٠

فرقة الإخوان :

عندما اتجه عبد العزيز آل سعود نحو تحديث الدولة والحكم اصطدمت به مجموعات من القبائل الوهابية أطلق عليها قبائل الإخوان.

وكان الإخوان شديدي التعصب لنهج سلفهم من الوهابيين ، واعتبروا حركة عبد العزيز نحو التحديث من عمل الشيطان فرفضوا استخدام الهواتف والسيارات.

ومما زاد الطين بلة في نظر هذه الفرقة هو إرسال عبد العزيز ولده سعود ليدرس في بلاد الشرك ( مصر ) ، أي بلاد الأضرحة والقبور التي تعدّ أوثاناً في نظر الوهابيين ، وكان أن أعلنت هذه الفرقة انشقاقها عن الفرقة الوهابية الأم الخاضعة للحكم ودخلت في مواجهة مع آل سعود انتهت بالقضاء عليها ليعلن عبد العزيز آل سعود قيام الدولة السعودية الثانية عام ١٩٣٢ م (١).

وتتركز أفكار هذه الفرقة فيما يلي :

__________________

١ ـ الدولة السعودية الأولى هي التي أسقطها محمد علي حين غزا الحجاز لضرب الوهابيين بتوجيه من الخليفة العثماني ، ويذكر أن عبدالعزيز آل سعود تخلّص من الإخوان بدعم من البريطانيين. انظر تاريخ آل سعود لناصر السعيد. وانظر لنا فقهاء النفط والخطر الوهابي. وانظر تاريخ الوهابيين أيوب صبري.

١٧١

ـ الالتزام بنهج السلف من الحنابلة وابن تيمية وابن عبد الوهاب.

ـ تحريم التصوير والصحف ووسائل العصر والسفر إلى بلاد المشركين.

ـ قمع المبتدعين الضالين من الفرق الأخرى.

ولم تبرز من خلال هذه الفرقة نتاجات عقائدية أو فكرية ، كما لم تفرز رموزاً في ميدان الفقه والعقيدة تناطح بها الرموز الوهابية الأخرى.

١٧٢

أهل الحديث :

وتعدّ هذه الفرقة من أقدم الفرق السلفية التي ظهرت في شبه القارة الهندية ، وكان أول بروز لها في عام ١٩٠٦ م حيث تم تشكيل الفرقة برئاسة عبد الله الغازيفوري ومعه الشيخ أبي الوفاثناء الله.

وتقوم عقيدة هذه الفرقة على ما يلي :

ـ التوحيد.

ـ الاتباع.

ـ تقديم النقل على العقل.

ـ التزكية الشرعية.

ـ التحذير من البدع والأحاديث الضعيفة والموضوعة.

ـ الجهاد في سبيل الله.

ـ تطبيق النظام الشرعي.

ـ محاربة الفرق الضالة المنحرفة.

وتتركز هذه الفرقة في شبه القارة الهندية في الهند وباكستان وبنغلادش ونيبال وكشمير وسيرلانكا وجزر فيجي وفي انجلترا.

وتتلخص دعوة هذه الفرقة في العمل على تصفية الإسلام من البدع والانحرافات ودعوة الناس إلى اتباع منهج السلف والالتزام بطريقة الفقهاء

١٧٣

والمحدثين في المسائل الفقهية من اتباع الدليل ونبذ التعصب المذهبي.

وهذه الفرقة تعد امتداداً للفرقة الوهابية حيث تقدس رموزها بداية بابن حنبل حتى محمد بن عبد الوهاب وابن باز.

ولهذه الفرقة دور بارز في مقاومة الإنجليز والسيخ في الهند كما أن لرموزها دور بارز في ميدان التأليف في الأحاديث والرد على الفرق المخالفة وبيان السنة وشروحاتها والدفاع عن عقيدة أهل السنة.

١٧٤

التبليغ والدعوة :

وهي فرقة برزت في الهند على يد الشيخ محمد إلياس بهدف تبليغ الإسلام إلى الناس وقد انتشرت في بقاع كثيرة من العالم الإسلامي واستقطبت إلى صفوفها الكثير من المسلمين من مختلف الطبقات والمستويات.

وهذه الفرقة ليس لها عقائد محددة أو تصورات خاصة أو أهداف سياسية كما هو حال بعض الفرق الأخرى ، ومحور تصورها يدور حول عقائد أهل السنة ونصوصهم التي تقوم بالتبليغ بها والدعوة إليها عن طريق الخروج إلى البلاد لوعظ وإرشاد الناس.

وقد قصرت هذه الفرقة نشاطها في محيط عوام المسلمين ، فهي لا تملك من الرصيد الثقافي أو الفكري شيئاً لكونها فرقة بسيطة في أفكارها وفي دعوتها ولا تخوض في الأمور الجدلية التي تحتاج إلى جهد عقلي وتؤدي إلى خلاف فكري فمن ثم هي تتجنب المثقفين وأهل الفكر ونظراً لكون هذه الفرقة لا صلة لها بالسياسة وتدعو المسلمين إلى نبذ التيارات الفكرية والفرق الإسلامية ذات التوجه السياسي وتبني أفكارهم البسيطة التي تتلخص في الخروج والسياحة في الأرض من أجل دعوة الناس إلى الالتزام بالصلاة وآداب الإسلام والتطوع بالخروج في سبيل الله على حد

١٧٥

تعبيرها ، نظراً لهذا كله فإن الحكومات أفسحت لها الطريق ولم تضيق عليها كما فعلت مع الفرق الأخرى ذات التوجه المتطرف ، ولعل هذا ما دفع بالفرق الأخرى إلى إثارة الشبهات من حولها والتشكيك في دورها وأهميتها :

ويمكن تحديد أفكار هذه الفرقة ومعتقداتها التي حددها المؤسس فيما يلي :

ـ الكلمة الطيبة ( الشهادتين ).

ـ العلم والذكر.

ـ تصحيح النية.

ـ الإخلاص.

ـ الخروج في سبيل الله والدعوة إلى الله ( وفق منهج الفرقة ).

ـ إقامة الصلاة.

ـ إكرام المسلمين.

والطابع العام الذي يحكم هذه الفرقة هو الطابع الصوفي ، وهو الطابع السائد في بلاد الهند التي نشأت فيها هذه الفرقة وذلك الطابع الذي يبرز بوضوح من خلال مواقفها السلبية تجاه شتى القضايا والأحداث التي تجري من حولها ، فهي فرقة لا تتدخل في السياسة فقط ، بل تنتقد وتهاجم من يتدخل في السياسة وتعتبر بأن السياسة هي أن تترك السياسة.

ولعل هذا الأمر هو السبب المباشر في خلافها مع فرقة الجماعة الإسلامية بقيادة المودودي والتي ترى وجوب خوض غمار السياسة

١٧٦

ومقاومة أعداء الإسلام في القارة الهندية.

وفرقة التبليغ ليست محل ترحاب من قبل الفرق الوهابية خاصة في الجزيرة العربية ، حيث يعتبروا في منظورها من القبوريين أي عشاق الزيارات للمقامات والأضرحة وإحياء المناسبات الخاصة بالأولياء والصالحين ، وهو ما يعتبر من البدع والضلالات والشرك حسب تصور هذه الفرق.

وهي ليست محل ترحاب أيضاً من قبل الفرق الأخرى الجهادية والإخوانية وحزب التحرير وغيرهم ، فهي في منظورها تعد فرقة سلبية لا تثمر شيئاً ولا تتسلح بشيء من العلم والوعي والخبرة.

١٧٧
١٧٨

الجمعية الشرعية :

برزت هذه الفرقة على الساحة المصرية قبل فرقة أنصار السنة بسنوات ، وقد رفعت منذ بداية ظهورها شعاراً يقول : الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية.

وهذه الفرقة يتركز نشاطها حول العبادات والأمور الأخلاقية وتفر من السياسة وأهلها ، وقد قام بتأسيسها الشيخ محمود خطاب السبكي ، وظل على رأسها إلى أن توفي ليخلفه ولده أمين من بعده ثم ولده يوسف إلى أن انقرضت عائلته.

وتلتزم هذه الفرقة بعقيدة أهل السنة السلفية كما تميل إلى فرقة الشافعية ولا تتعاطف مع الوهابيين ، فمن ثم دخلت منذ ظهورها وحتى اليوم في صراع مع فرقة أنصار السنة بسبب بعض القضايا التى تتعلق بصفات الله سبحانه.

وتعد فرقة الجمعية الشرعية أكثر الفرق انتشاراً في الأوساط الشعبية في مصر ، كما تملك العديد من المساجد التي تفوق مساجد الحكومة في مختلف محافظات مصر ، إلاّ أنّها لم تلق تعاطفاً من الفرق الأخرى التي دخلت في صدام مع الحكومة ، كما لاقت فرقة أنصار السنة.

وكان الشيخ السبكي مؤسس هذه الفرقة قد ألف كتاباً تحت عنوان :

١٧٩

الدين الخالص. اعتبرته الفرقة دستورها ، كما أصدرت جريدة تنطق بلسانها تحـت اسم : منبر الجمعية.

وقد انتمى إلى صفوف هذه الفرقة الكثير من رجال الفرقة الأزهرية الذين ظلوا يعملون في دائرة الفرقتين ، وعلى رأس هؤلاء كان الشيخ أحمد عيسى عاشور صاحب مجلة الاعتصام التي ربطها بفرقة الجمعية الشرعية لتصبح الناطقة بلسانها حتى وفاته.

وقامت مجلة الاعتصام في فترة السبعينيات بشن حرب شعواء على الحكومة والعلمانيين والكتاب والصحفيين والمسيحيين والفرق المخالفة حتى ضاقت بها الحكومة ، فقررت مصادرتها مع قرارات التحفظ عام ١٩٨١ م واعتقال القائمين عليها ، ثم عادت إلى الصدور في فترة الثمانينيات وتوقفت في أواخرها بعد وفاة مؤسسها الشيخ عاشور.

ولقد ظلت هذه الفرقة تلعب دورها على الساحة المصرية دون أن تعترض الحكومة طريقها مما دفع ببعض الفرق الأخرى المناهضة للحكومة إلى محاولة اختراقها واستثمار مساجدها الكثيرة في نشر أفكارها ومعتقداتها.

وعلى رأس هذه الفرقة فرقة الإخوان وفرقة الجماعة الإسلامية التي تمكنت من السيطرة بعض الوقت على مسجد الجمعية في مدينة أسيوط بصعيد مصر مما دفع بالحكومة إلى مصادرة المسجد وضمه إلى وزارة الأوقاف.

والفرقة اليوم قد دب في وسطها الخلاف بين المجددين الذين يسعون

١٨٠