فرق أهل السنّة

صالح الورداني

فرق أهل السنّة

المؤلف:

صالح الورداني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ليلى
الطبعة: ٢
ISBN: 964-319-433-7
الصفحات: ٣١١

الظاهرية :

لم يسترح داود بن علي الأصبهاني لفكرة الاجماع والقياس وسائر مصادر الفقة التي ابتدعها الشافعي الذي كان من أشد المتعصبين له والسائرين على نهجه فأعلن الخروج على فرقة الشافعية محدداً المصادر الشرعية في النصوص من الكتاب والسنة فقط رافضاً الاجتهاد والتقليد معتبراً أن حق المسلمين فهم الدين والتحدث بلسانه ما داموا يفهمون اللغة العربية.

من هنا أطلق على هذه الفرقة اسم الظاهرية لكونهم يأخذون بظاهر النصوص ، وشنّت عليهم حرباً شعواء من فرقة الشافعية والفرق الأخرى التي اتهمتهم بالجهل وحرّضت عليهم الحكام كي لا يمنحوهم مناصب القضاء.

إلاّ أنه رغم هذا كله استطاعت الفرقة الظاهرية أن تثبت أقدامها في ساحة الفرق وتنتشر في أوساط المسلمين وتصبح منافساً قوياً للفرق الأخرى في عصرها.

وقد تمكنت الفرقة الظاهرية من الوصول إلى الأندلس حيث تلقفها هناك ابن حزم ، وقوبلت الأفكار الظاهرية بمواجهة شديدة من قبل الفرقة

١٤١

المالكية التي كانت سائدة في الأندلس آنذاك.

وقام ابن حزم بدور كبير في نشر الأفكار الظاهرية في الأندلس ولاقى مقاومة شديدة من فقهاء المالكية واستمر على نهجه الظاهري حتى أصبح من رموز الفرقة الظاهرية ، وصنف الكثير من الكتب في هذا المجال ومجالات أخرى أدبية وفلسفية وعقائدية.

وكان من أمر خصومه أن سعوا لدى المعتضد حاكم أشبيلية ، فصادر كتب ابن حزم وأحرقها علانية.

وما يمكن قوله حول فرقة الظاهرية أنها لم تستمر طويلا ولم تلق دعماً من أحد كما هو حال فرق أهل السنة السابق ذكرها فكتب عليها الاندثار لتصبح في ذمة التاريخ كما هو حال المرجئة والجبرية والقدرية وغيرها من الفرق التي تخلّى عنها الحكام وأصحاب النفوذ.

إلاّ أن تبني ابن حزم لفرقة الظاهرية قد ساعد على نشرها في بلاد الأندلس حيث أن نشاطه ومصنفاته الكثيرة قد أحرج بها خصومه وفرض الظاهرية على ساحة الواقع.

خلاصة أفكار ابن حزم :

ـ لم يرتّب القرآن أحد إلاّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كما هو عن الله تعالى (١).

ـ زيادة القبور فرض.

__________________

١ ـ هذا القول يناقض أقوال فرق السنة الأخرى وما عليه الإجماع عند أهل السنة من أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مات وترك القرآن غير مجموع. وقول ابن حزم هذا تقول به الشيعة. انظر باب فضل القرآن في البخاري. وانظر لنا دفاع عن القرآن ضد الفقهاء والمحدّثين.

١٤٢

ـ اللهو مباح.

ـ لا يجرى عمل في الدين إلاّ بسنة (١).

ـ لم يكن لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وصي قط ، لا علي ولا غيره (٢).

ـ لا يكره تقبيل اليد والرجل من السلطان.

ـ لعن الكافر قربة إلى الله ، وكذلك السارق ، ولا يحل لعن شارب الخمر ، ولكن يدعى له بالتوبة.

ـ الجهاد أفضل الاعمال بعد الفرائض.

ـ لا يرد على أهل الذمة ـ السلام ـ إلاّ "وعليك".

ـ المقتتلان لغرض الدنيا في النار.

ـ الإسراء بالرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بجسده وروحه.

ـ أهل التأويل وأهل الجهل ليسوا كفاراً (٣).

__________________

١ ـ هذا القول يبيّن وجهة ابن حزم التي تأخذ بظاهر النص والتعصب للروايات وعدم الاجتهاد.

٢ ـ هذا الكلام موجّه إلى الشيعة الذين يقولون بأن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أوصى لعلي بالإمامة من بعده. وهو موجه إلى أهل السنة أيضاً الذين يقولون بأن الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أوصى لأبي بكر بالخلافة من بعده.

٣ ـ يرد ابن حزم هنا على فرق أهل السنة الأخرى التي تقول بكفر من خالفهم في الاعتقاد وكفر تارك الصلاة وكفر المعتزلة والجهمية والشيعة الذين يتبنّون نهج التأويل في مواجهة صفات الله الواردة في القرآن ، وتبنى هذا النهج يعني رفض الروايات الواردة في كتب السنن حول صفات الله أو التشكيك فيها وتأويلها إذ أن هذه الروايات قادت فرق أهل السنة إلى القول بأن صفات الله حقيقة لا مجازاً كما يقول أهل التأويل.

١٤٣

ـ القرآن ليس مخلوقاً.

ـ بقاء الجنة والنار.

ـ عذاب القبر حقيقة.

١٤٤

ابن تيمية :

كان ابن تيمية من اتباع الفرقة الحنبلية ، ثم برز ببعض الأفكار الشاذّة التي ألّبت عليه الفرق الأخرى ودفعت بالحنابلة إلى التبرأ منه.

وقد عاصر ابن تيمية فترة الحكم المملوكي في مصر والشام ، وذلك في النصف الثاني من القرن السادس الهجري إلى النصف الأول من القرن السابع.

وشغل ابن تيمية وفرقته بخصومهم من الفرق الأخرى ، واشتعلت الحرب بينهم وقام فقهاء الفرق الأخرى ـ خاصة رموز الفرق الصوفية التي كان يركز العداء عليها ابن تيمية وفرقته ـ بتحريض حكام المماليك عليه فقبض عليه وحوكم من قبل الفقهاء وحبس حتى مات في الحبس.

وحاول تلميذ ابن تيمية ابن القيم الجوزية ومعه ابن كثير الدمشقي إحياء أفكار ابن تيمية وفرقته بعد موته فقبض عليهما.

أما أفكار ابن تيمية التي أثارت الفرق الأخرى عليه وأدت إلى محاكمته وحبسه فهي :

ـ القول بالتجسيم.

ـ القول بنفي المجاز في اللغة والدين.

ـ رفض المنطق والفلسفة وعلم الكلام.

١٤٥

ـ الطعن في الخصوم وتشويههم.

ـ مقاومة الفرق الصوفية والأشاعرة والمعتزلة والشيعة.

ـ تحريم شد الرحال إلى مسجد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ).

ـ القول بفناء النار.

ولم يكتب لفرقة ابن تيمية وأفكاره البقاء والاستمرار والانتشار لا في حياته ولا بعد موته حتى جاءت الفرقة الوهابية ، فبعثتها من جديد ولقّبت ابن تيمية بلقب لم يحصل عليه في عصره وهو لقب شيخ الإسلام.

وقد سار على نهج ابن تيمية من بعده تلميذه ابن القيم الجوزية الذي قام بنظم عقائد ابن تيمية في نونيته (١).

وصنّف كثير من المصنفات ، إلاّ أنه في آخر حياته مال إلى الزهد والرقائق وسار على نهجه أيضاً ابن كثير الدمشقي صاحب تفسير القرآن العظيم وكتاب البداية والنهاية في التاريخ (٢).

__________________

١ ـ وهي قصيدة تنتهي أبياتها بحرف النون وقد ردّ عليه السبكي الكبير بكتاب السيف الصقيل في الردّ على ابن زفيل الزرعي المعروف بابن القيم. توفي السبكي عام ٧٥٦ هـ وتوفي ابن القيم ٧٥١ هـ.

٢ ـ توفي ابن كثير عام ٤٧٤ هـ ، وكلاهما نالا من فرق أهل السنة الأخرى ونالوا منهما.

١٤٦

فرق الرواة

١٤٧
١٤٨

مثلما كثرت فرق أهل السنة في مجال الفقة والاعتقاد ، تكاثرت أيضاً في مجال الحديث والروايات حتى أنها غلبت على الفرق الأخرى.

ولقد لعبت السياسية دوراً فاعلا في دعم الفرق وتصفية خصومها من أهل العقل والفكر والرأي وحتى أصحاب الأحاديث والروايات التي لا تخدم الخط السائد.

من هنا أخذت فرق الرواة مكانة كبيرة ودخلت دائرة القداسة وسادت على الفرق الأخرى ، مما دفعها إلى الاعتقاد بحصر الفرقة الناجية في دائرتها (١).

ويلاحظ أن زمن بروز هذه الفرق زمناً واحداً والاختلافات السائدة بينها تكاد تكون خلافات وهمية تدور حول ترتيب الروايات وتبويبها والحكم على رجالها.

هناك فرق شككت في عدد من الرواة وجرحتهم ، وبالتالي رفضت قبول رواياتهم.

وهناك فرق قبلت هؤلاء الرواة وعدلتهم ، وبالتالي اعتمدت رواياتهم.

__________________

١ ـ وهذا ما دفع بكثير من الفرق المعاصرة إلى الاتجاه نحو الرواية والتركيز عليها.

١٤٩

وهناك فرق برزت في مواطن تعصبت لها ودعمتها.

وهناك فرق برزت في مواطن أخرى تعصبت لها ودعمتها (١).

أن هناك ثلاثة عوامل ساهمت في دعم فرق الرواة وانتشارها تمثّلت فيما يلي :

ـ الحكام.

ـ الفقهاء.

ـ المكان.

وهذه العوامل الثلاثة أسهمت في سيادة فرق على حساب فرق أخرى ، وعلى رأس هذه الفرق فرقة البخاري وفرقة مسلم.

__________________

١ ـ ركز أهل خراسان على فرقة البخاري وفرقة مسلم ، بينما ركز أهل العراق ومصر والمغرب على فرقة أبي داود.

١٥٠

فرقة البخاري :

وهي تنسب إلى محمد بن إسماعيل البخاري ، وتعد فرقته من أشهر فرق الرواة ، وقد قدّمها الفقهاء على جميع فرق الرواة الأخرى واعتبروا الأحاديث التي جمعها البخاري أصح الأحاديث وكتابه أصح الكتب بعد كتاب الله جل جلاله.

وكان البخاري كثير السفر والتجوّل من أجل جمع الروايات ، فرحل إلى مصر والشام وخراسان والبصرة والحجاز والجزيرة بحثاً عن الحديث والمحدثين (١).

قال ابن حجر : لما رأى البخاري هذه التصانيف ـ أي تصانيف من سبقوه في عالم الرواية كابن حنبل وإسحاق بن راهويه وعثمان بن أبي شيبة ـ ورواها وانتشق رياها واستجلى محياها وجدها بحسب الوضع جامعة بين ما يدخل تحت التصحيح والتحسين والكثير منها يشمله التضعيف فلا يقال لغثة ثمين ، فحرك همته لجمع الحديث الصحيح الذي لا يرتاب فيه أمين ، وقوى عزمه على ذلك ما سمعه من أستاذه اسحاق بن راهويه (٢).

__________________

١ ـ انظر وفيات الأعيان لابن خلكان ج ٣ / ٣٣١ ، وانظر تذكرة الحفاظ للذهبي ج ١.

٢ ـ أنظر مقدمة فتح الباري شرح البخاري لابن حجر العسقلاني.

١٥١

وروى عن البخاري قوله : رأيت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وكأنني واقف بين يديه وبيدي مروحة أذب بها عنه ، فسألت بعض المعبرين فقال لي : أنت تذب عنه الكذب. فهو الذي حملني على إخراج الجامع الصحيح (١).

وروى عنه قوله : لم أخرج في هذا الكتاب إلاّ صحيحاً ، وما تركت من الصحيح أكثر (٢).

وقد وجهت للبخاري الكثير من الطعون من فرق الرواة الأخرى ورموزها على رأسهم الدارقطني رد عليها أتباع فرقته (٣).

واشتهر البخاري بعدد من الفتاوى الشاذة التي أثارت القوم عليه ، منها فتوى بوقوع التحريم من لبن الحيوان ، أي من رضاع أثنين من لبن شاة أو بقرة سوياً ، فإنه يقع عليهما التحريم إن كانا ذكر وأنثى وسائر أحكام الرضاع (٤).

__________________

١ ـ المرجع السابق.

٢ ـ المرجع السابق.

٣ ـ المرجع السابق. وهذه المقدمة وضعها ابن حجر للدفاع عن البخاري ضد الطعون الموجهة إليه. وانظر شرح القسطلاني على البخاري. ويروى أن البخاري قدم نيسابور عام ٢٥٠ هـ فأقبل عليه الناس ليسمعوه وسئل عن اللفظ بالقرآن فقال : أفعالنا مخلوقة وألفاظنا من أفعالنا. وهو ما يخالف اتجاه الفرق الأخرى من أهل السنة الذين اتهموه بالابتداع ومنعوا عنه الناس وفرّ من نيسابور خوفاً على نفسه. انظر ارشاد الساري ج ٢ / ٢٠٣.

٤ ـ المعروف أن الحرمة بسبب الرضاع تقع حين يتم الرضاع من إمرأة ولا يعقل أن يرتبط التحريم بالبهائم.

١٥٢

ومنها فتوى بعدم وجوب الغسل على من يجامع ولم ينزل (١).

وفتوى بعدم جواز استتار المرأة عن الضيف (٢).

وروى ابن حجر أن البخاري مات ولم يتم كتابه (٣).

وروى عن البخاري قوله : رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام ، ورب حديث سمعته بالشام كتبته بمصر ، فقيل له يا أبا عبد الله ، بكماله؟

فسكت (٤).

__________________

١ ـ انظر الكفاية في شرح الهداية في الفقه الحنبلي.

٢ ـ المرجع السابق. وانظر تذكرة الحفاظ ووفيات الأعيان.

٣ ـ مقدمة فتح الباري.

٤ ـ أنظر تاريخ بغداد للخطيب ج ٢ / ١١ ، وانظر إرشاد الساري ج ٢ / ٢٠١ ، توفي البخاري عام ٢٥٦ هـ.

١٥٣
١٥٤

فرقة مسلم :

وتنسب هذه الفرقة إلى مسلم بن الحجاج القشيري الذي اختلف مع البخاري وسلك سبلا مختلفة عنه في جمع الروايات (١).

وقد عدّ الفقهاء فرقة مسلم في المرتبة الثانية بعد فرقة البخاري ، وقدّمه آخرون على البخاري ، وطعن فيه آخرون (٢).

وقال مسلم عن كتابه الذي صنفه في الحديث : ليس كل شيء صحيح عندي وضعته ههنا ، وإنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه (٣).

وعلّق النووي على قوله هذا في شرحه لكتاب مسلم قائلا : أما قول مسلم فمشكل فقد وضع فيه أحاديث كثيرة مختلفاً في صحتها لكونها من

__________________

١ ـ كان مسلم لا يروي بالمعنى كما هو حال البخاري ، وتجنب نقل أقوال الصحابة وإضافتها إلى الأحاديث المنسوبة إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويبوّب الأحاديث على أساس الأحكام مما يضطره إلى تقطيع الحديث الواحد وتفريقه في عدة أبواب لكونه يحمل عدّة أحكام. وتبنى مسلم الكثير من الأحاديث التي رفضها البخاري على رأسها أحاديث أئمة آل البيت ( عليهم السلام ).

٢ ـ انظر مقدمة المنهاج في شرح مسلم بن الحجاج النووي المعروف بشرح النووي على مسلم. وانظر مقدمة ابن الصلاح. وقد بلغت الأحاديث التي أخذوها على مسلم وانتقد بسببها ( ١٣٢ ) حديثاً. وانتقد من رواته أكثر من مائة راو. انظر كتب الجرح والتعديل.

٣ ـ مقدمة شرح النووي على مسلم.

١٥٥

حديث ممن اختلفوا في صحة حديثه (١).

وصنّف مسلم الكثير من الكتب الأخرى في مجال الحديث وغيره منها :

كتاب أولاد الصحابة.

وكتاب أوهام المحدثين.

وكتاب سؤالات أحمد بن حنبل.

وكتاب العلل.

وكتاب الأسماء والكنى.

وكتاب الانتفاع بإهب السباع (٢).

__________________

١ ـ انظر تذكرة الحفاظ للذهبي ج ٢ ترجمة مسلم بن الحجاج. وقد ضم مسلم في كتابه أربعة آلاف حديث دون المكرر.

٢ ـ انظر مقدمة النووي وتذكرة الحفاظ ، توفي مسلم عام ٢٦١ هـ.

١٥٦

فرقة أبي داود :

وهي فرقة تنسب إلى سليمان بن الأشعث الأزدي المعروف بأبي داود ، وقد قام بجمع الأحاديث التي تركز على الفقه ليتميز على البخاري ومسلم.

قال ابن القيم عن كتاب أبي داود : كتاب السنن لأبي داود من الإسلام بالموضع الذي خصّه الله تعالى به بحيث صار حكماً بين أهل الإسلام ، وفصلا في موارد النزاع والخصام ، فإليه يتحاكم المنصفون ، وبحكمه يرضى المحقون ، فإنه جمع شمل أحاديث الأحكام ورتبها أحسن ترتيب ونظمها أحسن نظام ، مع انتقائها أحسن انتقاء ، وإطراحه منها أحاديث المجروحين الضعفاء (١).

وقال أبو داود : ذكرت في كتابي الصحيح وما يشبهه وما يقاربه ، وما كان فيه وهن شديد بينته (٢).

وقد جمع أبو داود في كتابه أربعة آلاف وثمانمائة حديث (٣).

وقال الخطابي : كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنف في علم

__________________

١ ـ انظر مقدمة سنن أبي داود.

٢ ـ انظر تذكرة الحفاظ ج ٢ ترجمة رقم ٦١٥.

٣ ـ المرجع السابق وانظر مقدمة أبي داود.

١٥٧

الدين كتاب مثله (١).

واعتبر بعض الفقهاء أن أبا داود تفوّق على البخاري ومسلم في تصنيف الحديث (٢).

قال ابن العماد : كان رأساً في الحديث ، رأساً في الفقه (٣).

وقال إبراهيم الحربي : ألين لأبي داود الحديث كما ألين لداود الحديد (٤).

وكان أبو داود قد طاف البلاد بحثاً عن الحديث وكتب عن العراقيين والخراسانيين والشاميين والمصريين والجزريين (٥).

__________________

١ ـ مقدمة أبي داود وانظر تذكرة الحفاظ .. وقال الخطابي أيضاً : هو أحسن وضعاً وأكثر فقهاً من البخاري ومسلم. انظر كتب الجرح والتعديل ووفيات الأعيان لابن خلكان.

٢ ـ انظر المراجع السابقة.

٣ ـ شذرات الذهب في أخبار من ذهب ج ٢ ، أخبار عام ٢٧٥ هـ.

٤ ـ انظر المرجع السابق وما سبقه من المراجع.

٥ ـ المراجع السابقة ، توفي أبي داود عام ٢٧٥ هـ.

١٥٨

فرقة الترمذي :

وهي تنسب إلى محمد بن عيسى الترمذي الذي قام بجمع الأحاديث بطريقة مختلفة عن فرق الرواة الأخرى (١).

ويعدّ الترمذي أول من قام بتقسيم الأحاديث وتصنيفها وابتداع أقسام الحديث الثلاثة صحيح وحسن وضعيف ، وقد كانت الفرق الأخرى تقسم الحديث إلى قسمين فقط هما : صحيح وغير صحيح (٢).

وكان الترمذي قد تتلمذ على يد البخاري ، وقال عنه ابن حبان : كان ممن جمع وصنّف وحفظ وذاكر (٣).

وقال الترمذي : صنفت هذا الكتاب ـ أي كتابه الجامع للأحاديث ـ فعرضته على علماء الحجاز والعراق وخراسان فرضوا به ، ومن كان في

__________________

١ ـ قال الهروي ( ٣٩٦ ـ ٤٨١ هـ ) عن كتاب الترمذي : كتابه عندي أنفع من كتاب البخاري ومسلم ، وقال طاش زاده في مفتاح السعادة : كتابه الصحيح أحسن الكتب وأكثرها فائدة وأحسنها ترتيباً ، وقال ابن الأثير في تاريخه : في سنن الترمذي ما ليس في غيرها من ذكر المذاهب ووجوه الاستدلال وتبيين أنواع الحديث من الصحيح والحسن والغريب .. انظر مقدمة سنن الترمذي تحقيق أحمد شاكر.

٢ ـ انظر شرح علل الترمذي لابن رجب. وانظر اختصاراً علوم الحديث لابن الأثير. وانظر تذكرة الحفاظ ج ٢ ترجمة رقم ٦٥٨.

٣ ـ انظر تذكرة الحفاظ وتاريخ ابن الأثير ومقدمة أحمد شاكر.

١٥٩

بيته هذا الكتاب فكأنّما في بيته نبي يتكلم (١).

وللترمذي عدة مصنفات منها :

الشمائل.

الأسماء والكنى.

الزهد (٢).

__________________

١ ـ تذكرة الحفاظ. وانظر وفيات الأعيان. ومقدمة أحمد شاكر.

٢ ـ انظر المراجع السابقة.

وقد ذكر ابن الأثير وابن رجب وغيرهما أن الترمذي جمع الكثير من الأحاديث المنكرة. انظر اختصار علوم الحديث وعلل الترمذي ، توفي الترمذي عام ٢٧٩ هـ.

١٦٠