فرق أهل السنّة

صالح الورداني

فرق أهل السنّة

المؤلف:

صالح الورداني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ليلى
الطبعة: ٢
ISBN: 964-319-433-7
الصفحات: ٣١١

١
٢

دليل الكتاب

مقدمة المركز................................................................. ٧

تقديم....................................................................... ١٣

مدخل أصل الفرقة والخلاف.................................................... ١٥

الحكام والفرق................................................................. ٣١

نصوص أهل السنة :......................................................... ٣٥

القمع الحكومي :............................................................ ٣٩

أمثلة من بطش الحكام بالفرق الأخرى ورموزها :............................... ٤١

أهل السنة الإطار المذهبي........................................................ ٤٧

الفرقة الناجية.................................................................. ٦٩

مناقشة الروايات وتحديد السمات................................................ ٦٩

مناقشة السند :............................................................. ٧٥

مناقشة المتن :............................................................... ٨١

الانحرافات العقائدية والفقهية عند أهل السنة :.................................. ٩٣

بصمات السياسة :......................................................... ١٠١

فرق الماضي.................................................................. ١١١

البصرية :................................................................. ١١٧

٣

الأحناف :................................................................ ١١٩

الأوزاعية................................................................. ١٢٣

المالكية :.................................................................. ١٢٥

الشافعية :................................................................ ١٢٧

الحنابلة :.................................................................. ١٢٩

الأشاعرة :................................................................ ١٣٣

الماتريدية :................................................................ ١٣٧

الظاهرية :................................................................ ١٤١

ابن تيمية :................................................................ ١٤٥

فرق الرواة................................................................... ١٤٧

فرقة البخاري :........................................................... ١٥١

فرقة مسلم :.............................................................. ١٥٥

فرقة أبي داود :............................................................ ١٥٧

فرقة الترمذي :............................................................ ١٥٩

فرقة النسائي :............................................................ ١٦١

فرق الحاضر................................................................. ١٦٥

الوهابية :................................................................. ١٦٩

فرقة الإخوان :............................................................ ١٧١

أهل الحديث :............................................................ ١٧٣

التبليغ والدعوة :........................................................... ١٧٥

الجمعية الشرعية :......................................................... ١٧٩

النورسية :................................................................ ١٨٣

الكوثرية :................................................................ ١٨٥

٤

أنصار السنة :............................................................. ١٨٧

الصوفية :................................................................. ١٩١

الإخوان المسلمون :........................................................ ١٩٣

الجماعة الإسلامية :........................................................ ١٩٥

حزب التحرير :........................................................... ١٩٩

القطبيون :................................................................ ٢٠٣

التكفير :................................................................. ٢٠٥

الألبانيون :............................................................... ٢٠٩

المقبلية.................................................................... ٢١١

الجهاد :.................................................................. ٢١٣

جهيمان :................................................................. ٢١٥

السلفيون :................................................................ ٢١٧

شريعة محمد :............................................................. ٢٢١

جند الصحابة :............................................................ ٢٢٣

الأزاهرة :................................................................ ٢٢٥

فرقة طالبان :............................................................. ٢٢٧

النتائج :.................................................................. ٢٣١

خاتمة : مستقبل أهل السنة الفرق القادمة والفرق الراحلة......................... ٢٢٣

ملاحق الكتاب............................................................... ٢٤٣

ملحق (١) قراءة في كتاب الفرق بين الفرق للبغدادي......................... ٢٤٥

كيف نقرأ التراث؟........................................................ ٢٤٥

عصر المؤلف :............................................................ ٢٤٧

حياة المؤلف :............................................................. ٢٤٩

٥

فرقة المؤلف :............................................................. ٢٥٠

نصوص الكتاب :......................................................... ٢٥١

بين الافتراق والاختلاف :.................................................. ٢٥٥

مقالات الفرق :........................................................... ٢٦١

فرق السنة والجماعة :...................................................... ٢٦٨

ملحق (٢) صور من صراعات فرق أهل السنة................................... ٢٧٥

ملحق (٣) رموز الفرق....................................................... ٢٨٥

ملحق (٤) نماذج من مراجع الفرق............................................. ٢٩٥

ملحق (٥) أهم الكتب العقائدية لدى فرق أهل السنة والتي تعكس حالة الخلاف السائد بينهم     ٣٠٤

ملحق (٦) جداول............................................................ ٣٠٧

جدول يبيّن أهم نقاط الخلاف بين أهل السنة وبعض الفرق الأخرى :........... ٣٠٧

جدول يبيّن النشأة التاريخية لفرق أهل السنة ومواطنها :........................ ٣٠٨

جدول يبيّن الفرق الراحلة والفرق القادمة في محيط أهل السنة................... ٣١٠

٦

مقدمة المركز

لا يخفى على أحد بأنّ الافتراق يؤدّي إلى تمزيق الأمة وتفتيت أوصالها وإضعاف بنيتها والحاق الخسارات الهائلة بها ، نتيجة ضياع جهودها في الصراع والمهاترات والشقاق.

وقد ابتلي المجتمع الإسلامي ـ للأسف ـ بهذا الداء ، بعد أن التحق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالرفيق الأعلى ، ويشهد التاريخ بأنّ الأمة الاسلامية ما إن رزئت بفقده إلاّ وتغلّبت عليها الأهواء واستيقظت فيها الفتن ، حتى عادت الجاهلية ونور الإسلام في الآفاق.

ومن هذا المنطلق بدأت الفرق المتعددة والجماعات المتضادة والتكتلات المختلفة تنتشر في الدائرة الاسلامية ، حتى مهّد هذا الأمر للسلطات الحاكمة أن تستغل الوضع لمآربها الخاصة ومصالحها الشخصية.

وأوّل ما فعلت هذه السلطات أنّها استقطبت الفرق التي توفّر لها الدعم ، ونبذت الاتجاهات التي لا تتماشى مع مصالحها.

ومن هنا احتضنت الحكومات مذهب أهل السنة ، لأنها وجدته المذهب الوحيد الذي يوفّر لها ما تريد ، فتقبلته بكل ترحاب ، ومهّدت له السبيل للبقاء ، لتستمد من وجوده مشروعية استيلائها على دفة الحكم ، وليكون هذا المذهب مبرراً لكل ما تقوم به من أفعال تخدم

٧

غاياتها السياسية.

كما أنّ هذه السلطات حاولت عبر وسائل إعلامها المكثفة أن تضفي على هذا المذهب هالة من القداسة ، وأن تصوّره بأنّه مذهب الجماعة والمذهب الوحيد المتّبع لسنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ).

وفي المقابل حاول أتباع المذهب السني ـ تمشية مع الأهداف السياسية الحاكمة ـ أن يبيّنوا ضعف الاتجاهات المخالفة لهم.

وكان من جملة أساليبهم أن يصوّروا لعامة الناس بأنّ المذاهب المخالفة لهم مذاهب قائمة على الأهواء والبدع ، وأنّها على الدوام في حالة انشقاق وتمزّق وتشتت لعدم امتلاكها الأصول الثابتة.

ومن جهة أخرى حاولوا أن يبيّنوا بأنّ مذهب أهل السنة بقي مذهباً واحداً نتيجة استمداد وجوده من القرآن والسنة.

وكان مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) من أكثر المذاهب التي تعرّض لهذه الهجمات ، وقد اتبع بعض المؤرخين في تقسيمهم للفرق والمذاهب مقاييس ومعايير يكون مؤدّاها بأن مذهب التشيع قد تفرّق إلى فرق عديدة ، وأن هذا المذهب كان دأبه الانشقاق والتفرقة نتيجة اضطرابه في الأصول العقائدية.

وفي الوقت نفسه تجنّب هؤلاء المؤرخين الحديث عن فرق أهل السنة ، رغم كونها تنطبق عليها نفس المقاييس والمعايير التي قسّموا على ضوئها الفرق المخالفة لمذهبهم.

وقد التفت الأستاذ صالح الورداني إلى هذا الأمر ، فألّف هذا الكتاب

٨

حول فرق أهل السنة ، ملتزماً فيه بالمقاييس والمعايير التي وضعها أهل السنة وقسّموا على أساسها فرق المسلمين.

ولكنه مع ذلك لم يسمح له ضميره الحي أن يتّبع نفس المنهج المغرض وغير الموضوعي الذي اتبعه أهل السنة والذي اطلقوا من خلاله اسم الفرقة على بعض الاتجاهات المنشقة عن مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) ولو كان اتباع ذلك الاتجاه عشرة أشخاص.

بل حاول الأستاذ صالح الورداني أن يعرض في كتابه هذا فقط فرق أهل السنة الكبرى والبارزة ، واتجاهاتها القديمة والمعاصرة التي ارتبطت بالواقع والأحداث اليومية ، لتتنبه أذهان أهل السنة وتتجنّب الشطط والفتن ، وليتعرّف عامة أهل السنة على الحقائق التي حاولت الأقلام المرتزقة إخفاءها عنهم.

و «مركز الأبحاث العقائدية» إذ يقدّم هذا الأثر القيّم ضمن «سلسلة الرحلة إلى الثقلين» كلّه أمل في أن تشهد الساحة الاسلامية أمثال هذه المؤلّفات التي من شأنها تجلية الغيوم التي حالت دون رؤية الكثير من المسلمين للواقع الذي هم فيه ، ليكون ذلك محفّزاً لنبذ التقليد الأعمى والتوجّه إلى البحث الذي يوصل صاحبه إلى مرحلة البصيرة في أمر دينه.

مركز الأبحاث العقائدية

فارس الحسون

٩
١٠

بسم الله الرحمن الرحيم

( إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم وَكَانُوا شِيَعاً لسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْء )

( الأنعام / ١٥٩ )

١١
١٢

تقديم

على مرّ تاريخ المسلمين ، نشأت خلافات ونزاعات وتطاحنات أدت إلى نشوء فرق واتجاهات متعددة بداية من وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وحتى اليوم.

والذين رصدوا هذه الحالة في الماضي من الفقهاء والمؤرخين خضعوا لعوامل سياسية ومذهبية حالت بينهم وبين التشخيص الموضوعي لها.

رصدوا هذه الحالة من منظور أهل السنة ولم يرصدوها من منظور النصوص.

رصدوها من منظور الحكام لا من منظور الواقع.

أهل السنة الذين يعتقدون أنهم الطائفة الحقة المنصورة في الدنيا والآخرة.

والحكام الذين اعتبروا أنفسهم أئمة المسلمين وحصلوا على مباركة الفقهاء.

من هنا برزت النظرة الأحادية المخاصمة للفرق المخالفة لأهل السنة والخط السائد.

ومن هنا أيضاً تم تجنّب المساس بأهل السنة وفرقهم.

وجاءت كتب الفرق التي كتبت بأقلام أهل السنة لتعلن الحرب على الفرق المخالفة وتتهمها بالزيغ والضلال.

إلاّ أنه لم يتجه أحد إلى إدخال أهل السنة في دائرة المحاكمة كما أدخلوا هم الفرق الأخرى.

ولم يتجه أحد إلى الشك في معتقداتهم وأفكارهم بفرقهم المختلفة التي

١٣

تتساوى في معتقداتها وأفكارها مع الفرق الأخرى بل أن هذه الفرق تمتاز عليها.

وسوف يرى القارئ من خلال عرض فرق أهل السنة على مستوى الماضي والحاضر أنهم لا يتميزون على الآخرين بشيء بل أن عوراتهم تفوق عورات الآخرين.

لقد دارت صراعات ونزاعات وتطاحنات بين فرق أهل السنة وصلت إلى حد التكفير وإراقة الدماء ، وسوف نرصدها من خلال هذا الكتاب.

وسوف نرصد أيضاً الحالة العقائدية والفكرية لهذه الفرق ، تلك الحالة التي تجاوزت حدود النص والعقل ، بالإضافة إلى رصد دور الحكام في واقع هذه الفرق وفي مواجهة الفرق المخالفة.

وما نهدف إليه من خلال هذا الرصد هو كشف الدور الذي لعبته السياسة والمذهبية في التعتيم على حقيقة الدين وبث الفرقة بين المسلمين وفرض الروايات الزائفة التي وطنت العقائد والمفاهيم الفاسدة ، وأضفت عليها القداسة بحيث طغت على العقائد الصحيحة والمفاهيم الفاعلة التي تسهم في نهوض الأمة ودفعها إلى الأمام ، كما وطنت الخلافات والصراعات وبررتها وأعطت السلاح لأهل الفرق ليستبيحوا به بعضهم البعض.

إنّ هذا الكتاب هو خطوة على طريق تصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة الموروثة.

وتصحيح المفاهيم هو مقدمة أساسية نحو وحدة المسلمين.

صالح الورداني

القاهرة

١٤

مدخل

أصل الفرقة والخلاف

١٥
١٦

كانت فكرة الإمامة بذرة الخلاف الأولى في واقع المسلمين ، ولولا تدخّل الحكّام لاستقامت الأُمور ونُبذ الخلاف.

لقد لبس الحكام ثوب الإمامة وبارك الفقهاء هذه الجناية في حق الإسلام والمسلمين.

ومنذ ذلك الحين زرعت شجرة الخلاف ، وأثمرت فرقاً وجماعات متناحرة عوقت مسيرة الأمة وأدّت إلى تخلّف المسلمين.

إن جميع صور الفرقة والخلاف والتناحر التي استوطنت واقع المسلمين من بعد وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وحتى اليوم كان سببها غياب الإمامة الحقة.

لقد كان الإسلام خاتم الرسالات ومحمد ( صلى الله عليه وآله ) هو خاتم الأنبياء ، فمن ثم كان لابد وأن تكون هناك أداة لضبط حركة الإسلام وواقع المسلمين من بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وكانت هذه الأداة هي الإمامة.

لم تكن الإمامة ـ لو أتيحت لها الفرصة للقيام بدورها في واقع المسلمين بعد غياب الرسول ـ لتسمح ببروز الحكام الطغاة والفقهاء المسيسين.

والحكام الطغاة والفقهاء المسيسين كانا أساس الفرقة والخلاف.

١٧

الحكام الطغاة بنفوذهم وسلطانهم.

والفقهاء المسيسين برواياتهم وفتاويهم.

من هنا وجب إلقاء الضوء على صور الخلاف والتناحر التي برزت بعد وفاة الرسول وأثمرت في النهاية هذه الفرق التى نحن بصدد الحديث عنها هنا.

وجب معرفة الدوافع التي أدت إلى بروز فرق أهل السنة وبروز الفرق المخالفة لها المتصادمة معها.

يعرض لنا الشهرستاني بوادر الخلاف وشبهاته بداية من عصر الرسول قائلاً : إن الشبهات التي في آخر الزمان هي بعينها تلك الشبهات التي وقعت في أول الزمان وإن خفي علينا ذلك فى الأمم السالفة لتمادي الزمان ، فلم يخف في هذه الأمة أن شبهاتها كلها نشأت من شبهات منافقي زمن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، إذ لم يرضوا بحكمه فيما كان يأمر وينهى ، وشرعوا فيما لا مصرح للكفار فيه ولا مسرى ، وسألوا عما منعوا من الخوض فيه والسؤال عنه وجادلوا بالباطل فيما لا يجوز فيه الجدال (١).

وهذه لفتة طيبة من الشهرستاني ، إذ حصر الشبهات التى ولدت الخلاف والفرقة بين المسلمين فى عصر الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وبهذا يكون قد أعطانا المفتاح الذى ندخل من خلاله إلى بيت الداء ، فإن واقع المدينة في حياة النبي ( صلى الله عليه وآله ) كان يكتظ بالمنافقين المتربصين بالإسلام والمسلمين.

ولم يكن تيار المنافقين تياراً سرياً ، وإنما كان علنياً مفضوحاً بنصوص

__________________

١ ـ الملل والنحل هامش الفصل في الملل والنحل لابن حزم ج ١ / المقدمة الرابعة.

١٨

القرآن التي كانت تتنزل وعلى لسان الرسول ( صلى الله عليه وآله ) أيضاً.

وليس من السهل على العقل أن يسلم بأن عناصر المنافقين ورموزهم كانت مجهولة ولم يشر إليها الرسول ( صلى الله عليه وآله ) بالتحديد وهو يعلم مدى خطورتها على مستقبل الإسلام ووحدة المسلمين.

وليس من العقل القول بأن المنافقين كانوا خارج دائرة الصحابة ، أو كانوا بعيدين عن الرسول ( صلى الله عليه وآله ).

إذا سلمنا بهذا وجب علينا أن نعلم أن المنافقين كانوا يخططون فى حياة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) للخروج عن نهج الإسلام وضرب الفكرة التى تقوم عليها وحدة المسلمين وهى الإمامة ، وقد حاولوا ضربها في شخص الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ويظهر ذلك من محاولات الاغتيال التي دبرت له ، ومحاولات الدعاية التى كانت تهدف إلى تشوية الإسلام وشخص الرسول ( صلى الله عليه وآله ) (١).

وإذا كان هذا هو الحال في زمن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) والوحي يتنزل ، فكيف سوف يكون الحال بعد رحيله وانقطاع الوحي؟

لا شك أن دور المنافقين سوف يبرز وبقوة على ساحة الواقع.

وهذا هو ما حدث بمجرد أن لفظ الرسول ( صلى الله عليه وآله ) أنفاسه ، أن ضربت الإمامة حصن المسلمين وحل محلها الحكام الذين احتاجوا إلى الفقهاء

__________________

١ ـ انظر كتب السيرة وسيرة ابن هشام خاصة. وانظر سورة التوبة وتفسيرها في كتب التفسير وقد أطلق عليها بعض الفقهاء اسم الفاضحة لأنها تفضح الواقع المدني وتعري المنافقين. وانظر لنا كتاب : دفاع عن الرسول.

١٩

من الصحابة ومن التابعين ، فبرزت طبقة الفقهاء بجوار الحكام التي تكونت منها فيما بعد فرقة أهل السنة والتي عملت منذ بروزها على التعتيم والتموية على عصر الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وعصر الصحابة وإضفاء الملائكية على العصرين لستر دور المنافقين.

ولقد تبنّى أهل السنة هذا الموقف من أجل الحفاظ على وجودهم ومستقبلهم ، فهم إن تخلوا عن عقيدة التعتيم تحت ستار عدالة جميع الصحابة لكشفوا حقيقة المنافقين ، وبالتالي تسقط مشروعية الحكام الذين اغتصبوا الإمامة من مستحقيها وانحرفوا عن نهج الرسول ( صلى الله عليه وآله ) بعد وفاته.

وتسقط أيضاً مشروعية الحكام الذين جاءوا من بعدهم من بني أمية وبني العباس وغيرهم ممن استمدوا شرعيتهم من حكام المرحلة الأولى ـ الخلفاء الثلاثة ـ وإذا ما سقطت مشروعية الحكام فسوف تسقط من ورائها مشروعية أهل السنة ويفقدون الأمن والحماية التي كانوا يحظون بها في ظل هؤلاء الحكام ، وبالتالي يفقدون القدرة على البقاء والاستمرار.

وهذه هي أزمة أهل السنة التى تسبّبت فى تعدد فرقها وبروز تيارات مخالفة لها ، أي بروز الفرق في واقع المسلمين.

إنّ أهل السنة تبنّوا أطروحة عاجزة عن مواكبة الواقع ، والتغيرات تعتمد على التأويل والتبرير ، فمن ثم لم تستطع هذه الأطروحة أن تحقق الاستقرار الفكري والعقائدي للمسلمين فى مواجهة الخلافات والصدامات التي وقعت بعد الرسول بين الصحابة وبعضهم وبين الحكام والمسلمين على وجه العموم.

٢٠