صلاة التراويح

الدكتور الشيخ جعفر الباقري [ سامي صبيح علي ]

صلاة التراويح

المؤلف:

الدكتور الشيخ جعفر الباقري [ سامي صبيح علي ]


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-8629-04-8
الصفحات: ٢٧١

( وصلاة التراويح عشرون ركعة بعشر تسليمات ، في كل ليلة من رمضان .. ويجب التسليم من كل ركعتين ، فلو صلى أربعاً منها بتسليمة لم تصح ) (١).

وقال الإمام ( القندوزي الحنفي ) :

( ونوافل النهار إن شاءَ صلّى ركعتين بتسليمة واحدة ، وإن شاءَ أربعاً ، وتُكره الزيادة على ذلك ، فأمّا نافلة الليل فقال أبو حنيفة : إن صلّى ثمان ركعات بتسليمة واحدةٍ جاز ، وتُكره الزيادة على ذلك ) (٢).

وقال ( أبو يوسف ومحمَّد ) :

( لا يزيد بالليل على ركعتين بتسليمة واحدة ) (٣).

وقال في ( المهذَّب ) :

( والسُنَّةُ أنْ يسلّمَ من كل ركعتين ، لما روي عن ابن عمر ( رضي الله عنه ) : أنَّ النبي صَلّى اللهُ عَليهِ وسِلَّمَ قال : صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا رأيت أنَّ الصبح تداركك فأوتر بواحدة ، وإن جمع ركعات بتلسيمة جاز ، لما روت عائشة رضي اللّه عنها أنَّ رسول اللّه صَلّى اللهُ عَليهِ وسِلَّمَ : كان يصلي ثلاث عشرة ركعة ، ويوتر من ذلك بخمس ، يجلس في الآخرة ويسلِّم ، وانَّه أوتر بسبع وبخمس لا يفصل بينهنَّ بسلام ، وإن تطوَّع بركعةٍ جاز لما روي

__________________

(١) المليباري الفناني ، زين الدين ، فتح المعين لشرح قرة العين بمهمات الدين ، ج : ١ ، ص : ٣٠٧.

(٢) الحنفي ، عبد الغني ، اللباب في شرح الكتاب ، ج : ١ ، ص : ٩١ ـ ٩٢.

وانظر : ( الفقه الإسلام وأدلته ) للدكتور وهبة الزحيلي ، ج : ٢ ، ص : ٥٠

(٣) الحنفي ، لعبد الغني ، اللباب في شرح الكتاب ، ج : ١ ، ص : ٩١ ـ ٩٢.

وانظر : ( الفقه الإسلامي وأدلته ) للدكتور وهبة الزحيلي ، ج : ٢ ، ص : ٥٠.

٢٢١

أنَّ عمر رضي اللّه عنه : مرَّ بالمسجد فصلى ركعة فتبعه رجل ، فقال يا أمير المؤمنين إنَّما صليت ركعة ، فقال : إنَّما هي تطوع فمن شاء زاد ومَن شاء نقص ).

وعقَّب على ذلك ( النووي ) بالقول في مذاهب العلماء في ذلك :

( قد ذكرنا أنَّه يجوز عندنا أن يجمع ركعات كثيرة من النوافل المطلقة بتسليمة ، وأنَّ الأفضل في صلاة الليل والنهار أن يسلّم من كل ركعتين؛ وبهذا قال مالك وأحمد وداود وابن المنذر ، وحكي عن الحسن البصري وسعيد بن جبير ، وقال أبو حنيفة : التسليم من ركعتين أو أربع في صلاة النهار ، سواء في الفضيلة ، ولا يزيد على ذلك ، وصلاة الليل ركعتان وأربع وست وثمان بتسليمة ، ولا يزيد على ثمان ، وكان ابن عمر يصلي بالنهار أربعاً ، واختاره إسحاق ) (١).

وأما رواياتهم في ذلك فهي ظاهرةٌ في اختصاص النافلة بالركعتين ، ففي ( البخاري ) وغيره من ( الصحاح ) لديهم :

( روى مالك عن نافع عن ابن عمر : أنَّ رجلاً سأل رسولَ الله صَلّى اللهُ عَليهِ وسلَّمَ عن صلاة الليل ، فقال عليه‌السلام : صلاة الليل مثنى مثنى ، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعةً واحدةً توتر له ما قد صلى ) (٢).

وروي عن ( ابن عمر ) عن النبي ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسِلَّمَ ) :

__________________

(١) النووي ، أبو زكريا ، المجموع من شرح المهذب ، ج : ٤ ، ص : ٤٩ ـ ٥١.

(٢) الطوسي ، أبو جعفر محمد بن الحسن ، الخلاف ، ج : ١ ، ص : ٥٢٧ ، مسألة : ٢٦٧ ، عن : صحيح البخاري : ٢ ، ٢٩ ، وصحيح مسلم ، ١ ، ص : ٥١٦ ، ح : ١٤٥ ، وموطأ مالك ، ١ ، ص : ١٢٣ ، ح : ١٣ ، والسنن الكبرى : ٢ ، ص : ٤٨٦ ، ومسند أحمد ، ٢ ، ص : ٥ و ٩ و ١٠.

٢٢٢

( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) (١).

فكيف يمكن أن يُدَّعى بعد كل هذهِ الأقوال والآراء أنَّ أحداً لم يقل بكراهة أو حرمة صلاة ثلاثين ركعة بتسليمة واحدة ، كما قال ذلك ( المعتزلي ) بشكل قاطع ، وأرسله إرسال المسلَّمات؟

وهذا كلّه طبعاً لو جاء المكلّف بالعمل على سبيل القربة المطلقة ، ولم ينسبه إلى الشريعة الإسلامية المقدسة ، وأما إذا تمت نسبة هذا العمل العبادي المخترع بكيفيته المذكورة والمخصوصة هذهِ إلى الشريعة ، وادُّعي أنَّه مستفاد منها ، وأنَّه جزء من تعاليمها ، فلا شكَ ولا ريب في كونه عملاً محَّرماً ، بل هو من أبرز مصاديق قوله ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسِلَّمَ ) :

( مَن أحدثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ ) (٢).

ولا شكَّ في أنَّ نسبة العمل الى الدين تتوقف على ورود النص الإسلامي الصريح الذي يذكره بالتفصيل ، ويعينه على نحو الخصوص ، كما هو الأمر في نسبة العبادات والمعاملات والأحكام الشرعية المسلّمة الأخرى إلى الشريعة ، والقول بأنَّها مأخوذة منها.

كما أنَّ العمل الذي يشمله الدليل العام يمكن أن ينتسب الى التشريع عن طريق تلك العموميات أيضاً ، ولكن لا يصحّ أن تتجاوز هذهِ النسبة أصل العمل الى حيث الخصوصيات والتفاصيل غير المذكورة في لسان الدليل.

وبعبارة أخرى أنَّ العمل الذي يشمله العنوان العام يتصف بعنوانين :

__________________

(١) الطوسي ، أبو جعفر محمد بن الحسن ، الخلاف ، ج : ١ ، ص : ٥٢٧ ، مسألة : ٢٦٧ ، عن : موطأ مالك : ١ ، ص : ١١٩ ، ح : ٧ ، وسنن الترمذي ، ٢ ، ص : ٤٩١ ، ح : ٤٩١ و ٥٩٧ ، والسنن الكبرى : ٢ ، ص : ٤٨٧ ، ومسند أحمد ، ٢ ، ص : ٢٦.

(٢) المتقي الهندي ، علاء الدين ، كنز العمال ، ج : ١ ، ح : ١١٠١ ، ص : ٢١٩.

٢٢٣

الأول : هو العنوان العام الذي يكون مشمولاً بالدليل الشرعي الذي يبرر صدوره من المكلَّف بصورة مشروعة.

الثاني : هو العنوان الخاص الذي أتى به المكلف ، والذي قد يحمل عناوين تفصيلية غير مذكورة في الدليل.

فمن جهة العنوان الأول يمكن نسبة العمل الى الشريعة ، وأمّا من جهة العنوان الثاني فلا يصح نسبة العمل الى الشريعة ، وإذا ما نُسب العمل الى الشريعة كذلك ، فهو يدخل في حيِّز ( الابتداع ) ؛ لأنه إدخال ما ليس من الدين فيه ، وهو ما يُطلق عليه عادةً بـ ( قصد التشريع ).

فمثلاً نجد في الأدلة الشرعية العامة أنَّها تندب المسلمين الى الصيام طيلة أيام السنة ، باستثناء يومي العيدين المحرّم صيامهما بالدليل الخاص ، فلو أنَّ شخصاً صامَ يوماً معيناً غير مشمول بأي دليل معين يذكره على نحو الخصوص ، فقد امتثل ذلك الدليل العام ، واستمد صيامُه لذلك اليوم الشرعيةَ من خلال هذا الدليل ، فيستطيع أن ينسب صيامه الى الشريعة ، ويقول بأنَّ هذا الصيام مستفاد من الشريعة الإسلامية وهو جزء من تعاليمها الثابتة. وأمّا إذا نُسب خصوص العمل الذي مارسه الى الدين ، وقال بأنَّ صيام هذا اليوم بعينه وخصوصياته مطلوب من قبل الشريعة ، في الوقت الذي لا يوجد بشأنه أي دليل خاص؛ فقد قصد التشريع ، ولا يُشك في كونه قد أدخل في الدين ما ليس منه ، إذ انَّ الشريعة لم تطلب صيام ذلك اليوم بعنوانه الخاص ، وإنَّما ندبت الى الصيام بشكل عام.

وهكذا لو اتخذ الإنسان ذكراً ، أو دعاءاً ، أو نسكاً معيناً ، لم يرد به دليل خاص ، ولكنّه يندرج تحت عموميات التشريع ، كأن ألزم نفسه بالاستغفار في كل يوم ، أو بعد كل فريضة ( أربعين مرةً ) مثلاً ، أو بالصلاة عدداً من الركعات تطوعاً للّه مثلاً ، فإن ادّعى أنَّ هذا العمل مطلوب بخصوصه من قبل الشرع ، وقصد نسبته الى الدين بالعنوان

٢٢٤

الخاص فهو مبتدع ، وإن كان يأتي به بعنوان الامتثال والجري على مقتضى الأدلة العامة ، فهو داخل في دائرة الندب.

ومن الطبيعي أنَّ كل تلك الممارسات المشروعة والمنسوبة الى الدين عن طريق الدليل العام يجب أن لا تصطدم مَعَ أي عنوان تحريمي آخر ، ولا تكتسب هذا الطابع بأي نحو كان ، وإلا فإنّ التحريم يشملها من هذا الوجه ، كما لو شقَّ الإنسان على نفسه بالعبادة والنوافل والأذكار المشروعة بالدليل العام الى درجة الرهبنة والقسوة بالنفس والإضرار بها ، فإن العمل يخرج بذلك عن نطاقه المشروع ، ويكتسب عناوين ثانوية أخرى.

ونفس الأمر يقال بصدد الأعمال المباحة التي لم يرد فيها دليل خاص أو عام ، فحين يأتي بها المكلف من دون قصد التشريع ، ولا تكتسب عنواناً تحريمياً معيَّناً ، فهي باقية على وضعها الأولي ، وأمّا إذا قصد المكلف نسبتها الى الشريعة ، فإنها تتحول الى ( بدعة ) ؛ لأنه أدخل في الدين ما ليس منه.

ومثال ذلك ما لو نام الشخص في وقت معيَّن من النهار لم يرد بشأنه دليل خاص ، وأدّعى أنَّ هذا الأمر مطلوب بخصوصيته التفصيلية من قبل الشريعة ، أو أكلَ طعاماً معيناً لم يرد بخصوصه دليل شرعي خاص ، وادّعى استحبابه ، أو كراهته ، أو حرمته مثلاً ، ونسبَ ذلك الى التشريع.

والخلاصة أنَّ نسبة العمل الذي لم يرد بشأنه الدليل الخاص الى التشريع بخصوصياته التفصيلية ، والقول بأنَّه مطلوب مَعَ هذهِ الخصوصيات من قبل الشريعة ، يعدّ من ( الابتداع ) ، لأنَّه إدخال لما ليس من الدين فيه. من هنا ندرك أنَّ بعض مَن حاول معالجة موضوع ( الابتداع ) قد خلط بين هذين العنوانين ، وحاول أن يرمي المسلمين بذلك غفلة عن جواز نسبة هذهِ الأمور إلى الدين من جهة الأدلة العامة الشاملة لها ، وأنّ الأمر غير مقتصر على القول بتشريعه من حيث الخصوصيات التفصيلية.

٢٢٥

ونجد الجذور العميقة لهذا النحو من الخلط أيضاً تمتد الى صدر الإسلام الأول؛ حيث كان يظن البعض أنَّ الإتيان بأي أمرٍ حادث لم يرد بشأنه الدليل الخاص ، أو انَّه لم يكن موجوداً في عصر التشريع ، يعدّ من الابتداع ، ولم يلتفتوا إلى إمكانية نسبة مثل هذهِ الأمور الحادثة الى الدين عن طريق الأدلة العامة الواردة بشأنها.

وفي الحقيقة أنَّ هذا الأمر راجع الى نوايا المكلفين ودوافعهم النفسية نحو القيام بالممارسات التي تنضوي تحت العموميات والأدلة الكلية المشروعة ، ولا يصح التسرّع بإطلاق لفظ ( البدعة ) على تلك الممارسات بمجرد وقوعها؛ لأنَّ هذا سيؤدي الى الخلط في المفاهيم ، والاضطراب في تطبيقاتها على مواردها الحقيقية.

ولولا أن يطول بنا المقام لاستعرضنا نماذج كثيرة من أقوال البعض حول رمي مثل هذه الممارسات المشروعة بالابتداع ، مَعَ إمكانية تصحيح صدورها عن طريق النية المذكورة.

على أنّا نكتفي بإيراد مظاهر وقوع هذا الخلط في حياة المسلمين الأوائل ، والتي نقلها البعض في كتبهم من دون أن يوردوا عليها تعليقاً ، أو أنَّ البعض كان يعدّ معالجتها بهذهِ الطريقة الخاطئة ناتجة من دوافع الحرص على التشريع ، وأنَّها كانت من حالات ( الابتداع ) المحرَّمة في حياة المسلمين.

فمن تلك المظاهر ما أورده ( ابن الجوزي ) في ( تلبيس إبليس ) :

( إنَّ سعد بن مالك سمع رجلاً يقول :

ـ لبّيكَ ذا المعارج فقال :

ـ ما كنّا نقول هذا على عهد رسول اللّه ) (١)!!

فمن الواضح أنَّ هذهِ المقولة يمكن أن تدرج تحت عموميات التشريع ، ولا تكون من قبيل الابتداع.

__________________

(١) ابن الجوزي ، تلبيس إبليس ، ص : ٢٥.

٢٢٦

وجاءَ في ( المدخل ) لـ ( ابن الحاج ) :

( ومن كتاب الإمام أبي الحسين رزين قال : وعن نافع قال : عطسَ رجل الى جنب عبد اللّه بن عمر ، فقال :

ـ الحمد للّه والسلام على رسول اللّه ، فقال ابن عمر :

ـ وأنا أقول الحمد للّه والسلام على رسول اللّه ، ما هكذا علَّمنا رسول اللّه أن نقول إذا عطسنا ، وإنما علَّمنا أن نقول : الحمد للّه ربِّ العالمين ) (١).

فقد يكون هناك ذكر مخصوص لأمر معيَّن يصح التوجيه له ، والمحافظة عليه ، ولكنَّ هذا لا يعني إلغاء ما تشمله عموميات الشريعة من أدعية وأذكار تشتمل على الحمد والثناء على اللّه ( عَزَّ وَجَلَّ ) ، والصلاة على رسوله الخاتَم ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسِلَّمَ ).

وذكر في ( المدخل ) أيضاً نظير ذلك قائلاً :

( وقد كان عبد اللّه بن عمر ( رضي اللّه عنهما ) ماراً في طريق بالبصرة ، فسمع المؤذن ، فدخل الى المسجد يصلّي فيه الفرض ، فركع ، فبينما هو في أثناء الركوع ، وإذا بالمؤذن قد وقف على باب المسجد وقال :

ـ حضرت الصلاة رحمكم اللّه.

ففرغ من ركوعه ، وأخذ نعليه ، وخرج وقال :

ـ واللّه لا اُصلي في مسجد فيه بدعة ) (٢).

__________________

(١) ابن الحاج ، المدخل ، ج : ٢ ، ص : ٢٥١.

(٢) ابن الحاج ، المدخل : ج : ٢ ، ص : ٢٦٢.

٢٢٧

وهنا يتضح كل الوضوح أنَّ مجرّد القول ( حضرت الصلاة رحمكم اللّه ) ، لا يشكِّل ظاهرة مخالفة للدين ، لو لم يقصد منها التشريع على النحو المتقدم ، وإنَّما تبقى محتفظة بالعنوان الأولي لها ، والتسرع بوصفها بالابتداع في غير محلِّه.

وروي في ( المدخل ) كذلك أنَّه :

( سئل سفيان عن رجل يكثر قراءة قل هو اللّه أحد ، لا يقرأ غيرها كما يقرأها ، فكرهها وقال :

ـ إنَّما أنتم متبعون ، فاتبعوا الأولين ، ولم يبلغنا عنهم نحو هذا ، وإنما نزل القرآن ليُقرأ ، ولا يخص شيئاً دون شيء ) (١).

فتخصيص شيء دون شيء من القرآن إن كان بقصد الجزئية والتشريع وادّعاء نسبة الأمر إلى الدين من دون دليل شرعي خاص ، فهو من باب ( الابتداع ) وإلا فلا يكون كذلك ، فإطلاق القول بكراهة الأمر ، وعدِّه على خلاف الاتباع أمر غير مقبول.

ويأتي في نفس هذا الاتجاه ما جاءَ في ( تلبيس إبليس ) أنَّه :

( أخبر رجل عبد اللّه بن مسعود أنَّ قوماً يجلسونَ في المسجد بعد المغرب ، فيهم رجل يقول : كبّروا اللّه كذا وكذا ، وسبّحوا اللّه كذا وكذا ، واحمدوا اللّه كذا وكذا ، قال عبد اللّه :

ـ فإذا رأيتهم فعلوا ذلك فأتني وأخبرني بمجلسهم.

فأتاهم فجلس ، فلما سمع ما يقولونَ ، قامَ فأتى ابنَ مسعود ، فجاءَ وكان رجلاً حديداً ، فقال :

ـ أنا عبد اللّه بن مسعود! واللّه الذي لا اله غيره ، لقد جئتم ببدعة ظلماً ، ولقد فضّلتم أصحاب محمد علماً ، فقال عمرو بن عتبة :

__________________

(١) القرطبي ، ابن وضّاح ، البدع والنهي عنها ، ص : ٤٣.

٢٢٨

ـ استغفر اللّه ، فقال :

ـ عليكم بالطريق فالزموه ، ولئن أخذتم يميناً وشمالاً لتضلنَّ ضلالاً بعيداً ) (١).

فهذهِ المعالجة غير صحيحة على إطلاقها لما ذكرناه من تفصيل ، على الرغم من أنَّ أغلب مَن ذكر هذهِ الواقعة من علماء العامة عدَّها من مصاديق محاربة ( الابتداع ) ومواجهته ، ولكنَّ تأثيرها كان عكسياً على الدين الإسلامي المبين.

قال الشيخ ( يوسف البحراني ) في ( الحدائق الناضرة ) :

( لا ريب في أنَّ الصلاة خير موضوع ، إلا أنه متى اعتقد المكلف في ذلكَ أمراً زائداً على ما دلَّت عليه هذهِ الأدلة من عددٍ مخصوص ، وزمانٍ مخصوص ، أو كيفية خاصة ، ونحو ذلك ، مما لم يقم عليه دليل في الشريعة ، فإنَّه يكون محرَّماً ، وتكون عبادته بدعة ، والبدعية ليست من حيث الصلاة ، وإنَّما هي من حيث هذا التوظيف الذي اعتقده في هذا الوقت ، والعدد ، والكيفية ، من غير أن يرد عليه دليل ) (٢).

ومن الواضح لدينا أنَّه حينما سَنَّ ( عمر ) صلاة ( التراويح ) ، وأمر المسلمين بها ، وعيِّنَ لهم إماماً خاصاً يقيمها ، واستَحسنَ ذلك بعد ذلك ، فإنّه لم يَعمد إلى هذا العمل بما هو عمل عام ، يأتي به الشخص بنية القربة المطلقة ، وامتثال عموميات الأدلة التي تحث المسلمين على صلاة النوافل ، أو صلاة الجماعة ـ على الرغم من أننَّا لا نسلم حتى هذا المقدار لما ذكرناه آنفاً ـ وإنَّما الملاحظ أنَّه قد أريد لهذا العمل أن يكون عملاً

__________________

(١) ابن الجوزي ، تلبيس إبليس ، ص : ٢٥.

(٢) البحراني ، يوسف ، الحدائق الناضرة ، ج : ٦ ، ص : ٨٠.

٢٢٩

دورياً وثابتاً؛ وبهذا فهو مقصود بكيفيته الخاصة ، ومنسوب إلى التشريع بما يحمل من مواصفات وخصوصيات معيّنة ، وهذا يعني قصد التشريع المنافي والمبطل لاندراجه تحت العموميات المشار إليها في كلام ( ابن أبي الحديد ) ، هذا فيما لو توافقنا معه جدلاً بشأنها.

وقد حصل هذا الأمر فعلاً ، وجيء بهذهِ النافلة تحت عنوان الندب الشرعي ، وأخذ بعض المسلمين يتعاهدون هذا العمل دهراً بعد دهر على أنَّه سنَّة ثابتة من صميم التشريع؛ ولذا رأينا فيما سبق أنَّ المصلين الذين نهاهم أمير المؤمنين علي عليه‌السلام عن أداء هذهِ الصلاة وأوضح لهم أنَّها ( بدعة ) ، ومخالفة لحكم اللّه تعالى ، وسنَّة رسوله الخاتَم ( صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِهِ وسِلَّمَ ) ، قد اعترضوا عليه ونادوا : ( واعمراه )! ومن بعد ذلك أصرّوا على مزاولتها ، والإقامة عليها.

الملاحظة الثانية :

إنَّ ما يمكن أن تشمله عموميات ما ورد في فضل صلاة الجماعة ، والدعوة إلى إقامتها على ما ذكره ( المعتزلي ) هو خصوص الأمر القابل للاتصاف بهذا العنوان ، والذي يمكن بشأنه ذلك ، لا الأمر المنهي عنه والخارج عن دائرة الصلوات بشكل عام ( إمّا لورود الدليل على عدم صحة الإتيان به ، أو لعدم الدليل عليه ) ، أو الخارج عن دائرة الصلوات التي تُسنُّ فيها صلاة الجماعة ، على أحسن التقديرين.

وقد ورد عن الشريعة الإسلامية ثبوت بعض الصلوات المستحبة التي يجوز أن تُصلّى جماعةً بالأصالة أو بالعارض ، ولم نرَ فيما بين هذهِ الصلوات صلاةً يُقال لها ( التراويح ) ، على أنَّ هناك نهياً عاماً يشمل الصلاة جماعة في النافلة غير ما ذُكر بخصوصه من استثناء.

قال السيّد ( محمد كاظم اليزدي ) في ( العروة الوثقى ) :

٢٣٠

( لا تشرع الجماعة في شيء من النوافل الأصلية وإن وجبت بالعارض بنذرٍ أو نحوه ، حتى صلاة الغدير على الأقوى ، إلا في صلاة الاستسقاء ، نعم لا بأس بها فيما صارَ نفلاً بالعارض ، كصلاة العيدين ، مَعَ عدم اجتماع شرائط الوجوب ، والصلاة المعادة جماعةً ، والفريضة المتبرّع بها عن الغير ، والمأتي بها من جهة الاحتياط الاستحبابي ) (١).

ونفس أعلام مدرسة الخلفاء اختلفوا في مشروعية أداء ( التراويح ) جماعةً ، ولم تتفق كلمتهم على ذلك ، فإليك قول ( النووي ) في ( المجموع ) بخصوص ذلك :

( وأما التراويح ، فإن قلنا : لا يُسنُّ فيها الجماعة ، فالرواتب أفضل منها ، وإن قلنا : يسنُّ فيها ، فكذلك على الأصح ) (٢).

إذن لا يوجد إطلاق في مشروعية أداء ( التراويح ) جماعةً ، فهناك قولان معتبران في الموضوع ، وعلى كلا هذين القولين يختار ( النووي ) أفضلية النوافل الرواتب عليها.

__________________

(١) اليزدي ، محمد كاظم ، العروة الوثقى ، ج : ١ ، ص : ٧٦٤ ـ ٧٦٥ ، مسألة : ٢.

(٢) النووي ، أبو زكريا ، روضة الطالبين ، ج : ١ ، ص : ٤٣٤.

٢٣١
٢٣٢

الفصل السابع

صلاةُ التراويح .. بصماتُها على الحياة الإسلاميَّة

١ ـ بصماتُ التراويح على المسائل الفقهيَّة الإسلاميَّة

٢ ـ بصماتُ التراويحِ على الوحدةِ الإسلامية

٣ ـ بصماتُ التراويحِ على الممارسة التعبديَّة العملية

٢٣٣
٢٣٤

نظرة

على الفصل السابع

لقد تركت صلاةُ ( التراويح ) بصماتِها وآثارَها على الحياةِ الإسلاميَّة في مختلفِ الجوانب والأبعاد ، فبعدَ أنْ شيَّدَ لها أعلامُ ( مدرسةِ الصحابة ) ركاماً من الأوهام التي اعتبروها أدلَّةً على مشروعيتها ، أخذت تمتدُّ كالاخطبوط على صفحاتِ الكتبِ ، وعلى مسرحِ الحياة ، وتناولها القومُ تناولَ المسلَّماتِ جيلاً بعدَ جيل ، حتى أصبحت جزءاً لا يتجزأٌ عن فتاواهم ، ودراساتِهم ، وحياتِهم ، وأخذوا يتباهونَ بها في ليالي شهرِ رمضان ، ويتسابقونَ إليها ، ويشنِّعونَ على أتباعِ مدرسةِ أهل البيتِ (ع) على عدم ممارستِها طبقاً للكيفيةِ التي يمارسونها!!

فالطامةُ الكبرى هيَ أنْ تحتلَّ ( بدعةٌ ) لا أصلَ لها في الإسلامِ مثلَ هذا الموقع ، ويُبنى كلُّ هذا البناءِ على شفا جرفٍ هارٍ لا قاعدةَ لهُ ولا أساس!!لقد دخلتِ ( التراويحُ ) في العشراتِ من أبوابِ الفقهِ المختلفة ، وناقشها علماءُ ( مدرسةِ الصحابة ) في عشراتِ المواضع من كتبهم العلمية ، أضف إلى أنَّ عدمَ الإلتزام بها صارَ مثلبةً على مَن يعتقدُ بعدمِ مشروعيتها ، وطريقاً إلى تفتيتِ وحدةِ المسلمينَ من خلالِ الاتهامات الباطلةِ والكلماتِ اللامسؤولة ، كما أنَّها أصبحت ملاذاً للملايينَ من المسلمينَ المعتقدينَ بشرعيتها ، يقصدونَها كلَّ عامٍ من دونِ أدنى تساؤلٍ أو مناقشة ، ولكنَّ المسلمَ المتفكرَ الحرَّ يبقى ساعياً نحوَ الحقيقةِ ، ومطابقاً عملَهُ مع الشريعةِ ، بعيداً عن الميولِ والعواطفِ والتقاليد.

صلاةُ التراويح

٢٣٥
٢٣٦

(١)

بصمات التراويحِ على المسائلِ الفقهية الإسلاميَّة

مما يؤسف له أنَّ صلاة ( التراويح ) المبتدعة دخلت في مختلف مجالات الفقه والحياة ، على الرغم من عدم وجود أساسٍ لها في الدين ، حتى صار شأنها شأن المسلَّمات التي لا تقبل المناقشة والتحليل ، فنرى أن الملايين من الناس يواظبون على إقامتها في ليالي شهر رمضان بشكل مهيب ، من دون أن يجرؤ أحد على أن يتساءل عن مشروعيتها وأساس ارتباطها في الدين.

ومن جانب آخر نرى عشراتِ الأبواب الفقهية المختلفة التي تمَّ تنقيحُها من بعد الإقرار بمشروعية هذه البدعة ، ونلاحظ أن المصنفات الفقهية بدأت تنسج الأوهام والأباطيل على أمرٍ غير موجود من الأساس.

فبعد أن تمَّ الحديث المستفيض في تحديد وقتها ، وعدد ركعاتها ، ومشروعية الجماعة فيها ، وكيفية الالتحاق فيها ، وأفضلية الرواتب عليها ، وموضع القنوت منها ، ومقدار ما يُقرأ من المصحف فيها .. بدأ الفقهاء يبحثون في تفاصيل أخرى شكَّلت ركاماً موهوماً مستنداً على قاعدة هشَّة خاوية.

وقد ألقت هذه ( البدعة ) بظلالها الموهومة جليَّة على المسائل الفقيَّة الإسلاميَّة ، فمن ذلك أن مسألة ( التراويح ) بُحثت في موارد ( الجهر والإخفات ) ، ومما ورد في هذا المجال قولهم :

( ويُسنُّ الجهرُ في التراويح ) (١).

__________________

(١) البكري الدمياطي ، إعانة الطالبين ، ج : ١ ، ص : ١٨٠.

وانظر : أبو زكريا النووي ، المجموع من شرح المهذب ، ج : ٣ ، ص : ٣٩١.

وانظر : أبو زكريا النووي ، روضة الطالبين ، ج : ١ ، ص : ٣٥٤.

وانظر : زكريا الأنصاري ، فتح الوهاب ، ج : ١ ، ص : ١٠٥.

٢٣٧

وقولهم في باب ( النداء للصلاة ) :

( ينادى لصلاة العيدين والكسوفين والاستسقاء الصلاة جامعة ، وكذلك لصلاة التراويح إذا أقيمت جماعةً ) (١).

وقولهم في باب ( جواز الاستئجار للصلاة ) :

( ولا يجوز الاستئجار على إمامة الصلوات الفرائض ، وفي إمامة التراويح خلاف ، والأصح منعه ) (٢).

وقولهم في باب ( وقوع التعارض بين الصلوات ) :

( وإن خسف القمر وقت صلاة القيام يعني التراويح ، بدأ بصلاة الخسوف ) (٣).

وقولهم في باب ( النذر ) :

( ويصح نذر فعل المكتوبة أول الوقت ، وصلاة الضحى ، وقيام التراويح ) (٤).

__________________

(١) الرافعي ، أبو القاسم عبد الكريم ، فتح العزيز شرح الوجيز ، ج : ٣ ، ص : ١٤٨.

وانظر : عبد الحميد الشرواني وأحمد العبادي ، حواشي الشرواني على تحفة المحتاج بشرح المنهاج ، ج : ١ ، ص : ٤٦٢.

(٢) الرافعي ، أبو القاسم عبد الكريم ، فتح العزيز شرح الوجيز ، ج : ١٢ ، ص : ٢٨٠.

وانظر : شمس الدين محمد المنهاجي الأسيوطي ، جواهر العقود ومعين القضاة والموقعين والشهود ، ج : ١ ، ص : ٢١٥.

(٣) النووي ، أبو زكريا ، المجموع من شرح المهذب ، ج : ٥ ، ص : ٥٨.

وانظر : موفق الدين بن قدامة ، المغني ، ج : ٢ ، ص : ٢٨١.

وانظر : منصور بن يونس البهوتي الحنبلي ، كشف القناع عن متن الإقناع ، ج : ٢ ، ص : ٧٤.

(٤) الشربيني الخطيب ، محمد ، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج ، ج : ٤ ، ص : ٣٧٠.

وانظر : عبد الحميد الشرواني وأحمد العبادي ، حواشي الشرواني على تحفة المحتاج بشرح المنهاج ، ج : ١ ، ص : ٣٦١.

٢٣٨

وقولهم في باب ( قضاء الصلاة ) :

( تكره التراويح لمن عليه صلوات ) (١).

وقولهم في باب ( إمامة الصبي في صلاة الجماعة ) :

( وكذا الصبي العاقل يصلح إماماً في الجملة ، بأن يؤم الصبيان في التراويح ) (٢).

وقولهم في باب ( إمامة المرأة في صلاة الجماعة ) :

( وقال بعض أصحابنا : يجوز أن تؤم الرجال في التراويح وتكون وراءهم ) (٣).

ودخلت ( التراويح ) أيضاً في ( تراجم الرجال ) ، فجاءَ في ترجمة ( موسى بن الحسن ) :

( كانَ حسنَ الصوت بالقرآن في الفجر ، وفي صلاة التراويح ، فلُقِّبَ بذي الصوت الجيد ).

وجاء في ترجمة ( محمد بن سعد العسال ) :

( كانَ من القرّاء المجوّدين الموصوفين بحسن الأداء ، يُقصدُ في رمضان لسماع قراءته في صلاة التراويح من الأماكن البعيدة ) (٤).

__________________

(١) الحطّاب الرعيني ، مواهب الجليل ، ج : ٢ ، ص : ٣٧٧.

(٢) الكاساني الحنفي ، علاء الدين بن مسعود ، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، ج : ١ ، ص : ١٥٧.

(٣) بن قدامة ، موفق الدين ، المغني ، ج : ٢ ، ص : ٣٣.

وانظر : محمد بن إسماعيل الكحلاني ، سبل السلام شرح بلوغ المرام في جمع أدلة الأحكام لابن حجر العسقلاني ، ج : ٢ ، ص : ٢٩.

وانظر : محمد بن علي الشوكاني ، نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخبار ، ج : ٣ ، ص : ٢٠١.

(٤) السعيد ، لبيب ، التغني بالقرآن ، ص : ١١٦ ، عن : ابن الجوزي ، المنتظم ، ج : ٦ ، ص : ٢٢ ، وابن رجب ، الذيل على طبقات الحنابلة ، ج : ١ ، ص : ١١٣.

٢٣٩

(٢)

بصمات التراويحِ على الوحدةِ الإسلامية

لقد دفعَ أتباعَ مدرسةِ أهلِ البيتِ عليهم‌السلام ثمنَ تمسكهم بسُنَّةِ رسولِ اللهِ الناصعةِ على مرِّ العصورِ باهضاً وثميناً ، فقد أخذت الشبهاتُ تثارُ حولهم من كلِّ جانبٍ ومكان ، وأخذ المتعصبونَ يكيلونَ لهم الاتهامات الباطلة من دونِ أدنى سببٍ ، وانقلبت الموازينُ الحقيقيةُ رأساً على عقب ، وأصبح أصحابُ البدعِ والضلالات يتهمونَ أصحابَ الحقِّ والبصيرةِ بعدمِ الإتباع.

وبدلاً من أنْ تبحثَ الأُمورُ وفقاً للمناهج العلميةِ ، والآراءِ الموضوعية ، والدراساتِ التحليلية ، لبلوغ الحقيقة ، والتقاربِ والتآلف ، أصبحَ منطقُ كيلِ الاتهاماتِ ، وإثارةِ الضغائنِ والأحقاد هو السائد والرائج على مسرحِ الخلاف.

وكانت ( صلاةُ التراويح ) واحدةً من المفردات التي شهدت سيادةَ الأهواءِ على العقلِ ، وغلبةَ الشقاقِ على الوحدة ، واستعلاءِ الضغينةِ على المودةِ والمحبة.

ولا نريدُ أنْ نستفيضَ في ذكرِ الشواهدِ على هذا اللونِ من مصادرةِ العقلِ ، وظلمِ الحقائق؛ لأنَّ في ذلك إيلاماً للنفس ، وتهييجاً للمشاعر ، وإدماءاً للقلوبِ التي عشقت منهج أهل بيتِ النبوة ، وسارت على محجتهم ، وانتهلت من معين علومهم ، فدفعت ثمنَ ذلكَ ظلامةً ، وتنكيلاً ، ومطاردةً ، وتقتيلاً ، على مدى العصورِ ، من قبل السياساتِ الظالمة ، والعصبيات المقيتة (١).

__________________

(١) راجع على سبيل المثال لا الحصر : المجازر والتعصبات الطائفية في عهد الشيخ المفيد لفارس الحسّون؛ فقد تناول الكتاب حقبةً زمنيةً محددةً ، وهي تعتبر فترةً قصيرةً بالنسبة إلى التاريخ الإسلامي الطويل ، ولكنَّها على الرغم من ذلك فقد زخرت بالمآسي المريرة ، والفجائع الكبيرة ، التي سوف تبقى شاهداً يحكي مظلومية أهل البيت (ع) وأتباعهم على مستوى الفكر والجسد ، على مدى العصور.

٢٤٠