مستدرك الوسائل - ج ١٧

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]

مستدرك الوسائل - ج ١٧

المؤلف:

الشيخ حسين النوري الطبرسي [ المحدّث النوري ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٦٢

١٣ ـ ( باب أنه إذا كان جماعة جلوسا وسطهم كيس ، فقالوا

كلهم : ليس لنا ، وادعاه واحد حكم له به )

[ ٢١٦٣٩ ] ١ ـ الصدوق في المقنع : وان وجد كيس بين جماعة ، فقالوا كلهم : ليس هو لنا ، وقال واحد : هو لي ، فهو له.

١٤ ـ ( باب أن للقاضي أن يحكم بعلمه من غير بينة )

[ ٢١٦٤٠ ] ١ ـ الشيخ المفيد في الإختصاص : عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن غياث بن كلوب ، عن إسحاق بن عمار ، عن جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) : « أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، اشترى فرسا من اعرابي فأعجبه ، فقام أقوام من المنافقين حسدوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على ما أخذ منه ، فقالوا للأعرابي : لو بلغت به إلى السوق بعته باضعاف هذا ، فدخل الاعرابي الشره فقال : الا ارجع فأستقيله؟ فقالوا : لا ، ولكنه رجل صالح ، فإذا جاءك بنقدك فقل : ما بعتك بهذا ، فإنه سيرده عليك.

فلما جاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، اخرج إليه النقد ، فقال : ما بعتك بهذا ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : والذي بعثني بالحق ، لقد بعتني بهذا ، فقام خزيمة بن ثابت فقال : يا اعرابي ، اشهد لقد بعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بهذا الثمن الذي قال ، فقال الاعرابي : لقد بعته وما معنا أحد ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لخزيمة : كيف شهدت بهذا؟ فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، تخبرنا عن الله وأخبار السماوات فنصدقك ، ولا نصدقك في ثمن هذا الفرس ، فجعل رسول الله

__________________

الباب ١٣

١ ـ المقنع ص ١٣٤.

الباب ١٤

١ ـ الاختصاص ص ٦٤.

٣٨١

( صلى الله عليه وآله ) شهادته شهادة رجلين فهو ذو الشهادتين ».

[ ٢١٦٤١ ] ٢ ـ الصدوق في الفقيه : عن محمد بن بحر الشيباني ، عن أحمد بن الحارث ، قال : حدثنا (١) أبو أيوب الكوفي ، قال : حدثنا إسحاق بن وهب العلاف أبو عاصم النبال (٢) ، عن ابن جريح ، عن الضحاك ، عن ابن عباس ، قال : خرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من منزل عائشة ، فاستقبله اعرابي ومعه ناقة ، فقال : يا محمد ، تشتري هذه الناقة؟ فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « نعم ، بكم تبيعها يا أعرابي؟ » فقال : بمائتي درهم ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « بل ناقتك خير من هذا » قال : فما زال النبي ( صلى الله عليه وآله ) يزيد ، حتى اشترى الناقة بأربعمائة درهم ، قال : فلما دفع النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى الاعرابي الدراهم ، ضرب الاعرابي يده إلى زمام الناقة ، فقال : الناقة ناقتي ، والدراهم دراهمي ، فإن كان لمحمد ( صلى الله عليه وآله ) شئ فليقم البينة.

قال : فاقبل رجل فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « أترضى بالشيخ المقبل؟ » قال : نعم يا محمد ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « تقضي فيما بيني وبين هذا الاعرابي » فقال : تكلم يا رسول الله ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « الناقة ناقتي ، والدراهم دراهم الاعرابي » فقال الاعرابي : بل الناقة ناقتي ، والدراهم دراهمي ، إن كان لمحمد ( صلى الله عليه وآله ) شئ فليقم البينة ، فقال الرجل : القضية فيها واضحة يا رسول الله ، [ وذلك ] (٣) أن الاعرابي طلب البينة ، فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « اجلس » فجلس.

__________________

٢ ـ من لا يحضره الفقيه ج ٣ ص ٦١.

(١) في المخطوط : « حدث » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر : النبيل ، وكلاهما وارد راجع « معجم رجال الحديث ج ٢٢ ص ١٧٠ وتقريب التهذيب ج ٢ ص ٤٤٣ ».

(٣) أثبتناه من المصدر.

٣٨٢

ثم أقبل رجل آخر : فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « أترضى يا اعرابي بالشيخ المقبل؟ » قال : نعم يا محمد ، فلما دنا ، قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « اقض فيما بيني وبين هذا الاعرابي » قال : تكلم يا رسول الله فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « الناقة ناقتي ، والدراهم دراهم الاعرابي : فقال الاعرابي : لا ، بل الدراهم دراهمي ، والناقة ناقتي ، إن كان لمحمد ( صلى الله عليه وآله ) شئ فليقم البينة ، فقال الرجل : القضية فيها واضحة يا رسول الله ، لان الاعرابي طلب البينة ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « اجلس ، حتى يأتي الله بمن يقضي بيني وبين الاعرابي بالحق ».

فأقبل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « أترضى بالشباب المقبل؟ » قال : نعم ، فلما دنا ، قال : « يا أبا الحسن ، اقض فيما بيني وبين الاعرابي » فقال : « تكلم يا رسول الله » فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « الناقة ناقتي ، والدراهم دراهم الاعرابي » فقال الاعرابي : لا ، بل الناقة ناقتي ، والدراهم دراهمي ، إن كان لمحمد ( صلى الله عليه وآله ) شئ فليقم البينة ، فقال علي ( عليه السلام ) : « خل بين الناقة وبين رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) » فقال الاعرابي : ما كنت بالذي أفعل أو يقيم البينة ، قال : فدخل علي ( عليه السلام ) منزله ، فاشتمل على قائم سيفه ثم أتى ، فقال : « خل بين الناقة وبين رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) » قال : ما كنت بالذي افعل أو يقيم البينة ، قال : فضربه علي ( عليه السلام ) ضربة ، فاجتمع أهل الحجاز على أنه رمى برأسه ، وقال بعض أهل العراق : ٨ل قطع منه عضوا ، قال : فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « ما حملك على هذا يا علي؟ » فقال : « يا رسول الله ، نصدقك على الوحي من السماء ، ولا نصدقك على أربعمائة درهم ».

ثم قال الصدوق : هذان الحديثان غير مختلفين ، لأنهما في قضيتين ، وكانت هذه القضية قبل القضية التي ذكرتها قبلها ، انتهى. والتي ذكرها

٣٨٣

قبلها هي المذكورة في الأصل (٤).

١٥ ـ ( باب أنه يستحب للقاضي تفريق الشهود عند الريبة ،

واستقصاء سؤالهم عن مشخصات القضية ، فان اختلفوا ردت

شهادتهم ، وعدم وجوب التفريق )

[ ٢١٦٤٢ ] ١ ـ ابن شهرآشوب في المناقب : عن الواقدي وإسحاق الطبري : ان عمير بن وابل الثقفي ، امره حنظلة بن أبي سفيان أن يدعي على علي ( عليه السلام ) ثمانين مثقالا من الذهب ، وديعة عند محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، وأنه هرب من مكة وأنت وكيله ، فان طلب بينة الشهود فنحن معشر قريش نشهد عليه ، وأعطوه على ذلك مائة مثقال من الذهب ، منها قلادة عشرة مثاقيل لهند ، فجاء وادعى على علي ( عليه السلام ) فاعتبر الودائع كلها ، ورأي عليها أسامي أصحابها ، ولم يكن لما ذكره عمير خبر ، فنصح له نصحا كثيرا ، فقال : إن لي من يشهد بذلك ، وهو أبو جهل وعكرمة وعقبة بن أبي معيط وأبو سفيان وحنظلة ، فقال ( عليه السلام ) : « مكيدة تعود على من دبرها » ثم أمر الشهود أن يقعدوا في الكعبة ، ثم قال لعمير : « يا أخا ثقيف ، أخبرني الآن حين دفعت وديعتك هذه إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، أي الأوقات كان؟ » قال : ضحوة نهار ، فأخذها بيده ودفعها إلى عبده ، ثم استدعى بأبي جهل وسأله عن ذلك ، قال : ما يلزمني ذلك ، ثم استدعى بأبي سفيان وسأله ، فقال : دفعها عند غروب الشمس ، وأخذها من يده وتركها في كمه ، ثم استدعى حنظلة وسأله عن ذلك ، فقال : كان عند وقت وقوف الشمس في كبد السماء ، وتركها بين يديه إلى وقت انصرافه ثم استدعى بعقبة وسأله عن ذلك ، فقال : تسلمها عن ذلك فقال تسلمها بيده وأنفذها في الحال إلى داره ، وكان وقت العصر ، ثم

__________________

(٤) وسائل الشيعة ، الباب ١٨ من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ، الحديث ١.

الباب ١٥

١ ـ المناقب ج ٢ ص ٣٥٢.

٣٨٤

استدعى بعكرمة وسأله عن ذلك ، فقال : كان بزوغ الشمس ، أخذها فأنفذها من ساعته إلى بيت فاطمة ( عليها السلام ) ، ثم أقبل على عمير ، وقال له : « أراك قد اصفر لونك وتغيرت أحوالك » قال : أقول الحق ولا يفلح غادر : وبيت الله ما كان لي عند محمد ( صلى الله عليه وآله ) وديعة ، وانهما حملاني على ذلك ، وهذه دنانيرهم (١) وعقد هند عليها اسمها مكتوب .. الخبر.

١٦ ـ ( باب أنه يستحب للقاضي تفريق أهل الدعوى والمنكرين

مع الريبة ، واستقصاء سؤالهم ، وابطال دعواهم إن اختلفوا ،

وعدم وجوب التفريق )

[ ٢١٦٤٣ ] ١ ـ الجعفريات : أخبرنا عبد الله ، أخبرنا محمد ، حدثني موسى قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده : « أن عليا ( عليهم السلام ) رفع إليه قوم خرجوا جماعة ، فرجعوا كلهم غير رجل منهم ، قال : ففرق علي ( عليهم السلام ) بينهم ، ثم سأل أحدهم : ما صنعتم بالرجل؟ فجحده ، وقال : لا علم لي ، فقال علي ( عليه السلام ) : الله أكبر ، ورفع صوته حتى أسمع الباقين ، وظنوا أن صاحبهم قد أقر ، ثم عزله ودعا بآخر ، فقال له : اصدقني الخبر ، فقال : قتلناه وأخذنا ماله ، قال : فقال علي ( عليه السلام ) : الله أكبر ، ثم دعا بآخر فآخر ، فقتلهم كلهم الا المنكر ».

[ ٢١٦٤٤ ] ٢ ـ دعائم الاسلام : عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنه دخل يوما إلى مسجد الكوفة من الباب القبلي ، فاستقبله نفر فيهم فتى حدث يبكي والقوم يسكتونه ، فوقف عليهم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال للفتى :

__________________

(١) في المخطوط : دنانير ، وما أثبتناه من المصدر.

الباب ١٦

١ ـ الجعفريات ص ١٢٦.

٢ ـ دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٠٤.

٣٨٥

« ما يبكيك؟ » فقال : يا أمير المؤمنين ، إن أبي خرج مع هؤلاء في سفر للتجارة ، فرجعوا ولم يرجع أبي ، فسألتهم عنه فقالوا : مات ، وسألتهم عن ماله فقالوا : لم يخلف مالا ، فقدمتهم إلى شريح فلم يقض لي عليهم بشئ غير اليمين ، وأنا أعلم يا أمير المؤمنين ، أن أبي معه مال كثير.

فقال لهم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « ارجعوا » فردهم معه ووقف على شريح فقال : « ما يقول هذا الفتى ، يا شريح؟ » فقال شريح : يا أمير المؤمنين ، ان هذا الفتى ادعى على هؤلاء القوم دعوى ، فسألته البينة فلم يحضر أحدا ، فاستحلفتهم ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « هيهات يا شريح ، [ ليس ] (١) هكذا يحكم في هذا » قال شريح : فكيف احكم يا أمير المؤمنين فيه؟ قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « أنا أحكم فيه ، ولأحكمن اليوم فيه بحكم ما حكم به بعد داود النبي ( عليه السلام ) أحد » ثم جلس في مجلس القضاء ، ودعا بعبيد الله بن أبي رافع ـ وكان كاتبه ـ وأمره (٢) أن يحضر صحيفة ودواة ، ثم أمر بالقوم أن يفرقوا في نواحي المسجد ، ويجلس كل رجل منهم إلى سارية ، وأقام مع كل ( واحد منهم رجلا (٣) ، وأمر بأن تغطي رؤوسهم ، وقال لمن حوله : « إذا سمعتموني كبرت فكبروا » ثم دعا برجل منهم ، فكشف عن وجهه ونظر إليه وتأمله ، وقال : « أتظنون إني لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتى؟ أني إذا لجاهل » ثم أقبل عليه فسأله فقال : مات يا أمير المؤمنين ، فسأله كيف كان مرضه؟ وكم مرض؟ وأين مرض؟ وعن أسبابه في مرضه كلها؟ وحين احتضر ، ومن تولى تغميضه؟ ومن غسله؟ وما كفن فيه؟ ومن حمله؟ ومن صلى عليه؟ ومن دفنه؟ فلما فرغ من السؤال رفع صوته وقال : « الحبس الحبس » وكبر وكبر من كان معه ، فارتاب القوم ، ولم يشكوا أن صاحبهم قد أقر.

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المخطوط : « فأمر » وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في المخطوط : « رجل واحدا » وما أثبتناه من المصدر.

٣٨٦

ثم دعا برجل آخر ، فقال له مثل ما قال للأول ، فقال الرجل : يا أمير المؤمنين ، إنما كنت واحدا من القوم ، ولقد كنت ـ علم الله ـ كارها لقتله ، وأقر بالقتل. ثم دعاهم واحدا واحدا ، فأقروا أجمعين ما خلا الأول ، وأقروا بالمال فردوه ، والزمهم ما يجب في القصاص ، فقال شريح : يا أمير المؤمنين ، كيف كان حكم داود ، في مثل هذا الذي أخذته عنه؟

فقال ( عليه السلام ) : « مر داود ( عليه السلام ) بغلمان يلعبون ، وفيهم غلام منهم ينادونه : يا مات الدين ، فيجيبهم ، فوقف عليه داود ( عليه السلام ) فقال : يا غلام ، ما اسمك؟ فقال : مات الدين ، قال : ومن سماك بهذا الاسم؟ قال : أمي ، قال : وأين أمك؟ قال : في بيتها ، قال : امض بين يدي إليها ، فمضى الغلام واستخرج أمه ، فقال لها داود ( عليه السلام ) : هذا ابنك؟ قالت : نعم ، قال : ما اسمه؟ قالت : مات الدين ، قال : ومن سماه بهذا الاسم؟ قالت : أبوه ، قال : وأين أبوه؟ قالت : خرج مع قوم في سفر لهم بتجارة ، فرجعوا ولم يرجع ، فسألتهم عنه فقالوا : مات وسألتهم عن ماله ، فقالوا : ذهب ، فقلت أوصاكم في أمري بشئ؟ فقالوا : نعم ، أوصانا وأعلمنا بأنك حبلى ، فمهما ولدت من ولد ، فسميه مات الدين ، قال : وأين هؤلاء القوم؟ قالت : حضور قال : امضي معي إليهم ، فجمعهم وفعل في أمرهم مثل الذي فعلته ، وحكم بما حكمت ، وقال للمرأة : سمي ابنك هذا عاش الدين ».

١٧ ـ ( باب جملة من القضايا والاحكام المنقولة عن

أمير المؤمنين ( عليه السلام ) )

[ ٢١٦٤٥ ] ١ ـ السيد الرضي ( رحمه الله ) في كتاب الخصائص : عن أبي أيوب المدني ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي المعلى ،

__________________

الباب ١٧

١ ـ الخصائص ص ٥٧.

٣٨٧

عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، قال : « أتي عمر بامرأة قد تعلقت برجل من الأنصار ، وكانت تهواه ولم تقدر له على حيلة ، فذهبت فأخذت بيضة فأخرجت منها الصفرة ، وصبت البياض على ثيابها وبين فخذيها ، ثم جاءت إلى عمر فقالت : يا خليفة ، ان هذا الرجل اخذني في موضع كذا ففضحني ، قال : فهم عمر ان يعاقب الأنصاري ، وعلي جالس ، فجعل الأنصاري يحلف ويقول : يا أمير المؤمنين ، تثبت في أمري ، فلما أكثر من هذا القول ، قال عمر : يا أبا الحسن ، ما ترى؟ فنظر علي ( عليه السلام ) إلى بياض على ثوب المرأة وبين فخذيها ، فاتهمها أن تكون احتالت لذلك ، فقال : ائتوني بماء حار قد أغلي غليانا شديدا ففعلوا ، فلما أتي بالماء امرهم فصبوه على موضع البياض ، فاشتوى ذلك البياض ، فأخذه ( عليه السلام ) فألقاه إلى فيه ، فلما عرف الطعم ألقاه من فيه ، ثم أقبل على المرأة فسألها حتى أقرت بذلك ، ورفع الله عن الأنصاري عقوبة عمر ، بأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ».

ورواه أبو الفتح الكراجكي في كنز الفوائد : باختلاف في الألفاظ ، وفي آخره : « فلما أتي بالماء الحار ، أمر أن يلقى على ثوبها ، فألقي فانسلق بياض البيض وظهر أمره ، فأمر رجلين من المسلمين فيطعماه ويلقياه ، ليقع العلم اليقين به ، ففعلاه فرأياه بيضا ، فخلى الغلام ، وأمر بالمرأة فأوجعها أدبا (١) ».

[ ٢١٦٤٦ ] ٢ ـ وباسناده مرفوع إلى عاصم بن ضمرة السلولي قال : سمعت غلاما بالمدينة على عهد عمر بن الخطاب ، وهو يقول : يا احكم الحاكمين ، احكم بيني وبين أمي ، فقال له عمر : يا غلام ، لم تدعو على أمك؟ فقال : يا خليفة ، انها حملتني في بطنها تسعا ، وأرضعتني حوليين ، فلما ترعرعت وعرفت الخير من الشر ويميني من شمالي ، طردتني وانتفت وزعمت أنها لا تعرفني ، فقال عمر : أين تكون المرأة؟ فقال : في سقيفة بني فلان ، فقال

__________________

(١) كنز الفوائد ص ٢٨٤ ، وعنه في البحار ج ١٠٤ ص ٢٩٨.

٢ ـ الخصائص ص ٥٧.

٣٨٨

عمر : علي بأم الغلام ، قال : فأتوا بها مع أربعة اخوة (١) في قسامة يشهدون أنها لا تعرف الصبي ، وان هذا الغلام مدع ظلوم غشوم ، يريد أن يفضحها في عشيرتها ، وان هذه الجارية من قريش لم تتزوج قط ، وأنها بخاتم ربها.

فقال عمر : يا غلام ما تقول؟ فقال : والله هذه أمي ، حملتني تسعا ، وأرضعتني حولين ، فلما ترعرعت وعرفت الخير من الشر ويميني وشمالي ، طردتني وانتفت مني ، وزعمت أنها لا تعرفني ، فقال عمر : يا هذه ، ما يقول الغلام؟ فقالت : والذي احتجت بالنور فلا عين تراه ، وحق محمد ( صلى الله عليه وآله ) وما ولد ، ما أعرفه ولا أدرى أي الناس هو ، وانه غلام مدع يريد أن يفضحني في عشيرتي ، وأنا جارية من قريش لم أتزوج قط ، وإني بخاتم ربي ، فقال عمر : ألك شهود؟ فقالت : نعم هؤلاء ، فتقدم القسامة فشهدوا أن هذا الغلام مدع يريد أن يفضحها في عشيرتها ، وأن هذه جارية من قريش لم تتزوج قط ، وأنها بخاتم ربها ، فقال عمر : خذوا بيد الغلام وانطلقوا به إلى السجن ، حتى نسأل عن الشهود ، فإن عدلت شهادتهم جلدته حد المفتري.

فأخذ بيد الغلام ينطلق به إلى السجن ، فتلقاهم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في بعض الطريق ، فنادى الغلام : يا ابن عم رسول الله ، اني غلام مظلوم ، وأعاد عليه الكلام الذي كلم به عمر ، ثم قال : وهذا عمر قد أمر بي إلى الحبس. فقال ( عليه السلام ) : « ردوه » فلما ردوه قال لهم : أمرت به إلى السجن فرددتموه إلي ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، أمرنا علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) برده إليك ، وسمعناك تقول : لا تعصوا لعلي ( عليه السلام ) أمرا ، فبينا هم كذلك إذ أقبل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فقال ( عليه السلام ) : « علي بأم الغلام » فأتوا بها ، فقال علي ( عليه السلام ) : « يا غلام ما تقول؟ » فأعاد عليه الكلام ، فقال

__________________

(١) في المصدر زيادة : لها.

٣٨٩

( عليه السلام ) لعمر : « أتأذن لي أن اقضي بينهما؟ » فقال عمر : يا سبحان الله ، وكيف لا ، وقد سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : « أعلمكم علي بن أبي طالب ».

فقال ( عليه السلام ) للمرأة : « ألك شهود؟ » قالت : نعم ، فتقدم القسامة فشهدوا بالشهادة الأولى ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « والله ، لأقضين بينكم اليوم بقضية هي مرضاة الرب من فوق عرشه ، علمنيها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) » ثم قال لها : « ألك ولي؟ » فقالت : نعم ، هؤلاء اخوتي ، فقال لاخوتها : « أمري فيكم وفيها جائز » قالوا : نعم ، يا ابن عم رسول الله ، أمرك فينا وفي أختنا جائز ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « أشهد الله ، واشهد عمر ، واشهد من حضر من المسلمين ، أني قد زوجت هذه المرأة من هذا الغلام ، على أربعمائة درهم ، والمهر من مالي ، يا قنبر علي بالدراهم » فأتاه قنبر بها ، فصبها في يد الغلام ، ثم قال : « خذها فصبها في حجر امرأتك ، ولا تأتنا إلا وبك اثر العرس » يعني الغسل ، فقام الغلام فصب الدراهم في حجر المرأة ، ثم تلببها وقال لها : قومي ، فنادت المرأة : النار النار ، يا بن عم رسول الله ، تريد أن تزوجني ولدي ، هذا والله ولدي ، زوجني اخوتي هجينا فولدت منه هذا ، فلما ترعرع وشب أمروني أن أنتفي منه وأطرده ، وهذا والله ابني ، وفؤادي يتحرق أسفا على ولدي ، قال : ثم أخذت بيد الغلام وانطلقت ، ونادى عمر : واعمراه ، لولا علي لهلك عمر.

[ ٢١٦٤٧ ] ٣ ـ وباسناده مرفوع قال : بينا رجلان جالسان في دار عمر بن الخطاب ، إذ مر بهما رجل مقيد ـ وكان عبدا ـ فقال أحدهما : إن لم يكن في قيده كذا وكذا ، فامرأته طالق ثلاثا ، فقال الآخر : إن كان فيه كما قلت ، فامرأته طالق ثلاثا ، قال : فذهبا إلى مولى العبد فقالا : انا قد حلفنا على كذا وكذا ، فحل قيد غلامك حتى نزنه ، فقال مولى العبد : امرأته طالق إن

__________________

٣ ـ الخصائص ص ٦٠.

٣٩٠

حللت قيد غلامي ، قال : فارتفعا إلى عمر ، فقصوا عليه القصة ، فقال : مولاه أحق به ، اذهبوا فاعتزلوا نساءكم ، فقالوا : اذهبوا بنا إلى علي ( عليه السلام ) ، لعله أن يكون عنده في هذا شئ.

فاتوه ( عليه السلام ) ، فقصوا عليه القصة ، فقال : « ما أهون هذا! » ثم دعا بجفنة ، وأمر بقيد الغلام فشد عليه خيط ، وادخل رجليه والقيد في الجفنة ، ثم صب الماء عليه حتى امتلأت ، ثم قال : « ارفعوا القيد » فرفع القيد حتى أخرج من الماء ، فلما أخرج نقص الماء ، ثم دعا بزبر الحديد فأرسلها في الماء ، حتى تراجع الماء إلى موضعه حين كان القيد فيه ، ثم قال : « زنوا هذا الحديد ، فإنه وزنه ».

[ ٢١٦٤٨ ] ٤ ـ وروي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) (١) : « ادعى (٢) رجلان كل واحد على صاحبه أنه مملوكه ، ولم يكن لهما بينة ، فبنى لهما بيتا وجعل لهما كوتين قريبة إحداهما من الأخرى ، وأدخلهما البيت وأخرج رأسيهما من الكوتين ، وقال لقنبر : قم عليهما بالسيف ، فإذا قلت لك : اضرب عنق المملوك ، ففزعهما ولا تضربن أحدا منهما ، ثم قال له : اضرب عنق المملوك ، فهز قنبر السيف ، فأدخل أحدهما رأسه وبقي رأس الآخر خارجا من الكوة ، فدفع الذي أدخل رأسه إلى صاحبه ، وقال له : اذهب فإنه مملوكك ».

] ٢١٦٤٩ ] ٥ ـ ابن شهرآشوب في المناقب مرسلا : ان غلاما طلب مال أبيه من عمر ، وذكر أن والده توفي بالكوفة ، والولد طفل بالمدينة ، فصاح عليه عمر وطرده ، فخرج يتظلم منه ، فلقيه علي ( عليه السلام ) ، فقال : « ائتوني به إلى الجامع ، حتى اكشف أمره » فجئ به ، فسأله عن حاله ، فأخبره

__________________

٤ ـ الخصائص ص ٦١.

(١) في المصدر زيادة : أنه قال.

(٢) في المصدر زيادة : على عهد أمير المؤمنين ( عليه السلام ).

٥ ـ المناقب ج ٢ ص ٣٥٩.

٣٩١

بخبره ، فقال ( عليه السلام ) : « لأحكمن فيه بحكومة حكم الله بها من فوق سبع سماواته ، لا يحكم بها إلا من ارتضاه لعلمه » ثم استدعى بعض أصحابه وقال : « هات مجرفة (١) » ثم قال : « سيروا بنا إلى قبر والد الصبي » فساروا فقال : « احفروا هذا القبر وانبشوه ، واستخرجوا لي ضلعا من أضلاعه » فدفعه إلى الغلام فقال له : « شمه » فلما شمه انبعث الدم من منخريه ، فقال : ( عليه السلام ) : « انه ولده ».

قال عمر : بانبعاث الدم تسلم إليه المال ، فقال : « انه أحق بالمال منك ، ومن سائر الخلق أجمعين » ثم أمر الحاضرين بشم الضلع ، فشموه فلم ينبعث الدم من واحد منهم ، فأمر أن أعيد إليه ثانية وقال : « شمه » فلما شمه انبعث الدم انبعاثا كثيرا ، فقال ( عليه السلام ) : « إنه أبوه » فسلم إليه المال ، ثم قال : « والله ما كذبت ولا كذبت ».

[ ٢١٦٥٠ ] ٦ ـ وعن قيس بن الربيع ، عن جابر الجعفي ، عن تميم بن حزام الأسدي ، أنه رفع إلى عمر منازعة جاريتين ، تنازعتا في ابن وبنت ، فقال : أين أبو الحسن ، مفرج الكرب؟ فدعي له به ، فقص عليه القصة ، فدعا بقارورتين فوزنهما ، ثم أمر كل واحدة فحلبت في قارورة ، ووزن القارورتين فرجحت إحداهما على الأخرى ، فقال : « الابن للتي لبنها أرجح ، والبنت للتي لبنها أخف » ، فقال عمر : من أين قلت ذلك يا أبا الحسن؟ فقال : « لان الله جعل للذكر مثل حظ الأنثيين » وقد جعلت الأطباء ذلك أساسا في الاستدلال على الذكر والأنثى.

[ ٢١٦٥١ ] ٧ ـ الشيخ شاذان بن جبرئيل القمي في كتاب الفضائل : عن الواقدي ، عن جابر ، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه ، قال : جاء إلى عمر بن الخطاب غلام يافع ، فقال له : إن أمي جحدت حقي من ميراث

__________________

(١) المجرفة : المسحاة يجرف بها التراب ونحوه ( مجمع البحرين ج ٥ ص ٣٢ ).

٦ ـ المناقب ج ٢ ص ٣٦٧.

٧ ـ فضائل ابن شاذان ص ١٠٩ ، وعنه في البحار ج ٤٠ ص ٢٦٨ ح ٣٨.

٣٩٢

أبي وأنكرتني ، وقالت : لست بولدي ، فأحضرها وقال لها : لم جحدت ولدك هذا الغلام وأنكرتيه؟ قالت : انه كاذب في زعمه ، ولي شهود بأني بكر عاتق ما عرفت بعلا ، وكانت قد أرشت سبع نفر ( من النساء ) (١) كل واحدة بعشرة دنانير (٢) ، بأني بكر لم أتزوج ولا اعرف بعلا ، فقال لها عمر : أين شهودك؟ فأحضرتهن (٣) بين يديه ، فشهدن (٤) انها بكر لم يمسها ذكر ولا بعل ، فقال الغلام : بيني وبينها علامة ، اذكرها لها عسى تعرف ذلك ، فقال له : قل ما بدا لك ، فقال الغلام : كان والدي شيخ سعد بن مالك يقال له : الحارث المزني ، و [ إني ] (٥) رزقت في عام شديد المحل ، وبقيت عامين كاملين أرتضع من شاة ، ثم أنني كبرت وسافر والدي مع جماعة في تجارة ، فعادوا ولم يعد والدي معهم ، فسألتهم عنه فقالوا : إنه درج ، فلما عرفت والدتي الخبر ، أنكرتني وأبعدتني ، وقد أضرت بي الحاجة.

فقال عمر : هذا مشكل ، لا يحله إلا نبي أو وصي نبي ، فقوموا بنا إلى أبي الحسن علي ( عليه السلام ) : فمضى الغلام وهو يقول : أين منزل كاشف الكروب ، ومحل المشكلات؟ فوقف هناك يقول : يا كاشف الكروب ، أين خليفة هذه الأمة حقا؟ فجاؤوا به إلى منزل علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، كاشف الكروب ومحل المشكلات ، فوقف هناك يقول : يا كاشف الكروب عن هذه الأمة ، فقال له الامام : « ومالك يا غلام؟ » فقال : يا مولاي ، أمي جحدتني حقي ، وأنكرتني [ وزعمت ] (٦) أني لم أكن ولدها ، فقال ( عليه السلام ) : « أين قنبر؟ » فأجابه : لبيك يا مولاي ، فقال له : « امض واحضر الامرأة إلى مسجد

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) في المصدر زيادة : وقالت لهم اشهدوا.

(٣) في المصدر : فأحضرتهم.

(٤) في المصدر : فقال : بم تشهدون ، فقالوا له : نشهد.

(٥) أثبتناه من المصدر.

(٦) أثبتناه من المصدر.

٣٩٣

رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) » فمضى قنبر وأحضرها بين يدي الامام ، فقال لها : « ويلك ، لم جحدت ولدك؟ » فقالت : يا أمير المؤمنين ، انا بكر ليس لي ولد ، ولم يمسسني بشر ، قال لها : « لا تطيلي الكلام ، انا ابن عم البدر التمام ، وأنا مصباح الظلام ، وان جبرئيل أخبرني بقصتك » فقالت : يا مولاي احضر قابلة تنظرني ، أنا بكر عاتق أم لا ، فاحضروا قابلة أهل الكوفة ، فلما دخلت بها أعطتها سوارا كان في عضدها ، وقالت لها : اشهدي بأني بكر ، فلما خرجت من عندها قالت له : يا مولاي إنها بكر ، فقال ( عليه السلام ) : « كذبت العجوز ، يا قنبر فتش العجوز ، وخذ منها السوار » قال قنبر : فأخرجته من كتفها ، فعند ذلك ضج الخلائق ، فقال الامام : « اسكتوا فأنا عيبة علم النبوة » ثم أحضر الجارية وقال لها : « يا جارية أنا زيد الدين ، أنا قاضي ، الدين أنا أبو الحسن والحسين ، أنا أريد أن أزوجك من هذا الغلام المدعي عليك ، فتقبلينه مني زوجا؟ » فقالت : لا يا مولاي ، أتبطل شرع محمد ( صلى الله عليه وآله ) فقال لها : « بماذا؟ » فقالت : تزوجني بولدي ، كيف يكون ذلك!؟ فقال الامام : « جاء الحق وزهق الباطل ، وما يكون هذا منك قبل الفضيحة » فقالت : يا مولاي ، خشيت على الميراث ، فقال لها : « استغفري الله تعالى وتوبي إليه » ثم إنه أصلح بينهما ، والحق الولد بوالدته ، وبإرث أبيه.

[ ٢١٦٥٢ ] ٨ ـ البحار ، عن كتاب صفوة الاخبار : عن علي ( عليه السلام ) : أنه قضى بالبصرة لقوم حدادين ، اشتروا باب حديد من قوم ، فقال أصحاب الباب : كذا وكذا منا ، فصدقوهم وابتاعوه ، فلما حملوا الباب على أعناقهم ، قالوا للمشتري : ما فيه ما ذكروه من الوزن ، فسألوهم الحطيطة فأبوا ، فارتجعوا عليهم ، فصاروا إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فقال : « أدلكم ، احملوه إلى الماء » فحمل فطرح في زورق صغير ، وعلم على الموضع الذي بلغه الماء ثم قال : « ارجعوا مكانه تمرا موزونا » فما زالوا

__________________

٨ ـ البحار ج ٤٠ ص ٢٨٦.

٣٩٤

يطرحونه شيئا بعد شئ موزونا حتى بلغ الغاية ، فقال : « كم طرحتم؟ » قالوا : كذا وكذا منا ورطلا ، قال ( عليه السلام ) : « وزنه هذا ».

[ ٢١٥٥٣ ] ٩ ـ الشيخ المفيد في الإختصاص : عن أبي أحمد ، عن رجل عن أبي عبد الله أو أبي جعفر ( عليهما السلام ) ، قال : « اجتمع رجلان يتغديان ، مع واحد ثلاثة أرغفة ، ومع واحد خمسة أرغفة ، قال : فمر بهما رجل فقال : السلام عليكما ، فقالا : وعليك السلام ، الغداء رحمك الله ، قال : فقعد وأكل معهما ، فلما فرغ قام فطرح إليهما ثمانية دراهم ، فقال : هذه عوض لكما بما أكلت من طعامكما ، قال : فتنازعا بها ، فقال صاحب الثلاثة : النصف لي والنصف لك ، وقال صاحب الخمسة ، لي خمسة بقدر خمستي ، ولك ثلاثة بقدر ثلاثتك ، فأبيا وتنازعا حتى ارتفعا إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فاقتصا عليه القصة.

فقال ( عليه السلام ) : ان هذا الامر الذي أنتما فيه دنئ ، ولا ينبغي أن ترفعا فيه إلى حكم ، ثم أقبل علي ( عليه السلام ) إلى صاحب الثلاثة فقال : أرى أن صاحبك قد عرض عليك أن يعطيك ثلاثة ، وخبزه أكثر من خبزك ، فارض به ، فقال : لا والله يا أمير المؤمنين ، لا أرضى إلا بمر الحق ، قال : فإنما لك في مر الحق درهم ، فخذ درهما واعطه سبعة ، فقال : سبحان الله يا أمير المؤمنين ، عرض علي ثلاثة فأبيت ، فآخذ واحدا! قال : عرض ثلاثة للصلح ، فحلفت أن لا ترضى إلا بمر الحق ، وإنما لك في مر الحق درهم ، قال : فأوقفني على هذا ، قال : أليس تعلم ، أن ثلاثتك تسعة أثلاث؟ قال : بلى ، قال : أوليس تعلم ، ان خمسته خمسة عشر ثلثا؟ قال : بلى ، قال : فذلك أربعة وعشرون ثلثا ، أكلت أنت ثمانة ، وأكل الضيف ثمانية ، وأكل هو ثمانية ، فبقي من تسعتك أنت واحد أكله الضيف ، وبقي من خمسة عشرة سبعة أكلها ، الضيف فله بسبعته سبعة ،

__________________

٩ ـ الاختصاص ص ١٠٧.

٣٩٥

ولك بواحدك الذي أكله الضيف واحد ».

[ ٢١٦٥٤ ] ١٠ ـ ورواه العلامة الكراجكي في كنز الفوائد : باختلاف ينبغي تكراره ، قال : روي أن رجلين جلسا للغداء ، فأخرج أحدهما خمسة أرغفة والآخر ثلاثة ، فعبر بهما في الحال رجل ثالث ، فعزما عليه فنزل فأكل معهما ، حتى استوفوا جميع [ ذلك ] (١) ، فلما أراد الانصراف دفع إليهما فضة ، وقال : هذه عوض مما أكلت من طعامكما ، فوزناها فصارفاها ثمانية دراهم ، فقال صاحب الخمسة الأرغفة : لي منها خمسة ولك ثلاثة بحساب ما كان لنا ، وقال الآخر : بل هي مقسومة نصفين بيننا ، وتشاحا فارتفعا إلى شريح القاضي ـ في أيام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ـ فعرفاه أمرهما ، فحار في قصتهما ولم يدر ما يحكم به بينهما ، فحملهما إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فقص عليه قصتهما ، فاستطرف أمرهما وقال : « إن هذا أمر فيه دناءة ، والخصومة [ فيه ] (٢) غير جميلة ، فعليكما بالصلح فإنه أجمل بكما » فقال صاحب الثلاثة الأرغفة ، لست أرضى إلا بمر الحق ، وواجب الحكم ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « فإذا أبيت الصلح ولم ترد إلا القضاء ، فلك درهم واحد ولرفيقك سبعة دراهم » فقال وقد عجب هو وجميع من حضر : يا أمير المؤمنين ، بين لي وجه ذلك لأكون على بصيرة من أمري.

فقال : « أنا أعلمك ، ألم يكن جميع ما لكما ثمانية أرغفة؟ أكل كل واحد منكما بحساب الثلث رغيفين وثلثين؟ (٣) » قال : بلى ، فقال : « لقد حصل لكل واحد منكم ثمانية أثلاث ، فلصاحب الخمسة الأرغفة خمسة عشر ثلثا ، أكل منها ثمانية ، بقي [ له ] (٤) سبعة ، وأنت لك ثلاثة أرغفة وهي تسعة

__________________

١٠ ـ كنز الفوائد ص ٢١٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المخطوط : وثلث ، وما أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه من المصدر.

٣٩٦

أثلاث ، أكلت منها ثمانية بقي لك ثلث واحد ، فلصاحبك سبعة دراهم ولك درهم واحد » فانصرفا على بينة من أمرهما.

[ ٢١٦٥٥ ] ١١ ـ المفيد أيضا في الرسالة العويصة : مسألة أخرى : في رجل ملك عبيدا ، من غير ابتياع لهم ، ولا هبة ، ولا صدقة ، ولا غنيمة حرب ، ولا ميراث من مالك تركهم.

الجواب : هذا الرجل تزوجت أمه بعد أبيه نصرانيا فأولدها أولادا ، وقضى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بقتلها ، وجعل أولادها من النصراني رقا لأخيهم المسلم.

١٨ ـ ( باب وجوب الحكم بملكية صاحب اليد حتى يثبت

خلافها ، وجواز الشهادة لصاحب اليد بالملك ، وأنه لا يجب على

القاضي تتبع احكام من قبله ، وحكم اختلاف

الزوجين في متاع البيت )

[ ٢١٦٥٦ ] ١ ـ أبو القاسم علي بن أحمد الكوفي في كتاب الاستغاثة : روى مشايخنا أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لما تقدم إلى أبي للشهادة بسبب أمر فدك ، فامتنع من قبول شهادته لفاطمة ( عليها السلام ) ، قال : « يا أبا بكر ، أنشدك الله إلا صدقتنا عما نسألك عنه » قال : قل ، قال : « أخبرني لو أن رجلين اختصما إليك في شئ هو في يد أحدهما دون الآخر ، أكنت تخرجه (١) من يده ، دون أن يثبت عندك ظلمه؟ » قال : لا ، قال : « فممن كنت تطلب البينة؟ وعلى من كنت توجب اليمين؟ » قال : أطلب البينة من المدعي (٢) ، و [ أوجب ] (٣) اليمين على من أنكر ، فان رسول الله ( صلى الله

__________________

١١ ـ الرسالة العويصة : مسألة ص ٦١.

الباب ١٨

١ ـ الاستغاثة ص ١٥.

(١) في المخطوط : أخرجته ، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المخطوط : للمدعي ، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٣٩٧

عليه وآله ) قال : « البينة على المدعي (٤) واليمين على من أنكر » فقال له علي ( عليه السلام ) : « أفتحكم فينا بغير ما تحكم به في المسلمين (٥)؟ » قال : وكيف ذلك؟ قال : « إن الذين يزعمون أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : ما تركناه فهو صدقة ، وأنت ممن له في هذه الصدقة نصيب وأنت لا تجيز شهادة الشريك لشريكه ، وتركة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في ( يد ورثته ) (٦) ، إلى أن تقوم البينة العادلة بأنها لغيره ، فعلى من ادعى ذلك إقامة البينة العادلة ممن لا نصيب له فيما يشهد به عليه وعلى ورثة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) اليمين فيما ينكرونه عن ذلك ، فمتى فعلت [ غير ] (٧) ذلك فقد خالفت نبينا ( صلى الله عليه وآله ) ، وتركت حكم الله وحكم رسوله ، إذ قبلت شهادة أهل (٨) الصدقة علينا ، وطالبتنا بإقامة البينة على ما ننكره مما ادعوه علينا ، فهل هذا إلا الظلم والتحامل!؟ ».

[ ٢١٦٥٧ ] ٢ ـ كتاب سليم بن قيس الهلالي : عن سلمان ، عن علي ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال : ثم أقبل على القوم فقال : « العجب لقوم (١) يرون سنن نبيهم تغير وتبدل ، شيئا بعد شئ ، فلا يغيرون ولا ينكرون ـ إلى أن قال ( عليه السلام ) ـ وقبض هو وصاحبه فدك ، وهي في يد فاطمة ( عليها السلام ) مقبوضة ، قد أكلت غلتها على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وسألها البينة على ما في يديها ، ولم يصدقها ، ولا صدق أم أيمن ، وهو يعلم يقينا أنها في يدها ، ولم يكن يحل له أن يسألها

__________________

(٤) في المخطوط : للمدعي ، وما أثبتناه من المصدر.

(٥) في المصدر : غيرنا.

(٦) في المصدر : أيدينا.

(٧) أثبتناه لاتمام السياق ، فإنه إن فعل ذلك فقد وافق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ).

(٨) في المصدر : الشريك في.

٢ ـ كتاب سليم بن قيس الهلالي ص ١٣٥ باختلاف.

(١) في المخطوط : لقومه ، وما أثبتناه من المصدر.

٣٩٨

البينة على ما في يدها ، ولا يتهما ، ثم استحسن الناس ذلك وحمدوه ، وقالوا : إنما حمله [ على ] (٢) ذلك الورع والفضل ، ثم حسن قبيح فعلهما [ ان عدلا عنها ] (٣) فقالا : نظن أن فاطمة ( عليها السلام ) لن تقول إلا حقا ، وأن عليا ( عليه السلام ) وأم أيمن لم يشهدا الا بحق ، فلو كانت مع أم أيمن امرأة أخرى أمضيناها لها ـ إلى أن قال ( عليه السلام ) ـ وقد قالت فاطمة ( عليها السلام ) لهما حين أراد انتزاعها منها : أليست في يدي وفيها وكيلي!؟ وقد أكلت غلتها ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حي!؟ قالا : بلى ، قالت : فلم تسألا [ ني ] (٤) البينة على ما في يدي؟ قالا : لأنها فئ المسلمين ، قالت : أفتريد ان (٥) ان تردا ما صنع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وتحكما في خاصته بما لم تحكما في سائر المسلمين!؟ أيها الناس ، اسمعوا ما ( ركب هؤلاء من الاثم ) (٦) أرأيتما إن ادعيت ما في أيدي المسلمين من أموالهم ، أتسألونني البينة أم تسألونهم؟ قال : بل نسألك ، قالت : فان ادعى جميع المسلمين ما في يدي ، أتسألوني البينة أم تسألونهم؟ فغضب عمر وقال : هذه أرض المسلمين وفيؤهم ، وهي في يد فاطمة ( عليها السلام ) تأكل غلتها ، وإنما تجب عليها البينة ، لأنها ادعت أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهبها لها من بين المسلمين ، وهي فيؤهم وحقهم » الخبر.

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه من المصدر.

(٥) في المخطوط : أفتريد ، وما أثبتناه من المصدر.

(٦) في المخطوط : يركبنا عتيق ، وما أثبتناه من المصدر.

٣٩٩

١٩ ـ ( باب كيفية الحكم على الغائب ، وحكم

القابلة المودعة لرجلين )

[ ٢١٦٥٨ ] ١ ـ دعائم الاسلام : عن جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) ، أنه كان يرى الحكم على الغائب ، ويكون الغائب على حجته إن كانت له ، فإن لم يوثق بالغريم المحكوم له ، أخذ عليه كفيل بما يدفع [ إليه ] (١) من مال الغائب ، فان كانت له حجة رد إليه.

[ ٢١٦٥٩ ] ٢ ـ الشيخ الطوسي في النهاية : روى ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن جماعة من أصحابنا ، عنهما ( عليهما السلام ) ، قال : « الغائب يقضى عليه إذا قامت عليه البينة ، ويباع ماله ويقضى عنه دينه وهو غائب ، ويكون الغائب على حجته إذا قدم ، قال : ولا يدفع المال إلى الذي أقام البينة إلا بكفلاء ».

٢٠ ـ ( باب أن القاضي إذا ترافع إليه أهل الكتاب ، فله ان

يحكم بينهم بحكم الاسلام ، وله أن يتركهم )

[ ٢١٦٦٠ ] ١ ـ دعائم الاسلام : عن علي ( عليه السلام ) ، أنه قال : « إذا ترافع إلى القاضي أهل الكتاب ، قضى بينهم بما أنزل الله عز وجل ، كما قال تبارك اسمه ».

__________________

الباب ١٩

١ ـ دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٤٠ ح ١٩٢٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ ـ النهاية ص ٣٥٢ ح ١٢.

الباب ٢٠

١ ـ دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٤٠ ح ١٩٢٥.

٤٠٠