ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

حسينة حسن الدّريب

ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

حسينة حسن الدّريب


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-50-8
الصفحات: ٣٨٤

قال : حدّثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن زرّ بن حبيش ، عن علي كرّم الله وجهه قال : والله الذي خلق الحبّة ، وبرأ النسمة إنّه لعهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّه لا يحبّني إلّا مؤمن ، ولا يبغضني إلّا منافق ) (١).

نصّ ماجاء في فيض القدير شرح الجامع الصغير :

أخرج أحمد من طريق الأجلح الكندي عن ابن بريدة عن أبيه قال : ( بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعثين إلى اليمن على أحدهما علي والآخر خالد ، فقال : إذا التقيتما فعلي على الناس ، وإن افترقتما فكلّ منكما على حده. فظهر المسلمون فسبوا ، فاصطفى علي امرأة من السبي لنفسه ، فكتب خالد إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بذلك ، فلمّا أتيته دفعت الكتاب فقرئ عليه ، فرأيت الغضب في وجهه فقلت : يا رسول الله هذا مكان العائذ بك ، فقال : لا تقع في علي فإنّه منّي وأنا منه ، وهو وليّكم بعدي ).

قال جدّنا للأم الزين العراقي : الأجلح الكندي وثّقه الجمهور ، وباقيهم رجاله رجال الصحيح.

وروى الترمذي والنسائي من حديث عمران بن الحصين في قصّة طويلة مرفوعاً : ( ما تريدون من علي إنّ علياً منّي وأنا من علي ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي ) (٢).

نصّ ماجاء في السنن الكبرى للنسائي :

ذكر قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : علي ولي كلّ مؤمن بعدي.

__________________

١ ـ خصائص أمير المؤمنين عليه‌السلام : ٩٣ ـ ١٠٤.

٢ ـ فيض القدير شرح الجامع الصغير : ج ٤ ، ص ٤٧١.

٨١

( ٨٤٧٤ ) ( أخبرنا ) قتيبة بن سعيد ، قال : حدّثني جعفر ، يعني : ابن سليمان ، عن يزيد ، عن مطرف بن عبد الله ، عن عمران بن حصين ، قال : ( بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جيشاً واستعمل عليهم علي بن أبي طالب ، فمضى في السرية فأصاب جارية فأنكروا عليه ، وتعاقدوا أربعة من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا لقينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخبرناه بما صنع. وكان المسلمون إذا رجعوا من السفر بدؤا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسلّموا عليه ثمّ انصرفوا إلى رحالهم. فلمّا قدمت السرية سلّموا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقام أحد الأربعة فقال : يا رسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ألم تر إلى علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا؟! فأعرض عنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثمّ قام ، يعني : الثاني فقال مثل ذلك ، ثمّ قام الثالث فقال مثل مقالته ، ثمّ قام الرابع فقال مثل ما قالوا. فأقبل إليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والغضب في وجهه ، فقال : ما تريدون من علي؟ إن علياً منّي وأنا منه ، وهو ولي كلّ مؤمن من بعدي ).

ذكر قوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : عليّ وليّكم بعدي.

( ٨٤٧٥ ) أخبرنا واصل بن عبد الأعلى ، عن ابن فضيل ، عن الأجلح ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : ( بعثنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى اليمن مع خالد بن الوليد ، وبعث علياً على جيش آخر ، وقال : إن التقيتما فعلي على الناس ، وإن تفرّقتما فكلّ واحد منكما على حدته. فلقينا بني زبيد من أهل اليمن وظهر المسلمون على المشركين ، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرّية ، فاصطفى علي جارية لنفسه من السبي ، فكتب بذلك خالد بن الوليد إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ،

٨٢

وأمرني أنّ أنال منه. فقال : فدفعت الكتاب إليه ، ونلت من علي ، فتغيّر وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقلت : هذا مكان العائذ بك ، بعثتني مع رجل وأمرتني بطاعته ، فبلّغت ما أرسلت به ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لا تقعن يا بريدة في علي ، فإنّ علياً منّي وأنا منه ، وهو وليّكم بعدي ).

ذكر قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من سبّ علياً فقد سبّني.

( ٨٤٧٦ ) أخبرنا العباس بن محمّد ، قال : حدّثنا يحيى بن أبي بكير ، قال : حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبد الله الجدلي ، قال : ( دخلت على أم سلمة فقالت : أيسب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيكم؟. فقلت : سبحان الله أو معاذ الله ، قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : من سبّ علياً فقد سبّني ).

( ٨٤٧٧ ) أخبرنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى قال : حدّثنا جعفر ابن عون ، عن شقيق بن أبي عبد الله ، قال : حدّثنا أبو بكر بن خالد بن عرفطة ، قال : ( رأيت سعد بن مالك بالمدينة ، فقال : ذكر أنّكم تسبّون علياً ، قلت : قد فعلنا. قال : لعلّك سببته؟ قلت : معاذ الله. قال : لا تسبّه فإن وضع المنشار على مفرقي على أن أسبّ علياً ما سببته بعدما سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما سمعت ).

الترغيب في موالاة علي رضي الله تعالى عنه ، والترهيب من معاداته.

( ٨٤٧٨ ) أخبرني هارون بن عبد الله ، قال : حدّثنا مصعب بن المقدام ، قال : حدّثنا فطر بن خليفة ، عن أبي الطفيل.

وأخبرنا أبو داود ، قال حدّثنا محمّد بن سليمان قال حدّثنا فطر ، عن أبي

٨٣

الطفيل عن عامر بن واثلة ، قال : ( جمع علي الناس في الرحبة ، فقال : أنشد بالله كلّ امرئ سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول يوم غدير خم ما سمع ، فقام أناس فشهدوا أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال يوم غدير خم : ألستم تعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ وهو قائم ، ثمّ أخذ بيد علي ، فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ).

قال أبو الطفيل : ( فخرجت وفي نفسي منه شيء ، فلقيت زيد بن أرقم فأخبرته ، فقال : أوما تنكر؟ أنا سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ).

واللفظ لأبي داود :

( ٨٤٧٩ ) أخبرني زكريا بن يحيى ، قال : حدّثني محمّد بن عبد الرحيم ، قال حدّثنا إبراهيم ، قال : حدّثنا معن ، قال : حدّثني موسى بن يعقوب ، عن المهاجر ابن مسمار ، عن عائشة بنت سعد وعامر بن سعد ، عن سعد : ( أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خطب الناس فقال : أمّا بعد ، أيّها الناس فإنّي وليّكم. قالوا : صدقت ، ثمّ أخذ بيد علي فرفعها ، ثمّ قال : هذا وليّي والمؤدّي عنّي ، اللهم وال الله من والاه ، وعاد من عاداه ).

( ٨٤٨٠ ) أخبرنا أحمد بن عثمان أبو الجوزاء ، قال : ( حدّثنا ابن عثمة ، قال : حدّثنا موسى بن يعقوب ، عن المهاجر بن مسمار ، عن عائشة بنت سعد ، قالت : ( أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيد علي فخطب ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : ألستم تعلمون أنّي أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا : نعم ، صدقت يا رسول الله. ثمّ أخذ بيد علي فرفعها ، فقال : من كنت وليّه فهذا وليّه ، وإنّ الله يوالي من والاه ، ويعادي من عاداه ).

٨٤

( ٨٤٨١ ) أخبرني زكريا بن يحيى ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى ، قال : حدّثنا يعقوب بن جعفر بن أبي كثير ، عن مهاجر بن مسمار ، قال : أخبرتني عائشة بنت سعد ، عن سعد ، قال : ( كنّا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بطريق مكّة وهو موجّه إليها ، فلمّا بلغ غدير خم وقٌف الناس ، ثمّ رد من مضى ، ولحقه من تخلّف ، فلمّا اجتمع الناس إليه ، قال : أيّها الناس هل بلغت؟ قالوا : نعم ، قال : اللهم اشهد ـ ثلاث مرات يقولها ـ ثمّ قال : أيّها الناس من وليّكم قالوا الله ورسوله ، ثلاثاً. ثمّ أخذ بيد علي فأقامه ، ثمّ قال : من كان الله ورسوله وليّه فهذا وليّه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ). الترغيب في حبّ علي ، وذكر دعاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمن أحبّه ، ودعائه على من أبغضه.

( ٨٤٨٢ ) أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : ( أخبرنا ) النضر بن شميل ، قال : حدّثنا عبد الجليل بن عطيّة ، قال : حدّثنا عبد الله بن بريدة ، قال : حدّثني أبي ، قال : ( لم يكن أحد من الناس أبغض إليّ من علي بن أبي طالب حتّى أحببت رجلاً من قريش لا أحبّه إلّا على بغضاء علي ، فبعث ذلك الرجل على خيل فصحبته ، وما أصحبه إلّا على بغضاء علي ، فأصاب سبياً ، فكتب إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّ يبعث إليه من يخمسه ، فبعث إلينا علياً ، وفي السبي وصيفة من أفضل السبي ، فلمّا خمّسه صارت الوصيفة في الخمس ، ثمّ خمّس فصارت في أهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثمّ خمّس فصارت في آل علي. فأتانا ورأسه يقطر ، فقلنا : ما هذا؟ فقال : ألم تروا الوصيفة؟ صارت في الخمس ثمّ صارت في أهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثمّ صارت في آل علي ، فوقعت عليها. فكتب ، وبعثني مصدّقاً لكتابه إلى النبي صلّى الله عليه

٨٥

وسلّم مصدّقاً لما قال علي ، فجعلت أقول : عليه ويقول صدق ، وأقول ويقول : صدق. فأمسك بيدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقال : أتبغض علياً؟ فقلت : نعم ، فقال : لا تبغضه ، وإن كنت تحبّه فازدد له حبّاً ، فوالذي نفسي بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة ). فما كان أحد بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحبّ إليّ من علي.

قال عبد الله بن بريدة : والله ما في الحديث بيني وبين النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم غير أبي.

( ٨٤٨٣ ) أخبرنا الحسين بن حريث ، قال : حدّثنا الفضل بن موسى ، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن وهب ، قال : قال علي في الرحبة : ( أنشد بالله من سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم غدير خم يقول : إنّ الله وليي وأنا ولي ، المؤمنين ، ومن كنت وليّه فهذا وليّه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ).

قال : فقال سعيد : قام إلى جنبي ستة ، وقال زيد بن يثيع : قام عندي ستة.

وقال عمرو ذو مرّ : ( أحبّ من أحبّه ، وأبغض من أبغضه ). وساق الحديث. رواه إسرائيل ، عن أبي إسحاق الشيباني ، عن عمرو ذي مرّ : ( أحبّ ... ).

( ٨٤٨٤ ) أخبرنا علي بن محمّد بن علي ، قال : حدّثنا خلف ، قال : حدّثنا إسرائيل ، قال : حدّثنا أبو إسحاق ، عن عمرو ذي مر قال : ( شهدت علياً بالرحبة ينشد أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أيّكم سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول يوم غدير خم ما قال؟ فقام أناس فشهدوا أنّهم سمعوا رسول الله

٨٦

صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : من كنت مولاه فإنّ علياً مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وأحبّ من أحبّه ، وأبغض من أبغضه ، واُنصر من نصره ).

الفرق بين المؤمن والمنافق :

( ٨٤٨٥ ) أخبرنا محمّد بن العلاء ، قال : حدّثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن زرّ بن حبيش ، عن علي قال : ( والذي فلق الحبّة ، وبرأ النسمة لعهد النبي الأمي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إليّ لا يحبّني إلّا مؤمن ، ولا يبغضني إلّا منافق ).

( ٨٤٨٦ ) أخبرنا واصل بن عبد الأعلى ، قال : حدّثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن عدي بن ثابت ، عن زرّ بن حبيش ، عن علي قال : ( عهد إليّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّ لا يحبّني إلّا مؤمن ، ولا يبغضني إلّا منافق ).

( ٨٤٨٧ ) أخبرنا يوسف بن عيسى ، قال : ( أخبرنا ) الفضل بن موسى ، قال : ( أخبرنا ) الأعمش ، عن عدي ، عن زرّ قال : قال علي : ( إنّه لعهد النبي الأمي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إليّ إنّه لا يحبّك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلّا منافق ).

ذكر المثل الذي ضربه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعلي بن أبي طالب

( ٨٤٨٨ ) أخبرنا محمّد بن عبد الله بن المبارك ، قال : حدّثنا يحيى بن معين ، قال : حدّثنا أبو حفص الأبّار ، عن الحكم بن عبد الملك ، عن الحارث بن حصيرة ، عن أبي صادق ، عن ربيعة بن ناجد ، عن علي قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا علي فيك مثل من عيسى مثل أبغضته اليهود حتّى بهتوا أمّه

٨٧

وأحبّته النصارى حتّى أنزلوه بالمنزل الذي ليس به (١).

ذكر منزلة علي بن أبي طالب ، وقربه من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولزوقه به ، وحبّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم له.

( ٨٤٨٩ ) أخبرنا إسماعيل بن مسعود ، قال : حدّثنا خالد عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن العلاء قال : ( سأل رجل ابن عمر عن عثمان قال : كان من الذين تولّوا يوم التقى الجمعان ، فتاب الله عليه ، ثمّ أصاب ذنباً فقتلوه. وسأله عن علي فقال : لا تسأل عنه ، ألا ترى منزله من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟! ).

( ٨٤٩٠ ) أخبرني هلال بن العلاء بن هلال ، قال : حدّثنا حسين ، قال : حدّثنا زهير ، عن أبي إسحاق ، عن العلاء بن عرّار قال : ( سألت عبد الله بن عمر قلت : ألّا تحدّثني عن علي وعثمان؟ قال : أمّا علي فهذا بيته من بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولا أحدّثك عنه بغيره. وأمّا عثمان فإنّه أذنب يوم أحد ذنباً عظيماً ، فعفا الله عنه ، وأذنب فيكم صغيراً فقتلتموه ) (٢).

نصّ ماجاء في كنز العمّال للمتقي الهندي :

عن عمران بن حصين قال : ( بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سرية

__________________

١ ـ إنّ شيعة آل أبي سفيان يقولون : إنّ شيعة علي مغالون وقد يستدلون بهذا على الشيعة ، لكنّا نقول : إنّ المغالي في علي أو أهل بيته أو عيسى أو غيرهم من قال فيهم ، ماليس فيهم ، أمّا من ساق أدلّته من القرآن الكريم والسنّة الصحيحة فهو تبع السنّة وليس مغال ، والشيعة تتبّرأ من المغالين وتنكرهم.

٢ ـ السنن الكبرى ٥ : ١٣٢ ـ ١٣٨.

٨٨

واستعمل عليهم علياً فغنموا ، فصنع علي شيئاً أنكروه. وفي لفظ : فأخذ علي من الغنيمة جارية ، فتعاقد أربعة من الجيش إذا قدموا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّ يعلموه ، وكانوا إذا قدموا من سفر بدؤا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسلّموا عليه ونظروا إليه ثمّ ينصرفون إلى رحالهم ، فلمّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقام أحد الأربعة فقال : يا رسول الله! ألم تر أنّ علياً قد أخذ من الغنيمة جارية؟ فأعرض عنه ، ثمّ قام الثاني فقال مثل ذلك ، فأعرض عنه ، ثمّ قام الثالث فقال مثل ذلك ، فأعرض عنه ، ثمّ قام الرابع فأقبل إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يعرف الغضب في وجهه فقال : ما تريدون من علي؟ علي منّي وأنا من علي ، وعلي ولي كلّ مؤمن بعدي ) (١).

نصّ ماجاء في سنن البيهقي :

( ... قال : ( بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم علياً رضي الله عنه إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه ليقبض الخمس ، فأخذ منه جارية ، فأصبح ورأسه يقطر قال خالد : لبريدة ألا ترى ما يصنع هذا؟ قال : وكنت أبغض علياً رضي الله عنه ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : يا بريدة أتبغض علياً؟ قال : قلت نعم. قال : فأحبّه فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك ) (٢).

نصّ ماجاء في مسند أبي يعلى :

__________________

١ ـ كنز العمّال : ج ٣١ ، ص ١٤٢.

٢ ـ السنن الكبرى ٦ : ٣٤٢.

٨٩

عن عمران بن حصين قال : ( بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سرية واستعمل عليهم علي بن أبي طالب ، قال له : يا علي السرية. قال عمران : كان المسلمون إذا قدموا من غزوة أتوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل أنّ يأتوا رحالهم فأخبروه مسيرهم ، قال : فأصاب علي جارية ، فتعاقد أربعة فأخبروه بمسيرهم فقام أحد الأربعة فقال : يا رسول الله ، وأصاب علي جارية ، فأعرض عنه ، ثمّ قام الثاني فقال : يا رسول الله صنع علي كذا وكذا ، فأعرض عنه ، ثمّ قام الثالث فقال : يا رسول الله صنع علي كذا وكذا ، فأعرض عنه ثمّ قام الرابع فقال يا رسول الله : صنع كذا وكذا ، قال فأقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مغضباً الغضب يعرف في وجهه ، فقال : ما تريدون من علي؟ علي منّي وأنا منه ، وهو ولي كلّ مؤمن بعدي ) (١).

نص ماجاء في صحيح ابن حبّان :

عن عمران بن حصين قال : ( بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سرية واستعمل عليهم علياً ، قال : فمضى علي في السرية فأصاب جارية فأنكر ذلك عليه أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : إذا لقينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخبرناه بما صنع علي. قال عمران : وكان المسلمون إذا قدموا من سفر بدؤا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسلّموا عليه ونظروا إليه ، ثمّ ينصرفون إلى رحالهم. فلمّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقام أحد الأربعة فقال يا رسول الله : ألم تر أنّ علياً صنع كذا

__________________

١ ـ مسند أبي يعلى : ج ١ ، ص ٢٩٣.

٩٠

وكذا ، فأعرض عنه ، ثمّ قام آخر فقال : يا رسول الله ألم تر أنّ علياً صنع كذا وكذا ، فأعرض عنه ، ثمّ قام آخر فقال : يا رسول الله ألم تر أنّ علياً صنع كذا وكذا ، فأقبل إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والغضب يعرف في وجهه ، فقال : ما تريدون من علي؟ ثلاثاً إنّ علياً منّي وأنا منه ، وهو ولي كلّ مؤمن بعدي ).

ذكر البيان بأنّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان ناصر كلّ ما ناصره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

أخبرنا محمّد بن طاهر بن أبي الدميك ، حدّثنا إبراهيم بن زياد ، حدّثنا أبو معاوية ، حدّثنا الأعمش ، عن سعد بن عبيدة ، عن ابن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ( من كنت وليّه فعلي وليّه ).

ذكر دعاء المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالولاية لمن ولي علياً ، والمعادة لمن عاداه.

أخبرنا عبد الله بن محمّد الأزدي ، حدّثنا إسحاق بن إبراهيم ، ( أخبرنا ) أبو نعيم ويحيى بن آدم ، قالا : حدّثنا فطر بن خليفة ، عن أبي الطفيل ، قال : قال علي : أنشد الله كلّ امرئ سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول يوم غدير خم لما قام ، فقام أناس فشهدوا أنّهم سمعوه يقول : ألستم تعلمون أنّي أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا : بلى يا رسول الله : قال : من كنت مولاه فإنّ هذا مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه. فخرجت وفي نفسي من ذلك شيء ، فلقيت زيد بن أرقم فذكرت ذلك له ، فقال : قد سمعناه من رسول الله صلّى الله

٩١

عليه وسلّم يقول ذلك (١).

نصّ ماجاء في صحيح البخاري :

حدّثنا على بن سويد بن منجوف ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه رضى الله عنه قال : ( بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم علياً إلى خالد ليقبض الخمس ، وكنت أبغض علياً ، وقد اغتسل ، فقلت لخالد : ألا ترى إلى هذا؟ فلمّا قدمنا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ذكرت ذلك له ، فقال : يا بريدة أتبغض علياً؟ قلت : نعم ، قال : لا تبغضه فإنّ له في الخمس أكثر من ذلك ) (٢).

وقفة تدبّر حول النصوص السابقة :

١ ـ الرواية عن زيد بن أرقم وغيره من الصحابة ، وفي صحاح ومسانيد وسنن معتبرة عند أهل السنّة.

٢ ـ والدليل على أنّ هذه الآية نزلت في حجّة الوداع ماجاء في نصوص كثيرة منها قال : ( لمّا رجع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من حجّة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ، ثمّ قال : كأنّي دعيت فأجبت ... ).

وفي رواية : قال زيد بن أرقم : ( قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : ألستم تعلمون أنّي أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا : بلى ، نشهد لأنت أولى بكلّ مؤمن من نفسه. قال : فإنّي من كنت مولاه فهذا مولاه. وأخذ بيد علي ).

وفي رواية : ( فلمّا بلغ غدير خم وقف للناس ، ثمّ ردّ من تبعه ، ولحقه من

__________________

١ ـ صحيح ابن حبّان : ج ١٥ ، ص ٣٧٣.

٢ ـ صحيح البخاري : ج ٥ ، ص ١١٠.

٩٢

تخلّف ، فلمّا اجتمع الناس إليه ، قال : أيّها الناس من وليّكم؟ قالوا : الله ورسوله ، ثلاثاً. ثمّ أخذ بيد علي فأقامه ، فقال : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ).

وفي رواية أخرى : ( ألستم تعلمون أني أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟ قالوا : بلى. قال : فأخذ بيد علي فقال : من كنت مولاه ، فعلى مولاه اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه. قال : فلقيه عمر بعد ذلك ، فقال له : هنيئاً يا ابن أبى طالب ، أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة ).

٣ ـ والنصوص دليل على وجوب التمسّك بالكتاب والعترة : ( وإنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما ، فانهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ).

٤ ـ فقلت لزيد : سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ فقال : وإنّه ما كان في الدوحات أحد إلّا رآه بعينه وسمعه بأذنيه.

٥ ـ التأمّل في هذه العبارة : ( فذكرت علياً فتنقّصته ).

( وإذا وجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد احمرّ ).

( من كنت وليّه فعلي وليّه ).

( فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتغيّر وجهه ).

فقال : يا بريدة ، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت : بلى يا رسول الله ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ).

( فأعرض عنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثمّ قام الثاني وقال مثل ذلك ، ثمّ الثالث فقال : مقالته ، ثمّ قام الرابع فقال مثل ما قالوا ، فأقبل إليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والغضب يبصر في وجهه ، فقال : ما تريدون من علي؟ إنّ علياً منّي وأنا منه ، وهو ولي كلّ مؤمن بعدي ).

٩٣

( لا تبغضن يا بريدة لي علياً ، فإنّ علياً منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي ).

( من سب علياً فقد سبّني ).

( لا تبغضه ، وإن كنت تحبّه فازدد له حبّا ).

( فرأيت الغضب في وجهه ).

( فقال : لا تقع في علي فإنّه منّي وأنا منه ).

( من يتنقص علياً فقد تنقّصني ، ومن فارق علياً فقد فارقني ).

رغم أنّه قد حصل بعض التلاعب أوالتحريف : فبعضهم لم يذكر قوله : ( تنقّصت علياً عند النبي ). ولا قوله : ( أمرني خالد ). ولا : ( علي منّي وأنا من علي ). ولا : ( وهو وليّكم من بعدي ). ولا عبارة : ( ولي كلّ مؤمن بعدي ) جدّاً مهمّة ، وجديرة بالتأمّل ، وخاصة لفظ ( مؤمن ) ولفظ ( بعدي ).

٦ ـ مناشدة الإمام علي عليه‌السلام للصحابة في الرحبة ، وشهادتهم بذلك.

٧ ـ خالد يأمر بريدة أنّ ينال من علي عليه‌السلام.

٨ ـ حدّثنا عبد الله بن بريدة ، قال : حدّثني أبي ، قال : لم أجد من الناس أبغض عليّ من علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، حتّى أحببت رجلاً من قريش ، ولا أحبّه إلّا على بغض علي ، فبعث ذلك الرجل على خيل فصحبته ، ما أصحبه إلّا على بغض علي.

( ياترى من هو هذا الرجل من قريش )؟!

٩ ـ تهنئة عمر لعلي بن أبي طالب بالولاية.

١٠ ـ عبارتهم : ( وثّقه الجمهور وباقيهم رجاله رجال الصحيح ).

١١ ـ ( وقّف الناس ثمّ ردّ من مضى ، ولحقه من تخلّف فلمّا اجتمع الناس إليه ، قال : أيّها الناس هل بلّغت قالوا : نعم ، قال : اللهم اشهد ، ثلاث مرّات يقولها. ثمّ

٩٤

قال : أيّها الناس من وليّكم؟ قالوا : الله ورسوله ، ثلاثاً. ثمّ أخذ بيد علي فأقامه ثمّ قال : من كان الله ورسوله وليّه فهذا وليّه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ).

والعاقل يفهم أهمية الموضوع الذي لأجله أوقف الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله الناس وردّ من مضى منهم ، وأشهدهم ثلاثاً أنّه بلّغ.

١٢ ـ وأمّا عثمان فإنّه أذنب يوم أُحد ذنباً. فماهو الذنب ياترى؟!

جواباتها متروكة للقارئ المنصف بعد التدبّر وإخلاص النية.

٩٥
٩٦

محاولات لردّ حديث الغدير

١ ـ يقول بعضهم : ( لا نسلّم بصحّة هذا الحديث ). ومن هؤلاء الفخر الرازي بدعوى أنّ الإمام علي عليه‌السلام لم يكن في حجّة الوداع ، بل كان في اليمن في ذلك الوقت.

الجواب :

أ ـ إنّ الرازي كذّب كلّ حديث ورد فيه أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أخذ بيد علي ، وجعل يعرّفه إلى الناس ويقول : ( فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه ).

ب ـ لقد ردّ عليه قومه ، كما يقول ابن حجر الهيتمي في الصواعق : ( ولا التفات لمن قدح في صحّته ، ولا لمن ردّه بأنّ عليّاً كان باليمن ، لثبوت رجوعه منها ، وإدراكه الحجّ مع النبي ) (١).

٢ ـ يقول ابن حزم الأندلسي وبعض أتباعه ، ويقول الشيخ سليم البشري المالكي في مراجعته للسيّد شرف الدين ، ( الشيعة متّفقون على اعتبار التواتر فيما يحتجّون به على الإمامة ؛ لأنّها عندهم من أصول الدين ، فما الوجه في احتجاجكم بحديث الغدير مع عدم تواتره عند أهل السنّة؟ وإن كان ثابتاً من طرقهم الصحيحة )؟ (٢)

__________________

١ ـ الصواعق المحرقة ١ : ١٠٧.

٢ ـ المراجعات : ٣٧٣ ، المراجعة ـ ٥٥.

٩٧

الجواب :

لا ريب في تواتره من طريق أهل السنّة ، فممن اعترف بتواتره الحافظ الذهبي ، وشمس الدين الجزري ، والسيوطي ، والملا علي القاري ، والألباني ، وغيرهم.

فقال الذهبي معقّباً على أحد طرق : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) : ( هذا حديث حسن عال جدّاً ، ومتنه متواتر ) (١).

وقال أيضاً : ( فهذا ما يسّر الله تعالى جمعه من طرق هذا الحديث ، وأفادنا ذلك العلم بأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال ذلك ) (٢).

وقال شمس الدين الجزري حول أحد الطرق : ( هذا حديث حسن من هذا الوجه صحيح من وجوه كثيرة ، تواتر عن أمير المؤمنين علي ، وهو متواتر أيضاً عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ) (٣).

وقال الألباني في تصحيحه للحديث ( من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ) : ( وجملة القول أنّ حديث الترجمة حديث صحيح بشرطه ، بل الأوّل منه متواتر عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله كما يظهر لمن تبع أسانيده وطرقه ) (٤).

لكن الذين في قلوبهم مرض مهما أتيت لهم بدليل لا يقنعون ، فمثلاً : عندما فشلوا في ردّ الحديث قالوا : لو سلّمنا أنّ حديث الغدير ينصّ على إمامة علي عليه‌السلام

__________________

١ ـ سير أعلام النبلاء ٨ : ٣٣٥.

٢ ـ رسالة طرق حديث "من كنت مولاه فعلي مولاه" : ١٠١.

٣ ـ أسنى المطالب في مناقب سيّدنا علي بن أبي طالب : ٤٨.

٤ ـ سلسلة الأحاديث الصحيحة ٤ : ٣٤٣ ، التعليق على الحديث رقم ١٧٥٠.

٩٨

فهذا يعني بعد عثمان!

نقول : إنّ مفاد حديث الغدير أنّ علياً أولى بعثمان من نفسه ؛ لأنّ عمر ممن هنّأه بالولاية على كلّ مؤمن ومؤمنة (١) ، والروايات تقول : من بعدي ، لا من بعد الثالث.

٣ ـ قال بعضهم : نعم ، إنّ حديث الغدير يدلّ على إمامة علي ، لكن الإمامة تنقسم إلى قسمين ، هناك إمامة باطنية هي الإمامة في عرف المتصوّفة ، فعلي إمام المسلمين بعد رسول الله بلا فصل ، لكن هو إمام في المعنى ، إمام في القضايا المعنوية ، إمام في الأمور الباطنيّة ، والمشايخ الثلاثة هم أئمّة المسلمين في الظاهر ، ولهم الحكومة.

نقول لهم :

ماهو الدليل على هذا التقسيم؟ والرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله جعل ولاية الإمام علي عليه‌السلام مطلقة ، بدون استثناء ، من دون قيد.

وقد هنّأه عمر وقال : ( بخ بخ لك يا بن أبي طالب ، أصبحت مولاي ومولى كلّ مسلم ) (٢).

ولكن حبّ الرئاسة والملك ، كما قال الغزالي : ( ولكن أسفرت الحجّة بوجهها ، وأجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في يوم غدير خم ، باتّفاق الجميع وهو يقول : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ). فقال عمر : بخ بخ لك يا أبا الحسن ، لقد أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن

__________________

١ ـ المصنّف لابن أبي شيبة ٧ : ٥٠٣ ، فضائل علي بن أبي طالب ، حديث ٥٥.

٢ ـ تاريخ بغداد ٨ : ٢٨٤.

٩٩

ومؤمنة. فهذا تسليم ورضا وتحكيم.

ثمّ بعد هذا غلب الهوى بحبّ الرئاسة ، وحمل عمود الخلافة ، وعقود البنود ، وخفقان الهواء في قعقعة الرايات ، واشتباك ازدحام الخيول ، وفتح الأمصار ، وسقاهم كأس الهوى ، فعادوا إلى الخلاف الأوّل ، فنبذوا الحق وراء ظهورهم ، واشتروا به ثمناً قليلاً ) (١).

فلابدّ من التسليم والاعتراف بأنّ أهل البيت عليهم‌السلام ظُلموا وأُخذ حقّهم ، وإلّا فسوف يكون العناد اتّباع للهوى ، فلا فرق بين من ظلم أهل البيت عليهم‌السلام ذلك الزمان ومن أعان عليه الآن.

٤ ـ يقول الشيخ عبد العزيز الدهلوي صاحب كتاب التحفة الاثني عشرية : بأنّ لفظة ( مولى ) لا تجيء بمعنى الأولى بإجماع أهل اللغة.

نقول في الجواب :

أولاً : هناك قاعدة في علم الحديث يعبّرون عنها بقاعدة الحديث يفسّر بعضه بعضاً ، ونحن لاحظنا هذين اللفظين ( من كنت مولاه فإنّ علياً مولاه ) ، ( من كنت وليّه فهذا وليّه ) ، فلو كان هناك إبهام في معنى كلمة المولى ومجيء هذه الكلمة بمعنى الأولى ، فإنّ اللفظ الأوّل يفسّر اللفظ الثاني.

ثانياً : الرواية التي أوردناها سابقاً تقول : ( من كان الله ورسوله وليّه فهذا وليّه اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ). فلفظ وليّه جاء لله وللرسول ، فولاية علي سواءً قال مولاه أو وليّه فهي شبيهة بولاية الله ورسوله ، فهي مطلقة ولم تقيّد.

__________________

١ ـ سرّ العالمين ، المقالة الرابعة : ٣٩.

١٠٠