ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

حسينة حسن الدّريب

ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

حسينة حسن الدّريب


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-50-8
الصفحات: ٣٨٤

الدليل الواحد والعشرون : ما قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الغزوات والحروب لعلي عليه‌السلام

إنّ كلّ غزوة وسرية ومعركة تسجّل للإمام علي عليه‌السلام فضيلة أو فضائل ، وتسجّل لمن تقدّموا عليه هزيمة أو رذيلة ، بل رذائل ، وهذا ما أوردته كتب التاريخ والسيرة المعتبرة لدى أهل السنة.

أوّلاً : حديث الراية المشهور :

كما أورده أحمد بن حنبل والبخاري وغيرهما ماهذا نصّه :

فضائل الصحابة للنسائي :

عن عمران بن حصين أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ( لأعطينّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ، أو قال : يحبّه الله ورسوله ، فدعا علياً وهو أرمد ، ففتح الله على يعني يديه ).

أخبرنا أحمد بن سليمان ، قال : ثنا يعلى بن عبيد ، قال ثنا يزيد بن جلس ، عن أبي حازم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : ( لأدفعنّ الراية اليوم إلى رجل يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، فتطاول القوم ، فقال : أين علي؟ قالوا يشتكي عينيه ، فدعا به فبزق نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في كفيّه ، ثمّ مسح بهما عيني علي ، ودفع إليه الراية ، ففتح الله عليه يومئذٍ ) (١).

__________________

١ ـ فضائل الصحابة : ١٦.

٣٤١

مسند أحمد :

حدّثني أبي ، ثنا وكيع ، عن ابن أبي ليلى ، عن المنهال ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : ( كان أبي يسمر مع علي ، وكان علي يلبس ثياب الصيف في الشتاء ، وثياب الشتاء في الصيف ، فقيل له : لو سألته ، فسأله فقال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث إليّ وأنا أرمد العين يوم خيبر ، فقلت : يا رسول الله ، إنّي أرمد العين ، قال : فتفل في عيني ، وقال : اللهم اذهب عنه الحر والبرد ، فما وجدت حراً ولابرداً منذ يومئذٍ ، وقال : لأعطينّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ليس بفرار ، فتشرّف لها أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأعطانيها ) (١).

حدّثني أبي ، ثنا وكيع ، عن هشام بن سعد ، عن عمر بن أسيد ، عن ابن عمر قال : كنّا نقول في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم رسول الله خير الناس ، ثمّ أبو بكر ، ثمّ عمر ، ولقد أوتي ابن أبي طالب ثلاث خصال لأن تكون لي واحدة منهن أحبّ إلى من حمر النعم ، زوّجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ابنته وولدت له ، وسدّ الأبواب إلّا بابه في المسجد ، وأعطاه الراية يوم خيبر ) (٢).

حدّثنا سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم خيبر : ( لأدفعنّ الراية إلى رجل يحبّ الله ورسوله ، يفتح الله عليه ) قال فقال عمر فما أحببت الإمارة قبل يومئذٍ ، فتطاولت لها واستشرفت رجاء أنّ يدفعها إليّ ، فلمّا كان الغد دعا علياً عليه السلام فدفعها إليه ، فقال : ( قاتل ولا

__________________

١ ـ مسند أحمد ١ : ٩٩ ، ١٣٣.

٢ ـ مسند أحمد ٢ : ٢٦.

٣٤٢

تلتفت حتّى يفتح عليك ، فسار قريباً ، ثمّ نادى يا رسول الله ، أعلام أقاتل؟ قال : حتّى يشهدوا أنّ لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ) (١).

حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا معصب بن المقدام وحجين بن المثنى ، قالا : ثنا إسرائيل ، ثنا عبد الله بن عصمة العجلي قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : ( إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخذ الراية فهزّها ، ثمّ قال : من يأخذها بحقّها ، فجاء فلان فقال : أنا ، قال : امط ، ثمّ جاء رجل فقال : امط ، ثمّ قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : والذى كرّم وجه محمّد لأعطينّها رجلاً لا يفر ، هاك يا علي ، فانطلق حتّى فتح الله عليه خيبر ) (٢).

( ... قال سلمة : ثمّ إنّ نبى الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أرسلني إلى علي ، فقال لأعطين الراية اليوم رجلاً يحبّ الله ورسوله ، أو يحبّه الله ورسوله ، قال : فجئت به أقوده أرمد ، فبصق نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في عينه ، ثمّ أعطاه الراية ، فخرج مرحب يخطر بسيفه ، فقال :

قد علمت خيبر أنّي مرحب

شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهب

فقال علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه :

أنا الذي سمتني أمي حيدرة

كليث غابات كريه المنظرة

أوفيهم بالصاع كيل السندرة

__________________

١ ـ مسند أحمد ٢ : ٣٨٤.

٢ ـ مسند أحمد ٣ : ١٦.

٣٤٣

ففلق رأس مرحب بالسيف وكان الفتح على يديه ) (١).

أخبرني سهل بن سعد أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال يوم خيبر : ( لأعطينّ هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه ، يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ) ، قال : فبات الناس يدوكون ليلتهم أيّهم يعطاها ، فلمّا أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كلّهم يرجو أنّ يعطاها ، قال فقال : أين علي بن أبي طالب؟ فقال : هو يا رسول الله يشتكي عينيه ، قال : فأرسلوا إليه ، فأتي به ، فبصق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في عينيه ، ودعا له فبرأ حتّى كان لم يكن به وجع فأعطاه الراية ، فقال علي : يا رسول الله ، أقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا ، فقال : انفذ على رسلك حتّى تنزل بساحتهم ، ثمّ ادعهم إلى الإسلام ، وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ الله فيه ، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أنّ يكون لك حمر النعم (٢).

صحيح البخاري :

حدّثنا عبد العزيز بن أبي حازم ، عن أبيه ، عن سهل بن سعد رضي الله عنه سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول يوم خيبر : ( لأعطين الراية رجلاً يفتح الله على يديه ، فقاموا يرجون لذلك أيّهم يعطى ، فغدوا وكلّهم يرجو أن يعطى ، فقال : أين علي؟ فقيل : يشتكى عينيه ، فأمر فدعى له ، فبصق في عينيه ، فبرأ مكانه حتّى كأنّه لم يكن به شيء ، فقال : نقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا ، فقال ) (٣).

__________________

١ ـ مسند أحمد ٤ : ٥٢.

٢ ـ مسند أحمد ٥ : ٣٣٣.

٣ ـ صحيح البخاري ٤ : ٥.

٣٤٤

حدّثنا قتيبة ، حدّثنا حاتم بن إسماعيل ، عن يزيد بن أبي عبيد ، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : كان علي رضي الله عنه تخلّف عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في خيبر ، وكان به رمد ، فقال : أنا أتخلّف عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فخرج علي فلحق بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلمّا كان مساء الليلة التى فتحها في صباحها ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ( لأعطينّ الراية ، أو قال : ليأخذن غداً رجل يحبّه الله ورسوله ، أو قال : يحبّ الله ورسوله ، يفتح الله عليه ، فإذا نحن بعلى وما نرجوه ، فقالوا : هذا علي ، فأعطاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ففتح الله عليه ) (١).

أبي حازم ، قال : أخبرني سهل رضي الله عنه قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم خيبر : ( لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه ، يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، فبات الناس ليلتهم أيّهم يعطى ، فغدوا كلّهم يرجوه ، فقال : أين علي؟ فقيل : يشتكي عينيه ، فبصق في عينيه ، ودعا له ، فبرأ كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية ) (٢).

عن سهل بن سعد أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال يوم خيبر : ( لأعطينّ هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه ، يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، قال : فبات الناس يدوكون ليلتهم أيّهم يعطاها ، فلمّا أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كلّهم يرجو أن يعطاها ، فقال : أين علي بن أبي طالب؟ فقيل : هو يا رسول الله يشتكى عينيه ، قال : فأرسلوا إليه ،

__________________

١ ـ صحيح البخاري ٤ : ١٢.

٢ ـ صحيح البخاري ٤ : ٢٠.

٣٤٥

فأتي به ، فبصق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في عينيه ، ودعا له ، فبرأ حتّى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية ) (١).

صحيح مسلم :

( ... فأتيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنا أبكي فقلت : يا رسول الله ، بطل عمل عامر قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : من قال ذلك؟ قال : قلت : ناس من أصحابك ، قال : كذب من قال ذلك ، بل له أجره مرّتين ، ثمّ أرسلني إلى علي وهو أرمد ، فقال : ( لأعطين الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ، أو يحبّه الله ورسوله ، قال : فأتيت علياً فجئت به أقوده وهو أرمد حتّى أتيت به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فبصق في عينيه فبرأ ، واعطاه الراية ، وخرج مرحب فقال :

قد علمت خيبر أنّي مرحب

شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهب

فقال علي :

أنا الذي سمتني أمي حيدرة

كليث غابات كريه المنظرة

أوفيهم بالصاع كيل السندرة

قال : فضرب رأس مرحب فقتله ، ثمّ كان الفتح على يديه ) (٢).

عامر بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ( ما منعك أن تسب أبا التراب؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلن أسبّه لأن تكون لي واحدة منهن أحبّ إلى من حمر

__________________

١ ـ صحيح البخاري ٤ : ٢٠٧ ، ٥ : ٧٦.

٢ ـ صحيح مسلم ٥ : ١٩٥.

٣٤٦

النعم ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول له وخلّفه في بعض مغازيه ، فقال له علي يارسول الله ، خلّفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبوّة بعدي.

وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، قال : فتطاولنا لها ، فقال : ادعوا لي علياً فأتي به أرمد ، فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه.

ولما نزلت هذه الآية : ( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ) دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال : اللهم هؤلاء أهلي ).

حدّثنا قتيبة بن سعيد ، حدّثنا يعقوب ( يعني ابن عبد الرحمن القاري ) عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال يوم خيبر : ( لأعطين هذه الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ، يفتح الله على يديه. قال عمر بن الخطاب : ما أحببت الإمارة إلّا يومئذٍ ، قال فتساورت لها رجاء أن أدعى لها ، قال : فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم علي بن أبي طالب ، فأعطاه إياها ، وقال : امش ولا تلتفت حتّى يفتح الله عليك ، قال : فسار علي شيئاً ثمّ وقف ولم يلتفت ، فصرخ يا رسول الله ، على ماذا أقاتل الناس؟ قال : قاتلهم حتّى يشهدوا أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّداً رسول الله ، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلّا بحقّها وحسابهم على الله.

حدّثنا قتيبة بن سعيد ، حدّثنا عبد العزيز ( يعني ابن أبى حازم ) عن أبي حازم ، عن سهل ح ، وحدّثنا قتيبة بن سعيد ( واللفظ هذا ) حدّثنا يعقوب ( يعني ابن عبد الرحمن ) عن أبي حازم ، أخبرني سهل بن سعد أنّ رسول الله

٣٤٧

صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال يوم خيبر : ( لأعطين هذه الراية رجلاً يفتح الله على يديه يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، قال : فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها ، قال : فلمّا أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كلّهم يرجون أن يعطاها ، فقال : أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا : هو يارسول الله يشتكى عينيه ، قال فأرسلوا إليه ، فأتي به فبصق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في عينيه ، ودعا له فبرأ حتّى كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية ، فقال علي يارسول الله ، أقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا ، فقال : انفذ على رسلك حتّى تنزل بساحتهم ، ثمّ ادعهم إلى الإسلام ، وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ الله فيه ، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم ).

حدّثنا قتيبة بن سعيد حدّثنا حاتم ( يعني ابن إسماعيل ) عن يزيد بن أبي عبيد ، عن سلمة بن الأكوع قال : كان علي قد تخلّف عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في خيبر وكان رمداً فقال : أنا أتخلّف عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فخرج علي فلحق بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلمّا كان مساء الليلة التي فتحها الله في صباحها ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ( لأعطين الراية ، أو ليأخذن بالراية غداً رجل يحبّه الله ورسوله ، أو قال : يحبّ الله ورسوله ، يفتح الله عليه ، فإذا نحن بعلي وما نرجوه ، فقالوا : هذا علي ، فأعطاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الراية ، ففتح الله عليه ) (١).

سنن ابن ماجة :

عن سعد بن أبي وقاص ، قال : قدم معاوية في بعض حجّاته ، فدخل عليه

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٧ : ١٢٠.

٣٤٨

سعد ، فذكروا علياً ، فنال منه ، فغضب سعد ، وقال : تقول هذا لرجل سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ).

وسمعته يقول : ( أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي ).

وسمعته يقول : ( لأعطين الراية اليوم رجلاً يحبّ الله ورسوله ) (١).

سنن الترمذي :

حدّثنا قتيبة ، ( أخبرنا ) حاتم بن إسماعيل ، عن بكير بن مسمار ، عن عامر ابن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما منعك أنّ تسبّ أبا تراب؟ قال : أما ما ذكرت ; ثلاثاً قالهنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلن أسبّه لأن تكون لي واحدة منهن أحبّ إلىّ من حمر النعم ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول لعلى وخلّفه في بعض مغازيه ، فقال له : يارسول الله ، تخلّفني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ( أما ترضى أنّ تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبوّة بعدي ).

وسمعته يقول يوم خيبر : ( لأعطين الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ). قال : فتطاولنا لها ، فقال : ادعوا لي علياً ، قال : فأتاه وبه رمد ، فبصق في عينه ، فدفع الراية إليه ، ففتح الله عليه ).

وأنزلت هذه الآية : ( ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم ) الآية ، دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال : ( اللهمّ هؤلاء أهلي ).

__________________

١ ـ سنن ابن ماجة ج ١ ص ٤٥.

٣٤٩

هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه.

حدّثنا عبد الله بن أبى زياد ، ( أخبرنا ) الأحوص بن جواب ، عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق ، عن البراء قال : بعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم جيشين ، وأمرّ على أحدهما علي بن أبي طالب ، وعلى الآخر خالد بن الوليد وقال : ( إذا كان القتال فعلي ، قال فافتتح علي حصناً ، فأخذ منه جارية ، فكتب معي خالد كتاباً إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يشي به ، قال : فقدمت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقرأ الكتاب ، فتغيّر لونه ، ثمّ قال : ما ترى في رجل يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله؟! قال : قلت : أعوذ بالله من غضب الله ومن غضب رسوله ) (١).

تفسير الرازي :

قال علي بن أبي طالب : والله ما قلعت باب خيبر بقوّة جسدانية ولكن بقوّة ربانية (٢).

الشاهد في النصوص :

١ ـ إنّ الإمام عليه‌السلام يحبّ الله ورسوله ، ويحبّاه.

٢ ـ جبن وضعف من رجع مهزوماً.

٣ ـ شجاعة وقوّة الإمام علي عليه‌السلام ، حتّى أنّ قوّته كانت معجزة ، إذ قلع باب خيبر ولا يقدر على تحريكه أربعون رجلاً.

__________________

١ ـ سنن الترمذي ج ٥ ص ٣٠١.

٢ ـ تفسير الرازي ٢١ : ٩١.

٣٥٠

٤ ـ تنبّؤ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالفتح على يد الإمام علي عليه‌السلام ، وهذا من علمه بالمغيبات : ( لأعطين الراية غداً ... ).

٥ ـ لفظ ( كرّار غير فرار ) صيغة ( فعّال ) أي : دائماً وابداً لا يفر من العدو كما فر غيره.

٦ ـ فتطاول القوم لها ، وكلّهم يرجوها ، لماذا يرجوها لولا أهميتها.

٧ ـ قول عمر : فما أحببت الإمارة إلّا يومئذٍ ، فتطاولت لها واستشرفت رجاء أنّ يدفعها إليّ ، فلمّا كان الغد دعا علياً.

٨ ـ أمر معاوية بسبّ علي ، فما حكم من أمر بسبّ صحابي وخليفة؟!

٩ ـ قول ابن عمر : كنّا نقول في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : خير الناس ، ثمّ أبو بكر ، ثمّ عمر ، ولقد أوتي ابن أبي طالب ثلاث خصال لأن تكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حمر النعم. زوّجه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ابنته وولدت له ، وسدّ الأبواب إلّا بابه في المسجد ، وأعطاه الراية يوم خيبر.

١٠ ـ أبا سعيد الخدري يقول : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخذ الراية فهزّها ، ثمّ قال : من يأخذها بحقّها فجاء فلان ، فقال : أنا قال : امط ، ثمّ جاء رجل ، فقال : امط ، ثمّ قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : والذي كرّم وجه محمّد لأعطيّنها رجلاً لا يفر ، هاك يا علي.

١١ ـ فبات الناس يدوكون ليلتهم أيّهم يعطاها ، فلمّا أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كلّهم يرجو أنّ يعطاها ، قال : فقال : أين علي بن أبي طالب؟

١٢ ـ فكتب معي خالد كتاباً إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يشي به ، قال :

٣٥١

فقدمت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقرأ الكتاب ، فتغيّر لونه ، ثمّ قال ما ترى في رجل يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله.

ثانياً : قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله للإمام علي عليه‌السلام لما قدم عليه لفتح خيبر

( لولا أنّ تقول فيك طائفة من أمّتي ما قالت النصارى في المسيح عليه السلام لقلت فيك اليوم مقالاً لا تمر بملأ إلّا أخذوا التراب من تحت قدمك ، ومن فضل طهورك يستشفون به ، ولكن حسبك أنّ تكون منّي وأنا منك ، ترثني وأرثك ، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي ، وأنّك تبرئ ذمتي ، وتقاتل على سنّتي ، وأنّك غداً في الآخرة أقرب الناس منّي ، وأنّك أوّل من يرد عليّ الحوض ، وأوّل من يكسى معي ، وأوّل داخل في الجنّة من أمّتي ، وأن شيعتك على منابر من نور ، وأنّ الحق على لسانك وفي قلبك ، وبين عينيك ) (١).

وقفة تأمّل :

١ ـ لا تمر بملأ إلّا أخذوا التراب من تحت قدمك ، ومن فضل طهورك يستشفون به. ( وهذا دليل على أنّ التقرّب بالأولياء تقرّب إلى الله ، وليس شركاً كما زعم البعض ).

٢ ـ ولكن حسبك أنّ تكون منّي وأنا منك. ( إنّ هذا التعبير لا يقوله إنسان عادي لآخر إلّا إذا كان له منزلة خاصّة وعالية عنده ، فكيف والقائل هو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي لا ينطق عن الهوى ).

__________________

١ ـ المناقب ، الخوارزمي : ١٥٨.

٣٥٢

٣ ـ ترثني وأرثك. ( ماذا يرث ابن العم من ابن عمّه إنّه ليس بوارث ثروته ، وإنّما هذا يؤكّد أنّه وارثه على أمته ).

٤ ـ وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي.

٥ ـ وأنّ شيعتك على منابر من نور.

ثالثاً : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين ) (١) :

ملخص القصّة :

برز الإمام علي عليه‌السلام لقتل عمرو بن عبدود ذلك الذي هابه كلّ الصحابة ، كما في السير والتاريخ أنّ عمر بن ود كان يرتجز ويقول : هل من مبارز؟ وكرر ذلك مرّات ولم يقم في كلّ مرّة إلّا الإمام علي عليه‌السلام ، فلمّا يئس الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله من صحابته أذن للامام عليه‌السلام بالمبارزة ، فتقدّم الإمام ، فقال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه وقال : ربّ لا تذرني فرداً ، اللهم احفظه من بين يديه ... ) ، وبعد أن قتله الإمام عليه‌السلام قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين ).

نفهم من هذا النص ما يلي :

١ ـ إنّ ضربة الإمام علي عليه‌السلام في ذلك اليوم أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة.

٢ ـ شجاعة الإمام عليه‌السلام على كلّ الصحابة في كلّ المعارك والغزوات ، ومنها : قدومه على ابن ود العامري الذي يقال عنه : إنّه تخاف قريش من ظلّه.

__________________

١ ـ أنظر : مستدرك الحاكم ٣ : ٣٢ ، ينابيع المودّة ١ : ٤١٢.

٣٥٣

٣ ـ إنّ علي هو الإيمان كلّه.

رابعاً : هاتف من السماء هتف : ( لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار ) (١) :

لما قتل علي بن أبي طالب يوم أحد أصحاب الألوية أبصر رسول الله صلّى الله عليه وآله جماعة من مشركين قريش فقال لعلي : أحمل عليهم ، فحمل عليهم ففرّق جمعهم ، وقتل عمرو بن عبد الله الجمحي ، قال : ثمّ أبصر رسول الله صلّى الله عليه وآله جماعة من مشركي قريش فقال لعلي : احمل عليهم ، فحمل عليهم ففرّق جماعتهم ، وقتل شيبة بن مالك ، فقال جبريل : يا رسول الله ، إنّ هذا للمواساة ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : إنّه منّي وأنا منه ، فقال جبريل : وأنا منكما. قال فسمعوا صوتاً :

لا سيف إلّا ذو الفقار

ولا فتى إلّا علي (٢)

عن علي عليه‌السلام أنّ جبريل أتى النبي صلّى الله عليه وآله فقال : إنّ صنماً في اليمن معفراً في الحديد فابعث إليه فادققه وخذ الحديد ، قال : فدعاني وبعثني إليه ، فدققت الصنم وأخذت الحديد ، فجئت به إلى رسول الله ، فاستطرب منه سيفين ، فسمّى واحداً ذا الفقار ، والآخر مخذما ، فقلّد رسول الله ذا الفقار ، وأعطاني مخذماً ثمّ أعطاني بعد ذا الفقار ، ورآني رسول الله وأنا أقاتل دونه يوم أحد فقال :

لا سيف إلّا ذو الفقار

ولا فتى إلّا علي (٣)

__________________

١ ـ مناقب علي بن أبي طالب : ١٥١.

٢ ـ تاريخ الطبري ٢ : ١٩٧.

٣ ـ نظم درر السمطين : ١٢٢.

٣٥٤

وفي تذكرة سبط ابن الجوزي : ذكر أحمد في الفضايل أيضاً أنّهم سمعوا تكبيراً من السماء في ذلك اليوم ( يوم خيبر ) وقائلاً يقول :

لا سيف إلّا ذو الفقار

ولا فتى إلّا علي

فاستأذن حسان بن ثابت رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّ ينشد شعراً فأذن له فقال :

جبريل نادى معلناً

والنقع ليس بمنجلي

والمسلمون قد أحدقوا

حول النبي المرسل

لا سيف إلّا ذو الفقار

ولا فتى إلّا علي (١)

مغالطة ابن تيمية :

قال ابن تيمية في جواب العلاّمة الحلي حول شجاعة علي : ( هذا كذب ، فأشجع الناس رسول الله ) (٢).

فنقول : ما كان من شك في أشجعية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإنّما الكلام بين علي وأبي بكر ، كلامنا في الإمامة والخلافة بعد الرسول وإننا نورد في كثير من مصادرنا قول الإمام علي عليه‌السلام لشخص غلا فيه : ( ويحك إنّما أنا عبد من عبيد محمّد ) (٣).

وقول علي عليه‌السلام : ( كنّا إذا حمي البأس ولقي القوم القوم اتّقينا برسول الله

__________________

١ ـ تذكرة الخواص ١ : ٢٤٢.

٢ ـ منهاج السنة ٨ / ٧٦.

٣ ـ الكافي ١ : ٩٠.

٣٥٥

صلّى الله عليه وآله فلا يكون أحد منا أدنى إلى القوم منه ) (١).

يفضلّهم عليه عليه‌السلام وقد فرّوا في أكثر من غزوة ، ولم ينقل التاريخ أنّهم قتلوا ولا واحداً في سبيل الله تعالى قال ابن تيمية : ( وكذلك سائر المشهورين بالقتال من الصحابة ، كعمر والزبير وحمزة والمقداد وأبي طلحة والبراء بن مالك وغيرهم ، ما منهم من أحد إلّا قتل بسيفه طائفة من الكفار ).

فإذا سئل ابن تيمية : أين الطائفة؟

يقول في الجواب : ( القتل قد يكون باليد كما فعل علي وقد يكون بالدعاء .. ، القتال يكون بالدعاء كما يكون باليد ).

فابن تيمية يعترف أنّ عمر لم يقتل إلّا بالدعاء الذي هو سلاح العجائز والضعفاء في الجهاد!! أمّا الشجاع فهو يدعو الله تعالى بالتوفيق والنصر ويقدم للمعركة.

وأمّا إذا سئل عن شجاعة أبي بكر ، يقول في الجواب : ( إذا كانت الشجاعة المطلوبة من الأئمة شجاعة القلب ، فلا ريب أنّ أبا بكر كان أشجع من عمر ، وعمر أشجع من عثمان وعلي وطلحة والزبير ، وكان يوم بدر مع النبي في العريش ) (٢).

إذن يجيب ابن تيمية أنّ عمر قاتل بالدعاء ، وأبا بكر شجاع بقوّة القلب.

ثمّ لو كانا واجدان لقوّة القلب ـ كما يقول ابن تيميّة ـ فلماذا فرّا؟ لا ريب في أنّهما قد فرّا في أُحد ، وقد روى الخبر أئمّة القوم : منهم :

__________________

١ ـ المستدرك على الصحيحين ٢ : ١٤٣.

٢ ـ منهاج السنة ٤ / ٤٨٢ ، ٨ : ٧٩.

٣٥٦

١ ـ أبو داود الطيالسي.

٢ ـ ابن سعد صاحب الطبقات.

٣ ـ أبو بكر البزّار.

٤ ـ الطبراني.

٥ ـ ابن حبّان.

٦ ـ الدارقطني.

٧ ـ أبو نعيم.

٨ ـ ابن عساكر.

٩ ـ الضياء المقدسي.

وغيرهم من الأئمّة الأعلام (١).

أمّا في خيبر ، فقد روى فرارهما :

١ ـ أحمد.

٢ ـ ابن أبي شيبة.

٣ ـ ابن ماجة.

٤ ـ البزّار.

٥ ـ الطبري.

٦ ـ الطبراني.

٧ ـ الحاكم.

٨ ـ البيهقي.

__________________

١ ـ انظر : كنز العمال ١٠ : ٤٢٤.

٣٥٧

٩ ـ الضياء المقدسي.

١٠ ـ الهيثمي.

وجماعة غيرهم.

راجعوا أيضاً كنز العمال ، يروي عن كلّ هؤلاء (١).

وأمّا في حنين ، فالذي صبر مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هو علي فقط ، كما في الحديث الصحيح عن ابن عباس ، وهذا الحديث في المستدرك (٢).

حوار مؤلم :

في ختام مطاف هذا البحث أذكر حوار دار بيني وبين إحدى الأخوات اليمنيات اللاتي التقينا بها في محافظة قزوين الإيرانية ، وملخص الحوار هو ما يلي :

تكلّمنا حول خلافة الخلفاء الثلاثة وعن معاوية حتّى وصل بها إلى إنّ قالت : إنّ علي بن أبي طالب ضعيف ، وليس عنده مؤهلات للسياسة وإلاّ لما تغلّبوا عليه.

قلت لها وبكلّ ألم : إنّ الإمام علي عليه‌السلام أشجع الصحابة وأعلمهم وأقضاهم ، وأعدلهم وأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انتخبه من بينهم للخلافة (٣) ، واختيار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لن يكون إلّا لشخص يعرفه تمام المعرفة أنّه أهل للمسؤولية ، وأنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يفعل إلّا ما يأمره به الله عزّ وجلّ لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله لا ينطق عن الهوى

__________________

١ ـ كنز العمال ١٠ : ٤٦١.

٢ ـ المستدرك على الصحيحين ٣ : ١١١.

٣ ـ قد ذكرنا في هذا الكتاب بشكل موسّع أدلة كونه هو المعيّن للخلافة بعد الرسول٥ فراجع.

٣٥٨

إن هو إلّا وحي يوحى ، ولولا جدارة علي عليه‌السلام لما اختاره أفضل الخلق عن طريق ربّ الخلق.

وآخر جواب لها ولمن شاكلها على لسان أمير المؤمنين عليه‌السلام : ( والله ما معاوية بأدهى منّي ولكنه يغدر ويفجر ، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس ، ولكن كلّ غدرة فجرة ، وكل فجرة كفرة ، ولكلّ غادر لواء يعرف به يوم القيامة ، والله ما استغفل بالمكيدة ، ولا استغمز بالشديدة ) (١).

شبهات بعض الصديقات :

كثيراً ما سمعت من بعض الأخوات يقلن : إنّ التشيّع حزب جديد وليس مذهباً معترفاً به ، وأنّ المذاهب الأصيلة هي الأربعة فحسب.

وأُخريات يقلن : إنّ الإمام علي عليه‌السلام لم يدع أنّه أعلم أو أفضل من الشيخين ، بل هو جندي من جنودهما ، إذ قد بايعهما.

وأُخريات يقلن : لماذا اسماء أبناء الإمام علي عليه‌السلام عمر وأبو بكر وعثمان ، أليس هذا دليلاً على أنّ الإمام علي يحبّ الشيخين؟

وأخريات يقلن : لولا محبّته لعمر لما زوّجه ابنته أم كلثوم.

فأجبتهنّ : أن يقرأن ما قاله أبو حاتم الرازي : ( إنّ أوّل اسم لمذهب ظهر في الإسلام هو الشيعة ، وكان لقباً لأربعة من الصحابة أبو ذر وعمار والمقداد وسلمان ، بعد صفين اشتهر موالو علي بهذا اللقب ).

ويقرأن ما ذكرناه حول ما كرره الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله من لفظ ( أنت وشيعتك ).

__________________

١ ـ نهج البلاغة ٢ : ١٨٠ ، رقم ٢٠٠.

٣٥٩

وأقول لكلّ من عنده تسائل حول أسماء أبناء الإمام عليه‌السلام : أنّ هذه الأسماء كانت متداولة بين الصحابة ، ولم ترمز أنذاك إلى أعداء الإمام علي عليه‌السلام.

وبالنسبة لجعل اسم عثمان على ابنه ، فقد جعله تأسياً بعثمان بن مظعون لا عثمان بن عفان (١).

وأقول بخصوص الزواج المذكور :

إنّ أم كلثوم المدّعى الزواج بها ، فيها كثير من الغموض ، في أصول وجودها ، ومقدار عمرها ، ومن هم أزواجها؟ وكيفية خطبة عمر لها؟ ومن كان وليّها الذي تولّي تزويجها؟ وهل الزواج وقع عن رغبة أو رهبة؟ وهل حقّاً أنّها بنت علي أم ربيبته؟ ولو كانت بنته فهل هي من فاطمة أو من أم ولد؟ فالقضية من البدء إلى الخاتم محل نقض وإبرام.

ونرجع الأخوة والاخوات إلى كتاب للسيّد علي الشهرستاني في هذا الموضوع ، حيث قسّم الأقوال في هذا الزواج إلى ثمانية ، منها :

١ ـ عدم وقوع التزويج بين عمر وأم كلثوم.

٢ ـ وقوع التزويج لكنّه كان عن إكراه.

٣ ـ إنّ المتزوّج منها هي ربيبة الإمام لابنته.

٤ ـ إنّ أم كلثوم لم تكن من بنات فاطمة عليها السلام ، بل كانت من أم ولد.

٥ ـ القول بتزويجها من عمر لكن عمر مات ولم يدخل بها (٢).

وأمّا قول الأخت ومن قال بقولها إنّ الإمام علي عليه‌السلام بايعهما : فنجيبها من

__________________

١ ـ إبصار العين في أنصار الحسين عليه‌السلام : ٦٨ ، نقلاً عن مقاتل الطالبيين : ٨٩.

٢ ـ زواج أم كلثوم ( ( الزواج اللغز ) ) ، علي الشهرستاني.

٣٦٠