ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

حسينة حسن الدّريب

ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

حسينة حسن الدّريب


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-50-8
الصفحات: ٣٨٤

مناقب علي بن أبي طالب لابن مردويه :

عن عبد الغفار بن القاسم قال : سألت جعفر بن محمّد عن أولي الأمر في هذه الآية؟ فقال : ( كان والله علي منهم ) (١).

من هم أُولو الأمر المعنيّون في الآية الشريفة؟

آراء المفسرين في ذلك :

١ ـ رأي الشيعة أنّ أولي الأمر هم أهل البيت عليهم‌السلام لما جاء من الآيات والروايات التي تبيّن عصمتهم ووجوب اتّباعهم وكذلك ماورد من النصوص في خصوص الآية بأهل البيت عليهم‌السلام.

٢ ـ قال عليه‌السلام بعض : قال إنّ أولي الأمر هم الحكّام ولو أهل الجور والبغي.

٣ ـ قال بعض : أهل الحل والعقد.

٤ ـ قال بعض : الخلفاء.

٥ ـ قال بعض : علماء الدين.

وقد لخصّ الرازي هذه الآراء بقوله : ( الآراء المأثورة عن علماء التفسير في أولي الأمر ، وهي أربعة :

الخلفاء الراشدون.

أمراء السرايا ، وهم قوّاد العسكر ، خاصة عند عدم خروج الإمام على رأس العسكر.

علماء الدين الذين يفتون ويعلّمون الناس دينهم.

__________________

١ ـ مناقب علي بن أبي طالب : ٢٣٠ ، ينابيع المودّة ١٦ : ٣٤١ ، حديث ٢ و ص ٣٥١ ، حديث٥.

٣٢١

الأئمة المعصومون ( أئمة أهل البيت عليهم‌السلام ).

ويذهب الرازي إلى أنّ حمل أولو الأمر على الأمراء والسلاطين أولى.

ونحن قد بيّنا في عدة مواضع أنّ أولي الأمر الذين هم ثقل القرآن ، وسفينة النجاة ، وأمناء أهل الأرض ، وغير ذلك مما ورد في الأحاديث الصحيحة لابدّ وأن يكونوا لا يختلفون فيما بينهم ؛ لأنّهم القدوة ، ولا يتقاتلون ولا يتنافسون ؛ لأنّ الناس سينقسمون بين فريقين ، وخصوصاً فيمن يقتتلان ، كما حصل في الجمل وصفين وكربلاء وغيرها من المعارك المشهورة بين فرقتين مسلمتين ، فهذا يدل على أنّ الشهادتين لابدّ معها من ولاية أهل الحقّ ومعرفتهم والانقياد تحت رايتهم لنصرة المظلوم وإعانته على من أخذ حقّه أو ظلمه ، ولا يمكن أن يكون يحمل السلاح بعضهم على الآخر وكلاهم على الحق ؛ لأنّ فيه قتل النفس المحرمة.

إذن فلا يمكن أن يشمل سائر الخلفاء لدلالة الآية على صحة أولي الأمر ، وهؤلاء ليسوا كذلك بالضرورة والإجماع ، فيتعيّن أن يراد بأولي الأمر عليّ وأبناؤه الأطهار.

٣٢٢

الدليل العشرون : المؤاخاة

جاء في كتب السير والأخبار عن المؤاخاة ما ملّخصه : ان المؤاخاة الأولى كانت في مكّة قبل الهجرة حيث آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين المهاجرين خاصّة ، والمؤاخاة الثانيةكانت في المدينة بعد الهجرة ، حيث آخى بين المهاجرين والأنصار ، وفي كلتا المرّتين يصطفى لنفسه منهم علياً ، فيتّخذه من دونهم أخاه تفضيلاً له على من سواه ، فيالها من مفخرة وفضيلة ، وما يلي نذكر بعضاً من تلك الأخبار.

نصّ ماجاء في فرائد السمطين :

( عن ابن عمر قال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله آخى بين أصحابه ، فآخى بين أبي بكر وعمر ، وبين طلحة والزبير ، وبين عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف ، فقال علي : يا رسول الله ، إنّك قد آخيت بين أصحابك فمن أخي؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله : أنت أخي في الدنيا والآخرة ) (١).

وفي السيرة النبوية :

( آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بين أصحابه من المهاجرين والأنصار فقال : تواخوا في الله أخوين ، ثمّ أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال : هذا أخي. فكان رسول الله وعلي أخوين ) (٢).

__________________

١ ـ المستدرك ٣ : ١٤.

٢ ـ السيرة النبوية لابن سيد الناس ١ ص ٢٠٠ ـ ٢٠٣

٣٢٣

مناقب علي لأحمد بن حنبل :

فقال علي : ( يا رسول الله ، لقد ذهب روحي ، وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري ، فإنّ كان هذا من سخط عليّ فلك العتبى والكرامة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والذي بعثني بالحق ما أخّرتك إلّا لنفسي ، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، غير أنّه لا نبي بعدي ، وأنت أخي ووارثي ، فقال : وما أرث منك؟ قال : ما ورث الأنبياء من قبلي ، كتاب ربّهم وسنة نبيهم ، وأنت معي في قصري في الجنّة مع فاطمة ابنتي ، وأنت أخي ورفيقي ، ثمّ تلا صلّى الله عليه وآله ( إخواناً على سرر متقابلين ) (١).

وعن جابر بن عبد الله وسعيد بن المسيب قالا : ( إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم آخى بين أصحابه فبقي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر وعمر وعلي ، فآخى بين أبي بكر وعمر ، وقال لعلي : أنت أخي وأنا أخوك ، فإنّ ناكرك أحد فقل : أنا عبد الله وأخو رسول الله ، لا يدّعيها بعدك إلّا كذّاب ).

وفي رواية أُخرى فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّما تركتك لنفسي ، أنت أخي وأنا أخوك فإنّ حاجّك أحد فقل : أنا عبد الله وأخو رسول الله ، لا يدّعيها بعدك إلّا كذّاب ) (٢).

البداية والنهاية لابن كثير :

__________________

١ ـ الحجر (١٥) : ٤٧.

٢ ـ مناقب أحمد ، ونحوه في : كفاية الكنجي ٨٢ ، ٨٣ ، المرقاة في شرح المشكاة ٥ ص ٥٦٩. كنز العمال ٦ ص ١٥٤ ، ٣٩٩ عن الحافظ أبي يعلى في مسنده ، الرياض النضرة ٢ ص ٢٠٩ ، تاريخ ابن عساكر ٦ ص ٢٠١ ، تذكرة السبط ١٤ وصححه وقال : رجاله ثقات.

٣٢٤

( وآخى رسول الله بين أصحابه من المهاجرين والأنصار ، فقال : فيما بلغنا ونعوذ بالله أنّ نقول عليه ما لم يقل تآخوا في الله أخوين أخوين ، ثمّ أخذ بيد علي ابن أبي طالب فقال : هذا أخي. فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين الذي ليس له خطير ولا نظير من العباد وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أخوين ) (١).

أحاديث أُخرى في أخوّة علي والرسول عليهما السلام :

عن أمير المؤمنين قال : قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ( أنت أخي وصاحبي ورفيقي في الجنّة ).

وعن ابن عباس ( رضي الله عنه ) قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعلي رضي الله عنه : ( أنت أخي وصاحبي ).

وقال ابن عباس في حديث احتجاجه على الرجل الشامي وهو حديث طويل ، ومنه قال رسول الله : ( يا أم سلمة هل تعرفين هذا؟! قالت : نعم ، هذا علي بن أبي طالب ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : نعم ، هذا علي سيط لحمه بلحمي ودمه بدمي ، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبي بعدي ، يا أم سلمة ، هذا علي سيّد مبجل ، ومأمل المسلمين ، وأمير المؤمنين ، وموضع سرّي وعلمي ، وبابي الذي يؤوى إليه ، وهو الوصي على أهل بيتي وعلى الأخيار من أمتي ، وهو أخي في الدنيا والآخرة.

وقد مرّ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام في حديث الدار : ( أنت أخي ووصيي

__________________

١ ـ انظر : البداية والنهاية ٣ : ٢٧٧ ، تاريخ ابن هشام ٢ ص ١٢٣ ، السيرة النبوية ، ابن كثير ٢ : ٣٢٤ ، السيرة الحلبية ٢ ص ١٠١ ، الفتاوى الحديثية ص ٤٢.

٣٢٥

وخليفتي من بعدي ).

وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ( مكتوب على باب الجنة : لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ، علي أخو رسول الله قبل أنّ تخلق السماوات والأرض بألفي عام ).

وعن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : طلبني النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فوجدني في حائط نائماً فضربني برجله وقال : ( قم فوالله لأرضينك ، أنت أخي وأبو ولدي ، تقاتل على سنتي ).

وفي مناقب أحمد قال : ( ... ثمّ ينادي منادي من تحت العرش : نعم الأب أبوك إبراهيم ، ونعم الأخ أخوك علي ).

وأخرج أبو يعلى في مسنده بإسناده عن علي عليه السلام قال : طلبني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فوجدني في جدول نائماً فقال : ( قم ما ألوم الناس يسمونك أبا تراب ، فرآني كأنّي وجدت في نفسي من ذلك ، فقال : قم والله لأرضينك ، أنت أخي وأبو ولدي ، تقاتل عن سنتي ، وتبريء عن ذمتّي ، من مات في عهدي فهو كنز الله ، ومن مات في عهدك فقد قضى نحبه ، ومن مات يحبك بعد موتك ختم الله له بالأمن والإيمان ما طلعت شمس أو غربت ، ومن مات يبغضك مات ميتة جاهلية ، وحوسب بما عمل في الإسلام ).

وأخرج ابن عساكر بإسناده عن سماك بن حرب قال : قلت لجابر بن عبد الله : إنّ هؤلاء القوم يدعونني إلى شتم علي بن أبي طالب. قال : وما عسيت أنّ تشتمه به؟ قال : أكنيه بأبي تراب ، قال : فوالله ما كانت لعلي كنية أحبّ إليه من أبي تراب ، إنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم آخى بين الناس ولم يواخ بينه وبين أحد فخرج مغضباً حتّى أتى كثيباً من رمل فنام عليه فأتاه النبي فقال : ( قم يا أبا

٣٢٦

تراب ، أغضبت أنّ آخيت بين الناس ولم أؤاخ بينك وبين أحد؟ قال : نعم ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنت أخي وأنا أخوك ).

وهناك صحيحة أخرجها في مسلم والبخاري في موضعين في باب مناقب أمير المؤمنين ، كتاب الصلاة في باب نوم الرجل في المسجد قلت لسهل بن سعد : إنّ بعض أمراء المدينة يريد أنّ يبعث إليك تسبّ علياً فوق المنبر ، قال : أقول ماذا؟ قال : تقول : لعن الله أبا تراب ، قال : والله ما سماه بذلك إلّا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : قلت : وكيف ذاك يا أبا العباس؟ قال : دخل علي على فاطمة ، ثمّ خرج من عندها فاضطجع في فئ المسجد ، قال : ثمّ دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على فاطمة فقال لها : أين ابن عمك؟ فقالت : هو ذاك مضطجع في المسجد ، قال : فجاءه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فوجده قد سقط رداؤه على ظهره وخلص التراب إلى ظهره فجعل يمسح التراب عن ظهره ويقول : اجلس أبا تراب ، فوالله ما سماه به إلّا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ووالله ما كان له اسم أحبّ إليه منه ).

وفي لفظ البيهقي : ( استعمل على المدينة رجل من آل مروان فدعا سهل بن سعد فأمره أنّ يشتم علياً رضي الله عنه قال : فأبى سهل ، فقال له : أما إذا أبيت فقل : لعن الله أبا تراب ، فقال سهل : ما كان لعلي رضي الله عنه اسم أحبّ إليه من أبي تراب ، وإن كان ليفرح إذا دعي بها ، فقال له : ( أخبرنا ) عن قصّته لم سمي أبا تراب؟ الحديث.

وقال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري : كان بنو أمية تنقص علياً عليه السلام بهذا الاسم الذي سمّاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويلعنوه على المنبر بعد

٣٢٧

الخطبة مدّة ولايتهم ، وكانوا يستهزؤون به ، وإنّما استهزؤوا الذي سمّاه به ، وقد قال الله تعالى : ( قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) الآية.

وقال سبط ابن الجوزي في التذكرة : والذي ذكره الحاكم صحيح ، فإنّهم ما كانوا يتحاشون من ذلك بدليل ما روى مسلم عن سعد بن أبي وقاص : أنّه دخل على معاوية بن أبي سفيان فقال : ما منعك أنّ تسب أبا تراب؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلن أسبّه لأن تكون لى واحدة منهن أحبّ إلي من حمر النعم ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول له خلّفه في بعض مغازيه ، فقال له علي : يارسول الله ، خلّفتني مع النساء والصبيان ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبوّة بعدي.

وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ، قال : فتطاولنا لها ، فقال : ادعوا لي علياً فأتي به أرمد ، فبصق في عينه ، ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه ولما نزلت هذه الآية ( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ) دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال : اللهم هؤلاء اهلي ...

من موبقات معاوية :

ومن سنة معاوية الذي كان يأمر بلعن أهل بيت النبوّة من على المنابر ، ويعمل جاهداً للتزوير والدس ضدّهم ، وتحريف فضائلهم إلى غيرهم كما جاء في الروايات : أنّ معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم ليروي أنّ قوله

٣٢٨

تعالى : ( ومن الناس من يشري نفس ابتغاء مرضات الله ). نزلت في ابن ملجم. وقوله تعالى : ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام ) ، نزلت في علي أمير المؤمنين ، فلم يقبل ، فبذل له مائتي ألف درهم ، فلم يقبل ، فبذل له أربعمائة ألف درهم فقبل.

وأخرج الطبري من طريق عمر بن شبة قال : ( مات زياد وعلى البصرة سمرة بن جندب خليفة له ، فأقرّ سمرة على البصرة ثمانية عشر شهراً. قال عمر : وبلغني عن جعفر الضبعي قال : أقرّ معاوية سمرة بعد زياد ستة أشهر ، ثمّ عزله ، فقال سمرة : لعن الله معاوية ، والله لو أطعت الله كما أطعت معاوية ما عذّبني أبداً.

وروي : أنّ معاوية أراد أنّ يلعن علياً على منبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقيل له : إنّ ههنا سعد بن أبي وقاص ولا نراه يرضى بهذا فابعث إليه وخذ رأيه. فأرسل إليه فذكر له ذلك ، فقال : إن فعلت لأخرجن من المسجد ، ثمّ لا أعود إليه. فأمسك معاوية عن لعنه حتّى مات سعد ، فلمّا مات لعنه على المنبر وكتب إلى عمّاله : أنّ يلعنوه على المنابر ، ففعلوا فكتبت أم سلمة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى معاوية : إنّكم تلعنون الله ورسوله على منابركم ، وذلك إنّكم تلعنون علي بن أبي طالب ومن أحبّه ، وأنا أشهد أنّ الله أحبّه ورسوله. فلم يلتفت إلى كلامها.

وقال الجاحظ في كتاب الرد على الإمامية : إنّ معاوية كان يقول في آخر خطبته : اللهم إنّ أبا تراب الحد في دينك ، وصدّ عن سبيلك ، فالعنه لعناً وبيلاً ، وعذبه عذاباً أليماً ، وكتب ذلك إلى الآفاق فكانت هذه الكلمات يشاد بها على المنابر إلى أيام عمر بن عبد العزيز ، وإنّ قوماً من بني أمية قالوا لمعاوية : يا أمير

٣٢٩

المؤمنين إنّك قد بلغت ما أملت ، فلو كففت عن هذا الرجل ، فقال : لا والله حتّى يربو عليه الصغير ويهرم عليه الكبير ، ولا يذكرله ذاكر فضلاً.

وقال الزمخشري في ربيع الأبرار : إنّه كان في أيام بني أمية أكثر من سبعين ألف منبر يلعن عليها علي بن أبي طالب بما سنه لهم معاوية من ذلك.

وما فعله معاوية ليس بجديد على أمير المؤمنين فقد أخبر به في نهج البلاغة بقوله : ( أما إنه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم ، مندحق البطن ، يأكل ما يجد ، ويطلب ما لا يجد ، فاقتلوه ولن تقتلوه ، ألا وإنّه سيأمركم بسبّي والبرائة منّي ).

وفي ذلك يقول العلاّمة الشيخ أحمد الحفظي الشافعي في أرجوزته :

وقد حكى الشيخ السيوطي إنّه

قد كان فيما جعلوه سنّة

سبعون ألف منبر وعشرة

من فوقهن يلعنون حيدره

وهذه في جنبها العظائم

تصغر ، بل توجّه اللوائم

فهل ترى من سنّها يعادي

أم لا وهل يستر أو يهادي؟

أو عالم يقول : عنه نسكت؟

أجب فإنّي للجواب منصت

وليت شعري هل يقال : اجتهدا

كقولهم في بغيه أم ألحدا؟

أليس ذا يؤذيه أم لا؟ فاسمعن

إنّ الذي يؤذيه من ومن ومن؟

بل جاء في حديث أم سلمة

هل فيكم الله يسبّ مه لمه؟

عاون أخا العرفان بالجواب

وعاد من عادى أبا تراب

ومن موبقات معاوية قتله لعظماء الصحابة ، كما روى ابن سعد في طبقاته

٣٣٠

بسنده عن أم سلمة قالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : تقتل عماراً الفئة الباغية ، قال عوف ( راوي الحديث ) : ولا أحسبه إلّا قال : وقاتله في النار.

ونقل ابن سعد أيضاً قول الإمام علي عليه‌السلام حين قتل عمار : إنّ امرأ من المسلمين لم يعظم عليه قتل ابن ياسر ، وتدخل به عليه المصيبة الموجعة لغير رشيد ، رحم الله عماراً يوم أسلم ، ورحم الله عماراً يوم قتل ، ورحم الله عماراً يوم يبعث حياً ، لقد رأيت عماراً وما يذكر من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أربعة إلّا كان عمار رابعاً ، ولا خمسة إلّا كان خامساً وما كان أحد من قدماء أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يشك أنّ عماراً قد وجبت له الجنّة في غير موطن ولا اثنين ، فهنيئاً لعمار بالجنّة ، ولقد قيل : إنّ عماراً مع الحق ، والحق معه ، يدور عمّار مع الحق أينما دار ، وقاتل عمّار في النار.

وعن جابر عن ابي الزبير قال : أتى حذيفة بن اليمان رهط من جهينة فقالوا : يا أبا عبد الله ، إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، استجار من أنّ تصطلم أمته فأجير من ذلك ، واستجار من أنّ يذوق بعضها بأس بعض فمنع من ذلك. قال حذيفة : إنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : إنّ ابن سمية لم يخيّر بين أمرين قط إلّا اختار أرشدها ـ يعني عماراً ـ فالزموا سمته.

وأخرج ابن الأثير بسنده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أبشر يا عمار ، تقتلك الفئة الباغية.

وروى ابن سعد في طبقاته بسنده عن عمرو بن ميمون قال : أحرق المشركون عمار بن ياسر بالنار ، قال : فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يمرّ به

٣٣١

ويمر يده على رأسه فيقول : يا نار كوني برداً وسلاماً على عمار ، كما كنت على إبراهيم ، تقتلك الفئة الباغية.

وروى ابن سعد في طبقاته بسنده عن هنى مولى عمر بن الخطاب قال : كنت أوّل شيء مع معاوية على علي ، فكان أصحاب معاوية يقولون : لا والله لا نقتل عماراً أبداً إن قتلناه فنحن كما يقولون [ أي : الفئة الباغية ] ، فلمّا كان يوم صفين ذهبت أنظر في القتلى ، فإذا عمار بن ياسر مقتول ، فقال هني : فجئت إلى عمرو بن العاص وهو على سريره ، فقلت : أبا عبد الله ، قال : ما تشاء ، قلت : انظر أكلّمك ، فقام إليّ ، فقلت : عمار بن ياسر ما سمعت فيه؟ فقال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : تقتلك الفئة الباغية ، فقلت هوذا والله مقتول ، فقال : هذا باطل ، فقلت : بصر عيني به مقتول ، قال : فانطلق فأرنيه ، فذهبت به فأوقفته عليه ، فساعة رآه امتقع لونه ، ثمّ أعرض في شق ، وقال : إنّما قتله الذي خرج به (١).

نعم ، إنّ من مشى على سنّة معاوية سيأتي يوماً يتمنى فيه أنّه بعرة تدوسها

__________________

١ ـ تاريخ الخطيب ١٢ ص ٢٦٨ ، مسند أحمد ١ ص ٢٣٠ ، الاستيعاب ٢ ص ٤٦٠ ، كنز العمال ٦ ص ٣٩١ ، المحاسن والمساوي ١ ص ٣١ ، مناقب أحمد ، الرياض النضرة ٢ ص ١٦٨ ، تذكرة السبط ١٤ ، مجمع الزوائد ٩ ص ١١١ ، مناقب الخوارزمي ٨٧ ، شمس الأخبار ص ٣٥ عن مناقب الفقيه ابن المغازلي ، فيض القدير ٤ ص ٣٥٥ ، مصباح الظلام ٢ ص ٥٦ نقلاً عن الطبراني ، الصواعق ٧٥ ، السيوطي في الجامع الكبير ٦ ص ٤٠٤ ، كفاية الطالب ص ٨٢ ، السنن الكبرى ٢ ص ٤٤٦ ، شرح ابن أبي الحديد : ٣٦١ ، تاريخ الطبري ٦ : ١٦٤ وص ١٣٢ ، العقد الفريد ٢ ص ٣٠٠.

وذكر الأبيات ابن أبي الحديد في شرحه ج ١ ص ٣٥٦ ، طبقات ابن سعد ٣ / ١٨٠ ـ ١٨٧. نصر بن مزاحم المنقري في وقعة صفين ، البداية والنهاية ٧ / ٢٩١ ـ ٢٩٧ ، تاريخ الطبري ٥ / ٣٨ ـ ٤٢ ، أسد الغابة ٤ / ١٣٣ ، تحفة الأحوذي ١٠ / ٣٠٠ ـ ٣٠١ ، الطبقات الكبرى ٣٣ / ١٧٧.

٣٣٢

الأقدام وتشيلها الرياح ، كما تمنّى عمرو بن العاص أنّه بعرة أو أنّه مات قبل صفين ، كما في الروايات أنّه لما حضرته الوفاة قال لابنه : لود أبوك أنّه كان مات في غزاة ذات السلاسل ، إنّي قد دخلت في أمور لا أدري ما حجّتي عند الله فيها.

ثمّ نظر إلى ماله فرأى كثرته فقال : يا ليته كان بعراً ، يا ليتني مت قبل هذا اليوم بثلاثين سنة ، أصلحت لمعاوية دنياه وأفسدت ديني ، آثرت دنياي وتركت آخرتي ، عمي علي رشدي حتّى حضرني أجلي ، كأنّي بمعاوية قد حوى مالي وأساء فيكم خلافتي.

وقال ابن عبد البر : دخل ابن عباس على عمرو بن العاص في مرضه فسلّم عليه وقال : كيف أصبحت يا أبا عبد الله؟ قال : أصبحت وقد أصلحت من دنياي قليلاً ، وأفسدت من ديني كثيراً ، فلو كان الذي أصلحت هو الذي أفسدت والذي أفسدت هو الذي أصلحت لفزت ، ولو كان ينفعني أنّ أطلب طلبت ، ولو كان ينجيني أنّ أهرب هربت ، فصرت كالمنخنق بين السماء والأرض ، لا أرقى بيدين ولا أهبط برجلين.

وقال عبد الرحمن بن شماسة : لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة بكى ، فقال له ابنه عبد الله : لم تبكي؟ أجزعاً من الموت؟ قال : لا والله ولكن لما بعده ، فقال له : قد كنت على خير. فجعل يذكره صحبة رسول الله صلّى الله عليه وآله وفتوحه الشام ، فقال له عمرو : تركت أفضل من ذلك : شهادة أنّ لا إله إلّا الله ، إنّي كنت على ثلاث أطباق ليس منها طبق إلّا عرفت نفسي فيه ، كنت أوّل شيء كافراً فكنت أشد الناس على رسول الله صلّى الله عليه وآله فلو متّ يومئذٍ وجبت لي النار ، فلمّا بايعت رسول الله صلّى الله عليه وآله كنت أشدّ الناس حياء منه فما ملأت عيني من رسول الله صلّى الله عليه وآله حياء منه ، فلو متّ يومئذٍ قال

٣٣٣

الناس : هنيئاً لعمرو أسلم وكان على خير ، ومات على خير أحواله فترجى له الجنّة.

ثمّ بليت بعد ذلك بالسلطان وأشياء فلا أدري أعليّ أم لي؟ فإذا متّ فلا تبكين عليّ باكية ، ولا يتبعني مادح ولا نار ، وشدوا علي إزاري فإنّي مخاصم ، وشنّوا علي التراب فإنّ جنبي الأيمن ليس بأحقّ بالتراب من جنبي الأيسر (١).

نعم ، هذا هو من يسمّوه الداهية ؛ لأنّه مكر على إمام زمانه ، فكانت عاقبته أنّه تمنى لو أنّه بعرة ؛ وذلك من خوف الورود على الحوض عندما يُسأل ما خلّف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الثقل الثاني؟ فيقول : يا ليتني كنت تراباً : ( إنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابا ) (٢).

وهذا هو معاوية الصحابي الذي يعدّه البعض خليفة المسلمين ، ولا يجوز ذكره بسوء ، بل إنّه اجتهد وأخطاء فله أجر (٣)!! يعني : من لعن وأمر بلعن من

__________________

١ ـ طبقات ابن سعد ٣ / ١٨١ ، تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ١٩٨ ، الاستيعاب ٢ ص ٤٣٦.

٢ ـ النبأ : ٤٠.

٣ ـ إنّ أهل السنة يتشبّثون بقول : كلّ مجتهد مصيب ، فمن اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطاء فله أجر.

ولكنهم يخلطون بين الاجتهاد في حدود الشرع والاجتهاد مقابل الشرع ، فالاجتهاد يعني : أنّ العلماء الذين درسوا الروايات إذا التبست عليهم المسألة مثلاً : وإذا تعارضت روايتان فيحققونها من ناحية السند والمتن ويعطون رأيهم وفق الضوابط الشرعية ، فهو إن اخطاء فله أجر ؛ لأنّه لم يجتهد برأيه مقابل نصّ ، بل يجتهد في النصّ ، وليس له حق أن يجتهد مقابل رأي المعصوم عليه‌السلام.

وأمّا معاوية الذي أسلم تحت وطئ السيوف بالإجماع ، وخرج على الخليفة الشرعي الأفضل منه ، والاشرع منه بالإجماع ، وخالف النص الصريح عند أهل السنة أنّه لا يجوز الخروج على الإمام وشقّ صف المسلمين ، والإمام علي

٣٣٤

أوجب الله مودّتهم فله أجر!! يعني : من قاد معركة صفين ، وقتل الصحابة فله أجر ، ومن قتل محمّد بن أبي بكر ( رض ) وحجر بن عدي ( رض ) فله أجر ، بل من قتل فلذة كبد الزهراء عليها‌السلام ، وبضعة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقرة عينه الإمام الحسن عليه‌السلام بالسم فله أجر.

نعم ، قتل الإمام الحسن عليه‌السلام الذي قال فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفي أخيه الحسين : ( الحسنان إمامان قاما أو قعدا ، وأبوهما خير منهما ).

وقال : ( من أحبّ الحسن والحسين فقد أحبّني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني ).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للحسن والحسين : ( من أحبّهما أحببته ، ومن أحببته أحبّه الله ، ومن أحبّه الله أدخله جنّات النعيم ، ومن أبغضهما أو بغى عليهما أبغضته ، ومن أبغضته أبغضه الله ، ومن أبغضه الله أدخله عذاب جهنم ، وله عذاب مقيم ).

ومن موبقاته تولية يزيد الفاسق السكّير على رقاب المسلمين ، الذي قتل الحسين بن علي عليهما السلام ، وأحدث واقعة الحرة ، وغير ذلك من الموبقات. فعن خالد بن عرفطة قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ( إنّكم ستبتلون في

__________________

عليه‌السلام الخليفة الرابع الشرعي عندهم ، وهو افضل من معاوية عندهم بغض النظر عن رأي الشيعة في ذلك ، فمعاوية لم يجتهد في شيء غامض عليه ، بل إنّه يعلم علم اليقين أنّ الإمام علي عليه‌السلام هو صاحب المقام والولاية لكنّه تحدّى كلّ الخطوط متجرّياً على الشرع والشارع ، فهذا لا يسمّى مجتهداً ، بل ضال ومضل ، ويحمل وزره ووزر من مشى على سنته إلى يوم القيامة.

٣٣٥

أهل بيتي من بعدي ).

وفي المعجم الكبير في حديث أم الفضل قالت : ( بينا أنا قاعدة عند رأس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو مريض فبكيت ، فقال : ما يبكيك؟ فقلت : أخشى عليك ، فلا ندري ما نلقى بعدك من الناس ، قال : أنتم المستضعفون بعدي ).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الحسنان إمامان قاما أو قعدا وأبوهما خير منهما ).

قال الفخر الرازي : وقول الرسول صلّى الله عليه وآله : ( الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ) ، كما عن ابن عباس وبريدة ، وفي رواية أخرى بزيادة : ( وأبوهما خير منهما ) ، كما عن ابن عمر وابن مسعود. هذا الحديث من الأحاديث المشهورة بين الأمّة الإسلامية أجمع.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( حسين منّي وأنا من حسين ، أحبّ الله من أحبّ حسيناً ، حسين سبط من الأسباط ).

وعندما قتل الإمام الحسين مطرت السماء دماً كما قال ابن عباس : هذه الحمرة التي في السماء ظهرت يوم قتله ، ولم تر قبله.

وفي رواية : لما جيء برأس الحسين بين يدي عبيد الله بن زياد شوهدت حيطان دار الإمارة تسايل دماً. وفي رواية : لما قتل الحسين مكثت السماء أياماً مثل العلقة.

وفي رواية : لما قتل الحسين مكث الناس سبعة أيام إذا صلّوا العصر نظروا إلى الشمس على أطراف الحيطان كأنّها الملاحف المعصفرة ، والكواكب كأنّها تضرب بعضها ببعض.

٣٣٦

وفي رواية : لما قتل الحسين عليه السلام مكث الناس شهرين أو ثلاثة كأنّما لطخت الحيطان بالدم من صلاة الفجر إلى غروب الشمس.

وفي أخرى : لما قتل الحسين صار الورس الذي في العسكر رماداً ، ونحروا ناقة فكانوا يرون في لحمها المرار.

وفي أخرى : أظلمت الدنيا ثلاثة أيام بعد قتل الحسين ، ثمّ ظهرت هذه الحمرة في السماء ، ولم يمس أحد من زعفران قوم الحسين شيئاً فجعله على وجهه إلّا احترق.

وفي أخرى : لم تبك السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلّا على الحسين ، وبكاء السماء أنّ تحمر.

وفي أخرى : انكسفت الشمس حين قتل الحسين كسفة بدت الكواكب نصف النهار ، حتّى ظن الناس أنّها هي.

وفي أخرى : ما رفع حجر من الدنيا يوم شهادة الحسين إلّا وتحته دم عبيط.

وفي أخرى : ما رفع حجر بالشام يوم قتل الحسين إلّا عن دم.

وقال فيهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله لما غشاهم بالكساء : ( أنا حرب لمن حاربهم ، وسلم لمن سالمهم ، وعدو لمن عاداهم ).

وأخذ بيد الحسن والحسين وقال : ( من أحبّني وأحبّ هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة ).

وروى الحاكم عن أبي هريرة قال : خرج علينا رسول الله ومعه الحسن والحسين ، هذا على عاتقه وهذا على عاتقه ، وهو يلثم هذا مرّة وهذا مرّة ، حتّى انتهى إلينا ، فقال له رجل : يا رسول الله ، إنّك تحبّهما؟ فقال : ( نعم ، من أحبّهما

٣٣٧

فقد أحبّني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني ).

نعم ، هذا هو مقام علي وولديه ، وهذا هو معاوية الملطّخة يده بدماء الأبرياء.

فيا أخوتنا من أهل السنة اقرؤوا كتب وأقوال أئمّتكم وعلمائكم فكلّ ماذكرته فهو من كتبكم (١).

__________________

١ ـ انظر : الطبراني في الكبير : ٣ / ٤٧ ، ورواه ابن ماجة : ١ / ٥١ في باب : فضل الحسن والحسين ، مستدرك الحاكم : ٣ / ١٦٦وص ١٧٧ ، تاريخ بغداد : ١٣ / ٣٢ ، الكبير للطبراني : ٤ / ١٩٢ ، ومجمع الزوائد : ٩ / ١٩٤ ، الكبير للطبراني : ٢٥ / ٢٣ ، مجمع الزوائد : ٩ / ٣٤ ، تفسير الرازي : ٢٥ / ٣٥ ، فرائد السمطين للحمويني ج ٢ / ٩٨ ح ٤٠٩ و ٤١٠ و ٤٢٨ ، فضائل الخمسة من الصحاح الستة ج ٣ / ٢١٥ ، الفتح الكبير للنبهاني ج ٢ / ٨٠ ، مقتل الحسين للخوارزمي ج ١ / ٩٢ ، ترجمة الإمام الحسن من تاريخ دمشق لابن عساكر ص ٧٩ ح ١٣٨ ـ ١٤٣ ، أخبار إصبهان ج ٢ / ٣٤٣ ، المسند لأحمد ج ٣ / ٦٢ و٨٢ ط ١ ، الخصائص للنسائي ص ١١٨ ط الحيدرية ، كنز العمال ج ٦ / ٢٢١ ط ١ ، ذخائر العقبى ص ٩٢ و ١٢٩ ، الجامع الصغير ح ٣٨٢٢ ، الأحاديث الصحيحة للألباني ح ٩٧٦ ، سنن ابن ماجة ح ١٠٨ ، حلية الأولياء ج ٥ / ٥٨ و ٧١ و ج ٤ / ١٣٩ و ١٤٠ ، الدرر المتناثرة للسيوطي ح ١٨٧ ، تاريخ بغداد للخطيب ج ٢ / ١٨٥ و ج ٤ / ٢٠٧ ، البخاري في التاريخ الكبير ٨ : ٤١٥ / ٣٥٣٦ ، والترمذي ٥ : ٦٥٨ / ٣٧٧٥ ، وأحمد في المسند ٤ : ٤ / ١٧٢ ، والبغوي في مصابيح السنة ٤ : ١٩٥ / ٤٨٣٣ ، ذخائر العقبى : ١٤٤ ، الصواعق المحرقة : ١١٦ ، الخصائص الكبرى : ١٢٦ ، ينابيع المودّة : ٢٢٠ ، ذخائر العقبى : ١٤٤ ، تاريخ دمشق لابن عساكر ، تاريخ الإسلام : ٢ / ٣٤٨ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٢١٠ ، تذكرة الخواص : ٢٨٤ ، الكامل في التاريخ : ٣ / ٣٠١ ، البداية والنهاية : ٨ / ١٧١ ، تاريخ الإسلام : ٢ / ٣٤٨ ، سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣١١ ، كفاية الطالب ٢٩٦ ، مقتل الحسين ٢ / ٨٩ ، نظم درر السمطين : ٢٢٠ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٩٧ ، الصواعق المحرقة لابن حجرص ١٨٥ ط المحمّدية وص ٨٥ و ١١٢ ط الميمنية بمصر ، الإصابة لابن حجر العسقلاني ج ٤ / ٣٧٨ ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص ٢٢٩ و ٢٩٤ و ٣٠٩ ط اسلامبول ، مسند ابي يعلي ج ٥ / ٤٤٩.

٣٣٨

فهل من خطاب أنصف من ذلك؟! وهل من متعقّل للأمور يا أولي الألباب؟! فلا ندري بأيّ لغة كانوا يريدون الله ورسوله أن يخاطبهم ، فالله يقول لنبيه : ( بلغ ما أنزل إليك من ربك ) ، والرسول يقول ( علي ولي كلّ مؤمن بعدي ) ، ورواها العام والخاص ، وهي دالة على الولاية ، ولكن جعلوا أبا بكر خليفة!! الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ( علي خير البشر ) ، وهم يقولون : أفضل الصحابة أبو بكر فعمر فعثمان!!

ألا يخافوا من دعاء الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( اللهم عاد من عاداه ، واخذل من خذله )؟! وأيّ خذلان أشدّ من قتاله وقتل ذريّته؟!

أيّها المغرر بك ، فق لنفسك وتمعن النظر في النصوص الصريحة باللغة الفصيحة ، فإنّك إن تأمّلت الروايات بتعقّل وأمانة وإنصاف لا تستمع للقول بعدالة الصحابة ، والتشنيع على الشيعة أنّهم يسبّونهم ، إنّ الشيعة تنقل الآيات فيما حصل للأنبياء من قومهم ونسائهم ، وماحصل للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من قومه ، وماحصل لأهل بيته من صحابته ، فهم ينقلون التاريخ لا يدّعون عصمة وعدالة إلّا فمن ثبت بالدليل عصمته وعدالته.

فما عليك حينئذٍ إلّا إعادة النظر والتأمّل في النصوص الواردة في حق أهل البيت عليهم‌السلام.

٣٣٩
٣٤٠