ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

حسينة حسن الدّريب

ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

حسينة حسن الدّريب


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-50-8
الصفحات: ٣٨٤

للأسباب التالية :

١ ـ لبطلان الحديث ، كما صرّح به أعلامهم.

٢ ـ كما نقلنا عن الصحاح : أنّ الصحابة منهم من ارتدّ على عقبيه ، ومنهم من غيّر وبدّل وأحدث بعد رحيل الرسول ، ومنهم من آذى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله في أهل بيته ، ومنهم ...

٣ ـ ما كان من الشجار بين الصحابة الموجب للتباغض ، وحصل بينهم التشاتم (١) والمقاتلة والاختلافات القاضية بخروج إحدى الفريقين عن حيّز العدالة ، كما تشهد بذلك السقيفة وصفين والجمل و ...

٤ ـ لما أثبتنا من عدم كفاءتهم ، فراجع آية الذكر وحديث الثقلين ومدينة العلم.

٥ ـ ما أثبتنا من أدلّة في أنّ أهل البيت عليهم‌السلام هم الأمان وسفينة النجاة وباب حطّة : ( وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ).

٦ ـ بل إنّ القرآن الكريم قد أخبر بوجود منافقين في حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال تعالى : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أهل الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثمّ يُرَدُّونَ إلى عَذَابٍ عَظِيمٍ ).

وأخبر القرآن بأنّ البعض قد ينقلب على عقبيه : ( وَمَا محمّد إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ).

__________________

١ ـ سنبيّن ذلك حول قصّة السقيفة ، وما حصل مع سعد وعمر و ...

٢٢١
٢٢٢

الدليل الحادي عشر : علي مع الحق

إنّ هذا الحديث القاضي بأحقيّة علي عليه‌السلام على لسان أصدق البشر يقتضي بطلان كلّ من تنازع معه في أيّ أمر.

أمّا صحّة هذا الحديث عن أصدق الخلق صلى‌الله‌عليه‌وآله فكالعادة نستدل بها من كتب المخالف.

المعيار والموازنة :

( ... قالت لها أم سلمة : يا بنت أبي بكر أبدم عثمان تطلبين؟ فوالله إن كنت لأشدّ الناس عليه وما كنت تدعينه إلّا نعثلاً ، أم على علي بن أبي طالب تنقمين وقد بايعه المهاجرون والأنصار ، أذكّرك الله وخمساً سمعتهن أنا وأنت من رسول الله صلّى الله عليه وآله ، قالت : وما هنّ؟ قالت : [ أتذكرين ] يوم أقبل رسول الله صلّى الله عليه وآله ونحن معه حتّى إذا هبط من ( قديد ) مال الناس ذات اليمين وذات الشمال ، فأقبل هو وعلي بن أبي طالب يتناجيان ، فأقبلت على جملك فنهيتك ، وقلت : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مع ابن عمّه ولعل لهما حاجة ، فعصيتيني ، فهجمت عليهما ، فلم تلبثي أنّ رجعت تبكين ، فقلت لك : قد نهيتك ، فقلت : والله ما جرّأني على ذلك إلّا أنّه يومي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقلت لك : ما أبكاك؟ فقلت : هجمت عليهما ، فقلت : يا علي إنّما لي من رسول الله صلّى الله عليه من تسعة أيام يوم ، فلا تدعني ويومي؟ فأقبل عليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم

٢٢٣

غضباناً محمّراً وجهه ، فقال : والله لا يبغضه أحد من أهل بيتي وغيرهم إلّا خرج من الإيمان ، وإنّه مع الحق والحق معه. أتذكرين هذا؟ قالت : نعم.

قالت : ويوم كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأنت تغسلين رأسه وأنا أحيس [ له ] حيساً وكان يعجبه فرفع رأسه إليّ فقال : يا بنت أبي أمية أعيذك بالله أنّ تكوني منبحة كلاب الحوأب ، وأنت يومئذٍ ناكبة عن الصراط ، فرفعت يدي من الحيس فقلت : أعوذ بالله وبرسوله من ذلك ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إنّ إحداكن يفعل هذا.

أتذكرين هذا؟ قالت : نعم.

قالت : ويوم كنّا أزواج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بيت حفصة بنت عمر فتبدّلنا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولبست كلّ امرأة منّا ثياب صاحبتها ، فأقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتّى جلس إلى جنبك وكنت تعجبينه فقال ـ وضرب بيده على ظهرك ـ : أترين يا حميراء أنّي لا أعرفك أنّ لأمّتي منك يوماً مرّاً. أتذكرين هذا؟ قالت : نعم.

قالت : ويوم كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بعض أسفاره وكان علي يتعاهد ثياب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ونعله ، فإذا رأى ثوبه قد توسّخ غسله ، وإذا رأى نعله قد نقبت أو رثّت خصفها ، فأقبل علي يوماً فأخذ نعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فخصفها في ظل سمرة ، فأقبل أبوك وعمر فاستأذنا ، فقمنا إلى الحجاب فدخلا ، ثمّ قالا : يا رسول الله ، إنّا والله ما ندري ما قدر ما تصحبنا ، أفلا تعلمنا خليفتك فينا فيكون مفزعنا إليه؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أما أنّي قد أرى مكانه ولو فعلت لنفرتم عنه كما نفرت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران.

٢٢٤

فلمّا أن خرجا ، خرجت أنا وأنت فقلت له : يا رسول الله من كنت مستخلفاً عليهم؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : خاصف النعل ، قال : فنظرت إلى علي بن أبي طالب فقلت : يا رسول الله ما أرى إلّا علي بن أبي طالب ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : هو ذاك. أتذكرين هذا؟ قالت : نعم.

قالت : ويوم جمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أزواجه عند موته ، فقال : يا نسائي ، اتّقين الله وقرن في بيوتكن ولا يستفزنكن أحد. أتذكرين هذا؟ قالت : نعم.

فخرجت من عندها وقد ضعفت عزيمتها ، وفترت عن الخروج ، وأمرت مناديها فنادى بمكة : ألا إنّ أم المؤمنين قد بدا لها من الخروج. فاجتمع عليها طلحة والزبير ، ومروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير ، فقلبوا رأيها وموهوا الأمور عليها ، واستغلطوها واستغفلوها ... ) (١).

( ... فلمّا سمع الناس قول عمار بن ياسر عرجوا عن أبي موسى وقالوا : يا أبا اليقظان ، إنّك كنت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمكان الذي تعلم ، فنسألك بحقّ الله وحقّ رسوله هل سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يذكر هذه الفتنة؟ فقال عمار : أشهد أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمرنا بقتال الناكثين والقاسطين ، وأمرنا بقتال المارقين من أهل النهروان بالطرقات ، وسمعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : علي مع الحق والحق مع علي لا يفترقان حتّى يردا علي الحوض يوم القيامة. فقبل الناس قول عمار بن ياسر واستجابوا له (٢).

__________________

١ ـ المعيار والموازنة : ٢٧.

٢ ـ المعيار والموازنة : ١١٩.

٢٢٥

تاريخ بغداد للخطيب :

حدّثنا الحسن بن أحمد بن سليمان السراج ، حدّثنا عبد السلام بن صالح ، حدّثنا علي بن هاشم بن البريد ، عن أبيه ، عن أبي سعيد التميمي ، عن أبي ثابت مولى أبي ذر قال : ( دخلت على أم سلمة فرأيتها تبكي وتذكر علياً ، وقالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : علي مع الحق والحق مع علي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض يوم القيامة ) (١).

مجمع الزوائد :

( ... فإنّي سمعت : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : علي مع الحق ، أو : الحق مع علي حيث كان. قال : من سمع ذلك؟ قال : قاله في بيت أم سلمة ، قال : فأرسل إلى أم سلمة فسألها ، فقالت : قد قاله رسول الله في بيتي ، فقال الرجل لسعد : ما كنت عندي قط ألوم منك الآن ، فقال ولم؟ قال : لو سمعت هذا من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم أزل خادماً لعلي حتّى أموت ) (٢).

( وعن أم سلمة أنّها كانت تقول : كان علي على الحق ، من اتّبعه اتّبع الحق ، ومن تركه ترك الحق ، عهد معهود قبل يومه هذا ) (٣).

الإمامة والسياسة :

__________________

١ ـ تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج ١٤ / ٣٢١ ، ونحوه في ترجمة الإمام علي بن أبي طالب tatمن تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج ٣ / ١١٩ ، والإمامة والسياسة لابن قتيبة ج ١ tat / ٧٣ ، وفرائد السمطين للحمويني ج ١ / ١٧٧ ، أرجح المطالب لعبيد الله الحنفي ص tat٥٩٨ ط لاهور.

٢ ـ مجمع الزوائد ٧ : ٢٣٥.

٣ ـ مجمع الزوائد ٩ : ١٣٤.

٢٢٦

( ... فدخل [ محمّد بن أبي بكر ] على أخته عائشة ، قال لها : أما سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : علي مع الحق والحق مع علي ) (١).

ربيع الأبرار للزمخشري :

( استأذن أبو ثابت مولى علي على أم سلمة رضي الله عنها فقالت : مرحباً بك يا أبا ثابت ، أين طار قلبك حين طارت القلوب مطائرها؟ قال : تبع علي بن أبي طالب. قالت : وفقت والذي نفسي بيده لقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : علي مع الحق والقرآن ، والحق والقرآن مع علي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ) (٢).

تفسير الرازي :

( وأمّا أنّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يجهر بالتسمية فقد ثبت بالتواتر ، ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى ، والدليل عليه قوله عليه السلام : اللهم أدر الحق مع علي حيث دار ) (٣).

مناقب ابن مردويه :

__________________

١ ـ الإمامة والسياسة : ٧٣.

٢ ـ ربيع الأبرار للزمخشري ، وبهذا اللفظ أخرجه الخوارزمي في ( المناقب ) من طريق tatالحافظ ابن مردويه ، والحموي في ( فرائد السمطين ) في الباب السابع والعشرين عن tatطريق الحافظين أبي بكر البيهقي والحاكم أبي عبد الله النيسابوري.

٣ ـ تفسير الرازي ١ : ٢٠٥ ، ومستدرك الحاكم ٣ ص ١٢٥ ، جامع الترمذي ٢ ص ٢١٣ ، tatكنز العمال ٦ ص ١٥٧ ، نزل الأبرار ٢٤ ، مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي ٧ ص ٣٥ ، tatوقال : رواه أبو يعلى ، ورجاله ثقات.

٢٢٧

( عن أبي ذر أنّه سئل عن اختلاف الناس فقال : عليك بكتاب الله والشيخ علي بن أبي طالب عليه السلام ، فإنّي سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : علي مع الحق والحق معه وعلى لسانه ، والحق يدور حيثما دار علي ) (١).

ولا عجب أن يكون الحقّ معه يدور حيثما دار ، وهو من وصفه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّه بمنزلة رأسه من بدنه وأنّه كنفسه ، وأنّه معيار الحقّ ولو كان لوحده وكلّ الناس في صفّ آخر و ...

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( علي منّي بمنزلة رأسي من بدني ) (٢).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( والذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة ، ولتؤتن الزكاة ، أو لأبعثن إليكم رجلاً منّي أو كنفسي ... فأخذ بيد علي فقال هو هذا ) (٣).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( يا عمار إذا رأيت علياً قد سلك وادياً ، وسلك الناس وادياً غيره فاسلك مع علي ، ودع الناس ، فإنّه لن يدلك على ردى ، ولن يخرجك من

__________________

١ ـ انظر : مناقب علي بن أبي طالب لابن مردويه : ١١٣ ـ ١١٨.

٢ ـ المناقب للخوارزمي ص ٨٧ و ٩١ ط الحيدرية ، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص ٩٢ حديث ١٣٥ و ١٣٦ ، الجامع الصغير للسيوطي ج ٢ / ٥٦ ط الميمنية ، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج ٥ / ٣٠ ، الرياض النضرة للطبري ج ٢ / ١٧٢ و٢١٤ ، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج ٧ / ١٢ ط السعادة بمصر ، ذخائر العقبى للمحب الطبري ص ٦٣.

٣ ـ المستدرك على الصحيحين ج ٢ / ١٢٠ ، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق ج ٢ / ٣٦٨ ح ٨٦٧ ، مجمع الزوائد ج ٩ / ١٦٣ ، الصواعق المحرقة ص ٧٥ ط الميمنية ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص ٤٠ ، ٢٨٥ ط اسلامبول ، كنز العمال ج ١٥ / ١٤٤ حديث ٤١٢ ط ٢ ، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص ٨٩ ط الحيدرية وص ٣٢ ط بيروت ، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي ص ٤٠ ط الحيدرية ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص ٨١.

٢٢٨

هدى ) (١).

وفي رواية : ( يا عمار إذا رأيت علياً قد سلك وادياً .. ، يا عمار ، إنّ طاعة علي من طاعتي ، وطاعتي من طاعة الله عزّ وجلّ.

وفي رواية : ( يا عمار إذا رأيت علياً قد سلك وادياً .. ، من تقلّد سيفاً أعان به علياً على عدّوه ، قلّده الله يوم القيامة وشاحين من در ، ومن تقلّد سيفاً أعان به عدو علي عليه ، قلّده الله يوم القيامة وشاحين من نار ، فقال علقمة والأسود لأبي أيوب : يا هذا حسبك! حسبك رحمك الله! حسبك رحمك الله ) (٢).

هذه كلمات عربية يفهمها كلّ من عرف العربية ، وهي عمن لا ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحي يوحى ، فلابدّ من أخذ كلامه صلى‌الله‌عليه‌وآله بجدّية وتدبّر ؛ لأنّه كلام مرشد الأمّة.

وقفة مع بعض العبارات في النصوص السابقة :

١ ـ قول عائشة : فأقبل عليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم غضباناً محمرّاً وجهه ، فقال : والله لا يبغضه أحد من أهل بيتي وغيرهم إلّا خرج من الإيمان ، وإنّه مع الحق والحق معه.

٢ ـ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أعيذك بالله أن تكوني منبحة كلاب الحوأب ).

٣ ـ أترين يا حميراء أنّي لا أعرفك إن لأمتي منك يوماً مراً.

__________________

١ ـ ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق ج ٣ / ١٧٠ ح ١٢٠٨ ، المناقب للخوارزمي ص ٥٧ وص ١٠٥ ح ١١٠.

٢ ـ تاريخ بغداد ١٣ / ١٨٦ ، كنز العمال ١٢ / ٢١٢ ، فرائد السمطين ١ / ١٧٨ ، مناقب الخوارزمي : ٥٧ و ١٢٤ رواه ابن عساكرعن أبي صادق ، والخطيب البغدادي في البداية والنهاية : ٧ / ٣٠٧ ، وابن جرير في كنز العمال : ١١ / ٣٥٢.

٢٢٩

٤ ـ أما أنّي قد أرى مكانه ولو فعلت لنفرتم عنه كما نفرت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران.

٥ ـ شهادة أم سلمة وعمار وسعد و ... بمقام علي عليه‌السلام.

٦ ـ ألا وأنّه ليس أحد أفقه في دين الله ، ولا أعلم بكتاب الله ، ولا أقرب من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فانفروا إلى أمير المؤمنين وسيّد المسلمين ...

٧ ـ لو سمعت هذا من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم أزل خادماً لعلي حتّى أموت.

٨ ـ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : علي مع الحق.

علي مع القرآن.

علي نفسي.

علي بمنزلة رأسي من بدني.

يا عمار ، إذا رأيت علياً قد سلك وادياً وسلك الناس وادياً غيره فاسلك مع علي.

طاعة علي من طاعتي ، وطاعتي من طاعة الله ...

إذن ثبت أنّ علياً عليه‌السلام هو ممثل الحق ، وفرقته هي صاحبة الحق في كلّ عصر ، وقد بيّنا أنّ أتباعه من نصروه في الجمل وصفين والنهروان ، ومن وفى له في ذريته في كربلاء وغيرها ، ومن نهج نهجه ، وأخذ عنه ومنه ، وتمسّك بحبله عبر الخط الرسالي المستمر في ذرّيته الذين لا تخلو الأرض من حجّة منهم كي لا تبطل

٢٣٠

حجج الله وبيّناته : ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيم ) (١).

__________________

١ ـ الأنفال : ٤٧.

٢٣١
٢٣٢

الدليل الثاني عشر : آية المباهلة

قوله تعالى : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثمّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَة اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (١).

المباهلة : مفاعلة من البهلة ، وهي : اللعنة ، ومأخذها من الإبهال ، وهو : الإهمال والتخلية ؛ لأن اللعن والطرد والإهمال من واد واحد ، ومعنى المباهلة أنّ يجتمعوا إذا اختلفوا ، فيقولوا بهلة الله على الظالم منّا ) (٢).

بهل : أصل البهل كون الشيء غير مراعى ، والباهل البعير المخلى عن قيده أو عن سمة أو المخلّى ضرعها عن صرار. قالت امرأة : أتيتك باهلاً غير ذات صرار ، أي : أبحت لك جميع ما كنت أملكه لم استأثر بشيء دونه ، وأبهلت فلاناً خليته وإرادته تشبيهاً بالبعير الباهل.

والبهل والابتهال في الدعاء الاسترسال فيه والتضرّع ، نحو قوله عزّ وجلّ : ( ثمّ نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) ، ومن فسر الابتهال باللعن فلأجل أنّ الاسترسال في هذا المكان لأجل اللعن ، قال الشاعر : نظر الدهر إليهم فابتهل ، أي : استرسل فيهم فأفناهم ) (٣).

__________________

١ ـ آل عمران (٣) : ٦١

٢ ـ الفائق في غريب الحديث ١ : ١٢٥.

٣ ـ مفردات غريب القرآن : ٦٣.

٢٣٣

قصّة المباهلة :

نصّ ماجاء في معرفة علوم الحديث للنيسابوري :

حدّثنا علي بن عبد الرحمن بن عيسى الدهقان بالكوفة ، قال : حدّثنا الحسين ابن الحكم الحبري ، قال : ثنا الحسن بن الحسين العرني ، قال ثنا حبّان بن علي العنزي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وفي قوله عزّ وجلّ : ( قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم ) إلى قوله ( الكاذبين ) نزلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلى نفسه ، ونساءنا ونساءكم في فاطمة ، وأبناءنا وأبناءكم في حسن وحسين ، والدعاء على الكاذبين نزلت في العاقب والسيّد وعبد المسيح وأصحابهم.

قال الحاكم : وقد تواترت الأخبار في التفاسير عن عبد الله بن عباس وغيره أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخذ يوم المباهلة بيد علي وحسن وحسين ، وجعلوا فاطمة وراءهم ، ثمّ قال هؤلاء أبناءنا وأنفسنا ونساءنا ، فهلمّوا أنفسكم وأبناءكم ونساءكم ، ثمّ نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) (١).

أحكام القرآن للجصّاص :

ونصّه مايلي : ( مطلب : في المباهلة وما رواه أصحاب السير في شأنها.

قوله تعالى ( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ) الاحتجاج المتقدّم لهذه الآية على النصارى في قولهم : إنّ المسيح هو ابن الله ، وهم وفد نجران ، وفيهم السيّد والعاقب قالا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : هل رأيت ولداً من غير ذكر؟ فأنزل الله تعالى ( إن مثل عيسى عند الله

__________________

١ ـ معرفة علوم الحديث : ٤٩.

٢٣٤

كمثل آدم ) ، روي ذلك عن ابن عباس والحسن وقتادة.

وقال قبل ذلك فيما حكي عن المسيح ( ولأحلّ لكم بعض الذي حرم عليكم ) إلى قوله تعالى : ( إنّ الله ربي وربكم فاعبدوه ) ، وهذا موجود في الإنجيل ؛ لأنّ فيه : ( إنّي ذاهب إلى أبي وأبيكم ، وإلهي وإلهكم ). والأب السيّد في تلك اللغة ألا تراه قال : ( وأبي وأبيكم ) فعلمت أنّه لم يرد به الأبوّة المقتضية للبنوّة فلمّا قامت الحجّة عليهم بما عرفوه واعترفوا به وأبطل شبهتهم في قولهم : إنّه ولد من غير ذكر بأمر آدم عليه السلام ، دعاهم حينئذ إلى المباهلة ، فقال تعالى : ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ) الآية ، فنقل رواة السير ونقلة الأثر لم يختلفوا فيه : ( أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أخذ بيد الحسن والحسين وعلي وفاطمة رضي الله عنهم ، ثمّ دعا النصارى الذين حاجّوه إلى المباهلة ، فأحجموا عنها ، وقال بعضهم لبعض : ( إن باهلتموه اضطرم الوادي عليكم ناراً ، ولم يبق نصراني ولا نصرانية إلى يوم القيامة ).

وفي هذه الآيات دحض شبه النصارى في أنّه إله أو ابن الإله ، وفيه دلالة على صحّة نبوّة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لولا أنّهم عرفوا يقيناً أنّه نبي ما الذي كان يمنعهم من المباهلة؟ فلمّا أحجموا وامتنعوا عنها دلّ أنّهم قد كانوا عرفوا صحّة نبوّته بالدلائل المعجزات ، وبما وجدوا من نعته في كتب الأنبياء المتقدّمين.

وفيه الدلالة على أنّ الحسن والحسين ابنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ لأنه أخذ بيد الحسن والحسين حين أراد حضور المباهلة وقال : ( تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ) ولم يكن هناك للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بنون غيرهما ، وقد

٢٣٥

روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه قال للحسن رضي الله عنه : ( إن ابني هذا سيّد ). وقال حين بال عليه أحدهما وهو صغير : ( لا تزرموا ابني ). وهما من ذريته أيضاً ، كما جعل الله تعالى عيسى من ذرية إبراهيم عليهما السلام بقوله تعالى : ( ومن ذريته داود وسليمان ) إلى قوله تعالى : ( وزكريا ويحيى وعيسى ) وإنما نسبته إليه من جهة أمّه ؛ لأنه لا أب له.

مطلب : في أنّ ولد البنت هل ينسب إلى قوم أبيه أو قوم أمّه.

ومن الناس من يقول : إنّ هذا مخصوص في الحسن والحسين رضي الله عنهما أنّ يسمّيا ابني النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم دون غيرهما ، وقد روي في ذلك خبر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يدلّ على خصوص إطلاق اسم ذلك فيهما دون غيرهما من الناس ؛ لأنه روي عنه أنّه قال : ( كلّ سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلّا سببي ونسبي ). وقال محمّد فيمن أوصى لولد فلان ولم يكن له ولد لصلبه وله ولد ابن وولد ابنة : ( إنّ الوصيّة لولد الابن دون ولد الابنة ). وقد روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنّ ولد الابنة يدخلون فيه. وهذا يدّل على أنّ قوله تعالى وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في ذلك مخصوص به الحسن والحسين في جواز نسبتهما على الإطلاق إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم دون غيره من الناس لما ورد فيه من الأثر ، وأنّ غيرهما من الناس إنّما ينسبون إلى الآباء وقومهم دون قوم الأم ، ألا ترى أنّ الهاشمي إذا استولد جارية رومية أو حبشية أنّ ابنه يكون هاشمياً منسوباً إلى قوم أبيه دون أمّه ، وكذلك قال الشاعر :

بنونا بنو أبنائنا ، وبناتنا

بنوهن أبناء الرجال الأباعد

فنسبة الحسن والحسين رضي الله عنهما إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالبنوة

٢٣٦

على الإطلاق مخصوص بهما لا يدخل فيه غيرهما ، هذا هو الظاهر المتعارف من كلام الناس فيمن سواهما ) (١).

شواهد التنزيل :

ونصّه ما يلي : ( قوله عزّ اسمه : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ).

حدّثني الحاكم الوالد رحمه الله ، عن أبي حفص بن شاهين في تفسيره ، [ عن ] موسى بن القاسم ، [ عن ] محمّد بن إبراهيم بن هاشم ، قال : حدّثني أبي ، قال : حدّثني أبو عبد الله محمّد بن عمر بن واقد الأسلمي ، عن عتبة بن جبيرة ، عن حصين بن عبد الرحمن عن عمرو بن سعد بن معاذ قال قدم وفد نجران العاقب والسيد فقالا : يا محمّد إنك تذكر صاحبنا؟ فقال النبي ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : ومن صاحبكم؟ قالوا : عيسى بن مريم. فقال النبي : هو عبد الله ورسوله. قالا : فأرنا فيمن خلق الله مثله وفيما رأيت وسمعت. فأعرض النبي ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) عنهما يومئذ ونزل [ عليه ] جبرئيل [ بقوله تعالى ] : ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ) (٢) الآية.

فعادا وقالا : يا محمّد هل سمعت بمثل صاحبنا قط؟ قال : نعم. قالا : من هو؟ قال : آدم ، ثمّ قرأ رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ) الآية. قالا : فإنّه ليس كما تقول. فقال لهم رسول الله [ صلّى

__________________

١ ـ أحكام القرآن ٢ : ١٨.

٢ ـ آل عمران (٣) : ٥٩.

٢٣٧

الله عليه وآله وسلم ] : ( تعالوا ندع ابناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم ) الآية ، فأخذ رسول الله بيد علي ومعه فاطمة وحسن وحسين [ و ] قال : هؤلاء أبناؤنا وأنفسنا ونساؤنا. فهمّا أنّ يفعلا ، ثمّ إنّ السيّد قال للعاقب : ما تصنع بملاعنته؟ لئن كان كاذباً ما تصنع بملاعنته ، ولئن كان صادقاً لنهلكن!! فصالحوه على الجزية ، فقال النبي [ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ] يومئذ : والذي نفسي بيده لو لاعنوني ما حال الحول وبحضرتهم منهم أحد ... ) (١).

فتح الباري :

( ووقع في رواية عامر بن سعد بن أبي وقاص عند مسلم والترمذي قال قال معاوية لسعد : ما منعك ان تسب أبا تراب؟ قال : أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلن أسبّه ، فذكر هذا الحديث [ حديث المنزلة ] وقوله : لأعطين الراية رجلاً يحبّه الله ورسوله ، وقوله لما نزلت : ( فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ) دعا علياً وفاطمة والحسن والحسين فقال : اللهم هؤلاء أهلي ... ) (٢).

تفسير ابن كثير :

( ... قال : ( والذي بعثني بالحق لقد أتوني المرّة الأولى وإنّ إبليس لمعهم ) ، ثمّ سألهم وسألوه ، فلم تزل به وبهم المسألة حتّى قالوا له : ما تقول في عيسى فإنا نرجع إلى قومنا ونحن نصارى يسرّنا إن كنت نبيّا أنّ نسمع ما تقول فيه؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ( ما عندي فيه شيء يومي هذا ، فأقيموا حتّى

__________________

١ ـ شواهد التنزيل لقواعد التفضيل في الآيات النازلة في أهل البيت ١ : ١٥٥.

٢ ـ فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني ٧ : ٦٠.

٢٣٨

أخبركم بما يقول لي ربّي في عيسى ).

فأصبح الغد وقد أنزل الله هذه الآية : ( إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم ـ إلى قوله ـ الكاذبين ) فأبوا أنّ يقرّوا بذلك.

فلمّا أصبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الغد بعد ما أخبرهم الخبر أقبل مشتملاً على الحسن والحسين في خميل له وفاطمة تمشي عند ظهره للملاعنة وله يومئذ عدّة نسوة ، فقال شرحبيل لصاحبيه : لقد علمتما أنّ الوادي إذا اجتمع أعلاه وأسفله لم يردوا ولم يصدروا إلّا عن رأيي ، وإنّي والله أرى أمراً ثقيلا ، والله لئن كان هذا الرجل مبعوثاً فكنّا أوّل العرب طعناً في عينيه وردّاً عليه أمره لا يذهب لنا من صدره ولا من صدور أصحابه حتّى يصيبنا بجائحة وأنا لأدنى العرب منهما جواراً ، ولئن كان هذا الرجل نبيّاً مرسلاً فلاعنّاه لا يبقى منّا على وجه الأرض شعر ولا ظفر إلّا هلك ، فقال صاحباه : فما الرأي يا أبا مريم؟ فقال : أرى أنّ أحكمه فإنّي أرى رجلاً لا يحكم شططاً أبداً ، فقالا له : أنت وذاك.

قال : فتلّقى شرحبيل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له : إنّي قد رأيت خيراً من ملاعنتك فقال : ( وما هو )؟ فقال : حكمك اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصباح فمهما حكمت فينا فهو جائز ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ( لعلّ وراءك أحداً يثرب عليك )؟ فقال شرحبيل : سل صاحبي ، فسألهما فقالا : ما يرد الوادي ولا يصدر إلّا عن رأي شرحبيل ، فرجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فلم يلاعنهم حتّى إذا كان من الغد أتوه فكتب لهم هذا الكتاب.

بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما كتب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لنجران ـ إن كان عليهم حكمه ـ في كلّ ثمرة وكلّ صفراء وبيضاء وسوداء ورقيق فاضل

٢٣٩

عليهم وترك ذلك كلّه لهم على ألفي حلّة ، في كلّ رجب ألف حلّة ، وفي كلّ صفر ألف حلة. وذكر تمام الشروط وبقية السياق.

والغرض أنّ وفودهم كان في سنة تسع لأنّ الزهري قال : كان أهل نجران أوّل من أدّى الجزية إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وآية الجزية إنّما أنزلت بعد الفتح وهي قوله تعالى : ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) الآية.

وقال أبو بكر بن مردويه : حدّثنا سليمان بن أحمد ، حدّثنا أحمد بن داود المكي ، حدّثنا بشر بن مهران ، حدّثنا محمّد بن دينار ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن جابر قال : قدم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم العاقب والطيّب فدعاهما إلى الملاعنة ، فواعداه على أنّ يلاعناه الغداة. قال : فغدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين ، ثمّ أرسل إليهما فأبيا أنّ يجيبا ، وأقرّا له بالخراج. قال : فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( والذي بعثني بالحق لو قالا : لا ، لأمطر عليهم الوادي ناراً ).

قال جابر : وفيهم نزلت ( ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ) قال جابر ( أنفسنا وأنفسكم ) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلي بن أبي طالب ، ( وأبناءنا ) الحسن والحسين ( ونساءنا ) فاطمة.

وهكذا رواه الحاكم في مستدركه ، عن علي بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن الأزهري ، عن علي بن حجر ، عن علي بن مسهر ، عن داود بن أبي هند به بمعناه. ثمّ قال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه هكذا ) (١).

__________________

١ ـ تفسير القرآن العظيم ١ : ٣٧٩.

٢٤٠