ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

حسينة حسن الدّريب

ولاية أهل البيت عليهم السلام في القرآن والسنّة

المؤلف:

حسينة حسن الدّريب


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-50-8
الصفحات: ٣٨٤

نبي غيري ، وإنّي رأيت أنّ أصلح بين أمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكنت أحقّهم بذلك.

٩ ـ قول معاوية : لا تفعلوا ، فوالله لقد رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يمصّ لسانه وشفته ، ولن يعي لسان مصّه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

١٠ ـ قول الإمام الحسن عليه‌السلام : أيّها الناس إنّ الله هداكم بأولنا ، وحقن دماءكم بآخرنا ، وإنّي قد أخذت لكم على معاوية أنّ يعدل فيكم ، وأن يوفّر عليكم غنائمكم ، وأن يقسم فيكم [ فيئكم ]. ثمّ أقبل على معاوية فقال : [ أ ] كذاك؟ قال : نعم. ثمّ هبط من المنبر وهو يقول : ـ ويشير بإصبعه إلى معاوية ـ ( وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ).

١١ ـ فاشتدّ ذلك على معاوية فقالا : لو دعوته فاستنطقته ، فقال : مهلاً ، فأبوا فدعوه ، فأجابهم فأقبل عليه عمرو بن العاص ، فقال له الحسن : أمّا أنت فقد اختلف فيك رجلان : رجل من قريش وجزار أهل المدينة فادعياك فلا أدري أيّهما أبوك! وأقبل عليه أبو الأعور السلمي ، فقال له الحسن : ألم يلعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رعلاً وذكوان وعمرو بن سفيان؟! ثمّ أقبل عليه معاوية يعين القوم ، فقال له الحسن : أما علمت أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعن قائد الاحزاب وسائقهم وكان أحدهما أبو سفيان ، والآخر أبو الأعور السلمي.

١٢ ـ بالله يا عمرو وأنت يا مغيرة تعلمان أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : لعن الله السائق والراكب أحدهما فلان؟ [ يعني أبا سفيان ، والآخر معاوية ] قالا : اللهم نعم بلى ، قال : أنشدك الله يا معاوية ويا مغيرة أتعلمان أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعن عمراً بكلّ قافية قالها لعنة؟ قالا : اللهم نعم.

١٣ ـ فقال معاوية : لا تقولان ذلك فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد

١٤١

تفل في فيه ومن تفل رسول الله [ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ] في فيه فليس بعي.

هذه النكات التي هي من كتبهم غنيّة بنفسها عن التعليق.

نعود إلى موضوعنا وهو الكلام حول السنة والجماعة ، مخاطبين كلّ ذي لب بسؤالنا له في من يستحق أن يسمى أهل سنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله؟

ونقول في الجواب : ماجاء من كلام الأمير عليه‌السلام عندما سئل صلوات الله عليه مَن أهل السنّة ، ومن أهل الجماعة ، ومن أهل البدعة؟ فقال : ( أمّا أهل السنة فالمستمسكون بما سنّه رسول الله صلّى الله عليه وآله وان قلوا ، وأما أهل الجماعة فأنا ومن اتّبعني وإن قلّوا ، وأمّا أهل البدعة فالمخالفون لأمر الله عزّ وجلّ وكتابه ورسوله والعاملون بآرائهم وأهوائهم في دينه ، المبتدعون ما لم يأت عن الله تعالى ولا عن رسوله صلّى الله عليه وآله ) (١).

ولي جواب وصلت إليه بعد طول البحث والتحقيق (٢) وهو : أنّ أهل السنّة والجماعة من كان معتقداً بإمامة إمام زمانه صلوات الله عليه يأخذ عنه ويطيعه كما أمر الله جلّ ذكره ، ولا يموت موتة جاهلية ، إذ من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية كما صحّ عند الفريقين (٣).

بل هناك جواب من أصدق القائلين بقوله : ( .. ألاومن مات على حبّ آل محمّد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد

__________________

١ ـ كنز العمّال ج ١٦ص ١٨٣.

٢ ـ حول قصّة وصولي إلى معرفة أهل البيت عليهم‌السلام راجع كتابي ( وعرفت من هم أهل البيت عليهم‌السلام ).

٣ ـ راجع الكتاب المذكور.

١٤٢

مات على السنّة والجماعة ... ) (١).

ولنعم ما قال الشاعرفيهم :

لجماعة سمّوا هواهم سنّة

وجماعة حمر لعمري موكفة

قد شبّهوه بخلقه فتخوفوا

شنع الورى فتستروا بالبلكفة (٢)

ونعم ما قال الإمام الشافعي :

ولمّا رأيت الناس قد ذهبت بهم

مذاهبهم في أبحر الغي والجهل

ركبت على اسم الله في سفن النجا

وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل

وأمسكت حبل الله وهو ولاؤهم

كما قد أمرنا بالتمسّك بالحبل

إذا افترقت في الدين سبعون فرقة

ونيف كما جاء في محكم النقل

ولم يك ناج منهم غير فرقة

فقل لي بها يا ذا الرجاحة والعقل

 __________________

١ ـ تفسير الكشّاف للزمخشري ج ٤ ص ٢٢٠ ـ ٢٢١ ط بيروت ، و ج ٣ ص ٤٠٣ ط مصطفى محمّد بمصر ، وتفسير الفخر الرازي ج ٧ ص ٤٠٥ ط الدار العامرة بمصر ، نور الأبصار للشبلنجي ص ١٠٤ ـ ١٠٥ ط ـ السعيدية بمصر وص ١٠٣ ط العثمانية بمصر ، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي ص ٢٧ و ٢٦٣ و ٣٦٩ ط اسلامبول ، وص ٢٩ و ٣١٤ و ٤٤٤ ط الحيدرية ، فرائد السمطين : ج ٢ ، ص ٢٥٥ ح ٥٢٤.

٢ ـ الكشّاف ، الزمخشري ج ١ ص ٥٣ طبع مصر عند تفسير الآية : ( ربّ أرني أنظر اليك ).

١٤٣

 

فقل لي بها يا ذا الرجاحة والعقل

أفي الفرق الهلاك آل محمّد؟!

أم الفرقة اللاتي نجت منهم قل لي

فإنّ قلت في الناجين فالقول واحد

وإن قلت في الهلاك حفت عن العدل (١)

نوع من البهتان :

إنّ من جملة ادّعاءات شيعة معاوية أنّ شيعة أهل البيت عليهم‌السلام مغالون ، وأنّهم هم أتباع أهل البيت عليهم‌السلام الحقيقيّون!

نقول لهم : إنّ الإنصاف أنّ المسلم الذي يجعل الزهراء عليها‌السلام من أقرب المقرّبين إلى الرسول ، فلو حصل لأولادها وزوجها ماحصل فمن الطبيعي أنّه سيتألّم لما حصل لهم ويغضب ، ويعتقد أنّ ماحصل يغضب الزهراء عليها‌السلام وكل من قرأ التاريخ وجد أنّ الإمام الحسن مات مسموماً على يد معاوية ، فهل من أحبّ معاوية يحبّ الزهراء عليها‌السلام وهو يعلم انه قتل فلذة كبدها ، وذلك سيغضبها ، وغضبها يغضب الله تعالى.

وكذلك بالنسبة لإيذاء زوجها وغصب إرثها فعلى من أنكر مافعل بها أن يراجع التاريخ ، وقد أوردنا في هذا الكتاب ما فيه الكفاية لكلّ منصف وباحث عن الحق ، ومن أراد المزيد فليقرأ ، وسوف يوصله بحثه لليقين الذي لا شك فيه بصحّة ما نقول ، ومن أبى فعليه الدليل ليرضي ضميره ولا يوالي إلّا من والاه الله

__________________

١ ـ رشفة الصادي ص ٢٥.

١٤٤

ورسوله ، ولا يعادي إلّا من ثبت له حقاً أنّه يجب أن يعاديه ، ولا تأخذه هواده بأحد في دين الله تعالى ، ولا يكون رعاع معاع تباع كلّ ناعق ، ولابد من الولاية والبراءة ؛ لأنّ الأمّة في كلّ زمن منقسمة إلى جيش الحسين عليه‌السلام وجيش يزيد لعنه الله ، ولا يجوز التفرّج فلابدّ من الوقوف في أيّ من الصفّين دفاعاَ بلسانه أو قلمه أو يده حسب مايملي له تكليفه الشرعي قدر استطاعته.

ونقول : إنّنا نعتقد نحن الشيعة أنّنا لسنا مغالين ، بل إنّ ما نعتقده في أهل البيت عليهم‌السلام وارد فيهم حقّاً من القرآن الكريم والسنّة الصحيحة ، وأورده العام والخاص ، وأنّ المغالي ماهو إلّا من قال فيهم مالا يستحقّون وبالغ في حقّهم مما ليس في الكتاب الكريم ولا في السنّة الشريفة ، والشيعة تتبرأ من الغلاة وتلعنهم ، وتقول كما جاء في كتبهم المعتبرة أنّهم فرقة ضالّة ، وهم عدّة فرق العلياوية والغرابية والبزيعية والمخمسة ، والخطابية ، وقد أفتى الشيعة بكفرهم ونجاستهم كما في عقائد الإمامية للشيخ المظفر ، وغيره.

وفي المقالات والفرق لسعد الأشعري عرّف الغلاة أنّهم من ألّهوا أهل البيت ، وأنّ الشيعة منهم براء.

والشيعة لا تقول في أهل البيت عليهم‌السلام إلّا ما أوردته كتب الحديث الشريف والتاريخ الإسلامي ، كما أثبتوا ذلك بالأدلّة القاطعة.

ومن البهتان العظيم قول البعض : إنّ شيعة أهل البيت هم الذين قتلوهم!! كما يردد ذلك في بعض الكتب والإنترنيت وغيرها ، وخاصّة في كتاب ( لله ثمّ

١٤٥

للتاريخ ) (١).

فنجيبهم : أنّ من خرج على أهل البيت عليهم‌السلام بسيفه فقد خرج عن التشيّع ولو كان من قبل شيعياً لأنّ الشيعة ليست قبيلة فلان لا يخرج عن اسم قبيلته ولو عاداها ، وأنّما لفظة ( شيعي ) تطلق على من اتّبع أهل البيت عليهم‌السلام ـ كما في اللغة والمصطلحات العربية ـ فمن خرج لحربهم فهو عدّوهم ، وليس من شيعتهم ولو كان من قبل شيعيّاً ، فالشيعي هو من تبع وتابع ونصر كما في كتب اللغة ، قال ابن خلدون : ( اعلم أنّ الشيعة لغة هم الأصحاب والأتباع. ويقال في عرف الفقهاء والمتكلّمين من الخلف والسلف على أتباع علي وبنيه ) (٢).

وقال ابن الأثير : ( وقد غلب هذا الاسم على كلّ من يزعم أنّه يتولّى علياً رضي الله عنه وأهل بيته ) (٣).

وقال الفيروز آبادي في القاموس : ( أشياع وشيعة الرجل أتباعه وأنصاره .. وقد غلب هذا الاسم على كلّ من يتولّى علياً وأهل بيته حتّى صار اسم خاصّاً لهم ، جمعه : أشياع وشيع ) (٤).

وكلمة شيعة مصطلح قرآني كما في قوله تعالى : ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيم ) (٥).

__________________

١ ـ هذا الكتاب تصدّى له أبناء الدليل من الشيعة ، وفضحوا كذبه وتزويره ، وأثبتوا أنّه متناقض وكذّاب ، فمن أراد فليراجع الكتب التي أُلّفت للردّ عليه ، ككتاب لله وللحقيقة ، كتاب حقيقة لله ثمّ للتاريخ.

٢ ـ تاريخ ابن خلدون ١ : ١٩٦.

٣ ـ النهاية في غريب الحديث والأثر ، ابن الأثير ، ج ٢ ، ص ٥١٩.

٤ ـ القاموس المحيط٣ : ٤٧.

٥ ـ الصّافّات (٣٧) : ٨٣.

١٤٦

وقال تعالى : ( وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ) (١).

وهناك كثير من الروايات تدلّ على أنّ لفظة ( شيعي ) استخدمت في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كما أوردناه سابقاً في ذيل الآية : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (٢) فالنصوص الشرعية الواردة في القرآن والروايات التي اشتملت على كلمة ( شيعة ) ومشتقاتها تبيّن أنّ شيعة أهل البيت عليهم‌السلام هم من نصروهم بالمال والروح واللسان ، ووقفوا معهم موقف المحبّ لا موقف المحارب ولا المنافق ولا الرعاع ، فمن أحبّهم لا يحبّ من قتلهم وأخذ حقّهم ، وهذا من بديهيات الأمور في أنّ من أحبّ شخصاً لا يحبّ قاتله وظالمه.

ولكن سيأتي يوم يتبرّأ المتبوع من التابع : ( إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّار ) (٣).

__________________

١ ـ القصص (٢٨) : ١٥.

٢ ـ البينّة (٩٨) : ٧.

٣ ـ البقرة (٢) : ١٦٦ ـ ١٦٧.

١٤٧
١٤٨

الدليل الثامن : آية الذكر

قال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلوا أهل الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُون ) (١).

إنّ هذه الآية قد نزلت لتعرّف بمقام أهل البيت عليهم‌السلام وهم : محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي وفاطمة والحسنين عليهم‌السلام وذلك في عهد النبوّة ، أمّا بعد ذلك وحتّى قيام الساعة فهؤلاء الخمسة المذكورين أصحاب الكساء يضاف إليهم الأئمة التسعة من ذرية الحسين عليه‌السلام الذين عيّنهم رسول الله في عدّة مناسبات ، وسمّاهم بسفينة النجاة ، وباب حطّة ، وأمان أهل الأرض ، وقرناء القرآن ، ووصفهم بأنّهم رزقوا علمه وفهمه وغيرها من الأوصاف والروايات في ذلك ثابتة صحيحة وبعضها متواترة منذ الطبقة الأولى وحتّى اليوم (٢).

وهذه الآية الكريمة مما اختصّ به أهل البيت عليهم‌السلام ، وقد أخرجها بعض علماء أهل السنّة ومفسّريهم معترفين بنزولها في أهل البيت عليهم‌السلام ، ومايلي بعض ماجاء في كتبهم المعتبرة :

نصّ ما جاء في شواهد التنزيل :

قوله تعالى : ( وما أرسلنا من قبلك إلّا رجالاً نوحي إليهم فسألوا أهل

__________________

١ ـ النحل (١٦) : ٤٣.

٢ ـ حول بقيّة الأئمة بعد الحسين عليهم‌السلام راجع كتابي ( ( وعرفت من هم أهل البيت ) ) لأنّ هذا الكتاب مخصص بالخمسة أهل الكساء عليهم‌السلام.

١٤٩

الذكر إن كنتم لا تعلمون ).

أخبرنا عقيل بن الحسين ، قال : ( أخبرنا ) علي بن الحسين ، قال : حدّثنا محمّد ابن عبيد الله ، قال : حدّثنا عبدويه بن محمّد بشيراز ، قال : حدّثنا سهل بن نوح بن يحيى أبو الحسن الحبابي ، قال : حدّثنا يوسف بن موسى القطان ، عن وكيع ، عن سفيان ، عن السدي ، عن الحارث قال : ( سألت عليّاً عن هذه الآية : ( فأسألوا أهل الذكر ) فقال : والله إنّا لنحن أهل الذكر ، نحن أهل العلم ، ونحن معدن التأويل والتنزيل ، ولقد سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأته من بابه ) (١).

وذكر محقق كتاب ( شواهد التنزيل ) الشيخ محمّد باقر المحمودي : ( قال الحارث : سألت أمير المؤمنين عليه السلام عن هذه الآية : ( فاسألوا أهل الذكر ) ، قال : والله إنّا أهل الذكر [ و ] نحن أهل العلم ، [ و ] نحن معدن التأويل والتنزيل ).

قال السيوطي في تفسير آية التطهير من تفسير الدّر المنثور : وحدث الضحاك ابن مزاحم أنّ نبي الله كان يقول : نحن أهل بيت طهّرهم الله ، من شجرة النبوّة ، وموضع الرسالة ، ومختلف الملائكة ، وبيت الرحمة ، ومعدن العلم.

وقال المتقي في كنز العمّال ، ج ٦ ص ١٥٦ ، ما محصّله : وأخرج الديلمي ، عن سلمان ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أعلم أُمّتي من بعدي علي بن أبي طالب.

وقال أيضاً : أخرج أبو نعيم ، عن علي بن أبي طالب.

__________________

١ ـ شواهد التنزيل ١ : ٤٣٢.

١٥٠

وقال أيضاً : أخرج أبو نعيم ، عن علي عليه‌السلام ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : علي بن أبي طالب أعلم الناس بالله والناس.

وروى ابن سعد في ترجمة المصفح العامري في طبقات الكوفيين الذين رووا عن علي من كتاب الطبقات الكبرى ، ج ٦ ص ١٦٧ ، وفي ط بيروت ص ٢٤٠ قال : ( أخبرنا ) يزيد بن هارون ، قال : ( أخبرنا ) فضيل بن مرزوق ، عن جبلة بنت المصفح ، عن أبيها قال : قال لي علي عليه السلام : يا أخا بني عامر سلني عما قال الله ورسوله ، فإنا نحن أهل البيت أعلم بما قال الله ورسوله. قال [ ابن سعد ] : والحديث طويل.

وقال المتقي في كنز العمّال : أخرج عبد الغني بن سعد في إيضاح الإشكال ، عن أبي الزعراء قال : كان علي بن أبي طالب يقول : إنّي وأطائب أرومتي وأبرار عترتي أحلم الناس صغاراً ، وأعلم الناس كباراً ، بنا ينفي الله الكذب ، وبنا يعقر الله أنياب الذئب الكلب ، وبنا يفك الله عنوتكم وينزع ربق أعناقكم ، وبنا يفتح الله ويختم.

وروى أبو نعيم في ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب حلية الأولياء ، ج ١ ، ص ٦٨ قال : حدّثنا عبد الله بن محمّد بن جعفر ، حدّثنا أحمد بن محمّد الحبال ، حدّثنا أبو مسعود ، حدّثنا سهل بن عبد ربه ، حدّثنا عمرو بن أبي قيس ، عن مطرف ، عن المنهال بن عمرو ، عن التميمي ، عن ابن عباس قال : كنّا نتحدّث أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عهد إلى علي سبعين عهداً لم يعهدها إلى غيره.

ورواه أيضاً الكنجي الشافعي بسند ينتهي إلى عبد الله بن محمّد بن جعفر في الباب : (٧٣) من كتاب كفاية الطالب ص ٢٩١.

١٥١

وأيضاً رواه أبو نعيم في ترجمة محمّد بن حمّاد من تاريخ أصبهان : ج ٢ ص ٢٥٥ قال : حدّثنا سليمان بن أحمد ، حدّثنا محمّد بن سهل بن الصباح الأصبهاني ، حدّثنا أحمد بن الفرات الرازي ، حدّثنا سهل بن عبد ربه ...

ورواه أيضاً ابن عساكر في الحديث : ( ١٠٢٩ ) من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق : ج ٣ ص ٤٩٩ ط ٢ (١).

عن محمّد بن علي قال : لما نزلت هذه الآية : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) قال علي عليه السلام : ( نحن أهل الذكر الذي عنانا الله جلّ وعلا في كتابه ) (٢).

وذكر محقق كتاب ( شواهد التنزيل ) الشيخ محمّد باقر المحمودي : ( ورواه الثعلبي أيضاً في تفسير الآية الكريمة من تفسير الكشف والبيان كما رواه عنه ابن البطريق في الفصل : (٢٢) من كتاب خصائص الوحي المبين ، ص ٢٢٩ ط ٢.

وقال الطبري في تفسير الآية الكريمة من تفسيره : ج ١٤ / ١٠٨ : حدّثنا ابن وكيع ، قال : حدّثنا ابن يمان ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن أبي جعفر [ في قوله تعالى ] : ( فأسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) قال : نحن أهل الذكر (٣).

عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر في قوله تعالى : ( فأسألوا أهل الذكر )

__________________

١ ـ هامش شواهد التنزيل ١ : ٤٣٣ ـ ٤٣٤.

٢ ـ شواهد التنزيل ١ : ٤٣٦.

٣ ـ هامش شواهد التنزيل ١ : ٤٣٦.

١٥٢

قال : ( هم الأئمة من عترة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتلا ( وأنزلنا عليكم ذكراً رسولاً ) (١).

جامع البيان للطبري :

( حدّثنا به ابن وكيع ، قال : ثنا ابن يمان ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن أبي جعفر : ( فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) قال : نحن أهل الذكر ) (٢).

تفسير القرطبي :

قال جابر الجعفي : ( لما نزلت هذه الآية قال علي رضي الله عنه : نحن أهل الذكر ) (٣).

تفسير الثعلبي :

قال : جابر الجعفي : ( لما نزلت هذه الآية قال علي : نحن أهل الذكر ) (٤).

شبهة وردود :

وقد يُشكل بأنّ أهل الذكر في ظاهر الآية هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى.

والجواب :

أنّه لا يمكن أن يكونوا المقصودين لعدّة أسباب ، منها :

__________________

١ ـ شواهد التنزيل ١ : ٤٣٧ ، سورة الطلاق (٦٥) : ١٠.

٢ ـ جامع البيان ، ج ٤١ ، ص ١٤٥.

٣ ـ تفسير القرطبي ج ١١ص ٢٧٢.

٤ ـ تفسير الثعلبي ٦ : ٢٧ ، ونحوه في تفسير الآلوسي المسمّى بـ ( ( روح المعاني ) ) ج ١٤ ص ١٤٧ وينابيع المودّة للقندوزي الحنفي ١ : ٣٥٧.

١٥٣

أوّلاً : لأنّ القرآن الكريم ذكر في العديد من الآيات بأنّهم حرّفوا كلام الله وكتبوا الكتاب بأيديهم ، وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً ، فلا يمكن أنّ يأمر المسلمين بأن يرجعوا إليهم لجهلهم وخيانتهم.

ثانياً : روى البخاري ، عن ابن عباس قال : ( يا معشر المسلمين ، كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل الله على نبيّكم صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحدث الأخبار بالله محضاً لم يُشب ، وقد حدّثكم الله أنّ أهل الكتاب قد بدّلوا من كتب الله وغيّروا ، فكتبوا بأيديهم وقالوا : هو من عند الله ليشتروا بذلك ثمناً قليلاً. أوَلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم؟! فلا والله ما رأينا رجلاً منهم يسألكم عن الذي أنزل عليكم ) (١).

ثالثاً : أنّ أهل الكتاب من النصارى يدّعون بأنّ عيسى عليه السلام هو إله ، واليهود يكذّبونهم ولا يعترفون به حتّى نبّياً ، وكلاهما يكذّب بالإسلام ونبيّ الإسلام صلى‌الله‌عليه‌وآله ويقولون عنه : كذاب ودجّال ، فلا يمكن أن يأمرنا الله بمسألتهم وهم لا يعترفون بنبوّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

رابعاً : قد ثبت أنّها نازلة في أهل بيت النبوّة عليهم السلام بإجماع الشيعة وكثير من مصادر السنة ، ولذلك قرائن كثيرة كحديث السفينة : والنجوم ، والثقلين ، ونحوها كقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( من أراد أن يدخل الجنّة التي غرسها ربّي فليوال علياً من بعدي وليوال وليّه وليقتدي بأهل بيتي من بعدي ، فإنّهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، ورزقوا علمي وفهمي ، فويل للمكذّبين بفضلهم من

__________________

١ ـ صحيح البخاري ، كتاب التوحيد ، باب قول الله تعالى : ( كل يوم هو في شأن ) ج ٨ ص ٢٠٨.

١٥٤

أُمتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي ).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله في أهل بيته عليهم السلام : ( فلا تقدّموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم ) ، وقال ابن حجر : وفي قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( فلا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم ). دليل على أنّ من تأهّل منهم للمراتب العلية والوظائف الدينية كان مقدّماً على غيره (١).

تأمّل وتدبرّ هذه الألفاظ : ( رزقوا علمي وفهمي ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم ).

خامساً : أنّ أهل البيت عليهم‌السلام في كلّ عصر كلّ منهم أعلم أهل زمانه ، فالتاريخ يسطّر رجوع الخلفاء للإمام علي عليه‌السلام ، ورجوع أبي حنيفة للإمام الصادق عليه‌السلام والمأمون للرضا عليه‌السلام وهكذا ، أفلا يكونوا مع كلّ هذا أهل الذكر؟!

وهل غيرهم يقول عن نفسه كما قال الإمام علي عليه‌السلام : ( تالله لقد علمت تبليغ الرسالات ، وإتمام العدّات ، وتمام الكلمات ، وعندنا أهل البيت أبواب الحكم وضياء الأمر ) (٢) ، وقال عليه‌السلام : ( أين الذين زعموا أنّهم الراسخون في العلم دوننا ، كذباً وبغياً علينا ، أنّ رفعنا الله ووضعهم ، وأعطانا وحرمهم ، وأدخلنا وأخرجهم. بنا يستعطى الهدى ، ويستجلى العمى. إنّ الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على سواهم ، ولا تصلح الولاة من غيرهم ) (٣).

__________________

١ ـ قد ذكرنا مصادره.

٢ ـ نهج البلاغة ، الخطبة رقم ١١٩.

٣ ـ نهج البلاغة ، الخطبة رقم ١٤٤.

١٥٥

وقال عليه‌السلام أيضاً : ( نحن الشعار والأصحاب ، والخزنة والأبواب ، ولا تؤتى البيوت إلّا من أبوابها ، فمن أتاها من غير أبوابها سمّي سارقاً.

فيهم كرائم القرآن ، وهم كنوز الرحمن ، إن نطقوا صدقوا ، وإنّ صمتوا لم يُسبقوا ) (١).

وقال عليه‌السلام : ( هم عيش العلم ، وموت الجهل ، يخبركم حلمهم عن علمهم ، وصمتهم عن حكم منطقهم ، لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه ، هم دعائم الإسلام ، وولائج الاعتصام ، بهم عاد الحقّ في نصابه ، وانزاح الباطل عن مقامه ، وانقطع لسانه عن منبته ، عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية ، لا عقل سماع ورواية ، فإنّ رواة العلم كثير ورعاته قليل ) (٢).

وقال عليه‌السلام أيضاً : ( عترته خير العتر ، وأسرته خير الأسر ، وشجرته خير الشجر ، نبتت في حرم ، وبسقت في كرم ، لها فروع طوال ، وثمرة لا تنال ) (٣).

وقال عليه‌السلام : ( نحن شجرة النبوّة ، ومحطّ الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومعادن العلم ، وينابيع الحكم ، ناصرنا ومحبّنا ينتظر الرحمة ، وعدوّنا ومبغضنا ينتظر السطوة ) (٤)

وقال عليه‌السلام : ( فأين تذهبون وأنّى تؤفكون؟ والأعلام قائمة ، والآيات واضحة ، والمنار منصوبة ، فأين يُتاه بكم؟ بل كيف تعمهون وبينكم عترة نبيّكم؟

__________________

١ ـ نهج البلاغة ، الخطبة رقم ١٥٤.

٢ ـ نهج البلاغة ، الخطبة رقم ٢٣٧.

٣ ـ نهج البلاغة ، الخطبة رقم ٩٣.

٤ ـ نهج البلاغة ، الخطبة رقم ١٠٨.

١٥٦

وهم أزمّة الحقّ ، وألسنة الصّدق ، فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن ، وردوهم ورود الهيم العطاش.

أيّها الناس ، خذوها من خاتم النبيين صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إنّه يموت من مات منّا وليس بميّت ، ويبلى من بلي منّا وليس ببال ) ، فلا تقولوا بما لا تعرفون ، فإنّ أكثر الحقّ فيما تنكرون ، واعذروا من لا حجّة لكم عليه وأنا هو ، ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر ، وأترك فيكم الثقل الأصغر ، وركزت فيكم راية الإيمان ) (١)

وقال عليه‌السلام أيضاً : ( اُنظروا أهل بيت نبيّكم فالزموا سمتهم ، واتبعوا أثرهم فلن يخرجوكم من هدى ، ولن يعيدوكم في ردىً ، فإنّ لبدوا فالبدوا ، وإن نهضوا فانهضوا ، ولا تسبقوهم فتضلوا ، ولا تتأخّروا عنهم فتهلكوا ) (٢).

وقال الإمام علي عليه‌السلام : ( سلوني قبل أن لا تسألوني ، ولن تسألوا بعدي مثلي ) (٣). وقال عليه‌السلام : ( سلوني ، والله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلّا أخبرتكم ، سلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار ، أم في سهل أم في جبل ) (٤).

__________________

١ ـ نهج البلاغة ، الخطبة رقم ٨٦.

٢ ـ نهج البلاغة ، الخطبة رقم ٩٦.

٣ ـ أخرجه الحاكم في المستدرك ج ٢ ، ص ٤٦٦ ، وصححه هو والذهبي في تلخيصه. وأخرج نحوه ابن كثير في تفسيره ج ٤ ص ٢٣١ من طريقين وقال : ثبت أيضاً من غيروجه. ونحوه في طبقات ابن سعد ، ج ٢ ، ص ٢٨ ، والاستيعاب ، ج ٢ ، ص ٤٣.

٤ ـ أخرجه المحبّ الطبري في الرياض ، ج ٢ ، ص ١٩٨ ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٢٤ ، وتهذيب التهذيب ج ٧ ، ص ٣٣٨ ، وفتح الباري ، ج ٨ ، ص ٤٨٥.

١٥٧

وقال عليه‌السلام : ( إنّ هاهنا لعلماً جمّا ـ وأشار إلى صدره ـ لو أصبت له حملة ) (١).

ومن تتبع أقوال الأئمة من بنيه ، أمثال الإمام الحسن ، والإمام الحسين ، وزين العابدين ، وجعفر الصادق ، والإمام الرضا ، وبقية الأئمة عليهم‌السلام لوجدهم يؤكّدون أنّهم هم أهل الذكر وحملة العلم ، وأنّ الواجب الأخذ عنهم ، وأهل البيت عليهم‌السلام واحد بعد آخر أبلغوا الناس أنّهم هم حجّة الله في أرضه ، كما جاء في تفسير ابن كثير عن الإمام أبي جعفر محمّد الباقر قال : ( نحن أهل الذكر ) (٢).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام : ( وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون ) ، قال : رسول الله : صلى‌الله‌عليه‌وآله ( وأهل بيته أهل الذكر وهم المسؤولون ) (٣). وقال في قول الله تعالى : وإنّه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون ، قال : إنّما عنانا بها ، نحن أهل الذكر ، ونحن المسؤولون ) (٤).

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ، قال : هم آل محمّد ، فذكرنا له حديث الكلبي أنّه قال : هي في أهل الكتاب ، قال فلعنه وكذّبه ) (٥).

وعن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : ( إنّ من عندنا يزعمون أنّ قول الله تعالى : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ، أنّهم

__________________

١ ـ أعلام الموقعين ، ج ١ ، ص ٢١ ، وينابيع المودّة ٣ : ٤٥٤ ، والفائق للزمخشري ، ج ٣ ، ص ١٨٨.

٢ ـ تفسير ابن كثير ٢ : ٥٩١.

٣ ـ بصائر الدرجات : ٥٨.

٤ ـ بصائر الدرجات : ٥٨.

٥ ـ بصائر الدرجات : ٦١.

١٥٨

اليهود والنصارى ، قال : إذاً يدعونهم إلى دينهم ، ثمّ أشار بيده إلى صدره فقال : نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون ) (١).

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تعالى : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ، قال : ( كتاب الله الذكر ، وأهله آل محمّد الذين أمر الله بسؤالهم ، ولم يؤمروا بسؤال الجهّال ... ) (٢).

قال : ( نحن أهل الذكر. قال أبو زرعة : صدق محمّد بن علي ، ولعمري إنّ أبا جعفر لمن أكبر العلماء ) (٣).

هذه نبذة مختصرة من أقوال الإمام علي وأبنائه عليهم‌السلام عن أنفسهم.

وأمّا أقوال الصحابة وأصحاب الأئمة كعمر وأبي حنيفة وغيرهم عن أنفسهم ، واعترافهم بأنّ الإمام علي وأولاده أعلم منهم فهي كما يلي :

قالوا عن أنفسهم :

١ ـ قال أبو بكر :

عن الترمذي قال : قال ( أبو بكر : أقيلوني فإنّ علياً أحقّ منّي بهذا الأمر. وفي رواية كان الصديق يقول ثلاث مرّات : أقيلوني أقيلوني ، فإنّي لست بخيركم وعلي فيكم ) (٤).

__________________

١ ـ بصائر الدرجات : ٦١.

٢ ـ بصائر الدرجات : ٦١.

٣ ـ الإرشاد ٢ : ١٦٣.

٤ ـ انظر : لماذا اخترت مذهب أهل البيت ، عن الإمامة والسياسة لابن قتيبة ج ١ ، ص ٣١ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد ، ج ١ ، ص ٥٨ ، و ج ٤ ، ص ١٦٦ ـ ١٦٩ ، وكنز العمّال ج ٣ ، ص ١٣٢ و ، ص ١٣٥ و ، ص ١٤١.

١٥٩

وفي رواية : ( لما سئل أبو بكر عن قول الله تعالى : ( وفاكهة وأبا ) فقال : أيّ سماء تظلّني ، وأيّ أرض تقلّني أنّ أقول في كتاب الله بما لا أعلم ) (١).

( وسئل أبو بكر عن الكلالة فقال : إنّي سأقول فيها برأيي ، فإنّ كان صواباً فمن الله ، وإن كان خطأ فمنّي ومن الشيطان ) (٢).

٢ ـ قال عمر : ورد أنّ عمر بن الخطاب تلا هذه الآية : ( فأنبتنا فيها حبّا وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً وحدائق غلبا وفاكهة وأبّا ) قال : ( فكلّ هذا قد عرفناه فما الأب؟ ثمّ نفض عصا كانت في يده ، فقال : هذا لعمر الله التكلّف! اتّبعوا ما تبيّن لكم هداه من هذا الكتاب ) (٣).

وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما في باب التيمم بأربعة طرق : ( أنّ رجلاً أتى عمر ، فقال : إنّي أجنبت فلم أجد ماءً ، فقال : لا تصلّ. فقال عمار : أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماءً ، فأمّا أنت فلم تصلً ، وأمّا أنا فتمعّكت في التراب وصلّيت ) (٤).

وجاء عن جهلهم أيضاً : ( خطب عمر بن الخطاب الناس فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : ألا لا تغالوا في صداق النساء ، فإنّه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شيء ساقه رسول الله ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) أو سيق إليه ، إلّا جعلت

__________________

١ ـ انظر : فتح الباري ج ٦ ، ص ٢١٢ ، وتفسير القرطبي ، ج ١٩ ، ص ٢٢٣.

٢ ـ أنظر : سنن الدارمي ، ج ٢ ، ص ٣٦٦ ، الدر المنثور٢ : ٢٥٠ ، السنن الكبرىللبيهقي ، ج ٦ ، ص ٢٢٣.

٣ ـ انظر : وتفسير ابن كثير ، ج ٤ ، ص ٥٠٤ ، وتفسير القرطبي ، ج ٥ ، ص ٢٢٣ ، فتح الباري ١٣ : ٢٢٩ ، والكشاف ، ج ٤ص ، ٢٢٠ ، المستدرك ٢ : ٥١٤.

٤ ـ صحيح البخاري ١ : ٨٧ ، صحيح مسلم ١ : ١٩٣.

١٦٠