وانقضت أوهام العمر

السيّد جمال محمّد صالح

وانقضت أوهام العمر

المؤلف:

السيّد جمال محمّد صالح


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-8629-13-7
الصفحات: ٤٣١

ـ « خطط الشام ج ٦ ص ٢٥١ ـ ٢٥٦ ».

ـ « وماذا يقول كبار الشيعة في هذا الخصوص؟ ».

ـ « ويقول الإمام الشيخ محمّد الحسين كاشف الغطاء رحمه‌الله حول الغلاة ونسبتهم للشيعة : أما الشيعة الإمامية فيبرأون من تلك الفرق براءة التحريم ، على أن تلك الفرق لا تقول بمقالة النصارى ، بل خلاصة مقالتهم بضلالتهم : إنّ الإمام هو اللّه سبحانه ظهوراً واتحاداً ، أو نحو ذلك مما يقول به كثير من متصوفة الإسلام ومشاهير مشائخ الطرق ، وقد ينقل عن الحلاج والكيلاني ، والرفاعي ، والبدوي وأمثالهم من الكلمات ـ وان شئت فسمّها كما يقولون شطحات ـ ما يدل بظاهره على أنّ لهم منزلة فوق الربوبية ، وأن لهم مقاما زائداً عن الألوهية ( لو كان ثمة موضع لمزيد ) قريب من ذلك ما يقول به أرباب وحدة الوجود أو الموجود ».

كنت أُتابع سلسلة كلامي ، وأنا أقول :

ـ « بينما يمضي الشيخ في حديثه ، فيقول : أما الشيعة الإمامية وأعني بهم جمهرة العراق وايران ، وملايين المسلمين في الهند ومئات الألوف في سوريا والافغان فإنّ جميع تلك الطائفة من حيث كونها شيعة يبرؤون من تلك المقالات ، ويعدونها من أبشع الكفر والضلالات وليس دينهم إلاّ التوحيد المحض ، وتنزيه الخالق عن كُلّ مشابهة للمخلوق ، أو ملابسة لهم في صفة من صفات النقص والامكان والتغيير والحدوث ، وما ينافي وجوب الوجود والقدم والأزلية ، إلى غير ذلك من التنزيه والتقديس المشحونة به مؤلفاتهم في الحكمة والكلام من مختصرة أو مطولة ».

ـ «؟!».

٤٠١

ـ « وعلى أي حال فإنّ الشيعة براء مما نسب اليها من الغلو ، وأما أهل المقالات في الغلو كالبيانية والمنصورية وغير هم فإنّ نسبتهم إلى الشيعة ظلم وما أكثر الظلم للشيعة ـ وتهجم على أمة تدين للّه بالوحدانية ، لمحمّد بالرسالة ، ولاِله بالمودة. واستطيع الجزم بأنّ هذه الأُمور لم تخف على أولئك القوم الذين أصبحوا يتهجمون على الشيعة بالطعن في عقائدهم ، إذ نسبوا إليهم هذه المقامات الفاسدة التي يقول بها الغلاة. نعم إنّهم يعرفون الأمر ولكن الحق مر لا يمكن أن تتقبله أذواقهم ، ولقد أعجزهم الأمر عن مؤاخذة الشيعة والطعن في عقائدهم ، عندما وجدوا طرق المؤاخذات أمامهم مغلقة فلا يستطيعون منها النفوذ إلى مقاصدهم ، فالتجأوا إلى هذه الخرافات والاباطيل التي لا تثبت أمام التدقيق والتحقيق ».

فقال لي :

ـ « هذا هو كلام الشيعة ، وهذا الشيخ هو يتحدث بالنيابة عنهم ، أليس كذلك ، فما يقوله يمكن أن ينسحب على مذهب التشيع؟ ».

قلت له :

ـ « بلى! هل أواصل نقلي لكلامه؟ ».

ومن بعد أن أجابني بالاثبات ، عمدت إلى مواصلة مقالة الشيخ كاشف الغطاء ، فقلت وأنا أنقل كلامه :

ـ « كيف يستطيعون مؤاخذة الشيعة ومنهم صحابة الرسول والتابعين لهم باحسان : كأبي ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ، وجارية بن قدامة ، وجابر بن عبد اللّه الانصاري ، وحذيفة بن اليمان ، وسلمان الفارسي ، وصعصعة بن صوحان ، والمقداد الكندي وغير هم؟!! ومن الغريب أن أكثر الكتاب قد نسبوا

٤٠٢

لأصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تأثرهم بآراء ابن سبأ ، وأي طعن على الإسلام وعلى رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعظم من هذا بأن يسيطر يهودي على عقول أصحاب النّبي ومن تأدبوا بآدابه ، ».

كان نبيل يصغي إليّ بانتباه .. بينما كنت أواصل قراءتي لحديث الشيخ :

ـ « وإليك ما كتبه بعض كتاب العصر الحاضر عند ذكره لعبد اللّه بن سبأ ونسبة ظهور التشيع إليه ، إذ يقول : إنّ هذا الشيطان هو عبد اللّه بن سبأ من يهود صنعاء ، وكان يبث دعوته بخبث وتدرج ودهاء ، واستكثر اتباعه بآخرين من البلهاء الصالحين المتشددين في الدين المتنطعين في العبادة إلى أن يقول : وعني بالتأثير في أبناء الزعماء من قادة القبائل ، وأعيان المدن الذين اشترك آباؤهم في الجهاد والفتح ، فاستجاب له من بلهاء الصالحين وأهل الغلو من المتنطعين جماعات كان على رأسهم في الفسطاط الغافقي بن حرب العتكي ، وعبد الرحمن بن عديس البلوي ، كنانة بن بشر بن عتاب ، وعبد اللّه ابن زيد بن ورقاء الخزاعي ، وعمرو بن الحمق الخزاعي ».

ـ « أووه؟! ».

ـ « .. وعروة بن النباع الليثي ، وقتير السكوني. وكان على رأس من استغواهم ابن سبأ في الكوفة عمرو بن الأصم ، وزيد بن صوحان العبدي ، والاشتر بن مالك بن الحارث النخعي ، وزياد بن النضر الحارثي ، وعبد اللّه بن الأصم ».

ـ « كُلّ هؤلاء؟! ».

ـ « ومن البصرة ».

ـ « والبصرة أيضاً؟! ».

٤٠٣

ـ « .. حرقوص بن زهير السعدي ، وحكيم بن جبلة العبدي ، وذريح بن عباد العبدي ، وبشر بن شريح الحطم بن ضبيعة القيسي ، وابن المحرش. أما المدينة ».

ـ « والمدينة كذلك؟! ».

ـ « .. فلم يندفع في هذا الأمر من أهلها إلاّ ثلاثة نفر. محمّد بن أبي بكر ومحمّد بن حذيفة ، وعمار بن ياسر ».

ـ « أووه عمار بن ياسر .. أقول : مِن أين اقتبس الشيخ هذا الكلام ، بل أين وجده ، وهو لِمَن؟ ».

ـ « اسم الكتاب ، هو : حملة رسالة الإسلام ، واسم المؤلف : محب الدين الخطيب ، والصفحة : ٢٣ ».

ثُمّ استدركتُ الكلام ، وأنا أقول :

ـ « بينما يعود الشيخ إلى كلامه ، فيقول : هكذا يقول ، ونبرأ إلى اللّه مما يقول ، ليت شعري أي جرأة أعظم من هذه الجرأة على أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ووصفهم بهذه الصفة بأنهم مخدوعين بدعوة ذلك الشيطان ، استجابوا لما جاء به هذا اليهودي المزعوم ، وهم خريجو مدرسة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعاة الحق واتباعه ، ولكن الشيطان خدع هذا الكاتب ، فجاء بهذا الافتراء وهو ( يجادل بغير علم ويتبع كُلّ شيطان مريد. كتب عليه أن من تولاه فإنّه يضله ويهديه إلى عذاب السعير ) ».

ـ « وإذن حديث الكاتب هو كُلّه افتراء وسفسطة ليس إلاّ؟! ».

ـ « تماماً! بينما يواصل الشيخ كلامه ، فيقول : ونحن نأمل من كتّابنا الذين يكتبون لذات الحق ولا يميل بهم الهوى ، ولا تستولي عليهم النزعات

٤٠٤

الطائفية ، أن يوجهوا عنايتهم لاظهار الحقيقة عند دراستهم لقضية ابن سبأ بأن يدرسوها دراسة مؤرخ لا يتحيز ولا يتعصب ، ولا يقصد إلاّ خدمة العلم واظهار الحق ، ويقف موقف المدقق على مصادرها ورواتها الظروف التي أوجدتها ، ليتضح له الأمر ، ويتميز الحق من الباطل ».

ـ « وهل يمكنك التأكيد على مسألة ما في هذا المضمار؟ ».

ـ « أجل فإنّي لأؤكد القول بأنّ قضية ابن سبأ هذه ، ما هي إلاّ أُسطورة خرافية ، أوجدتها عدّة عوامل للحطّ من تعاليم الإسلام والنيل من رجاله ، بأنهم قد تأثروا بآراء رجل يهودي فأوردهم موارد الهلكة ، ومن دون تميز وتفكير ، إلى غير ذلك مما يؤدي إليه إيجاد هذه الخرافة من مناقضات. هذا مع أن سندها باطل ، وراويها وهو سيف بن عمرو كذاب ».

وعندها توجه نبيل الي بالسؤال وهو يقول :

ـ « وهل يمكن أن ينسب إلى أهل السنة لوناً من ألوان التعصب لأئمة المذاهب؟ ».

فقلت :

ـ « لقد تعددت عوامل التفرقة ، وكثرت طرق الخلاف بين الطوائف ، تعصب كُلّ إلى جهة ، فأهل الجرح والتعديل أدى بهم التعصب إلى الحط مما يخالف مذهبهم فاستهان بعضهم ببعض ، واختلق بعضهم مكارم لبعض ، فكم من مجروح عدلوه ، وعادل جرحوه ، وأعطف عليهم المؤرخين .. فإنّهم ربما وضعوا أُناساً ورفعوا أُناساً ، إما لتعصب ، أو لجهل ، أو لمجرد اعتماد على نقل من لا يوثق به أو غير ذلك ».

ـ « وإلى أي العوامل يمكن أن تعزى أسباب هذه الفرقة والاختلافات؟ ».

٤٠٥

ـ « يقول السبكي : « والجهل في المؤرخين أكثر منه في الجرح والتعديل كذلك التعصب ، قل أن رأيت تاريخاً خالياً من ذلك ، وأما تاريخ شيخنا الذهبي غفر اللّه له فإنّه على حسنه وجمعه مشحون بالتعصب ، فإنّه أكثر الوقيعة في أهل الدين الذين هم صفوة الخلق ، واستطال بلسانه على كثير من أئمة الشافعية والحنفية ومال فأفرط ومدح فزاد في المجسمة ».

ـ « وإذن ، فأحد عوامل هذا التعصب بين مذاهب أهل السنة هو الذهبي؟ ».

ـ « أجل! ويقول الحافظ صلاح الدين : أنّ الحافظ شمس الدين الذهبي لاشك في دينه وورعه ، ولكنه غلب عليه مذهب الاثبات ومنافرة التأويل ، والغفلة عن التنزيه حتّى أثر ذلك في طبعه انحرافاً شديداً ».

ـ « أقول : أين وجدت هذا؟ ».

ـ « طبقات الشافعية : ج ١ ص ١٩٠ ».

ـ « وإذن ، فكان للكتاب دور خطير في تعميق شق مثل هذه الهوة السحيقة؟ ».

ـ « نعم! وعلى أي حال ، فقد مالت الأهواء وأثرت النزعات فنفروا من الحقائق ولم يتقبلوها ، فكتبوا بما توحيه اليهم أهواؤهم وأغراضهم ، لا بما تقتضيه الحقيقة من حيث هي حقيقة لا تقبل الدجل والتدليس. وتأصلت روح العداء ، وتحيز كُلٌّ إلى مذهبه ، وغلوا في أئمتهم غلواً أخرجهم عن حدود الاتزان ، ووضعوا في مدحهم ما شاءت رغباتهم بدون قيد وشرط ، وتوسعوا في وضع الأحاديث عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالبشائر بأئمة المذاهب ».

ـ « هل لك أن تستشهد بشيء منها؟ ».

٤٠٦

ـ « أورد الحنفية مرسلاً : أن آدم افتخر بي وأنا أفتخر برجل من أُمتي اسمه النعمان ، وبصورة أُخرى : الأنبياء يفتخرون بي وأنا أفتخر بأبي حنيفة ، من أحبه فقد أحبني ومن أبغضه فقد أبغضني ».

ـ « وأين قرأت كُلّ هذا؟ ».

ـ « انه في كتاب الدر المختار في شرح تنوير الابصار : ج ١ ، ص ٥٣ و ٥٤ ».

ومضيت في الكلام :

ـ « كما توسعوا في الادعاءات لتصحيح مذهبه ووجوب اتّباعه ، وان عيسى يحكم بمذهبه وأن اللّه غفرله ولأهل مذهبه إلى يوم القيامة ».

ـ « نفس المصدر؟ ».

ـ « أجل : الدر المختار في شرح تنوير الابصار : ج ١ ، ص ٥٢ و ٥٤ ».

بينما أضفت وأنا أقول :

ـ « وأ نّه أعظم معجزة للنّبي بعد القرآن. ومن ذلك قولهم : إن اللّه خص أبا حنيفة بالشريعة والكرامة ومن كرامته أن الخضر عليه‌السلام كان يجيء إليه كُلّ يوم وقت الصبح ، ويتعلم منه أحكام الشريعة إلى خمس سنين ، فلما توفي ابو حنيفة دعا الخضر ربه : يارب إن كان لي عندك منزلة ، فأذن لأبي حنيفة حتّى يعلمني من القبر على عادته حتّى أعلّم الناس شرع محمّد على الكمال ليحصل لي الطريق ، فاجابه ربه إلى ذلك. واتم الخضر دراسته على أبي حنيفة وهو في قبره في مدة خمس وعشرين سنة إلى آخر ما في هذه الأسطورة التي تتلى في مجالس الحنفية في الهند ومساجدهم ».

ـ « أقول : أين طالعت هذا؟ ».

٤٠٧

ـ « هو في كتاب الياقوت في الوعظ لابي الفرج علي بن الجوزي ص ٤٨ .. وقد صنعت هذه الأُسطورة في عصور التعصب. ولو بعث أبو حنيفة لأقام الحد على هؤلاء المتجرئين بالكذب ، والافتراء على مقام الأنبياء ، ولخرّ صعقاً إلى الأرض ، وعفر خده فهو يعرف نفسه ، ولكنهم أرادوا أن يحسنوا فأساءوا ».

ـ « وماذا يقول الشعراء في هذا الباب؟ ».

ـ « ويقول شاعرهم لتأييد صحة مذهبه وترجيحه على غيره :

مثل الشافعي في العلمان خير المذاهب

كذا القمر الوضاح خير الكواكب

مذاهب أهل الفقه عندي تفلصت

وأين عن الروسي نسج العناكب

كما يقول شاعر آخر كان شافعي المذهب :

مثل الشافعي في العلماء

مثل البدر في نجوم السماء

قل لمن قاسه بنعمان جهلاً

أيقاس الضياء بالظلماء

ـ « والمالكية؟ ».

ـ « والمالكية يدعون لإمامهم أموراً ، منها أنّه مكتوب على فخذه بقلم القدرة مالك حجة اللّه في أرضه ، وأنه يحضر الأموات من أصحابه في قبورهم وينحي الملكين عن الميت ولا يدعهما يحاسبانه على أعماله ».

ـ « وهذه الأُخريات ، أين وجدتها؟ ».

ـ « يمكنك أن تراجع كتاب مشارق الأنوار للعدوي ص ٢٨٨ ».

بينما واصلت الكلام وأنا أحدثه قائلاً :

٤٠٨

ـ « ومنها : أنّه ألقى كتابه الموطاً في الماء فلم يبتل ».

ـ « وهل سخّر شعراء المالكية لهذا الغرض كذلك ».

ـ « إنّ الشعراء معدات كُلّ عصر ، يوظّفون لاغراض ومآرب أصحابه ، كما كانوا يفعلون في أيام الجاهلية ، ويصنعون مثله في وقتنا المعاصر ».

ـ « وماذا يقول شاعر المالكية؟ ».

ـ « يقول شاعرهم :

إذا ذكروا كتب العلوم فحي هل يكتب الموطاً من تصانيف مالك

فشد به كف الصيانة تهتدي فمن حاد عنه هالك في الهوالك »

ـ « وشاعر الحنابلة ، تراه ماذا يقول؟ ».

ـ « يقول الحنبلي :

سبرت شرائع العلماء طراً

فلم أر كاعتقاد الحنبلي

فكن من أهله سراً وجهراً

تكن أبداً على النهج السوي

ـ « ويقول آخر :

أنا حنبلي ما حييت وإن أمت

فوصيتي للناس أن يتحنبلوا »

ـ « وماذا يقول الحنابلة؟.

ـ « أما الحنابلة فيقولون : أحمد بن حنبل إمامنا فمن لم يرض فهو مبتدع ، فما أكثر المبتدعين في نظرهم على هذه القاعدة ».

ـ « وتقوّلوا على الشافعي قوله : من أبغض أحمد بن حنبل فهو كافر ، فقيل له : أتطلق عليه اسم الكفر؟ فقال : نعم ، من أبغض أحمد عاند السنة ، ومن عاند السنة قصد الصحابة ومن قصد الصحابة أبغض النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن أبغض النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كفر باللّه العظيم ».

٤٠٩

ـ « من أين نقلت هذا؟ ».

ـ « كتاب طبقات الحنابلة : ج ١ ص ١٣ ».

٤١٠

الفصل التاسع والعشرون

آلام الوصي

 « فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجى »

في صبيحة أحد الأيام الباكرة ، جاءني نبيل ، فقال :

ـ « أردت أن أسألك سؤالاً واحداً لا أكثر .. أجبني عليه ، وسأجعله خاتمة لكافة حواراتنا .. ».

ـ « تكلم ، هات ما عندك؟ ».

ـ « لماذا سكت علي بن أبي طالب ، أو بالأحرى ، لماذا لم يعترض على القوم أيام السقيفة! ولم يحتج عليهم؟ ».

فقلت له وأنا أُحاول تقصي حقيقة ما يرمي إليه وبالكُلّية :

ـ « ماذا تعني؟ ».

ـ « إنّ علي بن أبي طالب لم يحتج في يوم السقيفة على أبي بكر الصدّيق ومبايعيه ، ولا حتّى بأيما بشيء من نصوص الخلافة والوصاية التي عكف عليها الشيعة ، فهل هم أعرف بمفادها منه؟ ».

وكأن أحدهم كان قد أشار عليه ، بضرورة طرح مثل هذا السؤال ، كيما أصاب بالحرج وعلى ضوء ذلك يكون قد أفحمني مثلاً ـ وحسب تصور المشير والمشار عليه ـ وعندها قلت له :

ـ « إنّ الناس كافة ، هم ليعلمون بأنّ الإمام وسائر أوليائه من بني هاشم

٤١١

وغيرهم لم يشهدوا البيعة ، ولا دخلوا السقيفة يومئذ ، وكانوا في معزل عنها وعن كُلّ ما كان فيها ، منصرفين بكُلّهم إلى خطبهم الفادح بوفاة رسول اللّه ، وقيامهم بالواجب من تجهيزه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لا يعنون بغير ذلك ، وما واروه بعد ، في ضراحه الاقدس حتّى أكمل أهل السقيفة أمرهم ».

ـ « ماذا تعني؟ ».

ـ « .. فأبرموا البيعة ، وأحكموا العقد ، وتواثقوا ـ أخذا بالحزم ـ على منع كُلّ قول أو فعل يوهن بيعتهم ، أو يخدش عقدهم ، أو يدخل التشويش والاضطراب على عامتهم ».

ـ « وإذن؟ ».

ـ « وإذن! فأين كان الامام عن السقيفة وعن بيعة الصديق ومبايعيه ليحتج عليهم؟ وأنّى يتسنى له الاحتجاج ، أو لغيره بعد عقد البيعة ، وقد أخذ أولو الأمر والنهي بالحزم ، وأعلن أُولو الحول والطول تلك الشدة ».

ـ « ولِمَ لم يقابلهم علي بن أبي طالب ، هو وأصحابه؟ ».

ـ « هل يتسنى في عصرنا الحاضر لأحد أن يقابل أهل السلطة ، بما يرفع سلطتهم ، ويلغي دولتهم؟ وهل يتركونه وشأنه لو أراد ذلك؟ هيهات هيهات ، فقس الماضي على الحاضر ، فالناس ناس والزمان زمان .. هذا ، فضلاً عن أن علياً كان قد هيأ نفسه لمثل ذلك إلاّ أنّه لم يبق معه إلاّ نفر قليل من أصحابه ، ممن كان قد آمن به حقاً! ».

ـ « وبذلك ، فإنك لتقصد أن علياً خاف الفتنة ، فلم يحتج؟! ».

ـ « بالتأكيد! فإنّ علياً لم ير للاحتجاج عليهم يومئذ أيّما أثر ، إلاّ الفتنة التي كان يؤثر ضياع حقه على حصولها في تلك الظروف ، إذ كان يخشى منها

٤١٢

على بيضة الإسلام وكلمة التوحيد ، إذ أنّه مُني في تلك الأيام بما لم يمن به أحد ، حتّى كان قد مثل على جناحيه خطبان فادحان ».

ـ «؟!».

ـ « الخلافة بنصوصها ووصاياها إلى جانب تستصرخه وتستفزه بشكوى تدمي الفؤاد ، وحنين يفتت الاكباد ، والفتن الطاغية إلى جانب آخر تنذره بانتفاض شبه الجزيرة ، وانقلاب العرب ، واجتياح الإسلام ، وتهدده بالمنافقين من أهل المدينة وقد مردوا على النفاق ، وبمن حولهم من الأعراب وهم منافقون بنصّ الكتاب ، بل هم أشد كفراً ونفاقاً وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أُنزل اللّه على رسوله ».

ـ « إذن خوفه كان من المنافقين وليس ممن بايع وبويع في السقيفة؟ ».

ـ « لقد قويت شوكة المنافقين بفقده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأصبح المسلمون بعده كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية ، بين ذئاب عادية ، ووحوش ضارية ، ومسيلمة الكذاب ، وطليحة بن خويلد الافاك ، وسجاح بنت الحرث الدجالة ، وأصحابهم الهمج الرعاع قائمون ـ في محق الإسلام وسحق المسلمين ـ على ساق ، ولذا ، فإنّه ما كان لينظر إلى أصحاب السقيفة إلاّ نظر ».

ـ « نظر ماذا؟ ».

ـ « نظر من يستهين بالحدث .. ليس إلاّ! ».

ـ « وكيف يمكنه أن يستهين به ».

ـ « وذلك فيما لو قيس بالمنافقين من حوله في ارجاء العالم الإسلامي آنذاك ».

ـ « وهذا ما يعني؟ ».

٤١٣

ـ « إنّ مثل هذا ما كان ليعني لعلي إلاّ أن أصحاب السقيفة كانوا سبباً لاشعال فتنة أكبر وادهى .. فان المرء حينما يحاول أن يطفئ ناراً عظيمة ، فإنّه لا بدّ وحينما يرى بشاعة وعظمة تلك النار ، أن يستصغر أسباب نشوب حرائقها الفتاكة ويقول : كُلّ هذه النيران بما خلفته وتخلفه من خسائر واضرار كانت بسبب اشتعال عود ثقاب وسقوطه فوق مواد شديدة الاشتعال أو قابلة للاشتعال مثلاً .. فإن كان عليٌّ ولم تكن ولاية ، فإنّه أفضل من أن لا يكون ثمة اسم أو أيّما وجود لعلي ، ولا أيّما ذكر لأولاد علي من ابنائه المعصومين! أفهمت؟ ».

ـ «؟!».

ـ « هذا ، فضلاً عن تربص الرومان وترصد الأكاسرة وانتظار القياصرة لكُلّ فرصة وأُخرى .. وغيرهم .. حيث كانوا للمسلمين بالمرصاد ، إلى كثير من هذه العناصر الجياشة بكُلّ حنق من محمّد وآله وأصحابه ، وبكُلّ حقد وحسيكة لكلمة الإسلام ، تريد أن تنقض أساسها وتستأصل شافتها ، وأنها لنشيطة في ذلك مسرعة متعجلة ، ترى الأمر قد استتب لها ».

ـ « كيف؟ ».

ـ « بل والفرصة قد حانت وسنحت ».

ـ « بأي شيء؟ ».

ـ « وذلك بذهاب النّبي إلى الرفيق الأعلي ، فارادت أن تغتنم الفرصة ، وتنتهز تلك الفوضى قبل أن يعود الإسلام إلى قوة وانتظام ، فوقف علي بن أبي طالب بين هذين الخطرين! ».

ـ « وإذن؟ فأنت تقصد أنّه ضحّى بحقّه الشرعي؟! ».

٤١٤

ـ « أجل! فكان من الطبيعى له ، أن يقدم حقّه قرباناً لحياة المسلمين ، وقد صرح رضي‌الله‌عنه بذلك في كتاب له بعثه إلى أهل مصر مع مالك الأشتر لما ولاّه إمارتها ».

ـ « وماذا قال فيه؟ ».

ـ « إذ قال : أما بعد ، فان اللّه سبحانه بعث محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، نذيراً للعالمين ومهيمناً على المرسلين ، فلما مضى عليه‌السلام ، تنازع المسلمون الأمر من بعده ، فواللّه ما كان يلقى في روعي ولا يخطر ببالي أنّ العرب تزعج هذا الأمر من بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، عن أهل بيته ، ولا أنهم منحوه عني من بعده ، فما راعني إلاّ انثيال الناس على فلان يبايعونه ، فأمسكت يدي حتّى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله ان أرى فيه ثلما أو هدماً تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنّما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان ، كما يزول السراب أو كما يتقشع السحاب ، فنهض في تلك الاحداث حتّى زاح الباطل وزهق ، واطمأن الدين وتنهنه .. إلى آخر كلامه ، فراجعه في نهج البلاغة ».

ـ « وبذلك ، فلم يرد أن يحتفظ بحقه في الحكومة؟ ».

ـ « إنه لم يرد ذلك ولم يفعل مثل هذا؟ ».

ـ « ألست تقول هذا ، وهو يصرح بمثل هذا في كتابه إلى مالك الأشتر؟ ».

ـ « إنك لم تفهم ما عناه الإمام ، ولا ما قلته لك! بل إنّه أراد الاحتفاظ بحقه في الخلافة ، والاحتجاج على من عدل عنه بها على وجه لا تشق بهما للمسلمين عصا ، ولا تقع بينهم فتنة ينتهزها عدوهم ».

ـ « وكيف كان يتسنى له مثل ذلك؟ ».

٤١٥

ـ « فقعد في بيته حتّى أخرجوه كُرها بدون قتال ، ولو أسرع إليهم ما تمت له حجة ، ولا سطع لشيعته برهان ، لكنه جمع فيما فعل بين حفظ الدين والاحتفاظ بحقه من خلافة المسلمين ».

ـ «؟!».

ـ « وحين رأى أنّ حفظ الإسلام ، ورد عادية أعدائه موقوفان في تلك الأيام على الموادعة والمسالمة ، شق بنفسه طريق الموادعة ».

ـ « وآثر مسالمة القائمين في الأمر احتفاظا بالأمة ».

ـ « .. دقيقاً! احتفاظاً بالأُمة ، واحتياطا على الملة ، وضنّاً بالدين وايثارا للآجلة على العاجلة ، وقياماً بالواجب شرعاً وعقلاً من تقديم الأهم ـ في مقام التعارض ـ على المهم ، فالظروف يومئذ لا تسع مقامة بسيف ، ولا مقارعة بحجة ».

ـ « وما كان له أن يعرب عن حقه ، ولا بأي شكل من الأشكال؟ ».

ـ « فمع كُلّ ذلك ، فانه وبنيه ، والعلماء من مواليه ، كانوا يستعملون الحكمة في ذكر الوصية ، ونشر النصوص الجلية ».

ـ « متى كان ذلك من الإمام؟ ومتى كان ذلك من ذوية ومواليه؟ أوقفني على شيء منه ».

ـ « كان الإمام يتحرى السكينة في بث النصوص عليه ، ولا يقارع بها خصومه احتياطا على الإسلام ، واحتفاظا بريح المسلمين التي هي تكمن حقيقة في قوة المسلمين ، وغلبتهم على اعدائهم ، والنصر وبقاء الدولة الإسلامية ».

ـ « وهل كان له أن يعتذر عن سكوته؟ ».

٤١٦

ـ « وربما اعتذر عن سكوته وعدم مطالبته ـ في تلك الحالة ـ بحقه فيقول : لا يعاب المرء بتأخير حقه ، إنّما يعاب من أخذ ما ليس له ».

ـ « أين وردت له هذا الكلام؟ ».

ـ « هذه الكلمة من كلمه القصير الخارج في غرضه الشريف وهي في نهج البلاغة ، فراجع ما ذكره علامة المعتزلة في شرحها ص ٣٢٤ من المجلد الرابع من شرح النهج ».

ـ « وهل كان له طرق خاصّة في نشر النصوص؟ ».

ـ « نعم! فلقد كان له في نشر النصوص الدالة عليه ، طرق تجلت الحكمة فيها بأجلى المظاهر ».

ـ « هل يمكنك أن تستشهد لي بواحدة منها؟ ».

ـ « إلاّ تراه ما فعل يوم الرحبة إذ جمع الناس فيها أيام خلافته لذكرى يوم الغدير؟ فقال لهم : أنشدكم اللّه كُلّ امرئ مسلم سمع رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول يوم غدير خم ما قال ، إلاّ قام فشهد بما سمع ، ولا يقم إلاّ من رآه ، فقام ثلاثون من الصحابة فيهم اثنا عشر بدرياً ، فشهدوا بما سمعوه من نص الغدير ».

ثُمّ أضفت الكلام :

ـ « وهذا غاية ما كان يتسنى له في تلك الظروف الحرجة ».

ـ « وكم قال : اللهم انّي أستعينك على قريش ومن أعانهم ، فإنهم قطعوا رحمي ، وصغروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا على منازعتي أمراً هو لي ، ثُمّ قالوا : إلاّ إن في الحق أن تأخذه وفي الحق أن تتركه ».

ـ « وكان قد قال له قائل ، كما في الخطبة ١٦٧ أيضاً : إنك على هذا الأمر يا بن أبي طالب لحريص؟! فقال : بل انتم واللّه لا حرص ، وإنّما طلبت حقّاً لي ،

٤١٧

وأنتم تحولون بيني وبينه ».

ـ « عجيب! ».

ولقد كنت أعلم أن تأثير فعل أو سريان فعل هذه الكلمة : عجيب ، ما كان ليستمر إلاّ قليلاً ، فقلت وأنا أردف كلامي :

ـ « وقال رضي‌الله‌عنه : فو اللّه ما زلت مدفوعاً عن حقي مستأثراً علي منذ قبض اللّه نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حتّى يوم الناس هذا ».

ـ « وقال رضي‌الله‌عنه في كتاب كتبه إلى أخيه عقيل ».

ـ « وهو الكتاب ٣٦ في ص ٦٧ من الجزء ٣ من النهج ».

ـ « ماذا يقول فيه؟ ».

ـ « فجَزَت قريشاً عني الجوازي ، فقد قطعوا رحمي ، وسلبوني سلطان ابن أُمي ».

ـ « وكم قال رضي‌الله‌عنه : فنظرت فإذا ليس لي معي إلاّ أهل بيتي ، فظننت بهم عن الموت. واغضيت على القذى وشربت على الشجى ، وصبرت على أحد الكظم ، وعلى أمرّ من طعم العلقم ».

ـ « وسأله بعض أصحابه : كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به؟ فقال : يا أخا بني أسد إنك لقلق الوضين ، ترسل في غير سدد ولك بعد ذمامة الصهر وحق المسألة وقد استعلمت فاعلم ، أما الاستبداد علينا بهذا المقام ، ونحن الاعلون نسباً ، والاشدون برسول اللّه نوطاً ، فإنّها كانت إثرة شحت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس آخرين ، والحكم اللّه والمعود إليه يوم القيامة ، ودع عنك نهباً صيح في حجراته ».

ـ « وقال رضي‌الله‌عنه كما في ص ٣٦ والتي بعدها من الجزء الثاني من النهج من

٤١٨

الكلام ١٤٠ : أين الذين زعموا أنّهم الراسخون في العلم دوننا؟ كذباً علينا وبغياً أن رفعنا اللّه ووضعهم ، وأعطانا وحرمهم ، وأدخلنا وأخرجهم ، بنا يستعطى الهدى ، ويستجلى على سواهم ، ولا تصلح الولاة من غيرهم .. الخ ».

ـ « كما يمكنك أن تراجع قوله في بعض خطبه التي وردت في آخر ص ٤٨ والتي بعدها من الجزء الثاني من النهج في الخطبة ١٤٦ ».

ـ « ماذا يقول فيها؟ ».

ـ « إنه يقول : حتّى إذا قبض رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، رجع قوم على الاعقاب ، غايتهم السبل ، واتكلوا على الولائج ».

ـ « الولائج؟ ».

ـ « يعني : دخائل المكر والخديعة ».

ـ « أووه؟ ».

ـ « .. ووصلوا غير الرحم ، وهجروا السبب الذي أُمروا بمودته ، ونقلوا البناء عن رص أساسه ، فبنوه في غير مواضعه ، معادن كُلّ خطيئة ، وأبواب كُلّ ضارب في غمرة ، وقد ماروا في الحيرة ، وذهلوا في السكرة ، على سنة من آل فرعون ، من منقطع إلى الدنيا راكن ، أو مفارق للدين مباين ».

ـ « وقوله في خطبة خطبها بعد البيعة له ، وهي من جلائل خطب النهج ، ويمكنك أن تجدها في أول ص ٢٥ وهي آخر الخطبة ٢ من الجزء الأول من النهج ».

ـ « ترى ماذا يقول فيها؟ ».

ـ « إنّه يقول : لا يقاس بآل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، من هذه الأُمّة أحد ، ولا يسوّى

٤١٩

بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً ، هم أساس الدين ، وعماد اليقين ، اليهم يفيء الغالي ، وبهم يلحق التالي ، ولهم خصائص حق الولاية ، وفيهم الوصية والوراثة ، الآن إذ رجع الحق إلى أهله ، ونقل إلى منتقله ».

ـ « إنّي لأسمع منطقه وكأني أصغي إلى آيات القرآن .. بيد أنّي ».

وكأنه خاف أن يعرب عن إعجابه بعلي ، فتزل قدمه ويميل إلى حب شيعته ، فعدل عن متابعة جملته واكتفى بالاستماع إليّ ، مشيراً علي بمواصلة الحديث ، فقلت :

ـ « وقوله رضي‌الله‌عنه من خطبة أُخرى يعجب فيها من مخالفيه : فيا عجبي! ما لي لا أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها ، لا يقتصون أثر نبي ، ولا يقتدون بعمل وصي ».

ـ « وحسبك الحوار الذي دار بين عمر وابن عباس إذ قال عمر ( في حديث طويل دار بينهما ) : يا بن عباس أتدري ما منع قومكم منكم بعد محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ ( قال ابن عباس ) : فكرهت أن أُجيبه ، فقلت له : إن لم أكن أدري فان أمير المؤمنين يدري ، فقال عمر : كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة فتجحفوا على قومكم بجحا بجحا ( أي تبجحا ، والبجح بالشيء : هو القرح به ) ».

ـ « الفاروق يقول هذا؟ ».

ـ « نعم! ».

ـ « لا أُصدق! ».

ـ « فاختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفقت ».

ـ «؟!».

٤٢٠