الوصيّة

بدر الدين بن الطيّب كسوبة

الوصيّة

المؤلف:

بدر الدين بن الطيّب كسوبة


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-44-7
الصفحات: ٢٤٥

الفصل الأول

عرض الروايات

أعرض في هذا الفصل مجموع الروايات التي تيسّر لي جمعها على أساس أنّي اقتصرت فقط على الروايات ذات الإسناد الكامل ، أمّا المراسيل وغيرها ممّا لم يتّصل سنده كاملاً إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقد أعرضت عنها ، لعدم قيام الحجّة بها.

وقد جاء الحديث مرويّاً عن صحابة آخرين مثل أبي ذر الغفاري وحذيفة بن اليمان وفاطمة الزهراء عليها‌السلام وأمّ سلمة وغيرهم وذلك في كتاب ( الولاية ) لابن عقدة ، وهو شيعيّ زيديّ (١) ، فلم أورد رواياته

____________

(١) أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد : المعروف بابن عقدة ، عرف بكثرة حفظه وتصنيفه للحديث ، وصفه الذهبي في سير أعلام النبلاء بقوله : الحافظ العلاّمة أحد اعلام الحديث. ونقل اختلاف العلماء في توثيقه فردّه بعضهم كعبد الله بن أحمد بن حنبل وابن أبي غالب ، ووثّقه آخرون كالطبراني وابن عدي والحاكم والدارقطني. قال الطوسي من كبار علماء الشيعة : كان ابن عقدة زيديّاً جاروديّاً ، وكذلك نقل عن ابن عدي وابن النجار أنّه كان شيعيّاً. توفي سنة ٣٣٣ هـ.

٢١

مقتصراً على ما جاء في مصادر أهل السنّة والجماعة.

كما قمنا بتتبع أحوال الرواة في مصادر علم الجرح والتعديل ، وهناك بعض الأسماء لم أقف على ترجمة أصحابها في كتب الرجال ، ومجموعة أخرى من الرواة لم يكن هناك داعٍ للبحث فيهم ، كالذين يأتون في سند بعد راوي متروك مجمع على عدم توثيقه ، فتكون الرواية ساقطة من الاعتبار دونما الحاجة إلى النظر في عدالة بقيّة الرواة ، مثل السند الذي يروي به القاضي عياض والذي جاء فيه سيف ابن عمر وهو متروك ، فلم يكن هناك داع للتحقيق في بقيّة رجال السلسلة.

وأمّا الرواة الذين جاء ذكرهم في أكثر من رواية ، فقد اقتصرنا على إيراد الكلام فيه على هامش أوّل رواية يأتي اسمه في سندها ، فإذا لم تقف على حال أحد الرواة على هامش الرواية التي جاء في سندها فلأنّه قد سبق ذكره في رواية سابقة ، فارجع إليها ، وبالنسبة للمراجع في الجرح والتعديل ، فقد اقتصرنا أيضاً على مصادر أهل السنّة والجماعة في هذا العلم ، ومن بين ذلك ما تمّ برمجته في برنامج الكتب التسعة للحديث الشريف (١).

____________

(١) برنامج الكتب التسعة مع الشروح ، الإصدار ٢.٠٠ إنتاج شركة البرامج الإسلامية الدولية.

٢٢

وإذا ثقُل عليك أخي القارئ أنْ أسرد عليك كلّ هذه الروايات لحديث واحد تتكرر ألفاظه في أغلب الأحيان ، فسترى إنْ شاء الله من خلال البحث ، ما هي الضرورة التي ساقتني إلى سرد الروايات جميعاً حرفاً بحرف ، إذ الكلمة أمانة ، وإنّ الكلمة الواحدة قد تختلف من رواي إلى آخر ، فيتغير مضمون الحديث كُليّة ، وإذا بالخلاف حول الحديث يستمرّ ويتشبث كلّ واحد بالرواية التي تناسب فهمه ، خاصّة إنْ كانت الروايات المتعارضة كلّها رواتها ثقات ، وهكذا يبقى الخلاف على حاله. فوجب إذن بسط الأمور ما أمكن ، لنعطي لهذا الحديث ما يستحقّ من البحث والتحليل إنْ شاء الله.

ثمّ إنّ من مقاصد هذا البحث ، هو الوقوف على أكمل الصّيغ وأصحّها لخطبة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في غدير خمّ ، فيلزمنا إذن أنْ نجمع أكبر عدد من الروايات ، لدراستها ومقارنة الفاظها.

وإليك عرض الروايات ، وعددها ( ٦٧ ) رواية ، منها (١٥) رواية ذكرت في الحجّ ضمن خطبة الوداع ، ومنها ( ٥٢ ) رواية تتعلّق بخطبته صلى‌الله‌عليه‌وآله بغدير خمّ عند عودته من مكّة إلى المدينة ، ومنها روايتان لم يحدّد فيهما المكان. ولعلّك أخي القارئ ستلاحظ أنّ أكثر الروايات لم يُذكر فيها اسم المكان ، فراجع الكيفيّة التي اعتمدتها للتمييز بين روايات الحجّ وروايات الغدير في الفصل الثاني إنْ شاء الله.

٢٣

روايات غدير خمّ :

رواية الحديث عن زيد بن أرقم :

١ ـ عن مسلم في صحيحه : حدّثني زهير بن حرب (١) وشجاع ابن مخلّد (٢) جميعا عن ابن عليّة (٣) ، قال زهير : حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم

____________

(١) زهير بن حرب : أبو خيثمة زهير بن حرب بن شدّاد الحرشي النسائي ، من أهل بغداد ، توفي سنة ٢٣٤ هـ ، قال يحيى بن معين : ثقة. أبو حاتم الرازي : صدوق. الحسين بن فهم : ثقة ثبت. النسائي : ثقة مأمون. ابن حبّان : متقن ضابط. الخطيب : ثقة ثبت حافظ متقن.

(٢) شجاع بن مخلّّد : أبو الفضل شجاع بن مخلّد الفلاّس البغوي ، من أهل بغداد ، وبها توفي سنة : ٢٣٥ هـ. أحمد بن حنبل : ثقة ، كتابه صحيح. يحيى ابن معين : ليس به بأس ، ثقة. أبو زرعة الرازي : ثقة الحسين بن فهم : ثقة ثبت. صالح بن جزرة : صدوق. ابن حبّان : ثقة.

(٣) إسماعيل بن إبراهيم : هو أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي ، الملقب بابن عليّة ، من أهل البصرة ، توفي ببغداد سنة ١٩٣ هـ. قال عنه شعبة بن الحجاج : سيّد المحدّثين. أحمد بن حنبل : إليه المنتهى في التثبّت. عليّ بن المديني : ما أقول إنّ أحداً أثبت في الحديث منه. يحيى بن معين : ثقة مأمون. النسائي : ثقة ثبت. محمّد بن سعد : ثقة ثبت حجّة.

٢٤

ـ أي ابن عليّة المذكور ـ حدّثني أبو حيّان (١) ، حدّثني يزيد ابن حيّان (٢) قال : انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم ، فلمّا جلسنا إليه قال له حصين : لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً ، رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسمعت حديثه وغزوت معه ... حدِّثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله ... قال : قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوماً فينا خطيبا بماء يدعى خمّاً بين مكّة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وذكر ، ثُمّ قال : ( أَمَّا بعَدُ ألا أَيُّها النَّاسُ ، إِنَّمَا أَنَا بَشرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كتَابُ الله فيه الْهدَى وَالنُّورُ ، فَخُذُوا بِكتَاب الله وَاسْتَمْسكُوا بـِهِ ) فحثَّ على كتاب الله ورغَّب فيه ، ثُمّ قال : ( وأهل بيتي ، أُذَكِّرُكُمْ الله فِي أَهْلِ بَيْتِي ، أُذَكِّرُكُمْ الله فِي أَهْلِ بَيْتِي ، أُذَكِّرُكُمْ الله فِي أَهْلِ بَيْتِي ) ، فقال لـه حصين : ومن أهل بيته يا زيد ، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكنّ أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال : ومن هم؟ قال : هم آل عليّ وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل عبّاس.

____________

(١) يحيى التيمي : أبو حيّان يحيى بن سعيد بن حيّان التيمي ، من أهل الكوفة. توفي سنة ١٤٥ هـ. وثّقه يحيى بن معين ، وعمرو الفلاس والعجلي والنسائي ويعقوب بن سفيان وأبو حاتم الرازي.

(٢) يزيد بن حيّان : أبو حيّان التيمي من أهل الكوفة ، وثّقه النسائي وابن حبّان والذهبي.

٢٥

قال : كلّ هؤلاء حرم الصدقة؟ قال : نعم.

وحدّثنا محمّد بن بكّار بن الريّان (١) ، حدّثنا حسّان يعني ابن إبراهيم (٢) ، عن سعيدبن مسروق (٣) ، عن يزيد بن حيّان ، عن زيد بن أرقم ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وساق الحديث بنحوه بمعنى حديث زهير.

حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة (٤) ، حدّثنا محمّد بن فضيل. وحدّثنا

____________

(١) أبو عبد الله محمّد بن بكّار بن الريّان الهاشميّ الرصافي : من أهل بغداد ، توفي سنة ٢٣٨ هـ. أحمد بن حنبل : لا يرى بالكتابة عنه بأساً. يحيى بن معين : شيخ لا بأس به ، وقال مرّة : ثقة. وقال صالح جزرة : صدوق يحدّث عن الضعفاء. ووثقه أيضاً ابن حبّان والدارقطني والذهبي.

(٢) حسّان بن إبراهيم : أو هشام حسّان بن إبراهيم بن عبد الله الكرماني العتري ، من أهل كابل ، توفي ١٨٦ هـ. يحيى بن معين : ثقة ، أبو زرعة الرازي : لا بأس به ، ابن عدي : من أهل الصدق إلا أنّه يغلط. ابن حبّان : ذكره في الثقات وقال : ربّما أخطأ. عليّ بن المديني : ثقة وأشدّ الناس في القدر ، أحمد بن حنبل وثقه.

(٣) سعيد بن مسروق : أبو سفيان سعيد بن مسروق الثوري ، من أهل الكوفة وبها توفي سنة ١٢٧ هـ. وثّقه عمر بن عبد العزيز ويحيى بن معين وأبو حاتم الرازي والنسائي والعجلي وابن حبّان.

(٤) أبو بكر بن أبي شيبة : أبو بكر عبد الله بن محمّد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي ، من أهل الكوفة ، له مصنّف في الحديث ، توفي ٢٣٥ هـ.

٢٦

إسحق بن إبراهيم ، أخبرنا جرير ، كلاهما عن أبي حيّان بهذا الإسناد نحو حديث إسماعيل ، وزاد في حديث جرير : ( كتَابُ اللهِ فِيهِ الْهدَى وَالنُّورُ ، مَنْ اسْتَمسَكَ بِهِ وَأَخَـَذَ بِهِ كَاَنَ عَلَى الْهدَى ، وَمَنْ أَخْطَأهُ ضَلَّ ).

حدّثنا محمّد بن بكّار بن الريّان ، حدّثنا حسّان يعني ابن إبراهيم ، عن سعيد وهو ابن مسروق ، عن يزيد بن حيّان ، عن زيد بن أرقم قال : دخلنا عليه فقلنا له : لقد رأيت خيراً ، لقد صاحبت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصلّيت خلفه ، وساق الحديث بنحو حديث أبي حيّان غير أنّه قال : ( ألاَ وَإنِّي تَارِكٌ فيكُمْ ثَقَلَيْن ، أَحَدُهُمَا كِتَابُ الله عَزَّ وَجَلَّ هُوَ حَبْلُ الله ، مَنْ اتَّبَعَهُ كَانَ عَلَى الْهُدَى ، وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ عَلَى ضَلاَلَة ) وفيه : فقلنا : مَن أهل بيته؟ نساؤه؟ قال : لا ، وأيم الله إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ، ثُمّ يطلّقها ، فترجع إلى أبيها وقومها ، أهل بيته أصله ، وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده (١).

٢ ـ عن البيهقي في السنن الكبرى : أخبرنا أبو زكريّا يحيى بن

____________

أحمد بن حنبل ويحيى بن معين قالا : صدوق. أبو حاتم الرازي وابن خراش قالا : ثقة. العجلي : ثقة حافظ للحديث. أبو زرعة الرازي : ما رأيت أحفظ منه.

(١) صحيح مسلم : الحديث ٤٤٢٥.

٢٧

إبراهيم بن محمّد بن يحيى (١) ، أنبا أبو عبد الله محمّد بن يعقوب ، ثنا محمّد بن عبد الوهاب (٢) ، أنبا جعفر بن عون (٣) ، أنبا أبو حيّان وهو يحيى بن سعيد ، عن يزيد بن حيّان ، قال : سمعت زيد بن أرقم يقول : قام فينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه ثُمّ قال : ( أَمَّا بعَدُ، أَيُّها النَّاسُ ، إِنَّمَا أَنَا بَشرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَهُ ، وَإنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ الثَقَلَيْنِ ، أَوَّلُهُمَا كتَابُ الله فيه الْهدَى وَالنُّورُ ، فَتَمَسَّكُوا بِكتَاب الله وَخُذُوا بِهِ ) ، فحثّ عليه ورغّب فيه ، ثُمّ قال : ( أَهْلُ بيتي ، أُذَكّرُكُمْ اللهِ فِي أَهْل بَيْتِي ) ، قال حصين لزيد : ومَن أهل بيته؟ نساؤه من أهل بيته؟ قال : بلى ، إنّ نساءه من أهل بيته ،

____________

(١) أبو زكريّا يحيى بن إبراهيم بن محمّد بن يحيى : بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود المسعوديّ الكوفي ، قال النسائي : صدوق ، وذكره ابن حبّان في الثقات ( تهذيب الكمال١٩ / ٣١٠ ). قال في تقريب التهذيب : صدوق.

(٢) محمّد بن عبد الوهاب : أبو يحيى محمّد بن عبد الوهاب النقّاد السكّري ، من أهل الكوفة ، توفي سنة ٢١٢ هـ. وثّقه أحمد بن حنبل وأبو حاتم الرازي وابن حبّان.

(٣) جعفر بن عون : أبو عون جعفر بن عون بن جعفر بن عمرو بن حريث المخزومي ، من أهل الكوفة ، توفي سنة ٢٠٦ هـ. قال أحمد بن حنبل : ليس به بأس. أبو حاتم الرازي : صدوق وثّقه أيضاً يحيى بن معين ومحمّد بن سعد وابن قانع وابن حبّان.

٢٨

ولكنّ أهل بيته من حرم الصدقة بعده ، قال : ومن هم ، قال : آل عليّ ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل عبّاس ، وقال : كُلّ هؤلاء تحرم عليهم الصدقة؟ قال : نعم. أخرجه مسلم في الصحيح من حديث أبي حيّان (١).

٣ ـ عن البيهقي في السنن الكبرى : أخبرنا أبو محمّد جناح بن نذير بن جناح القاضي بالكوفة ، أنبا أبو جعفر محمّد بن عليّ بن دحيم الشيباني (٢) ، ثنا إبراهيم بن إسحاق الزهري (٣) ، ثنا جعفر يعني ابن عون ويعلى يعني ابن عبيد (٤) ، عن أبي حيّان التيمي ، عن يزيد بن حيّان قال : سمعت زيد بن أرقم قال : قام فينا ذات يوم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

____________

(١) السنن الكبرى للبيهقي : الحديث ١٣٤٠٠.

(٢) أبو جعفر محمّد بن عليّ بن دحيم الشيباني : قال الذهبيّ في سير أعلام النبلاء : الشيخ الثقة السند الفاضل أبو جعفر محمّد بن عليّ بن دحيم الشيباني الكوفي ، كان أحد الثقات ، وقال ابن حمّاد الكوفي : كان صالحاً صدوقاً قليل المعرفة ، وسماعه في كتب آبيه. توفي سنة ٣٥٢ هـ.

(٣) إبراهيم بن إسحاق الزهري : إبراهيم بن إسحاق الذي يروي عنه أحمد في المسند ، قال عنه الذهبي : لا أدري من هو.

(٤) يعلى بن عبيد : أبو يوسف يعلى بن عبيد بن أميّة الطنافسي الأيادي ، من أهل الكوفة ، توفي سنة ٢٠٩ هـ. قال أحمد بن حنبل : صحيح الحديث ، يحيى بن معين : ضعيف : في سفيان ، ثقة في غيره ، أبو حاتم الرازي : صدوق ، محمّد بن سعد والدارقطني وابن حبّان قالوا : ثقة.

٢٩

خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه ثُمّ قال : ( أَمَّا بعَدُ، أَيُّها النَّاسُ ، إِنَّمَا أَنَا بَشرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتيَنِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَهُ ، وَإنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ الثَقَلَيْنِ ، أَوَّلُهُمَا كتَابُ الله فيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ ، فَتَمَسَّكُوا بِكتَاب اللهِ وَخُذُوا بِهِ ) ، فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ، ثُمّ قال : ( وأَهْلُ بيتي ، أُذَكّرُكُمْ اللهِ فِي أَهْل بَيْتِي ) ، ثلاث مرات (١).

٤ ـ عن الدارمي في سننه : حدّثنا جعفر بن عون ، حدّثنا أبو حيّان عن يزيد بن حيّان ، عن زيد بن أرقم ، قال : قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوماً خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثُمّ قال : ( يَا أَيُّها النَّاسُ ، إِنَّمَا أَنَا بَشرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتيَنِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَهُ ، وَإنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ الثَقَلَيْنِ ، أَوَّلُهُمَا كتَابُ الله فيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ ، فَتَمَسَّكُوا بِكتَاب اللهِ وَخُذُوا بِهِ ) فحث عليه ورغب فيه ، ثُمّ قال : ( وأَهْلُ بيتي ، أُذَكّرُكُمْ اللهِ فِي أَهْل بَيْتِي ) ، ثلاث مرات (٢).

٥ ـ عن ابن خزيمة في صحيحه : حدّثنا يوسف بن موسى (٣) ،

____________

(١) السنن الكبرى للبيهقي : الحديث ٢٠٧٧٨.

(٢) سنن الدارمي : ٣١٨٢.

(٣) يوسف بن موسى : أبو يعقوب يوسف بن موسى بن راشد بن بلال القطّان الرازي ، من أهل بغداد وبها توفي سنة ٢٥٣ هـ. قال يحيى بن معين : صدوق. النسائي : لا بأس به. أبو حاتم الرازي : صدوق. ابن حبّان : ذكره في الثقات ، مسلمة بن قاسم : ثقة.

٣٠

حدّثنا جرير (١)

ومحمّد بن فضيل (٢) ، عن ابن حيّان التيمي وهو يحيى بن سعيد التيمي الرباب ، عن يزيد بن حيّان قال : انطلقت أنا وحصين بن سمرة وعمرو بن مسلم إلى زيد بن أرقم ، فجلسنا إليه ، فقال له حصين : يا زيد ، رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصلّيت خلفه ، وسمعت حديثه وغزوت معه ، لقد أصبت يا زيد خيراً كثيراً ، حدّثنا يا زيد حديثاً سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وما شهدت معه؟ قال : بلى ابن أخي ، لقد قدّم عهدي وكبُرت سنّي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فما حدثتكم فاقبلوه وما لم أُحدّثكم فلا تكلّفوني ، قال : قال : قام فينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

____________

(١) جرير بن عبد الحميد النخعي : الضبيّ الثقفيّ أبو عبد الله ، من أهل الكوفة ، توفي سنة ١٨٨ هـ ، وثّقه النسائي وأبو حاتم الرازي ومحمّد بن سعد. قال ابن عمّار : حجّة ، كانت كتبه صحاحاً. أبو القاسم اللالكائي : مجمع على ثقته الخلال : ثقة متّفق عليه. وقال البيهقي : نسب في آخر عمره إلى سوء الحفظ. وقال أبو حاتم : صدوق تغيّر قبل الموت.

(٢) محمّد بن فضيل : أبو عبد الرحمن محمّد بن فضيل بن غزوان بن جرير الضبيّ ، من أهل الكوفة ، توفي سنة ٢٩٥ هـ ، قال أحمد بن حنبل : يتشيّع حسن الحديث. يحيى بن معين : ثقة. عليّ بن المديني : ثقة ثبت في الحديث. أبو زرعة الرازي : صدوق. النسائي : ليس به بأس. ابن حبّان : ذكره في الثقات.

٣١

يوماً خطيباً بماء يُدعى خمّ فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ، ثُمّ قال : ( أَمَّا بعَدُ، أَيُّها النَّاسُ ، فإِنَّمَا أَنَا بَشرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتيَنِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَهُ ، وَإنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ الثَقَلَيْنِ ، أَوَّلُهُمَا كتَابُ الله فيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ ، مَنْ اسْتَمَسَّكَ بِهِ وَأَخَذَ بِهِ كَانَ عَلَى الْهُدَى ، وَمَنْ أَخْطَأَهَ كَانَ عَلَى الضّلالَةِ ، وَأَهْل بَيْتِي أُذَكَّرُكًمْ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ) ثلاث مرّات ، قال حصين : فمَن أهل بيته يا زيد؟ أليست نساؤه من أهل بيته؟ قال : بلى ، إنّ نساءه من أهل بيته ، ولكنّ أهل بيته من حُرم الصدقة بعده ، قال : ومن هم؟ قال : آل عليّ ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل عبّاس ، وقال : كلّ هؤلاء تحرم عليهم الصدقة؟ قال : نعم (١).

٦ ـ عن البيهقي في السنن الكبرى : عن محمّد بن عبد الله الحافظ (٢) أنبا أبو الفضل الحسن بن يعقوب ، ثنا محمّد بن عبد الوهاب الفرّاء (٣) أنبا جعفر بن عون ، أنبا أبو حيّان يحيى بن سعيد بن حيّان ،

____________

(١) صحيح ابن خزيمة ج ٤ ص ٦٢ ، الحديث رقم ٢٣٤٥.

(٢) محمّد بن عبد الله الحافظ : هو الحاكم النيسابوري المحدّث صاحب المستدرك على الصحيحين.

(٣) محمّد بن عبد الوهاب الفراء : جاء في سير أعلام النبلاء : الإمام ، العلاّمة ، الحافظ الأديب ، أبو أحمد محمّد بن عبد الوهاب بن حبيب بن مهران العبدي ، الفرّاء النيسابوري ، ويُعرف أيضاً بحَمَك ، كان وجه مشايخ نيسابور عقلاً وعلماً وجلالةً وحشمةً ، ولد بعد الثمانين ومائة ، توفي سنة

٣٢

عن عمّه يزيد بن حيّان قال : وساق الحديث على نحو ما رواه مسلم (١).

٧ ـ عن النسائي في السنن الكبرى : أخبرنا زكريا بن يحيى (٢) قال:ثنا إسحاق (٣) قال : أنا جرير ، عن أبي حيّان التيمي ـ يحيى بن سعيد بن حيّان ـ عن يزيد بن حيّان قال : ( وساق الحديث على نحو ما ذكر عند ابن خزيمة ) (٤).

٨ ـ عن عبد بن حميد (٥) في المنتخب : أخبرنا جعفر بن عون ، أنا

____________

٢٧٢ هـ ، قال أبو الحسن الدارابجردي : هو عندي ثقة مأمون. وقال الحاكم : كان يفتي في الفقه والحديث والعربيّة ويُرجع إليه فيهما.

(١) السنن الكبرى للبيهقي : ج ٢ ص ٥١١ ، رقم الحديث ٢٩٠٩.

(٢) زكريّا بن يحيى : أبو عبد الرحمن زكريّا بن يحيى بن إياس السجزي الملقّب بخياط السنة ، من أهل سامراء وتوفي بدجيل سنة ٢٨٩ هـ. وثّقه النسائي وعبد الغني بن سعيد والذهبي.

(٣) إسحاق : أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي المروزي ، الملقّب بابن راهويه ، من أهل حمص وتوفي بنهاوند سنة ٢٣٨ هـ. قال : أحمد بن حنبل : من أئمة المسلمين. والنسائي : أحد الأئمة. ابن حبّان : ذكره في الثقات.

(٤) سنن النسائي الكبرى : ج ٥ ص ٥٤ ، الحديث ٨٠٨١.

(٥) أبو محمّد عبد الحميد بن حميد بن نصر الكشّي : الملقّب بـ ( عبد ) ، من

٣٣

أبو حيّان التميمي ، عن يزيد بن حيّان قال : سمعت زيد بن أرقم يقول : قام فينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فحمد الله وأثنى عليه ، ثُمّ قال : ( أَمَّا بعَدُ، أَيُّها النَّاسُ ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتيَنِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَهُ ، وَإنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ الثَقَلَيْنِ ، أَوَّلُهُمَا كتَابُ الله ، فيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ ، فَتَمَسَّكُوا بِكِتَابِ الله، وَخَذُوا بِهِ ) فحث على كتاب الله ورغب فيه ثُمّ قال : ( وَأَهْل بَيْتِي أُذَكَّرُكًمْ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ) ثلاث مرات ، فقال حصين : يا زيد ، ومَن أهل بيته؟ أليست نساؤه من أهل بيته؟ قال : بلى ، إنّ نساؤه من أهل بيته ، ولكن أهل بيته مَن حرم الصدقة بعده. قال : ومن هم؟ قال : آل عليّ وآل جعفر وآل عقيل وآل العبّاس. قال : كلّ هؤلاء حُرم الصدقة؟ قال : نعم (١).

٩ ـ عن ابن حبّان في صحيحه : أخبرنا الحسنُ بنُ سفيان ، حدّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبة ، حدّثنا عفان (٢) ، حدّثنا حسان بن إبراهيم ، عن

____________

أهل حمص ، وتوفي في كربلاء ، لـه مصنّف في الحديث اسمه ( المنتخب ) ، توفي سنة ٢٤٩ هـ. وثّقه ابن حبّان ، وقال الذهبي عنه : حافظ.

(١) منتخب عبد بن حُميد : ج ١ ص ١١٤ ، الحديث ٢٦٥.

(٢) عفّان : هو أبو عثمان بن مسلم بن عبد الله البصريّ الملقبّ بالصفّار ، من أهل بغداد وبها توفي سنة ٢١٩ هـ. قال أحمد بن حنبل : متثبّت. يحيى بن معين : ثقة يعقوب بن شيبة : ثقة ثبت متقن. ابن خراش : ثقة. أبو حاتم الرازي : ثقة متقن متين ، العجلي : ثقة ثبت.

٣٤

سعيد بن مسروق ، عن يزيد بن حيّان ، عن زيد بن أرقم ، قال : دخلنا عليه فقلنا له : لقد رأيت خيراً ، صحبتَ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصليت خلفه. فقال : نعم ، وإنّه خطبنا ، فقال : ( إنِّي تارِكٌ فيكم كتابَ اللهِ هَوَ حَبْلُ الله ، مَنِ اتَّبَعَهُ كَانَ عَلَى الْهُدَى ، وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ عَلَى الضَّلاَلَة ) (١).

١٠ ـ عن الطبراني في المعجم الكبير : حدّثنا محمّد بن حيّان المازني (٢) ، حدّثنا كثير بن يحيى (٣) ، ثـنا أبـو كثير بن يحيى ثنا أبو عوانة (٤) ، وسعيد بن عبد الكريم بن سليط الحنفيّ ، عن

____________

(١) صحيح ابن حبّان : ج ١ ص ٣٦ ، الحديث ١٢٢.

(٢) أبو العبّاس محمّد بن حيّان المازني البصريّ : قال في سير أعلام النبلاء : الشيخ الصدوق المحدّث ، توفي بعد٢٩٠ هـ. روى عنه السجزي ابن قانع وآخرون.

(٣) كثير بن يحيى بن كثير : أبو مالك الحنفيّ البصريّ ، قال أبو حاتم الرازي وأحمد بن حنبل : كان يتشيّع ، وقال أبو زرعة الدمشقي : صدوق ، وقال الأزدي : عنده مناكير.

(٤) أبو عوانة : هو وضّاح بن عبد الله اليشكري الواسطي : توفي سنة ١٧٦ هـ ، روى عنه البخاري ومسلم وبقيّة أصحاب السنن ، قال عنه عفّان بن مسلم : صحيح الكتاب ثبت. العجلي : ثقة. أبو حاتم الرازي : صدوق ثقة كتبه صحيحة يغلط كثيراً في حفظه. يعقوب بن شيبة : ثبت صالح الحفظ صحيح الكتاب. أبو زرعة الرازي : ثقة إذا حدّث من كتابه. محمّد بن سعد : ثقة صدوق.

٣٥

الأعمش (١) ، عن حبيب بن أبي ثابت (٢) ، عن عمرو (٣) بن واثلة ، عن زيد بن أرقم قال : لمّا رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من حجّة الوداع ، ونزل غدير خمّ ، أمر بدوحات فقمت ، ثُمّ قام فقال : ( كَأَنَّي قَدْ دُعيتُ فَأَجَبْتُ ، إنِّي تَارِكٌ فِيكمُ الثَّقَلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الآخَرِ ، كِتَابُ اللهِ وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتي ، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُوِني فِيهِمَا ، فَإِنَّهِمَا لَنْ يَتَفَرَّقا حَتَّى يَرِدَا عَلَيّ الحَوْضَ ) ثُمّ قال : ( إِنَّ الله مَوْلاَيَ وَأَنَا وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ ) ثُمّ أخذ بيد عليّ فقال : ( مِنَ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَهَذَا مَوْلاَهُ اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ ) ، فقلت لزيد : أنت سمعت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : ما كان في الدوحات أحد إلاّ قد رآه بعينيه وسمعه بأذنيه (٤).

____________

(١) سليمان بن مهران الأعمش قال : عليّ بن المدني : حفظ العلم ستّة ، فذكره منهم ، وقال يحيى بن معين : ثقة. النسائي : ثقة ثبت. العجلي : ثقة ثبت. أبو حاتم الرازي : ثقة يحتج بحديثه. ابن حبّان : ذكره في الثقات وقال : كان مدلّساً.

(٢) حبيب بن أبي ثابت : أبو يحيى حبيب بن أبي ثابت قيس بن دينار الأسدي ، من أهل الكوفة. توفي سنة ١١٩ هـ. قال يحيى بن معين : ثقة حجّة. أبو حاتم الرازي : صدوق ثقة النسائي : ثقة العجلي : ثقة ثبت. ابن حبّان : ذكره في الثقات ، وقال : كان مدلساً. ابن عدي : ثقة حجّة.

(٣) الصحيح أن اسمه عامر وليس ( عمرو ) كما في كتب السيّر والتراجم.

(٤) معجم الطبراني الكبير : ج ٥ ص ١٦٦.

٣٦

١١ ـ ابن أبي عاصم في السنّة :حدّثنا أبو مسعود الرازي ،حدّثنا زيد بن عوف (١) حدّثنا أبو عوانة ، عن الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي الطفيل ، عن زيد بن أرقم قال : لمّا رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من حجّة الوداع ، كان بغدير خمّ قال : ( كَأَنَّي قَدْ دُعيتُ فَأَجَبْتُ ، وإنّي تَارِكٌ فِيكمُ الثَّقَلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الآخَرِ ، كِتَابُ الله وَعِتْرَتِي ، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُوِني فِيهِمَا ، ولَنْ يتفرّقا حَتَّى يَرِدَا عَلَيّ الحَوْضَ ، وإنّ الله مَوْلاَيَ ، وأنَا وَلَيِ المُؤمَنَيْنَ ) ، ثُمّ أخذ بيد عليّ عليه‌السلام فقال : ( مَن كُنتُ وليّه فَعليّ وليّه ) ، فقال : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ فقال : ما كان في الركاب إلاّ قد سمعه بأذنيه ، ورآه بعينيه. قال الأعمش : فحدثنا عطيّة عن أبي سعيد بمثل ذلك (٢).

١٢ ـ عن النسائي في السنن : أخبرنا محمّد بن المثنّى (٣) قال : ثنا

____________

(١) زيد بن عوف العامري القطعي : من أهل البصرة ، توفي سنة ٢١٩ ، قال العجلي : لا بأس به. ابن حبّان : وثّقه ، لكن ضعّفه مرة بسبب الاختلاط. يحيى بن معين : اتقوا فهدين : ابن عوف وابن حيّان. عمرو بن الفلاس : متروك الحديث. عليّ بن المديني : كذّاب. البخاري : سكتوا عنه.

(٢) السنّة : لابن أبي عاصم : حديث ١٥٥٥.

(٣) محمّد بن المثنّى : أبو موسى محمّد بن المثنّى بن عبيد العتريّ الملقب بالزمن ، من أهل البصرة ، توفي سنة ٢٥٢ هـ. قال يحيى بن معين : ثقة. الدهلي : حجّة. أبو حاتم الرازي : صالح الحديث ، صدوق. ابن خراش : من

٣٧

يحيى بن حمّاد (١) قال : ثنا أبو عوانة ، عن سليمان قال : ثنا حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي الطفيل ، عن زيد بن أرقم قال : لمّا رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من حجّة الوداع ونزل غدير خمّ أمر بدوحات (٢) فقُمِمْنَ ثُمّ قال : ( كأنّي قد دُعيتُ فأجبتُ ، إنّي قَدْ تركتُ فِيكمُ الثَّقَلَيْنِ ، أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الآخَرِ ، كِتَابُ الله وَعِتْرَتِي أَهْلُ بيتي ، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُوِني فِيهِمَا ، فإنّهما لَنْ يَتَفَرَّقا حَتَّى يَرِدَا عَلَيّ الحَوْضَ ) ، ثُمّ قال : ( إنّ الله مَوْلاَيَ ، وأنا وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ ) ، ثُمّ أخذ بيد عليّ فقال : ( مَن كُنتُ وليّه فَهذا وليّه ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ ) ، فقلت لزيد : سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ ، فقال ما كان في الدوحات رجل إلاّ رآه بعينيه وسمعه بأذنيه (٣).

١٣ ـ عن الحاكم في المستدرك : حدّثنا أبو الحسين محمّد بن أحمد بن تميم الحنظليّ ببغداد ، ثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمّد

____________

الأثبات. الدارقطني : أحد الثقات. الخطيب : ثقة ثبت.

(١) يحيى بن حمّاد : هو يحيى بن حمّاد بن أبي زياد الشيباني من أهل البصرة ، توفي سنة ٢١٥. وثّقه محمّد بن سعد وأبو حاتم الرازي والعجليّ وابن حبّان والذهبي.

(٢) جمع دوحة وهي الشجرة العظيمة.

(٣) سنن النسائي الكبرى : ج ٥ ص ٤٨ ، الحديث ٨٠٥٤.

٣٨

الرقاشي (١) ، ثنا يحيى بن حمّاد : وحدّثني أبو بكر محمّد بن أحمد بن بالويه (٢) ، وأبو بكر أحمد بن جعفر البزّار قالا : ثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل (٣) ، حدّثني أبي (٤) ، ثنا يحيى بن حمّاد : وثنا أبو نصر أحمد

____________

(١) أبو محمّد عبد الملك بن محمّد بن عبد الله الرقّاشي : الملقّب بابي قلابة ، من أهل بغداد وبها توفي سنة ٢٧٦ هـ. قال عنه أبو داود : رجل صدق أمين مأمون. الطبريّ : ما رأيت أحفظ منه. ابن حبّان : وثّقه ، وقال : كان يحفظ أكثر حديثه. مسلمة بن قاسم : متقن ثقة ، يحفظ حديث شعبة. الدارقطني : صدوق كثير الخطأ في الأسانيد. الذهبي : صدوق يخطيء.

(٢) أبو بكر محمّد بن أحمد بن بالويه : قال : الذهبي في سير أعلام النبلاء : الإمام المفيد الرئيس أبو بكر محمّد بن أحمد بن بالويه الجلاب النيسابوري ، من كبراء بلده روى عنه أبو عليّ الحافظ وابن مُندة والحاكم وعدّة. قال : الحاكم : سمعته يقول : كتبت عن عبد الله بن أحمد بن حنبل ثلاثمائة جزء ، توفي سنة ٣٤٠ هـ.

(٣) عبد الله بن أحمد بن حنبل : أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل الشيباني من أهل بغداد ، توفي سنة ٢٩٠ هـ. قال أحمد بن حنبل : إبني محظوظ من علم الحديث. النسائي : ثقة. محمّد بن سعد : نبلُ أبيه. الخليلي : صالح صادق اللهجة.

(٤) أحمد بن حنبل : أبو عبد الله أحمد بن محمّد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني المروزي ، من أهل بغداد وبها توفي سنة ٢٤١ هـ. قال قتيبة بن سعيد : إمام الدنيا. العجلي : ثقة ثبت. يحيى بن معين : ما رأيت خيراً منه.

٣٩

ابن سهل الفقيه ببخارى ، ثنا صالح بن محمّد الحافظ البغدادي ، ثنا خلف بن سالم المخرميّ ، ثنا يحيى بن حمّاد ، ثنا أبو عوانة ، عن سليمان الأعمش قال : ثنا حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي الطفيل ، عن زيد بن أرقم قال : لمّا رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من حجّة الوداع ، ونزل غدير خمّ ، أمر بدوحات فقُمِمْنَ فقال : ( كأنّي قَدْ دُعيتُ فأجبتُ ، إنّي قَدْ تركتُ فِيكمُ الثَّقَلَيْنِ ، أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الآخَرِ ، كِتَابُ الله تَعالى وَعِتْرَتِي ، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُوِني فِيهِمَا ، فإنّهما لَنْ يَتَفَرَّقا حَتَّى يَرِدَا عَلَيّ الحَوْضَ ) ، ثُمّ قال : ( إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ مَوْلايَ وَأَنا مَوْلى كُلِّ مُؤْمِنٍ ) ، ثمّ أخذ بيد عليّ عليه‌السلام ، فقال : ( مَن كُنتُ مَوْلاهُ فَهذا وَلِيّهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ ) (١) ، وذكر الحديث بطوله.

١٤ ـ عن الحاكم في المستدرك : حدّثناه أبو بكر بن إسحاق ، ودعلج بن أحمد السجزي (٢) قالا : أنبا محمّد بن أيّوب (٣) ، ثنا الأزرق

____________

يحيى بن سعيد القطان : حبر من أحبار هذه الأمّة. عليّ بن المديني : ليس في أصحابنا أحفظ منه. أبو زرعة الرازي : يحفظ ألف ألف حديث.

(١) المستدرك على الصحيحين : ج ٣ ص ١١٨ ، الحديث ٤٦٢٦.

(٢) أبو محمّد دعلج بن أحمد السجزي : قال عنه محمّد بن جعفر الكتّاني في الرسالة المستطرفة : من أوعية العلم وبحور الرواية. توفي سنة ٣٥١ هـ.

(٣) محمّد بن أيّوب : جاء في الرسالة المستطرفة لمحمّد بن جعفر الكتّاني : هو أبو عبد الله محمّد بن أيّوب بن يحيى ، المعروف بابن الضُرَّيس ،

٤٠