بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وروي السكوني ، عن الصادق عليه السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إياكم ودعوة المظلوم ، فانها ترفع فوق السحاب حتى ينظر الله إليها ، فيقول : ارفعوها حتى أستجيب له ، وإياكم ودعوة الوالد فانها أحد من السيف.

وعن الصادق عليه السلام : ثلاث دعوات لا يحجبن عن الله عزوجل : دعاء الوالد لولده ، إذا بره ، وعليه إذا عقه ، ودعاء المظلوم على ظالمه ، ودعاؤه لمن انتصر له منه ، ورجل مؤمن دعا لاخيه المؤمن إذا واساه فينا ، ودعاؤه عليه إذا لم يواسه مع القدرة عليه ، واضطرار أخيه إليه.

قال الشيخ ابن سينا : سبب إجابة الدعاء توافي الاسباب معا لحكمة إلهية وهو أن يتوافى سبب دعاء رجل فيما يدعو فيه ، وسبب وجود ذلك الشئ معاعن الباري فان قيل : فهل يصح وجود ذلك الشئ من دون الدعاء ، وموافاته لذلك الدعاء؟ قلنا : لا ، لان علتهما واحدة ، وهوالباري الذي جعل سبب وجود ذلك الشئ الدعاء كما جعل سبب صحة المريض شرب الدواء ، ومالم يشرب الدواء لم يصح ، وكذلك الحال في الدعاء وموافاة ذلك الشئ فلحكمة ما توافيا معا على حسب ما قدر وقضا ، فالدعاء واجب وتوقع الاجابة واجب ، فان انبعاثها للدعاء يكون سببه من هناك ويصير الدعاء سببا للاجابة ، وموافاة الدعاء لحدوث الامر المدعو لاجله هما معلولا علة واحدة ، وربما يكون أحدهما بواسطة الآخر.

وقد يتوهم أن السماويات تنفعل من الارضية ، وذلك أنا ندعوها فتستجيب لنا ، ونحن معلولها وهي علتنا ، والمعلول لا تفعل في العلة البتة ، وإنما سبب الدعاء من هناك أيضا لانها تبعثنا على الدعاء ، وهما معلولا علة واحدة ، وإذا ثم يستجب الدعاء لذلك الرجل ، وإن كان يرى الغاية التي يدعو لاجلها نافعة فالسبب فيه أن الغاية النافعة إنما يكون بحسب نظام الكل ، لا بحسب مراد ذلك الرجل ، فربما لا تكون الغاية بحسب مراده نافعة ، ولذلك لايصح استجابة دعائه.

والنفس الزكية عند الدعاء قد يفيض عليها من الاول قوة تصيربها مؤثرة

٣٦١

في العناصر ، بتطاوعها العناصر متصرفة على إرادتها ، فيكون ذلك إجابة للدعاء فان العناصر موضوعة لفعل النفس فيها ، واعتبار ذلك في أبداننا بحسب ما تقتضيه أحوال نفوسنا وتخيلاتها ، وقد يمكن أن تؤثر النفس في غير بدنها كما تؤثر في بدنها وقد تؤثر النفس في نفس غيرها كما يحكى عن الاوهام التي تكون لاهل الهند إن صحت الحكاية ، وقد يكون الباري أو الاول يستجيب لتلك النفس إذا دعت فيما يدعو فيه إذا كانت الغاية التي تدعو فيها نافعة بحسب نظام الكل.

٢٣

( باب )

* « ( أن من دعا استجيب له وما يناسب ذلك المطلب ) » *

١ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن البرقي عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال : من اعطي ثلاثة لم يحرم ثلاثة : من اعطي الدعاء اعطي الاجابة ، ومن اعطي الشكر اعطي الزيادة ، ومن اعطي التوكل اعطي الكفاية ، فان الله عزوجل يقول في كتابه : « ومن يتوكل على الله فهو حسبه » (١) ويقول : « لئن شكرتم لازيدنكم » (٢) ويقول : « ادعوني أستجب لكم » (٣).

سن : معاوية بن وهب عنه عليه السلام مثله (٤).

٢ ـ مع (٥) ل : العسكري ، عن بدربن الهيثم ، عن علي بن منذر ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح قال : قال جعفر بن محمد عليهما السلام : من اعطي أربعا لم

__________________

(١) الطلاق : ٣.

(٢) ابراهيم : ٧.

(٣) الخصال ج ١ ص ٥٠.

(٤) المحاسن ص ٣.

(٥) معانى الاخبار ص ٣٢٣.

٣٦٢

يحرم أربعا : من اعطي الدعاء لم يحرم الاجابة ، ومن اعطي الاستغفار لم يحرم التوبه ، ومن اعطي الشكر لم يحرم الزيادة ومن اعطي الصبر لم يحرم الاجر (١).

٣ ـ ما : الفحام ، عن عمه ، عن محمد بن جعفر ، عن محمد بن المثنى ، عن أبيه عن عثمان بن زيد ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : يا جابر من ذا الذي سأل الله فلم يعطه ، أو توكل عليه فلم يكفه ، أووثق به فلم ينجه ، الخبر (٢).

٤ ـ مع (٣) ل : ماجيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن القاسم ، عن جده عن أبي بصير ، عن محمد بن مسلم ، عن الباقر ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال : إن الله تبارك وتعالى أخفى أربعة في أربعة : أخفى رضاه في طاعته ، فلا تستصغرن شيئا من طاعته ، فربما وافق رضاه ، وأنت لا تعلم ، وأخفى سخطه في معصيته فلا تستصغرن شيئا من معصيته فربما وافق سخطه وأنت لا تعلم ، وأخفى إجابته في دعوته فلا تستصغرن شيئا من دعائه فربما وافق إجابته وأنت لا تعلم ، وأخفى وليه في عباده فلا تستصغرن عبدا من عبيدالله فربما يكون وليه وأنت لا تعلم (٤).

٥ ـ ل : أبي ، عن محمد بن أحمد بن علي بن الصلت ، عن البرقي ، عن أبيه عن محمد بن سنان ، عن يوسف بن عمران ، عن ميثم ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : أوحى الله عزوجل إلى آدم عليه السلام : أني سأجمع لك الكلام في أربع كلمات فقال : يا رب وما هن؟ قال : واحدة لي ، وواحدة لك ، وواحدة فيما بيني وبينك ، وواحدة فيما بينك وبين الناس ، فقال : يارب بينهن لي حتى أعلمهن ، فقال : أما التي لي فتعبدني ولا تشرك بى شيئا وأما التي لك فأجزيك

__________________

(١) الخصال ج ١ ص ٩٤.

(٢) أمالى الطوسى ج ١ ص ٣٠٢.

(٣) معانى الاخبار ص ١١٣.

(٤) الخصال ج ١ ص ٩٨.

٣٦٣

بعملك أحوج ماتكون إليه ، فأما التي بيني وبينك فعليك الدعاء وعلي الاجابة وأما التي بينك وبين الناس فترضى للناس ما ترضاه لنفسك (١).

٦ ـ لى (٢) مع : أبي ، عن الكمندانى ، عن ابن عيسى ، عن ابن أبي نجران ، عن ابن حميد ، عن ابن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : أوحى الله تبارك و تعالى إلى آدم عليه السلام : يا آدم إني أجمع لك الخير كله في أربع كلمات واحدة لي إلى آخر ما مر (٣).

٧ ـ ل : القطان والعجلي والسناني جميعا ، عن ابن زكريا ، عن موسى بن إسحاق ، عن أبي إبراهيم الترجماني ، عن صالح بن بشير ، عن الحسن ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيما يروي عن ربه جل جلاله إنه قال : أربع خصال : واحدة لي ، وواحدة لك ، وواحدة فيما بيني وبينك ، وواحدة فيما بينك وبين عبادي فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا ، وأما التي لك فما عملت من خير جزيتك به وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء وعلي الاجابة وأما التي بينك وبين عبادي فأن ترضى لهم ما ترضى لنفسك ، ولم يذكر آدم في هذا الحديث (٤).

٨ ـ ما : الحسين التمار ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن عبدالله بن أيوب ، عن الحسين بن عنبسة ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما فتح لاحد باب دعاء إلا فتح الله له فيه باب إجابة ، فاذا فتح لاحد كم باب دعاء فليجهد فان الله عزوجل لايمل حتى تملوا.

قال أبوالطيب : الملل من الانسان الضجر والسأمة ومن الله تعالى على جهة الترك للفعل ، وإنما وصف نفسه بالملل للمقابلة لملل الانسان ، كما قال : « نسوا الله فنسيهم » (٥) أي تركوا طاعته فتركهم من ثوابه (٦).

٩ ـ ل : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن الحسين بن إسحاق ، عن علي بن

__________________

(١) الخصال ج ١ ص ١١٦.

(٢) أمالى الصدوق ص ٣٦٢.

(٣) معانى الاخبار ص ١٣٧.

(٤) الخصال ج ١ ص ١١٦.

(٥) براءة : ٦٧.

٣٦٤

مهزيار ، عن فضالة ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من تمنى شيئا وهو الله عزوجل رضا لم يخرج من الدنيا حتى يعطاه (١).

ثو : أبي عن محمد العطار مثله.

١٠ ـ طب : عبدالله بن بسطام ، عن محمد بن خلف ، عن الوشاء ، عن عبدالله بن سنان ، عن أخيه محمد قال : قال جعفر بن محمد عليهما السلام : مامن أحد يخوف بالبلاء فتقدم فيه بالدعاء إلا صرف الله عنه ذلك البلاء ، وأماعلمت أن أمير المؤمنين سلام الله عليه قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : يا علي قلت : لبيك يا رسول الله قال : إن الدعاء يرد البلاء وقد ابرم إبراما.

قال الوشاء : قلت لعبد الله بن سنان : هل في ذلك دعاء موقت؟ قال : أما إني فقد سألت عن ذلك الصادق عليه السلام عليه السلام فقال : نعم : أما دعاء الشيعة المستضعفين ففي كل علة من العلل دعاء موقت ، وأما دعاء المستبصرين فليس في شئ من ذلك دعاء موقت ، لان المستبصرين البالغين دعاؤهم لا يحجب (٢).

١١ ـ مكا : عن سلمان الفارسي رحمة الله عليه ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : إن الله ليستحي من العبد أن يرفع إليه يديه فيرد هما خائبتين (٣).

١٢ ـ تم : عن ابن القداح ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : ما أبرز عبد يده إلى الله العزيز الجبار إلا استحيى الله عزوجل أنيردها صفرا حتى يجعل فيها من فضل رحمته ، فاذا دعا أحدكم فلا يرد يدد حتى يمسح على وجهه ورأسه (٤).

١٣ ـ مجالس الشيخ : الحسين بن إبراهيم ، عن محمد بن وهبان ، عن

__________________

(٦) أمالى الطوسى ج ١ ص ٥.

(١) الخصال ج ١ ص ٥.

(٢) طب الائمة ص ١٦.

(٣) مكارم الاخلاق ص ٣٢١.

(٤) فلاح السائل ص ٢٩.

٣٦٥

محمد بن أحمد بن زكريا ، عن الحسن بن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبي كهمس عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من اعطي أربعا لم يحرم أربعا : من اعطي الدعاء لم يحرم الاجابة الخبر (١).

١٤ ـ دعوت الراوندى : عن أبي حمزة الثمالي قال : قال علي بن الحسين عليهما السلام خرجت فاعتمدت على حائطي هذا ، فإذا رجل ينظر في وجهي عليه ثوبان أبيضان فقال : ياعلي بن الحسين مالي أراك كئيبا حزينا؟ أعلى الدنيا فهو رزق حاضر يأكل منه البر والفاجر فقلت : ماعلى الدنيا حزني وإن القول لكما تقول قال فعلى الآخرة حزنك فهو عد صادق يحكم به ملك قاهر ، فقلت : ولا على الآخر حزني ، وإن القول لكما تقول ، قال لي : فعلى ماحزنك يا علي بن الحسين؟ فقلت لما أتخوف من فتنة ابن الزبير ، فضحك ثم قال : يا على بن الحسين فهل رأيت أحدا خاف فلم ينجه؟ فقلت : لا قال : فهل رأيت أحدا سأل الله فلم يعطه؟ قلت : لا قال : فهل رأيت أحدا توكل على الله فلم يكفه؟ قلت : لا فنظرت فلم أرأحدا.

١٥ ـ نهج : ما كان الله ليفتح على عبد باب الشكر ويغلق عنه باب الزيادة ولا ليفتح على عبد باب الدعاء ويغلق عنه باب الاجابة (٢).

١٦ ـ دعوات الراوندى : عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث : إما أن يعجل دعوته ، وإما أن يدخرها له في الآخرة ، وإما أن يكف عنه من الشر مثلها ، قالوا : يا رسول الله إذا نكثر قال : الله أكثر.

__________________

(١) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٣٠٤.

(٢) نهج البلاغة تحت الرقم ٤٣٥ من قسم الحكم.

٣٦٦

٢٤

( باب )

* « ( علة الابطاء في الاجابة والنهى عن الفتور في الدعاء ) » *

* « ( والامر بالتثبت والالحاح فيه ) » *

الايات : يونس : ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضى إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقائنا في طغيانهم يعمهون (١).

١ ـ ب : ابن أبي الخطاب ، عن البزنطي قال : قلت للرضا عليه السلام جعلت فداك إني قد سألت الله تبارك وتعالى حاجة منذر كذا وكذا سنة ، وقد دخل قلبي من إبطائها شئ فقال : يا أحمد إياك والشيطان أن يكون له عليك سبيلا حتى يعرضك إن أبا جعفر صلوات الله عليه كان يقول : إن المؤمن يسأل الله الحاجة فيؤخر عنه تعجيل حاجته حبا لصوته ، واستمال نحيبه ثم قال : والله لما أخر الله عن المؤمنين مما يطلبون في هذه الدنيا خيرلهم مما عجل لهم منها ، وأي شئ الدنيا؟ إن أبا جعفر كان يقول : ينبغي للمؤمن أن يكون دعاؤه في الرخاء نحوا من دعائه في الشدة ، ليس إذا ابتلى فتر ، فلا تمل الدعاء [ فانه ] من الله تبارك وتعالى بمكان ، وعليك بالصدق وطلب الحلال ، وصلة الرحم ، وإياك ومكاشفة الرجال ، إنا أهل بيت نصل من قطعنا ونحسن إلى من أساء إلينا ، فنرى والله في الدناى في ذلك العاقبة الحسنة إن صاحب النعمة في الدنيا إذا سأل فاعطي ، طلب غير الذي سأل ، وصغرت النعمة في عينه فلا يمتنع من شئ اعطي وإذا كثرت النعم كان المسلم من ذلك على خطر للحقوق والذي يجب عليه وما يخاف من الفتنة.

فقال لي : أخبرني عنك لو أني قلت قولا كنت تثق به مني؟ قلت له : جعلت فداك وإذا لم أثق بقولك فبمن أثق وأنت حجة الله تبارك وتعالى على خلقه؟ قال : فكن بالله أوثق فانك على موعد من الله أليس الله تبارك وتعالى يقول : « وإذا سألك

__________________

(١) يونس : ١١.

٣٦٧

عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع إذا دعان » (١) وقال : « ولا تقنطوا من رحمة الله » (٢) وقال : « والله يعدكم مغفرة منه وفضلا » (٣) فكن بالله عزوجل أوثق منك بغيرة ، ولا تجعلوا في أنفسكم إلا خيرا فانكم مغفور لكم (٤).

٢ ـ كتاب فضائل الشيعة للصدوق رحمه الله : باسناده عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن الله عزوجل يعطي الدنيا من يحب ويبغض ، ولا يعطي الآخرة إلا من أحب ، وإن المؤمن ليسأل ربه موضع سوط من الدنيا فلا يعطيه ويسأله الآخرة فيعطيه ماشاء ، ويعطي الكافر في الدنيا قبل أن يسأله مايشاء ، ويسأله موضع سوط في الآخرة فلا يعطيه إياه (٥).

٣ ـ فس : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال له رجل : جعلت فداك إن الله يقول « ادعوني أستجب لكم » (٦) فانا ندعو فلا يستجاب لنا ، قال : لانكم لا تفون لله بعهده ، وإن الله يقول « أوفوا بعهدي اوف بعهدكم » (٧) والله لو وفيتم لله لوفى الله لكم (٨).

٤ ـ يد : أحمد بن محمد بن عبدالرحمن المروزي ، عن محمد بن جعفر المقري عن محمد بن الحسن الموصلي ، عن عياش بن يزيد بن الحسن ، عن أبيه ، عن موسى ابن جعفر عليه السلام قال : قال قوم للصادق عليه السلام : ندعو فلا يستجاب لنا ، قال : لانكم تدعون من لا تعرفونه (٩).

__________________

(١) البقرة : ١٨٦. (٢) الزمر : ٥٣.

(٣) البقرة : ٢٦٨.

(٤) قرب الاسناد ص ٢٢٧ ٢٢٨.

(٥) فضائل الشيعة الرقم ٣٢.

(٦) غافر : ٦.

(٧) البقرة : ٤٠.

(٨) تفسير القمى ص ٣٨.

(٩) التوحيد ص ٢٠٩ ، باب أنه لا يعرف الا به.

٣٦٨

٥ ـ لى : ماجيلويه ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن محمد بن عمران ، عن أبيه عمران بن إسماعيل ، عن أبي علي الانصاري ، عن محمد بن جعفر التميمي قال : قال الصادق عليه السلام : بينا إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام في جبل بيت المقدس يطلب مرعى لغنمه إذ سمع صوتا ، فاذا هو رجل قائم يصلي طوله اثنى عشر شبرا ، فقال له : يا با عبدالله لمن تصلي؟ قال : لاله السماء ، فقال له إبراهيم عليه السلام : هل بقي أحد من قومك غيرك؟ قال : لا قال : فمن أين تأكل؟ قال : أجتني من هذا الشجر في الصيف وآكله في الشتاء ، قال له : فأين منزلك؟ قال : فأومأ بيده إلى جبل فقال له إبراهيم عليه السلام : هل لك أن تذهب بي معك فأبيت عندك الليلة؟ فقال : إن قدامي ماء لا يخاض ، قال : كيف تصنع؟ قال : أمشي عليه ، قال : فاذهب بي معك فلعل الله أن يرزقني ما رزقك.

قال : فأخذ العابد بيده فمضيا جميعا حتى انتهيا إلى الماء فمشى ومشى إبراهيم عليه السلام معه ، حتى انتهيا إلى منزله ، فقال له إبراهيم : أي الايام أعظم؟ فقال له العابد : يوم الدين : يوم يدان الناس بعضهم من بعض ، قال : فهل لك أن ترفع يدك وأرفع يدي ، فندعو الله عزوجل أن يؤمننا من شر ذلك اليوم؟ فقال : وما تصنع بدعوتي فوالله إن لي لدعوة منذ ثلاث سنين ما أجبت فيها بشئ.

فقال له إبراهيم عليه السلام : أولا اخبرك لاي شئ احتبست دعوتك؟ قال : بلى قال له : إن الله عزوجل إذا أحب عبدا احتبس دعوته ليناجيه ويسأله ، ويطلب إليه ، وإذا أبغض عبدا عجل له دعوته أو ألقى في قلبه اليأس منها ، ثم قال له : وما كانت دعوتك؟ قال : مربي غنم ومعه غلام له ذؤابة ، فقلت : يا غلام لمن هذا الغنم؟ فقال : لابراهيم خليل الرحمن ، فقلت : اللهم إن كان لك في الارض خليل فأرنيه فقال له إبراهيم عليه السلام : فقد استجاب الله لك ، أنا إبراهيم خليل الرحمن ، فعانقه. فلما بعث الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله جائت المصافحة (١).

دعوات الراوندى : مرسلا مثله.

__________________

(١) امالى الصدوق ص ١٧٨.

٣٦٩

أقول : قد مضى بعض الاخبار في باب من دعا استجيب له.

٦ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبدالله عليه الصلاة والسلام قال : إن رجلا كان في بني إسرائيل قد دعا الله أن يرزقه غلاما يدعو ثلاثا وثلاثين سنة فلما رأى أن الله تعالى لا يجيبه قال : يارب أبعيد أنا منك فلا تسمع مني أم قريب أنت فلا تجيبني؟ فأتاه آت في منامه فقال له : إنك تدعو الله بلسان بذي وقلب غلق [ عات ] غير نقي وبنية غير صادقة ، فاقلع من بذائك ، وليتق الله قلبك ، ولتحسن نيتك قال : ففعل الرجل ذلك فدعا الله عزوجل فولد له غلام.

٧ ـ ضا : إن الله يؤخر إجابة المؤمن شوقا إلى دعائه ، ويقول : صوت أحب أن أسمعه ، ويعجل إجابة دعاء المنافق ، ويقول : صوت أكره سماعه.

٨ ـ مكا : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله كره إلحاح الناس بعضهم لبعض في المسألة وأحب ، لنفسه إن الله يحب أن يسأل ويطلب ماعنده (١).

وقال عليه السلام : لا يلح عبد مؤمن على الله تعالى في حاجة إلا قضاله (٢).

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : رحم الله عبدا طلب من الله حاجته وألح في الدعاء استجيب له أم لم يستجب ، وتلاهذه الآية « أدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا » (٣).

٩ ـ مكا : يستحب للداعي عزيمة المسألة لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يقل أحدكم اللهم اغفرلي إن شئت ، اللهم ارحمني إن شئت ، وليعزم المسألة فانه لا يكره له ، وإذا استجاب الله دعاء الداعي فليقل : الحمد لله الذي بعزته تتم الصالحات ، وإذا أبطأ عليه الاجابة فليقل : الحمد لله على كل حال ، ويكره للداعي استبطاء الاجابة وليكن مواظبا على الدعاء والمسألة ، لا يسأم الانسان منهما ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) مكارم الاخلاق ص ٣١٤.

(٢) مكارم الاخلاق ص ٣١٣.

(٣) مكارم الاخلاق ٣١٥ ، والاية في سورة مريم : ٤٨.

٣٧٠

يستجاب للعبد مالم يعجل ، يقول قد دعوت فلم يستجب لي (١).

١٠ ـ محص : عن أبي الحسن الاحمسي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله ليتعهد عبده المؤمن بأنواع البلاء كما يتعهد أهل البيت سيدهم بطرف الطعام ، قال الله تعالى : وعزتي وجلالي وعظمتي وبهائي إني لاحمي وليي أن اعطيه في دار الدنيا شيئا يشغله عن ذكري حتى يدعوني فأسمع صوته ، وإني لاعطي الكافر منيته حتى لا يدعوني فأسمع صوته بغضا له.

١١ ـ محص : عن عمار بن مروان ، عن بعض ولد أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله إذا أحب عبدا غته بالبلاء غتا وثجه به ثجا (٢) فاذا دعاه قال : لبيك عبدي لبيك ، لئن عجلت ما سألت إني على ذلك لقادر ، ولئن أخرت فما ذخرت لك عبدي خير لك.

١٢ ـ محص : عن اسحاق بن عمار قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : إن الرب ليلي حساب المؤمن فيقول : تعرف هذا الحساب؟ فيقول : لا يا رب فيقول : دعوتني في ليلة كذا وكذا في كذاوكذا ، فذخرتها لك ، قال : فمما يرى من عظمة ثواب الله يقول : يا رب ليت إنك لم تكن عجلت لي شيئا وادخرته لي.

١٣ ـ محص : عن سفيان بن السمط ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه وتعهده بالبلاء ، كما يتعهد المريض أهله بالطرف ، ووكل به ملكين فقال لهما : اسقما بدنه ، وضيقا معيشته ، وعوقا عليه مطالبه ، حتى يدعوني فاني احب صوته ، فاذا دعا قال : اكتبا لعبدي ثواب ماسألني وضاعفا له حتى يأتيني ، وماعندي خيرله ، فاذا أبغض عبدا وكل به ملكين ، فقال : أصحا بدنه ووسعا عليه في رزقه ، وسهلا له مطلبه ، وأنسياه ذكري ، فاني ابغض صوته حتى يأتيني ، وما عندي شر له.

١٤ ـ الدعوات للراوندى : روي أن رجلا أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : ادع الله

__________________

(١) مكارم الاخلاق ص ٤٠٥.

(٢) غته : اى غطه وغمره في البلاء ، وثجه : أى أمطره وأسله عليه.

٣٧١

أن يستجيب دعائي ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا أردت ذلك فأطب كسبك.

وروي أن موسى عليه السلام رأى رجلا يتضرع تضرعا عظيما ، ويدعو رافعا يديه ويبتهل فأوحى الله إلى موسى : لوفعل كذا وكذا لما استجبت دعاءه ، لان في بطنه حراما ، وعلى ظهره حراما ، وفي بيته حراما.

وقال الصادق عليه السلام : يقول الله : وعزتي وجلالي لا اجيب دعوة مظلوم دعاني في مظلمة ، ولاحد من خلقي عنده مظلمة مثلها ، وقال أمير المؤمنين عليه السلام : ربما اخرت من العبد إجابة الدعاء ، ليكون أعظم لاجر السائل ، وأجزل لعطاء الآمل.

١٥ ـ نهج : قال عليه السلام : الداعي بلا عمل كالرامي بلاوتر (١).

١٦ ـ عدة الداعى : عن أبي محمد العسكري عليه السلام قال : ادفع المسألة ما وجدت التحمل يمكنك فان لكل يوم رزقا جديدا ، واعلم أن الالحاح في المطالب يسلب البهاء ، ويورث التعب والعناء ، فاصبر حتى يفتح الله لك بابا يسهل الدخول فيه ، فما أقرب الصنع من الملهوف ، والامن من الهارب المخوف ، فربما كانت الغير نوعا من أدب الله ، وللحظوظ مراتب ، فلا تعجل على ثمرة لم تدرك ، فانما تنالها في أوانها.

واعلم أن المدبر لك أعلم بالوقت الذي يصلح حالك فيه فثق بخيرته في جميع أمورك يصلح حالك ، ولاتعجل بحوائجك قبل وقتها ، فيضيق قلبك وصدرك ويغشاك القنوط.

واعلم أن للحياء مقدارا فان زاد عليه فهو سرف ، وإن للحزم مقدارا فان زاد عليه فهو تهور ، واحذر كل ذكي ساكن الطرف ولو عقل أهل الدنيا خربت.

قال ابن فهد رحمه الله : دل الحديث على أن العقل السليم يقتضي تخريب الدنيا ، وعدم الاعتناء بها ، فمن عني بها أو عمرها دل ذلك على أنه لاعقل له.

وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحب أن يستجاب دعاؤه فليطيب مطعمه ومكسبه.

__________________

(١) نهج البلاغه الرقم ص ٣٣٧ من قسم الحكم.

٣٧٢

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله لمن قال له : احب أن يستجاب دعائي : طهر مأكلك ولا تدخل بطنك الحرام.

وفي الحديث القدسي : فمنك الدعاء وعلى الاجابة فلا تحجب عني دعوة إلا دعوة آكل الحرام.

وروى علي بن أسباط ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من سره أن يستجاب دعاؤه فليطيب كسبه.

وقال عليه السلام : ترك لقمة حرام أحب إلى الله تعالى من صلاة ألفي ركعة تطوعا.

وعنه عليه السلام : رد دانق حرام يعدل عند الله سبعين حجة مبرورة.

وعنهم عليهم السلام : فيما وعظ الله به عيسى عليه السلام : يا عيسى قل لظلمة بني إسرائيل : غسلتم وجوهكم ، ودنستم قلوبكم ، أبي تغترون؟ أم على تجترؤن؟ تتطيبون الطيب لاهل الدنيا وأجوافكم عندي بمنزلة الجيف المنتنة ، كأنكم أقوام ميتون يا عيسى قل لهم : قلموا أظفاركم من كسب الحرام ، وأصموا أسماعكم عن ذكر الخنا ، وأقبلوا علي بقلوبكم فاني لست اريد صوركم ، ياعيسى قل لظلمة بني إسرائيل : لا تدعوني والسحت تحت أقدامكم ، والاصنام في بيوتكم ، فاني آليت أن اجيب من دعاني : وإن إجابتي إياهم لعن لهم حتى يتفرقوا (١).

وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : أوحى الله إلى عيسى عليه السلام : قل لبني إسرائيل : لا تدخلوا بيتا من بيوتي إلا بأبصار خاشعة ، وقلوب طاهرة وأيد نقية ، وأخبرهم أني لا أستجيب لاحد منهم دعوة ولاحد من خلقي عليه مظلمة (٢).

وفي الوحي القديم : لا تمل من الدعاء فاني لا أمل من الاجابة.

وروى عبدالعزيز الطويل ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن العبد إذا دعا لم يزل الله في حاجته مالم يستعجل.

__________________

(١) عدة الداعى ص ١٠٢.

(٢) عدة الداعى ص ١٠٣.

٣٧٣

وعنه عليه السلام : إن العبد إذا عجل فقال لحاجته : يقول الله تعالى : استعجل عبدي ، أتراه يظن أن حوائجه بيد غيري.

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله يحب السائل اللحوح.

وروى الوليد بن عقبة الهجري قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : والله لا يلح عبد مؤمن على الله في حاجة إلا قضاها له.

وروى أبوالصباح ، عن أبي عبدالله عليه السلام : إن الله كره إلحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة ، وأحب ذلك لنفسه إن الله يحب أن يسأل ويطلب ما عنده.

وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : قلت لابي الحسن عليه السلام : جعلت فداك إني قد سألت الله تعالى حاجة منذ كذا وكذا سنة ، وقد دخل قلبي من إبطائها شئ ، فقال له : يا أحمد إياك والشيطان أن يكون له عليك سبيل ، حتى يقنطك ، إن أبا جعفر عليه السلام كان يقول : إن المؤمن ليسأل الله حاجة فيؤخر عنه تعجيل إجابته حبا لصوته واستماع نحيبه ، ثم قال : والله ما أخر الله عن المؤمنين ما يطلبون في هذه الدنيا خير لهم مما عجل لهم فيها ، وأي شئ الدنيا.

وعن الصادق عليه السلام إن العبد الولي لله يدعو الله في الامر ينوبه فيقال للملك الموكل به : اقض لبعدي حاجته ولا تعجلها ، فاني أشتهي أن أسمع نداءه وصوته وإن العبد العدو لله ليدعو الله في الامر ينوبه فيقال للملك الموكل به : اقض لعبدي حاجته وعجلها فاني أكره أن أسمع نداءه وصوته ، قال : فيقول الناس : ما اعطي هذا إلا لكرامته ، وما منع هذا إلا لهوانه!

وعنه عليه السلام : لا يزال المؤمن بخير ورخاة ورحمة من الله مالم يستعجل فيقنط ، فيترك الدعاء ، قلت له : كيف يستعجل : قال : يقول : قد دعوت منذ كذا وكذا ، ولا أرى الاجابة.

وعنه عليه السلام : إن المؤمن ليدعو الله في حاجته فيقول عزوجل : أخروا إجابته شوقا إلى صوته ودعائه ، فاذا كان يوم القيامة قال الله : عبدي دعوتني وأخرت إجابتك وثوابك كذا وكذا ، ودعوتني في كذا وكذا فأخرت إجابتك وثوابك كذا ، قال :

٣٧٤

فيتمنى المؤمن أنه لم يستجب له دعوة في الدنيا مما يرى من حسن الثواب.

وعنه عليه السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : رحم الله عبدا طلب من الله حاجة فألخ في الدعاء استجيب له أولم يستجب له ، وتلاهذه الآية « وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعا ربي شقيا » (١).

وقال كعب الاحبار : في التوراة : يا موسى من أحبني لم ينسني ومن رجا معروفي ألح في مسألتي يا موسى إني لست بغافل عن خلقي ولكن أحب أن تسمع ملائكتي ضجيج الدعاء من عبادي ، وترى حفظتي تقرب بني آدم إلى بما أنا مقويهم عليه ومسببه لهم ، يا موسى قل لبني إسرائيل : لا تبطرنكم النعمة فيعا جلكم السلب ، ولا تغفلوا عن الشكر فيقارعكم الذل ، وألحوا في الدعاء تشملكم الرحمة بالاجابة وتهنئكم العافية.

وعن الباقر عليه السلام : لا يلح عبد مؤمن على الله في حاجته إلا قضاها له.

وعن منصور الصيقل قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : ربما دعا الرجل فاستجيب له ، ثم اخر ذلك إلى حين؟ قال : فقال : نعم ، قلت : ولم ذلك ليزداد من الدعاء؟ قال : نعم.

وعن إسحاق عمار قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : يستجاب للرجل الدعاء ثم يؤخر قال : نعم عشرون سنة.

وعن هشام بن سالم عنه عليه السلام قال : كان بين قول الله عزوجل : « قد اجيبت دعوتكما » وبين أخذ فرعون أربعون عاما.

وعن أبي بصير عنه عليه السلام : إن المؤمن [ ليدعو ] فيوخربا جابته إلى يوم الجمعة.

وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن العبد ليقول : اللهم اغفرلي وهو معرض عنه ، ثم يقول : اللهم اغفرلي وهو معرض عنه ، ثم يقول اللهم اغفرلي فيقول سبحانه للملائكة : ألا ترون عبدي سألني المغفرة وأنا معرض عنه ، ثم سألني المغفرة وأنا معرض عنه ثم سألني المغفرة؟ علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب إلا أنا أشهدكم أني

__________________

(١) مريم : ٤٨.

٣٧٥

قد غفرت له.

وعن أبي جعفر عليه السلام قال : إن العبد ليسأل الله حاجة من حوائج الدنيا فيكون من شأن الله تعالى قضاؤها إلى أجل قريب أوبطئ ، فيذنب العبد عند ذلك الوقت ذنبا فيقول للملك الموكل بحاجته لا تنجزها له ، فانه قد تعرض لسخطي استوجب الحرمان مني.

وفي الحديث القدسي : يا ابن آدم أنا غني لا أفتقر ، أطعني فيما أمرتك أجعلك عنيا لا تفتقر ، يا ابن آدم أنا حي لا أموت ، أطعني فيما أمرتك أجعلك حيا تموت يا ابن آدم أنا أقول للشئ كن فيكون ، أطعني فيما أمرتك أجعلك تقول للشئ كن فيكون.

وعن أبي حمزة قال : إن الله أوحى إلى داود عليه السلام : يا داود إنه ليس عبد من عبادي يطيعني فيما آمره إلا أعطيته قبل أن يسألني ، وأستجيب له قبل أن يدعوني.

وعنه عن أبى جعفر عليه السلام قال : إن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام أن أبلغ قومك أنه ليس من عبد منهم آمره بطاعتي فيطيعني إلا كان حقا علي أن اطيعه واعينه على طاعتي ، وإن سألني أعطيته ، وإن دعاني أجبته ، وإن اعتصم بي عصمته وإن استكفاني كفيته ، وإن توكل علي حفظته من وراء عورته ، وإن كاده جميع خلقي كنت دونه.

١٧ ـ دعائم الدين : روي في كتاب التنبيه عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه خطب في يوم جمعة خطبة بليغة فقال في آخرها : أيها الناس سبع مصائب عظام نعوذ بالله منها : عالم زل وعابد مل ، ومؤمن خل ، ومؤتمن غل ، وغني أقل ، وعزيز ذل ، وفقير اعتل.

فقام إليه رجل فقال : صدقت يا أمير المؤمنين أنت ألقبلة إذا ما ضللنا ، والنور إذا ما أظلمنا ، ولكن نسألك عن قول الله تعالى « ادعوني أستجب لكم » فما بالنا ندعو فلا يجاب؟ قال : إن قلوبكم خانت بثمان خصال :

٣٧٦

أولها أنكم عرفتم الله فلم تؤدوا حقه كما أوجب عليكم ، فما أغنت عنكم معرفتكم شيئا ، والثانية أنكم آمنتم برسوله ثم خالفتم سنته وأمتم شريعته ، فأين ثمرة إيمانكم ، والثالثة أنكم قرأتم كتابه المنزل عليكم ، فلم تعلموا به ، وقلتم سمعنا وأطعنا ، ثم خالفتم ، والرابعة أنكم قلتم أنكم تخافون من النار ، وأنتم في كل وقت تقدمون إليها بمعاصيكم فأين خوفكم؟ والخامسة أنكم قلتم أنكم ترغبون في الجنة وأنتم في كل وقت تفعولن ما يباعدكم منها ، فأين رغبتكم فيها؟ والسادسة أنكم أكلتم نعمة المولى ولم تشكروا عليها ، والسابعة أن الله أمركم بعداوة الشيطان وقال « إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا » (١) فعاديتموه بلاقول ، وواليتموه بلامخالفة (٢) والثامنة أنكم جعلتم عيون الناس نصب عيونكم ، وعيوبكم وراء ظهوركم ، تلومون من أنتم أحق باللوم منه ، فأي دعاء يستجاب لكم مع هذا؟ وقد سددتم أبوابه وطرقه؟ فاتقوا الله وأصلحوا أعمالكم ، وأخلصوا سرائركم وأمروا بالمعروف ، وانهوا عن المنكر فسيتجيب الله لكم دعاء كم.

١٨ ـ تم ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن محبوب عن عمربن يزيد قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إن رجلا كان في بني إسرائيل فدعا الله أن يرزقه غلاما يدعو ثلاث سنين فلما رأى أن الله لا يجيبه قال : يارب أبعيد أنا منك فلا تسمعني؟ أم قريب أنت مني فلم لا تجيبني؟ قال : فأتاه آت في منامه فقال له : إنك تدعو الله منذ ثلاث سنين بلسان بذي ، وقلب عات غير نقي ونيه غير صادقة ، فاقلع عن بذائك ، وليتق الله قلبك ، ولتحسن نيتك ، قال : ففعل الرجل ذلك ثم دعا الله فولدله غلام (٣).

١٩ ـ تم : بهذا الاسناد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن العبد يسأل الله تبارك وتعالى الحاجة من حوائج

__________________

(١) فاطر ص ٦.

(٢) كذا في نسخة الاصل بخطه قدس سره مكتوبا على السطر كذا ، والظاهر : « فعاديتموه بالقول : وواليتموه بالمخالفة ».

(٣) فلاح السائل ص ٣٧.

٣٧٧

الدنيا : فيكون من شأن الله قضاؤها إلى أجل قريب ، أو وقت بطئ ، قال : فيذنب العبد عند ذلك الوقت ذنبا قال : فيقول للملك الموكل بحاجته : لا تنجز له حاجته ، واحرمه إياها ، فانه قد تعرض لسخطي ، واستوجب الحرمان مني (١).

٢٠ ـ تم : الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسين بن عثمان ، وغير واحد من أصحابه ، عن أبي عبدالله وأبي جعفر عليهما السلام أنهما قالا : والله لا يلح عبد مؤمن على الله إلا استجاب له (٢).

٢١ ـ تم : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : لتأمرن بالمعروف ، ولتنهن عن المنكر ، أو ليسلطن الله شراركم على خياركم ، فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم ، ومن تاريخ الخطيب باسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : سألت الله أن لا يستجيب دعاء حبيب على حبيبه.

وروي في خبر ليلة النصف من شعبان وغيره أنه يستجاب الدعاء فيها إلا لقاطع رحم أو في قطيعة رحم.

٢٢ ـ جع : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله يحب الملحين في الدعاء (٣).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من مسلم يدعو الله بدعاء إلا يستجيب له فإما أن يعجل في الدنيا وإما أن يدخر للآخرة وإما أن يكفر من ذنوبه.

عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن المؤمن ليدعو في حاجته فيقول الله : أخروا حاجته ، شوقا إلى دعائه ، فاذا كان يوم القيامة يقول الله : عبدي دعوتني في كذا فأخرت إجابتك في ثوابك كذا ، ودعوتني في كذا فأخرت إجابتك في ثوابك ، قال : فيتمنى المؤمن أنه لم يستجب له دعوة في الدنيا لما يرى من حسن ثوابه (٤).

وروي عن جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن العبد ليدعو الله

__________________

(١) فلاح السائل ص ٣٨.

(٢) فلاح السائل ص ٤٢.

(٣) جامع الاخبار ص ١٥٣.

(٤) جامع الاخبار ص ١٥٥.

٣٧٨

وهو يحبه فيقول : يا جبرئيل اقض لعبدي هذا حاجته وأخرها فاني احب أن لا أزال أسمع صوته.

٢٣ ـ ختص : الصدوق ، عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم قال : قلت الصادق ، عليه السلام : يا ابن رسول الله ، ما بال المؤمن إذا دعا ربما استجيب له وربما لم يستجب له ، وقد قال الله عزوجل : « وقال ربكم ادعوني أستجب لكم » (١).

فقال عليه السلام : إن العبد إدا دعا الله تبارك وتعالى بنية صادقة ، وقلب مخلص استجيب له بعد وفائه بعهد الله عزوجل وإذا دعا الله بغير نية وإخلاص لم يستجب له أليس الله يقول : « أوفوا بعهدي اوف بعهدكم » فمن وفى وفي له (٢).

٢٥

* ( باب ) *

* « ( التقدم في الدعاء والدعاء عند الشدة والرخاء ) » *

* « ( وفى جميع الاحوال ) » *

الايات : يونس : وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأنه لم يدعنا إل ضر مسه كذلك زين المسرفين ما كانوا يعملون (٣).

وقال تعالى : وجائهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين أئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين * فلما أنجيهم إذاهم يبغون في الارض بغير الحق (٤).

__________________

(١) المؤمن : ٦٠.

(٢) الاختصاص ٢٤٢ ، والاية في سورة البقرة : ٤٠.

(٣) يونس : ١٢.

(٤) يونس : ٢٢.

٣٧٩

الروم : وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بريهم يشركون (١).

لقمن : وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجيهم إلى البر فمنهم مقتصد ومايجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور (٢).

الزمر : وإذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة نسي ما كان يدعو إليه من قبل (٣).

وقال تعالى : فإذا مس الانسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما اوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون (٤).

السجدة : لا يسألم الانسان من دعاء الخيرو إن مسه الشر فيؤس قنوط إلى قوله تعالى : وإذا أنعمنا على الانسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض (٥).

١ ـ ل : الاربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام : تقدموا بالدعاء قبل نزول البلاء (٦).

٢ ـ لى : أبي ، عن سعد ، عن الخشاب ، عن غياث بن كلوب ، عن إسحاق عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهم السلام أن عليا صلى الله عليه كان يقول : مامن أحد ابتلي وإن عظمت بلواه بأحق بالدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء (٧).

٣ ـ لى : ما جيلويه ، عن عمه ، عن البرفي عن أبيه ، عن عباد بن يعقوب عن الحسين بن زيد ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من

__________________

(١) الروم : ٣٣.

(٢) لقمان : ٣٢.

(٣) الزمر : ٨.

(٤) الزمر : ٤٩.

(٥) السجدة : ٤٩ ٥١.

(٦) الخصال ج ٢ ص ١٥٩.

(٧) أمالى الصدوق ص ١٥٩.

٣٨٠