الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠١
وروي السكوني ، عن الصادق عليه السلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إياكم ودعوة المظلوم ، فانها ترفع فوق السحاب حتى ينظر الله إليها ، فيقول : ارفعوها حتى أستجيب له ، وإياكم ودعوة الوالد فانها أحد من السيف.
وعن الصادق عليه السلام : ثلاث دعوات لا يحجبن عن الله عزوجل : دعاء الوالد لولده ، إذا بره ، وعليه إذا عقه ، ودعاء المظلوم على ظالمه ، ودعاؤه لمن انتصر له منه ، ورجل مؤمن دعا لاخيه المؤمن إذا واساه فينا ، ودعاؤه عليه إذا لم يواسه مع القدرة عليه ، واضطرار أخيه إليه.
قال الشيخ ابن سينا : سبب إجابة الدعاء توافي الاسباب معا لحكمة إلهية وهو أن يتوافى سبب دعاء رجل فيما يدعو فيه ، وسبب وجود ذلك الشئ معاعن الباري فان قيل : فهل يصح وجود ذلك الشئ من دون الدعاء ، وموافاته لذلك الدعاء؟ قلنا : لا ، لان علتهما واحدة ، وهوالباري الذي جعل سبب وجود ذلك الشئ الدعاء كما جعل سبب صحة المريض شرب الدواء ، ومالم يشرب الدواء لم يصح ، وكذلك الحال في الدعاء وموافاة ذلك الشئ فلحكمة ما توافيا معا على حسب ما قدر وقضا ، فالدعاء واجب وتوقع الاجابة واجب ، فان انبعاثها للدعاء يكون سببه من هناك ويصير الدعاء سببا للاجابة ، وموافاة الدعاء لحدوث الامر المدعو لاجله هما معلولا علة واحدة ، وربما يكون أحدهما بواسطة الآخر.
وقد يتوهم أن السماويات تنفعل من الارضية ، وذلك أنا ندعوها فتستجيب لنا ، ونحن معلولها وهي علتنا ، والمعلول لا تفعل في العلة البتة ، وإنما سبب الدعاء من هناك أيضا لانها تبعثنا على الدعاء ، وهما معلولا علة واحدة ، وإذا ثم يستجب الدعاء لذلك الرجل ، وإن كان يرى الغاية التي يدعو لاجلها نافعة فالسبب فيه أن الغاية النافعة إنما يكون بحسب نظام الكل ، لا بحسب مراد ذلك الرجل ، فربما لا تكون الغاية بحسب مراده نافعة ، ولذلك لايصح استجابة دعائه.
والنفس الزكية عند الدعاء قد يفيض عليها من الاول قوة تصيربها مؤثرة
في العناصر ، بتطاوعها العناصر متصرفة على إرادتها ، فيكون ذلك إجابة للدعاء فان العناصر موضوعة لفعل النفس فيها ، واعتبار ذلك في أبداننا بحسب ما تقتضيه أحوال نفوسنا وتخيلاتها ، وقد يمكن أن تؤثر النفس في غير بدنها كما تؤثر في بدنها وقد تؤثر النفس في نفس غيرها كما يحكى عن الاوهام التي تكون لاهل الهند إن صحت الحكاية ، وقد يكون الباري أو الاول يستجيب لتلك النفس إذا دعت فيما يدعو فيه إذا كانت الغاية التي تدعو فيها نافعة بحسب نظام الكل.
٢٣
( باب )
* « ( أن من دعا استجيب له وما يناسب ذلك المطلب ) » *
١ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن البرقي عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال : من اعطي ثلاثة لم يحرم ثلاثة : من اعطي الدعاء اعطي الاجابة ، ومن اعطي الشكر اعطي الزيادة ، ومن اعطي التوكل اعطي الكفاية ، فان الله عزوجل يقول في كتابه : « ومن يتوكل على الله فهو حسبه » (١) ويقول : « لئن شكرتم لازيدنكم » (٢) ويقول : « ادعوني أستجب لكم » (٣).
سن : معاوية بن وهب عنه عليه السلام مثله (٤).
٢ ـ مع (٥) ل : العسكري ، عن بدربن الهيثم ، عن علي بن منذر ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح قال : قال جعفر بن محمد عليهما السلام : من اعطي أربعا لم
__________________
(١) الطلاق : ٣.
(٢) ابراهيم : ٧.
(٣) الخصال ج ١ ص ٥٠.
(٤) المحاسن ص ٣.
(٥) معانى الاخبار ص ٣٢٣.
يحرم أربعا : من اعطي الدعاء لم يحرم الاجابة ، ومن اعطي الاستغفار لم يحرم التوبه ، ومن اعطي الشكر لم يحرم الزيادة ومن اعطي الصبر لم يحرم الاجر (١).
٣ ـ ما : الفحام ، عن عمه ، عن محمد بن جعفر ، عن محمد بن المثنى ، عن أبيه عن عثمان بن زيد ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : يا جابر من ذا الذي سأل الله فلم يعطه ، أو توكل عليه فلم يكفه ، أووثق به فلم ينجه ، الخبر (٢).
٤ ـ مع (٣) ل : ماجيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن القاسم ، عن جده عن أبي بصير ، عن محمد بن مسلم ، عن الباقر ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال : إن الله تبارك وتعالى أخفى أربعة في أربعة : أخفى رضاه في طاعته ، فلا تستصغرن شيئا من طاعته ، فربما وافق رضاه ، وأنت لا تعلم ، وأخفى سخطه في معصيته فلا تستصغرن شيئا من معصيته فربما وافق سخطه وأنت لا تعلم ، وأخفى إجابته في دعوته فلا تستصغرن شيئا من دعائه فربما وافق إجابته وأنت لا تعلم ، وأخفى وليه في عباده فلا تستصغرن عبدا من عبيدالله فربما يكون وليه وأنت لا تعلم (٤).
٥ ـ ل : أبي ، عن محمد بن أحمد بن علي بن الصلت ، عن البرقي ، عن أبيه عن محمد بن سنان ، عن يوسف بن عمران ، عن ميثم ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : أوحى الله عزوجل إلى آدم عليه السلام : أني سأجمع لك الكلام في أربع كلمات فقال : يا رب وما هن؟ قال : واحدة لي ، وواحدة لك ، وواحدة فيما بيني وبينك ، وواحدة فيما بينك وبين الناس ، فقال : يارب بينهن لي حتى أعلمهن ، فقال : أما التي لي فتعبدني ولا تشرك بى شيئا وأما التي لك فأجزيك
__________________
(١) الخصال ج ١ ص ٩٤.
(٢) أمالى الطوسى ج ١ ص ٣٠٢.
(٣) معانى الاخبار ص ١١٣.
(٤) الخصال ج ١ ص ٩٨.
بعملك أحوج ماتكون إليه ، فأما التي بيني وبينك فعليك الدعاء وعلي الاجابة وأما التي بينك وبين الناس فترضى للناس ما ترضاه لنفسك (١).
٦ ـ لى (٢) مع : أبي ، عن الكمندانى ، عن ابن عيسى ، عن ابن أبي نجران ، عن ابن حميد ، عن ابن قيس ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : أوحى الله تبارك و تعالى إلى آدم عليه السلام : يا آدم إني أجمع لك الخير كله في أربع كلمات واحدة لي إلى آخر ما مر (٣).
٧ ـ ل : القطان والعجلي والسناني جميعا ، عن ابن زكريا ، عن موسى بن إسحاق ، عن أبي إبراهيم الترجماني ، عن صالح بن بشير ، عن الحسن ، عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله فيما يروي عن ربه جل جلاله إنه قال : أربع خصال : واحدة لي ، وواحدة لك ، وواحدة فيما بيني وبينك ، وواحدة فيما بينك وبين عبادي فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا ، وأما التي لك فما عملت من خير جزيتك به وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء وعلي الاجابة وأما التي بينك وبين عبادي فأن ترضى لهم ما ترضى لنفسك ، ولم يذكر آدم في هذا الحديث (٤).
٨ ـ ما : الحسين التمار ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن عبدالله بن أيوب ، عن الحسين بن عنبسة ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ما فتح لاحد باب دعاء إلا فتح الله له فيه باب إجابة ، فاذا فتح لاحد كم باب دعاء فليجهد فان الله عزوجل لايمل حتى تملوا.
قال أبوالطيب : الملل من الانسان الضجر والسأمة ومن الله تعالى على جهة الترك للفعل ، وإنما وصف نفسه بالملل للمقابلة لملل الانسان ، كما قال : « نسوا الله فنسيهم » (٥) أي تركوا طاعته فتركهم من ثوابه (٦).
٩ ـ ل : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن الحسين بن إسحاق ، عن علي بن
__________________
(١) الخصال ج ١ ص ١١٦.
(٢) أمالى الصدوق ص ٣٦٢.
(٣) معانى الاخبار ص ١٣٧.
(٤) الخصال ج ١ ص ١١٦.
(٥) براءة : ٦٧.
مهزيار ، عن فضالة ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من تمنى شيئا وهو الله عزوجل رضا لم يخرج من الدنيا حتى يعطاه (١).
ثو : أبي عن محمد العطار مثله.
١٠ ـ طب : عبدالله بن بسطام ، عن محمد بن خلف ، عن الوشاء ، عن عبدالله بن سنان ، عن أخيه محمد قال : قال جعفر بن محمد عليهما السلام : مامن أحد يخوف بالبلاء فتقدم فيه بالدعاء إلا صرف الله عنه ذلك البلاء ، وأماعلمت أن أمير المؤمنين سلام الله عليه قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : يا علي قلت : لبيك يا رسول الله قال : إن الدعاء يرد البلاء وقد ابرم إبراما.
قال الوشاء : قلت لعبد الله بن سنان : هل في ذلك دعاء موقت؟ قال : أما إني فقد سألت عن ذلك الصادق عليه السلام عليه السلام فقال : نعم : أما دعاء الشيعة المستضعفين ففي كل علة من العلل دعاء موقت ، وأما دعاء المستبصرين فليس في شئ من ذلك دعاء موقت ، لان المستبصرين البالغين دعاؤهم لا يحجب (٢).
١١ ـ مكا : عن سلمان الفارسي رحمة الله عليه ، عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : إن الله ليستحي من العبد أن يرفع إليه يديه فيرد هما خائبتين (٣).
١٢ ـ تم : عن ابن القداح ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : ما أبرز عبد يده إلى الله العزيز الجبار إلا استحيى الله عزوجل أنيردها صفرا حتى يجعل فيها من فضل رحمته ، فاذا دعا أحدكم فلا يرد يدد حتى يمسح على وجهه ورأسه (٤).
١٣ ـ مجالس الشيخ : الحسين بن إبراهيم ، عن محمد بن وهبان ، عن
__________________
(٦) أمالى الطوسى ج ١ ص ٥.
(١) الخصال ج ١ ص ٥.
(٢) طب الائمة ص ١٦.
(٣) مكارم الاخلاق ص ٣٢١.
(٤) فلاح السائل ص ٢٩.
محمد بن أحمد بن زكريا ، عن الحسن بن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبي كهمس عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من اعطي أربعا لم يحرم أربعا : من اعطي الدعاء لم يحرم الاجابة الخبر (١).
١٤ ـ دعوت الراوندى : عن أبي حمزة الثمالي قال : قال علي بن الحسين عليهما السلام خرجت فاعتمدت على حائطي هذا ، فإذا رجل ينظر في وجهي عليه ثوبان أبيضان فقال : ياعلي بن الحسين مالي أراك كئيبا حزينا؟ أعلى الدنيا فهو رزق حاضر يأكل منه البر والفاجر فقلت : ماعلى الدنيا حزني وإن القول لكما تقول قال فعلى الآخرة حزنك فهو عد صادق يحكم به ملك قاهر ، فقلت : ولا على الآخر حزني ، وإن القول لكما تقول ، قال لي : فعلى ماحزنك يا علي بن الحسين؟ فقلت لما أتخوف من فتنة ابن الزبير ، فضحك ثم قال : يا على بن الحسين فهل رأيت أحدا خاف فلم ينجه؟ فقلت : لا قال : فهل رأيت أحدا سأل الله فلم يعطه؟ قلت : لا قال : فهل رأيت أحدا توكل على الله فلم يكفه؟ قلت : لا فنظرت فلم أرأحدا.
١٥ ـ نهج : ما كان الله ليفتح على عبد باب الشكر ويغلق عنه باب الزيادة ولا ليفتح على عبد باب الدعاء ويغلق عنه باب الاجابة (٢).
١٦ ـ دعوات الراوندى : عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث : إما أن يعجل دعوته ، وإما أن يدخرها له في الآخرة ، وإما أن يكف عنه من الشر مثلها ، قالوا : يا رسول الله إذا نكثر قال : الله أكثر.
__________________
(١) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٣٠٤.
(٢) نهج البلاغة تحت الرقم ٤٣٥ من قسم الحكم.
٢٤
( باب )
* « ( علة الابطاء في الاجابة والنهى عن الفتور في الدعاء ) » *
* « ( والامر بالتثبت والالحاح فيه ) » *
الايات : يونس : ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضى إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقائنا في طغيانهم يعمهون (١).
١ ـ ب : ابن أبي الخطاب ، عن البزنطي قال : قلت للرضا عليه السلام جعلت فداك إني قد سألت الله تبارك وتعالى حاجة منذر كذا وكذا سنة ، وقد دخل قلبي من إبطائها شئ فقال : يا أحمد إياك والشيطان أن يكون له عليك سبيلا حتى يعرضك إن أبا جعفر صلوات الله عليه كان يقول : إن المؤمن يسأل الله الحاجة فيؤخر عنه تعجيل حاجته حبا لصوته ، واستمال نحيبه ثم قال : والله لما أخر الله عن المؤمنين مما يطلبون في هذه الدنيا خيرلهم مما عجل لهم منها ، وأي شئ الدنيا؟ إن أبا جعفر كان يقول : ينبغي للمؤمن أن يكون دعاؤه في الرخاء نحوا من دعائه في الشدة ، ليس إذا ابتلى فتر ، فلا تمل الدعاء [ فانه ] من الله تبارك وتعالى بمكان ، وعليك بالصدق وطلب الحلال ، وصلة الرحم ، وإياك ومكاشفة الرجال ، إنا أهل بيت نصل من قطعنا ونحسن إلى من أساء إلينا ، فنرى والله في الدناى في ذلك العاقبة الحسنة إن صاحب النعمة في الدنيا إذا سأل فاعطي ، طلب غير الذي سأل ، وصغرت النعمة في عينه فلا يمتنع من شئ اعطي وإذا كثرت النعم كان المسلم من ذلك على خطر للحقوق والذي يجب عليه وما يخاف من الفتنة.
فقال لي : أخبرني عنك لو أني قلت قولا كنت تثق به مني؟ قلت له : جعلت فداك وإذا لم أثق بقولك فبمن أثق وأنت حجة الله تبارك وتعالى على خلقه؟ قال : فكن بالله أوثق فانك على موعد من الله أليس الله تبارك وتعالى يقول : « وإذا سألك
__________________
(١) يونس : ١١.
عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع إذا دعان » (١) وقال : « ولا تقنطوا من رحمة الله » (٢) وقال : « والله يعدكم مغفرة منه وفضلا » (٣) فكن بالله عزوجل أوثق منك بغيرة ، ولا تجعلوا في أنفسكم إلا خيرا فانكم مغفور لكم (٤).
٢ ـ كتاب فضائل الشيعة للصدوق رحمه الله : باسناده عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن الله عزوجل يعطي الدنيا من يحب ويبغض ، ولا يعطي الآخرة إلا من أحب ، وإن المؤمن ليسأل ربه موضع سوط من الدنيا فلا يعطيه ويسأله الآخرة فيعطيه ماشاء ، ويعطي الكافر في الدنيا قبل أن يسأله مايشاء ، ويسأله موضع سوط في الآخرة فلا يعطيه إياه (٥).
٣ ـ فس : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال له رجل : جعلت فداك إن الله يقول « ادعوني أستجب لكم » (٦) فانا ندعو فلا يستجاب لنا ، قال : لانكم لا تفون لله بعهده ، وإن الله يقول « أوفوا بعهدي اوف بعهدكم » (٧) والله لو وفيتم لله لوفى الله لكم (٨).
٤ ـ يد : أحمد بن محمد بن عبدالرحمن المروزي ، عن محمد بن جعفر المقري عن محمد بن الحسن الموصلي ، عن عياش بن يزيد بن الحسن ، عن أبيه ، عن موسى ابن جعفر عليه السلام قال : قال قوم للصادق عليه السلام : ندعو فلا يستجاب لنا ، قال : لانكم تدعون من لا تعرفونه (٩).
__________________
(١) البقرة : ١٨٦. (٢) الزمر : ٥٣.
(٣) البقرة : ٢٦٨.
(٤) قرب الاسناد ص ٢٢٧ ٢٢٨.
(٥) فضائل الشيعة الرقم ٣٢.
(٦) غافر : ٦.
(٧) البقرة : ٤٠.
(٨) تفسير القمى ص ٣٨.
(٩) التوحيد ص ٢٠٩ ، باب أنه لا يعرف الا به.
٥ ـ لى : ماجيلويه ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن محمد بن عمران ، عن أبيه عمران بن إسماعيل ، عن أبي علي الانصاري ، عن محمد بن جعفر التميمي قال : قال الصادق عليه السلام : بينا إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام في جبل بيت المقدس يطلب مرعى لغنمه إذ سمع صوتا ، فاذا هو رجل قائم يصلي طوله اثنى عشر شبرا ، فقال له : يا با عبدالله لمن تصلي؟ قال : لاله السماء ، فقال له إبراهيم عليه السلام : هل بقي أحد من قومك غيرك؟ قال : لا قال : فمن أين تأكل؟ قال : أجتني من هذا الشجر في الصيف وآكله في الشتاء ، قال له : فأين منزلك؟ قال : فأومأ بيده إلى جبل فقال له إبراهيم عليه السلام : هل لك أن تذهب بي معك فأبيت عندك الليلة؟ فقال : إن قدامي ماء لا يخاض ، قال : كيف تصنع؟ قال : أمشي عليه ، قال : فاذهب بي معك فلعل الله أن يرزقني ما رزقك.
قال : فأخذ العابد بيده فمضيا جميعا حتى انتهيا إلى الماء فمشى ومشى إبراهيم عليه السلام معه ، حتى انتهيا إلى منزله ، فقال له إبراهيم : أي الايام أعظم؟ فقال له العابد : يوم الدين : يوم يدان الناس بعضهم من بعض ، قال : فهل لك أن ترفع يدك وأرفع يدي ، فندعو الله عزوجل أن يؤمننا من شر ذلك اليوم؟ فقال : وما تصنع بدعوتي فوالله إن لي لدعوة منذ ثلاث سنين ما أجبت فيها بشئ.
فقال له إبراهيم عليه السلام : أولا اخبرك لاي شئ احتبست دعوتك؟ قال : بلى قال له : إن الله عزوجل إذا أحب عبدا احتبس دعوته ليناجيه ويسأله ، ويطلب إليه ، وإذا أبغض عبدا عجل له دعوته أو ألقى في قلبه اليأس منها ، ثم قال له : وما كانت دعوتك؟ قال : مربي غنم ومعه غلام له ذؤابة ، فقلت : يا غلام لمن هذا الغنم؟ فقال : لابراهيم خليل الرحمن ، فقلت : اللهم إن كان لك في الارض خليل فأرنيه فقال له إبراهيم عليه السلام : فقد استجاب الله لك ، أنا إبراهيم خليل الرحمن ، فعانقه. فلما بعث الله محمدا صلىاللهعليهوآله جائت المصافحة (١).
دعوات الراوندى : مرسلا مثله.
__________________
(١) امالى الصدوق ص ١٧٨.
أقول : قد مضى بعض الاخبار في باب من دعا استجيب له.
٦ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن عمر بن يزيد ، عن أبي عبدالله عليه الصلاة والسلام قال : إن رجلا كان في بني إسرائيل قد دعا الله أن يرزقه غلاما يدعو ثلاثا وثلاثين سنة فلما رأى أن الله تعالى لا يجيبه قال : يارب أبعيد أنا منك فلا تسمع مني أم قريب أنت فلا تجيبني؟ فأتاه آت في منامه فقال له : إنك تدعو الله بلسان بذي وقلب غلق [ عات ] غير نقي وبنية غير صادقة ، فاقلع من بذائك ، وليتق الله قلبك ، ولتحسن نيتك قال : ففعل الرجل ذلك فدعا الله عزوجل فولد له غلام.
٧ ـ ضا : إن الله يؤخر إجابة المؤمن شوقا إلى دعائه ، ويقول : صوت أحب أن أسمعه ، ويعجل إجابة دعاء المنافق ، ويقول : صوت أكره سماعه.
٨ ـ مكا : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله كره إلحاح الناس بعضهم لبعض في المسألة وأحب ، لنفسه إن الله يحب أن يسأل ويطلب ماعنده (١).
وقال عليه السلام : لا يلح عبد مؤمن على الله تعالى في حاجة إلا قضاله (٢).
وقال النبي صلىاللهعليهوآله : رحم الله عبدا طلب من الله حاجته وألح في الدعاء استجيب له أم لم يستجب ، وتلاهذه الآية « أدعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا » (٣).
٩ ـ مكا : يستحب للداعي عزيمة المسألة لقول النبي صلىاللهعليهوآله لا يقل أحدكم اللهم اغفرلي إن شئت ، اللهم ارحمني إن شئت ، وليعزم المسألة فانه لا يكره له ، وإذا استجاب الله دعاء الداعي فليقل : الحمد لله الذي بعزته تتم الصالحات ، وإذا أبطأ عليه الاجابة فليقل : الحمد لله على كل حال ، ويكره للداعي استبطاء الاجابة وليكن مواظبا على الدعاء والمسألة ، لا يسأم الانسان منهما ، لقول النبي صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) مكارم الاخلاق ص ٣١٤.
(٢) مكارم الاخلاق ص ٣١٣.
(٣) مكارم الاخلاق ٣١٥ ، والاية في سورة مريم : ٤٨.
يستجاب للعبد مالم يعجل ، يقول قد دعوت فلم يستجب لي (١).
١٠ ـ محص : عن أبي الحسن الاحمسي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الله ليتعهد عبده المؤمن بأنواع البلاء كما يتعهد أهل البيت سيدهم بطرف الطعام ، قال الله تعالى : وعزتي وجلالي وعظمتي وبهائي إني لاحمي وليي أن اعطيه في دار الدنيا شيئا يشغله عن ذكري حتى يدعوني فأسمع صوته ، وإني لاعطي الكافر منيته حتى لا يدعوني فأسمع صوته بغضا له.
١١ ـ محص : عن عمار بن مروان ، عن بعض ولد أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله إذا أحب عبدا غته بالبلاء غتا وثجه به ثجا (٢) فاذا دعاه قال : لبيك عبدي لبيك ، لئن عجلت ما سألت إني على ذلك لقادر ، ولئن أخرت فما ذخرت لك عبدي خير لك.
١٢ ـ محص : عن اسحاق بن عمار قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : إن الرب ليلي حساب المؤمن فيقول : تعرف هذا الحساب؟ فيقول : لا يا رب فيقول : دعوتني في ليلة كذا وكذا في كذاوكذا ، فذخرتها لك ، قال : فمما يرى من عظمة ثواب الله يقول : يا رب ليت إنك لم تكن عجلت لي شيئا وادخرته لي.
١٣ ـ محص : عن سفيان بن السمط ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه وتعهده بالبلاء ، كما يتعهد المريض أهله بالطرف ، ووكل به ملكين فقال لهما : اسقما بدنه ، وضيقا معيشته ، وعوقا عليه مطالبه ، حتى يدعوني فاني احب صوته ، فاذا دعا قال : اكتبا لعبدي ثواب ماسألني وضاعفا له حتى يأتيني ، وماعندي خيرله ، فاذا أبغض عبدا وكل به ملكين ، فقال : أصحا بدنه ووسعا عليه في رزقه ، وسهلا له مطلبه ، وأنسياه ذكري ، فاني ابغض صوته حتى يأتيني ، وما عندي شر له.
١٤ ـ الدعوات للراوندى : روي أن رجلا أتى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : ادع الله
__________________
(١) مكارم الاخلاق ص ٤٠٥.
(٢) غته : اى غطه وغمره في البلاء ، وثجه : أى أمطره وأسله عليه.
أن يستجيب دعائي ، فقال صلىاللهعليهوآله : إذا أردت ذلك فأطب كسبك.
وروي أن موسى عليه السلام رأى رجلا يتضرع تضرعا عظيما ، ويدعو رافعا يديه ويبتهل فأوحى الله إلى موسى : لوفعل كذا وكذا لما استجبت دعاءه ، لان في بطنه حراما ، وعلى ظهره حراما ، وفي بيته حراما.
وقال الصادق عليه السلام : يقول الله : وعزتي وجلالي لا اجيب دعوة مظلوم دعاني في مظلمة ، ولاحد من خلقي عنده مظلمة مثلها ، وقال أمير المؤمنين عليه السلام : ربما اخرت من العبد إجابة الدعاء ، ليكون أعظم لاجر السائل ، وأجزل لعطاء الآمل.
١٥ ـ نهج : قال عليه السلام : الداعي بلا عمل كالرامي بلاوتر (١).
١٦ ـ عدة الداعى : عن أبي محمد العسكري عليه السلام قال : ادفع المسألة ما وجدت التحمل يمكنك فان لكل يوم رزقا جديدا ، واعلم أن الالحاح في المطالب يسلب البهاء ، ويورث التعب والعناء ، فاصبر حتى يفتح الله لك بابا يسهل الدخول فيه ، فما أقرب الصنع من الملهوف ، والامن من الهارب المخوف ، فربما كانت الغير نوعا من أدب الله ، وللحظوظ مراتب ، فلا تعجل على ثمرة لم تدرك ، فانما تنالها في أوانها.
واعلم أن المدبر لك أعلم بالوقت الذي يصلح حالك فيه فثق بخيرته في جميع أمورك يصلح حالك ، ولاتعجل بحوائجك قبل وقتها ، فيضيق قلبك وصدرك ويغشاك القنوط.
واعلم أن للحياء مقدارا فان زاد عليه فهو سرف ، وإن للحزم مقدارا فان زاد عليه فهو تهور ، واحذر كل ذكي ساكن الطرف ولو عقل أهل الدنيا خربت.
قال ابن فهد رحمه الله : دل الحديث على أن العقل السليم يقتضي تخريب الدنيا ، وعدم الاعتناء بها ، فمن عني بها أو عمرها دل ذلك على أنه لاعقل له.
وعن النبي صلىاللهعليهوآله : من أحب أن يستجاب دعاؤه فليطيب مطعمه ومكسبه.
__________________
(١) نهج البلاغه الرقم ص ٣٣٧ من قسم الحكم.
وقال صلىاللهعليهوآله لمن قال له : احب أن يستجاب دعائي : طهر مأكلك ولا تدخل بطنك الحرام.
وفي الحديث القدسي : فمنك الدعاء وعلى الاجابة فلا تحجب عني دعوة إلا دعوة آكل الحرام.
وروى علي بن أسباط ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من سره أن يستجاب دعاؤه فليطيب كسبه.
وقال عليه السلام : ترك لقمة حرام أحب إلى الله تعالى من صلاة ألفي ركعة تطوعا.
وعنه عليه السلام : رد دانق حرام يعدل عند الله سبعين حجة مبرورة.
وعنهم عليهم السلام : فيما وعظ الله به عيسى عليه السلام : يا عيسى قل لظلمة بني إسرائيل : غسلتم وجوهكم ، ودنستم قلوبكم ، أبي تغترون؟ أم على تجترؤن؟ تتطيبون الطيب لاهل الدنيا وأجوافكم عندي بمنزلة الجيف المنتنة ، كأنكم أقوام ميتون يا عيسى قل لهم : قلموا أظفاركم من كسب الحرام ، وأصموا أسماعكم عن ذكر الخنا ، وأقبلوا علي بقلوبكم فاني لست اريد صوركم ، ياعيسى قل لظلمة بني إسرائيل : لا تدعوني والسحت تحت أقدامكم ، والاصنام في بيوتكم ، فاني آليت أن اجيب من دعاني : وإن إجابتي إياهم لعن لهم حتى يتفرقوا (١).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : أوحى الله إلى عيسى عليه السلام : قل لبني إسرائيل : لا تدخلوا بيتا من بيوتي إلا بأبصار خاشعة ، وقلوب طاهرة وأيد نقية ، وأخبرهم أني لا أستجيب لاحد منهم دعوة ولاحد من خلقي عليه مظلمة (٢).
وفي الوحي القديم : لا تمل من الدعاء فاني لا أمل من الاجابة.
وروى عبدالعزيز الطويل ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن العبد إذا دعا لم يزل الله في حاجته مالم يستعجل.
__________________
(١) عدة الداعى ص ١٠٢.
(٢) عدة الداعى ص ١٠٣.
وعنه عليه السلام : إن العبد إذا عجل فقال لحاجته : يقول الله تعالى : استعجل عبدي ، أتراه يظن أن حوائجه بيد غيري.
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الله يحب السائل اللحوح.
وروى الوليد بن عقبة الهجري قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : والله لا يلح عبد مؤمن على الله في حاجة إلا قضاها له.
وروى أبوالصباح ، عن أبي عبدالله عليه السلام : إن الله كره إلحاح الناس بعضهم على بعض في المسألة ، وأحب ذلك لنفسه إن الله يحب أن يسأل ويطلب ما عنده.
وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال : قلت لابي الحسن عليه السلام : جعلت فداك إني قد سألت الله تعالى حاجة منذ كذا وكذا سنة ، وقد دخل قلبي من إبطائها شئ ، فقال له : يا أحمد إياك والشيطان أن يكون له عليك سبيل ، حتى يقنطك ، إن أبا جعفر عليه السلام كان يقول : إن المؤمن ليسأل الله حاجة فيؤخر عنه تعجيل إجابته حبا لصوته واستماع نحيبه ، ثم قال : والله ما أخر الله عن المؤمنين ما يطلبون في هذه الدنيا خير لهم مما عجل لهم فيها ، وأي شئ الدنيا.
وعن الصادق عليه السلام إن العبد الولي لله يدعو الله في الامر ينوبه فيقال للملك الموكل به : اقض لبعدي حاجته ولا تعجلها ، فاني أشتهي أن أسمع نداءه وصوته وإن العبد العدو لله ليدعو الله في الامر ينوبه فيقال للملك الموكل به : اقض لعبدي حاجته وعجلها فاني أكره أن أسمع نداءه وصوته ، قال : فيقول الناس : ما اعطي هذا إلا لكرامته ، وما منع هذا إلا لهوانه!
وعنه عليه السلام : لا يزال المؤمن بخير ورخاة ورحمة من الله مالم يستعجل فيقنط ، فيترك الدعاء ، قلت له : كيف يستعجل : قال : يقول : قد دعوت منذ كذا وكذا ، ولا أرى الاجابة.
وعنه عليه السلام : إن المؤمن ليدعو الله في حاجته فيقول عزوجل : أخروا إجابته شوقا إلى صوته ودعائه ، فاذا كان يوم القيامة قال الله : عبدي دعوتني وأخرت إجابتك وثوابك كذا وكذا ، ودعوتني في كذا وكذا فأخرت إجابتك وثوابك كذا ، قال :
فيتمنى المؤمن أنه لم يستجب له دعوة في الدنيا مما يرى من حسن الثواب.
وعنه عليه السلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : رحم الله عبدا طلب من الله حاجة فألخ في الدعاء استجيب له أولم يستجب له ، وتلاهذه الآية « وأدعو ربي عسى أن لا أكون بدعا ربي شقيا » (١).
وقال كعب الاحبار : في التوراة : يا موسى من أحبني لم ينسني ومن رجا معروفي ألح في مسألتي يا موسى إني لست بغافل عن خلقي ولكن أحب أن تسمع ملائكتي ضجيج الدعاء من عبادي ، وترى حفظتي تقرب بني آدم إلى بما أنا مقويهم عليه ومسببه لهم ، يا موسى قل لبني إسرائيل : لا تبطرنكم النعمة فيعا جلكم السلب ، ولا تغفلوا عن الشكر فيقارعكم الذل ، وألحوا في الدعاء تشملكم الرحمة بالاجابة وتهنئكم العافية.
وعن الباقر عليه السلام : لا يلح عبد مؤمن على الله في حاجته إلا قضاها له.
وعن منصور الصيقل قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : ربما دعا الرجل فاستجيب له ، ثم اخر ذلك إلى حين؟ قال : فقال : نعم ، قلت : ولم ذلك ليزداد من الدعاء؟ قال : نعم.
وعن إسحاق عمار قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : يستجاب للرجل الدعاء ثم يؤخر قال : نعم عشرون سنة.
وعن هشام بن سالم عنه عليه السلام قال : كان بين قول الله عزوجل : « قد اجيبت دعوتكما » وبين أخذ فرعون أربعون عاما.
وعن أبي بصير عنه عليه السلام : إن المؤمن [ ليدعو ] فيوخربا جابته إلى يوم الجمعة.
وعن النبي صلىاللهعليهوآله : إن العبد ليقول : اللهم اغفرلي وهو معرض عنه ، ثم يقول : اللهم اغفرلي وهو معرض عنه ، ثم يقول اللهم اغفرلي فيقول سبحانه للملائكة : ألا ترون عبدي سألني المغفرة وأنا معرض عنه ، ثم سألني المغفرة وأنا معرض عنه ثم سألني المغفرة؟ علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب إلا أنا أشهدكم أني
__________________
(١) مريم : ٤٨.
قد غفرت له.
وعن أبي جعفر عليه السلام قال : إن العبد ليسأل الله حاجة من حوائج الدنيا فيكون من شأن الله تعالى قضاؤها إلى أجل قريب أوبطئ ، فيذنب العبد عند ذلك الوقت ذنبا فيقول للملك الموكل بحاجته لا تنجزها له ، فانه قد تعرض لسخطي استوجب الحرمان مني.
وفي الحديث القدسي : يا ابن آدم أنا غني لا أفتقر ، أطعني فيما أمرتك أجعلك عنيا لا تفتقر ، يا ابن آدم أنا حي لا أموت ، أطعني فيما أمرتك أجعلك حيا تموت يا ابن آدم أنا أقول للشئ كن فيكون ، أطعني فيما أمرتك أجعلك تقول للشئ كن فيكون.
وعن أبي حمزة قال : إن الله أوحى إلى داود عليه السلام : يا داود إنه ليس عبد من عبادي يطيعني فيما آمره إلا أعطيته قبل أن يسألني ، وأستجيب له قبل أن يدعوني.
وعنه عن أبى جعفر عليه السلام قال : إن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام أن أبلغ قومك أنه ليس من عبد منهم آمره بطاعتي فيطيعني إلا كان حقا علي أن اطيعه واعينه على طاعتي ، وإن سألني أعطيته ، وإن دعاني أجبته ، وإن اعتصم بي عصمته وإن استكفاني كفيته ، وإن توكل علي حفظته من وراء عورته ، وإن كاده جميع خلقي كنت دونه.
١٧ ـ دعائم الدين : روي في كتاب التنبيه عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه خطب في يوم جمعة خطبة بليغة فقال في آخرها : أيها الناس سبع مصائب عظام نعوذ بالله منها : عالم زل وعابد مل ، ومؤمن خل ، ومؤتمن غل ، وغني أقل ، وعزيز ذل ، وفقير اعتل.
فقام إليه رجل فقال : صدقت يا أمير المؤمنين أنت ألقبلة إذا ما ضللنا ، والنور إذا ما أظلمنا ، ولكن نسألك عن قول الله تعالى « ادعوني أستجب لكم » فما بالنا ندعو فلا يجاب؟ قال : إن قلوبكم خانت بثمان خصال :
أولها أنكم عرفتم الله فلم تؤدوا حقه كما أوجب عليكم ، فما أغنت عنكم معرفتكم شيئا ، والثانية أنكم آمنتم برسوله ثم خالفتم سنته وأمتم شريعته ، فأين ثمرة إيمانكم ، والثالثة أنكم قرأتم كتابه المنزل عليكم ، فلم تعلموا به ، وقلتم سمعنا وأطعنا ، ثم خالفتم ، والرابعة أنكم قلتم أنكم تخافون من النار ، وأنتم في كل وقت تقدمون إليها بمعاصيكم فأين خوفكم؟ والخامسة أنكم قلتم أنكم ترغبون في الجنة وأنتم في كل وقت تفعولن ما يباعدكم منها ، فأين رغبتكم فيها؟ والسادسة أنكم أكلتم نعمة المولى ولم تشكروا عليها ، والسابعة أن الله أمركم بعداوة الشيطان وقال « إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا » (١) فعاديتموه بلاقول ، وواليتموه بلامخالفة (٢) والثامنة أنكم جعلتم عيون الناس نصب عيونكم ، وعيوبكم وراء ظهوركم ، تلومون من أنتم أحق باللوم منه ، فأي دعاء يستجاب لكم مع هذا؟ وقد سددتم أبوابه وطرقه؟ فاتقوا الله وأصلحوا أعمالكم ، وأخلصوا سرائركم وأمروا بالمعروف ، وانهوا عن المنكر فسيتجيب الله لكم دعاء كم.
١٨ ـ تم ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن ابن محبوب عن عمربن يزيد قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إن رجلا كان في بني إسرائيل فدعا الله أن يرزقه غلاما يدعو ثلاث سنين فلما رأى أن الله لا يجيبه قال : يارب أبعيد أنا منك فلا تسمعني؟ أم قريب أنت مني فلم لا تجيبني؟ قال : فأتاه آت في منامه فقال له : إنك تدعو الله منذ ثلاث سنين بلسان بذي ، وقلب عات غير نقي ونيه غير صادقة ، فاقلع عن بذائك ، وليتق الله قلبك ، ولتحسن نيتك ، قال : ففعل الرجل ذلك ثم دعا الله فولدله غلام (٣).
١٩ ـ تم : بهذا الاسناد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن العبد يسأل الله تبارك وتعالى الحاجة من حوائج
__________________
(١) فاطر ص ٦.
(٢) كذا في نسخة الاصل بخطه قدس سره مكتوبا على السطر كذا ، والظاهر : « فعاديتموه بالقول : وواليتموه بالمخالفة ».
(٣) فلاح السائل ص ٣٧.
الدنيا : فيكون من شأن الله قضاؤها إلى أجل قريب ، أو وقت بطئ ، قال : فيذنب العبد عند ذلك الوقت ذنبا قال : فيقول للملك الموكل بحاجته : لا تنجز له حاجته ، واحرمه إياها ، فانه قد تعرض لسخطي ، واستوجب الحرمان مني (١).
٢٠ ـ تم : الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسين بن عثمان ، وغير واحد من أصحابه ، عن أبي عبدالله وأبي جعفر عليهما السلام أنهما قالا : والله لا يلح عبد مؤمن على الله إلا استجاب له (٢).
٢١ ـ تم : روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : لتأمرن بالمعروف ، ولتنهن عن المنكر ، أو ليسلطن الله شراركم على خياركم ، فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم ، ومن تاريخ الخطيب باسناده قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : سألت الله أن لا يستجيب دعاء حبيب على حبيبه.
وروي في خبر ليلة النصف من شعبان وغيره أنه يستجاب الدعاء فيها إلا لقاطع رحم أو في قطيعة رحم.
٢٢ ـ جع : قال النبي صلىاللهعليهوآله : إن الله يحب الملحين في الدعاء (٣).
وقال صلىاللهعليهوآله : ما من مسلم يدعو الله بدعاء إلا يستجيب له فإما أن يعجل في الدنيا وإما أن يدخر للآخرة وإما أن يكفر من ذنوبه.
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن المؤمن ليدعو في حاجته فيقول الله : أخروا حاجته ، شوقا إلى دعائه ، فاذا كان يوم القيامة يقول الله : عبدي دعوتني في كذا فأخرت إجابتك في ثوابك كذا ، ودعوتني في كذا فأخرت إجابتك في ثوابك ، قال : فيتمنى المؤمن أنه لم يستجب له دعوة في الدنيا لما يرى من حسن ثوابه (٤).
وروي عن جابر بن عبدالله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن العبد ليدعو الله
__________________
(١) فلاح السائل ص ٣٨.
(٢) فلاح السائل ص ٤٢.
(٣) جامع الاخبار ص ١٥٣.
(٤) جامع الاخبار ص ١٥٥.
وهو يحبه فيقول : يا جبرئيل اقض لعبدي هذا حاجته وأخرها فاني احب أن لا أزال أسمع صوته.
٢٣ ـ ختص : الصدوق ، عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم قال : قلت الصادق ، عليه السلام : يا ابن رسول الله ، ما بال المؤمن إذا دعا ربما استجيب له وربما لم يستجب له ، وقد قال الله عزوجل : « وقال ربكم ادعوني أستجب لكم » (١).
فقال عليه السلام : إن العبد إدا دعا الله تبارك وتعالى بنية صادقة ، وقلب مخلص استجيب له بعد وفائه بعهد الله عزوجل وإذا دعا الله بغير نية وإخلاص لم يستجب له أليس الله يقول : « أوفوا بعهدي اوف بعهدكم » فمن وفى وفي له (٢).
٢٥
* ( باب ) *
* « ( التقدم في الدعاء والدعاء عند الشدة والرخاء ) » *
* « ( وفى جميع الاحوال ) » *
الايات : يونس : وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأنه لم يدعنا إل ضر مسه كذلك زين المسرفين ما كانوا يعملون (٣).
وقال تعالى : وجائهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين أئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين * فلما أنجيهم إذاهم يبغون في الارض بغير الحق (٤).
__________________
(١) المؤمن : ٦٠.
(٢) الاختصاص ٢٤٢ ، والاية في سورة البقرة : ٤٠.
(٣) يونس : ١٢.
(٤) يونس : ٢٢.
الروم : وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بريهم يشركون (١).
لقمن : وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجيهم إلى البر فمنهم مقتصد ومايجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور (٢).
الزمر : وإذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة نسي ما كان يدعو إليه من قبل (٣).
وقال تعالى : فإذا مس الانسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما اوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون (٤).
السجدة : لا يسألم الانسان من دعاء الخيرو إن مسه الشر فيؤس قنوط إلى قوله تعالى : وإذا أنعمنا على الانسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض (٥).
١ ـ ل : الاربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام : تقدموا بالدعاء قبل نزول البلاء (٦).
٢ ـ لى : أبي ، عن سعد ، عن الخشاب ، عن غياث بن كلوب ، عن إسحاق عن أبي عبدالله ، عن آبائه عليهم السلام أن عليا صلى الله عليه كان يقول : مامن أحد ابتلي وإن عظمت بلواه بأحق بالدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء (٧).
٣ ـ لى : ما جيلويه ، عن عمه ، عن البرفي عن أبيه ، عن عباد بن يعقوب عن الحسين بن زيد ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما من
__________________
(١) الروم : ٣٣.
(٢) لقمان : ٣٢.
(٣) الزمر : ٨.
(٤) الزمر : ٤٩.
(٥) السجدة : ٤٩ ٥١.
(٦) الخصال ج ٢ ص ١٥٩.
(٧) أمالى الصدوق ص ١٥٩.