بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

بني إسرائيل فنظر إلى أغنيائهم قد لبسوا المسوح ، وجعلوا التراب على رؤوسهم وهم قيام على أرجلهم تجري دموعهم على خدودهم ، فبكى رحمة لهم فقال : إلهي هؤلاء بنو إسرائيل حنوا إليك حنين الحمام وعووا عوى الذباب ، ونبحوا نباح الكلاب ، فأوحى الله إليه : ولم ذاك لان خزانتي قد نفدت؟ أم لان ذات يدي قد الكلاب ، فأوحى الله إليه : ولم ذاك لان خزانتي قد نفدت؟ أم لان ذات يدي قد قلت؟ أم لست أرحم الراحمين؟ ولكن أعلمهم أني عليم بذات الصدور ، يدعونني وقلوبهم غائبة عني مائلة إلى الدنيا.

ورأينا في كتاب الادعية المروية من الحضرة النبوية للسمعانى باسناده المتصل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : ادعوا الله وأنتم موقنون بالاجابة ، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.

ورويناه باسنادنا إلى ابن عقدة باسناده عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال : إذا أراد أحدكم أن يستجاب له فليطيب كسبه ، وليخرح من مظالم الناس ، وإن الله لا يرفع إليه دعاء عبد وفي بطنه حرام ، أوعنده مظلمة لاحد من خلقه.

وفي كتاب الادعية للسمعاني عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما معناه : إذا كان الداعي مطعمه حراما وغذى بحرام فأنى يستجاب لذلك.

ووجدت في بعض الكتب عن أبي الحسين رفعه إلى الصادق عليه السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال الله سبحانه : إني لاستحيي من عبد يرفع يده وفيها خاتم فيروزج فأردها خائبة.

ومن كتاب فضل العقيق لقريش بن مهنا العلوي بالاسناد إلى أبي عبدالله عليه السلام أنه قال : ما رفعت كف إلى الله عزوجل أحب إليه من كف فيها خاتم عقيق.

٣٣ ـ سن : في رواية هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال : إذا قال العبد : لا حول ولا قوة إلا بالله ، قال الله عزوجل للملائكة : استسلم عبدي اقضوا حاجته (١).

__________________

(١) المحاسن ص ٤٢.

٣٢١

٣٣ ـ سن : يحيى بن أبي بكر ، عن بعض أصحابه قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : إذا قال العبد : ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله ، قال الله : ملائكتي استسلم عبدي أعينوه أدركوه اقضوا حاجته (١).

٣٤ ـ صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن موسى بن عمران سأل ربه ورفع يديه ، فقال : يا رب أبعيد أنت فاناديك أم قريب أنت فاناجيك؟ فأوحى الله تعالى إليه : يا موسى أنا جليس من ذكرني (٢).

٣٥ ـ ضا : أفضل الدعاء الصلاة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والدعاء لاخوانك المؤمنين ، ثم الدعاء لنفسك بما أحببت.

٣٦ ـ مص : قال الصادق عليه السلام : احفظ آداب الدعاء ، وانظر من تدعو وكيف تدعو ، ولماذا تدعو؟ وحقق عظمة الله وكبرياءه ، وعاين بقلبك علمه بما في ضميرك ، واطلاعه على سرك ، وما يكن فيه من الحق والباطل ، واعرف طرق نجاتك وهلاكك ، كيلا تدعو الله بشئ منه هلاكك ، وأنت تظن فيه نجاتك ، قال الله عزوجل : « ويدعو الانسان بالشر دعاءه بالخير وكان الانسان عجولا » (٣).

وتفكر ماذا تسأل ، وكم تسأل ولما ذا تسأل؟ والدعاء استجابة الكل منك للحق وتذويب المهجة في مشاهدة الرب : وترك الاختيار جميعا ، وتسليم الامور كلها ظاهرا وباطنا إلى الله ، فان لم تأت بشرط الدعاء فلا تنتظر الاجابة ، فانه يعلم السر وأخفى ، فلعلك تدعوه بشئ قد علم من سرك خلاف ذلك ، قال بعض الصحابة لبعضهم : أنتم تنتظرون المطر بالدعاء وأنا أنتظر الحجر.

واعلم أنه لو لم يكن الله أمرنا بالدعاء لكنا إذا أخلصنا الدعاء تفضل علينا بالاجابة ، فكيف وقد ضمن ذلك لمن أتى بشرائط الدعاء.

وسئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن اسم الله الاعظم ، قال : كل اسم من أسماء الله أعظم ففرغ قلبك من كل ما سواه ، وادعه بأي اسم شئت ، فليس في الحقيقة لله اسم دون

__________________

(١) المحاسن ص ٤٢.

(٢) صحيفة الرضا عليه السلام ص ٧.

(٣) أسرى : ١٢.

٣٢٢

اسم ، بل هو الله الواحد القهار.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله لا يستجيب الدعاء من قلب لاه ، فاذا أتيت بما ذكرت لك من شرائط الدعاء ، وأخلصت بسرك لوجهه ، فأبشر باحدى الثلاث إما أن يعجل لك ما سألت ، وإما أن يدخر لك ما هو أعظم منه ، وإما أن يصرف عنك من البلاء ما إن لو أرسله عليك لهلكت.

قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : قال الله تعالى : من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين.

قال الصادق عليه السلام : لقد دعوت الله مرة فاستجاب ونسيت الحاجة لان استجابته باقباله على عبده عند دعوته أعظم وأجل مما يريد منه العبد ، ولو كانت الجنة ونعيمها الابد ، ولكن لا يعقل ذلك إلا العاملون المحبون العابدون العارفون صفوة الله وخاصته (١).

٣٧ ـ شى : عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله : « فليستجيبوا لى وليؤمنوا بي » (٢) يعلمون أني أقدر على اعطيهم ما يسألوني (٣).

٣٨ ـ مكا : عن الصادق عليه السلام قال : ما أبرز عبد يده إلى الله العزيز الجبار عزوجل إلا استحيى الله عزوجل أن يردها صفرا حتى يجعل فيها من فضل رحمته ما يشاء ، فاذا دعا أحدكم فلا يرد يده حتى يمسحها على رأسه ووجهه (٤).

عدة الداعى : روى ابن القداح عنه عليه السلام مثله.

٣٩ ـ مكا : عن الرضا عليه السلام قال : دعوة العبد سرا دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية.

وعن الصادق عليه السلام قال : إن الله لا يستجيب دعاء بظهر قلب ساه ، فاذا دعوت فأقبل بقلبك ثم استيقن الاجابة (٥).

__________________

(١) مصباح الشريعة : ١٤ و ١٥

(٢) البقرة : ١٨٦.

(٣) تفسير العياشى ج ١ ص ٨٣.

(٤) مكارم الاخلاق ص ٣١٣.

(٥) مكارم الاخلاق ص ٣١٤.

٣٢٣

١٨

( باب )

* « ( المنع عن سؤال مالا يحل ومالا يكون ومنع الدعاء ) » *

* « ( على الظالم وسائر مالا ينبغى من الدعاء ) » *

الايات : الاعراف : إنه لا يحب المعتدين (١).

هود : فلا تسئلن ماليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين * قال رب إني أعوذبك أن أسئلك ما ليس لي به علم وإن لا تغفرلي وترحمني أكن من الخاسرين (٢).

أسرى : ويدعو الانسان بالشر دعاءه بالخير وكان الانسان عجولا (٣).

النمل : قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة (٤).

١ ـ ل : الاربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام : يا صاحب الدعاء لا تسأل مالا يكون ولا يحل (٥).

٢ ـ ما ، مع (٦) لى : في خبر الشيخ الشامي : أنه سأل أمير المؤمنين عليه السلام أي دعوة أضل؟ قال : الداعي بما لا يكون (٧).

٣ ـ لى : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن القاسم ، عن جده ، عن الصادق عليه السلام قال : إذا ظلم الرجل فظل يدعو على صاحبه قال الله جل جلاله : إن ههنا آخر يدعو عليك ، يزعم أنك ظلمته ، فان شئت أجبتك وأجبت عليك ، وإن

__________________

(١) الاعراف : ٥٥.

(٢) هود : ٤٦.

(٣) أسرى : ١١.

(٤) النمل : ٤٦.

(٥) الخصال ج ٢ ص ١٦٩.

(٦) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٥٠ ، معانى الاخبار ١٩٨.

(٧) أمالى الصدوق ص ٢٣٧.

٣٢٤

شئت أخرتكما فتوسعكما عفوي (١).

٤ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن هشام ابن سالم عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن العبد ليكون مظلوما فمازال يدعو حتى يكون ظالما (٢).

٥ ـ شى : عن عبدالرحمان بن أبي نجران قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله « ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضهم على بعض » (٣) قال : لا يتمنى الرجل امرأة الرجل ، ولا ابنته ، ولكن يتمنى مثلها (٤).

٦ ـ نبه : عن علي عليه السلام قلت : اللهم لا تحوجني إلى أحد من خلقك ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي لا تقولن هكذا فليس من أحد إلا وهو محتاج إلى الناس قال : فقلت : كيف يا رسول الله ، قال : قل : اللهم لا تحوجني إلى شرار خلقك ، قلت : يا رسول الله ومن شرار خلقه؟ قال : الذين إذا اعطوا منعوا ، وإذا منعوا عابوا.

٧ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن عبدالله بن محمد بن عبيد بن ياسين ، عن أبي الحسن الثالث ، عن آبائه عليهم السلام قال : سمع أمير المؤمنين عليه السلام رجلا يقول : اللهم إني أعوذبك من الفتنة قال عليه السلام : أراك تتعوذ من مالك وولدك ، يقول الله تعالى : « إنما أموالكم وأولادكم فتنة » (٥) ولكن قل : اللهم إني أعوذبك من مضلات الفتن (٦).

٨ ـ ما : أحمد بن عبدون ، عن علي بن محمد بن الزبير ، عن علي بن الحسن ابن فضال ، عن العباس بن عامر ، عن علي بن معمر ، عن رجل جعفي فقال :

__________________

(١) أمالى الطوسى ص ١٩١.

(٢) ثواب الاعمال ص ٢٤٤.

(٣) النساء : ٣٢.

(٤) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٣٩.

(٥) الانفال : ٢٥ ، والتغابن : ١٥.

(٦) امالى الطوسى ج ٢ ص ١٩٣.

٣٢٥

كنا عند أبي عبدالله عليه السلام فقال رجل : اللهم إني أسألك رزقا طيبا قال : فقال أبوعبدالله عليه السلام : هيهات هيهات هذا قوت الانبياء ، ولكن سل رزقا لا يعذبك عليه يوم القيامة ، هيهات إن الله يقول : « يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا » (١).

٩ ـ ما : الغضائري ، عن التلعكبري ، عن محمد بن همام ، عن الحميري ، عن الطيالسي ، عن زريق الخلقاني ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : تمنوا الفتنة ، ففيها هلاك الجبابرة ، وطهارة الارض من الفسقة (٢).

١٠ ـ الدعوات للراوندى : في التوراة يقول الله عزوجل للعبد ، إنك متى ظللت تدعوني على عبد من عبيدي من أجل أنه ظلمك ، فلك من عبيدي من يدعو عليك من أجل أنك ظلمته ، فان شئت أجبتك وأجبته فيك ، وإن شئت أخرتكما إلى يوم القيامة.

وروي أن الله أوحى إلى نبي من الانبياء في الزمن الاول أن لرجل في امته ثلاث دعوات مستجابة ، فأخبره بذلك ، فانصرف من عنده إلى بيته ، وأخبر زوجته بذلك ، فألحت عليه أن يجعل دعوة لها فرضي فقالت : سل الله أن يجعلني أجمل نساء الزمان ، فدعا الرجل فصارت كذلك ، ثم إنها لما رأت رغبة الملوك والشبان المتنعمين فيها متوفرة ، زهدت في زوجها الشيخ الفقير وجعلت تغالظه وتخاشنه وهو يداريها ، ولا يكاد يطيقها ، فدعا الله أن يجعلها كلبة ، فصارت كذلك ، ثم اجتمع أولادها يقولون : يا أبت إن الناس يعيرون أن امنا كلبة نابحة ، وجعلوا ويسألونه أن يدعو الله أن يجعلها كما كانت ، فدعا الله تعالى فصيرها مثل الذي كانت في الحالة الاولى فذهبت الدعوات الثلاث ضياعا.

وعن ربيعة بن كعب قال : قال لي ذات يوم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا ربيعة خدمتني سبع سنين ، أفلا تسألني حاجة؟ فقلت : يا رسول الله أمهلني حتى افكر ، فلما

__________________

(١) امالى الطوسى ج ٢ ص ٢٩١ ، والاية في سورة المؤمن : ٥١.

(٢) أمالى الطوسى ج ٢ ص ٣١١.

٣٢٦

أصبحت ودخلت عليه ، قال لي : يا ربيعة هات حاجتك ، فقلت : تسأل الله أن يدخلني معك الجنة ، فقال لي : من علمك هذا؟ فقلت : يا رسول الله ما علمني أحد لكني فكرت في نفسي وقلت : إن سألته مالا كان إلى نفاد ، وإن سألته عمرا طويلا وأولادا كان عاقبتهم الموت ، قال ربيعة : فنكس رأسه ساعة ثم قال : أفعل ذلك فأعني بكثرة السجود ، قال : وسمعته يقول : ستكون بعدي فتنة ، فاذا كان ذلك فالتزموا علي بن أبي طالب عليه السلام الخبر بتمامه.

وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا سئل شيئا فاذا أراد أن يفعله قال : نعم ، وإذا أراد أن لا يفعل سكت ، وكان لا يقول لشئ : لا ، فأتاه أعرابى فسأله فسكت ، ثم سأله فسكت ، ثم سأله فسكت ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله كهيئة المسترسل : ماشئت يا أعرابي؟ فقلنا : الآن يسأل الجنة ، فقال الاعرابي : أسألك ناقة ورحلها وزادا ، قال : لك ذلك ، ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : كم بين مسألة الاعرابي وعجوز بنى إسرائيل ، ثم قال : إن موسى لما امر أن يقطع البحر فانتهى إليه وضربت وجوه الدواب رجعت ، فقال موسى : يا رب مالي؟ قال : يا موسى إنك عند قبر يوسف فاحمل عظامه ، وقد استوى القبر بالارض ، فسأل موسى قومه : هل يدري أحد منكم أين هو؟ قالوا : عجوز لعلها تعلم ، فقال لها : هل تعلمين؟ قالت : نعم ، قال : فدلينا عليه ، قالت : لا والله حتى تعطيني ما أسألك ، قال : ذلك لك قال : فاني أسألك أن أكون معك في الدرجة التي تكون في الجنة ، قال : سلي الجنة قالت : لا والله إلا أن أكون معك ، فجعل موسى يراود فأوحى الله إليه : أن أعطها ذلك ، فانها لا تنقصك ، فأعطاها ودلته على القبر.

١١ ـ عدة الداعى : قال أمير المؤمنين عليه السلام : من سأل فوق قدرة استحق الحرمان.

٣٢٧

١٩

( باب )

* « ( فضل البكاء وذم جمود العين ) » *

الايات : المائدة : وإذا سمعوا ما انزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق (١).

١ ـ لى : ابن موسى ، عن الاسدي ، عن سهل ، عن عبدالعظيم ، عن أبي الحسن العسكري عليه السلام قال : لما كلم الله عزوجل موسى بن عمران عليه السلام قال : موسى : إلهي ما جزاء من دمعت عيناه من خشيتك؟ قال : يا موسى أقي وجهه من حر النار ، واومنه يوم الفزع الاكبر (٢).

٢ ـ لى : ما جيلويه ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن اليقطيني ، عن أبي زكريا المؤمن ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أتى شبابا (٣) من الانصار ، فقال : إني اريد أن أقرأ عليكم فمن بكى فله الجنة فقرأ آخر الزمر « وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا » (٤) إلى آخر السورة فبكى القوم جميعا إلا شاب فقال : يا رسول الله قد تبا كيت فما قطرت عيني قال : إني معيد عليكم فمن تباكى فله الجنة قال : فأعاد عليهم فبكى القوم وتباكى الفتى فدخلوا الجنة جميعا (٥).

ثو : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن اليقطيني مثله (٦).

٣ ـ لى : في خبر المناهي قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا ومن ذرفت عيناه من خشية الله

__________________

(١) المائدة : ٨٣.

(٢) أمالى الصدوق ص ١٢٥.

(٣) الشباب بالفتح والتخفيف جمع الشاب.

(٤) الزمر : ٧١.

(٥) امالى الصدوق ص ٣٢٥.

(٦) ثواب الاعمال ص ١٤٥.

٣٢٨

كان له بكل قطرة قطرت من دموعه قصر في الجنة مكللا بالدر والجوهر ، فيه مالا عين رأيت ، ولا اذن سمعت ، ولاخطر على قلب بشر (١).

٤ ـ ن : المفسر ، عن أحمد بن الحسن الحسيني ، عن أبي محمد عن آبائه ، عن الصادق عليهم السلام قال : إن الرجل ليكون بينه وبين الجنة أكثر مما بين الثرى إلى العرش ، لكثرة ذنوبه ، فما هو إلا أن يبكي من خشية الله عزوجل ، ندما عليها حتى يصير بينه وبينها أقرب من جفنته إلى مقلته (٢).

٥ ـ ن : بهذا الاسناد قال : قال الصادق عليه السلام : كم ممن كثر ضحكه لا عبا يكثر يوم القيامة بكاؤه ، وكم ممن كثر بكاؤه على ذنبه خائفا يكثر يوم القيامة في الجنة سروره وضحكه (٣).

٦ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : ما من قطرة أحب إلى الله عزوجل من قطرتين : قطرة دم في سبيل الله ، وقطرة دمعة في سواد الليل لا يريد بها عبد إلا الله عزوجل (٤).

٧ ـ ل : ما جيلويه ، عن عمه ، عن هارون ، عن ابن زياد ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما السلام قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث منجيات : تكف لسانك ، وتبكي على خطيئتك ، وتلزم بيتك (٥).

٨ ـ ل : ابن المغيرة ، عن جده ، عن جده ، عن السكوني ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كل عين باكية يوم القيامة إلا ثلاثة أعين : عين بكت من خشية الله ، وعين غضت عن محارم الله وعين باتت ساهرة في سبيل الله (٦).

__________________

(١) امالى الصدوق ص ٢٥٩.

(٢ ـ ٣) عيون الاخبار ج ٢ ص ٣.

(٤) الخصال ج ١ ص ٢٦.

(٥) الخصال ج ١ ص ٤٢.

(٦) الخصال ج ١ ص ٤٨.

٣٢٩

ثو : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن هاشم ، عن ابن المغيرة ، عن السكوني مثله (١).

٩ ـ ل : فيما أوصى به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليه السلام : يا علي أربع خصال من الشقاء : جمود العين ، وقساوة القلب ، وبعد الامل ، وحب البقاء (٢).

١٠ ـ ل : ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من علامات الشقاء : جمود العين ، وقسوة القلب ، وشدة الحرص في طلب الرزق ، والاصرار على الذنب (٣).

١١ ـ ل : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن هاشم ، عن القداح عن الصادق ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : قال عيسى بن مريم عليه السلام : طوبى لمن كان صمته فكرا ، ونظره عبرا ، ووسعه بيته ، وبكى على خطيئته ، وسلم الناس من يده ولسانه (٤).

١٢ ـ ل : المظفر العلوي ، عن ابن العياشي ، عن أبيه ، عن الحسين بن إشكيب ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن أبي جميلة ، عن الحضرمي ، عن سلمة بن كهيل رفعه ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : سبعة في ظل عرش الله عزوجل يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله عزوجل ، ورجل تصدق بيمينه فأخفاه عن شماله ، ورجل ذكر الله عزوجل خاليا ففاضت عيناه من خشية الله ورجل لقي أخاه المؤمن فقال : إني لاحبك في الله عزوجل ، ورجل خرج من المسجد وفي نيته أن يرجع إليه ، ورجل دعته امرأة ذات جمال إلى نفسها فقال : إني أخاف الله رب العالمين (٥).

__________________

(١) ثواب الاعمال ص ١٦١.

(٢ ـ ٣) الخصال ج ١ ص ١١٥.

(٤) الخصال ج ١ ص ١٤٢.

(٥) الخصال ج ٢ ص ٢.

٣٣٠

أقول : قد مضى في الابواب الاخرى بإسناد آخر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٣ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن وابن هاشم والحسن بن علي الكوفي جميعا عن الحسين بن سيف ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس شئ إلا وله شئ يعدله ، إلا الله فانه لا يعدله شئ ولا إله إلا الله فانه لا يعدلها شئ ، ودمعة من خوف الله فانه ليس لها مثقال ، فان سالت على وجهه لم يرهقه قترو لا ذلة بعدها أبدا (١).

١٤ ـ ثو : أبي ، عن الحميري ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي ، عن ابن أبي عمير عن منصور ، عن يونس ، عن محمد بن مروان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : ما من شئ إلا وله كيل أو وزن إلا الدموع ، فان القطرة منها تطفي بحارا من نار وإذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة ، فاذا فاضت حرمه الله على النار ، ولو أن باكيا بكى في امة لرحموا (٢).

١٥ ـ ثو : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن عبدالله بن محمد ، عن أبيه ، عن ابن المغيرة عن السكوني عن الصادق ، عن أبيه عليهما السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى لصورة نظر الله إليها تبكي على ذنب من خشية الله عزوجل ، لم يطلع على ذلك الذنب غيره (٣).

ثو : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن هاشم ، عن ابن المغيرة مثله (٤).

١٦ ـ جا : أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الحميري ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام مثله ، وفيه طوبى لشخص نظر إليه الله.

١٧ ـ ثو : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب عن الوصافي ، عن أبي جعفرعليه السلام قال : كان فيما ناجى الله به موسى عليه السلام على الطور

__________________

(١) ثواب الاعمال ص ٤.

(٢ ـ ٣) ثواب الاعمال ص ١٥٢.

(٤) ثواب الاعمال ص ١٦١.

٣٣١

أن : ياموسى أبلغ قومك أنه مما يتقرب إلي المتقربون بمثل البكاء من خشيتي قال موسى : يا أكرم الاكرمين ، فماذا أثبتهم على ذلك؟ قال : هم في الرفيق الاعلى لا يشركهم فيه أحد (١).

أقول : تمامه في باب الزهد (٢).

١٨ ـ سن : أبي عمن ذكره قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : الخير كله في ثلاث خصال : في النظر ، والسكوت ، والكلام ، فكل نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو ، وكل سكوت ليس فيه فكرة فهو غفلة ، وكل كلام ليس فيه ذكر فهو لغو ، فطوبى لمن كان نظره اعتبارا ، وسكوته فكرة ، وكلامه ذكرا ، وبكى عليه خطيئته ، وآمن الناس شرة (٣).

١٩ ـ سن : الوشاء ، عن مثنى الحناط ، عن الثمالي قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : ما من قطرة أحب إلى الله من قطرة دمع في سواد الليل يقطرها العبد مخافة من الله لا يريدبها غيره ، وماجرعة يتجر عها عبد أحب إلى الله من جرعة غيظ يتجرعها عبد يرددها في قلبه إما بصبر ، وإما بحلم (٤).

٢٠ ـ ين : فضالة ، عن أبان ، عن غيلان يرفعه إلى أبي جعفر عليه السلام قال : ما من عين اغرورقت في مائها من خشية الله إلا حرمها الله على النار ، فان سالت دموعها على خد صاحبها لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة ، وما من شئ إلا وله كيل إلا الدموع ، فان القطرة منها تطفئ البحار من النار ، ولو أن رجلا بكى في امة ، فقطرت منه دمعة لرحموا ببكائه وعفي عنهم.

٢١ ـ ين : ابن أبي عمير ، عن بزرج ، عن صالح بن رزين وغيره ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كل عين باكية يوم القيامة إلا ثلاثة أعين : عين غضت عن محارم

__________________

(١) ثواب الاعمال : ١٥٦.

(٢) راجع ج ٧٠ ص ٣١٣.

(٣) المحاسن ص ٥.

(٤) المحاسن ص ٢٩٢ ، وترى في مجالس المفيد ص ١٣ مثله.

٣٣٢

الله ، أو عين سهرت في طاعة الله ، أوعين بكت في جوف الليل من خشية الله.

٢٢ ـ ين : ابن أبي عمير ، عن رجل من أصحابه قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : أوحى الله إلى موسى عليه السلام أن عبادي لم يتقربوا إلى بشئ أحب إلى من ثلاث خصال : الزهد في الدنيا ، والورع عن المعاصي ، والبكاء من خشيتي ، فقال موسى : يارب فما لمن صنع ذلك؟ قال الله تعالى : أما الزاهدون في الدنيا فاحكمهم في الجنة ، وأما المتورعون عن المعاصي فما أحاسبهم ، وأما الباكون حتى خشيتي ففي الرفيق الاعلى.

٢٣ ـ نوادر الراوندى : باسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من بكا على الجنة دخل الجنة ، ومن بكا على الدنيا دخل النار (١).

٢٤ ـ من خط الشهيد قدس سره : نقلا من كتاب زهد الصادق عليه السلام عنه عليه السلام قال : بكى يحيى بن زكريا عليه السلام حتى ذهب لحم خديه من الدموع فوضع على العظم لبودا يجري عليها الدموع ، فقال له أبوه : يا بنى إني سألت الله تعالى أن يهبك لي لتقر عيني بك ، فقال : يا أبه إن على نيران ربنا معاثر لا يجوزها إلا البكاؤن من خشية الله عزوجل ، وأتخوف أن آتيها فأزل منها فبكى زكريا حتى عشي عليه من البكاء.

٢٥ ـ عدة الداعى (٢) : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : إن ربى تبارك وتعالى خبرني فقال : وعزتي وجلالي ما أدرك العابدون درك البكاء عندي شيئا وإني لا بني لهم في الرفيق الاعلى قصرا لا يشاركهم فيه غيرهم.

وفيما أوحى إلى موسى عليه السلام وأبك على نفسك مادمت في الدنيا وتخوف العطب والمهالك ، ولا تعزنك زينة الدنيا زهرتها.

وإلى عيسى عليه السلام يا عيسى بن البكر البتول ابك على نفسك بكاء من قدودع

__________________

(١) نوادر الراوندى ص.

(٢) عدة الداعى ص ١٢١.

٣٣٣

الاهل ، وقلى الدنيا وتركها لاهلها ، وصارت رغبته فيما عند إلهه.

وروي معاوية بن عمار قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : كان في وصية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه لاسلام أنه قال : يا علي اوصيك في نفسك بخصال فاحفظها ثم قال : اللهم أعنه ، وعد خصالا والرابعة كثرة البكاء من خشية الله عزوجل يبنى لك بكل دمعة ألف بيت في الجنة.

وقال كعب الاحبار ، والذي نفسي بيده لئن أبكى من خشية الله وتسيل دموعي على وجنتي أحب إلى من أن أتصدق بجبل من ذهب.

وفي خطبة الوداع لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن دزفت عيناه من خشية الله كان له بكل قطرة من دموعه مثل جبل أحد ، يكون في ميزانه من الاجر ، وكان له بكل قطرة عين في الجنة على حافتيها من المدائن والقصور ما لا عين رأيت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

وعن أبي جعفر عليه السلام إن إبراهيم النبي عليه السلام قال : إلهي ما لعبد بل وجهه بالدموع من مخافتك؟ قال : جزاؤه مغفرتي ورضواني يوم القيامة.

وروي إسحاق بن عمار قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : أكون أدعو وأشتهي البكاء فلا يجيئني ، وربما ذكرت من مات من بعض أهلي فأرق وأبكي ، فهل يجوز ذلك؟ فقال : نعم ، تذكرهم فاذا رققت فابك وادع ربك تبارك وتعالى.

وعن سعيد بن يسار قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : أتباكى في الدعاء وليس لي بكاء قال : نعم ولو مثل رأس الذناب.

وعن أبي حمزة قال : قال أبوعبدالله عليه السلام لابي بصير : إن خفت أمرا يكون أو حاجة تريدها فابدأ بالله فمجده ، وأثن عليه كما هو أهله ، وصل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وتبارك ولو مثل رأس الذباب ، إن أبي كان يقول : أقرب ما يكون العبد من الرب وهو ساجد يبكي.

وعنه عليه السلام إن لم يجئك البكاء فتباك ، فان خرج منك مثل رأس الذباب فبخ بخ.

٣٣٤

وقال سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السلام : ليس الخوف خوف من بكى وجرت دموعه ، ما لم يكن له ورع يحجزه عن معاصي الله ، وإنما ذلك خوف كاذب.

٢٦ ـ كتاب الامامة والتبصرة : عن القاسم بن علي العلوي ، عن محمد بن أبي عبدالله ، عن سهل بن زياد ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى لعبد نظر الله إليه وهو يبكي على خطيئة من خشية الله ، لم يطلع على ذلك الذنب غيره.

٢٨ ـ شى : عن الفضل بن يسار قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من عبد اغرورقت عيناه بمائها إلا حرم الله ذلك الجسد على النار ، وما فاضت عين من خشية الله إلا لم يرهق ذلك الوجه قتر ولا ذلة (١).

٢٨ ـ شى : عن محمد بن مروان ، عن رجل ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : مامن شئ إلا وله وزن أو ثواب إلا الدموع ، فان القطرة يطفي البحار من النار ، فان اغرورقت عيناه بمائها حرم الله [ سائر جسده ] على النار ، وإن سالت الدموع على خديه لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة ، ولو أن عبدا بكى في امة لرحمها الله (٢).

٢٩ ـ جا : ابن قولويه ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب عن هشام بن سالم ، عن محمد بن مروان ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : ما اغرورقت عين بمائها من خشية الله عزوجل إلا حرم الله جسدها على النار ولا فاضت دمعة على خد صاحبها فرهق وجهه قتر ولا ذلة يوم القيامة ، ومامن شئ من أعمال الخير إلا وله وزن وأجر إلا الدمعة من خشية الله ، فان الله تعالى يطفي بالقطرة منها بحارا من نار يوم القيامة ، وإن الباكي ليبكي من خشية الله في امة فيرحم الله تلك الامة ببكاء ذلك المؤمن فيها (٣).

٣٠ ـ مكا : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من بكى على ذنبه حتى تسيل دموعه على

__________________

(١) تفسير العياشى ج ٢ ص ١٢١.

(٢) تفسير العياشى ج ٢ ص ١٢٢.

(٣) مجالس المفيد ص ٩٣.

٣٣٥

لحيته ، حرم الله ديباجة وجهه على النار.

وقال عليه السلام : من خرج من عينيه مثل الذباب من الدمع من خشية الله آمنه الله به يوم الفزع الاكبر.

من كتاب زهد الصادق عنه عليه السلام قال : أوحى الله إلى موسى أن عبادي لم يتقربوا إلى بشئ أحب إلى من ثلاث خصال ، قال موسى : وماهي؟ قال : الزهد في الدنيا ، والورع من المعاصي ، والبكاء من خشيتي فقال موسى : يا رب فما لمن صنع ذا؟ فأوحى الله إليه يا موسى أما الزاهدون فاحكمهم في الجنة ، وأما البكاؤن من خشيتى ففي الرفيق الاعل لا يشاركهم فيه أحد ، وأما الورعون عن معاصي ، فاني افتش الناس ولا أفتشهم (١).

عنه عليه السلام قال : بكى يحيى بن زكريا حتى ذهب لحم خديه من الدموع وصنع على العظام لبودا تجري عليها الدموع ، فقال له أبوه : يا بني إني سألت الله تعالى أن يهبك لتقر عيني بك ، فقال : يا أبه إن على نيران ربنا معاثر لا يجوزها إلا البكاؤن من خشيته ، وأتخوف أن آتيه فيها فأزل ، فبكى زكريا حتى عشي عليه من البكاء.

وقال أميرالمؤمنين عليه السلام : بكاء العيون وخشية القلوب من رحمة الله تعالى ذكره فاذا وجدتموها فاغتنموا الدعاء ، ولو أن عبدا بكى في امة لرحم الله تعالى ذكره تلك الامة لبكاء ذلك العبد.

وقال عليه السلام : إذا لم يجئك البكاء فتباك ، فان خرج مثل رأس الذباب فبخ بخ (٢).

وقال إبراهيم عليه السلام : إلهى ما لمن بل وجهه بالدموع من مخالفتك؟ قال : جزاؤه مغفرتي ورضواني.

وروي أن الكاظم عليه السلام : كان يبكي من خشية الله حتى تخضل لحيته بدموعه (٣).

__________________

(١) مكارم الاخلاق ص ٣٦٤ ، وفيه فانى اناقش الناس ولا اناقشهم ، انقش ولا انشقهم خ ل.

(٢) مكارم الاخلاق ص ٣٦٥.

(٣) مكارم الاخلاق ص ٣٦٦.

٣٣٦

٢٠

* ( باب ) *

* « ( الرغبة والرهبة والتضرع والتبتل والابتهال ) » *

* « ( والاستعاذة والمسألة ) » *

الايات : المزمل : وتبتل إليه تبتيلا (١).

١ ـ فس : « وتبتل إليه تبتيلا » قال : رفع اليدين وتحريك السبابتين (٢).

٢ ـ ب : أبوالبختري ، عن الصادق ، عن أبيه عن علي عليهم السلام قال : إذا سألت الله فاسأله ببطن كفيك ، وإذا تعوذت فبظهر كفيك ، وإذا دعوت فبأصبعيك (٣).

٣ ـ مع : المظفر العلوي ، عن ابن العياشي ، عن أبيه ، عن جعفر بن أحمد عن العمركي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال : التبتل أن تقلب كفيك في الدعاء إذا دعوت والابتهال أن تبسطهما وتقدمهما ، والرغبة أن تستقبل براحتيك السماء ، وتستقبل بهما وجهك ، والرهبة أن تكفئ كفيك فترفعهما إلى الوجه والتضرع أن تحرك أصبعيك وتشيربهما ، وفي حديث آخر أن البصبصة أن ترفع سبابتيك إلى السماء وتحركهما وتدعو (٤).

٤ ـ اربعين الشهيد : باسناده عن الصدوق مثله.

٥ ـ مع : بالاسناد ، عن العياشى ، عن محمد بن نصير ، عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن

__________________

(١) المزمل : ٨.

(٢) تفسير القمى ص ٧٠١.

(٣) قرب الاسناد ص ٨٩.

(٤) معانى الاخبار ص ٣٦٩.

٣٣٧

أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل « فما استكانوا لربهم وما يتضرعون » (١) قال : التضرع رفع اليدين (٢).

٥ ـ ير : إبراهيم بن إسحاق ، عن عبدالله بن حماد ، عن أبي بصير وداود الرقي ، عن معاوية بن عمار ومعاوية بن وهب ، عن ابن سنان قال : لما بعث داود ابن علي إلى الصادق عليه السلام فدعا عليه ، رفع يديه فوضعهما على منكبيه ثم بسطهما ثم دعا بسبابته فقلت له : رفع اليدين ماهو؟ قال : الابتهال ، فقلت : فوضع يديك وجمعهما؟ قال : التضرع ، قلت : فرفع الاصبع قال : البصبصة (٣).

أقول : تمامه في باب معجزاته عليه السلام (٤).

٦ ـ مكا : عن ابن إسحاق ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : الرغبة أن تستقبل ببطن كفيك إلى السماء ، والرهبة أن تجعل ظهر كفيك إلى السماء ، وقوله عزوجل « وتبتل إليه تبتيلا » قال : الدعاء بأصبع تشيربها ، والتضرع أن تشير باصبعك وتحركها ، والابتهال رفع اليدين ومدهما ، وذلك عند الدمعة ثم ادع (٥).

وعنه عليه السلام : انه ذكر الرغبة وأبرز بطن راحتيه إلى السماء ، وهكذا الرهبه ، وجعل ظهر كفيه إلى السماء ، وهكذا التضرع وحرك أصابعه يمينا وشمالا ، وهكذا التبتل يرفع أصابعه مرة ويضعها مرة ، وهكذا الابتهال ومد يده بازاء وجهه إلى القبلة ، وقال : لا تبتهل حتى تجرى الدمعة (٦).

٧ ـ تم : عن سعيد بن يسار ، عن الصادق عليه السلام قال : هكذا الرغبة وذكر مثله.

__________________

(١) المؤمنون : ٧٥.

(٢) معانى الاخبار ص ٣٦٩.

(٣) بصائر الدرجات ص ٢١٧ في حديث.

(٤) راجع ج ٤٧ ص ٦٦.

(٥) مكارم الاخلاق ص ٣١٦.

(٦) مكارم الاخلاق ص ٣١٧.

٣٣٨

قال : وفي حديث آخر عن الصادق عليه السلام أن الاستكانة في الدعاء أن يضع يديه على منكبيه حين دعائه (١).

٨ ـ مكا : عن هارون بن خارجة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سألته عن الدعاء ورفع اليدين فقال : على أربعة أوجه أما التعوذ فتستقبل القبلة ببطن كفيك ، وأما الدعاء في الرزق فتبسط كفيك وتفضي بباطنهما إلى السماء ، وأما التبتل فايماؤك بأصبعك السبابة ، وأما الابتهال فرفع يديك تجاوزبهما رأسك في دعاء التضرع (٢).

٩ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن إبراهيم بن حفص العسكري ، عن عبدالله بن الهيثم ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن محمد وزيد ابني علي ، عن أبيهما ، عن أبيه الحسين ، عليهم السلام قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يرفع يديه إذا ابتهل ودعا كما يستطعم المسكين (٣).

١٠ ـ الدعوات للراوندى : مثله وقال : كان صلى‌الله‌عليه‌وآله يتضرع عند الدعاء حتى يكاد يسقط رداؤه.

١١ ـ عدة الداعى : روى هارون بن خارجة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الدعاء في الرخاء ليستخرج الحوائج في البلاء.

وروى محمد بن مسلم عنه عليه السلام قال : كان جدي يقول : تقدموا في الدعاء فان العبد إذا دعا فنزل به البلاء فدعا قيل : صوت معروف ، وإذا لم يكن دعا فنزل به البلاء فدعا قيل : أين كنت قبل اليوم؟.

وعنه عليه السلام : من تخوف من بلاء يصيبه فتقدم فيه بالدعاء ، لم يره الله ذلك البلاء أبدا.

وعن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا أباذر الا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن؟ قلت : بلى يارسول الله ، قال : احفظ الله يحفظك الله ، واحفظ الله تجده أمامك ، تعرف إلى

__________________

(١) فلاح السائل ص ٣٣.

(٢) مكارم الاخلاق ص ٣١٧.

(٣) أمالى الطوسى ج ٢ ٩٨ ص ١.

٣٣٩

الله في الرخاء يعرفك في الشدة وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله فقد جرى القلم بما هو كائن ، ولو أن الخلق كلهم جهدوا أن ينفعوك بشئ لم يكتبه الله لك ، ماقدروا عليه (١).

وروى هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من تقدم في الدعاء استجيب له إذا نزل به البلاء ، وقيل : صوت معروف ولم يحجب عن السماء ، ومن لم يتقدم في الدعاء ، لم يستجب له إذا نزل به البلاء وقالت الملائكة : إن ذا الصوت لا نعرفه.

وروى أبوعبدالله الفراء ، عن الصادق عليه السلام قال : إن الله تبارك وتعالى يعلم مايريد العبد إذا دعا ، ولكنه يحب أن يبث إليه الحوائج.

وعن كعب الاحبار قال : مكتوب في التوراة : يا موسى من أحبني لم ينسني ومن رجا معروفي ألح في مسألتي ياموسى إني لست بغافل عن خلقي ، ولكني أحب أن تسمع ملائكتي ضجيج الدعاء من عبادي ، وترى حفظتي تقرب بني آدم إلي بما أنا مقويهم عليه ومسببه لهم (٢).

وروى إسماعيل بن همام ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : دعوة العبد سرا دعوة واحدة تعدل سبعين دعوة علانية.

وفي رواية اخرى : دعوه تخفيها أفضل من سبعين دعوة تظهرها.

وروى ابن القداح ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا دعا أحدكم فليعمم فانه أوجب للدعاء.

وروى أبوخالد قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : ما من رهط أربعين رجلا قد اجتمعوا فدعوا الله في أمر إلا استجاب لهم ، فان لم يكونوا ، أربعين فأربعة يدعون الله عشر مرات إلا استجاب الله عزوجل لهم ، فان لم يكونوا أربعة فواحد يدعو الله أربعين مرة يستجيب الله العزيز الجبار له.

__________________

(١) عدة الداعى ص ١٢٧.

(٢) عدة الداعى ص ١٤٣.

٣٤٠