حوار مع صديقي الشيعي

المؤلف:

الهاشمي بن علي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-428-0
الصفحات: ١٦٨
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة



الصدمة ... :

وصلنا في دراستنا للتاريخ إلى الحقبة الإسلامية ، حيث بدأنا بظهور الإسلام في مكّة ثمّ هجرة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصحبه إلى يثرب أو المدينة المنوّرة مرورا بحروب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفتوحاته ، وصولا إلى انتشار الإسلام في جزيرة العرب ومن ثَمّ شرقا وغربا طيلة فترة الخلافة الراشدة.

كان يوماً عاديّا حيث كنت جالسا في آخر الفصل ، في حصّة مسائية للتاريخ وبدأ الدّرس ، كان أستاذ التاريخ كهلا في العقد الخامس من العمر ، كان رجلا نحيفا ضعيف النظر معتنقا للفكر القومي الذي لا يرى الإسلام إلاّ منتوجا عربيّا محضا ، فالإسلام عربي وابن سينا عربي والرازي عربي وسيبويه عربي ، بل حتّى البربر عرب وكلّ شيء عربي !

والعجب من هذا الفكر الذي يحصر هذه الثقافة الإنسانية الخالدة والشاملة في بوتقة عرقية ضيّقة وما هي إلاّ حلقة من حلقات هذه الحضارة النبيلة ! هذا الفكر يذكّرني بطرفة واقعية حدثت لرجل عربي حيث استفزّه بعض الأعاجم وسخروا منه فقال مغضبا : نعم أنا عربي والرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عربي ... والله عربي ، فدهش الحضور ، وقالوا له : أمّا كون الرسول عربي فقد تعقّلناها وأقررنا لك بها ، لكن كيف يكون الله ـ تعالى ـ عربيّا ؟! فأجاب هذا الرجل ببداهة قائلا : آثاره تدلّ عليه ، أليس القرآن

٢١

من تأليف الله ؟! فعليه يكون الله عربيّا !!

بدأ أستاذ التاريخ بالدرس وكان عن الفتنة الكبرى كما تسمّى ، تكلّم الأستاذ عن حرب صفّين ، عن بداياتها ، أسبابها ، طولها ، شراستها ، عدد القتلى فيها ، وتكلّم عن بشائر النصر التي كانت بدأت تلوح لجيش عليّ بن أبي طالب ( كرّم الله وجهه ) ، وتحوّل القتال إلى خيام معاوية بن أبي سفيان ، والمأزق الذي وقع فيه جيش الشام. رفع الأستاذ رأسه وابتسامات التهكّم تملأ فمه المليء بالأسنان الصفراء قائلا : « لكن قام الداهية عمرو بن العاص بحيلة رفع المصاحف حتّى يكفّ عنهم جيش عليّ ويبثّوا البلبلة في صفوف جيش العراق. وفعلاً ذاك ما حدث حيث انقلب حال المعركة رأساً على عقب وافترقت الأمة أحزابا ... ».

نزل هذا الكلام عليّ نزول الصّاعقة !! عمرو بن العاص صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحتال ويخادع ويغدر ويمكر ! عمرو بن العاص الذي يروى فيه شيوخنا مدح الرسول فيه.

عمرو بن العاص يخدع ؟! هل الغاية تبرّر الوسيلة في دين الله المبتني على الإخلاص ؟!

يا له من موقف عصيب ، أين الحقيقة ؟! هل ما يقوله هذا الأستاذ المتحامل على الصّحابة الكرام ، أم ما يقوله شيوخنا الموقّرين عن فضائل عمرو بن العاص ؟!

لكن الأستاذ ما جاء بشيء من عنده ، فهذا الكتاب يقول نفس الشيء ، وماذا عن تلك الجلسات التي كنت مواظبا على حضورها والتي كانت تفيض نبلا من كرامات الصحابة وخاصّة المهاجرين والأنصار ؟!

٢٢

رجعت ذلك اليوم إلى البيت متأزّما وممزّقا نفسانيّا ، ولسان حالي يقول : « لَيْتَ شِعري مَا الصحيح » ، إلى من أذهب ؟! من أسأل ؟!

بقيتُ متحيّراً حتّى عاد أخي في المساء فسارعتُ بمساءلته لعلّي أجد جواباً شافياً أو على الأقل مسكّناً لثورة الشكّ وناره التي اضطرمت في داخلي.

بادرت أخي قائلا : ألا تعجب من فعل هؤلاء الصحابة الذين نحترمهم ونقدسهم حبّاً منّا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!

قال أخي : خيراً ، ما رأيتَ منهم ؟!

قلتُ معترضاً على أخي : ومن أين يأتي الخير وهؤلاء الصحابة يقتل بعضهم بعضاً ، ويشتم بعضهم بعضاً ، ويخدع بعضهم بعضاً !!

ثم ما هي القضيّة أصلا ؟! لماذا القتال ولماذا الخداع ؟! أكان ذلك للدّين ؟

أليسوا هم أصل الدين ؟ أليسوا هم من علّمنا الدين ؟ أم كان ذلك كلّه للدنيا ، وما هكذا الظنّ بهم ، وعلى الدنيا والدين العفى لو كان ذلك كذلك ».

أجاب أخي بلغة المحذّر المشفق : لا تستعجل في حكمك عليهم فهناك أمور نجهلها وليس من اليسير فهمها.

كان جواب أخي بارداً باهتاً ، غير مقنع بالمرّة ، وكأنّه كان يضرب على حديد بارد ، وأنّى له أن يقنعني ! أنا الذي عشت كلّ صباي وقْفاً على فضائل الصحابة ، حيث كنت أرفعهم جميعاً على منزلة الملائكة !

ما الذي جعل الصحابة يدخلون هذه الفتنة العمياء ؟ ويا ليت علماءنا أشاروا علينا بمن أشعلها وأجّج أُوارها !

٢٣

ويا ليتهم كانوا صحابة من الدرجة الثالثة ليهون الخطب ! لكنهم صفوة الصحابة : عمرو بن العاص ; عمّار بن ياسر ; طلحة بن عبيد الله ; الزبير بن العوّام ; عليّ بن أبي طالب ; عائشة زوجة الرسول الكريم !!

هلاّ تعاطوا المسائل بلين ورفق وسعة صدر كما نبّه إلى ذلك القرآن والرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟! أيصل الأمر إلى قتل وقتال وسفك دماء وهتك أعراض !!

وإذا كان هذا فعل الصحابة الّذين ما زال صوت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتردّد في آذانهم وآثاره قائمة ثابتة أمام أعينهم ، فلا لوم إذن على غيرهم ، ولا لوم علينا إن أتينا بالمنكرات العظام ، فليس بعد سفك الدماء وقطع الرؤوس من كبيرة كما أشار القرآن على ذلك (١).

ثمّ أليس يروي لنا شيوخنا : « أنّ القاتل والمقتول من المسلمين في النار ؟! » (٢) فعلى هذا فكلّ من اقتتل من الصحابة في النار !

وإذا كانت المسألة فتنة فكيف انساق وراءها الصحابة ، بل أعظم الصحابة ؟! أليسوا هم رموز التعقّل والوعي والإيثار !

أم أنّ هناك أطرافا خارجيّة ـ على رأي أنظمة هذا العصر ـ أشعلت تلكم الفتنة ؟ أليس هناك فيمن تقاتل مبشّرون بالجنّة ؟! (٣)

_____________________

١) إشارة إلى قوله تعالى : ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) [ سورة النساء : ٩٣ ].

٢) لحديث يروونه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو : « إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فكلاهما في النار » [ البخاري ٩ / ٩٢ ، وأيضا سنن ابن ماجه ٢ / ١٣١١ ، كتاب الفتن ومسند أحمد ٤ / ٤١٨ ].

٣) مثل طلحة والزبير وعلي وعثمان وغيرهم على ما تروي الصّحاح والمسانيد ؟!

٢٤

لا يبقى إلاّ القول بأن الصحابة أعلى وفوق شرع الله ، وأنّ لهم صكوك غفران لا تضرّ معها سيّئة ! وعليه يكونون فوق النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي قال تعالى عنه : ( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ) (١). أو قوله : ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) (٢).

يا لها من حيرة ، ويا له من مأزق استعصى حلّه عليّ وأنا ابن الثالثة عشرة سنة من عمري !

ثمّ اسأل من شيوخنا فلا أرى عندهم أي جواب مُقنع غير أنّهم يقولون : إنّ تلك الأحداث كانت فتنة ، والصحابة اجتهدوا وأخطأوا أو أصابوا وكلّهم مأجورون ، وهذا خطّ أحمر لا يجوز لنا تعدّيه (٣).

خطّ أحمر لا يجوز لنا تعدّيه ! هذا ما عندهم من العلم ، سياسة النعامة ودسّ الرأس في التراب.

نعم هو خطّ أحمر وما أيسره من جواب لكلّ سائل وكفى الله المؤمنين القتال.

فيامن ملأتم الخافقين بفضائل وعصمة وعَظَمة كلّ الصحابة

_____________________

١) سورة الحاقة : ٤٤ ـ ٤٦.

٢) سورة الزمر : ٦٥.

٣) يقول السفاريني النابلسي في كتابه ( نظم الدرة المضيّه في عقد أهل الفرقة المرضية ) في الصحابة :

واحذر من الخوض الذي قد يزري

بفضلهم ممّا جرى لو تدري

فإنه عن اجتهاد قد صدر

فاسلم أذلّ الله من لهم هجر

٢٥

أجمعين حلّوا لنا هذه العقدة ; ورحم الله المتنبّي لقوله :

أَغايةُ الدينِ أن تُحفوا شواربَكم

..........................

نعم لقد صار الدين حفّ شوارب وإطلاق لحى ولفّ عمائم ، وهروب إلى الربوة ! أتعتبرون قتل الألوف وحرق الدور ووو ... اجتهادا ؟! هل تحكمون بارتداد مانع الزكاة وتزعمون الأجر لمن قتل النفوس وحزّ الرؤوس ؟!

لكنّي تركت حيرتي داخل القمقم ودست على جراح نفسي وغضّيت الطرف ... ومضيت مع القطيع ...

٢٦



هل أتاك الحديث عن الشيعة :

لا زلت أذكر تلك الحكايات التي تُحكى عن الشيعة عندنا.

إنّهم قوم لم أرهم ولم يرونِ ـ وكأنّه لا يجمعنا وإياهم كوكب واحد ـ قوم على ما سمعت ـ وإن جاءكم فاسق ـ يتّهمون جبرائيل عليه‌السلام بخيانة الأمانة ، فعوض أن ينزلها على عليّ بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه أنزلها خطأ أو حسدا على محمّد ، وهم يعظّمون عليّا ، حتّى أنّ بعض فرقهم تعبده من دون الله !!

كانت هذه الحكايات تجول في خاطري ، ولا ينقضي عجبي من هؤلاء القوم الذين لم أر واحدا منهم طيلة حياتي.

عجيب أمر هؤلاء القوم أليست لهم عقول ؟! كيف يعتقدون بمثل هذه الاعتقادات ؟! أليس منهم رجل رشيد يكفّ عن غيّه ؟!

... كنّا يوم متحلقين حول ابن عمّي الذي عاد من سفره من ألمانيا حيث يعمل ، وجرى حديث عن الشيعة ، فقال ابن عمّي : إنهم قوم متطرفون في دينهم ، وإنّ « تلفزيونات » الغرب تعرض أحيانا ما هم عليه من منكرات ، وخاصة ما يفعلونه بأنفسهم في يوم عاشوراء ، حيث يشدخون رؤوسهم ويمزّقون ظهورهم حتّى تسيل منهم الدماء غزيرة حزنا على الحسين بن علي رضي‌الله‌عنه.

لا نملك إلاّ الضحك بفم عريض على هؤلاء الجهّال الذين يفعلون

٢٧

بأنفسهم ما لا يفعل العدوّ بعدوّه.

إنّ سيدنا الحسين رضي‌الله‌عنه لا يرضى منهم بهذه الفعال الشنيعة ، زد على هذا أنّ الغربيّين سيشنّعون على المسلمين بما تفعله هذه الفرقة ، وسوف لن يقتنعوا بقولنا إنّ الإسلام هو دين التسامح والصفاء ، لكن ما الحيلة فهؤلاء الشيعة بعيدون عنّا آلاف الأميال وإلاّ لكنّا أقنعناهم وأعدناهم إلى جادة الصواب.

والحمد لله على نعمته فنحن مالكيّون وأصحاب مذهب صافٍ كزرقة السماء ، أوليس مالك بن أنس إمامنا وهو إمام دار الهجرة ، والذي قيل فيه : « لا يُفتى ومالك في المدينة ؟! » ، أوليس الشيخ الإمام سحنون هو ناشر المذهب في ربوع مغربنا العربي الكبير ؟!

٢٨



الضالَّة :

وتمضي سنين وسنين ...

كنت في بيت أحد الأصدقاء وجرى ذكر فلان ـ جارهم ـ ، فقال أحد الحاضرين معلّقاً : إنّه شيعي ، وقال : إنّهم ـ أي الشيعة ـ يشتمون الصحابة.

وقع كلامه في نفسي موقعاً كبيراً ، وقلت : أو في بلادنا شيعة ؟! ولماذا هذا الاقتران بين الشيعة وسبّ الصحابة ؟!

وتشوّقت نفسي للالتقاء بأحد الشّيعة حتّى أسأله سؤالا واحدا : لماذا تشتمون الصحابة ؟ وكنت أقصد ما هو الداعي الذي يجعلهم يشتمون الصحابة ، وإلاّ فلا بدّ من أن يكون هناك توجيه أو سبب قويّ لديهم حتّى تصبح هذه التّهمة لهم كبيرة ، أضف إلىٰ حبّ الاطلاع الذي كان عندي حول الملل والنحل ـ وما زال ـ كان وراء رغبتي في الالتقاء بأحدهم.

لكن وللأسف لم تتوفّر الفرصة لذلك ، حيث كنت منشغلا طوال تلك السنة بالاستعداد والتحضير لامتحان الباكالوريا (١) ، حيث يعتبر أهم امتحان شعبي ورسمي في تونس على الإطلاق.

وذات يوم من أيام الشتاء التقيت بأحد زملاء الدراسة وتذاكرنا في

_____________________

١) هو امتحان الثانوية العامة في بلاد المشرق العربي.

٢٩

انشغالات الامتحان وغيرها إلى أن دار الحديث حول الشيعة ، فقال لي هذا الصديق مبتسماً : بأنّ زعيم الشيعة في تونس ضُبط في أحد شواطىء تونس يحدّق في النساء بمنظار !

فأجبته بكلّ عفوية ممزوجة بكثير من الدهشة والإستغراب : وهل هناك طائفة شيعية في تونس حتّى يكون لها زعيم ؟!

أجاب الصديق قائلاً : ألا تعرف بأنّ فلاناً وفلاناً ـ بعض أصدقائي ومعارفي ـ صاروا من الشيعة ؟!

فازدادت دهشتي ، وقلت : فلان شيعي !! لا يمكن ذلك ، ماذا حدث له حتّى يصبح كذلك ؟!

افترقنا وأنا أضحك في نفسي من أحد أصدقائي الّذي صار شيعيّاً وقلت : إنّها نزوة من نزواته ، فكما يتأثر بعض الشّباب عندنا بفلان المطرب أو بفلان الرّياضي أو بهذا اللّباس أو بتلك التّقليعة ، فهذا الصديق يبدو أنه تأثّر بفكر الشيعة من باب « خَالِفْ تُعرَفْ ».

ثم عزمت في الأثناء أن ألتقي بهذا الصديق « المُسْتَشْيع » حتّى أبحث معه هذا الموضوع ، ولتتوفّر لي الفرصة القديمة لمعرفة فكر الشيعة « فربّ صدفة خير من ألف ميعاد ».

لم تمض إلاّ أيّام يسيرة حتّى التقيت به في أحد شوارع حيّنا ، سلّم عليّ ودعاني إلى بيته ، دخلنا البيت ثمّ ولجنا إلى غرفته الخاصّة الصغيرة ، فكان ممّا قلت له : هل جُننتَ ؟! ما هذا التحوّل الذي أصابك ؟!

ضحك ـ وكان ذا شخصية مرحة ظريفة ـ لكن لم يجبني صراحة.

لمحتُ على مكتبه كتاباً كبيراً شدني حجمه في البداية ـ لأنّ من

٣٠

عادة كتّابنا الإسلاميين في العصر الحاضر أن تكون لهم « كتيّبات » فيها مقدّمة طويلة ودعاء أطول في آخر الكتاب وينتهي الكتيّب ـ فقرأت عنوان الكتاب « المراجعات » (١) ، فلم أفهم معناه ، هل هو من الرجوع أم من المراجعة ، لكن فهمت أنه كتاب شيعي لأنّ صورة المؤلّف بعمامته السوداء كانت في الصفحة الثانية داخل الكتاب.

لم تطل بنا الجلسة ، حيث كان عنده أحد الضيوف ، فتواعدنا على لقاء آخر.

في الموعد اللاّحق أردت أن أخرج بصديقي من حالة الهزل إلى حالة الجدّ ، فسألته أسئلة من أهمّها : لماذا يتحرّش الشيعة بالصحابة ـ هذه النخبة التي ما وجد ولا يوجد إلى يوم القيامة مثلها ـ وكنت ما زلت غير متفهّم كون صديقي صار فعلا شيعيّا.

قال صديقي مجيباً ـ وكأنه يريد أن يدخل بي الموضوع من حيث تؤكل الكتف ـ : هل تعرف حديث العشرة المبشّرين بالجنّة (٢) ؟!

قلت : « نعم ، لقد حفظت أسماءهم ، وعرفت سيرتهم منذ نعومة أظفاري.

فقال لي : سَمّهم لي ؟

أجبت ببداهة : هم الخلفاء الأربعة الراشدون ، أبو بكر الصدّيق ، وعمر الفاروق ، وعثمان بن عفّان ، وعليّ بن أبي طالب ، وسعد بن أبي وقّاص ، وعبدالرحمان بن عوف ، وسعيد بن زيد ، وبلال في قول ، وطلحة

_____________________

١) المراجعات كتاب قيّم للعلامة السيد عبدالحسين شرف الدين الموسوي اللّبناني يمثل مناظرات في العقيدة والإختلافات بين السنة والشيعة وهو مفيد لكلّ باحث عن الحقيقة.

٢) أنظر : سنن ابن ماجة ج ١ فضائل العشرة.

٣١

ابن عبيد الله ، والزبير بن العوام.

قال لي : طيّب ، هل تعرف الحديث القائل بأنّه إذا اقتتل مسلمان فالقاتل والمقتول في النّار (١) ؟

قلت : نعم ، وماذا في هذا ؟!

قال : على هذا القول يكون عثمان بن عفّان وعليّ وطلحة والزبير بن العوّام وغيرهم من أهل النّار ؟!

قلت : كيف ذلك ؟!

قال : دقّق جيّداً في معنى الحديثين وسترى التّناقض ، فلو صحّ حديث العشرة لا يصحّ حديث القاتل والمقتول في النّار ، ولو صحّ هذا الثاني لم يصحّ الأوّل.

صمتُّ هنيئة أدقّق في هذا الكلام المنطقي ، العاري عن الزّيف والزخارف والمتين عقلاً !

أجبته بصوت بادىء الضعف : فكيف الحيلة ؟!

قال : من غير المعقول أن يكون جميع الصّحابة كلّهم ، من أسلم في أيام الدعوة الأولى في مكّة ومن أسلم في المدينة ومن أسلم بعد الفتح كلّهم متساوون ، وهذا أمر بديهي ، فليس من تربّى في حجر الرسالة من يومها الأول كعليّ يكون مثل معاوية الذي أسلم يوم فتح مكّة ، ولا أبو سفيان بن حرب كصحابي عمّار بن ياسر ، هذا شيء طبيعي وبديهي في كلّ دعوة سماوية كانت أو وضعيّة.

ثمّ إنّ صحبة هؤلاء وهؤلاء للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليست واحدة ، وعليه

_____________________

١) البخاري ٢ / ٩٢ ، سنن ابن ماجة ٢ / ١٣١١ كتاب الفتن ، مسند أحمد ٤ / ٤١٨.

٣٢

تكون النتيجة أنّ الصحابة مختلفون ومتفاوتون في علمهم ، وجهادهم ، وفهمهم للقرآن والسنّة ... فليس الأمر على ما نحن عليه اليوم ، فمن فاتته صحبة عشر سنوات للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لا يتيسّر له بسهولة أن يساوي من سبقه ، خاصّة مع عدم توفّر وسائل الطباعة والتسجيل وغيرها كما هو الحال عندنا اليوم.

هذا من جانب ومن جانب آخر إنّ الصحبة وإن كانت فضيلة في نفسها لأنّ رؤية أو معايشة أعظم الرسل صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شرف عظيم جدّا ، إلاّ أنّ الصحابة هم أوّل المكلّفين بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا يمكن بحال أن يكونوا فوق الشرع ، ثم لو كانت الصحبة ماحِيةً لكلّ ذنب لكانت زوجيّة زوجات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعلى وأفضل ، في حين أنّ الله لم يقرَّ ذلك (١) ولا رسوله (٢) !

وعلى هذا نخلص إلى القول بأنّ الصُّحبة غير عاصمة لصاحبها ، لا من الضلال ولا من العذاب ، والصحابة كما دلّ القرآن والسنة فيهم من بلغ مراتب الملائكة وفيهم من انحطّ إلى أسفل سافلين.

اكتفيت بهذه الأدلّة ، وفي الواقع فُتحت لي آفاقُ أخرى كانت

_____________________

١) إشارة إلى قوله تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا * وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا ) [ سورة الأحزاب : ٣٠ ].

وعلى هذا يمكن لنا أن نقول إنّ مضاعفة العذاب على الصحابي الراكب للكبائر وارد أيضا ؟!

٢) أنظر : حديث الحوض مثلاً في البخاري ٨ / ١٥١ ; صحيح مسلم ٤ / ١٧٩٢ ـ ١٨٠٠ كتاب الفضائل ، مسند أحمد ٦ / ٥٥ حديث ٤٠٤٢.

٣٣

مسدودة في وجهي لعقدة الخطّ الأحمر الوهمي الّذي زرعه فينا كبراؤنا ، فإنّ بحثي في « ملفّات الصحابة » ليس ذنباً أو عيباً بل لأكون على بصيرة.

وكيف يكون هذا الشيء حراماً وممنوعاً ، وقد قال تعالى في كتابه الكريم ذَامّاً الكافرين الّذين اتّبعوا تقاليدهم وصمّوا عقولهم : ( إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ ) (١) ؟!

ثمّ إذا كان سفك الصحابة للدماء ، ورَميهم لزوجة من زوجات الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالفاحشة وشتم بعضهم لبعض اجتهادا ومأجورين فيه أجرا واحدا ، فليكن هذا البحث اجتهادا منّي وإن أخطأت الحقيقة ، أم أنّ المسألة « حلال عليكم حرام علينا » كما يقول المثل عندنا !

ووجدت بعد تحليل ونظر أنّ الصحابة لا يخلو حالهم من أوجه ثلاث : فإمّا أن يكونوا كلّهم عدولا ، وإمّا أن يكونوا جميعا قد هلكوا بما جرى بينهم من فتن ، أو أنّ هناك أمراً وسطا منطقيا ، وهو أنّ بعضهم عدول وبعضهم غير عدول.

_____________________

١) سورة الزخرف : ٢٢.

٣٤



أبو هريرة .... سرٌّ آخر :

كثيراً ما كنت أسمع هذه الجملة عند حضوري لصلاة الجمعة في مسجد الجمعة في مدينتي قابس (١) ، وذلك بعد صعود الإمام للمنبر وقبل بدء الخطبة ، هي ... عن الضحّاك ... عن أبي هريرة (٢) قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من قال لصاحبه أنصت فقد لغى ... » الحديث.

كنتُ أسمع برواية أبي هريرة هذه وما كنت أعرف شخصيته بالتفصيل ، بل كنت أظن أنّ اسمه الفعلي هو أبو هريرة ، فتبيّن أن هذه كنيته وذلك لهرّة كانت لا تفارقه ! جرى ذكر أبي هريرة يوماً في نقاش آخر لي مع صديقي الشيعي.

فقال صديقي معلّقاً : هو كذّاب ، وقد وضع أحاديث كثيرة ونشرها على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أرضى بها جبابرة عصره ملوك بني أميّة كمعاوية ومروان.

والعجيب أنّه لقلّة صحبته للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قياسا بباقي الصّحابة كعليّ رضي‌الله‌عنه وعمر وأبو بكر فإنّه أكثرهم حديثاً ! بل فاق زوجات الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الرواية ممّا جعل الباحثون يشكّون ويطعنون في صدق

_____________________

١) مدينة على الساحل الجنوبي الشرقي للبلاد التونسيّة سكنها البربر وسمّاها الروم باسم Tacaps عرّبت إلى قابس قطب صناعي حاليّا.

٢) هو أبو هريرة الدوسي اليماني لم يضبط اسمه في الجاهلية ولا في الاسلام.

٣٥

ما روى.

تلقيت كلامه هذا كضربة كهربائية سرت في بدني ، لأني كنت مازلتُ لم أهضم بعد صدمتي في الصحابة عموما ، رغم اقتناعي بما قاله صديقي عنهم.

قلت وأنا متترّس نفسيّاً بما بقي لي من شجاعة ـ أعلم في داخلي علم اليقين أنّها ستتهاوى أمام مِعول منطق صديقي الشيعي ـ : إنّ أبا هريرة أعظم راوية عندنا ، حتّى سُمّي براوية الإسلام ، فكيف ترميه بهذا الإفك ولماذا هذا التسرّع في الأحكام ؟!

أجاب صديقي بهدوء : خذ بعضاً من حديثه حتّى ترى العجب ، ثمّ قَبل ذلك هل تعلم متى أسلم أبو هريرة ؟!

سكت ولم أحر جواباً !!

أسلم أبو هريرة سنة سبع للهجرة بعد غزوة خيبر ، وكان من أشهر أصحاب الصفّة (١) بل وعرّيفهم.

وقد أُحصي جميع ما رواه فَوُجد خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعين مسندا (٥٣٧٤) ! ، وكان جميع ما رواه الخلفاء الراشدون الأربعة من الحديث لا يمثّل سوى سبع وعشرين بالمائة (٢٧%) لمجموع ما رواه أبو هريرة الذي قلّت صحبته بالنسبة إليهم ، وهذا أوّل الوهن.

ويا ليت الأمر وقف عند هذا الحدّ ، حتىٰ صرّح بنفسه أنّه لو قال كلّ ما عنده لقُطع بلعومه (٢) !

_____________________

١) أصحاب الصفّة كانوا من فقراء المسلمين الذين ما كان لهم عشائر ولا منازل وكان المسجد صفتهم ومثواهم.

٢) صحيح البخاري : باب حفظ العلم من كتاب العلم ج ١ ص ٤١.

٣٦

ويا ليت ثم يا ليت وقف الأمر عند هذا الحدّ ، بل أنظر مليّا في أحاديثه حتّى ترىٰ نفسك أمام كمّ هائل من الخرافات والأساطير وليست أحاديث نقلت عن رسول العقل والقلب صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

كنت أتقلّب يمنة ويسرة وأشعر بالاختناق وأنا أتمنّى أن لا يكشف لي صديقي أي حديث من أحاديث أبي هريرة الّتي نعتها بأقبح الأوصاف ، فإنّ نفسي تنازعني كي لا أذعن وعقلي يدفعني للإطلاع حتّى أكون على بيّنة من أمري.

قال صديقي : خذ لك حديث موسى عليه‌السلام وملك الموت مثلا.

قلت : هات لأسمع منك.

قال : أخرج الشيخان في صحيحيهما بالإسناد إلى أبي هريرة قال : جاء ملك الموت إلى موسى عليه‌السلام فقال له : أجب ربّك ، قال : فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها ، قال : فرجع الملك إلى الله تعالى فقال : إنّك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت ففقأ عيني ، قال : فردّ الله إليه عينه وقال : أرجع إلى عبدي فقل : الحياة تريد ؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما توارت بيدك من شعرة فانّك تعيش بها سنة » (١) الحديث.

ثم تبسّم صديقي وأردف قائلاً : كلّ ما في هذا الحديث مخالف للعقل والنقل ، فموسى عليه‌السلام نبيّ مدحه الله في كتابه الكريم ووصفه بأحسن الأوصاف ، وهو بعد من أولي العزم الخمسة : ، وهذه الدرجة لا يُتصوّر معها خوف من موت. ثمّ ما ذنب ملك الموت ؟ وهل كان جسدا مثلنا يبصر ويعمى ويؤثّر فيه الصفع واللّطم ؟! ثمّ ألم ينقل لنا كتاب الله البعض من

_____________________

١) صحيح مسلم : ج ٤ كتاب الفضائل فضائل موسى عليه‌السلام ص ١٨٤٢.

٣٧

أحكام التوراة التي أُنزلت على موسى عليه‌السلام وفيها يقول الله : ( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ... ) (١).

فلماذا لم يقتصّ ملك الموت من موسى عليه‌السلام على افتراض صحّة القصّة ؟! هل يخالف موسى شريعته وحِبْرُها لم يجفّ بعد ؟ أنظر وأعمل عقلك بعيدا عن الأهواء والإمّعيّة (٢) ، ثم لا تظننّ أن هذا الحديث كبوة جواد ، بل هناك ما لا يحصى مثله (٣) ، بل إنّ أبا هريرة روى أشياء وتحدث عن أحداث لم يعشها !! كروايته عن رقيّة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التي ماتت في السنة الثالثة للهجرة ، بينما أسلم أبو هريرة سنة ٧ هجريّة (٤).

مضى صديقي لسبيله وتركني في حيرة من أمري ...

_____________________

١) سورة المائدة : ٤٥.

٢) من الإمّعَة : وهو الذي يجاري ويقول ويؤمن بكلّ ما يقوله الناس فهو معهم في كلّ شيء.

٣) أنظر : صحيح البخاري ٤ / ١٧٠ و ١٨٤ و ٧٥ و ١٥١ و ١٥٥ و ١٥٨ و ١٦٩ و ٦٣ و ١٩٠ ، وغير ذلك في الصّحاح والمسانيد.

٤) أنظر : الإصابة : ٧ / ٢٠٢ و ٨ / ٨٣ ، الطبقات الكبرى لابن سعد في ترجمته لابي هريرة ٤ / ٥٢.

٣٨



زخرف من القول :

جمعني لقاء جديد بصديقي الشيعي ، وكانت أغلب لقاءاتنا غير مبرمجة وغير منتظمة لانشغالي ذلك الوقت بالتحضير لامتحان آخر السنة.

قال لي صديقي على حين غرّة وبدون مناسبة : هل سمعت بحديث « الميّت يعذّب ببكاء أهله عليه (١) ؟!

أجبته ببداهة : نعم ، وكنت في نفسي أستجمع قواي لعلمي أنني مقبل على « كُربَةٍ » أخرى يخفيها لي أيضا هذه المرّة.

قال : ماذا تقول فيه ؟!

قلت : ما رأيك أنت فيه ؟! وكنت أقصد أن أترك له الكلام حتّى لا يلاحظ ضعفي ولا يخرج من فمي كلام يسخر به منّي.

قال : إنّه مخالف لكتاب الله دستورنا الأوّل والرئيسي ، ومخالف للعقل بل حتّى لعدل الله تعالى.

قلتُ : رويداً رويداً !.

قال : أمّا مخالفته لكتاب الله ، فالله تعالى يقول : ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ

_____________________

١) أنظر : صحيح البخاري ٢ / ١٠٦ كتاب الجنائز ، مسند أحمد ١ / ٤١.

مع أنّ رسول الله قد نهى عمر عن إسكاته لنساء كنّ يبكين قتلاهنّ !! [ مسند أحمد ٢ / ١١٠ ].

٣٩

وِزْرَ أُخْرَىٰ ) (١) ، ويقول : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) (٢) ، ويقول كذلك : ( وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ) (٣) ، فالميت إذا مات انقطع عمله ، نعم إذا سنّ سنّة حسنة كما ورد أو أحدث بدعة يبقى له الأجر أو عليه الوزر ، أمّا أن أبكي أنا على ميّت ويلحقه هو العذاب ، فليس هذا من المنطق ولا من العدل في شيء.

وبقدر ما أعجبني هذا المنطق الذي يتكلّم به صديقي ، إلاّ أنّني كنت أشعر بهزيمة أخرى ، فما زالت أحجار بنائي تنقضّ وتتهدّم الواحدة تلو الأخرى.

قلت في نفسي : صحيح ما ذنب الميّت ؟!

ورجعت بي ذاكرتي إلى أيام طفولتي حيث كانت تخرج جنائز لأقارب لي أو جيران فكان صراخ النسوة يعلو ويشتدّ حتّى أنّ بعضهنّ تشقّ ثيابها وتخدش خدّيها حتّى تسيل الدماء ، وما زلت أذكر تلك الصورة المرعبة التي كانت عليها خالتي عندما ماتت جدّتي ، حيث سال الدّم من وجهها إلى الأرض ، وظلّت آثار تلك الخدوش إلى شهور بعد ذلك باقية في وجهها ، وكان بعض الرجال يصيحون أمام حالة الصياح بكلام غاضب يدعوهنّ إلى الكفّ عن الصياح والبكاء قائلين : لقد أحرقتم الميّت ، ارحموه ، وكنت وأنا صبيّ أشفق على ذلك الميت وأقول : إنّ صياح أهله هو بمثابة البنزين الذي يُسكب ، بل هو وقود النار التي ستحرقه.

_____________________

١) سورة فاطر : ١٨.

٢) سورة المدثر : ٣٨.

٣) سورة العاديات : ١٠.

٤٠