الشيعة الجذور والبذور

محمود جابر

الشيعة الجذور والبذور

المؤلف:

محمود جابر


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-46-1
الصفحات: ١٧٩
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة

قال : وبلغت ذلك المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري ، فقال مثل ذلك. وبلغت عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي ، فقال مثل ذلك. فلمّا بلغ ذلك الوليد بن عتبة أنصف الحسين من حقه حتّى رضى (١).

وقد خرجا بنو عبد شمس وبنو نوفل من هذا الحلف.

ولقد ظن أبو سفيان بن حرب أنّ هذا الصراع الدائر على الشرف والملك يجب أن يكون له نصيب فيه ، بل يجب أن يكون لبني أمية الملك والشرف ، وهذا ما فسّر صراعه وقيادته لقريش في حروب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وحتّى حينما رأى جيش النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يدخل مكة يقول للعباس عمّ النبي : إنّ ملك ابن أخيك أصبح اليوم عظيماً ، فيرد عليه العباس ويقول : إنّها النبوة.

نعم ، إنّها النبوة التي أسقطت الدماء والحروب والأخلاق الرذيلة ، ودعت الناس إلى الحق والعدل ، ولكن لمّا سمحت الفرصة لبني أمية ، ولعب الملك بمخيّلاتهم ، بذلوا في سبيله ما قاله خالد القسري : والله لو أعرف أنّ عبد الملك لا يرضى عنّي إلّا بنقض هذا البيت حجراً حجراً (الكعبة) لنقضته في مرضاته.

لقد أحيى الأمويون صراعاً يدب بجذوره إلى بداية القرن الخامس الميلادي ، وقتلوا كل من وقف في طريقهم ، ولم يكفهم ، بل أشاعوا أنّ دعوة آل البيت ومن شايعهم دعوة فارسية أو يهودية أو غير إسلامية.

_______________

(١) السيرة النبوية لابن هشام ، ١ / ٨٧.

١٠١

ثانياً : اللغة

إنّ اللغة تمثّل للإنسان أهم شيء ، فهي الهواء الذي يتنفّسه وهي الوسيلة لإدراك الواقع وتحديد المسافات والحدود بين تعاملاتنا ، بل هي التي تشكّل الحياة ذاتها ، وهي جسر يوصل بين النفس وبين الناس عن طريق ترجمة ما في خواطرنا ، وهي التي تصنع لنا حياة طبيعية.

وتمارس اللغة سلطتها على صاحبها في تفكيره وحدوده ، وكأنّ لها يد خفية تعمل في طبقات اللاوعي حتّى تحقق ما يرنوا إليه الإنسان.

ولقد برع علماء الشيعة في تأسيس وتطوير علم النحو والعروض والبيان ، وقاموا بحلقة أُخرى من حفظ القرآن بعد تنقيطه وإعرابه.

ويعد علم النحو أوّل علم تأسس عند المسلمين عامّة وعند الشيعة خاصّة ، أخذه أبو الأسود الدؤلي عن الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وفي هذا يقول القفطي إنّ أوّل من وضع النحو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، قال أبو الأسود : دخلت على أمير المؤمنين علي فرأيته مطرقا مفكراً ، فقلت : فيم تفكّر يا أمير المؤمنين ؟ فقال : سمعت ببلدكم لحناً ، فأردت أن أضع كتاباً في أصول اللغة العربية ، ثمّ أتيته بعد أيام ، فألقي إليّ صحيفة فيها : بسم الله الرحمن الرحيم ، الكلام : اسم وفعل وحرف (١).

_______________

(١) القفطي ، إنباه الرواة على أنباء النحاة ، ١ / ٤.

١٠٢

ورأيت بمصر في زمن الطلب بأيدي الوراقين جزء فيه أبواب من النحو يجمعون على أنّها مقدّمة علي بن أبى طالب التي أخذها عنه أبو الأسود الدؤلي (١). وكان أبو الأسود الدؤلي ، كما ذهب السيوطي أوّل من رسم للناس النحو أخذ ذلك عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (٢).

وقد أجمعت العلماء باللغة أنّ أوّل من وضع العربية أبو الأسود الدؤلي ، وأنّه أخذ ذلك عن علي بن أبي طالب (٣).

وعن ابن عبيدة معمر بن المثنى أنّه قال : أوّل من وضع العربية أبو الأسود الدؤلي ، ثمّ ميمون الأقرن (٤).

وقال ابن سلام الجمحي : أوّل من أسس العربية ، وفتح بابها ، وانتهج سبيلها ، ووضع قياسها أبو الأسود الدؤلي ، وهو ظالم بن عمرو بن سفيان ابن جندل ، وكان من أهل البصرة ، وكان علوي الرأي (٥).

وأهل مصر قاطبة يرون بعد النقل والتصحيح أنّ أوّل من وضع النحو علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ، وأخذ عنه أبو الأسود الدؤلي ، وأخذ عن أبي الأسود الدؤلي نصر بن عاصم (٦).

_______________

(١) المرجع السابق ، ١ / ٥.

(٢) السيوطي ، المزهر ، ٣٩٧.

(٣) ابن خلكان ، وفيات الأعيان ، ٥ / ٤٣٥.

(٤) المرجع السابق ، ١ / ٤٣٦.

(٥) القفطي ، إنباه الرواة ، ١ / ١٤.

(٦) المرجع السابق ، ١ / ٧٠٦.

١٠٣

وليس هناك دليل على أنّ هذا العلم دُوّن من قِبل أحد قبل أبي الأسود الدؤلي ، وأنّ أبا الأسود نقله عن علي بن أبى طالب ، وبذلك فإنّ تدوين هذا العلم كان من جهة الشيعة ، وتتلمذ على يد أبي الأسود الدؤلي خلق كثير ، ويروى عن أبي عبيدة معمر بن المثنى أنّه قال : اختلف الناس إلى أبي الأسود الدؤلي يتعلّمون منه العربية فكان أبرع أصحابه عنبسة بن معدان المهري ، واختلف الناس إلى عنبسة فكان من أبرع أصحابه ميمون الأقرن (١).

وقد حصر الرواة من أخذ عن أبي الأسود : بـ (عنبسة بن معدان ، وميمون الأقرن ، ويحيى بن يعمر ، وقتادة بن دعامة السدوسي ، وعبد الرحمن بن هرمز ، ونصر بن عاصم ، وكل هؤلاء أخذوا عن أبي الأسود ، وتفاوتت مقاديرهم في العلم بهذا النوع من العربية) (٢).

ولم يقتصر عمل أبي الأسود على تأسيس علم النحو ومدرسة البصرة النحوية ، بل قام بتنقيط القرآن وإعرابه ، يقول السيوطي : وهو أوّل من نقّط المصحف. قال الجاحظ : أبو الأسود معدود في طبقات الناس ، وهو في كلها مقدّم ، ومأثور عنه في جميعها ، معدود في التابعين ، والفقهاء ، والمحدثين ، والشعراء ، والأشراف ، والفرسان ، والأمراء ، والنحاة ، والحاضري الجواب ، والشيعة (٣).

_______________

(١) ابن الأنباري ، نزهة الألباء ص ١٣.

(٢) القفطي ، إنباه الرواة ، ٢ / ٣٨٢.

(٣) السيوطي ، بغية الوعاة ، ٢ / ٢٢.

١٠٤

هذا ، ويعدّ تنقيط المصحف من الأعمال الخطيرة والمهمة لحفظ كتاب الله تعالى من العبث واللحن وإحاطته بسياج يمنع اللحن فيه (١). من يريد أن يتحرر ويحافظ على ثقافته من العبث فعليه أن يقوّم اعوجاج لغته ، فاللغة مرآة للعقل ، وأداة للفكر ، ولقد بلغت عناية الشيعة باللغة حتّى أنّ البصرة كانت تعجّ بالشيوخ والطلّاب للعربية ، وبلغت أوج نهضتها في ما بين سنة ١٠٠ هـ و ١٦٠ هـ حينما وضع الخليل بن أحمد علم العروض ، والمعجم في اللغة ، وأصول النحو.

وفي الكوفة كان هناك رائد في هذا العلم هو أبو جعفر الرواسي الذي أسس مدرستها جنباً إلى جنب مع معاذ الهراء. وكان أشهر تلاميذها وأنجبهم الكسائي حيث تلقّى علوم النحو والعربية عن الرواسي ، ومعاذ الهراء.

وذكره السيوطي أبو جعفر ، فقال : هو أستاذ الكسائي ، وهو أوّل من وضع من الكوفيين كتاباً في النحو وكان رجلا صالحاً ، وقيل : إنّ كل ما في كتاب سيبويه « وقال الكوفي كذا » إنّما عنى به الرواسي هذا ، وكتابه يقال له : « الفيصل » ، وكان له عمّ يقال له : معاذ بن مسلم الهراء ، وهو نحوي مشهور ، وهو أوّل من وضع علم التصريف (٢)، وكان معاذ الهراء صديقاً للكميت. يقول ابن خلكان : أمّا أبو مسلم معاذ بن مسلم الهراء

_______________

(١) شوقي ضيف ، المدارس النحوية ، ص ١٧.

(٢) السيوطي ، المزهر ، ٤ / ٣٠٥.

١٠٥

النحوي الكوفي ، قرأ عليه الكسائي ، وروى عنه ، وصنّف في النحو كثيراً ، وكان يتشيّع (١).

وقد كان الفراء خاتماً لمدرسة الكسائي ، وبه ختم الجيل الأوّل من النحاة ، والفراء هو : أبو زكريا يحيى بن زياد الديلمي ، وكان أعلم أهل الكوفة باللغة ، بل هو بحر فيها ، وسمّي أمير المؤمنين في النحو ، وإلى جانب هذا ، فهو فقيه ، وخبير بالطب ، وحاذق في أيام العرب ، وأشعارهم ، وأخبارهم ، حتّى وصفه ثمامة بن الأشرس ، فقال : (فرأيت أبهة أديب فجلست إليه فناقشته عن اللغة فوجدته بحراً ، وناقشته عن النحو فشاهدته نسيج وحده ، وعن الفقه فوجدته رجلاً فقيهاً عارفاً باختلاف القوم ، وبالنجوم ماهراً ، وبالطب خبيراً ، وبأيام العرب وأشعارها حاذقاً ، فقلت له : من تكون ؟ وما أظنّك إلّا الفراء (٢).

وهكذا أنشأت مدرسة الكوفة على أيدي الشيعة من الرواسي فالكسائي والفراء ، ثمّ استقرّت على يد الفراء الذي قام بجمع اللغة وضبطها.

وكانت هناك مدرستين شهيرتين ، في النحو هما : مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة ، وكان أبو علي الفارسي أوّل من خلط بين آراء المدرستين ، فانتخب منهما مدرسة ثالثة أكثر وضوحاً وفق ما يراه ، وبه

_______________

(١) ابن خلكان ، وفيات الأعيان ، ٤ / ٢٠٥.

(٢) ابن خلكان ، وفيات الأعيان ، ٥ / ٢٢٥.

١٠٦

يكون إمام مدرسة بغداد ، وقد توفى سنة ٣٧٧ هـ ، وكان معاصراً للمتنبي ، ومصاحباً لسيف الدولة الحمداني ، وكان إمام زمانه في النحو. يقول الحموي : « صنّف كتباً حسنة لم يسبق إلى مثلها ، واشتهر ذكره في الآفاق ، وبرع له غلمان حذاق ، مثل : عثمان بن جني ، وعلي بن عيسى الربعي ، وتقدّم عند عضد الدولة ، فكان يقول : أنا غلام أبي علي النحوي في النحو » (١).

وقد صحب ابن جني كلاً من الشريفين الرضي والمرتضى ، وكان من مشاهير علماء الشيعة البغداديين ومنهم أيضاً يعقوب بن إسحاق السكيت الذي بلغت مصنّفاته في النحو والمعاني والشعر والتفسير ودواوين العرب ، وزاد فيها على كل من تقدّمه ، وكان الخليفة المتوكّل قد اتّخذه مؤدّباً ، فبينما هو مع المتوكّل يوماً جاء المعتز والمؤيد ، فقال المتوكل : يا يعقوب أيّهما أحبّ إليك ابناي هذان أم الحسن والحسين ؟ فقال له : إنّ قنبر خادم علي أحبّ إليّ منك ومن ابنيك ، فأمر غلمانه الأتراك أن يسلّوا لسانه ، ويدوسوا بطنه ، فمات من ساعتها (٢).

ومجمل القول : إنّ السبق في علم النحو والعروض والصرف والبيان كان للشيعة ، كما يرجع إليهم الفضل في تأسيس مدارس النحو ، وبهذا

_______________

(١) ياقوت الحموي ، معجم الأدباء ، ٧ / ٢٣٤.

(٢) الحموي ، معجم الأدباء ، ٢ / ٣٤٩ ، السيوطي ، بغية الوعاة ، ٢ / ٣٤٩ ، ابن خلكان ، وفيات الأعيان ، ٥ / ٤٣٨ ـ ٤٤٣ ، ابن أنجب تاريخ الخلفاء ، ص ٢٨.

١٠٧

العمل أثروا الثقافة الإسلامية ، وجعلوا من العربية لغة عظيمة يقبل عليها القاصي والداني ، وزاوجوا بين اللغة والدين ، فإنّهم ينظرون إلى العربية على أنّها لغة القرآن الذي أنزل الله بها كتابه ، وهي لغة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّ دقائق التشريع لا تعرف إلّا من خلالها ، ولذلك برعوا في فنون العربية ، وتشددوا في ذلك ، ولهذا نجد أنّ فقهاء الشيعة يذهبون إلى عدم صحة جواز القراءة في الصلاة والأذان بغير العربية ، في حين يذهب كل من أبي حنيفة بجواز ذلك بصورة مطلقة ، والمالكية والشافعية بجواز ذلك إذا كان المؤذّن أعجمياً ، ويريد أن يؤذّن لنفسه أو لأمثاله من الأعاجم (١).

وفي عقد النكاح ذهبت الحنفية والمالكية وغيرهم بجواز إيقاع العقود بغير العربية مع القدرة عليها ، ويكون العقد صحيحاً ، والشيعة لا يجيزون ذلك (٢). إنّ روّاد الشيعة الأوائل كانوا هم أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن أهل الجزيرة والحجاز وتهامة ونجد واليمن وغيرها ، وأنّ هؤلاء كانوا عرب أقحاح ، بل كانوا من فصحاء العرب وشعرائهم وأساطين البيان ، والذين تأثّروا بإمامهم الأوّل صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام.

أمّا مسألة عروبة الخليفة أو الإمام فذهب كثير من الفقهاء إلى ضرورة عروبة الخليفة أو الإمام ومنهم الشيعة ; لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « الأئمة من قريش » والأحناف وغيرهم على عدم اشتراط عروبة الخليفة ، وكذلك المعتزلة.

_______________

(١) الفقه على المذاهب الأربعة ١ / ٣١٤.

(٢) محمّد أبو زهرة ، الأحوال الشخصية ، ص ٢٧.

١٠٨

واشتراط عروبة الخليفة ليست دعوة عنصرية أو تعصّب عرقي ، ولكن بهذا الشرط احتاط العلماء لضمان حاكم يعي دقائق الشريعة التي ترتبط باللغة التي نزل بها القرآن ، دون انتقاص أو قدح للآخرين.

ثالثاً : الأصول الاعتقادية عند الشيعة

إنّ عقيدة الشيعة هي عقيدة كل مسلم ، ومصادرها أربع هي : الكتاب والسنة والإجماع والعقل. وفي ذلك يقول الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء : « المسلمون متّفقون على أنّ أدلة الأحكام الشرعية منحصرة في الكتاب والسنة ثمّ العقل والإجماع ، ولا فرق في هذا بين الإمامية وغيرهم ».

أمّا واعتقادهم في التوحيد فيقول فيه ابن بابويه القمي : إنّ الله تعالى واحد ليس كمثله شي ، قديم لم يزل ولا يزال سميعاً بصيراً حكيماً حيّاً قيّوماً عزيزاً قدّوساً قادراً ، لا يوصف بجوهر ولا جسم ولا صورة ولا عرض ، خارج عن الحدّين حدّ الإبطال وحدّ التشبيه.

وأمّا اعتقادهم في القرآن فيقول فيه : أنّه كلام الله ووحيه وتنزيله وكتابه ، وأنّه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وأنّ القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيّه هو ما بين الدفّتين ، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ، ومن نسب إلينا أنّا نقول إنّه أكثر من ذلك فهو كاذب. هذا ما كتبه ابن بابويه الذي عاش في القرن الرابع ، وتوفى سنة ٣٨١ هـ (١).

_______________

(١) عرفان عبد الحميد ، دراسات في الفرق والعقائد الإسلامية ص ١٨.

١٠٩

وقد جاء في كلام السيد محسن الأمين العاملي : وعقيدة الشيعة أنّ كل من شك في وجود الباري تعالى أو وحدانيّته ، أو نبوة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو جعل له شريكاً في النبوة فهو خارج عن دين الإسلام ، وكل من غالى في أحد من الناس من أهل البيت أو غيرهم وأخرجه عن درجة العبودية لله تعالى ، أو أثبت له نبوة أو مشاركة فيها ، أو شيئاً من صفات الألوهية فهو خارج عن ربقة الإسلام ، والشيعة يبرؤن من جميع الغلاة والمفوّضة وأمثالهم (١).

وقال الشيخ محمّد رضا المظفر : (ونعتقد أنّ النبوة وظيفة إلهيّة وسفارة ربّانيّة يجعلها الله لمن يختاره من عباده الصالحين ، فيرسلهم إلى سائر الناس لإرشادهم. ونعتقد أنّ الإمامة أصل من أصول الدين لا يتم الإيمان إلّا بالاعتقاد بها ، ويجب النظر فيها كما يجب النظر في التوحيد والنبوة ، وهي كالنبوة لطف من الله تعالى (٢).

وأهم الأصول الاعتقادية عند الشيعة الإمامية هي : التوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمعاد.

والاسلام يعتمد على ثلاثة أركان : التوحيد والنبوة والمعاد ، فلو أنكر الرجل واحداً منها فليس بمسلم ، وإذا دان بتوحيد الله ونبوة سيّد الأنبياء محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله واعتقد بيوم الآخرة فهو مسلم حقاً له ما للمسلمين وعليه ما

_______________

(١) الأمين ، أعيان الشيعة ، ١ / ٩١.

(٢) المظفر ، عقائد الإمامية ، ص ٤٣.

١١٠

عليهم ، ودمه وماله وعرضه حرام. ويطلق أيضاً على معنى أخص يعتمد على تلك الأركان الثلاثة وركن رابع وهو العمل بالدعائم التي بني الإسلام عليها ، وهي خمس : الصلاة ، والصوم والزكاة والحج والجهاد. وبالنظر إلى هذا قالوا : الإيمان اعتقاد بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان (١).

وكل مورد في القرآن اقتصر على ذكر الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر يراد به الإسلام والإيمان بالمعنى الأوّل. وكل مورد أضيف إليه ذكر العمل الصالح يراد به المعنى الثاني ، والأصل في هذا التقسيم قوله تعالى : ( قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ) (٢) ، وزاده تعالى إيضاحاً بقوله بعدها ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) (٣) وبذلك فإنّ الإيمان قول ويقين وعمل ، فهذه الأركان الأربعة هي أصول الإسلام والإيمان بالمعنى الأخص عند الجمهور ، ولكن الشيعة زادوا ركناً خامساً وهو الاعتقاد بالإمامة ، وأنّها منصب إلهي كالنبوة ، فكما أنّ الله تعالى يختار من يشاء من عباده للنبوة والرسالة ، ويؤيّده بالمعجزة ، فكذلك يختار للإمامة من يشاء ، ويأمر نبيّه بالنص عليه ، وأن ينصبه إماماً للناس من

_______________

(١) ابو حنيفة النعمان ، دعائم الإسلام ، ١ / ١٢ ، ١٣.

(٢) الحجرات : ١٤.

(٣) الحجرات : ١٥.

١١١

بعده للقيام بالوظائف التي كان النبي يقوم بها سوى أنّ الإمام لا يوحى إليه كالنبي ، والإمامة متسلسلة في اثني عشر كل سابق ينصّ على اللاحق ، ويشترطون أن يكون معصوماً كالنبي عن الخطأ وإلّا لزالت الثقة به (١).

وعن أبي جعفر محمّد بن علي صلوات الله عليه أنّه قال : الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان ، ثمّ أدار وسط راحته دائرة وقال : هذه دائرة الإيمان. ثمّ أدار حولها دائرة أُخرى وقال : هذه دائرة الإسلام أدارهما على مثل هذه الصورة فمثل الإسلام بالدائرة الخارجة والإيمان بالدائرة الداخلة ; لأنّه معرفة القلب كما تقدّم القول فيه ، وبأنّه إيمان يشرك الإسلام ولا يشركه الإسلام ، يكون الرجل مسلماً غير مؤمن ، ولا يكون مؤمناً إلّا وهو مسلم (٢).

فهذه مجمل عقيدة الشيعة في التوحيد والنبوة والإسلام والإيمان والولاية.

وإذا كان الإسلام هو الشهادة بالتوحيد والنبوة والمعاد فمن أنكر واحدة منها فليس بمسلم ، فإذاً قضايا مثل : البداء والعصمة والمهدي وغيرها قضايا لا تدخل ضمن معنى الإسلام ، ولكنها قضايا مرتبطة بالمذهب فمن اعتقد بها فهو على مذهبهم ، ومن لم يعتقد بها فهو ليس

_______________

(١) محمّد حسين آل كاشف الغطاء ، ص١٠١ ـ ١٠٢ بتصرّف.

(٢) أبو حنيفة النعمان ، دعائم الإسلام ، ١ / ١٢.

١١٢

على مذهبهم ، فويل للذين يكفّرون إخوانهم ، ويوغرون الصدور عليهم ، وينفخون في كل نار حتّى تلتهب.

فهذه هي مصادر التشريع عند الشيعة كما هي عند غيرهم من فرق ومذاهب أهل الإسلام وهذه هي عقائدهم ، فما هو معنى وصف الشيعة بالخارجين عن الدين أو بالفارسية ؟!

وتجد البعض يقول : بأنّ المضمون الفكري عندهم فارسي ! وعجيب هذا ، فكيف يستساغ فارسية الفروع مع إسلامية الأصول ؟! وممّا قدمنا يتّضح الهوية العريقة للتشيع التي هي عربية المهد واللغة ، ولأجل هذا ذهب الباحثون الموضوعيون أنّ التشيع عربي بكل خواصه ، وأنّ هذه الأقوال التي ترمى الشيعة بالفارسية نشأت متأخرة لأسباب ، منها : تحوّل الفرس من المذهب السني إلى المذهب الشيعي منذ القرن العاشر ، ومنها سياسية : ترتبط بالنزاع الذي دار بين الصفويين والعثمانيين ، فلقد حورب المذهب الجعفري الاثني عشري في عهد العثمانيين والأتراك مئات السنين محاربة عنيفة لئيمة متواصلة ، وتفنن المفرّقون بالافتراءات عليهم في ذلك العهد الظالم اللئيم ، فلم يتركوا وسيلة من وسائل الإيذاء إلّا اقترفوها (١) ، كما أنّ السلطان سليم الأوّل استصدر من الهيئة الإسلامية فتوى تجيز إعدام الذين اعتنقوا المذهب الشيعي من رعايا الدولة ، واعتبارهم مرتدّين عن الإسلام ، وقررت الهيئة أيضاً شرعية

_______________

(١) محمّد جواد مغنية ، الإمام جعفر الصادق ، ص ١١٣.

١١٣

الحرب التي يخوضها الجيش العثماني ضد الشاه إسماعيل الصفوي في بلاد فارس عام ١٥١٤ م تأسيساً على أنّ الدولة الصفوية تتخذ المذهب الشيعي مذهباً رسمياً لها ، وتحاول نشره خارج حدود الدولة الصفوية (١).

وهناك مجموعة كبيرة من الباحثين لم يسعهم من ناحية إنكار عروبة التشيّع في الوقت الذي أرادوا فيه شتم الشيعة عن طريق شتم الفرس منهم :

١ ـ علي حسين الخربوطلي قال : وهناك فريق من العرب تشيّع لعلي بعد أن آلت الخلافة إلى أبي بكر ، ويرى جولد تسهير أنّ الحركة الشيعية نشأت في أرض عربية بحتة ، فقد مال لاعتناق التشيّع قبائل عربية تشبّعت بالآراء الثيوقراطية ، وبشرعية حق علي بالخلافة ، فأقبلت على تعاليمه في لهفة وحماسة أهل العراق من الفرس ، ورأوا أنّ الإمامة ليست من المصالح التي تفوّض إلى نظر الأمّة ، ويُعيّن القائم بها تعييناً باختيار جماعة المسلمين وانتخابهم ، بل هي ركن الدين وقاعدة الإسلام ، فيجب تعيين الإمام ، ويكون معصوماً ، وأنّ علياً هو الذي عيّنه الرسول (٢).

_______________

(١) فتحية النبراوي ومحمّد نصر مهنا ، تطوّر الفكر السياسي في الإسلام ، ٢ / ٤٠٢.

(٢) حسن الخربوطلي ، الدولة العربية ، ص ١٢٧.

١١٤

٢ ـ المستشرق فلهوزن قال : أما أنّ آراء الشيعة تلائم الإيرانيين فهذا ممّا لاشك فيه ، وأمّا كون هذه الآراء انبعثت من الإيرانيين فليست تلك الملائمة دليلاً عليه ، بل الروايات التاريخية تقول عكس ذلك إذ تقول إنّ التشيّع الواضح الصريح كان قائماً أوّلاً في الدوائر العربية ثمّ انتقل إلى الموالي (١).

٣ ـ المستشرق آدم متز قال : إنّ مذهب الشيعة لا كما يعتقد البعض ردّ فعل من جانب الروح الإيرانية تخالف الإسلام ، فقد كانت جزيرة العرب شيعية كلها عدى المدن الكبرى ، كمكة وتهامة وصنعاء ، وكان للشيعة غلبة في بعض المدن ، مثل : عمان وهجر وصعدة وفي بلاد خوزستان التي تلي العراق فكان نصف أهلها على مذهب الشيعة ، أمّا إيران فكانت سنية عدا قم ، وكان أهل أصفهان يغالون في معاوية حتّى اعتقد بعضهم أنّه نبي مرسل (٢).

٤ ـ جولد تسهير قال : إنّ من الخطأ القول إنّ التشيّع في منشئة ومراحل نموّه يمثّل الأثر التعديلي الذي أحدثته أفكار الأمم الإيرانية في الإسلام بعد أن اعتنقته وخضعت لسلطانه عن طريق الفتح والدعاية ، وهذا الوهم الشائع مبني على سوء فهم الحوادث التاريخية ، فالحركة العلوية نشأت في أرض عربية بحتة (٣).

_______________

(١) فلهوزن ، الشيعة والخوارج ، ص ٢٤١.

(٢) آدم متز ، الحضارة الإسلامية ، ١ / ١٠١.

(٣) آدم متز ، العقيدة والشريعة ، ص ٢٠٢.

١١٥

٥ ـ نولدكه قال : ظلّت بلاد فارس في أجزاء كبيرة منها تدين بالمذهب السني ، واستمر ذلك حتّى سنة ١٥٠٠ م عندما أعلن التشيّع مذهباً رسمياً فيها بقيام الدولة الصفوية (١).

٦ ـ المستشرق كيب قال : إنّ الفكرة الخاطئة والتي لازالت منتشرة التي تقول بأنّ بلاد فارس كانت الموطن الأصلي للتشيّع لا أصل لها ، بل الروايات التاريخية تثبت بأنّ الزرادشتيين كانوا أميل عموماً لاعتناق المذهب السني (٢).

هذا ولدينا شواهد على أنّ التشيع لم ينتشر في بلاد فارس إلّا بعد زوال دولة بني عباس.

هذا ، ولم نعرف عرقاً فارسياً نهض في نصرة آل البيت العلوي زمن العباسيين ، بل على العكس سمعنا أنّ يحيى البرمكي تعهّد للرشيد بقتل الإمام الكاظم عليه‌السلام ، ووفى بعهده له ، وسمعنا أنّ الحسن بن سهل يوشي بالإمام الرضا عليه‌السلام في عهد المأمون ، ويسعى به عند المأمون ; وذلك أنّ الذين أحبّوا القومية الفارسية ، وسلّموا زمام الأمر في الدولة لرجال فارس العباسيون حتّى كانت دولتهم شبه فارسية ، ثمّ صارت أيام المعتصم شبه تركية.

ولقد بلغ العباسيون غايتهم في التنكيل بأئمة البيت العلوي ، ونقضوا

_______________

(١) عرفان عبد الحميد ، دراسات في الفرق والعقائد الإسلامية ، ص ٣٢٦.

(٢) المرجع السابق ص ٢٦.

١١٦

العهود ، ونكثوا الأيمان ، وأغدقوا العطاء لمن انتقد زعماء وأئمة البيت العلوي في مجالسهم ، ولقد أرسل موسى بن عيسى العباسي رجلاً إلى عسكر الحسين صاحب فخ حتّى يراه ويخبره عنه ، فمضى الرجل وتعرّف على عسكر الحسين ، فرجع ، قال لموسى بن عيسى : ما أظن القوم إلّا منصورين.

فقال : وكيف ذلك يا بن الفاعلة ؟

قال الرجل : لأنّني ما رأيت فيهم إلّا مصلياً أو مبتهلا ً أو ناظراً متفكّراً ، أو معدّاً للسلاح.

فضرب موسى يداً على يد وبكى ، ثمّ قال : هم والله أكرم خلق الله ، وأحق بما في أيدينا منّا ، ولكن الملك عقيم ، لو أنّ صاحب هذا القبر يعني النبي صلى الله عليه وسلم نازعنا الملك ضربنا خيشومه بالسيف (١).

ولقد كانت خراسان من البلاد التي تتشيّع للعباسيين وليس للعلويين ، هذا ما جاء في كلام الصادق عليه‌السلام عن أهل خرسان يوم أن جاءه عبد الله المحض وقال له : هذا كتاب أبي سلمة يدعوني فيه إلى الخلافة قد وصل على يد بعض شيعتنا من أهل خراسان. فقال الصادق : ومتى صار أهل خراسان من شيعتك وهم يدعون إلى غيرك (٢).

_______________

(١) تاريخ أبي الفداء ، ٢ / ١١.

(٢) ابن الطقطقي ، الفخري في الآداب السلطانية ، ص ١٣٧.

١١٧

ولقد قال محمّد بن علي بن عبد الله بن عباس في كلمته التي ألقاها لرجال الدعوة حينما أراد بثّهم في البلدان : وأمّا الكوفة وسوادها فهناك شيعة علي بن أبي طالب وولده وأمّا البصرة وسوادها فعثمانية تدين بالكف ، وأمّا الجزيرة فحرورية مارقة ، وأمّا أهل مكة والمدينة فقد غلب عليهما أبو بكر وعمر ، ولكن عليكم بخراسان فإنّ هناك العدد الكثير ، والجلد الظاهر ، وهناك صدور سليمة ، وقلوب لم تتقسمها الأهواء ، ولم تتوزعها النحل ، ولم تشغلها ديانة (١).

بل إنّ قم مركز الإشعاع الشيعي في المنطقة والعالم الآن لم تمصر إلّا في سنة ٨٣ هـ ، ولم يدخلها التشيّع إلّا في تلك السنة على يد سعد بن مالك بن عامر الأشعري كما حكى الحموي (٢).

وقد روى البيهقي أنّ المأمون العباسي همّ بأن يكتب كتاباً في الطعن على معاوية ، فقال له يحيى بن أكثم : يا أمير المؤمنين ، العامّة لا تتحمّل هذا ولاسيّما أهل خراسان ، ولاتأمن أن يكون نفرة (٣). وبذلك ندرك أنّ خراسان كانت تتولّى معاوية حتّى أيام المأمون ، وأنّ سجستان وأصفهان وشاش وطوس كانت كلها ناصبة العداء لآل البيت العلوي أيام الخوارزمي وابن سبكتكين المتوفى سنة ٤٢١ هجرية.

_______________

(١) ابن قتيبة ، عيون الأخبار : ١ / ٢٠٤.

(٢) الحموي ، معجم البلدان ، ٧ / ١٦٠.

(٣) البيهقي ، المحاسن والمساوىء ، ١ / ١٠٨.

١١٨

وبلغ الجور والتعسّف الذي لحق بآل البيت العلوي حتّى قال أحد الشعراء :

يا ليت جور بني مروان دام لنا

وليت عدل بني العباس في النار

وقال آخر :

تالله إن كانت أمية قد أتت

قتل ابن بنت نبيها مظلوما

فلقد أتته بنو أبيه بمثله

هذا لعمرك قبره مهدوما

أسفوا على أن لا يكونوا

شاركوا في قتله فتتبعوه رميما

هل التشيّع فارسي ؟

ويبقى بعد ذلك فرض وهو أنّ هناك مفاهيم حضارية انتقلت بمعناها الحضاري عن طريق من اعتنق التشيّع من الفرس ولم يستوعب التشيّع فركّبه على ما عنده وتناقلته الأجيال ، وبقيت تتداول وتنمو حتّى أخفت الوجه الحقيقي للتشيّع ، وهذا ما ساقه البعض وحاول إثباته لكنّه فشل لعدم جدّية هذا الفرض.

ونقول لمّا كانت الجزيرة العربية فقيرة إلى الأفكار الدينية والمضامين الثقافية لعب اليهود وأهل الكتاب دوراً هاماً في ملىء هذا الفراغ المفترض وخصوصاً في الفكر السني الذي حاول أن يتخلّص من الداء وينسبه للشيعة عن طريق ادّعاءاتهم وكتبهم ورجالهم والسلطة الحاكمة التي كانت تحمل العداء الشديد لآل البيت العلوي.

١١٩

ويقول ابن خلدون في مقدّمته عن كتب التفسير : إنّها تشتمل على الغث والثمين والمقبول والمردود ، والسبب في ذلك أنّ العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم ، وإنّما غلبت عليهم البداوة والأميّة ، وإذا تشوّقوا إلى معرفة شيء ممّا تتشوّق إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود ، فإنّما يسألون أهل الكتاب قبلهم ، ويستفيدون منهم ، وهم أهل التوراة من اليهود ومن تبع دينهم من النصارى ، مثل : كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وأمثالهم ، فامتلأت التفاسير من المنقولات عنهم ، وتساهل المفسّرون في مثل ذلك وملأوا كتب التفسير بهذه المنقولات ، وأصلها كلها كما قلنا من التوراة أو ما كانوا يفترون (١).

ويقول أحمد أمين : « اتصل الصحابة بوهب بن منبه وكعب الأحبار وعبد الله بن سلام ، واتصل التابعون بابن جريج ، وهؤلاء كانت لهم معلومات يروونها عن التوراة والإنجيل وشروحها وحواشيها » (٢).

ومن أجل ذلك كله أخذ أولئك الأحبار يبثّون في الدين الإسلامي أكاذيب وترهات ، وازداد الطين بلّة بعد أن سُنّ القص في المساجد ، فكان القاص يأتي بما هو نادر وشاذ ، وبذلك تولّد الشره إلى كل حكاية يجذب بها المستمتع ، وكان البعض يزعم أنّها في كتب الأمم السابقة أو

_______________

(١) ابن خلدون ، المقدّمة ، ٤٣٩ ـ ٤٤٠.

(٢) أحمد أمين ، ضحى الإسلام ، ص ١٣٩.

١٢٠