إفادات من ملفّات التاريخ

محمّد سليم عرفة

إفادات من ملفّات التاريخ

المؤلف:

محمّد سليم عرفة


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-8629-17-X
الصفحات: ٢٦٩

ولكن سؤال مستفهم ، وناقل الكفر ليس بكافر فبعد الإذن منك ، يقول إخواني من المسلمين بأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يوصِ لك بشيء ، ويستدلون على ذلك بحديث أُمّ المؤمنين عائشة وهي كما يقولون أحبّ زوجاته إليه وأفضلهن تقول : لقد رأيت النبيّ وإنّي لمسندته إلى صدري فدعا بالطست ، فأنخنث فمات .. فكيف أوصى إلى عليّ؟ (١)

ج ـ أوّلا : إنّ لأُمّ المؤمنين عائشة فضلها ومنزلتها ، غير أنّها ليست بأفضل أزواج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكيف تكون أفضل مع ما صح عنها إذ قالت : « ذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، خديجة ذات يوم فتناولتها ، فقلت : عجوز حمراء الشدقين ، قد أبدلك الله خيراً منها.

قال : ما أبدلني الله خيراً منها ، لقد آمنت بي حين كفر بي الناس ، وصدّقتني حين كذّبني الناس ، وأشركتني في مالها حين حرمني الناس ، ورزقني الله ولدها وحرمني ولد غيرها » (٢).

وقالت غير مرّة : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يكاد يخرج من البيت

____________

١ ـ صحيح البخاري ٥ : ١٤٣ ، كتاب المغازي ، باب مرض النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ).

٢ ـ الاستيعاب لابن عبدالبر ٤ : ١٨٢٤ ، مجمع الزوائد للهيثمي ٩ : ٢٢٤ وقال : « رواه أحمد وإسناده حسن » ، الإصابة لابن حجر ٨ : ١٠٣ ، وغيرها من المصادر.

١٦١

حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها ، فذكرها يوماً من الأيام فأدركتني الغيرة ، فقلت : هل كانت إلاّ عجوزاً ، قد أبدلك الله خيراً منها ، فغضب حتى أخذ مقدم شعره من الغضب.

ثم قال : لا والله ما أبدلني الله خيراً منها ، آمنت بي إذ كفر الناس ، وصدّقتني إذ كذّبني الناس ، وواستني في مالها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله منها أولاداً إذ حرمني أولاد النساء ... ) (١).

وربما كانت ترى أنّها أفضل من غيرها ، فلا يقرّها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما اتفق هذا مع أم المؤمنين صفية بنت حيي ، إذ دخل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عليها وهي تبكي ، فقال لها : « ما يبكيك »؟

قالت : بلغني أنّ عائشة وحفصة تنالان منّي ، وتقولان : نحن خير من صفية.

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ألا قلت لهن : كيف تكّن خيراً منّي ، وأبي هارون ، وعمّي موسى ، وزوجي محمّد » (٢).

____________

١ ـ مسند أحمد ٦ : ١١٧ ، مجمع الزوائد للهيثمي ٩ : ٢٢٤ ، المعجم الكبير للطبراني ٢٣ : ١٣ ، الإصابة لابن حجر ٨ : ١٠٣ ، الوافي بالوفيات للصفدي ١٣ : ١٨٢ ، الاستيعاب لابن عبد البرّ ٤ : ١٨٢٤ ، أسد الغابة لابن الأثير ٥ : ٤٣٥.

٢ ـ سنن الترمذي ٥ : ٣٦٧ ، الاصابة لابن حجر ٨ : ٢١١ ، الاستيعاب لابن

١٦٢

فأفضل أزواج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله خديجة الكبرى صدّيقة هذه الأُمّة ، وأوّلها إيماناً بالله وتصديقاً بكتابه ، ومواساة لنبيّه.

وقد أُوحي إليه صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يبّشرها ببيت لها في الجنة من قصب (١) ، ونصّ على تفضيلها فقال : « أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمّد ، وآسية بنت مزاحم ، ومريم بنت عمران » (٢).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « خير نساء العالمين أربع » ثمّ ذكرهن (٣).

وقال : « حسبك من نساء العالمين : مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمّد ، وآسية امرأة فرعون » (٤).

____________

عبدالبر ٤ : ١٨٧٢ ، أسد الغابة لابن الأثير ٥ : ٤٩١ ، المستدرك للحاكم ٤ : ٢٩ ، سير أعلام النبلاء للذهبي ٢ : ٢٢٣.

١ ـ صحيح البخاري ٢ : ٢٠٣ ، كتاب الكسوف ، باب طواف الوداع ، صحيح مسلم ، كتاب الفضائل ، باب فضائل خديجة.

٢ ـ مسند أحمد ٣ : ١٣٥ ، مستدرك الحاكم ٢ : ٤٩٧ ، مجمع الزوائد للهيثمي ٩ : ٢٢٣ ، فتح الباري لابن حجر ٦ : ٣٢١.

٣ ـ صحيح ابن حبان ١٥ : ٤٠٢ ، المعجم الكبير للطبراني ٢٢ : ٤٠٢ ، الاستيعاب لابن عبد البرّ ٤ : ١٨٢١ ، موارد الضمآن للهيثمي ٧ : ١٦٨.

٤ ـ مسند أحمد ٣ : ١٣٥ ، سنن الترمذي ٥ : ٣٦٧ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٧ ، فتح الباري لابن حجر ٦ : ٣٤٠ ، المصنّف للصنعاني ١١ : ٤٣٠ ، صحيح ابن حبان ١٥ : ٤٦٤.

١٦٣

ثانياً : إنّ أُمّ المؤمنين عائشة لا تطيب لي نفساً بخير وهي التي قالت ذلك :

لما ثقل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، واشتد وجعه خرج وهو بين رجلين تخطّ رجلاه في الأرض ، بين العباس بن عبد المطلب ورجل آخر ....

قال المتحدث عنها ـ وهو عبد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ـ فأخبرت عبد الله بن عباس عمّا قالت عائشة ، فقال ابن عباس : هل تدري من الرجل الذي لم تسمّه عائشة؟

قال : لا.

قال ابن عباس : هو علي بن أبي طالب.

ثمّ قال : إنّ عائشة لا تطيب له نفساً بخير (١).

وكانت لا تمنع الناس من الوقوع فىّ :

جاء رجل أعرابي فوقع فىّ عند عائشة ، فقالت : أمّا عليّ فلست قائلة لك فيه شيئاً وأمّا عمّار فإنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول فيه : لا يُخيّر بين أمرين إلاّ اختارا أشدهما (٢).

فالتي لا تطيب نفساً بذكري لسيري مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا تمنع

____________

١ ـ إرواء الغليل ١ : ١٧٨ ، الطبقات الكبرى لابن سعد ٢ : ٢٣٢ ، مسند أحمد ٦ : ٢٢٨.

٢ ـ مسند أحمد ٦ : ١١٣ ، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ٤٣ : ٤٠٧.

١٦٤

من يقع فىّ ، فهل تطيب نفسها بإفشاء الوصية وفيها كلّ الخير؟!

ثمّ هل كان رأيها أنّ الوصية لا تصحّ إلاّ عند الموت; كلا ، ولكن حجّة من يكابر الحقيقة داحضة كائناً من كان ، وقد قال الله تعالى مخاطباً نبيه الكريم في محكم كتابه الحكيم : ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصـيَّةُ ) (١).

فهل كانت أم المؤمنين تراه لكتاب الله مخالفاً؟ أو لأحكامه صادفاً؟

معاذ الله! وحاشا لله ، بل كانت تراه يقتفي أثره ، ويتبع سوره ، سباقاً إلى التعبّد بأوامره ونواهيه ، بالغاً كلّ غايات التعبّد بجميع ما فيه ، ولا شكّ في أنّها سمعته يقول : « ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به أن يبيت ليلتين إلاّ ووصيته مكتوبة عنده » (٢).

أو سمعت نحوه ، فإنّ أوامره الشديدة بالوصية ممّا لا ريب في صدوره منه ، ولا يجوز عليه ولا على غيره من الأنبياء ، أن يأمروا بالشيء ثمّ لا يأتمرون به أو يزجرون عن شيء ثمّ لا ينزجرون عنه ، تعالى الله عن إرسال من هذا شأنه علواً كبيراً.

____________

١ ـ البقرة : ١٨٠.

٢ ـ صحيح البخاري ٣ : ١٨٦ ، كتاب الوصية باب الوصايا ، صحيح مسلم ٥ : ٧٠ ، كتاب الوصية ، باب الوصية.

١٦٥

على أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يستحيل أن يترك دين الله وهو في مهد نشأته إلى الأهواء ، ويترك حفظ الشرع على الآراء من غير أن يوصي بشؤون الدين والدنيا إلى أحد.

وهم أهل الأرض في الطول والعرض كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية ، ليس لها من يرعاها حقّ رعايتها ، ومعاذ الله أن يترك الوصيّة بعد أن أوصي بها إليه فأمر أمته بها وضيّق عليهم بها.

وقد أوصى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلىّ في مبدأ الدعوة الإسلاميّة قبل ظهورها في مكّة حين أنزل الله سبحانه : ( وَأَنْذِرْ عَشـيرَتَكَ الأَقْربـينَ ) (١).

ولم يزل يكرّر وصيّتة لي ويؤكّدها مرّة بعد مرّة بأحاديثه ، حتى أراد وهو محتضر ـ بأبي هو وأُمّي ـ أن يكتب وصيّته لي تأكيداً لعهوده اللفظيّة وتوثيقاً لعرى نصوصه القولية ، فقال : « ائتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً ، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبيّ تنازع ، فقالوا ( قال عمر ) : هجر رسول الله ـ معاذ اللّه ـ وعندها علم أنّه لم يبق ـ بعد كلمتهم هذه ـ أثر لذلك الكتاب إلاّ الفتنة ، فقال لهم : قوموا عنّي ، فمات وهو غاضب عليهم; لأنّهم منعوه من كتابة وصيّته واكتفى بعهوده اللفظية ، ومع ذلك فقد أوصاهم عند موته بوصايا

____________

١ ـ الشعراء : ٢١٤.

١٦٦

ثلاث : أن يولّوني عليهم ، وأن يخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأن يجيزوا الوفد بنحو ما كان يجيزه.

لكن السلطة والسياسة وأُمّ المؤمنين يومئذ ما أباحت للمحدّثين أن يُحدّثوا بوصيّته الأولى ، فزعموا أنّهم نسوها (١).

استسلام عائشة لعواطفها :

س ٣ ـ سيّدي ، عرفنا بأن أُمّ المؤمنين كانت لا تطيب لك ذكراً بخير ، ولكن ـ كما يقول أهل الخلاف ـ بأنّها لا يمكن أن تتحدث عن رسول اللّه بغير الواقع وتستسلم لعواطفها إيثاراً لغرض في نفسها ، وهي زوجة رسول الله وقد أمرها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن لا تكتم ما ينزل في بيتها؟

ـ إنّ الناس فهموا من كلمة ( أُمّ المؤمنين ) أنّها فضيلة تخصّ السيّدة عائشة من بين سائر أزواج الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والحال أنّ الله حرّم على المؤمنين الزواج بنساء النبيّ بعد وفاته بقوله تعالى : ( وَما كانَ

____________

١ ـ قال البخاري ٤ : ٣١ ، كتاب الدعاء ، باب دعاء النبي ، في آخر الحديث المشتمل على قولهم : هجر رسول الله : « وأوصى عند موته بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزه ، ثمّ قال : ونسيت الثالثة » ، صحيح مسلم ٥ : ٧٥ ، كتاب الوصية ، باب ترك الوصية.

١٦٧

لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً ) (١) ، وقال أيضاً : ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ) (٢).

وهذه الآية نزلت في طلحة عندما قال : « إذا مات رسول الله تزوّجت عائشة ابنة عمّي » (٣).

فأراد الله سبحانه أن يقول للمؤمنين بأنّ نساء الرسول حرام عليكم كحرمة أُمّهاتكم.

وقد أعلم الله عباده وخاصّة زوجات الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وخاصّة عائشة وحفصة عندما تظاهرتا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إِنْ تَتُوبا إِلَى اللّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ ) (٤).

في سورة التحريم ليعلمها وبقية المسلمين الذين يعتقدون بأنّ أُمّ المؤمنين تدخل الجنّة بلا حساب ولا عقاب; لأنّها زوجة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأن الذي ينفع ويضرّ عند الله هو الأعمال فقط ، قال

____________

١ ـ الأحزاب : ٥٣.

٢ ـ الأحزاب : ٦.

٣ ـ تفسير القرطبي ١٤ : ٢٢٨ ، الدر المنثور للسيوطي ٥ : ٢١٤.

٤ ـ التحريم : ٤.

١٦٨

تعالى ضارباً هذا المثل لهما أيضا : ( ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوح وَامْرَأَتَ لُوط كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) (١).

وقال الله تعالى ضارباً مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قال : ( وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ ) (٢).

وبهذا يتبين بأنّ الزوجيّة ليست فضيلة في حدّ ذاتها ، إلاّ إذا اتسمت بالأعمال الصالحة ، وإلاّ سيكون العذاب مضاعفاً.

ونعود لسؤالك ، فإنّ أُمّ المؤمنين السيّدة عائشة كانت تستسلم في معظم أمورها إلى العاطفة والغيرة كما تروي هي عن نفسها ، فقد قالت :

« بعثت صفيّة زوج النبيّ إلى رسول الله بطعام قد صنعته له ، وهو عندي ، فلمّا رأيت الجارية أخذتني رعدة حتى استقلني أفكل ،

____________

١ ـ التحريم : ١٠.

٢ ـ التحريم : ١١ ـ ١٢.

١٦٩

فضربت القصعة ورميت بها ، قالت : فنظر إلىّ رسول الله فعرفت الغضب في وجهه.

فقلت : أعوذ برسول الله أن يلعنني اليوم.

قالت : قال : أولي.

قلت : وما كفّارته يا رسول الله؟

قال : طعام كطعامها وإناء كإنائها » (١).

ومرّة أُخرى تروي عن نفسها قالت : « قلت للنبيّ : حسبك من صفية كذا وكذا.

فقال لي النبيّ : لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته » (٢).

وهاهي تحكي عن غيرتها مرّة أُخرى قائلة : « ما غرت على امرأة إلاّ دون ما غرت على مارية ، وذلك أنّها كانت جميلة جعدة ، وأعجب بها رسول الله ، وكان أنزلها أوّل ما قدم بها في بيت حارثة بن النعمان وفزعنا لها فجزعت ، فحوّلها رسول الله إلى العالية فكان يختلف إليها هناك ، فكان ذلك أشدّ علينا ، ثمّ رزقه الله الولد منها وحرمناه » (٣).

____________

١ ـ مسند أحمد بن حنبل ٦ : ٢٧٧ ، كنز العمال للمتقي الهندي ١٥ : ٧.

٢ ـ سنن أبي داود ٢ : ٤٥٠ ، تفسير ابن كثير ٤ : ٢٢٩.

٣ ـ الإصابة لابن حجر ٨ : ٣١١ ، امتاع الاسماع للمقريزي ٥ : ٣٣٦.

١٧٠

وقد تعدّت ذلك من غيرتها حتى طعنت في ولد رسول الله من مارية ، قالت : « لما ولد إبراهيم جاء رسول الله إلىّ ، فقال : انظري إلى شبهه بي.

فقلت : ما أرى شبهاً.

فقال رسول الله : ألا ترين إلى بياضه ولحمه؟

قالت : فقلت : من سُقي ألبان الضان ابيضّ وسمن » (١).

وعندما تزوّج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مليكه بنت كعب ، فدخلت عليها عائشة ، فقالت لها : أما تستحين أن تنكحي قاتل أبيك ، فاستعاذت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فطلّقها.

وكما تدلّ هذه الروايات على الأساليب التي اتبعتها عائشة في الخداع والمكر للمؤمنات البريئات وحرمانهم من الزواج برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد سبق لها أن طلّقت أسماء بنت النعمان لما غارت من جمالها وقالت لها : إنّ النبيّ ليعجبه من المرأة إذا دخل عليها أن تقول له : أعوذ بالله منك (٢).

فكانت تستبيح مثل هذا الحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ترويجاً

____________

١ ـ الطبقات الكبرى لابن سعد ١ : ٣٧ ، متاع الاسماع للمقريزي ٥ : ٣٣٦.

٢ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٣٧ ، عمدة القارئ للعيني ٢٠ : ٢٢٩ ، سير أعلام النبلاء للذهبي ٢ : ٢٥٩.

١٧١

لغرضها حتى لو كان تافهاً أو حراماً ، وكلّفها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالإطلاع على امرأة مخصوصة لتخبره بحالها فأخبرته ـ إيثاراً لغرضها ـ بغير ما رأت (١).

وخاصمته يوماً إلى أبيها ـ نزولا على حكم العاطفة ـ فقالت له : اقصد ، فلطمها أبوها حتى سال الدم على ثيابها (٢).

وقالت له مرّة في كلام غضبت عنده : أنت الذي تزعم أنّك رسول الله (٣) إلى الكثير من الأمثال ، وهذا بشكل عامّ.

أمّا عن إعراضها عنّي ، فقد كانت كما ذكرت لك آنفاً ، أنّها لا تطيب لها نفساً لذكري بخير.

آية الإنذار :

س ٤ ـ مولاي ، تقول : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد أوصى لك منذ بدأ الدعوة الإسلاميّة عند الإيذان بالجهر بالدعوة وتعاهد ذلك حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى ، فهل لك أن تدلّنا على ذلك؟

____________

١ ـ الطبقات الكبرى لابن سعد ٨ : ١٦١.

٢ ـ كنز العمال ١٣ : ٦٩٦ ، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ٣٠ : ٢١٥.

٣ ـ مجمع الزوائد للهيثمي ٤ : ٣٢٢.

١٧٢

ج ـ لما نزل قوله تعالى : ( وَأَنْذِرْ عَشـيرَتَكَ الأَقْرَبِيـنَ ) (١) ، دعاهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى دار عمّه أبي طالب ، وعرض عليهم الإسلام وفي آخر حديثه صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « يا بني عبد المطلب ، إنّي والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به ، جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه ، فأيكم يؤازرني على أمري هذا على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم »؟

فأحجم القوم عنها غيري ، وكنت أصغرهم ، فقمت وقلت : « أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك عليه ، فأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله برقبتي وقال : إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا ».

فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع (٢).

____________

١ ـ الشعراء : ٢١٤.

٢ ـ إنّ هذا الحديث قد جاء في مصادر كثيرة بهذه الصيغة أو قريب منها مثلا :

١ ـ تاريخ الطبري ٢ : ٦٢ ـ ٦٤.

٢ ـ الكامل في التاريخ لابن الأثير الشافعي ٢ : ٦٣.

٣ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٣ : ٢١١.

٤ ـ البداية والنهاية لابن كثير ٣ : ٥٣.

٥ ـ كنز العمال للمتقي الهندي ١٣ : ١٣٣.

٦ ـ تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ٤٢ : ٤٩.

١٧٣

حديث الثقلين :

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حجّته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء : « يا أيها الناس ، إنّي قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي » (١).

____________

٧ ـ السنن الكبرى للبيهقي ٥ : ١٢٦.

٨ ـ تفسير الثعلبي ٧ : ١٨٢.

٩ ـ الدر المنثور للسيوطي ٥ : ٩٧.

١٠ ـ جامع البيان للطبري ١٩ : ١٤٩.

١١ ـ خصائص أمير المؤمنين للنسائي : ٨.

١٢ ـ نظم درر السمطين للزرندي الحنفي : ٨٣.

١٣ ـ حياة محمّد لمحمد حسنين هيكل : ١٠٤ ، الطبعة الأولى سنة ١٣٥٤ هـ لأنّه حذفها من الطبعة الثانية واستعاض عن « أخي ووصيي وخليفتي فيكم » بـ «كذا وكذا وكذا » وهذا من أمانته في سرد التاريخ!

١ ـ وجاء هذا الحديث بعدّة صيغ منها :

ـ جاء في سنن الترمذي ٥ : ٣٢٩ عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ».

ـ جاء في مسند أحمد بن حنبل ٥ : ١٨٢ عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله : « إنّي تارك فيكم خليفتين : كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء

١٧٤

____________

والأرض ـ أو ما بين السماء إلى الأرض ـ وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ».

ـ وجاء في مسند أحمد بن حنبل ٣ : ١٧ عن أبي سعيد الخدري : قال عن النبيّ : قال : « إنّي أُوشك أن اُدعى فأُجيب ، وإنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله عزّ وجلّ وعترتي ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ».

ـ جاء في المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري ٣ : ١٠٩ عن زيد ابن أرقم قال : لمّا رجع رسول الله من حجّة الوداع ، ونزل غدير خم ، أمر بدوحات فقمن ، فقال : « كأنّي دعيت فأجبت ، إنّي قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله تعالى وعترتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، ثم قال : إن الله عزّ وجلّ مولاي وأنا مولى كلّ مؤمن ـ ثمّ أخذ بيد عليّ فقال ـ : من كنت مولاه فهذا وليه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ».

ـ جاء في صحيح مسلم ٧ : ١٢٣ ، كتاب فضائل الصحابة ، باب فضائل علي ( رضي الله عنه ) عن زيد بن أرقم قال : قام رسول الله يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وذكر ثمّ قال : « أما بعد ، ألا أيّها الناس ، فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأُجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين : أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به » ، فحثّ على كتاب الله ، ورغب فيه ثم قال : « وأهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في

١٧٥

____________

أهل بيتي ».

ـ وجاء في إحياء الميت للسيوطي : ١٤٥ ، أخرج البزار عن علي قال : قال رسول الله : « إنّي مقبوض ، وإنّي قد تركت فيكم الثقلين : كتاب الله وأهل بيتي ، وإنّكم لن تضلّوا بعدهما ».

وفي نفس المصدر ٥٧ ، ٥٨ : أخرج الطبراني عن المطلب بن عبدالله بن حنطب عن أبيه قال : خطبنا رسول الله بالجمعة ، فقال : « ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : فإنّي سائلكم عن اثنين : عن القرآن ، وعترتي ».

ـ وجاء في الصواعق المحرقة لابن حجر ٢ : ٣٦٨ ، الباب التاسع ، الفصل الثاني : عن رسول الله قال : « يوشك أن أقبض قبضاً سريعاً فينطلق بي ، وقد قدمت إليكم القول معذرة اليكم ، إلاّ أنّي مخلّف فيكم كتاب ربّي عزّ وجلّ ، وعترتي أهل بيتي ، ثمّ أخذ بيد عليّ فرفعها فقال : هذا عليّ مع القرآن ، والقرآن مع عليّ لا يفترقان حتى يردا عليَّ الحوض ، فأسألهما ما خلّفت فيهما ».

ـ وجاء في مجمع الزوائد للهيثمي عن أبي هريرة ٩ : ١٦٣ : قال : قال رسول الله : « إنّي خلّفت فيكم اثنين ، لن تضلّوا بعدهما أبداً : كتاب الله ونسبي ، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ».

وحديث الثقلين الآنف الذكر قد ذكرته جل كتب الحديث والتفسير وبلغ حدّ التواتر ، وقد سجّلت مصادره في إفادة عمر بن الخطاب ، فيمكن الرجوع إلى مصادره هناك أيضاً.

ـ ومن النصوص التي قالها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والتي تضمنّت لفظ ( الإمام ) :

١٧٦

____________

١ ـ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « أُوحي إليّ في علي ثلاث : إنّه سيد المسلمين ، وإمام المتقين ، وقائد الغرّ المحجلين » مستدرك الحاكم ٣ : ١٣٨ وقال : « هذا حديد صحيح الإسناد ولم يخرجاه ».

٢ ـ وقال أبو نعيم : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي : « مرحباً بسيّد المسلمين وإمام المتّقين » حلية الأولياء ١ : ٦٣.

ـ عن ابن عباس قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « من سرّه أن يحيا حياتي ، ويموت مماتي ، ويسكن جنّة عدن غرسها ربّي ، فليوال عليّاً ، وليوال وليه ، وليقتدِ بالأئمة من ولده من بعده فإنّهم عترتي خلقوا من طينتي ورزقوا فهمي وعلمي ، فويلٌ للمكذبين بفضلهم من أُمّتي لا أنالهم الله شفاعتي » كنز العمال للمتقي الهندي ١٢ : ١٠٤ ، تاريخ مدينة دمشق ٣٦ : ٣١٣.

ـ عن ابن طفيل بن وائلة قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « يا علي أنت وصيّي ، حربك حربي ، وسلمك سلمي ، وأنت الإمام وأبو الأئمة الأحد عشر المطهرون » المصدر السابق ١ : ١٧٢.

ومن النصوص التي تضمّنت لفظ الوصي :

ـ عن محمّد بن حميد الرازي ، عن سلمة البرش ، عن ابن إسحاق ، عن شريك ، عن أبي الإيادي ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : « لكلّ نبيّ وصيّ ووارث ، وعليّ وصيّي ووارثي » ينابيع المودة ٢ : ٧٩.

ـ عن أبي ذر قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :

« أنا خاتم النبيين وأنت يا علي خاتم الوصيين إلى يوم الدين » ينابيع المودة ١ : ٢٣٦.

ـ قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في المؤاخاة والمنزلة : « والذي بعثني بالحقّ ما

١٧٧

آية المودة :

قال تعالى : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (١).

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من

____________

أخّرتك إلاّ لنفسي ، أنت منّي بمنزلة هارون من موسى غير أنّه لا نبيّ بعدي ، وأنت أخي ووارثي ، فقلت : وما أرث منك؟ قال : ما ورث الأنبياء قبلي ، كتاب ربّهم وسنّة نبيهم » نظم درر السمطين للزرندي : ٩٥ ، ينابيع المودة ١ : ١٦٠.

ـ ونزلت بي وبأهل بيتي عدة آيات منها :

١ ـ آية التطهير : ( إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) الأحزاب : الآية ٣٣.

ـ عن أم سلمة ( رض ) قالت : « إن النبيّ كان في بيتها فأتت فاطمة ببرمة فيها خزيرة فدخلت بها عليه فقال لها : ادعي زوجك وابنيك.

قالت : فجاء عليّ والحسن والحسين فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو على منامة له على مكان تحته كساء له خيبري.

قالت : وأنا أُصلي في الحجرة فأنزل الله عزوجل هذه الآية : ( إنّما يريد الله ... ).

قالت : فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ، ثم أخرج يده فألوى بها السماء ثمّ قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

قالت : فأدخلت رأسي البيت فقلت وأنا معكم يا رسول الله؟

قال : إنك إلى خير ، إنك إلى خير » مسند أحمد ٦ : ٢٩٢ ، فتح القدير للشوكاني ٤ : ٢٧٩ ، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ١٣ : ٢٠٥.

١ ـ الأنعام : ٩٠.

١٧٨

طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية ، قالوا : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟

قال : « علي وفاطمة وولدهما » (١).

آية المباهلة :

وقال تعالى : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (٢).

ولما نزلت هذه الآية دعاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وفاطمة وحسناً وحسيناً ، فقال : « اللهمّ هؤلاء أهلي ».

وقد أجاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حينما سُئل عن هذا الاختيار بقوله : « لو علم الله تعالى أنّ في الأرض عباداً أكرم من علي وفاطمة والحسن والحسين لأمرني أن أُباهل بهم ، ولكن بالمباهلة مع هؤلاء ، وهم أفضل الخلق ، فغلبت بهم النصارى » (٣).

____________

١ ـ مجمع الزوائد للهيثمي ١١ : ٣٥١ ، شواهد التنزيل للحسكاني ٢ : ١٩١ ، الدر المنثور للسيوطي ٦ : ٧ ، فتح القدير للشوكاني ٤ : ٥٣٧.

٢ ـ آل عمران : ٦١.

٣ ـ ينابيع المودة ٢ : ٢٦٦.

١٧٩

وقصة هذه الآية كما هو معروف أنّ وفد نجران أتى ليباهل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « موعدنا معكم الغد » ، فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد غدا محتضناً الحسين أخذ بيد الحسن ، وفاطمة تمشي خلفه ، وأنا خلفهما وهو يقول : « إذا أنا دعوت فأمّنوا ».

فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى إنّي لأرى وجوهاً لو شاء الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها ، فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصارى إلى القيامة ، ورضي أن يدفع الجزية (١).

ودلالة الآية واضحة ، فأبناءنا : الحسن والحسين ، ونساءنا : فاطمة ، وأنفسنا : أنا ( علي ) ، أي جعلني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نفسه بمحكم التنزيل من ربّ العالمين.

حديث المنزلة :

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد خلّفني في أهله في غزوة تبوك :

« أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي » (٢).

____________

١ ـ تحفة الأحوذي للمباركفوري ٨ : ٢٧٩.

٢ ـ صحيح مسلم ٧ : ١٢٠ ، كتاب فضائل الصحابة ، باب فضائل علي ( رضي الله عنه ) ، سنن

١٨٠