تاريخ مقام الامام المهدي (عج) في الحلة

أحمد علي مجيد الحلي

تاريخ مقام الامام المهدي (عج) في الحلة

المؤلف:

أحمد علي مجيد الحلي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي
الطبعة: ١
ISBN: 964-297-132-5
الصفحات: ٢١٦

١

٢

الاهداء :

الى الكهف الحصين وغياث المضطر المستكين وملاذ المؤمنين.

إن حقوق إمامنا صاحب العصر والزمان أرواحنا فداه علينا كثيرة :

فهو العمود بين السماء والارض ...

وهو الشمس التي حجبتها غيوم ذنوبي الكثيرة. (١)

نأي حقٍّ منه لا أستطيع أن أقابله بالشكر والاحسان.

فكل شكر اليه ، هو بالحقيقة منه واليه.

ويقال إن النبي سليمان بن داود عليه‌السلام قَبل هدية القنبرة.

وكانت تلك الهدية جراده.

فعلّ إمام زماني يقبل هديتي هذه المتواضعة فهي منه واليه.

وهديتي له عبارة عن بحث بتاريخي عن مقامه عجل الله تعالى فرجه الشريف في الحلة الفيحاء.

ليفي لنا الكيل ويتصدق علينا ان الله يجزي المتصدقين.

إذ مسنا الضر وهو الرحمة للعالمين.

خادخه

احمد علي مجيد

__________________

١ ـ اشارة الى الحديث المروي عنه عجل الله تعالى فرجه الشريف : « واما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالأنتفاع بالشمس اذا غيبتها السحاب عن الابصار » كشف الغمة ، ج ٣ ، ص ٣٤.

٣
٤

الدرة البيضاء :

هذه إضمامة عطرة تفضل بها سماحة العلامة الجليل السيد ... (١)

مور خابها عملنا المتواضع هذا قائلاً :

بِيَراع أحمدَ خُطَّ سَفْرُ فَوائِدٍ

هُوَ ( مَصْدَرٌ ) للباحِثْينَ و( مَوْرِدُ )

لـِ ( مَقامِ مَهْدي الهُدى ) سَطَعَتْ بِهِ

أنْوارُ قُدْسِ للضَلالِ تُبَدَّدُ

ذاكَ الّذِيْ في الحِلَّةِ الفَيْحاءِ قَدْ

باهى بِهِ تَأرِيْخُهُ المُتَجَدِّدُ

تمضِي القُرُوْنٌ ونَشْرُهُ مُتَأرِّجٌ

وَ الذِكْرُ مِنْهُ في الزَّمانِ مُخَلّدُ

هُوَ للمِلائِكِةِ ( المَطافُ ) فَرُكَّع

مِنْهُم بِذَيّاكَ ( المَقامِ ) وسُجَّدُ

وَ لِشِيْعَةِ الكَرّارِ فيهِ تَضُرُّعٌ

وَ تَوَسُّلٌ وتَبتُّلٌ وتَهَجُّد

قَدْ فازَ أحْمَدُ مُذْ تَتَبَّعَ جاهِدا

حَرَماً لِنِسْبَتهِ الدَّليلُ يُؤكَّد

أكْرمْ بِهِ إذْ أرَّخُوْا : مْنَ فائِزٍ

بالدُّرَّةِ البَيْضاءِ وافى أحْمَدُ

٩٠ + ٩٨ + ٢٤٢ + ٨٤٥ + ٩٧ + ٥٣ = سنة ١٤٢٥ هـ

و من غريب اتفاق هذا التاريخ ان لي أخا في الله اسمه فائز وهو أول ومن شجعني على كتابة هذا الكتاب ، دون علم السيد المؤرخ لهذا الكتاب ، فخرج تاريخ اتمام الكتاب ، باسم فائز والحمد ولله رب العالمين.

* * *

__________________

١ ـ والسيد هذا هو من نزلاء مدرسة الامام الاكبر الشيخ محمد حسين آل كشف الغطاء ، في النجف الأشرف ومن تواضعه ، طلب مني أن لا أذكر اسمه رغم شهرته.

٥
٦

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمةالمركز :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين المنتجبين ولا سيما صاحب العصر وناموس الدهر بقية الله في أرضه وحجته على عباده سمي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكنيه الحجة بن الحسن المهدي العسكري أرواحنا لتراب مقدمه الفداء.

و اللعنة الدائمة على أعداءهم أجمعين من الأولين والآخرين خاصة المنكرين للإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف والمشككين فيه.

من الأمور الثابتة عن أهل بيت العصمة والطهارة الندب الى احياء امرهم والتأكيد عليه حيث ورد عن الإمام الصادق عليه‌السلام أنه قال : « احيوا أمرنا رحم الله من احيا امرنا » وورد عنه عليه‌السلام انه قال لبعض اصحابه « تجلسون وتتحدثون قال نعم جعلت فداك قال : ان تلك المجالس أحبها » وهذه النصوص وغيرها تكتشف بما لا يشبه شك اهمية احياء أمرهم صلوات الله عليهم بين مختلف الطبقات الاجتماعية والعلمية والفكرية ، والتأكيد على مسألة التذكير بهم ويمناقيهم وخصوصياتهم بالدعوة المتكررة منهم عليه‌السلام لحضور مواليهم في مقاماتهم وزيارتها وعمارتها وتوجيه اذهان الأمة الى اهميتها لما في تشييد المقامات المنسوبة لأهل الكمالات من دور مهم في شد الناس الى دينهم والى أئمتهم وهو منهج الهي أول من أمر به واسسة الله تبارك

٧

وتعالى حيث جعل الكعبة البيت الحرام محلاً يؤمه الحجيج لا لحاجة منه اليهم بل لتوثيق ارتباطهم بربهم ولم يكن هذا المورد خاصاً بالبيت الحرام بل هناك مجال اخر دعى الله فيها بعض الأنبياء ان يجعلوا من بعض الأماكن محالاً تكون عنصرا لتوثيق الترابط بين العباد وربهم حيث قال تبارك وتعالى مخاطبا موسى وهارون عليها‌السلام ( وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ) وقال : (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلى ).

وأثنى الله تبارك وتعالى على الذي بنى مسجداً على الكهف الذي لجأ اليه الصالحون بعد ان بعثهم من ليثهم فيه ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعاً ( لنتخذن عليهم مسجدا ).

وقد شاع بين المسلمين زيارة قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والاحتفاء به والتبرك بالمساجد التي صلى فيها او زيارة قبور الشهداء لما لها بالاضافة الى بعدها الديني والتاريخي من دور مهم في ربط العباد بربهم ودينهم وتأكيد عقيدتهم وحفظ سلامة مسيرتهم الفكرية والعلمية والعقائدية.

وقد اهتم الأئمة عليه‌السلام تأسيا بالرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله بالاهتمام بالمواضع ذات البعد الديني حيث اشتهر عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله انه كان يحتفظ بشيء من تراب الموضع الذي استشهد فيه الامام الحسين عليه‌السلام بعد عشرات السنين ، ووقف أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد فاضت به الالام والحسرة عند مروره في كربلاء عند المواضع الذي سيضم شهداء العترة الطاهرة.

ومن المواضع التي كانت محل اهتمام أهل البيت عليهم‌السلام المواضع التي تخص ايام الظهور المبارك للمولى صاحب الزمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء فنجد في روايات متعددة الاشادة بمسجد السهلة ومسجد الكوفة لكون الأول محل سكناه والثاني موضع حكمه صلوات الله عليه.

٨

بل هناك اهتمام خاص من الناحية المقدسة عجل الله تعالى فرجه الشريف في بعض المواضع والمحال والتي منها مسجد جمكران في مدينة العلم والفقاهة قم المشرفة حيث وردت الروايات عن الثقات والاجلة بان امربناء هذا المسجد الشريف كان صادراً عنه صلوات الله عليه.

و من هنا فان مسألة الاهتمام بالمواضع المنسوبة للامام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف يجب ان تنال الاهتمام اللائق بها لعدة أمور :

١ ـ ان الاهتمام بهذه الاماكن من شأنه ان يوثق ارتباط الناس بالإمام المهدي عليه‌السلام وهو أمر مندوب شرعاً.

٢ ـ ان هذه المواضع لما لها من اهمية وقدسية يجب ان تكون مركزاً لنشر العقيدة وبناءها بناء صحيحاً.

٣ ـ الاهتمام بهذه المقامات بالاضافة الى دوره العلمي والفكري والعقائدي من شأنه ان يحفظ التراث الشيعي الذي غالبا ما يتعرض بسبب السياسات الهوجاء للنواصب للتدمير والتضيع.

٤ ـ ان هذه المقامات تكشف عن البعد الحضاري للشيعة وتكشف بالملازمة عقيدتهم بائمتهم خاصة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.

٥ ـ ان هذه المواضع لم تأت من عدم بل هي محال لنزول الفيوضات واجابة الدعوات وحل المشكلات ومثل هذه المواضع لا يصح اهمالها وتركها لما لها من آثار مهمة.

و مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف لما يشعر به من اهمية نشر العقيدة في الإمام المنتظر أرواحنا لتراب مقدمه الفداء واهمية احياء كل ما له علاقة به صلوات الله عليه تبنى نشر ما خطه يراع الأخ الفاضل أحمد

٩

الحلي الذي قدم دراسة وافية حول تاريخ مقام الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف في الحلة وضم اليه جملة من الأبحاث الأخرى التي جعلت من الكتاب مفتاحا لمن يريد دراسة تاريخ الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف والحلة الفيحاء المحروسة.

و في الختام نسأل الله تعالى أن يجعل اعمالنا موضع رضا سيدنا ومولانا صاحب العصر صلوات الله عليه وان يوفقنا ان نكون جنوداً في الذود عن ساحه قدسه وان يرزقنا في الدنيا رؤيته ونصرته ويمتعنا بالطافه ورعايته ، ويرزقنا في الآخرة شفاعته وشفاعة آبائه الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.

مدير المركز

المسيد محمد القبانچي

١٠

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة :

الحمد لله الذي جعل الكرامات لأصحاب المقامات وخصهم بالمآثر الخالدات والصلاة والسلام على فخر الكاثنات وعلة الموجودات سيد الانام المظلل من حر الهجير بالغمام محمد بن عبد الله المؤيد بالبراهين والمعجزات وعلى آله الطاهرين أئمة الخلق المعصومين من كل رجس وهنات وبعد :

فان العناية بآثار أولياء الله والاهتمام بتعظيمها من الامور الازمة لأن فيها إعلاءً لشعائر الله تعالى كما يستأنس بذلك بقوله تعالى ( وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى ) (١) وان من الآثار الخالدة والمقامات المقدسة هو مقام بقية الله في أرضه الخلف الصالح إمامنا المهدي عجل الله فرجه وسهل الله مخرجه في الحلة الفيحاء هذا المقام الشريف الذي مرت عليه قرون متطاولة وهو قائم يطاول عوادي الزمن ويتحدى عبث الصروف وكنت منذ حقبة من الزمان مولعاً بتتبع آثاره وتنسم أخباره ، فلم أجد سفراً يضم بين دفتيه ما يتعلق به ويستوفي تاريخه ، بل ألفيت أخبارا متناثرة هنا وهناك لاتشبع نهم الباحث ولاتروي ظمأالمتتبع فحزّ في نفسي أن يظل تاريخ المقام الشريف في زاوية الظل لم تسلط عليه الاضواء الكاشفة فهزني باعث الولاء لعترة النبي النجباء الا أن أتتبع أخبار هذا المقام المبارك باحثاً في بطون الكتب القديمة والحديثة من مخطوط ومطبوع ولم أكتف بما وقفت عليه من مصادر في مكتبات

__________________

١ ـ البقرة : ١٢٥.

١١

العراق بل سافرت الى بلاد اخرى منقباً في مخطوطاتها ومطبوعاتها مستفيدا من بعض الاشارات في الوقوف على مظان الفائدة مما يتعلق بهذا الاثر الخالد ، وشفعت ذلك باستحفاء السؤال من الباحثين المحققين والشيوخ المعمرين من أهل الحلة في ما يتصل بموضوع هذا البحث ، ومن الجديد فيما قمت به في هذه الدراسة الرائدة اني وقفت على أقدم تاريخ يشار فيه الى مقام المهدي هذا ويعود الى ما قبل سنة ٦٣٦ هـ بالبحث الميداني مع الاحتفاظ بفضل العلامة الحجة السيد محمد صادق بحر العلوم باشارته الى هذا التاريخ نقلا عن السيد حسن الصدر عن مصادره المخطوطة ، ومن الجديد فيها أيضاً اني حاولت جاهداً جمع المخطوطات التي أشارت الى موضوع البحث ورتبتها ترتيباً زمنياً كما سيراه القاريء الكريم ولم تفتني الاستفادة من بعض الحكايات المروية في الكتب القديمة ، كما استطردت الى ذكر مساحة المقام وانها كانت واسعة جداً بحيث انها كانت تشتمل على مدرسة علمية معروفة تعرف بـ ( مدرسة صاحب الزمان ) وقد وثق هذا التحقيق ماذكر في جملة من المخطوطات انها كتبت في تلك المدرسة وألمحت في ضمن هذه الدراسة الى مايتعلق بالجامع المجاور للمقام الشريف ، وقد قسمّت بحوث الكتاب على اثني عشر باباً :

الباب الأوّل : ( الحلة مدينة النور الذي لا يطفئ ).

الباب الثاني : ( في معرفة تأريخ المقام من خلال المخطوطات ).

الباب الثالث : ( في ذكر تأريخ المقام من خلال الحكايات ).

الباب الرابع : ( في ذكر من زار مقام صاحب الزمان أرواحنا فداه في الحلة ).

الباب الخامس : ( في ذكر عمارة مقام صاحب الزمان أرواحنا فداء في الحله ).

١٢

الباب السادس : ( في ذكر المساحة الاصلية للمقام وتأريخ الجامع الكبير المجاور له ).

الباب السابع : ( في ذكر مدرسة صاحب الزمان أروحنا فداه المجاورة للمقام ).

الباب الثامن : ( في ذكر سدنة وأوقاف مقام صاحب الزمان أروحنا فداه في الحلة ).

الباب التاسع : ( في موقع ووصف مقام صاحب الزمان أرواحنا فداه في الحلة ).

الباب العاشر : ( في عدة أمور تتعلق بزيارة مولانا صاحب الزمان أروحنا فداه في هذا المقام ).

الباب الحادي عشر : ( في ذكر من شاهد الامام صاحب الزمان أروحنا فداه من أهل الحلة ) مع ذكر ملحق يتضمن ذكر المشاهد المشرفة في مدينة الحلة الفيحاء.

الباب الثاني عشر : ( في ذكر صور فوتغرافية وصور لمخطوطات تخص المقام ).

وقبل الختام التمس من اخواني المؤمنين ولا سيما أهل البحث والتحقيق أن ينبهوني على ما قد يجدونه من الخطأ غير المقصود مما طغى به القلم وزاغ عنه البصر فأن الانسان موضع الغلط والنسيان والكمال لله والعصمة لأهلها ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

المؤلف

أحمد علي مجيد

١٣
١٤

الباب الأول

الحلة مدينة النور الذي لا يطفئ

١٥
١٦

الحلة لغوياً :

الحلة : بكسر الحاء المهملة وتشديد اللام ، تقال على عدة أشياء :

١ ـ القوم النزول وفيهم كثرة.

٢ ـ شجر شائك أصغر من العوسج.

٣ ـ علم لعدة أماكن :

أ ـ حلة بني قيل بشارع ميسان بين واسط والبصرة. (١)

ب ـ حلة بني دبيس بن عفيف الاسدي ، (٢) قرب الحويزة بين واسط والبصرة والاهواز.

ج ـ الحلة ، قرية كبيرة قرب الموصل تسمى حلة بني الرزاق. (٣)

د ـ حلة بني مزيد ، وهي المقصودة بالبحث هنا وكانت تسمى الجامعين.

قال الحمـوي في كتاب ( معجم البلدان ) ماملخصه : إن الحلة مدينة كبيرة بين الكوفة وبغداد كانت تسمى الجامعين ، وكان أول من عمّرها ونزلها سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد (٤) الاسدي وذلك في محرم سنة ٤٩٥ هـ وكانت أجمة تأوي اليها

__________________

١ ـ قد ذكرت بكتاب ( تقويم البلدان ) بحلة بني صلد ، راجع رياض العلماء ١/٣٧٠.

٢ ـ ورد في المصدر السابق ( الاشعري ) ، فلاحظ.

٣ ـ انظر : المصدر السابق.

٤ ـ ورد اسمه في المصدر السابق ( مؤيد ) والاصح ( مزيد ) ، فلا حظ.

١٧

السباع فنزل بها بأهله وعساكره وبنى بها المساكن الجليلة والدور الفاخرة وتأتق أصحابه في مثل ذلك فصارت ملجأ وقد قصدها التجار فصارت أفخر بلاد العراق وأحسنها مدة حياة سيف الدولة. (١)

أقول : نورد هنا عدة فوائد ، منها انها سميت ب ( الحلة السيفية ) ، نسبة الى ممصرها سيف الدولة صدقة ، وأول من سمّاها بالسيفية الامام أمير المؤمنين عليه‌السلام في حديث مدح الحلة الذي نذكره في الباب الثاث من كتابنا هذا ، ومنها انها سمّيت بـ ( المزيدية ) ، نسبة الي الجد الاعلى لموسسها لصدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد.

ومنها ان ( الجامعين ) ذكرت في كتاب ( التاريخ الكامل ) لأبن الاثير قبل سنة ٤٩٥ هـ (٢)

موقع الحلة : هي بين النجف وبغداد ، فهي تبعد عن بغداد نحو ١٠٠ كم ، وعن النجف نحو ٦٠ كم وعن بابل نحو ٧ كم.

الحلة بلدة النور : الحلة ، هي وريثة بابل ، وكانت بابل وسوراء وحواليهما معقل العلم قبيل الاملام وبعده ومركز الاصطكاك العقلي بين مفكري الامم من الهند وايران من الشرق والسريان والآراميين من الغرب ، ثم صارت معقل الشيعة ، ومنها كان الشيعة ببغداد يستلهمون المنعة والقوة ، وبعد الاضطهاد السلجوقي لهم وإحراق مكتباتهم والتجاء الشيخ الطوسي رحمه‌الله منها الى النجف في سنة ٤٤٨ هـ ، تعاون المزيديون والاكراد الجاوانيون القاطنون بمطير آباد وأسد آباد والنيل

__________________

١ ـ انظر : تاريخ الحلة ج ١/ ص ١ ، كذلك سفينة البحار ط ، ح ، ج ٢/ ص ٢٩٩.

٢ ـ انظر : تاريخ الحلة ج ١/ ص ١.

١٨

حوالي بابل ، مع السباسيري ببغداد فألغوا الخلافة العباسية في سنة ٤٥٠ هـ وخطبوا للمستنصر الفاطمي ، ثم بعد قتل السباسيري ورجوع الاتراك السلجوقيين والخلافة العباسية الى بغداد ، قام سيف الدولة صدقة بن دبيس المزيدي مع الجاوانيين ببناء الحلة ، فصارت مركز الشيعة وذلك في المحرم سنة ٤٩٥ هـ وبقيت كذلك حتى سقوط بغداد ٦٥٦ هـ (١)

فكانت في حقبة من الزمن حاضرة من الحواضر العلمية ومثابة لطلاب العلوم الدينية ودارسي فقه آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد بلغت أوجها في هذا المضمار في القرن السابع الهجري ، وكان لامتيازها هذا بواعث وأسباب منها : كونها من معاقل الشيعة الامامية منذ تأسيسها حتى اليوم ومنها ، قربها من مدينة النجف الأشرف التي كانت عاصمة العلم وما زالت ، فان هذا القرب كان له الاثر الفاعل في إذكاء جذوة التفاعل بين الحاضرتين الشيعي تين ، ال نجف والحلة ، فان يأفل نور العلم فيها فتلك قبور العلماء فيها زيت النور ، وإن يخفت مرة أخرى فهاهم طلبة العلم من الحليين في النجف لأخذ العلم اليها ، كي لا يطفيء فيها نور العلم ، منذ تأسيسها وإلى الآن.

* * *

__________________

١ ـ انظر : الانوار الساطعة ص ٨.

١٩
٢٠