تاريخ مقام الامام المهدي (عج) في الحلة

أحمد علي مجيد الحلي

تاريخ مقام الامام المهدي (عج) في الحلة

المؤلف:

أحمد علي مجيد الحلي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مركز الدراسات التخصصية في الامام المهدي
الطبعة: ١
ISBN: 964-297-132-5
الصفحات: ٢١٦

الثياب تقطيعاً وتنتيفاً يتبركون فيها ، وكساني الناس من ثيابهم ، ورجعت الى البيت ) والحال أن مساحة المقام الحالية لا تسع لدخول القليل من الناس فضلاً عن الكثير منهم كما وصفهم ابن الزهدري.

و ـ قول السيد حيدر آل وتوت في كتابه ( المزارات ومراقد العلماء في الحلة الفيحاء ) أن هناك من أخبرني أن مساحة مقام الأمام المهدي عليه‌السلام المشار اليها قد تم اختصارها بسبب بناء الجامع المعروف بجامع الحلة الكبير الدي يقام فيه خطبة الجمعة وصلاة الجماعة عند أخواننا السنة حيث انضم قسم كبير من أرض المقام وأصبح ضمن الجامع.

وهذا يكفي لاثبات المساحة الأصلية للمقام.

ثانياً : في تأريخ الجامع الكبير في الحلة وأن أصله للشيعة لا لأهل السنة :

أقول : أرجوا أن لا يتصور القارىء في كلامي هذا أنني أريد أن أثير نعرات طائفية فالأخوان أخوان ونحن متأدبون بأداب أئمتنا عليهم‌السلام وعلمائنا الأعلام وخصوصاً إذا ما عرفنا أن فقيه عصره آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله أفتى في الظروف الحالية بعدم جواز أخذ جوامع أهل السنة منهم ، والحال هنا يختلف لأن أصل الجامع هذا للشيعة وأخذ منهم قسراً من قبل الحكومات الظالمة الحاكمة للعراق ، والآن فلنتعرض لذكر تأريخ هذا الجامع.

الأمر الأول : ( في تشيع أهل الحلة ).

١ ـ قال ابن بطوطة عند دخوله الحلة في سنة ٧٢٥ هـ ( وأهل هذه المدينة كلهم إمامية أثنا عشرية ).

__________________

١ ـ أنظر : رحلة ابن بطوطة ص ١٣٩.

١٠١

٢ ـ قال السيوطي تـ ٩١١ هـ في ( البغية / ١٥١ ) حاكياً عن الذهبي : في ترجمة ( أحمد بن علي بن معقل الأزدي المهلبي الحمصي ، الأديبالغالي

في التشيع أنه ولد سنة ٥٦٧ هـ وهاجر من حمص الى الحلة وتعلم الرفض هناك عن أهلها ).(١)

٣ ـ قال السيد محسن الأمين العاملي رحمه‌الله تـ ١٣٧١ هـ : ( وتشيع أهل الحلة مشهور معروف من قديم الزمان وكانت دار العلم للشيعة في القرن الخامس وما بعده واليها الهجرة وخرج منها جماعة من أجلاء علماء الشيعة وفقهائهم وأدبائهم ). (٢)

٤ ـ وذكر آية الله العظمى الشيخ المجتهد الاكبر الأمام محمد حسين أل كاشف الغطاء رحمه‌الله في مقدمة كتاب ( البابليات ) للشيخ اليعقوبي رحمه‌الله : ( أن للحلة مميزات أربعاً ومنها تشيعها من أول تأسيسها الى عصرنا هذا ) ، وهذه الأقوال الأربعة تدل على أن الحلة لم تعرف التسنن إلا في اواخر الدولة العثمانية.

الأمر الثاني : في تأريخ الجامع الكبير في الحلة.

التاريخ الأول :

قلنا سابقاً إن آل القيم كانوا هم المتولين على أوقاف الجامـع والمقام معاً وكانت هذه الأوقاف في موضع يقال له ( الزوير ) ولدى هذا البيت صكوك ووثائق تثبت توليتهم من قبل الحكومتين الصفوية والعثمانية منذ أربعة قرون ، وكان من مشاهير هذا البيت الملا محمّد القيم ( تـ ١٢٩٣ هـ ). (٣)

__________________

١ ـ أنظر : الأنوار الساطعة ( ق ٧ ) ص ٨.

٢ ـ أنظر : أعيان الشيعة ، ١ / ٢٠١.

٣ ـ أنظر : ( البابليات ) ٢ / ١٠٥ و( شعراء الحلة ) ٤ / ٤١٧.

١٠٢

التاريخ الثاني :

في تأريخ الأستحواذ على الجامع : ذكر الشيخ علي الخاقاني رحمه‌الله في كتابه ( شعـراء الحـلة ) ٤ / ٢٨٠ ، في ترجمة الملا مبارك الحلي المتوفى سنة ١٢٧٠ هـ ، قائلاً : « هو ملا مبارك بن محمد صالح بن مبارك بن محمود بن أحمد بن حاج حسين الزبيدي الحلي ، ... (١) كان من الشخصيات المرموقة في وسطه ثري الجاه والمال ثقة في النفوس قوي الأرادة والنفوذ ، وأسرته وعلى رأسهم هو كثيراً ما خرجت على طاعة الحكومة التركية وناضلتها وقد أقلقتها ردحاً من الزمن الى ان قست معها بمصادرة أملاك المترجم له واوقاوفه ومنها الجامع الواقع في السوق الكبير في الحلة بمحلة جبران فقد غصبته الحكومة من ملا مبارك وجعلت فيه إماماً وغيرت لونه وشعاره ( أي من التشييع الى التسنن ) وكانت له أراضي واسعة ( أي الجامع ) في الزراعة تدعى ( الزوير ) ودور كثيرة فصادرتها أيضاً ».

أقول : إن الظاهر من التاريخ الاول للجامع الوارد أعلاه أن الملا مباركاً كان متوليا على الجامع وأوقافه من قبل ال القيم حسب ما ورد أعلاه وذلك لأطمئنان النفس اليه وثقته وبدل على هذا رعايته لأملاك ومصالح الفقيه الكبير السيد مهدي القزويني ( تـ ١٣٠٠ هـ ) وان الاستحواذ على الجامع كان قبل وفاة الملا مبارك سنة ( ١٢٧٠ هـ / ١٨٥٠ م ).

__________________

١ ـ أقول : أني رأيت من أحفاد أخيه وسألته عن تأريخ الجامع ومنارته وهو الوجيه ( أمجد بن هلال بن عبود بن مهدي بن محمد صالح ... الخ ، وهم يرجعون الى آل صياد فخذ من عشيرة البو سلطان من زبيد ).

١٠٣

التاريخ الثالث :

سنة ١٢٩٢ هـ مات في هذه السنة متصرف الحلة شبلي باشا العريان ودفن في هذا الجامع. (١)

التاريخ الرابع :

في حادثة عاكف التركي ١٣٣٥ هـ

فرق عاكف عسكره في طرقات الحلة وسورها ودواثر الحكومة ، طلباً للفارين من ساحات القتال من الحليين ، وجعل بعضاً من الجنود على منارة الجامع الكبير لأرتفاعها على دور البلد ، وهذا من استهتار عاكف لأن بيوت الله يجب أن تكون بعيدة عن الاغراض الحربية. (٢)

التاريخ الخامس :

في شهر رمضان سنة ١٣٣٨ هـ ، نادى مناد في أسواق الحلة ان الليلة يقام اجتماع في الجامع الكبير يتلى فيه كتاب العلامة الشيرازي ، وما ان حل الوقت المضروب حتى هرع الناس الى الجامع فغص الجامع على اتساعه بالحاضرين ، وارتقى الخطيب الشيخ محمّد

__________________

١ ـ تولى أمر الحلة في اخر أيام عمر باشا ، وهو من دروز سوريا وكانت توليته الحلة سنة ١٢٧٥ هـ وقد شغل هذا المنصب عدة سنين ، وكان له نفوذ كبير حارب به الخزاعل وخضد شوكتهم ثم نقل من الحلة الى بغداد وذلك أثر شكوى تقدم بها أهالي محلة التعيس لأنه اجبرهم على دفع مبلغ مقابل مواد مسروقة من كنيسة لليهود في تلك المحلة ، قم تولى متصرفية الحلة سن ١٢٩٠ الى ١٢٩٢ هـ ثم مات أثر مرض الطاعون وفي رواية انه مات مسموما اثر خلاف مع والي بغداد ، راجع تاريخ الحلة ج ١ ص ١٦٤ ( بتصرف ).

٢ ـ أنظر : تاريخ الحلة ج ١ / ص ١٦٤ ( بتصرف ).

١٠٤

الشهيب وتلا رسالة الشيرازي ، وكانت تتضمن حث العراقيين على المطالبة بحقوقهم المشروعة بالطرق السلمية ، ثم القيت بعض الخطب والقصائد الحماسية فالتهبت نفوس الجماهير بالحماس الوطني. (١)

التاريخ السادس :

سنة ١٣٥١ هـ في هذه السنة من اواخر صفر الخير دفن في هذا الجامع السيد عبد السلام بن السيد عبد الله بن السيد عبد الحافظ. (٢)

التاريخ السابع :

( ١٣٧٨ هـ / ١٩٦٧ م ) جددت عمارة الجامع وهناك من حدثني أن الجامع كان بمستوى منخفض عن أرض السوق عليه آثار القدم وأرضيته من الحصا والتراب ومنارته تعلوها أسماءاهل البيت عليه‌السلام فاقتطعت مساحة من أرضه في عمارته الأخيرة على يسار الداخل اليه وجعلت سوقا يسمى بـ ( سوق الاوقاف ) وهو الآن مشهور عند أهل

__________________

١ ـ أنظر : تاريخ الحلة ج ١ / ص ١٧٤.

٢ ـ ولد المترجم سنة ١٢٩٢ هـ في محلة الاكراد بالحلة كان قد جاء جده عبد الحافظ المذكور الى الحلة بانتقاله من بلدة هيت وقرأ على بعض علماء السنة وبعد أن حصل على علم جم عين مدرساً وخطيباً واماماً وواعظا في الحلة وهو رجل فاضل وله مؤلفات منها كتاب درة الواعضين وله كشكول وله مجاميع أخرى وقد رثاه قاسم بن محمد الملا راجع كتاب ( لب الالباب ) تأليف محمد صالح السهر وردي ص ١٤٤ ، أقول : سمعت حكاية ينقلها أكثر اهل الحلة وهي أن السيد عبد السلام المذكور صعد المنبر يوماً وقال لا يدخل رجل الجنة الا بصك من أمير المؤمنين علي عليه‌السلام وذكر استدلالاً لحديثه فبعد هذه الحادثة قامت الدولة بطرده من الجامع فقامت الشيعة بتعهد أمره ، فأوصى أن يدفن بالنجف لكن الوصية لم تنفذ ودفن بهذا الجامع المذكور.

١٠٥

الحلة بسوق ( وحودي شعيلة ) وعلى يمين الداخل اليه هدمت ( المرافق العامة ) قديماً وجعلت بمكانها سوق أخرى وبالجملة جعلت الاوقاف السنية دكاكين وأسواقا حول الجامع تربو على المئة ومن أرضية الجامع هذا يذهب ريعها الى دائرة الوقف السني من ذلك الزمن الى هذا الزمن فهذه دعوى الى دائرة الوقف الشيعي في بغداد والحلة لتتبع هذا الامر خصوصاً بعد ما أوضحنا الأمر حول أصل ملكية الجامع ، وجدّد باب الجامع أيضا في هذه العمارة.

أقول : وفي ٨ شوال من سنتنا هذه سنة ١٤٢٥ هـ زرت الجامع وسجلت ما كتب على بابه وهو باب كبير من خشب الساج كتب في أعلاه قوله تعالى ( إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ ... ) الآية.

ثم كتب شعر تحت هذه الآية نصه :

تقدست يا جامع المسلمين

وعطر محرابك المنبر

أراك تنير طريق الصلاح

لمن هلّلو فيك أو كبّروا

وبابك تاريخه ( فوقه

فهذا هو الجامع الاكبر )

جددت ( كذا ) عمارته ديوان الاوقاف ١٣٨٧ هـ

وطلبت من إمام وخطيب الجامع الشيخ عبد الستار محمود الدليمي أن أقف على قبر السيد عبد السلام فأجابني الى ذلك وفتح لي حجرة قديمة في اخر الجامع رأيت فيها أربعة قبور فعلى اليمين قبر مرتفع عن الارض بنحو متر أو أكثر تعلوه صخره من المرمر الابيض كتب عليها اسم صاحب القبر وهو عبد السلام الحافظ وعليها قصيدة رثاء فيها تاريخ وفاته ، وفي الوسط قبران يرتفعان عن الارض نحو شبر

١٠٦

واحمد وبدون اسم وأظن ان أسماء هما طمسا لقدمهما ومن المحتمل أن أحد هذه القبور قبر متصرف الحلة شبلي باشا كما ذكرنا ، وعن اليمين قبر مرتفع نحو متر أو أكثر ، لكن لوحته البيضاء ( نوع مرمر ) مخلوعة وقد جعلت على جانب من القبر وكتب عليها هذا قبر ( محمد المعصوم بجلي بك ) لكن تاريخ وفاته قد عدت عليه عوادي الدهر فمحت رسومه.

التاريخ الثامن :

سنة ( ١٣٩٥ هـ / ١٩٧٥ م ) هدمت منارة الجامع القديمة التي يعلوها ايم الجلالة واسم النبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته الاثني عشر واستبدلت بها منارة مرتفعة أيضا تعلوها سورة الاخلاص.

أقول : فبعد أن اثبتنا مساحة المقام الاصلية يظهر لنا موضع مدرسة صاحب الزمان عليه‌السلام المجاورة للمقام فاما أن تكون هي المقتطعة من أرض الجامع أو مقابل باب الجامع على الجانب الاخر من السوق الذي هو الان سوق الصاغة لان هذا السوق بني في الثمانينات من عصرنا هذا على آثار مدرسة دينية قديمة فيها بعض القبور لسادة أجلاء وعلماء أفاضل ، هذا ما حدثني به من رأى تلك المدرسة وهم أكثر من واحد ، ولا يخفى على القارئ اللبيب مغزى اختيار هذا المكان جامعاً لأهل السنة دون غيره من الاماكن في الحلة.

١٠٧
١٠٨

الباب السابع

في ذكر مدرسة صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

المجاورة للمقام

١٠٩

.

١١٠

مما يعرفه كل باحث في تاريخ الحلة ، وتراجم علمائها ، ان أولئك العلماء الاعلام ، لابد أن يكون لهم

مدارس ومعاهد علمية يلقون فيها دروسهم ويحاضرون بها تلامذتهم ، وينسخون فيها كتبهم ، ولم يرد في التواريخ إحصاء دقيق لهاتيك المدارس والمعاهد العلمية ، فلابد أن تكون مدرسة مقام صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف والتي تقع بجانبه من جملة المدارس التي كانت تضم طلبة العلوم الدينية في الحلة الفيحاء ، وقد دلت الأثار التي وقفنا عليها في بعض المخطوطات ( كما أشرنا اليها سابقا في الباب الاول من كتابنا هذا ) على وجود مدرسة تعرف بـ ( مدرسة صاحب الزمان ) ولا يختلج في نفس المتتبع ريب أن مشاهير أعلام الحلة كابن إدريس وآل نما وآل طاووس والمحقق والعلامة كانوا يلقون دروسهم في هذه المدرسة ، لبركتها وكونها متصلة بمقام بقية الله الخلف المهدي عليه‌السلام والآن نأتي على ما عثرنا عليه من التواريخ التي تخص تلك المدرسة المباركة : (١)

__________________

١ ـ اقول : أنني وجدت في كتاب ( ديوان الشيخ يعقوب ) للشيخ محمد علي اليعقوبي رحمه‌الله ص ١٠٦ بالهامش أن دبيس بن سيف الدولة صدقة بن منصور المزيدي تـ ٥٢٩ هـ ، شيدأبوه من عمارات الحلة وتوسيع نطاق مدارسها ومعاهدها العلمية والادبية ( أنتهى ) وباعتبار أن المقام ومدرسته الدينية من بلك المعاهد العلمية والادبية ربما شملتها رعاية ذلك الأمير ، علما ان الشيخ يوسف كركوش رحمه‌الله في كتابه ( تاريخ الحلة ) والسيد هادي كمال الدين رحمه‌الله في كتابه ( فقهاء الفيحاء ) لم يذكرا هذه المدرسة بتاتاً.

١١١

التاريخ الأول :

قال ابن هيكل رحمه‌الله في حوادث سنة ٦٣٦ هـ فيها عمَر الشيخ محمد بن نمّا الحلي بيوت الدرس الى جانب المشهد المنسوب الى صاحب الزمان عليه‌السلام بالحلة السيفية وأسكنها جماعة من الطلبة. (١)

أقول : يظهر من العبارة المذكورة آنفا :

أولا : أن المدرسة كانت موجودة قبل هذا التاريخ أي ( ٦٣٦ هـ ) وأن الشيخ الجليل محمد بن جعفر بن نمَا لم يكن هو المؤسس ، بل كان المعمَر لها والساعي بتجديدها.

ثانياً : اهتمام العلماء الاجلاء أمثال الشيخ ابن نّما بتلك المدرسة المباركة.

ثالثاً : يظهر من عظيم منزلتها أنه لا يسكنها إلا الفقهاء من الطلبة.

التاريخ الثاني :

في بداية القرن الثامن صرح أبو محمد الحسن بن ناصر الحداد العاملي وهو من تلاميذ العلامة الحلي رحمه‌الله بكتابة كتابه ( الدرة النضيدة في شرح الابحاث المفيدة ) مجاور مقام صاحب الزمان عليه‌السلام بالحلة. (٢)

أقول : يظهر من عبارة التاريخ الاول أن ابن الحداد العاملي كتب مخطوطته بهذه المدرسة المجاورة للمقام إذ أن معنى كلمتي جانب ومجاور واحد.

__________________

١ ـ أنظر : الباب الأول ( المخطوطة الأولى ).

٢ ـ انظر : الباب الأول ( المخطوطة الثالثة ).

١١٢

التاريخ الثالث :

في سنة ٧٧٦ هـ نسخ حسين بن محمد العراقي لأبنه سعد الدين محمد كتاب ( قواعد الاحكام ) للعلامة الحلي رحمه‌الله وانتهى من نسخه غرة جمادى الآخرة من تلك السنة في مدرسة صاحب الزمان عليه الاسلام. (١)

التاريخ الرابع :

في سنة ٧٨٦ هـ قابل جعفر بن محمد العرقي نسخئ من كتاب ( قواعد الاحكام ) للعلامة الحلي رحمه‌الله على نيخة صحيحة موجودة في مدرسة صاحب الزمان عليه‌السلام. (٢)

التاريخ الخامس :

في ١٦ شهر ربيع الاول سنة ٩٥٧ هـ نسخ بمدرسة صاحب الزمان عليه‌السلام كتاب ( المختصر النافع ) للمحقق الحلي رحمه‌الله. (٣)

أقول : وبعد سنة ٩٥٧ هـ ضاعت علينا أخبار بلك المدرسة العريقة التي كانت مائلة لعدة قرون ، وبعد التحقيق يظهر أن فترة ضياع ذكرها هي فترة الاحتلال العثماني للعراق ( ٩١٤ ـ ١٣٣٥ هـ ) يقابلها ( ١٥٣٥ ـ ١٩١٧ م ) ذلك الحكم الذي جهد في طمس آثار مذهب الامامية وطبيعي أن ذلك المحتل العنصري المتزمت لا تطيب نفسه على أن تكون للمذهب الامامي الشيعي مدرسة خاصة به فعلى ما احتمل أن أرضيّة بناية جامع الحلة الكبير التابع لأبناء السنة والذي يقع

____________

١ ـ انظر : الباب الأول ( المخطوطة الخامسة ).

٢ ـ المصدر السابق.

٣ ـ أنظر : الباب الأول ( المخطوطة السادسة ).

١١٣

بظهر المقام مباشرة هي أصل تلك المدرسة علماً أن مساحة واسعة من تلك الارضية اقتطعت منه في عام ( ١٣٨٧ هـ / ١٩٦٧ م ) وجعلت دكاكين وأسواقا تنوف على المئة ، جعل ريعها لداثرة الوقف السني من ذلك العصر وذلك في عهد الزعيم عبد الرحمن عارف الذي كثر في عصره أعداء الاسلام من الشيوعيين والبعثيين وغيرهم والذين توغلوا في عامة دواثر الدولة وأكملوا لعب الكرة التي لعبها العثمانيون. وحدثني رجل من موظفي دائرة الوقف الشيعي في الحلة انه رأى مساحة الجامع قبل عمارته الاخيرة عبارة عن مساحة تحوطها حجر قديمة على هيئة بيوت الدرس في المدارس الدينية القديمة ، وكذلك حدثني بذلك الوجيه أمجد بن هلال بن مبارك وانه رأى تلك الحجر ، فعظمت بك المصيبة يوم هدمت تلك العمارة القديمة التابعة أصلا للمقام من قبل السياسات الظالمة وجعلها محلات تجارية وأحسب أن الحلة فقدت مادتها المعنوية يوم أخذت تلك الاراضي المقدسة كما تبع هذا الحكم حزب البعث الظالم وأراد هدم قبر المحقق المحلي رحمه‌الله بحجة التوسعة ولولا جهود الخيرين الحلي ، كما هدم حرم قبر الشيخ محمد بن نما الحلي رحمه‌الله وقبر السيد محمد بن طاووس رحمه‌الله وقبر السيد محمد المنتجب رحمه‌الله وغيرها من القبور بحجة التوسعة وتهديم المدارس الدينية القديمة وجعلها أسواقا كسوق الصّاغة في السوق الكبير الذي كان أصله مدرسة دينية ماثلة للعيان وذلك في أواخر السبعينات الميلادية ، وإنا لله وأنا إليه راجعون.

وبعد هذا التاريخ كله فهذه دعوة حرة الى كل من يهمه الامر ،

١١٤

وخاصة دائرة الوقف الشيعي في التطلع على هذا الامر وخاصة بعدما سهلنا لهم الامر بجمع تلك الحقائق والمعلومات التي أوردنا فيها تاريخ المدرسة من خلال الكتب المطبوعة والمخطوطة.

أقول : ولا يتعجب المرء ويستغرب من قولي هذا ، فسأذكر مثالاً واحداً يدل على أفعال الدولة العثمانية وفي الحلة خاصة ، الدولة التي حاولت طمس آثارنا الشيعية مدة أربعمائة سنة من الطلم والفقر والاضطهاد.

والمثال هذا هو حول المدرسة الزينبية : (١)

__________________

١ ـ أقول : قد ذكرت هذه المدرسة في عدة مصادر بعدة أسماء كما يلي :

١ ـ المدرسة الزعية تاريخ الحلة ١ / ١٠٥ ، ٢ / ٩٤ و ٩٨.

٢ ـ المدرسة الشرعية تاريخ الحلة ١ / ١٠٥.

٣ ـ المدرسة الزعنية :

أ ـ فقهاء الحلة ١ / ٢٩٩ ( السيد هادي كمال الدين ).

ب ـ تتميم الرجال المصدر السابق ( السيد علي بن عبد الحميد النيلي ).

٤ ـ المدرسة الزينبية :

أ ـ أالفوائد الرجالية ٣ / ١٠٧ ( السيد مهدي بحر العلوم ).

ب ـ مجلة معهد المخطوطات العربية ٣ / ١٥٢.

٥ ـ المدرسة الزينبية :

أ ـ مقدمة كتاب ( المهذب البارع ) ١ / ١١ ( تحقيق الشيخ مجتبى العراقي ).

ب ـ بأرسخ الحلة ١ / ١٤٥.

وهذا ما اخترّناه لأن هذا الاسم يوحي ان المدرسة سميت تبركا بأسم السيدة زينب بنت أمير المؤمنين عليها‌السلام ولا وجه بتسميتها بالزعنية أو الزعية أو غيرها فانه تصحيف ـ ل ( الزينبية ) أو من خطأ النساخ.

١١٥

كانت هذه المدرسة في الحلة تضم فئة من رجال العلم والادب والفلسفة ، ولم تكن بغداد في ذلك الوقت تضاهيها من هذه الناحية ، فقد هاجر عنها العلماء ورجال الفكر الى أنحاء أخرى ، وكان أكبر مدرسي هذه المدرسة الشيخ جمال الدين أبو العباس أحمد بن فهد الحلي ( ٨٤١ هـ / ١٧٥٧ م ) وقد تخرج منها على يدي ابن فهد رحمه‌الله جماعة من العلماء الافاضل منهم عز الدين المهلبي والشيخ عبد الشفيع بن فياض الاسدي الحلي صاحب كتاب ( تحفة الطالبين في أصول الدين ) وكتاب ( الفرائد الباهرة ) والسيد محمد بن فلاح المشعشع ، وأضرابهم من علماء ذلك العصر ، وموقع تلك المدرسة في رأس سوق الهرج في الحلة ، وفي مدة حكم الوالي رؤوف باشا سنة ١٢٨٩ هـ وتحت شعار نشر العلم ( كلمة حق يراد بها باطل ) قامت بتغيير اسم تلك المدرسة الى المدرسة الرشيدية (١) وجعل المدرسة من انشاءات ومشاريع الدولة العثمانية (٢) والحال أن المدرسة الزينبية من مدارس الحلة ، إبًان نهضتها في القرون الوسطى وآثارها الى الآن باقية في عصرنا ، فمن خلال قلمنا هذا ندعو دائرة الآثار ، ودائرة الوقف الشيعي للأطلاع على هذا الامر.

ملاحظة : كان الحديث عن المدرسة الزينبية في الحلة في هذا الباب لسببين :

__________________

١ ـ أقول : أن الظاهر اسم المدرسة ( الرشدية ) وليس ( الرشيدية ) وذلك لما أحصيته من ذكر هذا الاسم على ثلاث مدارس في بغداد ( في تلك الفترة ) ، راجع كتاب بغداد الفديمة ص ٢٥ و ٢٦ لعبد الكريم العلاّف ( ومؤلف هذا الكتاب كان حيا في تلك الفترة ).

٢ ـ انظر : تاريخ الحلة ج ١ / ص ١٤٥.

١١٦

أولهما :الدعوة الى إحياء ذكر بلك المدرسة التاريخية ، والأهتمام بالمدارس العلمية ، وملاحظة طمس الآثار الشيعية ، من قبل السياسات الحاكمة.

وثانيهما :حتى لا يشتبه الامر ، على المتتبع لأثار مدرسة صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف ، الواقعة جوار المقام في سوق الصفارين بالقرب من سوق الهرج ، فأن اثار المدرسة الزينبية ( الرشدية ) الآن في نهاية سوق الهرج كما صرح به صاحب كتاب تاريخ الحلة ( الشيخ يوسف كركوش ).

١١٧
١١٨

الباب الثامن

في ذكر سدنة وأوقاف

مقام صاحب الزمان أرواحنا فداه في الحلة

١١٩
١٢٠